نستكمل أحداث رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل الثاني والثلاثون من روايات سماح نجيب ( سمسم ).
لا يليق بك الا العشق الفصل 32
رواية لا يليق بك إلا العشق الحلقة الثانية والثلاثون
٣٢– ” من رحم الماضى ”
بتساقط الحرف الأخير من تلك الكلمة على مسامعه ، سقط هو جالساً على طرف الفراش خلفه ، كلمة لو مُزجت بماء نهر لصارت مدنسة وعكرة ، كلمة دلالية على جريمة نكراء بشعة ، كانت السبب فى خسف قوماً منذ زمن سحيق ، تتحدى الفطرة التى خلق الله عليها بنى الإنسان ، وجريمة يزينها الشيطان للغاوين
أرتجف بدنه كمن لو كان يقف بوجه عاصفة ثلجية ، تزوغ عيناه بكل مكان ، كأنه يريد التأكد منه أنه لم يسمع شئ خاطئ كهذا ، فبعد أن أكتفت عيناه من التجول هنا وهناك بتيه ، عاد ينظر لولده الواقف مكانه ومازال على حاله ، كأنه لم يلقى بوجهه كلمة كقصف الرصاص
فأبتلع لعابه بصعوبة ، فحلقه أصابه الجفاف فجأة ، كأرض جدباء لن تزورها الماء ولن ترتوى ، إلا أنه جاهد على أن يخرج تلك العبارة من بين شفتيه الجافتين :
بتساقط الحرف الأخير من تلك الكلمة على مسامعه ، سقط هو جالساً على طرف الفراش خلفه ، كلمة لو مُزجت بماء نهر لصارت مدنسة وعكرة ، كلمة دلالية على جريمة نكراء بشعة ، كانت السبب فى خسف قوماً منذ زمن سحيق ، تتحدى الفطرة التى خلق الله عليها بنى الإنسان ، وجريمة يزينها الشيطان للغاوين
أرتجف بدنه كمن لو كان يقف بوجه عاصفة ثلجية ، تزوغ عيناه بكل مكان ، كأنه يريد التأكد منه أنه لم يسمع شئ خاطئ كهذا ، فبعد أن أكتفت عيناه من التجول هنا وهناك بتيه ، عاد ينظر لولده الواقف مكانه ومازال على حاله ، كأنه لم يلقى بوجهه كلمة كقصف الرصاص
فأبتلع لعابه بصعوبة ، فحلقه أصابه الجفاف فجأة ، كأرض جدباء لن تزورها الماء ولن ترتوى ، إلا أنه جاهد على أن يخرج تلك العبارة من بين شفتيه الجافتين :
– ععمرو أنت بتقول إيه ، أنت بتكذب عليا صح
ألتوى ثغر عمرو وقال ساخراً من وضعه :
– لاء اللى سمعته صح ومكدبتش عليك أنا فعلاً مش سوى وكل ده كنت أنت السبب فيه
رفع فواز سبابته يشير لنفسه قائلاً بذهول :
– أنا ! أنا السبب ليه ، هو أنا اللى قولتلك تعمل مصيبة سودة زى دى أنت مش عارف أنها حرام و كبيرة من الكبائر
رفع عمرو حاجبيه ، فما لبث أن قال بصوت متألم :
– وهو الإتجار فى المخدرات مش حرام ولا كبيرة من الكبائر كمان ؟
أنفعل فواز وترك مكانه قابضاً على ذراعى عمرو ، فهز جسده بعنف ، فتلك الخطوة كان أرجأها ريثما تمر صدمته بسماع الكلمة منه
فصرخ بوجهه بحدة :
– إيه اللى جاب دى للقرف اللى بتعمله طلعت بتاع رجالة يا عمرو ، علشان كده رفضت تتجوز ، خايف تنكشف حقيقتك وقرفك
نفض عمرو يد أبيه بحدة ، كانت ستتسبب فى إختلال توازه ، لولا أنه إستطاع أن يتماسك قبل أن تخونه قدماه
فعلا صوت عمرو بصياح ، كمن طفح كيله ، ولن يستطع إختزان ما بقلبه أكثر من ذلك :
– مضايق لما عرفت حقيقتى ، طب سبتنى لواحد غريب يربينى ليه ، سبت طفل فتح عينيه على عمايل جوز أمه القذرة فيه ، مكنتش فاهم ليه بيعمل معايا كده ، عشت أيام أسمع صوته أعيط وأخاف ، بقيت أهرب من البيت علشان ميعملش فيا كده ويدمر طفولتى أكتر ، أشتكيت لأمى مكنتش بتصدق ، لأنه كان بيوهمها أن عندى مشاكل نفسية وبتخيل حاجات ملهاش وجود ، كبرت يوم ورا يوم ، وأنا بدمر على إيده أكتر وأكتر ، راجل سادى كل القذارة اللى تتوقعها كان بيعملها ، عايز إيه من واحد عاش سنين على القرف ده ، لحد ما خلاص الموضوع بقى بالنسبة ليا عادى
إستمع له والده بذهول ، ولم يكتفى بأنه أقر بحقيقته ، بل أراد إثارة غيظه وغضبه ونقمه أكثر ، فتابع عمر مستطرداً:
– إيه رأيك دلوقتى بدل ما تشوفلى عروسة تشوفلى عريس
قضت تلك الجملة على ما تبقى لدى فواز من صبر على أن يقف هكذا ويستمع لما يقوله ، فرفع كفيه وظل يصفه بكلتا يداه وهو يصرخ بإنفعال :
– أخررررس مش عايز أسمع منك كلمة تانية خلاااااااص
لم يحاول عمرو الدفاع عن نفسه ، بل ترك والده يصفعه كما يشاء ، فربما ساهم ذلك المخدر الذى تعطاه ، بأن ينشئ لديه حالة من البلادة المؤقتة ، لا يفعل شئ سوى أن يحملق بأبيه ، وعيناه مغرورقتان بالدموع
فهل هذا جل ما أستطاع فعله ؟
ألتوى ثغر عمرو وقال ساخراً من وضعه :
– لاء اللى سمعته صح ومكدبتش عليك أنا فعلاً مش سوى وكل ده كنت أنت السبب فيه
رفع فواز سبابته يشير لنفسه قائلاً بذهول :
– أنا ! أنا السبب ليه ، هو أنا اللى قولتلك تعمل مصيبة سودة زى دى أنت مش عارف أنها حرام و كبيرة من الكبائر
رفع عمرو حاجبيه ، فما لبث أن قال بصوت متألم :
– وهو الإتجار فى المخدرات مش حرام ولا كبيرة من الكبائر كمان ؟
أنفعل فواز وترك مكانه قابضاً على ذراعى عمرو ، فهز جسده بعنف ، فتلك الخطوة كان أرجأها ريثما تمر صدمته بسماع الكلمة منه
فصرخ بوجهه بحدة :
– إيه اللى جاب دى للقرف اللى بتعمله طلعت بتاع رجالة يا عمرو ، علشان كده رفضت تتجوز ، خايف تنكشف حقيقتك وقرفك
نفض عمرو يد أبيه بحدة ، كانت ستتسبب فى إختلال توازه ، لولا أنه إستطاع أن يتماسك قبل أن تخونه قدماه
فعلا صوت عمرو بصياح ، كمن طفح كيله ، ولن يستطع إختزان ما بقلبه أكثر من ذلك :
– مضايق لما عرفت حقيقتى ، طب سبتنى لواحد غريب يربينى ليه ، سبت طفل فتح عينيه على عمايل جوز أمه القذرة فيه ، مكنتش فاهم ليه بيعمل معايا كده ، عشت أيام أسمع صوته أعيط وأخاف ، بقيت أهرب من البيت علشان ميعملش فيا كده ويدمر طفولتى أكتر ، أشتكيت لأمى مكنتش بتصدق ، لأنه كان بيوهمها أن عندى مشاكل نفسية وبتخيل حاجات ملهاش وجود ، كبرت يوم ورا يوم ، وأنا بدمر على إيده أكتر وأكتر ، راجل سادى كل القذارة اللى تتوقعها كان بيعملها ، عايز إيه من واحد عاش سنين على القرف ده ، لحد ما خلاص الموضوع بقى بالنسبة ليا عادى
إستمع له والده بذهول ، ولم يكتفى بأنه أقر بحقيقته ، بل أراد إثارة غيظه وغضبه ونقمه أكثر ، فتابع عمر مستطرداً:
– إيه رأيك دلوقتى بدل ما تشوفلى عروسة تشوفلى عريس
قضت تلك الجملة على ما تبقى لدى فواز من صبر على أن يقف هكذا ويستمع لما يقوله ، فرفع كفيه وظل يصفه بكلتا يداه وهو يصرخ بإنفعال :
– أخررررس مش عايز أسمع منك كلمة تانية خلاااااااص
لم يحاول عمرو الدفاع عن نفسه ، بل ترك والده يصفعه كما يشاء ، فربما ساهم ذلك المخدر الذى تعطاه ، بأن ينشئ لديه حالة من البلادة المؤقتة ، لا يفعل شئ سوى أن يحملق بأبيه ، وعيناه مغرورقتان بالدموع
فهل هذا جل ما أستطاع فعله ؟
لم ينتبه عمرو إلا على سقوط والده أرضاً ، بعد تلك المعركة الحامية من جانبه ، دون محاولة الجانب الاخر الدفاع عن نفسه ، فجلس عمرو على ركبتيه بجانبه ، يحاول إفاقته دون فائدة
فأستقام بوقفته وهرول صوب الباب المفتوح ، فخرج منه ينادى بصوت عالى على العاملين بالمنزل :
– حد يشوف دكتور بسرعة بابا وقع مغمى عليه بسرررررعة
تجمع العاملين كافة من خدم وحرس ، يهرولون للطابق العلوى ، لمعرفة ما ألم بسيدهم ، ولما كان نجله الوحيد يصرخ هكذا
فمنهم من ساعد عمرو بحمل جسد فواز لوضعه بالفراش ، وأحدهما هاتف الطبيب ليأتى على وجه السرعة ، بدأ الجو يصبح خانقاً بالغرفة ، والتوتر على أشده ، خاصة عندما بدأو بسؤاله عن سبب إغماء والده
فلم ينتظر عمرو سماع كلمة أخرى ، فأمر بإنصرافهم جميعاً عدا الحارس الأمين لوالده والأقرب إليه ، فصاح بهم بحزم :
– يلا كل واحد فيكم يروح يشوف شغله بلاش زحمة فى الأوضة على الفاضى يلاااا
أنصرف العاملين تباعاً ، بينما كان الحارس يدور بالغرفة والهاتف على أذنه لمهاتفه ثالث طبيب طالبه بالمجئ من أجل سيده
فبعد أن أنتهى ، وضع الهاتف بجيبه قائلاً باحترام:
– أطمن يا عمرو بيه أنا كلمت ٣ دكاترة وزمانهم جايين حالاً
فلم يكتفى الحارس بقوله ، بل بحث عن قنينة عطر ، تمكنه من أن يجعل فواز يستعيد وعيه ،حتى مجئ الأطباء الثلاثة ، وخرج من الغرفة وذهب لغرفة فواز للبحث عن تلك العقاقير الطبية التى وصفها له الطبيب من قبل ، وعاد للغرفة ثانية ، فهو يبدو عليه متمرساً بذلك الأمر
فقطب عمرو حاجبيه متسائلاً:
– هو أنت هتعرف تفوقه
رد الحارس قائلاً بهدوء :
– إن شاء الله لأن مش دى أول مرة تحصل لفواز باشا أن يغمى عليه ، لانه أصلاً عنده مشاكل فى القلب ، بس هو اللى كان بيهمل فى صحته بشرب الخمرة ومبيسمعش كلام الدكاترة
أستمع عمرو لما قاله الحارس ، فلم يكن على علم ودراية بمشاكل والده الصحية ، فهو منذ أن وطأ المنزل بقدمه ، لم يراه يشكى هماً أو وجعاً ، أو أنه يعانى مرضاً ، ولكن قبل أن يتعمق بتفكيره أكثر ، وجد طبيباً يلج الغرفة مسرعاً ، وبدأ بفحص والده ، فكلما أنكمشت ملامح وجهه ، يعلم أن ربما الأمر إزداد سوءاً ، ولم يتيقن من ذلك إلا بعد أن أعلن الطبيب ضرورة إنتقال أبيه إلى المشفى على وجه السرعة ، وهذا ما أكده الطبيبان الآخران ، اللذان جاءا بعد مجئ الطبيب الأول بفارق زمنى لم يتعدى السبع دقائق
فأستقام بوقفته وهرول صوب الباب المفتوح ، فخرج منه ينادى بصوت عالى على العاملين بالمنزل :
– حد يشوف دكتور بسرعة بابا وقع مغمى عليه بسرررررعة
تجمع العاملين كافة من خدم وحرس ، يهرولون للطابق العلوى ، لمعرفة ما ألم بسيدهم ، ولما كان نجله الوحيد يصرخ هكذا
فمنهم من ساعد عمرو بحمل جسد فواز لوضعه بالفراش ، وأحدهما هاتف الطبيب ليأتى على وجه السرعة ، بدأ الجو يصبح خانقاً بالغرفة ، والتوتر على أشده ، خاصة عندما بدأو بسؤاله عن سبب إغماء والده
فلم ينتظر عمرو سماع كلمة أخرى ، فأمر بإنصرافهم جميعاً عدا الحارس الأمين لوالده والأقرب إليه ، فصاح بهم بحزم :
– يلا كل واحد فيكم يروح يشوف شغله بلاش زحمة فى الأوضة على الفاضى يلاااا
أنصرف العاملين تباعاً ، بينما كان الحارس يدور بالغرفة والهاتف على أذنه لمهاتفه ثالث طبيب طالبه بالمجئ من أجل سيده
فبعد أن أنتهى ، وضع الهاتف بجيبه قائلاً باحترام:
– أطمن يا عمرو بيه أنا كلمت ٣ دكاترة وزمانهم جايين حالاً
فلم يكتفى الحارس بقوله ، بل بحث عن قنينة عطر ، تمكنه من أن يجعل فواز يستعيد وعيه ،حتى مجئ الأطباء الثلاثة ، وخرج من الغرفة وذهب لغرفة فواز للبحث عن تلك العقاقير الطبية التى وصفها له الطبيب من قبل ، وعاد للغرفة ثانية ، فهو يبدو عليه متمرساً بذلك الأمر
فقطب عمرو حاجبيه متسائلاً:
– هو أنت هتعرف تفوقه
رد الحارس قائلاً بهدوء :
– إن شاء الله لأن مش دى أول مرة تحصل لفواز باشا أن يغمى عليه ، لانه أصلاً عنده مشاكل فى القلب ، بس هو اللى كان بيهمل فى صحته بشرب الخمرة ومبيسمعش كلام الدكاترة
أستمع عمرو لما قاله الحارس ، فلم يكن على علم ودراية بمشاكل والده الصحية ، فهو منذ أن وطأ المنزل بقدمه ، لم يراه يشكى هماً أو وجعاً ، أو أنه يعانى مرضاً ، ولكن قبل أن يتعمق بتفكيره أكثر ، وجد طبيباً يلج الغرفة مسرعاً ، وبدأ بفحص والده ، فكلما أنكمشت ملامح وجهه ، يعلم أن ربما الأمر إزداد سوءاً ، ولم يتيقن من ذلك إلا بعد أن أعلن الطبيب ضرورة إنتقال أبيه إلى المشفى على وجه السرعة ، وهذا ما أكده الطبيبان الآخران ، اللذان جاءا بعد مجئ الطبيب الأول بفارق زمنى لم يتعدى السبع دقائق
_______________
بعد أن أنتهى عاصم من قول ما لديه ، أنتبه على شرود عمه ، فعلى الأرجح أن عمه لم يستمع لكلمة واحدة مما قالها ، فلا يعلم ما أصابه اليوم ، فهو يجلس على غير عادته عندما يكون هو جالساً معه ، فهل يشعر بالمرض ولم يخبره ؟ ولكن تذكر عاصم أن زيارة طبيبه المعتادة له كانت بالأمس ، ولم يخبره الطبيب بشأن أنه يعانى من شئ يستدعى القلق
أنفرجت شفتيه ليناديه ، وجد شقيقته سوزانا تقترب من مجلسهما ، تحمل قدح القهوة الخاص برياض ، فدائماً ما تعدها هى من أجله ، على الرغم من شعورها بالإستياء من إجباره لها على أن تمنحه الموافقة بزواج ميس وعمران
– قهوتك يا عمى
قالتها سوزانا وهى تضع القدح من يدها على السطح الرخامى لتلك المنضدة الموضوعة أمامه ، فجلست بمقعد مجاور لمقعد شقيقها عاصم
فنظر كل منهما للأخر بتعجب ، فرياض لم يفه بكلمة ، بل مازال على وضعه من الميل بجزعه العلوى مستنداً على عصاه ويحملق بالفراغ
فحمحم عاصم لعل تلك المرة ينتبه لهما :
– عمى مالك فى إيه
زفر رياض بخفوت ، وعدل من وضعه المنحنى وأستند لظهر الأريكة التى يجلس عليها ، فرد قائلاً بهدوء :
– مفيش يا عاصم ، هو أنت كنت بتقول إيه
وضع عاصم أمامه تلك الأوراق التى حملها معه من الشركة ، وخاصة بالحسابات بمجموعة شركات النعمانى ، التى آلت ملكيتها لراسل ، حسبما طلب رياض من المحامى
فقال وهو يشير للأوراق :
– دا ورق الحسابات والأرباح الخاصة بالشركات واللى دلوقتى مفروض أنها بقت ملك راسل فمدير البنك بيسأل هتحط الأرباح دى فى حساب جديد لراسل ولا هتعمل إيه
نظر رياض بالأوراق وبعد أن أنتهى من قراءتها ، نظر لعاصم قائلاً برصانة:
– خليه يعمل حساب لراسل وميس دلوقتى بما أن ميس أتجوزت ولسه راسل ميعرفش موضوع نقل الأملاك ، فهتتوزع توزيع شرعى وتتعمل عقود جديدة ، أنا لما فكرت أنقل كل حاجة بإسم راسل علشان كنت عارف أن راسل عمره ما كان هيظلمها علشان هو بيحب ميس وكان بيحب أخوه وجدى ، فمكنش هيأكل حقها
بتذكر سوزانا أمر إبنتها غمغمت بضيق :
– عمى أنا عايزة أعرف أنت ليه وافقت على جوازها من إبن الزناتى وأنت عارف اللى فيها
بعد أن أنتهى عاصم من قول ما لديه ، أنتبه على شرود عمه ، فعلى الأرجح أن عمه لم يستمع لكلمة واحدة مما قالها ، فلا يعلم ما أصابه اليوم ، فهو يجلس على غير عادته عندما يكون هو جالساً معه ، فهل يشعر بالمرض ولم يخبره ؟ ولكن تذكر عاصم أن زيارة طبيبه المعتادة له كانت بالأمس ، ولم يخبره الطبيب بشأن أنه يعانى من شئ يستدعى القلق
أنفرجت شفتيه ليناديه ، وجد شقيقته سوزانا تقترب من مجلسهما ، تحمل قدح القهوة الخاص برياض ، فدائماً ما تعدها هى من أجله ، على الرغم من شعورها بالإستياء من إجباره لها على أن تمنحه الموافقة بزواج ميس وعمران
– قهوتك يا عمى
قالتها سوزانا وهى تضع القدح من يدها على السطح الرخامى لتلك المنضدة الموضوعة أمامه ، فجلست بمقعد مجاور لمقعد شقيقها عاصم
فنظر كل منهما للأخر بتعجب ، فرياض لم يفه بكلمة ، بل مازال على وضعه من الميل بجزعه العلوى مستنداً على عصاه ويحملق بالفراغ
فحمحم عاصم لعل تلك المرة ينتبه لهما :
– عمى مالك فى إيه
زفر رياض بخفوت ، وعدل من وضعه المنحنى وأستند لظهر الأريكة التى يجلس عليها ، فرد قائلاً بهدوء :
– مفيش يا عاصم ، هو أنت كنت بتقول إيه
وضع عاصم أمامه تلك الأوراق التى حملها معه من الشركة ، وخاصة بالحسابات بمجموعة شركات النعمانى ، التى آلت ملكيتها لراسل ، حسبما طلب رياض من المحامى
فقال وهو يشير للأوراق :
– دا ورق الحسابات والأرباح الخاصة بالشركات واللى دلوقتى مفروض أنها بقت ملك راسل فمدير البنك بيسأل هتحط الأرباح دى فى حساب جديد لراسل ولا هتعمل إيه
نظر رياض بالأوراق وبعد أن أنتهى من قراءتها ، نظر لعاصم قائلاً برصانة:
– خليه يعمل حساب لراسل وميس دلوقتى بما أن ميس أتجوزت ولسه راسل ميعرفش موضوع نقل الأملاك ، فهتتوزع توزيع شرعى وتتعمل عقود جديدة ، أنا لما فكرت أنقل كل حاجة بإسم راسل علشان كنت عارف أن راسل عمره ما كان هيظلمها علشان هو بيحب ميس وكان بيحب أخوه وجدى ، فمكنش هيأكل حقها
بتذكر سوزانا أمر إبنتها غمغمت بضيق :
– عمى أنا عايزة أعرف أنت ليه وافقت على جوازها من إبن الزناتى وأنت عارف اللى فيها
أغمض رياض عينيه بإرهاق ، فهو إمتنع عن إبداء أسباب موافقته ، ولكنه يعلم أن إبنة أخيه ، ستظل تلح لمعرفة أسبابه ، فرد قائلاً بهدوء وحزم :
– علشان أنا عارف مصلحة حفيدتى ، وكمان ليه نظرة فى اللى قدامى ، وعلشان كمان أنا مصدقش أن مراد ممكن يقتل وجدى ، وبالنسبة لعمران ، ساعة ما شوفته داخل عليا ، كأن عمران الزناتى الكبير هو اللى كان داخل نفس هيبته وشجاعته وذكاءه ، ولو كان عمران فى نيته حاجة وحشة مكنش جابها لحد هنا وطلب من خالها أنه يتجوزها ، أينعم عمران مش سهل وذكى جدا ، إلا أن فيه طباع الشهامة من جده غير كده هو بيحب بنتك يا سوزانا مش فاكرة وهو صغير كان بيحبها قد إيه
عقدت سوزانا حاجبيها إعتراضاً على قول عمها فدمدمت بصوت منخفض :
– الكلام ده كان من زمان يا عمى ، وإحنا إيش عرفنا السنين دى كلها عملت فيه إيه مش يمكن يأذى بنتى
– وهو لو حاول يأذيها أنا هسكتله يا سوزانا
هتف بها رياض وهو يرفع قدح القهوة يرتشف منه ، معلناً بذلك إغلاق باب النقاش بتلك الزيجة ، فهو قال ما لديه وكفى
فعزز الأمر قول عاصم بتأييد لما قاله عمه:
– كلام عمى مظبوط يا سوزانا وشكل حد لعب بالعيلتين ووقعنا فى بعض علشان غزل كانت متهمانى أنا وعمى إن إحنا اللى قتلنا عيلتها وكمان قالتلى أنها سمعت من الرجالة اللى هجمت على البيت بيقولوا إسمى وإسم عمى وإن إحنا اللى بعتناهم علشان يقتلوهم
أنتفضت سوزانا من مقعدها وهى تقول بصوت مرتفع:
– أنت بتقول إيه يا عاصم هم مفكرين كده يعنى بنتى دلوقتى عايشة مع واحد فاكر أن أهلها هم اللى أذوه دا إحنا كده رميناها فى النار ، الله أعلم هو ناوى على إيه معاها علشان عايز ينتقم مننا
لم يعلم رياض بشأن هذا الأمر إلا الآن ، فوضع قدح القهوة من يده وقال بإهتمام :
– أنت متأكد من كلامك ده يا عاصم
حرك عاصم رأسه بالإيجاب وهو يقول بهدوء:
– أيوة ياعمى من ساعة ما قابلت غزل وهى كانت بتقولى كده ، كنت فاكرها فى الأول بتقول كده علشان زعلانة منى ، بس لما اتكلمنا حكيتلى على كل حاجة حصلت فى اليوم اللى اتقتل فيه أهلها ، والهجوم اللى حصل على البيت كأن الرجالة اللى هجموا على البيت رجالتنا إحنا وفضلت السنين دى كلها مفكرة إن إحنا انتقمنا منهم لموت وجدى
أتخذ الأمر منحنى أخر للتفكير ، فما حدث لزوجة ولده ، ومعرفته الآن بشأن تلك التهمة التى كانت تنسبها غزل لهما ، كان كل ذلك مدعاة للقلق والتفكير ، بشأن تلك الأحداث التى تداخلت ببعضها البعض ، فالأن لديه من الألغاز ما يكفيه لحلها ، فإن كان فضل أن يغلق باب التفكير على ما حدث بالماضى بين العائلتين ، فالأدعى الآن أن يعود ويفتش بين طيات الماضى ، فربما ما يحدث لهم الآن ، مازالت خيوطه متشابكة بما حدث منذ سنوات عدة
– علشان أنا عارف مصلحة حفيدتى ، وكمان ليه نظرة فى اللى قدامى ، وعلشان كمان أنا مصدقش أن مراد ممكن يقتل وجدى ، وبالنسبة لعمران ، ساعة ما شوفته داخل عليا ، كأن عمران الزناتى الكبير هو اللى كان داخل نفس هيبته وشجاعته وذكاءه ، ولو كان عمران فى نيته حاجة وحشة مكنش جابها لحد هنا وطلب من خالها أنه يتجوزها ، أينعم عمران مش سهل وذكى جدا ، إلا أن فيه طباع الشهامة من جده غير كده هو بيحب بنتك يا سوزانا مش فاكرة وهو صغير كان بيحبها قد إيه
عقدت سوزانا حاجبيها إعتراضاً على قول عمها فدمدمت بصوت منخفض :
– الكلام ده كان من زمان يا عمى ، وإحنا إيش عرفنا السنين دى كلها عملت فيه إيه مش يمكن يأذى بنتى
– وهو لو حاول يأذيها أنا هسكتله يا سوزانا
هتف بها رياض وهو يرفع قدح القهوة يرتشف منه ، معلناً بذلك إغلاق باب النقاش بتلك الزيجة ، فهو قال ما لديه وكفى
فعزز الأمر قول عاصم بتأييد لما قاله عمه:
– كلام عمى مظبوط يا سوزانا وشكل حد لعب بالعيلتين ووقعنا فى بعض علشان غزل كانت متهمانى أنا وعمى إن إحنا اللى قتلنا عيلتها وكمان قالتلى أنها سمعت من الرجالة اللى هجمت على البيت بيقولوا إسمى وإسم عمى وإن إحنا اللى بعتناهم علشان يقتلوهم
أنتفضت سوزانا من مقعدها وهى تقول بصوت مرتفع:
– أنت بتقول إيه يا عاصم هم مفكرين كده يعنى بنتى دلوقتى عايشة مع واحد فاكر أن أهلها هم اللى أذوه دا إحنا كده رميناها فى النار ، الله أعلم هو ناوى على إيه معاها علشان عايز ينتقم مننا
لم يعلم رياض بشأن هذا الأمر إلا الآن ، فوضع قدح القهوة من يده وقال بإهتمام :
– أنت متأكد من كلامك ده يا عاصم
حرك عاصم رأسه بالإيجاب وهو يقول بهدوء:
– أيوة ياعمى من ساعة ما قابلت غزل وهى كانت بتقولى كده ، كنت فاكرها فى الأول بتقول كده علشان زعلانة منى ، بس لما اتكلمنا حكيتلى على كل حاجة حصلت فى اليوم اللى اتقتل فيه أهلها ، والهجوم اللى حصل على البيت كأن الرجالة اللى هجموا على البيت رجالتنا إحنا وفضلت السنين دى كلها مفكرة إن إحنا انتقمنا منهم لموت وجدى
أتخذ الأمر منحنى أخر للتفكير ، فما حدث لزوجة ولده ، ومعرفته الآن بشأن تلك التهمة التى كانت تنسبها غزل لهما ، كان كل ذلك مدعاة للقلق والتفكير ، بشأن تلك الأحداث التى تداخلت ببعضها البعض ، فالأن لديه من الألغاز ما يكفيه لحلها ، فإن كان فضل أن يغلق باب التفكير على ما حدث بالماضى بين العائلتين ، فالأدعى الآن أن يعود ويفتش بين طيات الماضى ، فربما ما يحدث لهم الآن ، مازالت خيوطه متشابكة بما حدث منذ سنوات عدة
فنظر رياض لعاصم قائلاً بأمر لا يقبل الجدل :
– عاصم عايزك تجيبلى راسل ومراته فى أقرب وقت ودلوقتى هنروح قصر الزناتى علشان عايز أتكلم مع غزل وعمران ، هنروح بحجة أن نطمن على ميس ، لأن لو متكلمناش فى الموضوع وفكرنا فيه كويس ، هنفضل نخبط فى بعض ، وممكن على رأى سوزانا أن عمران يكون يفكر يأذى ميس علشان إعتقاده بأنها بنت الناس اللى أذوا عيلته ، جهزى نفسك يا سوزانا خلينا نمشى
أماء عاصم برأسه ، دلالة على طاعته لقول عمه ، فهو لن يجد مشقة بالذهاب معه لمنزل غزل ، خاصة بعد أن أخذت أحوالهما فى طور التحسن قليلاً ، فربما هى قادرة على إقناع عمران بالإستماع إليهما هو أيضاً، ولكن الجزء الأصعب بالتنفيذ هو إقناع راسل بأن ينصاع لمطلب أبيه بالحضور ، فالعلاقة بينهما ليست على ما يرام ، فهو الأعلم بطباع إبن عمه التى تميل للوقاحة وعدم التهذيب خاصة فى التعامل معه أو مع والده
______________
قضت ميس نهارها بالجلوس فى الحديقة ، كأنها تخشى الدخول للقصر ، أو أن تصبح وجهها لوجه مع زوجها المجنون ، فهى أطلقت عليه لقب ” المجنون ” نظراً لأفعاله وطباعه التى تتبدل بالدقيقة الواحدة أكثر من مرة ، فتارة تجده يحاول إستمالتها إليه باللين ، وتارة أخرى تراه كوحش ثائر نفذ صبره من إنتظارها أن تمنحه موافقتها على إتمام زواجهما ، الذى أقتصر على عناق أهوج منه بليلة زفافهما، ولم يحدث بينهما شئ أخر ، بعد تهديدها له بالقتل إذا حاول لمسها ثانية
خرجت أنفاسها حائرة وهى تضم جسدها بذراعيها ، كأنها تصنع لنفسها ملاذ أمن ، يقيقها كثرة الخوف من مستقبلها المجهول مع زوجها
– أنا دماغى تقلت ليه كده
غمغمت بعبارتها وأغمضت عينيها وبدأت أطرافها ترتخى كأنها بحاجة للنعاس ، فهى بالأيام الماضية ، لم تحصل على كفايتها من النوم ، خاصة وهى تستلقى على تلك الأريكة بالغرفة ، بعد أن اعلنت رفضها أن تتاقسم مع عمران الفراش
أقترب منها عمران بخطوات متأنية ، وعيناه ترصدها وهى غافية على المقعد ، فهى عنيدة جدا ، ولكنه يروقه هذا العناد
فكأنها شعرت بقربه ، ففتحت عيناها على الفور ، وأرتجفت بخفة بما يشبه الرعب لرؤيته
– هو أنتى كل ما تشوفينى تخافى ليه كده هو أنا بخوف ؟
قالها عمران وهو ينحنى إليها ، بل مد يده وربت على وجنتها بلطافة
صفعت ظاهر يده لتبعده عنها :
– شيل إيدك عنى
تبسم عمران وهو يقول بمزاج رائقٍ :
– بتبقى حلوة أوى زى الأكلة الشهية وخصوصاً وأنتى متنرفزة ، ببقى عايز أكلك أكل من حلاوتك ، فأنا مش هفضل صايم عنك على طول يا ميس مسمعتيش جملة “إنما للصبر حدود”
– عاصم عايزك تجيبلى راسل ومراته فى أقرب وقت ودلوقتى هنروح قصر الزناتى علشان عايز أتكلم مع غزل وعمران ، هنروح بحجة أن نطمن على ميس ، لأن لو متكلمناش فى الموضوع وفكرنا فيه كويس ، هنفضل نخبط فى بعض ، وممكن على رأى سوزانا أن عمران يكون يفكر يأذى ميس علشان إعتقاده بأنها بنت الناس اللى أذوا عيلته ، جهزى نفسك يا سوزانا خلينا نمشى
أماء عاصم برأسه ، دلالة على طاعته لقول عمه ، فهو لن يجد مشقة بالذهاب معه لمنزل غزل ، خاصة بعد أن أخذت أحوالهما فى طور التحسن قليلاً ، فربما هى قادرة على إقناع عمران بالإستماع إليهما هو أيضاً، ولكن الجزء الأصعب بالتنفيذ هو إقناع راسل بأن ينصاع لمطلب أبيه بالحضور ، فالعلاقة بينهما ليست على ما يرام ، فهو الأعلم بطباع إبن عمه التى تميل للوقاحة وعدم التهذيب خاصة فى التعامل معه أو مع والده
______________
قضت ميس نهارها بالجلوس فى الحديقة ، كأنها تخشى الدخول للقصر ، أو أن تصبح وجهها لوجه مع زوجها المجنون ، فهى أطلقت عليه لقب ” المجنون ” نظراً لأفعاله وطباعه التى تتبدل بالدقيقة الواحدة أكثر من مرة ، فتارة تجده يحاول إستمالتها إليه باللين ، وتارة أخرى تراه كوحش ثائر نفذ صبره من إنتظارها أن تمنحه موافقتها على إتمام زواجهما ، الذى أقتصر على عناق أهوج منه بليلة زفافهما، ولم يحدث بينهما شئ أخر ، بعد تهديدها له بالقتل إذا حاول لمسها ثانية
خرجت أنفاسها حائرة وهى تضم جسدها بذراعيها ، كأنها تصنع لنفسها ملاذ أمن ، يقيقها كثرة الخوف من مستقبلها المجهول مع زوجها
– أنا دماغى تقلت ليه كده
غمغمت بعبارتها وأغمضت عينيها وبدأت أطرافها ترتخى كأنها بحاجة للنعاس ، فهى بالأيام الماضية ، لم تحصل على كفايتها من النوم ، خاصة وهى تستلقى على تلك الأريكة بالغرفة ، بعد أن اعلنت رفضها أن تتاقسم مع عمران الفراش
أقترب منها عمران بخطوات متأنية ، وعيناه ترصدها وهى غافية على المقعد ، فهى عنيدة جدا ، ولكنه يروقه هذا العناد
فكأنها شعرت بقربه ، ففتحت عيناها على الفور ، وأرتجفت بخفة بما يشبه الرعب لرؤيته
– هو أنتى كل ما تشوفينى تخافى ليه كده هو أنا بخوف ؟
قالها عمران وهو ينحنى إليها ، بل مد يده وربت على وجنتها بلطافة
صفعت ظاهر يده لتبعده عنها :
– شيل إيدك عنى
تبسم عمران وهو يقول بمزاج رائقٍ :
– بتبقى حلوة أوى زى الأكلة الشهية وخصوصاً وأنتى متنرفزة ، ببقى عايز أكلك أكل من حلاوتك ، فأنا مش هفضل صايم عنك على طول يا ميس مسمعتيش جملة “إنما للصبر حدود”
رفعت ميس حاجبيها من إطراءه لها الذى وصل حد الوقاحة :
– على فكرة أنت وقح جداً وقليل الأدب
– جدا جدا يا حبى فوق ما تتصورى
هتف عمران بعبارته وأنقض عليها معانقاً إياها ، كانت حالتها أشبه بعصفورة صغيرة تم سجنها فى مكان واحد مع هر متوحش ، إستلذ بمذاقها ولن يتركها إلا بعد أن يجعلها وجبة شهية
الحل الأفضل والأنسب لها بهذا الوقت ، هو أن تحاول غرز أظافرها الطويلة بوجهه ، فنجحت بخدش وجنته قريباً من عينيه وهى تحاول دفع وجهه عن وجهها
قال عمران بتألم من فعلتها :
– أه يا بنت النعمانى وربنا ما أنا سايبك النهاردة
ما كاد أن يبتعد عنها ليهم بحملها ، حتى تركت مكانها تلوذ بالفرار منه ، فلم يكن سعيد الحظ بالركض خلفها ، إذا وجد أحداً يناديه ولم يكن سوى مدير أعماله ، الذى أمره بالحضور من أجل المناقشة بأمر إفتتاح الفندق الجديد
تحسس أثر خدشها له وهو يتوعدها ، فعلى الأرجح أن حياتهما سوياً ستنتهى بنهايته ، فمرة تتسبب له بجرح فى عنقه ، ومرة أخرى بخدش قريب من عينه اليسرى ، فلو أستمر الحال بينهما هكذا ، ستكون كالحرب الدامية ، التى لن تنتهى إلا بموت أحداً منهما
– الحمد لله هربت منه المجنون ده
قالتها ميس وهى تضع يدها موضع قلبها ، فحاولت أن تعيد تنظيم أنفاسها التى سلبها منها الخوف ، منذ بدأه عناقه ، حتى فرارها منه
فرفعت شفتها العليا وهى تغمغم بضيق ونزق :
– عامل زى المتوحش كل ما يشوف وشى يتصرف بقلة أدب مش عارفة هو بيعمل معايا ليه كده
حاولت إيجاد أسباب لأفعاله معها ، فتذكرت ميس تلك الغرفة التى رأته يخرج منها مرة ، ولم تكن تعلم لما يقضى بها وقتاً طويلاً ، ولكن بحديثها مع غزل ، علمت أن تلك الغرفة خاصة بأغراض عائلتهما ، التى تم قتلهم غدراً منذ زمن بعيد
ففكرت هل أفعاله تلك ناتجة عن شعوره بالحزن لفقدان عائلته دفعة واحدة ؟ ولكن ما ذنبها هى فى تصرفه الهمجى معها ؟
قضمت شفتها السفلى وهى تفكر بالذهاب لتلك الغرفة، لمعرفة ما تحويه ، يجعله بعد معاملته اللينة معها ، يعود لتصرفه الهمجى ، كأنها غرفة سحرية يلج إليها عمران ، ويخرج عمران أخر
فخرجت من غرفة النوم بحرص ، حتى وصلت للطابق الأرضى ، ظلت تلتفت يميناً ويساراً حتى وصلت أمام باب تلك الغرفة
فهمست بصوت مرتجف :
– على فكرة أنت وقح جداً وقليل الأدب
– جدا جدا يا حبى فوق ما تتصورى
هتف عمران بعبارته وأنقض عليها معانقاً إياها ، كانت حالتها أشبه بعصفورة صغيرة تم سجنها فى مكان واحد مع هر متوحش ، إستلذ بمذاقها ولن يتركها إلا بعد أن يجعلها وجبة شهية
الحل الأفضل والأنسب لها بهذا الوقت ، هو أن تحاول غرز أظافرها الطويلة بوجهه ، فنجحت بخدش وجنته قريباً من عينيه وهى تحاول دفع وجهه عن وجهها
قال عمران بتألم من فعلتها :
– أه يا بنت النعمانى وربنا ما أنا سايبك النهاردة
ما كاد أن يبتعد عنها ليهم بحملها ، حتى تركت مكانها تلوذ بالفرار منه ، فلم يكن سعيد الحظ بالركض خلفها ، إذا وجد أحداً يناديه ولم يكن سوى مدير أعماله ، الذى أمره بالحضور من أجل المناقشة بأمر إفتتاح الفندق الجديد
تحسس أثر خدشها له وهو يتوعدها ، فعلى الأرجح أن حياتهما سوياً ستنتهى بنهايته ، فمرة تتسبب له بجرح فى عنقه ، ومرة أخرى بخدش قريب من عينه اليسرى ، فلو أستمر الحال بينهما هكذا ، ستكون كالحرب الدامية ، التى لن تنتهى إلا بموت أحداً منهما
– الحمد لله هربت منه المجنون ده
قالتها ميس وهى تضع يدها موضع قلبها ، فحاولت أن تعيد تنظيم أنفاسها التى سلبها منها الخوف ، منذ بدأه عناقه ، حتى فرارها منه
فرفعت شفتها العليا وهى تغمغم بضيق ونزق :
– عامل زى المتوحش كل ما يشوف وشى يتصرف بقلة أدب مش عارفة هو بيعمل معايا ليه كده
حاولت إيجاد أسباب لأفعاله معها ، فتذكرت ميس تلك الغرفة التى رأته يخرج منها مرة ، ولم تكن تعلم لما يقضى بها وقتاً طويلاً ، ولكن بحديثها مع غزل ، علمت أن تلك الغرفة خاصة بأغراض عائلتهما ، التى تم قتلهم غدراً منذ زمن بعيد
ففكرت هل أفعاله تلك ناتجة عن شعوره بالحزن لفقدان عائلته دفعة واحدة ؟ ولكن ما ذنبها هى فى تصرفه الهمجى معها ؟
قضمت شفتها السفلى وهى تفكر بالذهاب لتلك الغرفة، لمعرفة ما تحويه ، يجعله بعد معاملته اللينة معها ، يعود لتصرفه الهمجى ، كأنها غرفة سحرية يلج إليها عمران ، ويخرج عمران أخر
فخرجت من غرفة النوم بحرص ، حتى وصلت للطابق الأرضى ، ظلت تلتفت يميناً ويساراً حتى وصلت أمام باب تلك الغرفة
فهمست بصوت مرتجف :
– أيوة هى دى الأوضة ، هدخل وأشوف فى إيه جوا بيخليه يدخل ويخرج زى المجنون
كاد قلبها يقفز إلى حلقها ، من ذلك الخوف الذى أنتابها خشية أن يكون أحد يتبعها ، فظلت تنظر خلفها للتأكد من خلو الرواق ، وصلت لتلك الغرفة ،وهى تحمل بيدها شمعة صغيرة ، ألتقطتها من على كومود بطريقها ، فهى لن تعمل على إنارة المصابيح ، حتى لا ينتبه عليها أحد
أدارت المقبض بحرص شديد ، فولجت للداخل تغلق الباب خلفها ، وأخرجت أعواد الثقاب التى جلبتها وأضاءت الشمعة ، فلهيبها ألقى بظل مخيف على تلك الصور التى رأتها بأحد أركان الغرفة ، فهى عزمت على ألا تبرح هذا المكان حتى تحصل على أجوبة لكل تلك الأسئلة التى ضجت بعقلها
أقتربت من الصور بحذر خشية أن تخطأ موضع قدمها وتدعس أى من تلك الأعراض القديمة الملقاة على الأرض ،وتحدث صوتاً من الممكن أن يستمع إليه أحد
وضعت الشمعة من يدها على كومود ،وراحت تبحث بالغرفة ولكن لسوء حظها ، سقطت الشمعة على ثوب ملقى على مقعد بجوار الكومود ، فأشتعلت به النيران ، لم تنتبه إلا عندما وجدت ألسنة لهب متصاعدة من الثوب، حاولت جاهدة أن تطفئ تلك النيران قبل أن تنشب فى الغرفة بأكملها ، فأثناء محاولاتها المستميتة لإطفاء النار وجدت من يمد يده ليسكب الماء لتخبو النيران شيئاً فشيئاً
– الحمد لله
ولكن لم تكن لتبتهج لذلك وهى ترى عيناه إستحال بياضها للون دامى ، كأنها لن تفلت من يده قبل أن تنال جزاء جريرتها
إمتنت لقدميها بأنها مازالت قادرة على حملها ،تساعدها على أن ترتد بخطواتها ، ولكن حدث ما كانت تخشاه ، فها هو يحاصرها بينه وبين الجدار
فخرج صوته هادراً مرعباً:
– إنتى إيه اللى جابك هنا وبتعملى إيه
إزدردت لعابها وهى ترمش بعينيها لعلها تجد مخرجاً لهذا المأزق ،ولكنها لم تجد فهو يستطيع إكتشاف كذبها بسهولة ، فلم تجد مهرب سوى أن تتسلح بعنفوان زائف حتى لا تظهر ضعفها وخوفها الذى أثقل قلبها بتلك اللحظة
– كنت عايزة أعرف أنت مخبى إيه وهم جرالهم إيه وليه أتقتلتوا أنا عرفت من عمتك غزل أن أهلك أتقتلوا
ظنت أن بكلماتها ربما سيتقهقر للخلف ،مفسحاً لها المجال ، ولكن يده قبضت على عنقها تلصقها بالجدار ،شعرت بقسوة أصابعه التى منعت الهواء عنها وظلت تحاول بإستماتة لتزيح يده ولكنها فشلت فى ذلك
فأقترب بوجهه منها قائلاً بصوت بارد كالصقيع:
– عايزة تعرفى أتقتلتوا إزاى يا حبى أنا هبعتك ليهم وأسأليهم بنفسك
مع تلك الكلمة زاد ضغط أصابعه حول عنقها ، فعلمت أن النهاية قادمة لا محالة ، فتلفظت بإسمه بصوت يكاد يتلاشى :
– عمران
كاد قلبها يقفز إلى حلقها ، من ذلك الخوف الذى أنتابها خشية أن يكون أحد يتبعها ، فظلت تنظر خلفها للتأكد من خلو الرواق ، وصلت لتلك الغرفة ،وهى تحمل بيدها شمعة صغيرة ، ألتقطتها من على كومود بطريقها ، فهى لن تعمل على إنارة المصابيح ، حتى لا ينتبه عليها أحد
أدارت المقبض بحرص شديد ، فولجت للداخل تغلق الباب خلفها ، وأخرجت أعواد الثقاب التى جلبتها وأضاءت الشمعة ، فلهيبها ألقى بظل مخيف على تلك الصور التى رأتها بأحد أركان الغرفة ، فهى عزمت على ألا تبرح هذا المكان حتى تحصل على أجوبة لكل تلك الأسئلة التى ضجت بعقلها
أقتربت من الصور بحذر خشية أن تخطأ موضع قدمها وتدعس أى من تلك الأعراض القديمة الملقاة على الأرض ،وتحدث صوتاً من الممكن أن يستمع إليه أحد
وضعت الشمعة من يدها على كومود ،وراحت تبحث بالغرفة ولكن لسوء حظها ، سقطت الشمعة على ثوب ملقى على مقعد بجوار الكومود ، فأشتعلت به النيران ، لم تنتبه إلا عندما وجدت ألسنة لهب متصاعدة من الثوب، حاولت جاهدة أن تطفئ تلك النيران قبل أن تنشب فى الغرفة بأكملها ، فأثناء محاولاتها المستميتة لإطفاء النار وجدت من يمد يده ليسكب الماء لتخبو النيران شيئاً فشيئاً
– الحمد لله
ولكن لم تكن لتبتهج لذلك وهى ترى عيناه إستحال بياضها للون دامى ، كأنها لن تفلت من يده قبل أن تنال جزاء جريرتها
إمتنت لقدميها بأنها مازالت قادرة على حملها ،تساعدها على أن ترتد بخطواتها ، ولكن حدث ما كانت تخشاه ، فها هو يحاصرها بينه وبين الجدار
فخرج صوته هادراً مرعباً:
– إنتى إيه اللى جابك هنا وبتعملى إيه
إزدردت لعابها وهى ترمش بعينيها لعلها تجد مخرجاً لهذا المأزق ،ولكنها لم تجد فهو يستطيع إكتشاف كذبها بسهولة ، فلم تجد مهرب سوى أن تتسلح بعنفوان زائف حتى لا تظهر ضعفها وخوفها الذى أثقل قلبها بتلك اللحظة
– كنت عايزة أعرف أنت مخبى إيه وهم جرالهم إيه وليه أتقتلتوا أنا عرفت من عمتك غزل أن أهلك أتقتلوا
ظنت أن بكلماتها ربما سيتقهقر للخلف ،مفسحاً لها المجال ، ولكن يده قبضت على عنقها تلصقها بالجدار ،شعرت بقسوة أصابعه التى منعت الهواء عنها وظلت تحاول بإستماتة لتزيح يده ولكنها فشلت فى ذلك
فأقترب بوجهه منها قائلاً بصوت بارد كالصقيع:
– عايزة تعرفى أتقتلتوا إزاى يا حبى أنا هبعتك ليهم وأسأليهم بنفسك
مع تلك الكلمة زاد ضغط أصابعه حول عنقها ، فعلمت أن النهاية قادمة لا محالة ، فتلفظت بإسمه بصوت يكاد يتلاشى :
– عمران
تلك هى المرة الأولى ، التى يسمعها تناديه بإسمه مجرداً ، فكأنه وعى فجأة على ما يفعله ، فسحب يده وظلت هى تسعل بشدة حتى دمعت عيناها
فقالت بصوت خافت وعينان دامعتان :
– أنت متوحش مستحيل تكون بنى أدم علشان اللى يستقوى على اللى أضعف منه يبقى معندوش رحمة ولا ذرة أدمية يبقى زيه زى الوحوش المفترسة بالظبط
أنفجرت فى البكاء ، حتى علا صوت شهقاتها ونحيبها ، فما كان منه سوى أن أخذها بين ذراعيه ، يحاول أن يجعلها تكف عن البكاء
فغمغم بصوت يكاد لا يسمع :
– أنا آسف يا ماسة
ظنت أنها أخطأت فى سماع كلمة الأسف والإعتذار منه ، ولكن ليست تلك هى المرة الأولى ، التى تسمعه يناديها بهذا اللفظ التحببى
فرفعت وجهها عن صدره ونظرت إليه قائلة بغرابة :
– هو أنت ليه ساعات بتقولى يا ماسة ، اللى يسمعك وأنت بتقولها يقول كأنك تعرفنى من زمان مش من كام شهر بس ، أنت مخبى عليا إيه بالظبط
حاول إخفاء تلك اللحظة من الضعف والعطف ، التى زارته بغير أوانها ، فحمحم لكى يجلى صوته وليعيد إليه خشونته ، كعادته دائماً ، إلا أن الحظ كان رفيقه ، إذا سمعا صوت الخادمة تعلن عن مجئ عائلة ميس من أجل زيارة العروسين ، فوجدها فرصة سانحة للتهرب من إجابتها على ما سألته إياه ، فأخذها وخرج من الغرفة ، وجعلها تتأبط ذراعه ، حفاظاً على مظهرهما أمام عائلتها
ولكن تحسس فجأة عنقه ، يخشى أن ينتبه أحد على تلك اللاصقة الطبية الموضوعة قريباً من عظمة نحره ، أو تلك الخدوش التى خلفتها أظافرها على وجهه ، فكل هذا دلائل على أن الأيام الماضية بينهما ، لم تكن تسير على ما يرام ، بل كان الشد والجذب بينهما على أشده
______________
وصل لحافة صبره من سماع ذلك الهمس الدائر بين العاملين بالمشفى على ما حدث معه ، فمقطع الفيديو الذى تم تسريبه لمواقع التواصل الاجتماعي ، والذى ظهر فيه وهو يقوم بالإعتداء بالضرب على تلك الفتاة المدعوة ليالى ، ربما لا يوجد أحد بمشفاه لم يرى الفيديو ، خاصة العناوين المثيرة التى رافقت الفيديو والتعليقات ، تظهر مدى وحشيته فى التعامل مع الأخرين ، وإستهجان الكثير لما فعله ، ومحاولة إظهاره بمظهر الطبيب الأكثر همجية وعنفاً فى التعامل مع النساء
ثارت ثائرته أكثر بسماعه أحد الممرضين يتهامس مع رفيقه وهو يظن أنه لا يسمعه أحد ، وما ذاك الممرض إلا شاباً يدعى ” سعيد ” ويعلم أنه لا يحب الخير لأحد من زملاءه ، بل أنه أفتعل عدة مواقف من قبل دلت على سوء نيته ، فعندما حاول راسل إتخاذ إجراء بحقه سابقاً ، توسله أحد أقاربه بأن يعفو عنه ، معللاً أفعاله من أنها ربما تندرج تحت بند ” طيش الشباب ” ، وأنه شاب يعمل على بناء مستقبله ، فهو بلا عائلة وبحاجة أن يعيل نفسه
قال سعيد ساخراً مما يحدث :
– أنا مش عارف هو ليه لحد دلوقتى محدش من المسئولين أتكلم عن الموضوع ده ولا وقفوه عن العمل علشان يحققوا فى الموضوع ، ولا أن أتاخد إجراء جنائى ضده لتعديه بالضرب على البنت اللى كانت هنا ، لازم الموضوع فى إن ولا علشان هو يعرف ناس كبار فى البلد هيعرف يطلع من الموضوع زى الشعرة من العجين ، ناس ليها بخت ، طايح فى الكل ومحدش بيقوله بتعمل إيه
فقالت بصوت خافت وعينان دامعتان :
– أنت متوحش مستحيل تكون بنى أدم علشان اللى يستقوى على اللى أضعف منه يبقى معندوش رحمة ولا ذرة أدمية يبقى زيه زى الوحوش المفترسة بالظبط
أنفجرت فى البكاء ، حتى علا صوت شهقاتها ونحيبها ، فما كان منه سوى أن أخذها بين ذراعيه ، يحاول أن يجعلها تكف عن البكاء
فغمغم بصوت يكاد لا يسمع :
– أنا آسف يا ماسة
ظنت أنها أخطأت فى سماع كلمة الأسف والإعتذار منه ، ولكن ليست تلك هى المرة الأولى ، التى تسمعه يناديها بهذا اللفظ التحببى
فرفعت وجهها عن صدره ونظرت إليه قائلة بغرابة :
– هو أنت ليه ساعات بتقولى يا ماسة ، اللى يسمعك وأنت بتقولها يقول كأنك تعرفنى من زمان مش من كام شهر بس ، أنت مخبى عليا إيه بالظبط
حاول إخفاء تلك اللحظة من الضعف والعطف ، التى زارته بغير أوانها ، فحمحم لكى يجلى صوته وليعيد إليه خشونته ، كعادته دائماً ، إلا أن الحظ كان رفيقه ، إذا سمعا صوت الخادمة تعلن عن مجئ عائلة ميس من أجل زيارة العروسين ، فوجدها فرصة سانحة للتهرب من إجابتها على ما سألته إياه ، فأخذها وخرج من الغرفة ، وجعلها تتأبط ذراعه ، حفاظاً على مظهرهما أمام عائلتها
ولكن تحسس فجأة عنقه ، يخشى أن ينتبه أحد على تلك اللاصقة الطبية الموضوعة قريباً من عظمة نحره ، أو تلك الخدوش التى خلفتها أظافرها على وجهه ، فكل هذا دلائل على أن الأيام الماضية بينهما ، لم تكن تسير على ما يرام ، بل كان الشد والجذب بينهما على أشده
______________
وصل لحافة صبره من سماع ذلك الهمس الدائر بين العاملين بالمشفى على ما حدث معه ، فمقطع الفيديو الذى تم تسريبه لمواقع التواصل الاجتماعي ، والذى ظهر فيه وهو يقوم بالإعتداء بالضرب على تلك الفتاة المدعوة ليالى ، ربما لا يوجد أحد بمشفاه لم يرى الفيديو ، خاصة العناوين المثيرة التى رافقت الفيديو والتعليقات ، تظهر مدى وحشيته فى التعامل مع الأخرين ، وإستهجان الكثير لما فعله ، ومحاولة إظهاره بمظهر الطبيب الأكثر همجية وعنفاً فى التعامل مع النساء
ثارت ثائرته أكثر بسماعه أحد الممرضين يتهامس مع رفيقه وهو يظن أنه لا يسمعه أحد ، وما ذاك الممرض إلا شاباً يدعى ” سعيد ” ويعلم أنه لا يحب الخير لأحد من زملاءه ، بل أنه أفتعل عدة مواقف من قبل دلت على سوء نيته ، فعندما حاول راسل إتخاذ إجراء بحقه سابقاً ، توسله أحد أقاربه بأن يعفو عنه ، معللاً أفعاله من أنها ربما تندرج تحت بند ” طيش الشباب ” ، وأنه شاب يعمل على بناء مستقبله ، فهو بلا عائلة وبحاجة أن يعيل نفسه
قال سعيد ساخراً مما يحدث :
– أنا مش عارف هو ليه لحد دلوقتى محدش من المسئولين أتكلم عن الموضوع ده ولا وقفوه عن العمل علشان يحققوا فى الموضوع ، ولا أن أتاخد إجراء جنائى ضده لتعديه بالضرب على البنت اللى كانت هنا ، لازم الموضوع فى إن ولا علشان هو يعرف ناس كبار فى البلد هيعرف يطلع من الموضوع زى الشعرة من العجين ، ناس ليها بخت ، طايح فى الكل ومحدش بيقوله بتعمل إيه
جذبه راسل من مرفقه قائلاً بخشونة :
– بتقول إيه يا سعيد أنت مش هتبطل عادتك دى تتكلم عليا من ورايا لو راجل بجد قول الكلام فى وشى مش من ورا ضهرى
أحتد سعيد على حديثه فنفض يده عنه قائلاً بحدة :
– أنا مسمحلكش يا دكتور راسل تكلمنى بالطريقة دى مش علشان شغال عندك هيبقى ليك الحق أنك تعمل اللى أنت عايزه لاء فوق لنفسك
– حاضر هفوق لنفسى
قالها راسل وهو يجر سعيد معه لغرفة مكتبه ، فلم يغلق الباب خلفهما ، بل جعل بإمكان كل من بالخارج رؤيته وهو يناول سعيد ورقة خطها بيده مفاداها أنه تم إستبعاده من العمل بالمشفى بشكل نهائى
فتناول سعيد الورقة من يده وجال ببصره فيها ، وسرعان ما نظر إليه متسائلاً :
– أنت رفدتنى من المستشفى ؟
جز راسل على أنيابه بغيظ مغمغماً:
– أنت شايف إيه هيكون مثلاً جواب شكر ليك على قلة أدبك وأحمد ربنا أن رفدتك بس وإلا كنت هتصرف معاك تصرف تانى
لوى سعيد ثغره وهو يقول بسخرية فجة :
– كنت هتعمل إيه يعنى ، أنت أخرك تزعق وخلاص يا دكتور راسل ماشى بمثل خدوهم بالصوت ليغلبوكم
رفع راسل سبابته يتوعده :
– طب شوف مين اللى هيقدر يشغلك فى مستشفى أو حتى عيادة ، أما خليتك تقعد فى بيتكم تتحسر على أنك قليت أدبك عليا مبقاش أنا ، هخليك تموت بالبطئ يا سعيد
لم يعير سعيد انتباهاً لقول راسل له ، بل أراد إثارة غيظه أكثر ، فضحك وقال بصوت عالى وهو ينظر للجمع المجتمع أمام باب غرفة المكتب :
– خليكم شاهدين كلكم دكتور راسل هيخلينى أنا أموت بالبطئ من اللى هيعمله فيا ، الدكتور المحترم مش بس بيضرب ستات لاء بيهدد اللى شغالين عنده كمان أن يوقف حالهم وميعرفوش يشتغلوا فى أى مكان تانى
فعاد ونظر لراسل مرة أخرى قائلاً بعدم إكتراث :
– اللى عندك أعمله يا دكتور راسل ، أعلى ما فى خيل أركبه ، أنا بقى اللى مش عايز أشتغل فى مستشفى واحد زيك واخد الدنيا عافية ومش لاقى حد يوقفه عند حده
تفوه سعيد بكلماته السخيفة ، غير مبالياً بأن ما فعله أكثر مما يضمن سلامته بالخروج من المشفى ، أو الهروب من غضب راسل
فمحاولته لتنظيم أنفاسه ، لكى لا يصدر منه رد فعل أحمق ، لم تفى بالغرض المطلوب ، فدار حول مكتبه وجذب سعيد من تلابيب ملابسه ، وجره معه حتى وصل لخارج المشفى
– بتقول إيه يا سعيد أنت مش هتبطل عادتك دى تتكلم عليا من ورايا لو راجل بجد قول الكلام فى وشى مش من ورا ضهرى
أحتد سعيد على حديثه فنفض يده عنه قائلاً بحدة :
– أنا مسمحلكش يا دكتور راسل تكلمنى بالطريقة دى مش علشان شغال عندك هيبقى ليك الحق أنك تعمل اللى أنت عايزه لاء فوق لنفسك
– حاضر هفوق لنفسى
قالها راسل وهو يجر سعيد معه لغرفة مكتبه ، فلم يغلق الباب خلفهما ، بل جعل بإمكان كل من بالخارج رؤيته وهو يناول سعيد ورقة خطها بيده مفاداها أنه تم إستبعاده من العمل بالمشفى بشكل نهائى
فتناول سعيد الورقة من يده وجال ببصره فيها ، وسرعان ما نظر إليه متسائلاً :
– أنت رفدتنى من المستشفى ؟
جز راسل على أنيابه بغيظ مغمغماً:
– أنت شايف إيه هيكون مثلاً جواب شكر ليك على قلة أدبك وأحمد ربنا أن رفدتك بس وإلا كنت هتصرف معاك تصرف تانى
لوى سعيد ثغره وهو يقول بسخرية فجة :
– كنت هتعمل إيه يعنى ، أنت أخرك تزعق وخلاص يا دكتور راسل ماشى بمثل خدوهم بالصوت ليغلبوكم
رفع راسل سبابته يتوعده :
– طب شوف مين اللى هيقدر يشغلك فى مستشفى أو حتى عيادة ، أما خليتك تقعد فى بيتكم تتحسر على أنك قليت أدبك عليا مبقاش أنا ، هخليك تموت بالبطئ يا سعيد
لم يعير سعيد انتباهاً لقول راسل له ، بل أراد إثارة غيظه أكثر ، فضحك وقال بصوت عالى وهو ينظر للجمع المجتمع أمام باب غرفة المكتب :
– خليكم شاهدين كلكم دكتور راسل هيخلينى أنا أموت بالبطئ من اللى هيعمله فيا ، الدكتور المحترم مش بس بيضرب ستات لاء بيهدد اللى شغالين عنده كمان أن يوقف حالهم وميعرفوش يشتغلوا فى أى مكان تانى
فعاد ونظر لراسل مرة أخرى قائلاً بعدم إكتراث :
– اللى عندك أعمله يا دكتور راسل ، أعلى ما فى خيل أركبه ، أنا بقى اللى مش عايز أشتغل فى مستشفى واحد زيك واخد الدنيا عافية ومش لاقى حد يوقفه عند حده
تفوه سعيد بكلماته السخيفة ، غير مبالياً بأن ما فعله أكثر مما يضمن سلامته بالخروج من المشفى ، أو الهروب من غضب راسل
فمحاولته لتنظيم أنفاسه ، لكى لا يصدر منه رد فعل أحمق ، لم تفى بالغرض المطلوب ، فدار حول مكتبه وجذب سعيد من تلابيب ملابسه ، وجره معه حتى وصل لخارج المشفى
فدفعه عنه صارخاً بوجهه :
– مش عايز أشوف وشك هنا فى المستشفى تانى وإلا المرة الجاية هقتلك بإيدى فاهم
عاد للداخل ثانية ، فهذا أكثر مما تحتمل أعصابه الثائرة ، فبعد ظنه أن حياته صارت هادئة وهانئة ، توالت الأحداث المؤسفة ، التى جعلته يعود كسابق عهده ، من حيث عصبيته المفرطة ، والتى لن ينجو منها أحد ، إذا إستمر هذا الحال
فلم تنتهى أحداث هذا اليوم إلى هذا الحد ، إذا وجد إحدى الممرضات تعلمه بشأن مجئ وفد من وزارة الصحة بزيارة مفاجئة وعاجلة
فهذا ما كان ينقصه ، من أن يأتى أحد الآن وتتوالى أسألته عن نمط سير العمل بالمشفى ، إلا أنه حاول زرع الهدوء بنفسه ، حتى يمر باقى اليوم بسلام
فخرج من مكتبه مرحباً بقدوم ذاك الوفد المكون من أربعة أفراد ، فرفضوا الجلوس بمكتبه معللين أنهم يريدون المرور بالمشفى للتأكد من جودة الرعاية الطبيبة ، التى يتلقاها المرضى
فبداخل تلك الصيدلية الخاصة بالمشفى ، كان أحد الرجال الأربعة ، يتفحص العقاقير الطبية المستخدمة من أجل المرضى
فأخذ إحدى عينات الدواء الخاص بالأطفال ونظر لراسل قائلاً بمهنية:
– الدوا ده مش مطابق للمواصفات يا دكتور راسل إزاى بتتعاملوا بيه فى المستشفى
عقد راسل حاجبيه قائلاً بغرابة وعدم فهم :
– مش مطابق للمواصفات إزاى يعنى ، حضرتك الدوا ده بييجى من أكبر شركات الأدوية ، واللى بتعامل معاها من سنين ، إزاى دلوقتى الدوا مش مطابق للمواصفات
رد الرجل قائلاً وهو مقطب الحاجبين:
– على كده أنت بيحصل عندك تجاوزات في المستشفى ، من أنك بتجيب أدوية مش مطابقة للمواصفات ، علشان توفر فى التكلفة ، بس طبعاً ده بيأثر على صحة المرضى ، ولازم العينات دى كلها هيتعمل ليها أختبار ، ولو أثبت أن المادة الفعالة فى الدوا ده بتأثر على الأطفال ، يبقى أنت وقعت فى مشكلة يا دكتور راسل ، لأن كان لازم تتأكد من الأدوية الموجودة عندك فى المستشفى
إستمع له راسل بذهول ، فبما يهذى هذا الرجل ، فهو شديد الحرص والعناية على صحة المرضى ، من حيث تعاقده مع كبرى الشركات الخاصة بإنتاج العقاقير والأدوات الطبية
فظل يتسأل بحيرة من أين وكيف جاءت تلك العينات الدوائية الغير مطابقة للمواصفات ؟
بعد أن أنتهوا من البحث والتفتيش وتلك الزيارة المفاجئة ، رحلوا من المشفى ، تاركين راسل شاعراً بأن ربما ما يحدث معه مزحة ثقيلة وسخيفة ، فهو لا يدرك لما تتوالى المصائب على رأسه دفعة واحدة ؟ فهو صار على شفير الإنهيار الحتمى لكل ما يلاقيه بتلك الأونة الأخيرة من أحداث لا يعلم مدلولها ، أو لما تحدث معه هو خاصة بذلك التوقيت ؟
– مش عايز أشوف وشك هنا فى المستشفى تانى وإلا المرة الجاية هقتلك بإيدى فاهم
عاد للداخل ثانية ، فهذا أكثر مما تحتمل أعصابه الثائرة ، فبعد ظنه أن حياته صارت هادئة وهانئة ، توالت الأحداث المؤسفة ، التى جعلته يعود كسابق عهده ، من حيث عصبيته المفرطة ، والتى لن ينجو منها أحد ، إذا إستمر هذا الحال
فلم تنتهى أحداث هذا اليوم إلى هذا الحد ، إذا وجد إحدى الممرضات تعلمه بشأن مجئ وفد من وزارة الصحة بزيارة مفاجئة وعاجلة
فهذا ما كان ينقصه ، من أن يأتى أحد الآن وتتوالى أسألته عن نمط سير العمل بالمشفى ، إلا أنه حاول زرع الهدوء بنفسه ، حتى يمر باقى اليوم بسلام
فخرج من مكتبه مرحباً بقدوم ذاك الوفد المكون من أربعة أفراد ، فرفضوا الجلوس بمكتبه معللين أنهم يريدون المرور بالمشفى للتأكد من جودة الرعاية الطبيبة ، التى يتلقاها المرضى
فبداخل تلك الصيدلية الخاصة بالمشفى ، كان أحد الرجال الأربعة ، يتفحص العقاقير الطبية المستخدمة من أجل المرضى
فأخذ إحدى عينات الدواء الخاص بالأطفال ونظر لراسل قائلاً بمهنية:
– الدوا ده مش مطابق للمواصفات يا دكتور راسل إزاى بتتعاملوا بيه فى المستشفى
عقد راسل حاجبيه قائلاً بغرابة وعدم فهم :
– مش مطابق للمواصفات إزاى يعنى ، حضرتك الدوا ده بييجى من أكبر شركات الأدوية ، واللى بتعامل معاها من سنين ، إزاى دلوقتى الدوا مش مطابق للمواصفات
رد الرجل قائلاً وهو مقطب الحاجبين:
– على كده أنت بيحصل عندك تجاوزات في المستشفى ، من أنك بتجيب أدوية مش مطابقة للمواصفات ، علشان توفر فى التكلفة ، بس طبعاً ده بيأثر على صحة المرضى ، ولازم العينات دى كلها هيتعمل ليها أختبار ، ولو أثبت أن المادة الفعالة فى الدوا ده بتأثر على الأطفال ، يبقى أنت وقعت فى مشكلة يا دكتور راسل ، لأن كان لازم تتأكد من الأدوية الموجودة عندك فى المستشفى
إستمع له راسل بذهول ، فبما يهذى هذا الرجل ، فهو شديد الحرص والعناية على صحة المرضى ، من حيث تعاقده مع كبرى الشركات الخاصة بإنتاج العقاقير والأدوات الطبية
فظل يتسأل بحيرة من أين وكيف جاءت تلك العينات الدوائية الغير مطابقة للمواصفات ؟
بعد أن أنتهوا من البحث والتفتيش وتلك الزيارة المفاجئة ، رحلوا من المشفى ، تاركين راسل شاعراً بأن ربما ما يحدث معه مزحة ثقيلة وسخيفة ، فهو لا يدرك لما تتوالى المصائب على رأسه دفعة واحدة ؟ فهو صار على شفير الإنهيار الحتمى لكل ما يلاقيه بتلك الأونة الأخيرة من أحداث لا يعلم مدلولها ، أو لما تحدث معه هو خاصة بذلك التوقيت ؟
________________
خرجت هند من غرفتها تقدم قدم وتأخر الأخرى ، كأنها تخشى لقاءه ، أو أن تخبره بما لديها ، ولكنها لن تظل حبيسة غرفتها طوال الوقت ، فلتقل ما عندها وتنهى الأمر ، ساعدها بأن تأخذ أنفاسها براحة ، جلوسه على سجادة الصلاة ممسك بيده القرآن الكريم ، يتلو منه بصوت منخفض ، فربما تستطيع التحدث معه بدون أن يثار شجار بينهما كالمعتاد ، فهى سأمت من كونهما سيظلان هكذا كالمتخاصمان
– كرم كنت عايزة أطلب منك طلب
قالتها هند وهى تبتلع لعابها ، فجلست على المقعد المقابل له وهو جالساً على الأرض
فأنتهى من تلاوة القرآن وأغلق المصحف ، فرفع وجهه لها قائلاً بإستياء طفيف :
– خير عايزة إيه
قالت وهى تحاول الابتسام قدر إستطاعتها :
– كنت عايزة أروح فرح واحدة صاحبتى النهاردة ، كانت كلمتنى وعزمتنى على الفرح وكنت عيزاك تيجى معايا علشان هم عرفوا إن إحنا أتجوزنا ، فمش هتبقى حلوة لما أروح الفرح لوحدى من غير جوزى
ضحك كرم ضحكة صاخبة ، ولم تعلم هى ما الداعى لها الآن ، فهى لم تخبره مزحة أو نكتة ، تستدعى ضحكه ، فانتظرت حتى أنتهى
فقال ساخراً من قولها :
– جوزك ! ضحكتينى يا هند دلوقتى بقيت جوزك وعيزانى أخرج معاكى ، دا أنتى كنتى بتستعرى من أنك تقولى أن أنا إبن خالتك دلوقتى عيزانا نروح الفرح وإيدنا فى إيد بعض وتقوليلهم ده جوزى ، سبحان مغير الأحوال
لن يكف عن تذكيرها بأفعالها الماضية و السخيفة بحقه ، ولكن كان هذا ماضياً ، فهى لم تعد كما كانت بالسابق
تركت مكانها وخرت راكعة على ركبتيها أمامه ، تتوسله أن يترك تفكيره السابق بشأنها جانباً:
– كرم صدقنى أنا مبقتش هند اللى كنت تعرفها ، عارفة أن وجعتك كتير وليك حق تكرهنى بس دا ربنا غفور رحيم ، ليه أنت مش عايز تسامح وتغفر
رد كرم قائلاً وهو يستقيم بوقفته :
– علشان أنا بنى أدم مش ملاك علشان أسامحك على أغلاطك ، عمرنا ما هنتفق أبداً يا هند
– ليه بس يا حبيبى
غمغمت بها هند وهى ممسكة بكفيه تنظر له من مكانها وهى مازالت راكعة أمامه ، لا تعرف كيف خرجت تلك الكلمة من بين شفتيها ؟ ولكن أصدرت صدى صوت حسن بأذنيها ، فلم يكن يحق لأحد غيره أن يكون حبيبها ، ولكن هى من غفلت عن رؤيته ، عصبت عيناها عن رؤية كل ما يمكن أن تريده فتاة بزوجها من حسن الخلق وطابع الرجولة والشهامة
خرجت هند من غرفتها تقدم قدم وتأخر الأخرى ، كأنها تخشى لقاءه ، أو أن تخبره بما لديها ، ولكنها لن تظل حبيسة غرفتها طوال الوقت ، فلتقل ما عندها وتنهى الأمر ، ساعدها بأن تأخذ أنفاسها براحة ، جلوسه على سجادة الصلاة ممسك بيده القرآن الكريم ، يتلو منه بصوت منخفض ، فربما تستطيع التحدث معه بدون أن يثار شجار بينهما كالمعتاد ، فهى سأمت من كونهما سيظلان هكذا كالمتخاصمان
– كرم كنت عايزة أطلب منك طلب
قالتها هند وهى تبتلع لعابها ، فجلست على المقعد المقابل له وهو جالساً على الأرض
فأنتهى من تلاوة القرآن وأغلق المصحف ، فرفع وجهه لها قائلاً بإستياء طفيف :
– خير عايزة إيه
قالت وهى تحاول الابتسام قدر إستطاعتها :
– كنت عايزة أروح فرح واحدة صاحبتى النهاردة ، كانت كلمتنى وعزمتنى على الفرح وكنت عيزاك تيجى معايا علشان هم عرفوا إن إحنا أتجوزنا ، فمش هتبقى حلوة لما أروح الفرح لوحدى من غير جوزى
ضحك كرم ضحكة صاخبة ، ولم تعلم هى ما الداعى لها الآن ، فهى لم تخبره مزحة أو نكتة ، تستدعى ضحكه ، فانتظرت حتى أنتهى
فقال ساخراً من قولها :
– جوزك ! ضحكتينى يا هند دلوقتى بقيت جوزك وعيزانى أخرج معاكى ، دا أنتى كنتى بتستعرى من أنك تقولى أن أنا إبن خالتك دلوقتى عيزانا نروح الفرح وإيدنا فى إيد بعض وتقوليلهم ده جوزى ، سبحان مغير الأحوال
لن يكف عن تذكيرها بأفعالها الماضية و السخيفة بحقه ، ولكن كان هذا ماضياً ، فهى لم تعد كما كانت بالسابق
تركت مكانها وخرت راكعة على ركبتيها أمامه ، تتوسله أن يترك تفكيره السابق بشأنها جانباً:
– كرم صدقنى أنا مبقتش هند اللى كنت تعرفها ، عارفة أن وجعتك كتير وليك حق تكرهنى بس دا ربنا غفور رحيم ، ليه أنت مش عايز تسامح وتغفر
رد كرم قائلاً وهو يستقيم بوقفته :
– علشان أنا بنى أدم مش ملاك علشان أسامحك على أغلاطك ، عمرنا ما هنتفق أبداً يا هند
– ليه بس يا حبيبى
غمغمت بها هند وهى ممسكة بكفيه تنظر له من مكانها وهى مازالت راكعة أمامه ، لا تعرف كيف خرجت تلك الكلمة من بين شفتيها ؟ ولكن أصدرت صدى صوت حسن بأذنيها ، فلم يكن يحق لأحد غيره أن يكون حبيبها ، ولكن هى من غفلت عن رؤيته ، عصبت عيناها عن رؤية كل ما يمكن أن تريده فتاة بزوجها من حسن الخلق وطابع الرجولة والشهامة
قال كرم وهو مقطب الحاجبين :
– حبيبك ! لحقتى تكتشفى أنك بتحبينى بالسرعة دى ، ولا بتقولى كده علشان عرفتى أن كنت بحبك ومفكرة أن ممكن لما تقوليها هصدقك
إستخدامه صيغة الماضى للتعبير عن حبه ، جعلتها تشعر بإستحالة مهمتها لأن تجعله يصدقها ، فقبل أن تفه بكلمة أخرى ، عاد مكملاً لحديثه بجدية :
– ممكن تقومى تجهزى علشان تروحى فرح صاحبتك وأنا هروح معاكى لأن كلها كام يوم وهرجعك بيت باباكى تانى وكل واحد فينا يروح لحاله ، لأن خلاص نويت أسيب إسكندرية خالص ومسافر
شابتها إرتجافة خفيفة من قوله ، فقالت متسائلة :
– ممسافر على فين ، هتروح فين يا كرم ؟
تركها وأتجه صوب غرفته قائلاً بدون أن يلتفت إليها:
– مش مهم تعرفى يا هند ويلا لو كنتى عايزة تخرجى ولا غيرتى رأيك
من أين سيأتيها الإبتهاج لخروجها من الشقة ، بعدما سمعت ما تفوه به من شأن رحيله من الإسكندرية وإعادتها لمنزل والدها ثانية ، فهو سد بوجهها كل السبل ، التى أرادت إتباعها من أجل أن يمنحها الغفران وأن تجعله يصدقها بشأن تلك العاطفة التى بدأت تشعر بها تجاهه
نهضت من مكانها وأستقامت بوقفتها ، وذهبت لغرفتها تشعر بحماقة وسذاجة تفكيرها ، فتحت خزانة الثياب ، وأخذت ثوباً لترتديه ، وبعد أن أنتهت خرجت من الغرفة وجدته ينتظرها ، فخرجا سوياً من الشقة وذهبا لحفل الزفاف ، الذى حاولت هند أن تظهر به سعادتها من أجل صديقتها ، ولكن قلبها يأن بين ضلوعها ، فما زرعته ماضياً ، ستحصده حسرة وندماً بوقتها الحالى وبمستقبلها أيضًا
______________
رآى رياض أنه من الأفضل ، أن تبتعد ميس عن تلك الجلسة ، فهو لايريدها أن تستمع لما يريد التحدث بشأنه مع زوجها ، فمثلما كانت جاهلة بشأن العداوة بين العائلتين ، فلتظل بجهلها حتى لا تظن أنها ذهبت فداء لإنتهاء تلك الخصومة بينهم ، فهو خير من يعلم تفكير حفيدته ، فإذا علمت بالأمر ، فمما لا شك فيه ، أنها لن تتحدث مع أحد منهم أبداً ، وستعلن راية الخصام ، فإن كانت هى الأن شابة وطبيبة أيضاً ، وعلى قدر كاف من الوعى والثقافة ، إلا أن مازالت بعض الأحيان تحكمها عاطفتها بوزن الأمور
– سوزانا خدى ميس وأطمنى عليها براحتك فوق فى أوضتها
هتف رياض بعبارته وهو يشير لسوزانا بضرورة الإستماع لما قاله
فأماءت سوزانا بهدوء وسحبت مرفق ميس وجعلتها تنهض من مكانها وصعدتا الدرج سوياً ، تتجاذب معها الحديث ، كأم تريد الإطمئنان على أحوال إبنتها حديثة العهد بالزواج والحياة الزوجية
– حبيبك ! لحقتى تكتشفى أنك بتحبينى بالسرعة دى ، ولا بتقولى كده علشان عرفتى أن كنت بحبك ومفكرة أن ممكن لما تقوليها هصدقك
إستخدامه صيغة الماضى للتعبير عن حبه ، جعلتها تشعر بإستحالة مهمتها لأن تجعله يصدقها ، فقبل أن تفه بكلمة أخرى ، عاد مكملاً لحديثه بجدية :
– ممكن تقومى تجهزى علشان تروحى فرح صاحبتك وأنا هروح معاكى لأن كلها كام يوم وهرجعك بيت باباكى تانى وكل واحد فينا يروح لحاله ، لأن خلاص نويت أسيب إسكندرية خالص ومسافر
شابتها إرتجافة خفيفة من قوله ، فقالت متسائلة :
– ممسافر على فين ، هتروح فين يا كرم ؟
تركها وأتجه صوب غرفته قائلاً بدون أن يلتفت إليها:
– مش مهم تعرفى يا هند ويلا لو كنتى عايزة تخرجى ولا غيرتى رأيك
من أين سيأتيها الإبتهاج لخروجها من الشقة ، بعدما سمعت ما تفوه به من شأن رحيله من الإسكندرية وإعادتها لمنزل والدها ثانية ، فهو سد بوجهها كل السبل ، التى أرادت إتباعها من أجل أن يمنحها الغفران وأن تجعله يصدقها بشأن تلك العاطفة التى بدأت تشعر بها تجاهه
نهضت من مكانها وأستقامت بوقفتها ، وذهبت لغرفتها تشعر بحماقة وسذاجة تفكيرها ، فتحت خزانة الثياب ، وأخذت ثوباً لترتديه ، وبعد أن أنتهت خرجت من الغرفة وجدته ينتظرها ، فخرجا سوياً من الشقة وذهبا لحفل الزفاف ، الذى حاولت هند أن تظهر به سعادتها من أجل صديقتها ، ولكن قلبها يأن بين ضلوعها ، فما زرعته ماضياً ، ستحصده حسرة وندماً بوقتها الحالى وبمستقبلها أيضًا
______________
رآى رياض أنه من الأفضل ، أن تبتعد ميس عن تلك الجلسة ، فهو لايريدها أن تستمع لما يريد التحدث بشأنه مع زوجها ، فمثلما كانت جاهلة بشأن العداوة بين العائلتين ، فلتظل بجهلها حتى لا تظن أنها ذهبت فداء لإنتهاء تلك الخصومة بينهم ، فهو خير من يعلم تفكير حفيدته ، فإذا علمت بالأمر ، فمما لا شك فيه ، أنها لن تتحدث مع أحد منهم أبداً ، وستعلن راية الخصام ، فإن كانت هى الأن شابة وطبيبة أيضاً ، وعلى قدر كاف من الوعى والثقافة ، إلا أن مازالت بعض الأحيان تحكمها عاطفتها بوزن الأمور
– سوزانا خدى ميس وأطمنى عليها براحتك فوق فى أوضتها
هتف رياض بعبارته وهو يشير لسوزانا بضرورة الإستماع لما قاله
فأماءت سوزانا بهدوء وسحبت مرفق ميس وجعلتها تنهض من مكانها وصعدتا الدرج سوياً ، تتجاذب معها الحديث ، كأم تريد الإطمئنان على أحوال إبنتها حديثة العهد بالزواج والحياة الزوجية
فبعد أن أختفيتا بأعلى الدرج ، نظر رياض لعمران وغزل قائلاً بهدوء ورصانة :
– بصى يا بنتى وأنت كمان يا عمران ، أنا وصلنى كلام أنكم فاكرين أن أنا وعاصم اللى قتلنا أهلكم ، وأنا مش حابب تفضلوا على تفكيركم ده وتحصل مشاكل أكبر ، دلوقتى حفيدتى فى بيتكم ، وكمان أنتى يا غزل لسه على ذمة عاصم ، والنسب مش حاجة هينة ولا علاقات بتبنى علشان الإنتقام فاهمنى يا عمران
رفع عمران حاجبه الأيسر قائلاً بسخرية:
– طالما مش أنتوا اللى عملتوها يا رياض باشا مين اللى من مصلحته يعمل كده ، محدش كان معادى أهلى غيركم
نقر رياض الأرض بعصاه نقرات خفيفة ، فما لبث أن قال بروية :
– بص يا عمران أنا عمرى فى حياتى ما حاولت أبرر كلامى لحد ، أو أن أقول الكلمة وحد يكدبى أو يراجعنى فيها ، فعايز تصدق كلامى يا مرحب وهنساعدك تلاقى اللى قتل عيلتك واللى حرمنى من إبنى وجدى ، مش عايز تصدق وهتفضل بتفكيرك ده أنا هاخد ميس معايا دلوقتى حالاً وورقتها تحصلها ، لأن مش هسيب حفيدتى معاك وأنت بتفكيرك ده ، لأن اللى شايفه فى وشك وعلى رقبتك ، بينلى أنك حاولت تتغابى مع ميس صح ولا أنا غلطان يا عمران
بديهياً وضع عمران يده على موضع جروحه ، فتلك الثقة التى يتحدث بها ، جعلته متيقن من أنه قادر على وضع كل ما قاله محل التنفيذ ، وخاصة ذلك الجزء المتعلق بأخذ ميس من هنا
هنا وخرجت غزل عن صمتها ، فنظرت لعمران قائلة بلين :
– عمران إحنا لازم ندى نفسنا فرصة تانية للتفكير فى اللى حصل لأن الظاهر كده أن فعلاً أتلعب بينا ، وإلا مكنش عمى رياض جوزك حفيدته واللى هى أكيد غالية عنده ومش بالساهل يفرط فيها لحد هيبقى عارف ومتأكد أنه ممكن يأذيها ، بلاش غضبنا يعمينا أكتر من كده
حدق بها عمران مطولاً ، ولم يخلو تحديقه بها من التعجب ، لما سمعه منها ، فهى كانت أكثرهم تصميماً على الإنتقام قبل عودتها للإسكندرية ، ولكن يبدو سحر الحب ، بدأ يسرى مفعوله بعقلها ، وإلا لما وافقت على رفع راية السلام هكذا بوقت مبكر
فحك لحيته بتفكير ، يزن الأمور بميزان العقل والذكاء ، فهو لو صمم على عدم إقتناعه بما قاله جد زوجته ، فستكون الخسائر فادحة ، فهو يعلم خير العلم أن رياض النعمانى حتى وإن نال منه الكبر ، إلا أنه مازال قادراً على إلحاق أضرار جسيمة بمن ينتوى التسبب له بضرر أو سوء ، سواء كان ذلك متعلقاً بسوق العمل أو غيره ، دون جهد يذكر
فتشابكت أصابعه ببعضها البعض مدمدماً :
– تمام وأنا هصدق كلامكم أن عيلة النعمانى إيدها متلوثتش بدم عيلة الزناتى ، ممكن تقولولى مين اللى ليه مصلحة فى كده شاكين فى مين
رد رياض بثقة :
– أكيد هيظهر وخصوصاً لو العيلتين رجعوا أتحدوا تانى ، دايما المجرم بيحب يرجع لمسرح الجريمة علشان يخفى الأدلة اللى ممكن تدينه ، فلو عرف إن إحنا رجعنا زى زمان أكيد هيحاول يكمل اللى عمله وساعتها بس هنعرفه ، وكانت أول خطوة جوازك من حفيدتى ، وكمان غزل لازم تيجى قصر النعمانى بحكم أنها مرات عاصم
– بصى يا بنتى وأنت كمان يا عمران ، أنا وصلنى كلام أنكم فاكرين أن أنا وعاصم اللى قتلنا أهلكم ، وأنا مش حابب تفضلوا على تفكيركم ده وتحصل مشاكل أكبر ، دلوقتى حفيدتى فى بيتكم ، وكمان أنتى يا غزل لسه على ذمة عاصم ، والنسب مش حاجة هينة ولا علاقات بتبنى علشان الإنتقام فاهمنى يا عمران
رفع عمران حاجبه الأيسر قائلاً بسخرية:
– طالما مش أنتوا اللى عملتوها يا رياض باشا مين اللى من مصلحته يعمل كده ، محدش كان معادى أهلى غيركم
نقر رياض الأرض بعصاه نقرات خفيفة ، فما لبث أن قال بروية :
– بص يا عمران أنا عمرى فى حياتى ما حاولت أبرر كلامى لحد ، أو أن أقول الكلمة وحد يكدبى أو يراجعنى فيها ، فعايز تصدق كلامى يا مرحب وهنساعدك تلاقى اللى قتل عيلتك واللى حرمنى من إبنى وجدى ، مش عايز تصدق وهتفضل بتفكيرك ده أنا هاخد ميس معايا دلوقتى حالاً وورقتها تحصلها ، لأن مش هسيب حفيدتى معاك وأنت بتفكيرك ده ، لأن اللى شايفه فى وشك وعلى رقبتك ، بينلى أنك حاولت تتغابى مع ميس صح ولا أنا غلطان يا عمران
بديهياً وضع عمران يده على موضع جروحه ، فتلك الثقة التى يتحدث بها ، جعلته متيقن من أنه قادر على وضع كل ما قاله محل التنفيذ ، وخاصة ذلك الجزء المتعلق بأخذ ميس من هنا
هنا وخرجت غزل عن صمتها ، فنظرت لعمران قائلة بلين :
– عمران إحنا لازم ندى نفسنا فرصة تانية للتفكير فى اللى حصل لأن الظاهر كده أن فعلاً أتلعب بينا ، وإلا مكنش عمى رياض جوزك حفيدته واللى هى أكيد غالية عنده ومش بالساهل يفرط فيها لحد هيبقى عارف ومتأكد أنه ممكن يأذيها ، بلاش غضبنا يعمينا أكتر من كده
حدق بها عمران مطولاً ، ولم يخلو تحديقه بها من التعجب ، لما سمعه منها ، فهى كانت أكثرهم تصميماً على الإنتقام قبل عودتها للإسكندرية ، ولكن يبدو سحر الحب ، بدأ يسرى مفعوله بعقلها ، وإلا لما وافقت على رفع راية السلام هكذا بوقت مبكر
فحك لحيته بتفكير ، يزن الأمور بميزان العقل والذكاء ، فهو لو صمم على عدم إقتناعه بما قاله جد زوجته ، فستكون الخسائر فادحة ، فهو يعلم خير العلم أن رياض النعمانى حتى وإن نال منه الكبر ، إلا أنه مازال قادراً على إلحاق أضرار جسيمة بمن ينتوى التسبب له بضرر أو سوء ، سواء كان ذلك متعلقاً بسوق العمل أو غيره ، دون جهد يذكر
فتشابكت أصابعه ببعضها البعض مدمدماً :
– تمام وأنا هصدق كلامكم أن عيلة النعمانى إيدها متلوثتش بدم عيلة الزناتى ، ممكن تقولولى مين اللى ليه مصلحة فى كده شاكين فى مين
رد رياض بثقة :
– أكيد هيظهر وخصوصاً لو العيلتين رجعوا أتحدوا تانى ، دايما المجرم بيحب يرجع لمسرح الجريمة علشان يخفى الأدلة اللى ممكن تدينه ، فلو عرف إن إحنا رجعنا زى زمان أكيد هيحاول يكمل اللى عمله وساعتها بس هنعرفه ، وكانت أول خطوة جوازك من حفيدتى ، وكمان غزل لازم تيجى قصر النعمانى بحكم أنها مرات عاصم
– صح كلامك يا عمى
صاح بها عاصم فجأة ، فتلون وجه غزل ، خاصة بعد أن قال عبارته بحماس شديد ، وهو من كان يجلس بصمت إحتراماً لعمه ، تاركاً له مهمة إقناع عمران وإقناعها
تنقل عمران ببصره بين غزل وعاصم ، وهو مشدوه بعض الشئ ، ولكنه لم يرد كلمة رياض ، فصمت برهة ثم أطلق زفرة عميقة مغمغماً :
– ماشى موافق أن غزل تروح عندكم ، بس أدونى مهلة كام يوم علشان غزل تخرج من هنا بالطريقة اللى تليق بيها لأنها مش أى حد بالنسبة ليا وكمان معتصم لازم يكون موجود
تبسمت له غزل لإظهاره لطافته ولينه تجاهها ، خاصة أن الأيام الفائتة ، كانت الأمور بينهما ليست على ما يرام ، فإن كانا يتحدثان بالمطلق العام ، إلا أن دلاله لها مثلما كان يدللها سابقاً ، لم يعد موجوداً، منذ أن صفعته على وجهه ، فعمران لا ينسى الإساءة بسهولة ، على الرغم من محاولاتها الكثيرة ، لتقديم إعتذارها بشكل أو بآخر ، إلا أنه كان يظهر لها قناعته الظاهرية بأسفها ، ومن باطنه مازال مستاءاً من فعلتها ، فدائماً ما كانت تنعته بأنه صعب المراس
أنتهت جلستهم بقدوم سوزانا وميس ، فأخبر رياض أبناء شقيقه بضرورة العودة للمنزل ، فلم ينسى توصية عمران بأن يتبع الرفق واللين مع ميس ، فيكفى ما رآه بعيناها من كونها ستنطق بين الثانية والأخرى أن يأخذوها معهم ولا يتركوها برفقة زوجها ، فهو كان قد أوصى سوزانا هى الأخرى ، بأن تجلس مع ميس وتجعلها تعى أنها صارت الآن زوجة ، ويجب عليها التروى بتصرفاتها ، وأن تحد من أفعالها الهوجاء
_______________
حدقت حياء بصورة زوجها المعلقة على الجدار ، لتعاود وتنظر لشاشة الهاتف ، تشخص ببصرها لمقطع الفيديو ، وهى لا تصدق ما تراه أمام عيناها ، فها هو يصفع تلك الفتاة ، التى تبدو بثيابها كأحد الغوانى ، ورآت كيف أن قميصه كان مفتوحاً وطلاء الشفاه على وجهه ، وليس مثل ما رآته على ياقة قميصه فقط
فغرت فاها مما رآته ، فهى لم تكن تظن أن الأمر أخذ منحنى السوء لهذا الحد ، ولكن صوت إدارة مقبض الباب ، هو من جعلها تترك الهاتف من يدها
ولج راسل الغرفة ، يجر خلفه غضبه ، فاليوم كان كارثة بكل المقاييس ، بدءاً من شجاره مع الممرض ، مروراً بحضور وفد الصحة ، وربما هناك كارثة أخرى تلوح له بالأفق
وضع يديه بخصره ، وصدره يعلو ويهبط كأنه خارج من أحد السباقات ، وعيناه داميتان تطلق شرار ، فأنتبه على تحديقها الصامت به
فخرج هو عن صمته قائلاً بغرابة :
– مالك بتبوصيلى كده ليه
أقتربت منه ووضعت الهاتف بيده وهى تقول بغيظ :
– أتفرج على الفيديو ده وأنت هتعرف يا دكتور راسل
لم يكن بحاجة لمشاهدة الفيديو ، فهو رآه من قبل ، فبدون أن ينظر إليه ، ألقى الهاتف من يده ، فأخطأ الرمى وسقط على الأرض وتهشمت شاشته
فرد قائلاً ببرود:
صاح بها عاصم فجأة ، فتلون وجه غزل ، خاصة بعد أن قال عبارته بحماس شديد ، وهو من كان يجلس بصمت إحتراماً لعمه ، تاركاً له مهمة إقناع عمران وإقناعها
تنقل عمران ببصره بين غزل وعاصم ، وهو مشدوه بعض الشئ ، ولكنه لم يرد كلمة رياض ، فصمت برهة ثم أطلق زفرة عميقة مغمغماً :
– ماشى موافق أن غزل تروح عندكم ، بس أدونى مهلة كام يوم علشان غزل تخرج من هنا بالطريقة اللى تليق بيها لأنها مش أى حد بالنسبة ليا وكمان معتصم لازم يكون موجود
تبسمت له غزل لإظهاره لطافته ولينه تجاهها ، خاصة أن الأيام الفائتة ، كانت الأمور بينهما ليست على ما يرام ، فإن كانا يتحدثان بالمطلق العام ، إلا أن دلاله لها مثلما كان يدللها سابقاً ، لم يعد موجوداً، منذ أن صفعته على وجهه ، فعمران لا ينسى الإساءة بسهولة ، على الرغم من محاولاتها الكثيرة ، لتقديم إعتذارها بشكل أو بآخر ، إلا أنه كان يظهر لها قناعته الظاهرية بأسفها ، ومن باطنه مازال مستاءاً من فعلتها ، فدائماً ما كانت تنعته بأنه صعب المراس
أنتهت جلستهم بقدوم سوزانا وميس ، فأخبر رياض أبناء شقيقه بضرورة العودة للمنزل ، فلم ينسى توصية عمران بأن يتبع الرفق واللين مع ميس ، فيكفى ما رآه بعيناها من كونها ستنطق بين الثانية والأخرى أن يأخذوها معهم ولا يتركوها برفقة زوجها ، فهو كان قد أوصى سوزانا هى الأخرى ، بأن تجلس مع ميس وتجعلها تعى أنها صارت الآن زوجة ، ويجب عليها التروى بتصرفاتها ، وأن تحد من أفعالها الهوجاء
_______________
حدقت حياء بصورة زوجها المعلقة على الجدار ، لتعاود وتنظر لشاشة الهاتف ، تشخص ببصرها لمقطع الفيديو ، وهى لا تصدق ما تراه أمام عيناها ، فها هو يصفع تلك الفتاة ، التى تبدو بثيابها كأحد الغوانى ، ورآت كيف أن قميصه كان مفتوحاً وطلاء الشفاه على وجهه ، وليس مثل ما رآته على ياقة قميصه فقط
فغرت فاها مما رآته ، فهى لم تكن تظن أن الأمر أخذ منحنى السوء لهذا الحد ، ولكن صوت إدارة مقبض الباب ، هو من جعلها تترك الهاتف من يدها
ولج راسل الغرفة ، يجر خلفه غضبه ، فاليوم كان كارثة بكل المقاييس ، بدءاً من شجاره مع الممرض ، مروراً بحضور وفد الصحة ، وربما هناك كارثة أخرى تلوح له بالأفق
وضع يديه بخصره ، وصدره يعلو ويهبط كأنه خارج من أحد السباقات ، وعيناه داميتان تطلق شرار ، فأنتبه على تحديقها الصامت به
فخرج هو عن صمته قائلاً بغرابة :
– مالك بتبوصيلى كده ليه
أقتربت منه ووضعت الهاتف بيده وهى تقول بغيظ :
– أتفرج على الفيديو ده وأنت هتعرف يا دكتور راسل
لم يكن بحاجة لمشاهدة الفيديو ، فهو رآه من قبل ، فبدون أن ينظر إليه ، ألقى الهاتف من يده ، فأخطأ الرمى وسقط على الأرض وتهشمت شاشته
فرد قائلاً ببرود:
– شوفته ومش محتاج أشوفه تانى يا حياء
جزت حياء على أسنانها ، تكافح تساقط دموعها :
– أنت قولت أنها أتهجمت عليك ، قميصك فى الفيديو كان مفتوح ولما رجعت زراير القميص مكنتش مقطوعة ، علشان أقول أنها فعلا هى شدته قطعته ، معنى كده أنها فتحتلك قميصك برضاك مش كده ، ماهو ملهاش تفسير تانى غير كده
رفع شفته العليا وحرك رأسه قائلاً بإستنكار :
– تقصدى إيه يا حياء بكلامك ده
– أسأل نفسك يا دكتور راسل
قالتها حياء وأقتربت منه فجأة ودفعته بصدره ، فهى جن جنونها من تفكيرها فقط بأن ربما خضع لها ولو وهلة وتركها تغويه ، قبل أن يعود إليه رشده ويردها عنه
أمسك كفيها لتكف عن فعلتها فصاح بوجهها:
– باااااس أسكتى بتعملى إيه أنا اللى فيا مكفينى مش عايز أسمع صوت مفهوووووم
صراخه بوجهها ألجم لسانها ، فلم يكتفى بالصراخ فقط ، بل نفض يديها بحركة غاضبة ، وتركها وغادر الغرفة بأكملها ، فجلست مكانها وظلت تبكى
فلما تركت الغيرة تعمى قلبها وبصرها ؟
ولكنها أنثى وتعشق زوجها ، فهى غارت من كونه كان متزوجاً من قبل ، فكيف سيكون حالها إذا رآته هكذا وعلمت أن أمرأة أخرى أستحلت لمس ما يخصها هى بالأساس
بعد مرور عدة ساعات ، كان كل منهما راقداً على الفراش على أحد جانبيه ويولى ظهره للأخر ، فكل منهما بعالم أخر ، يفكر بما لقاه وما حدث له باليومين الماضيين ، فتذكرت هى تلك المشادة الكلامية بينهما ، فهى لم تستطع كبح جماح نفسها من إبداء غضبها وإستياءها من بروده وهو يخبرها بما حدث ، فعلى الرغم من عدم نكرانه لقوله الحقيقة ، إلا أنها لم تكن تريد أن تسمع أن أنثى أخرى إستحلت التقرب منه بتلك الفظاظة
فحتى إن كانت متيقنة من صدقه ، فلا تستطيع نكران شعورها الطاغى بالغيرة ، دل على ذلك الآن أصابعها القابضة على ملأة السرير ، تود لو تمزقها ، لعل ذلك الشعور المتقد بقلبها يزول
فلما صارت هكذا زوجة غيورة ؟
سأمت من وضعهما الصامت ، فتركت الفراش وخرجت للشرفة ، مدت يدها تزيل تلك العبرات ، التى تساقطت على وجنتيها ، لا تعى كيف مرت تلك الساعات وهما لا يتحدثان سوياً بأى شأن من شئونهما الخاصة ، سوى ما تقتضيه الظروف من تبادل الحديث أثناء وجودهما برفقة وفاء أو الصغيرة ، أما عندما أختليا بنفسيهما ، لم يفه أحد منهما بكلمة ، كأنه لا يراها أو أنها تقتسم الفراش معه
– أنتى واقفة هنا ليه كده
جزت حياء على أسنانها ، تكافح تساقط دموعها :
– أنت قولت أنها أتهجمت عليك ، قميصك فى الفيديو كان مفتوح ولما رجعت زراير القميص مكنتش مقطوعة ، علشان أقول أنها فعلا هى شدته قطعته ، معنى كده أنها فتحتلك قميصك برضاك مش كده ، ماهو ملهاش تفسير تانى غير كده
رفع شفته العليا وحرك رأسه قائلاً بإستنكار :
– تقصدى إيه يا حياء بكلامك ده
– أسأل نفسك يا دكتور راسل
قالتها حياء وأقتربت منه فجأة ودفعته بصدره ، فهى جن جنونها من تفكيرها فقط بأن ربما خضع لها ولو وهلة وتركها تغويه ، قبل أن يعود إليه رشده ويردها عنه
أمسك كفيها لتكف عن فعلتها فصاح بوجهها:
– باااااس أسكتى بتعملى إيه أنا اللى فيا مكفينى مش عايز أسمع صوت مفهوووووم
صراخه بوجهها ألجم لسانها ، فلم يكتفى بالصراخ فقط ، بل نفض يديها بحركة غاضبة ، وتركها وغادر الغرفة بأكملها ، فجلست مكانها وظلت تبكى
فلما تركت الغيرة تعمى قلبها وبصرها ؟
ولكنها أنثى وتعشق زوجها ، فهى غارت من كونه كان متزوجاً من قبل ، فكيف سيكون حالها إذا رآته هكذا وعلمت أن أمرأة أخرى أستحلت لمس ما يخصها هى بالأساس
بعد مرور عدة ساعات ، كان كل منهما راقداً على الفراش على أحد جانبيه ويولى ظهره للأخر ، فكل منهما بعالم أخر ، يفكر بما لقاه وما حدث له باليومين الماضيين ، فتذكرت هى تلك المشادة الكلامية بينهما ، فهى لم تستطع كبح جماح نفسها من إبداء غضبها وإستياءها من بروده وهو يخبرها بما حدث ، فعلى الرغم من عدم نكرانه لقوله الحقيقة ، إلا أنها لم تكن تريد أن تسمع أن أنثى أخرى إستحلت التقرب منه بتلك الفظاظة
فحتى إن كانت متيقنة من صدقه ، فلا تستطيع نكران شعورها الطاغى بالغيرة ، دل على ذلك الآن أصابعها القابضة على ملأة السرير ، تود لو تمزقها ، لعل ذلك الشعور المتقد بقلبها يزول
فلما صارت هكذا زوجة غيورة ؟
سأمت من وضعهما الصامت ، فتركت الفراش وخرجت للشرفة ، مدت يدها تزيل تلك العبرات ، التى تساقطت على وجنتيها ، لا تعى كيف مرت تلك الساعات وهما لا يتحدثان سوياً بأى شأن من شئونهما الخاصة ، سوى ما تقتضيه الظروف من تبادل الحديث أثناء وجودهما برفقة وفاء أو الصغيرة ، أما عندما أختليا بنفسيهما ، لم يفه أحد منهما بكلمة ، كأنه لا يراها أو أنها تقتسم الفراش معه
– أنتى واقفة هنا ليه كده
قالها راسل وهو يقف على مقربة منها ، عاقداً ذراعيه كأنه يحكم سيطرته عليهما ، حتى لا يجد نفسه يضمها بين يديه ، ولكن لم يكد يمر دقيقتين ، حتى خطا بضع خطوات نحوها ، فراحت ترتجف عندما وضع ذراعيه حولها ، فهو لم يستطع الاستمرار بصموده أمامها
جعلها تستدير بين يديه ، ثم رفع رأسها ليحدق بعينيها ، راحت أنامله تداعب خصلات شعرها المسترسلة على كتفيها وتلمس أطراف جفنيها ، التى بدت وكأن تلك العبرات التى علقت بأهدابها تخبره بمدى شوقها إليه
– حلو يعنى اللى حصل منك ده ، حتى مفكرتيش تسألى ايه اللى حصل ليا النهاردة
هتف بها هامساً بعتاب ، وأنامله تداعب وجنتها ، فلم ينتظر سماع ردها ، إذ أنحنى برأسه إليها معانقاً إياها بشغف كبير ، كانت تذوب من الرقة ، وتشعر أنها عاجزة عن المقاومة أو الرد
فأحنت رأسها على كتفه وقالت بإهتمام وتساؤل:
– هو إيه اللى حصل غير موضوع الفيديو
فكرت هى الأخرى أن تخبره بما حدث معها ، فلعله يسامحها بشأن مقابلتها لوالده ، فقبل أن يجيبها أسرعت هى بوضع يدها على شفتيه مستطردة :
– راسل فى حاجة عايزة أقولك عليها أنا كمان ، أنا ….
قبل أن تفه بحرف أخر ، سمعا صوت وفاء تنادى راسل بإلحاح ، كأن العالم أوشك على الإنتهاء ، فجفت دماءهما ، وخرج راسل من الغرفة راكضاً للطابق الأرضى
وجد وفاء برفقة رجال لا يعلم من يكونون ، ولكن إثنان منهما يرتديان زى الشرطة
فأقترب من وفاء متسائلاً:
– هو فى إيه يا ماما
أقترب أحد الضباط منه قائلاً بنبرة جافة وخشنة :
– أنت الدكتور راسل رياض النعمانى الشهير براسل صفى الدين
قطب راسل حاجبيه وهو يجيبه :
– أيوة أنا خير وأنت مين وعايزين منى إيه
وقفت حياء بالأعلى بعد رؤيتها رجال غرباء بالأسفل ، فذهبت للغرفة لتضع عليها ثوباً ملائماً ، وخرجت من الغرفة تهبط الدرج بخطوات سريعة
فوجدت ذاك الضابط الذى يحدث زوجها ، يقبض على مرفق راسل قائلاً بأمر :
– أتفضل حضرتك غير هدومك وتعال معانا
نفض راسل يده وهو يقول بإستنكار :
جعلها تستدير بين يديه ، ثم رفع رأسها ليحدق بعينيها ، راحت أنامله تداعب خصلات شعرها المسترسلة على كتفيها وتلمس أطراف جفنيها ، التى بدت وكأن تلك العبرات التى علقت بأهدابها تخبره بمدى شوقها إليه
– حلو يعنى اللى حصل منك ده ، حتى مفكرتيش تسألى ايه اللى حصل ليا النهاردة
هتف بها هامساً بعتاب ، وأنامله تداعب وجنتها ، فلم ينتظر سماع ردها ، إذ أنحنى برأسه إليها معانقاً إياها بشغف كبير ، كانت تذوب من الرقة ، وتشعر أنها عاجزة عن المقاومة أو الرد
فأحنت رأسها على كتفه وقالت بإهتمام وتساؤل:
– هو إيه اللى حصل غير موضوع الفيديو
فكرت هى الأخرى أن تخبره بما حدث معها ، فلعله يسامحها بشأن مقابلتها لوالده ، فقبل أن يجيبها أسرعت هى بوضع يدها على شفتيه مستطردة :
– راسل فى حاجة عايزة أقولك عليها أنا كمان ، أنا ….
قبل أن تفه بحرف أخر ، سمعا صوت وفاء تنادى راسل بإلحاح ، كأن العالم أوشك على الإنتهاء ، فجفت دماءهما ، وخرج راسل من الغرفة راكضاً للطابق الأرضى
وجد وفاء برفقة رجال لا يعلم من يكونون ، ولكن إثنان منهما يرتديان زى الشرطة
فأقترب من وفاء متسائلاً:
– هو فى إيه يا ماما
أقترب أحد الضباط منه قائلاً بنبرة جافة وخشنة :
– أنت الدكتور راسل رياض النعمانى الشهير براسل صفى الدين
قطب راسل حاجبيه وهو يجيبه :
– أيوة أنا خير وأنت مين وعايزين منى إيه
وقفت حياء بالأعلى بعد رؤيتها رجال غرباء بالأسفل ، فذهبت للغرفة لتضع عليها ثوباً ملائماً ، وخرجت من الغرفة تهبط الدرج بخطوات سريعة
فوجدت ذاك الضابط الذى يحدث زوجها ، يقبض على مرفق راسل قائلاً بأمر :
– أتفضل حضرتك غير هدومك وتعال معانا
نفض راسل يده وهو يقول بإستنكار :
– نزل إيدك عنى أنت عايزنى أغير هدومى وأروح معاكم على فين أنا عايز أفهم فى إيه بالظبط
رد الضابط قائلاً بما يشبه السخرية :
– هتتفضل تأنسنا شوية فى القسم لأن أنت مقبوض عليك بتهمة قتل الممرض سعيد اللى كان شغال عندك فى المستشفى ولقينا جثته فى مخزن الأدوية فى المستشفى
______________
رد الضابط قائلاً بما يشبه السخرية :
– هتتفضل تأنسنا شوية فى القسم لأن أنت مقبوض عليك بتهمة قتل الممرض سعيد اللى كان شغال عندك فى المستشفى ولقينا جثته فى مخزن الأدوية فى المستشفى
______________
يتبع…
لإكمال الرواية تابعنا علي قناة تليجرام
👈 الفصل التالي: رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل الثالث والثلاثون
👈 جمييع الفصول: رواية لا يليق بك إلا العشق كاملة بقلم سماح نجيب
👈 المزيد من الروايات الرومانسية الكاملة: روايات كاملة
انتهت أحداث رواية لا يليق بك إلا العشق إلى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله.