رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل الرابع 4 | روايات سماح نجيب

  نستكمل أحداث رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل الرابع من روايات سماح نجيب ( سمسم )

رواية لا يليق بك إلا العشق الفصل 4 | روايات سماح نجيب


رواية لا يليق بك الا العشق الفصل 4

٤ – " كراهية ولا شئ آخر "

أغلقت حياء الكتاب الذى بين يديها ، وهى ترى زوج شقيقة والدها ،يفترش الأرض بجانبها ، فهى تفكر لما حضر إلى هنا ، أو ماذا يريد منها ؟ فجفاء عمتها معها ومع والدايها ، جعلها تحاذر بتعاملها مع زوجها أو أولادها ، خشية أن تثير مزيداً من جفاءها الذى لا تعلم له سبب أو مبرر

فتبسمت حياء بهدوء وهى تقول:
– أونكل شكرى حضرتك كنت عايزنى فى حاجة

إلتفت شكرى إليها ، بعدما كان يتأمل أمواج البحر التى ترتطم بالصخور ، يدير مسبحته بين أصابعه ، فضم حاجبيه قائلاً :
– أنا كنت جايلك علشان أتكلم معاكى بخصوص الخلاف اللى بين باباكى وعمتك عايزين نشوف حل علشان يبطلوا خناق مع بعض هم فى الأول والآخر أخوات

إبتهجت حياء بسماع ما قاله فأسرعت قائلة على الفور:
– ياريت والله يا أونكل شكرى أنا مش عارفة ليه عمتو قسمت بتعمل كده وبابا مبيحبش يزعلها

زفر شكرى كأنه يحمل هماً ثقيلاً :
– عمتك طبعها صعب يا حياء حتى فى البيت برضه طبعها صعب معايا ومع ولادنا مش عارف أعمل فيها إيه ، غلبت معاها والله

أماءت حياء برأسها موافقة على ما قاله ، فهى أختبرت طباع عمتها المتشددة ، فدائماً ما تتخذ صياحها وصوتها العالى فى فض كل أمر ربما تراه سيعرقل طريقها

حفنة الرمال التى حملها شكرى بكفه من جانبه ، جعلها تتسرب من بين أصابعه ، فأسرعت الرمال بالهروب من يده ،كلما أرتفعت يداه عن مستوى الأرض

قبل أن تفه حياء بكلمة ،كانت بعض ذرات الرمال تتطاير ،تضرب عينيها ، فشهقت بخفوت وهى تفرك عينيها بألم
كأنه أنتبه على ما فعلت يداه ، فسارع بإبداء أسفه واعتذاره على ما فعله:
– أنا أسف يا حياء هو الرمل جه فى عينيكى أنا أسف ورينى كده حصلك إيه

مد يده فى محاولة الإمساك بوجهها ، فنأت برأسها عن مرمى يده وهى تقول:
– متقلقش هى هتبقى كويسة

جاهدت على فتح عينيها ،التى صارت بلون الدم ،من كثرة فرك يدها بها ، فرأت أن تعود للمنزل ، وتبحث عن محلول معقم للعين

فتركت مكانها وهى تقول:
– عن إذنك يا أونكل شكرى

حثت الخطى على الإسراع فى العودة للمنزل ،فعينيها ملتهبتان ، وتريد شئ يريحها من الألم ، فلم تنتبه لكتابها الذى تركته على الشاطئ ، ووجده شكرى فرفعه عن الأرض ، فتح الكتاب وجدها تخط إسمها وإسم نادر على أولى صفحات الكتاب

فتبسم قائلاً بسخرية :
– دا باين الدكتور نادر واكل عقلك خالص ، زى ما أنتى واكلة عقل اللى حواليكى يا حياء

ترك شكرى مكانه وهو يحمل الكتاب معه ، حتى وصل لإحدى حاويات القمامة ، فأطاح بالكتاب من يده فأستقر وسط النفايات ، فتبسم ووضع يديه بجيبه ، راحلاً من المكان
____________
بإبتسامة مقتضبة كانت ولاء تضع ذلك الكتيب الصغير ، أمام ذلك العميل الذى أعتاد المجئ للمصرف من حين لأخر ، معللا ذلك بأنه يريد التعرف على إمكانية الحصول على ربح كاف من أمواله التى يدخرها بالبنك ، وإستثمارها ببعض المشروعات التى تدر أرباح نقدية

فحاولت ولاء تصنع الهدوء قدر الإمكان وهى تقول بهدوء :
– زى ما قولت لحضرتك الكتاب ده هيوضح لحضرتك كل المشاريع اللى ممكن تنفع خططك فى إستثمار فلوسك

رفع ذلك الرجل الكتيب بين يده ، يقلب صفحاته ، ولكن عيناه ترمق تلك الفتاة التى أطرقت برأسها فى إنتظار إنتهاءه بإختيار المشروع الملائم

همست ولاء بداخلها بعبارات الإستياء ، وهى تتمنى أن تترك مكانها ، فهى سأمت تلك المهنة ،التى ربما يبحث عنها الكثير ،ولكنها لا تلبى مطلبها فى العثور على طموحها ، الذى خططت له منذ أن كانت بالجامعة ، ولكن هى بحاجة للمال ، فلتعمل هنا حتى تستطيع توفير المال اللازم ،وتبدأ بتنفيذ مشروعها الخاص الذى يمكنها من ربح نقود كافية ، فهى تريد شئ خاص بها وليس تحت إمرة أحد

طال الوقت فنفذ صبرها ورفعت رأسها قائلة ببرود:
– خلاص حضرتك قررت إيه المشروع ولا لاء لأن خلاص ميعاد البريك قرب يا أفندم

ألقى الرجل الكتيب من يده مبتسماً بإتساع :
– طب ممكن أعزمك على الغدا أو نشرب قهوة مع بعض

– نعم يا أخويا
نطقت بها ولاء بخشونة وهى تلوى شفتيها ،فربما صعق الرجل من ردها الذى أفحمه وهو جالس ، فهى يبدو عليها أنها ليست كالفتيات اللواتى يسعين خلف الرجال الأثرياء

لا يعلم لما شعر بالخوف من تحولها المفاجئ ،بعد تهذيبها وصوتها الهادئ ، فإزدرد لعابه قائلاً بحذر:
– إيه الرد ده أنا بسألك سؤال عادى والله

أشارت له بالنهوض وهى رافعة حاجبيها قائلة بصوت أقرب للتهديد:
– بص يا أبو سؤال عادى أنت أنا مليش فى السكة دى ،ولو أنت بتيجى هنا علشان كده ، فأحسن ليك تبعد عنى علشان عارف ليه

فأنحنت قليلاً للأمام معقبة :
– علشان أنا بإمكانى أخليك تكره صنف حواء كله وأخليك تمشى تبص لأى ست تخاف منها

شراستها لم تزده سوى إبتهاج بما يسمعه منها ، فكم يحلو له كسر ذلك العناد بها ، فتبسم قائلاً بثقة ربما زادت عن الحد المتعارف عليه :
– وأنا بإمكانى أخليكى تجيلى خاضعة

عند تلك الكلمة ، هبت من مجلسها تتلبسها الشياطين ، فبإتيانه على ذكر الخضوع ، لم يزدها الأمر سوى حنقاً كأنها تذكرت حال أبيها مع والداتها الذى لا ينفك عن إهدار كرامتها
مذكر إياها أنها لن تكون سوى أداة لمتعته ، ويفعل بها ما يحلو له

فعلا صوتها صارخاً تلك المرة غير أبهة بما سيحدث لها لاحقاً:
– أتفضل قوم أمشى من هنا مش عايزة أشوف وشك أنت إنسان مش محترم وزبالة

هب الرجل من مجلسه هو الآخر ،يرمقعها بغيظ العالم أجمع ، فعلا صوته قائلاً بتهديد:
– أنا هشوف شغلى معاكى لو مخلتكيش أترفدتى من هنا مبقاش أنا

تركها ذاهباً رأساً لغرفة مدير المصرف ، فطرقاته المتتالية عقبها بإدارة مقبض الباب وولج كالاعصار ، فترك المدير مقعده مرحباً بذلك العميل ، الذى يعلم من يكون هو من سوق رجال الأعمال

فإتسعت إبتسامته بترحيب:
– أهلا وسهلا يا فؤاد بيه أتفضل نورت البنك

لم يكن لديه الوقت على رد التحية ، فلسانه سبقه بإبراز إعتراضه على تطاول إحدى موظفات البنك بحقه :
– لا أهلا ولا سهلا فى بنت شغالة هنا قليلة الأدب ومعندهاش إحترام وشتمتنى إسمها ولاء

ضم المدير شفتيه بعد سماع إسم ولاء ، فهو علم الآن ماحدث ، فتلك ليست المرة الأولى التى يأتيه شكوى بحقها ، فهى تشاجرت مع ثلاث عملاء من قبل ، ولكن إستطاع هو التغاضى عن ذلك الأمر فى سبيل معروف أسداه له راسل من قبل

فحاول صرف غضب ذلك الشاكى فربت على كتفه قائلا بهدوء:
– طب إهدى يا فؤاد بيه وأتفضل أقعد وأنا أوعدك أن هتصرف معاها لو كانت ضايقتك

– مفيش حاجة إسمها هتتصرف معاها ، أنت ترفدها على طول
نطق بها فؤاد بغيظ من تلك الفتاة ، فكرامته ثائرة ولن تهدأ ، إلا برؤية تصرف جاد بحقها

ولكن ما رآه على وجه المدير ،جعله يقطب حاجبيه معقباً:
– أنت مالك ساكت ليه كده أنت مش قادر ترفدها

زفر المدير قائلاً بصوت مرهق:
– هو مش علشان حضرتك قولت أرفدها يبقى خلاص هرفدها لازم أسمع منها ومنك وأعرف اللى حصل مش جايز حضرتك اللى ضايقتها، ولاء عموماً مبتعملش مشاكل وشايفة شغلها ،ومبتخرجش عن هدؤها إلا لو كان الموضوع إتجاوز حده فقولى أنت عملتلها إيه أو قولتلها إيه

صمته الذى طال ،جعله متيقن من أنه هو من أثار حفيظتها منذ البداية ، فهو لا يخفى عليه أن فؤاد رجل مغرم بمواعدة النساء ، وربما علاقاته الغرامية الكثيرة يعلم بها القاصى والدانى ، لذلك لم يستبعد من ذهنه أن فؤاد أقدم على تجاوز الأمر مع ولاء الأمر الذى جعلها تثور عليه ، فهو حقاً يثنى على أخلاق تلك الفتاة ، فهو يعلم أنها بمثابة شقيقة راسل ، وهو ممتن له كثيراً لإنقاذه ولده عند تعرضه لحادث ، وأجرى له جراحة كتب الله لها النجاح على يد راسل
____________
وضعت قسمت ما بيدها على الطاولة ، فالأطباق المحمولة بالحلوى أصدرت صوت قرقعة على الصينية التى تعمدت على وضعها بغيظ ، فشعر ذلك الشاب بالحرج من فعل والدة عروسه المستقبلية

فإبتلع لعابه قائلاً بإبتسامة مهزوزة:
– تسلم إيدك يا حماتى

رفعت قسمت شفتها العليا ، وهى تضع كف يدها أسفل فكها ، ترمقه بإستخفاف ، فطالعته من رأسه لأخمص قدميه بتقييم ، كأنها أول مرة تراه وليس كونه خطيب إبنتها منذ ما يقرب من عام ،وعلى وشك الزواج بها بعد أيام ليست بالبعيدة

– كل الكيكة دى يا وحيد دى ماما عملاها بإيديها علشانك مخصوص
زحف الخجل لخد تلك الفتاة المسماة " هبة " من إجحاف والداتها بحق خطيبها ، وربما بحقها هى أيضاً ،فهى منذ ذلك اليوم الذى تمت به خطبة حياء ، وهى لا تنفك على التقليل من حظها بالعثور على ذلك الشاب الذى لم يكن يمتلك من المال أو الثراء إلا القليل ، فهو بمقتبل حياته المهنية ، ولكن حبه لها وحبها له ، هو ما يجعلها تفضله على أى زوج أخر

– أه يا أخويا كل بالهنا والشفا على قلبك
قالتها قسمت وهى ترمقه بنقم ، فكلما تتذكر خطيب حياء ، تزداد النيران بقلبها ، فلماذا تكون إبنتها ليست سعيدة الحظ مثلها بالعثور على زوج كذلك الذى عثرت عليه حياء ؟

غص وحيد بقطعة الحلوى ، غير قادراً على إبتلاعها ، فبدأت عيناه تدمعان من إختناقه الوشيك ، فبادرت هبة بإعطاؤه كوب الماء

فرمقته قائلة بإشفاق وخوف:
– خد يا وحيد أشرب مالك فى إيه

ربما سعاله هو من جعله يدرك أن ربما كان على وشك الموت ،إذا ظل معانداً ومحافظاً على وجهته أمام والدة عروسه

بعد أن أنتهى وضع الكوب يردد عبارات الحمد والشكر لله ، فرأى قسمت تضم ذراعيها لصدرها قائلة ببرود:
– ألف سلامة عليك يا وحيد أنت شرقت ولا إيه المهم ما علينا عملت إيه فى موضوع القاعة اللى هتعمل فيها الفرح ، أنا عايزة الفرح فى أحسن مكان فيكى يا إسكندرية بنتى مش أقل من حد

حاولت هبة تخفيف وطأة الحرج عن وحيد فتبسمت قائلة بهدوء:
– وإيه لزمته الفرح يا ماما أحنا نوفر فلوس القاعة ونعمله على قدنا كده الفرح فى القلب

عند هذا الحد ، إنتفضت قسمت من مكانها يعلو صوتها بحدة:
– نعم يا روح ماما مش عايزة فرح دا أنتى أول فرحتى ليه خرج بيت ولا معيوبة علشان يأخدك كده على السكت دا لازم يتعملك فرح متعملش قبل كده ،أنتى مش شايفة بنت خالك خطوبتها بس كانت فى قاعة عاملة إزاى ، وإسمها خطوبة مش فرح

نزلت كلمات والداتها عليها كالحجارة ، فلما تفعل ذلك ؟ فهى على علم ودراية بحبها لخطيبها ، وأنها لاتريد أن تورطه بما لا طاقة له به ، فهو وضع كل ما كان يملكه بتلك الشقة التى أشتراها وقام بتجهيزها ، ولم ينسى شراء مصوغات ذهبية لها ، فهو فعل كل ما بوسعه ، لتلبية مطالب والداتها التى تلتها عليه كإنها أحد نصوص الدستور الواجب تنفيذها قهراً

تركت هبة مقعدها تقترب من والداتها لتجعلها تهدأ :
– ماما إهدى مش كده ميصحش كده وهو وحيد هيجيب فلوس لده كله منين

نفضت قسمت يد إبنتها عنها قائلة ببرود:
– اللى ممعهوش ما يلزموش يا عين ماما

رآى وحيد أن ينصرف من تلك الجلسة ،التى كانت بمثابة جلسة جلدت بها كرامته كلمات قسمت التى كانت أشد وقعاً من السياط

فهم بالمغادرة قائلا بصوت خافت:
– عن إذنكم

دمعت عين هبة قائلة برجاء :
– وحيد أستنى بس هى ماما متقصدش حاجة أصبر بس

– لاء أاقصد يا عين ماما ولو مكانش هينفذ كل اللى قولت عليه يبقى نفضها سيرة وشيل ده من ده يرتاح ده عن ده
قالتها قسمت ببرود ، وهى رافعة وجهها بأنفة خادعة
فلم تعد لديه القدرة على تحمل ما يسمعه بحقه ،فأسرع بالخروج من المنزل يصفق الباب خلفه ، فأنهارت قدمى هبة جالسة مكانها وهى تنتحب ملأ فاها على ما فعلته والداتها

ولكنها لم تأخذها الشفقة او الرحمة بإبنتها فنهرتها بصوت غليظ:
– بطلى عياط وأسكتى أنا بعملك كرامة وبعززك متبقيش هبلة يا هبة

رفعت هبة وجهها لها ، بعدما كانت دافنة إياه بين كفيها فقالت بنهنهة :
– أنتى بتعملى ليه كده يا ماما أنتى ناسية ان خلاص أنا ووحيد مكتوب كتابنا دا المفروض فرحنا بعد كام يوم ليه كده عايزة تبوظى فرحتى ليه

إقتربت منها قسمت تجذبها من مرفقيها ، حتى إستقامت هبة بوقفتها تقف وجهاً لوجه معها فهتفت بها بفحيح :
– وأنتى مسمية عريسك ده فرحة أنتى مش شايفة حياء عريسها عامل إزاى وبيشتغل إيه ده دكتور وشغال فى أحسن مستشفى وساكن فى أحسن منطقة فيكى يا إسكندرية ، مش زى عريس الهنا بتاعك اللى مش عارف حتى يشترى حتة عربية ولو منفذش اللى عيزاه هطلقك منه يا هبة وأجوزك سيد سيده

جحظت عيناها و شعرت هبة بالخوف من تلك الهيئة التى ترى بها والداتها ،كأنما تلبستها شيطانة ناقمة على كل ما يحدث حولها ،فهى تعلم مدى الخلاف بينها وبين خالها ، ولكنها لم تكن تظن أن الأمر تفاقم معها إلى هذا الحد ، فالكره الذى أطل من عينيها أنبأ هبة بأن والداتها تكن كل الكراهية لحياء الآن
_____________
جلست وفاء تلتقط أنفاسها من ركضها خلف سجود ، فهى تحاول إمساكها منذ ما يقرب الخمسة عشرة دقيقة ، فإلى متى ستظل تعانى مع تلك الصغيرة ؟ فمثلما تفعل بالروضة مع معلماتها ،تفعل ذلك مع كل مربية تأتى لهذا المنزل ، ولا تجعل أحد يقربها سواها هى أو أبيها أو ولاء

فأطلت سجود من خلف الستارة السميكة قائلة بصوت ضاحك :
– آنا وفاء أنا هنا

وضعت وفاء يديها على رأسها وهى ترمقها بقلة حيلة :
– حرام عليكى يا سجود اللى بتعمليه فيا ده هتموتينى ناقصة عمر أنا مبقتش حمل الفرهدة بتاعتك دى يلا بقى يا بنتى عايزة أروح المحل وأوديكى حضانتك الجديدة

بسماع سجود أمر ذهابها لروضة جديدة ، خرجت من خلف الستار ، تمط شفتيها :
– مش عايزة أروح حضانة الأولاد هناك هيضايقونى

أشارت لها وفاء بالإقتراب ، فببطئ كانت تتحرك سجود بإتجاهها حتى وصلت إليها ، فرفعتها وفاء تجلسها على ساقها ، فرفعت شعر الصغيرة عن وجهها

– سجود حبيبتى لازم تتعلمى وشوية كده وهتروحى المدرسة وهتشوفى أولاد وبنات كتير وهيبقى ليكى أصحاب كمان بس أنتى متتخانقيش مع حد يا سجود أقولك هجبلك شيكولاتة وأنتى أديها لأصحابك فى الحضانة وخليكى شطورة وهم هيحبوكى ومش هيضايقوكى وهيلعبوا معاكى

قالت وفاء حديثها رغبة منها ، فى أن تفهم الصغيرة أهمية وجودها وسط أطفال بمثل عمرها ، خاصة بتلك المرحلة العمرية

أماءت الصغيرة برأسها موافقة ولكن قبل أن تترك ساق جدتها ، رمقتها قائلة ببراءة :
– آنا وفاء هى ماما سافرت ليه وسبتنى أنا وبابا هى مش بتحبنها

قبل أن تفه وفاء بكلمة سمعت سجود صوت أبيها يناديها بصرامة :
– سجود كفاية كلام ويلا علشان تروحى حضانتك وإياكى المرة دى تعملى مشاكل مفهوم وبطلى تجيبى سيرة مامتك كل شوية ماشى

تلك هى المرة الأولى ، التى ترى بها أبيها يحدثها بصرامة ، فتكونت الدموع بعينيها ، وركضت من أمامه تصعد الدرج للأعلى حتى تصل لغرفتها

فرمقته وفاء بعتاب :
– ليه كده يا راسل ، وهى ذنبها إيه هى طفلة وطبيعى تسأل عن أمها بلاش قسوتك دى مع بنتك كمان ، عارفة أن أنت مبتحبش تسمع سيرة صوفيا بس ...

قبل أن تكمل حديثها ، أنتفخت أوداجه ، فكور قبضة يده قائلاً من بين أسنانه مغمغماً:
– مش عايزها تسأل عليها تانى مش عايز أفتكرها ولا عايز أسمع أسمها فى البيت ده تانى مفهووووم

كأنه نسى مع من يتحدث ،فلامته وفاء بعينيها على حدته ، التى نالت منها هى الاخرى نصيبها ، ولكنها تضع له من الأعذار ما يجعلها تتغاضى عن فعلته

فهتفت به بشفقة ولطف :
– حبيبى حاول تنسى اللى حصل مش هتعيش عمرك كله بالشكل ده وانك عامل زى القنبلة اللى هيقرب منها هتنفجر فى وشه ، أنت مكانش فى أطيب من قلبك وحبك وخوفك على اللى حواليك ، بقيت حد تانى واخد بس الاسم والشكل من راسل القديم ، لكن اللى واقف قدامى حد تانى بقيت انا ذات نفسى معرفوش ، بتحاول تدارى الوجع ورا زعيق وقسوة وبرود ، وأنت لو فضلت كده هتخسر اللى باقى ليك يا راسل

إستمع لحديثها للنهاية ، فبأصابع غاضبة حل أزرار قميصه الأولى ، كاشفاً عن صدره يدمدم بسخط وهو يشير لأثار الندوب بجسده :
– لو أنا نسيت دول هيفكرونى يا ماما ، هيفكرونى بالكدبة اللى عشتها وصحيت منها على كابوس ومش عارف ليه حصل ليا أنا كده، عيزانى أنسى يبقى تمحى الذكريات دى من عقلى وخلى جروح قلبي قبل جسمى تخف ، ساعتها ممكن أنسى وأرجع راسل القديم ، محدش حاسس بيا وبالوجع اللى أنا فيه كل ما أبص لنفسى فى المراية ، وعلشان أريح حضرتك انا بقيت كده وهفضل كده ومش هتغير مش هتغييير

علا صوت صياحه بوجه وفاء ، فشعر برعونة تصرفه فأسرع يبدى أسفه وهو يأخذ يديها بين راحتيه يعكف عليهما مقبلاً بحب وندم :
– ماما أنا أسف أن عليت صوتى عليكى أنتى كمان سامحينى

أخذته بين ذراعيها ، فأنحنى إليها لفارق الطول بينهما ،فظلت تربت على ظهره ، فعلقت عيناه بالجدار ،كأنهما خاليتان من الحياة ، ولكن لا يعلم لما أخذته الرغبة فى الذهاب لذلك المبنى بالباحة الخلفية للمنزل ، فتركته وفاء تصعد الدرج لترى الصغيرة وتحاول صرف غضبها مما فعله أبيها

وقف أمام مقبض باب تلك الغرفة بذلك المبنى الملحق بالمنزل ، وضع يده بداخل سترته ، وأخرج مفتاح وضعه فى مقبض الباب بتردد ، ولكن حسم أمره بالأخير وأدار المفتاح بالمقبض ، فسرعان ما أنفتح الباب ، ولج للداخل وضغط زر الإنارة المثبت بالحائط

أضيئت الغرفة بضوء شحيح ، فتلك الغرفة لم يطأها بقدمه منذ ما حدث ، فالغبار تراكم على أثاث الغرفة ، وكذلك تلك اللوحات ، والتماثيل الجيرية ، التى لم تنتهى بعضها بصورة نهائية ، وخاصة ذلك التمثال ، الذى غطته بيدها منذ تلك الليلة ولم تقربه يد ، فهو يعلم من يكون صاحبه ، فتلك الساعات التى كان يجلس بها أمامها من أجل نحت تمثال له ، مازال متذكراً إياها

ذلك الإطار الذهبى ،الذى يقبع بداخله صورتها ، تشابكت عليه خيوط العنكبوت ، فمد يده يزيلها ، ومسح بيده الغبار حتى أنكشفت الصورة أولاً عن عيناها ،تلك العينين الزرقاوتين اللتان أورثتهما لسجود ، لتتضح بعد ذلك ملامح وجهها كاملة ، من شعر أشقر بلون النحاس ،و بشرة بيضاء أكسبتها لون ذهبى خفيف من مكوثها بالشمس ، أنفها الصغير ، وفمها المتناسق مع وجهها لينتج بالأخير إمرأة فاتنة الجمال والمحيا

غلى الدم بعروقه عندما رآى تلك الإبتسامة التى تزين ثغرها المغرى ، الذى مازال متذكراً كيف كان قادراً على سلبه كافة سبل الرفض لأى شئ تريده ؟ فكانت كلعنة أصابته بيوم ما زال يتذكره ، ومازال يعانى من أثرها حتى اليوم

فتتابعت أنفاسه بسخط عارم :
– ليه يا صوفيا اللى حصل ده لييييه ، كان ذنبى ايه غير ان حبيتك ، بس طلعتى متستاهليش

أخذ الصورة بين يديه ، وألقاها أرضاً يتلف زجاج الإطار ، يدعسها بقدميه وهو يغادر الغرفة ، فخرج وأغلق الباب خلفه ووضع المفتاح بجيبه ، وذهب لمرآب السيارات يستقل سيارته للذهاب للمشفى
___________
بعد قضاء تلك الساعات بغرفة الجراحة ، ومقاومتها المستميتة فى الحفاظ على رابطة جأشها ، وأن تمنع عبراتها من أن تكسر محجر عينيها ، وخاصة وهى ترى ذلك الصغير المدرج بدماءه ، والتى عملت يد راسل على إنقاذه بفضل الله من موت محقق كانت تتيقن منه بين الفنية والأخرى

تبعته لغرفة مكتبه ، تترصدها أعين الممرضات الفضولية ، لمعرفة سبب مجئ تلك الفتاة وصوت نهنهتها التى سمعها كل من كان بغرفة الجراحة ، ولم يقدم راسل على طردها مثلما يفعل مع أى أحد يرى أنه سيتسبب فى تشتيت إنتباهه

جلست على الأريكة ، ووضعت وجهها بين كفيها وبدأت تبكى ثانية ، فزفر راسل بثقل وجلس بجانبها يجذبها إليه ، فوضعت رأسها على صدره مغمغمة بأعين ممتلئة بالدموع :
– الطفل كان هيموت يا راسل كان هيموت فى أى لحظة ، أنت إزاى كنت متماسك كده

ربت راسل عليها قائلاً بمهنية :
– لأن الجراح يا ميس لازم يبقى كده اومال أنتى مفكرة إيه وإزاى عايزة تبقى دكتورة جراحة وأنتى كل ما تشوفى حالة هتعيطى أنتى كنتى خليكى دكتورة أسنان أحسن

أفلتت ضحكة خافتة من بين شفتيها ، وهى تبتعد برأسها عن صدره مغمغمة:
– أنت بتتريق عليا يا راسل أنت اصلا متعرفش فى الكلية فى التدريب كنت بعمل إيه كنت بقضيها عياط أنا مش عارفة ليه دخلت كلية الطب أصلاً يمكن من حبى فيك دخلتها

غرز يده بشعره مغمغماً بإرهاق :
– أهو زمان الدكاترة والممرضين هيموتوا ويعرفوا انا سبتك تكملى معايا ليه ومخلتكيش تخرجى برا ، أنا عارف أنك هتجبيلى الكلام ، مش كفاية القصص والحواديت اللى بيألفوها عليها

شعرت برعونة وسخافة أفعالها ، فحدقت به بأسف :
– أنا أسفة يا راسل لو هعملك مشاكل مش هاجى تانى

رفع راسل وجهه لها ، علم أنها ربما تبكى ثانية ، وهذا ما لا يريده بوقته الحالى ، فتبسم بوجهها قائلاً:
– حبيبتى أنتى تيجى فى أى وقت بس بلاش بقى حساسيتك الزايدة دى عايزك قوية ويلا كمان علشان تروحى كفاية عليكى كده ، وعايز أروح أنا كمان حاسس أن أنا مرهق أوى

أماءت ميس برأسها عدة مرات قبل أن تقول:
– تمام يلا بينا وعلشان توصلنى كمان أهو إستغلال بقى

فكر راسل متسائلاً :
– ليه جدك مش باعت معاكى جيش حراسة كالعادة

نهضت ميس عن الأريكة ، وخلعت الرداء الطبى الأبيض ، تبحث عن حقيبتها التى سبق لها وضعها هنا بالغرفة ، فألتفتت برأسها إليه :
– لاء باعت معايا وزمانهم برا قدام المستشفى بس عيزاك أنت توصلنى ومش هترفض زى كل مرة وأى واحد من الحرس يسوق عربيتى يلا بقى

جذبته من يده قبل أن يبدى أعتراضه ، فسألها أن تمنحه عدة دقائق ليكون على إستعداد لمرافقتها
بعد ذلك بساعة تقريباً ، كانت سيارة راسل تعبر بوابة القصر ، حتى وصل للباب الداخلى ، تتبعه سيارة الحراسة

بمكانه المعتاد بحديقة القصر ، كان رياض جالساً غير أبه ببرودة الطقس بذلك اليوم الذى أشتدت برودته ، لمح تلك السيارة التى يعلم لمن تكون ، فأشار لحارس يقف على مقربة منه

فأدنى الحارس بجزعه العلوى منه ، فهمس له رياض بكلمات ، أسرع الحارس على أثرها لتنفيذ ما طلبه منه

فأقترب من سيارة راسل وقبل أن تترجل ميس من السيارة قائلاً بصوته الخشن :
– دكتور راسل أنزل رياض باشا عايزك

زفر راسل بضيق ، يرمق ميس التى تحاول أن توارى وجهها عن مرمى عينيه المتقدتين بغيظ عظيم ، ولكن حسم الأمر ، بأن فتح باب السيارة من جانبه ، وترجل منها يقترب من رياض

ظلت عين رياض ترمقه بتقييم حاد ، وخاصة وهو يمشى بخيلاء ، فإذا أطاع أمره الآن ،فهو يعلم ما تنطوى عليه ملامح وجهه المتجهمة

وقف راسل على مقربة منه ،تتبعه ميس التى بادرت بالاقتراب من جدها ، تقبله على وجنته ، تتخذ مكانها بجواره

– أفندم يا رياض باشا
قالها راسل ببرود ، ينتظر أن يخبره بأى شأن يريده حتى يعود لمنزله

فأشار له رياض بطرف إصبعه من يده المستنده على عصاه :
– أقعد

– مش عايز أقعد أنا مش فاضى عايز أروح فقول اللى عندك وخلصنى
نطق بها راسل بصوت عالى، ولكن عندما أنتهى من عبارته الهجومية ، وجد عدة رجال يطوقونه بأسلحتهم النارية ، كأنه أفتعل جرم عظيم ، بأن يخاطب سيدهم بتلك الضراوة

ولكن لم يبدو عليه الخوف ،بل ظل يرمق رياض بتحدى سافر ، فهو حتى لم يكن يعنيه ، إن خرج أحد الحراس عن تحفزه ، وأطلق عليه رصاصة غادرة ، ولكنه متيقن أن لن يفعل أحد منهم ذلك ، قبل أن يتلقوا أمر بذلك من رياض

إلتوى ثغر رياض الذى خط بجانبه تجاعيد المشيب بإبتسامة :
– مش هتبطل قلة أدب أبدا يا راسل ولا لسانك الزفر ده اللى أقوى من زفارة السمك نفسه

تبسم راسل بسخرية :
– من بعض ما عندكم يا رياض باشا سلام بقى علشان متأخرش على أمى وبنتى

تحرك راسل خطوتين ، ولكن قبل أن يبتعد أكثر ، سمع صوت رياض قائلاً بسخرية مماثلة:
– أبقى سلملى على أمك يا راسل

كف راسل عن السير ، فألتفت برأسه إليه ،وعيناه تقدح شراً :
– من عينيا حاضر هسلملك عليها يا رياض باشا

فعاد وأكمل طريقه إلى سيارته ، ودماءه تضخ حارة بجسده ، حتى شعر بإختناق ، وأن برودة الجو أصبحت كلسعات الشمس الحارقة ، من فرط غضبه ، ففكيه اللذان طحنهما ببعضهما حتى شعر بألم فى أسنانه ، لم يكن ذلك كافياً لتنفيث تلك الكراهية التى تسرى بعروقه مع دماءه جنباً إلى جنب
___________
مر يومان ،ومازالت عيناها تألمها ، فكافة السبل التى أتخذتها من أجل علاجها باءت بالفشل فى النهاية ، فما تلك الصدفة التعيسة التى جلبت زوج عمتها للشاطئ ، وحدث لها ما حدث ، فهى رفضت مجئ نادر لرؤيتها ، وخاصة أنها تجلس بغرفتها تعالج عيناها بالمحاليل المعقمة ، وبتلك الكمادات من الماء البارد

ولجت مديحة الغرفة فصاحت بها بإستياء:
– وبعدهالك يا حياء قومى نروح المستشفى ولا لأى دكتور عيون أنتى دماغك ناشفة ليه كده أنتى عارفة ان عينيكى حساسة وبتلتهب من أاقل حاجة ليه بقى بتعاندى

ضغطت حياء على عينيها قائلة بتعب :
– يا ماما أرجوكى كفاية بقى هى إن شاء الله هتخف متقلقيش

ولج عرفان الغرفة على أثر سماع صوت زوجته ، فرمق حياء بصرامة هو الآخر :
– حياء إسمعى كلام مامتك يلا هنروح حتى المستشفى اللى شغال فيها نادر أكيد فى دكتور عيون هناك ومش عايز أسمع كلمة

عندما حاولت فتح فمها للإعتراض ،سبقتها والداتها بالقول :
– متناهديش معانا قومى يلا

إستسلمت حياء لقول والدايها ، فتركت فراشها ، وأتجهت لغرفة الثياب أنتقت منها ثوب وحجاب ، أثناء نظرها بالمرآة ،رأت تلك الخطوط الحمراء التى تجمعت بعينيها ، فوالدايها محقان بشأن إصرارهما ، فأخذت إحدى نظاراتها السوداء وأرتدتها

صف عرفان سيارته أمام المشفى ، فترجلت حياء وتأبطت ذراع والداتها ، حتى وصلا للداخل ، فبعد السؤال عن دكتور خاص بالعيون دلتهم إحدى الممرضات على الغرفة الواجب عليهم الانتظار بها حتى مجئ الطبيب من أجل فحص أعين حياء

سمع عرفان صوت هاتفه ،فأخرجه من جيبه ، فنظر لزوجته وحياء :
– دا تليفون من المصنع هخرج برا أرد على التليفون وأشوف الدكتور ده أتأخر ليه

أماءت له مديحة برأسها ،بينما أغلقت حياء عينيها من خلف النظارة ،كأنها على وشك النوم ، بعد مرور عشر دقائق ، أصاب مديحة السأم فهبت واقفة وهى تقول:
– هو باباكى أتأخر ليه كده هخرج أشوف فى إيه والدكتور ده كمان اللى شكلنا هنستناه للصبح ، وأنتى مش راضية تخلينا نكلم نادر نشوفه فين

زفرت حياء بخفوت ، فهى لم تشأ أن تثير قلق نادر ولا أن تتسبب فى تعطيله عن عمله ويتلقى اللوم من مديره ، لذلك ترجت والدايها بألا يخبراه بشأن ما حدث لها

ردت حياء بهدوء:
– لأن يا ماما ممكن يكون دلوقتى عنده كشف أو فى أوضة العمليات مش عايزين نعطله

تمنت أن تكون حجتها كافية لإقناع والداتها ، فخرجت مديحة لرؤية سبب ذلك التأخير غير المبرر ، عادت حياء تستند برأسها على الجدار خلفها ، وأغلقت عيناها ثانية ، ولا تعلم لما شعرت بحاجتها للنعاس ، فباليومين الماضيين ، لم تأخذ كفايتها بسبب شعورها بألم عينيها

سمعت صوت الباب يفتح ، فقالت بدون أن تفتح عيناها :
– خلاص يا ماما الدكتور جاى ؟

لم تستمع لرد ، ففتحت عيناها بفزع بعد رؤية من ولج لتوه ، فتأتات بحروفها قائلة بتلعثم ظاهر وببلاهة أيضاً :
– ههو أانت دكتور العيون

قطب راسل حاجبيه بغرابة من قولها ، ولكنه لم يعقب على قولها بالرفض ، فهى إذا لا تعلم بأى تخصص هو يعمل ، ولا تعلم بكونه جراح وليس طبيب عيون

طرأت فكرة برأسه ، فتظاهر بالجدية قائلاً وهو يجلس خلف المكتب الموضوع بالغرفة :
– أيوة أنا دكتور العيون خير يا أنسة حياء مالها عينيكى

فما لتلك الصدف الغير سعيدة التى تحدث معها بتلك الآونة الأخيرة ، ولكن ألم عينيها جعلها ترضخ لقوله ،فنزعت نظارتها قائلة بألم :
– عينى زى ما أنت شايف كده ملتهبة جامد علشان دخل فيها رمل وبقالها يومين كده واستخدمت قطرة ومحاليل معقمة للعين بس برضه بتوجعنى

رآى عينيها الداميتان ، فأنتفض من مكانه يقترب من مقعدها ، وهو يحدق بعينيها ربما بمهنية جادة :
– يا خبر أنتى عنيكى فعلا ملتهبة جامد إزاى تسيبى نفسك كده يا حياء وهو فين دكتور العيون ده كمان حسابه معايا بقالك قد إيه مستنياه هنا

ردت حياء قائلة بعدم فهم :
– بقالى أكتر من ١٠ دقايق بس ثوانى مش أنت بتقول أنك دكتور العيون كنت بتضحك عليا

أنتفضت من مكانها بغضب ، من تلك الخدعة التى مارسها عليها ،فهى ليست بوقت للمزاح ، فعلا صوتها معقبة بغضب:
– يعنى كنت بتضحك عليا يا دكتور راسل أنا عايزة أعرف إيه لازمة أنك تكذب عليا دلوقتى ، مش عيب كده عمايلك دى يا دكتور يا محترم أنا مشفتش برود من حد زيك كده أبدا

كثرة إنفعالها ،جعلت الدموع تفر من عينيها ، مسحتها بأصابعها ، فسحب محرمة ورقية من تلك العلبة الموضوعة على المكتب

فمد يده لها بها وهو يقول ببرود مزعج :
– خدى منديل أهو أمسحى دموعك أنا مش عارف كل ما تشوفى وشى بتتعصبى ليه يا حياء

– علشان أنت بنى أدم تعصب اللى ميعصبش ، ولمت بشوفك دمى بيغلى ، وأنا أساساً مش عايزة أشوف وشك لا فى الواقع ولا حتى فى الحلم ،

تبسم إبتسامة ذات مغزى وهو يهتف بها :
– أفهم من كده أنك كمان بتحلمى بيا يا حياء مصيبة لتكونى بدأتى تحبينى دا كده نادر يزعل

أتسعت طاقتى أنفها ، و تصاعدت أنفاسها بغضب أعمى ، فهى لم يزعجها أحد بحياتها مثلما يفعل ذلك الراسل ، لم تكره أحداً من قبل مثلما تشعر بكرهها المتزايد له مع كل نفس تتنفسه ، فكأن الهواء يدخل رئتيها معبأ بالبغضاء له

فعضت على نواجزها ، تتصنع الهدوء فتساءلت :
– أنت بتعمل ليه كده وعايز منى إيه بالظبط ما هو مش معقول مضايقتك ليا دى من غير سبب فقولى عايز منى إيه

إلتوى ثغره الرجولى بإبتسامة قائلاً بهمس مثير :
– عايزك يا حياء .....
_______________
يتبع .....!!!!!


لإكمال الرواية تابعنا علي قناة تليجرام 



👈 المزيد من الروايات الرومانسية الكاملة:  روايات كاملة  


#سماح_نجيب

انتهت أحداث رواية لا يليق بك إلا العشق إلى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله.
admin
admin
تعليقات