رواية والتقينا الفصل الثالث عشر من روايات ندي ممدوح . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية مصرية ، تعد الرواية واحدة من اجمل الروايات رومانسية والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية والتقينا كاملة بقلم ندي ممدوح من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية والتقينا pdf كاملة من خلال موقعنا .
رواية والتقينا الفصل 13
13_مخدرات
_إسراء، تتجوزيني؟
لِما بدت لها كلمته كقنبلة تفجرت بين جوانحها، فطفق صدرها تارة يعلو وتارة ينخفض بحركات متتالية وبأنفاسٍ متلاحقة، وتطلعت إليه مندهشة كأنه ألقى طلبًا من الخيال، متسعت العينين حتى يُخيل للراءى إنهما سيخرجان من محجريهما، وفغرت فاه ثم أخذت تطرف بأهدابها وتحدق فيه، ونطقت أخيرًا بصوت متلعثم، وَوجهٍ أسيف:
_أنت قُلت إيه؟
وأتبعت تقول وهي تشير بسبابتها إلى صدرها:
_عايز تتجوزني أنا!
زَمَّ بلال شفتيه، وجَهْم المُحَيَّا، وتوجس فؤاده خيفة من رفضها، لكنه بدده بحبها له، وطأطأ طرفه، قائلًا في هدوء:
_هو كلامي مش مفهوم؟! ها قُلتِ إيه تقبلي تتجوزيني؟!
فشخصت البصر به، كأنها ترى شبحًا خفيًا، هل يعي ما يتفوه به؟! بل هتسمع أذنيها جيدًا؟! أم تراهما قد أصيبتا بالصم؟! هل تصبح الدعوات نُصب العينين في طرفة عين بتلك السرعة الفائقة؟! لقد كان عشية أمس حلمٌ بعيد المنال! كقمرٍ تدور جُل افلاكها في محوره ولا تستطع أن تمسَّه!
وسالت أدمعها بغتة على خديها، فهاله ذلك وذُهل واندفع يقول منفعلًا:
_هو أنا قُلت حاجة غلط؟ بتعيطي ليه؟
فأسبلت جفنيها على دمعٍ لحلمٍ بات نُصب العين، وفتحت أجفانها تتطلع فيه بصمتٍ، وانفرجت شفتيها بترددٍ، فأستغلق عليه فهم ما تمر به، وتململ في جلسته وهو يسترخ في مقعده، وتطلع إلى عينيها بنظرة حانية، وقال بصوتٍ رخيم مبددًا توترها:
_لما بياكِ يطلع بخير وسلامة ويصبح بأفضل حال أنا هاجي أتقدم رسمي.
وأدهشه دمعها الذي استمطر في غزارة، ثم فعلت ما لم يكن يتوقعه، فقد هبت واقفة ورمقته بنظرة أخيرة ثم انطلقت تعدو من أمامه، فاستوى في جلسته مصدومًا، وبصره تعلق بظهرها الذي يندفع مثيرًا فضول وأعين كل الحاضرين، لم تلبث أن ألتفت إليه فأشاح بوجهه.
ربي اغفر ليّ ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات
أمسكت ندى إسراء الراكضة من كتفيها لتوقفها وهي تسأل بذعر:
_إسراء، مالك في إيه، بتجري ليه؟
فلهثت إسراء وهي تلتقط أنفاسها في صعوبة، وحاولت أن تتمالك نفسها، وهي تقول بصوت به رنة فرح:
_بلال قلي تتجوزيني.
حدجتها ندى بنظرة ثاقبة وقالت بجدية:
_وِوفقتِ؟
هزت إسراء رأسها وكتفيها وهي تُردد:
_لا جريت.
فدُهشت ندى وهي تتطلع إليها في بلاهة، متمتمة:
_جريتِ! جريتِ! جريتِ يا إسراء، زمانه بيقول عليكِ هبلة يا فقرية.
فضحكت إسراء وهي تواري ثغرها بكفها، وغمغمت:
_ما أنا هبلة فعلاً، في إيه لما يعرف إني هبلة..
واسترسلت وهي تهز منكبيها:
_دي الحقيقة عادي يعني.
فضربت ندى كفٍ بكف، قائلة:
_لا إله إلا الله.. أنتِ مش بس هبلة لأ وكمان عبيطة.
أستغفر الله وأتوب إليه
عدلت إسراء الوسادة وراء ظهر أبيها، وعاونته على الاسترخاء جيدًا على الفراش، بعد عودتهما من المستشفى، وهمت أن تبتعد عنه، عندما امسك معصمها وأجلسها بجانبه وهو يقول بنبرة أبوية:
_متقلقيش يا بنتي أنا اول ما هصلب طولي هدور على هشام البسيوني وهخليه يندم على اليوم اللي فكر فيه يأذيكِ فمش عاوزك تخافي لإني هقتله قبل ما يقتلك.
لم تستعب إسراء ما يقوله والدها، واعتقدت إنه يُلقي كلامًا غاضبًا فحسب، فهتفت وهي تربت على كفه:
_خف يا بابا بس الأول وبعد كده كل حاجة هتعدي بخير.
ونهضت وهي تتابع:
_هروح أشوفهم حضرولك الأكل ولا لسه.
وفي سيرها علا رنين الجرس، فصرفت الخادمة بإشارة من يدها وتوجهت هي لفتحه، وما كادت تفعل وترَ وجه القادم، حتى تهللت أساريرها مُهللة في سرور:
_عم مدحت أخيرًا قدرنا نشوفك يا راجل؟
وأفسحت الطريق مرحبة به وهي تهتف:
_تعالَ أدخل يا عمو أتفضل.
ضحك مدحت وهو يعبر الباب، وقد سُر بها سرورًا بدا على وجهه وهو يقول:
_وحشتي عمك مدحت جدًا يا سوسو، طمنيني عنك عاملة إيه؟
كان مدحت صديق أبيها المُقرب، يمتلك مصنع حلويات.. بل مصانع حلويات شهير وله اسمه في ذاك العالم.
جذبته إسراء من مرفقه إلى إحدى الأرائك وأجلسته، واستقرت بجانبه وهي لا تزل متعلقة بذراعه، وتغمغم بصوتٍ خافت:
_قبل ما تدخل لبابا عايزة منك طلب!
فتلاشى المرح من على صفحة وجهه، وحل محله مسحة من حنان واهتمام، وقال بجدية وهو يرنو إليها ببصره:
_طبعًا يابنتي اطلبي اللي أنتِ عايزه.
فتحمحمت إسراء تجلي حلقها، ثم غمغمت في هدوء:
_صراحة هما طلبين مش واحد.
فغمغم مدحت:
_عشرة ياستي مش اتنيين أنتِ تؤمري وعمك مدحت ينفذلك.
فتضرج وجنتيها من شدة الخجل، وهي تهمس في صوتٍ خفيض:
_في شخص أعرفه عايزاك تشوف له شغل عندك بمرتب حلو.
فتبسم مدحت في بساطة، وقال وهو يهز كتفيه في استخفاف:
_كل المقدمة والتوتر ده علشان الطلب البسيط ده، يا ستي اعتبريه حصل وكفاية إنه حد تبعك ومعرفة عشان أثق فيه، حتى إني كنت محتاح حد يوصل الطلبيات وأهِه تحلت على أيدك.. أبعتيه بكره على المصنع الرئيسي وهتفق معاه على كل حاجة.
ومال عليها مستطردًا:
_والطلب التاني؟!
صمتت إسراء وهي تخفض بصرها تارة وترفعه تارة في توتر ملحوظ، قبل أن تغمغم في ارتباك:
_هو طلب خاص، خاص بيا أنا.
وسكتت لردحًا من الزمن رفعت فيه بصرها إلى السقف، وثبتت قليلًا على ذلك، ثم هبطتت بصرها إليه، فحثها على الحديث بإماة من عينيه، وتنهدت في عمق، قبل أن تستطرد في صوت تشوبه المرارة:
_في شاب عايز يجي يتقدم ليّ.
فقال مدحت متعجبًا:
_ومالك بتقوليها بمرارة كده ليه؟
ومال بفمه على أذنها هامسًا:
_بتحبيه؟!
فأطرقت برأسها للحظات، ثم هزت رأسها بالإيجاب، فتبسم مدحت في هدوء، قائلًا:
_فين المشكلة بقا؟
_بابا مش موافق!
ضيق مدحت عينيه مقطب الجبين، وتمتم:
_امم، فهمت أنتِ عايزني اقنع بابا بيه!
أومأت مجددًا برأسها، وهتفت وهي تتطلع إليه في لهفة:
_أنت مش كنت دايمًا معترض إني ابقى ممثلة؟ الشاب ده هو اللي أقنعني.. بل هو اللي رد فيَّ الروح وأنعش قلبي.
ربت مدحت على كتفها، ثم استوى واقفًا وهو يردد لها بكلماتٍ مطمئنة وإنه سيفلح في رضا أبيها حتمًا.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد
آثار انتباه سهير رنين هاتف عماد الذي لا يكف منذُ دقائق معدودات، فأشتعل فضولها وتوجهت إلى الهاتف القابع على المائدة بحذر، وهي تُراقب باب (دورة المياة) بقلق وتطلعت في شاشة الهاتف ليقابلها اسم إسراء ينير الشاشة، فرفعت حاجبًا في دهشة، وخامرها هاجسٌ عجيب، وهمَّت أن تلتقط الهاتف وتجيب عليها، لولا إن فُتحَ الباب وبرز عماد وهو يجفف رأسه ولم يكد يبصر وقوفها وهاتفه في راحتها، حتى التهم الخطوات في سرعة ويجذب منها الهاتف الذي خمد رنينه، ونهرها وهو يلكزها بمرفقه في غلظة:
_مين إداكِي الإذن تمسكي تلفوني؟
فعقدت سهير ساعديها أمام صدرها، وهي تهتف:
_مش محتاجة إذن على ما أفتكر لإن ده حقي، وبعدين إسراء بترن عليك ليه؟
فتحاشى النظر عنها مرتبكًا، ووارى توتره بضحكة منفعلة متوترة، وهو يمسد على شعره مغمغمًا:
_عادي يعني.
حدجته سهير بنظرة مشتعلة، وهدرت به:
_يعني إيه عادي؟! بقولك إسراء بترن ليه عليك وعايزة إجابة.
فبرقت عينا عماد بلهفة وهو يمسك كتفيها، مهللًا في بهجة:
_عشان هتشوف ليّ شغل حلو وبمرتب مكنتش بحلم بيه، يعني هنطلع في العالي مش هخليكِ محتاجة حاجة أنتِ والقرود الصغيرة.
فرمقته سهير بازدراء، وهي تحل عقدة ساعديها، قائلة بجدية:
_إيه القرود الصغيرة دي.
فقهق عماد في غبطة، وأمسك كتفيها وأخذ يدور بها، مرددًا في غبطة:
_بقا مش عارفة مين القرود الصغيرة؟! القرود هيكونوا عيالنا إن شاء الله اللي انا بعمل كل ده عشانهم.
وتوقف عن الدوران بها، بينما ترمقه هي بازدراء، وصاحت بنبرة بها رنة تهكم:
_عِماد أنت متأكد إنك بني آدم؟! عيال إيه اللي بتعمل كل ده عشانهم؟ دا انا من يوم متجوزتك وأنت مدتنيش قرش من بخلك هو أنت متخيل إنك ممكن تبقى أب بندالتك دي…؟
هوى كفه بلطمة قوية على وجنتها، جعلت رأسها تدور على جانبها وهي تبسط كفها على وجنتها مكان لطمته، متسعت العينين، واجفة القلب..
صفعة!!
ألأن قد تلقت صفعة؟!
أهي في حلمٌ أم واقع مرير!
مال جُل أحلامها وأمنياتها قد تهاوت فجأة من برجٍ سحيق أمام عينيها دون أن تقوَّى على التمسك بأيٍّ منهم!
أُنتزعت من شرودها على صوته البغيض يجأر فيها:
_الندل ده هيوريكِ ازاي تكلميه باحترام …
قال جملته بتريث شديد وهو يسحب حزام من فوق المشجب، وتراجعت سهير..
تراجعت مصعوقة وهي تحدق فيه..
كأنما تحدق في شبح، وأحست بأنفاسها تُزهق، وبأن الكلمات احتبست بغتةً في حلقها وأوصدت، كانت تتراجع وهو يقترب بتمهل ويلف طرف الحزام بين أصابعه، حتى سقطت على الأريكة، وهوى..
هوى الحزام على جسدها في قوة، وصوت عماد يضيع بين صراخها عنيفًا:
_لو أهلك وأخوكِ اللي اسمه بلال ده وشايف نفسه مربكيش أنا بقا اللي هربيكي، هربيكِي عشان تقدري جوزك وتعرفي إزاي تحترميه وتعيشي خدامة تحت رجليه وتقولي حاضر ونعم وتغمي عينك عن كل حاجة بتحصل.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد
جلس بلال بجانب أمه بعدما لثم كفها بكل حنان واحترام، قائلًا في هدوء:
_ماما، أنا عايز استشيرك في حاجة؟
فرفعت الألم كفها، ومدت يدها تتلمس الطريق لوجهه، وتحسسته في حنان، وهي تقول:
_قول يا بني لعله خير يا حبيبي.
رمى بلال نظرة متوترة إلى أخيه عمرو المنكب على دروسه، وقال بعد تنهيدة عميقة:
_ماما، بصراحة أنا قررت أتجوز.
صمت، ولم تنبس والدته كأن الموضوع فاجئها، ثم تهللت أساريرها، واستدركت في تبسم حنون:
_دا يوم المنى يا حبيبي، بس.. بس أنت لسه مخصلتش شقتك؟!
مسد بلال جبهته بارهاق، وقال في هدوء:
_هنتجوز ونقعد معاكِ هنا أنتِ وعمرو وهجهز الشقة بعدين.
ثم اتبع يقول في مرح:
_ولا أنتِ مش عايزنا نقعد معاكي؟
ضربته والدته بخفة على وجنته، وهي تقول من بين ضحكاتها:
_تقعدو جوة عيوني يا حبيبي لو مشلكمش البيت.
نهض بلال مقبلًا عينيها، بينما هي تهمس:
_إسراء صح؟
فازدرد بلال لعابه وهو يهز رأسه، قائلًا:
_ايوا.
كانت تدرك بأمومتها إنها هي ومن غيرها قلب حياة ابنها وبدلها؟!
ابنها لم يعد هو.
به شيئًا تغير..
لم يعد يؤذن في الجامع!
كف عن تحفيظ أخيه وأبناء الجيران..
وما خُفى كان أعظم..
لا تدري أتفرح إنه تدارك نفسه وأراد أن يسير على الدرب الصحيح؟!
أم تحزن إن إسراء فتاة لم تتمناها لابنها يومًا؟!
طرقٌ عنيق أفزعهم، وجعل بلال يثب من مكانه ويندفع إلى الباب يفتحه في لهفة، ليُطالعه وجه سهير الدامي، فتراجع خطوة في ذعر، وأطل غضبٍ هائل من عينيه وهو يُردد:
_عماد اللي ضربك؟
وندت عن أخيها الصغير الفاغر فاه، شهقة جزع وهو يغمغم:
_سهير؟! حصل لك إيه؟
واندفع يضمها في قوة كأنما يريد أن يحميها، بينما غمغم بلال وهو يجذبها للداخل مغلقًا الباب:
_إيه اللي حصل؟
توقع ردًا منهارًا، أو بكاءٍ حار، أو أن ترتمي في حضنه وتبثه ما حصل، لكنها غمغمت في برود:
_عِماد ضربني واستنيت لما طلع من البيت وجيت على هنا.
فضغط بلال على ذراعها وهو يسألها في قسوة:
_ضربك ليه؟
فضحكت سهير هازئة، وقالت وهي تنظر له بعجزٍ مزق نياط قلبه:
_ضربني ليه إيه؟ قول كام مرة ضربك؟ كام مرة هانك؟! كم مرة زلك؟! كم مرة هددك متشفيش أهلك..
ثم شهقت في عنف باكية وهي تصيح:
_طقلني منه يا بلال انا آسفة عشان وفقت عليه رغم إنك حذرتني بس طلقني منه.
شهقت أمها باكية بفؤادٍ مكلوم، بينما استوحشت عينا بلال، وهو يجز على أسنانه، ثم تركها وركض إلى الخارج مستشيطًا غضبًا، متميزًا غيظًا، ونيران الحقد تغلي كالمرجل في صدره.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد
كانت إسراء في ذات اللحظة، قد أعطت أبيها دواؤه ودثرته بالغطاء وأطفئت أنوار الحجرة وتركته لينعم بالقليل من الراحة، وجلست هي تحادث ندى، عندما ارتفع رنين منزلها، ورأت الخادمة تتجه لفتحه ثم تعود بفزع وهي تقول بلوعة:
_ألحقي يا ست هانم الشرطة على الباب.
فهبت إسراء وهي تسألها:
_الشرطة!! بتعمل إيه؟
ووصلها هتاف ندى على الهاتف:
_في إيه يا إسراء، وإيه جاب الشرطة؟
_معرفش يا ندى أأقفلي دلوقتي لحد ما أشوف في إيه؟
أغلقت مع ندى وهي تهم بالخروج إلا أن افراد الشرطة ولجت للداخل منتشرة في إنحاء الشقة، والضابط يقف أمامها، متسائلًا:
_حضرتك إسراء الشهاوي؟
فارتعش جسد إسراء بصورة ملحوظة، وهي تهز رأسها تجيبه في توتر:
_ايوا، ايوا أنا.
فهدر الضابط بصوتٍ أجش:
_عندنا أمر من النيابة بالتفتيش، نفذ يا بني منك ليه .
وانحدرت الدموع من عيناي إسراء وهي تراقب الجنود قد انتشروا في كل الأرجاء، وعادت تنظر للضابط، قائلة في انهيار:
_تفتيش بامر من النيابة؟ ليه انا عملت إيه.
"لقينا ده يا فندم"
قالها أحد الجنود وهو يمسك بحقيبتها مخرجًا منها مادة بيضاء مغلفة، فالتقطه الضابط وفض الكيس وقربه من أنفه، قبل أن ينظر إليها، صائحًا:
_أهلًا.. مخدرات مرة وحدة؟!
وفغرت إسراء فاهً، واتسعت عينيها حتى بلغتا الذروة، وصوت الضابط يشق قلبها بقوله وهو ينصرف:
_هاتها يابني، لما نشوف أخرتها.
يتبع …
_إسراء، تتجوزيني؟
لِما بدت لها كلمته كقنبلة تفجرت بين جوانحها، فطفق صدرها تارة يعلو وتارة ينخفض بحركات متتالية وبأنفاسٍ متلاحقة، وتطلعت إليه مندهشة كأنه ألقى طلبًا من الخيال، متسعت العينين حتى يُخيل للراءى إنهما سيخرجان من محجريهما، وفغرت فاه ثم أخذت تطرف بأهدابها وتحدق فيه، ونطقت أخيرًا بصوت متلعثم، وَوجهٍ أسيف:
_أنت قُلت إيه؟
وأتبعت تقول وهي تشير بسبابتها إلى صدرها:
_عايز تتجوزني أنا!
زَمَّ بلال شفتيه، وجَهْم المُحَيَّا، وتوجس فؤاده خيفة من رفضها، لكنه بدده بحبها له، وطأطأ طرفه، قائلًا في هدوء:
_هو كلامي مش مفهوم؟! ها قُلتِ إيه تقبلي تتجوزيني؟!
فشخصت البصر به، كأنها ترى شبحًا خفيًا، هل يعي ما يتفوه به؟! بل هتسمع أذنيها جيدًا؟! أم تراهما قد أصيبتا بالصم؟! هل تصبح الدعوات نُصب العينين في طرفة عين بتلك السرعة الفائقة؟! لقد كان عشية أمس حلمٌ بعيد المنال! كقمرٍ تدور جُل افلاكها في محوره ولا تستطع أن تمسَّه!
وسالت أدمعها بغتة على خديها، فهاله ذلك وذُهل واندفع يقول منفعلًا:
_هو أنا قُلت حاجة غلط؟ بتعيطي ليه؟
فأسبلت جفنيها على دمعٍ لحلمٍ بات نُصب العين، وفتحت أجفانها تتطلع فيه بصمتٍ، وانفرجت شفتيها بترددٍ، فأستغلق عليه فهم ما تمر به، وتململ في جلسته وهو يسترخ في مقعده، وتطلع إلى عينيها بنظرة حانية، وقال بصوتٍ رخيم مبددًا توترها:
_لما بياكِ يطلع بخير وسلامة ويصبح بأفضل حال أنا هاجي أتقدم رسمي.
وأدهشه دمعها الذي استمطر في غزارة، ثم فعلت ما لم يكن يتوقعه، فقد هبت واقفة ورمقته بنظرة أخيرة ثم انطلقت تعدو من أمامه، فاستوى في جلسته مصدومًا، وبصره تعلق بظهرها الذي يندفع مثيرًا فضول وأعين كل الحاضرين، لم تلبث أن ألتفت إليه فأشاح بوجهه.
ربي اغفر ليّ ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات
أمسكت ندى إسراء الراكضة من كتفيها لتوقفها وهي تسأل بذعر:
_إسراء، مالك في إيه، بتجري ليه؟
فلهثت إسراء وهي تلتقط أنفاسها في صعوبة، وحاولت أن تتمالك نفسها، وهي تقول بصوت به رنة فرح:
_بلال قلي تتجوزيني.
حدجتها ندى بنظرة ثاقبة وقالت بجدية:
_وِوفقتِ؟
هزت إسراء رأسها وكتفيها وهي تُردد:
_لا جريت.
فدُهشت ندى وهي تتطلع إليها في بلاهة، متمتمة:
_جريتِ! جريتِ! جريتِ يا إسراء، زمانه بيقول عليكِ هبلة يا فقرية.
فضحكت إسراء وهي تواري ثغرها بكفها، وغمغمت:
_ما أنا هبلة فعلاً، في إيه لما يعرف إني هبلة..
واسترسلت وهي تهز منكبيها:
_دي الحقيقة عادي يعني.
فضربت ندى كفٍ بكف، قائلة:
_لا إله إلا الله.. أنتِ مش بس هبلة لأ وكمان عبيطة.
أستغفر الله وأتوب إليه
عدلت إسراء الوسادة وراء ظهر أبيها، وعاونته على الاسترخاء جيدًا على الفراش، بعد عودتهما من المستشفى، وهمت أن تبتعد عنه، عندما امسك معصمها وأجلسها بجانبه وهو يقول بنبرة أبوية:
_متقلقيش يا بنتي أنا اول ما هصلب طولي هدور على هشام البسيوني وهخليه يندم على اليوم اللي فكر فيه يأذيكِ فمش عاوزك تخافي لإني هقتله قبل ما يقتلك.
لم تستعب إسراء ما يقوله والدها، واعتقدت إنه يُلقي كلامًا غاضبًا فحسب، فهتفت وهي تربت على كفه:
_خف يا بابا بس الأول وبعد كده كل حاجة هتعدي بخير.
ونهضت وهي تتابع:
_هروح أشوفهم حضرولك الأكل ولا لسه.
وفي سيرها علا رنين الجرس، فصرفت الخادمة بإشارة من يدها وتوجهت هي لفتحه، وما كادت تفعل وترَ وجه القادم، حتى تهللت أساريرها مُهللة في سرور:
_عم مدحت أخيرًا قدرنا نشوفك يا راجل؟
وأفسحت الطريق مرحبة به وهي تهتف:
_تعالَ أدخل يا عمو أتفضل.
ضحك مدحت وهو يعبر الباب، وقد سُر بها سرورًا بدا على وجهه وهو يقول:
_وحشتي عمك مدحت جدًا يا سوسو، طمنيني عنك عاملة إيه؟
كان مدحت صديق أبيها المُقرب، يمتلك مصنع حلويات.. بل مصانع حلويات شهير وله اسمه في ذاك العالم.
جذبته إسراء من مرفقه إلى إحدى الأرائك وأجلسته، واستقرت بجانبه وهي لا تزل متعلقة بذراعه، وتغمغم بصوتٍ خافت:
_قبل ما تدخل لبابا عايزة منك طلب!
فتلاشى المرح من على صفحة وجهه، وحل محله مسحة من حنان واهتمام، وقال بجدية وهو يرنو إليها ببصره:
_طبعًا يابنتي اطلبي اللي أنتِ عايزه.
فتحمحمت إسراء تجلي حلقها، ثم غمغمت في هدوء:
_صراحة هما طلبين مش واحد.
فغمغم مدحت:
_عشرة ياستي مش اتنيين أنتِ تؤمري وعمك مدحت ينفذلك.
فتضرج وجنتيها من شدة الخجل، وهي تهمس في صوتٍ خفيض:
_في شخص أعرفه عايزاك تشوف له شغل عندك بمرتب حلو.
فتبسم مدحت في بساطة، وقال وهو يهز كتفيه في استخفاف:
_كل المقدمة والتوتر ده علشان الطلب البسيط ده، يا ستي اعتبريه حصل وكفاية إنه حد تبعك ومعرفة عشان أثق فيه، حتى إني كنت محتاح حد يوصل الطلبيات وأهِه تحلت على أيدك.. أبعتيه بكره على المصنع الرئيسي وهتفق معاه على كل حاجة.
ومال عليها مستطردًا:
_والطلب التاني؟!
صمتت إسراء وهي تخفض بصرها تارة وترفعه تارة في توتر ملحوظ، قبل أن تغمغم في ارتباك:
_هو طلب خاص، خاص بيا أنا.
وسكتت لردحًا من الزمن رفعت فيه بصرها إلى السقف، وثبتت قليلًا على ذلك، ثم هبطتت بصرها إليه، فحثها على الحديث بإماة من عينيه، وتنهدت في عمق، قبل أن تستطرد في صوت تشوبه المرارة:
_في شاب عايز يجي يتقدم ليّ.
فقال مدحت متعجبًا:
_ومالك بتقوليها بمرارة كده ليه؟
ومال بفمه على أذنها هامسًا:
_بتحبيه؟!
فأطرقت برأسها للحظات، ثم هزت رأسها بالإيجاب، فتبسم مدحت في هدوء، قائلًا:
_فين المشكلة بقا؟
_بابا مش موافق!
ضيق مدحت عينيه مقطب الجبين، وتمتم:
_امم، فهمت أنتِ عايزني اقنع بابا بيه!
أومأت مجددًا برأسها، وهتفت وهي تتطلع إليه في لهفة:
_أنت مش كنت دايمًا معترض إني ابقى ممثلة؟ الشاب ده هو اللي أقنعني.. بل هو اللي رد فيَّ الروح وأنعش قلبي.
ربت مدحت على كتفها، ثم استوى واقفًا وهو يردد لها بكلماتٍ مطمئنة وإنه سيفلح في رضا أبيها حتمًا.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد
آثار انتباه سهير رنين هاتف عماد الذي لا يكف منذُ دقائق معدودات، فأشتعل فضولها وتوجهت إلى الهاتف القابع على المائدة بحذر، وهي تُراقب باب (دورة المياة) بقلق وتطلعت في شاشة الهاتف ليقابلها اسم إسراء ينير الشاشة، فرفعت حاجبًا في دهشة، وخامرها هاجسٌ عجيب، وهمَّت أن تلتقط الهاتف وتجيب عليها، لولا إن فُتحَ الباب وبرز عماد وهو يجفف رأسه ولم يكد يبصر وقوفها وهاتفه في راحتها، حتى التهم الخطوات في سرعة ويجذب منها الهاتف الذي خمد رنينه، ونهرها وهو يلكزها بمرفقه في غلظة:
_مين إداكِي الإذن تمسكي تلفوني؟
فعقدت سهير ساعديها أمام صدرها، وهي تهتف:
_مش محتاجة إذن على ما أفتكر لإن ده حقي، وبعدين إسراء بترن عليك ليه؟
فتحاشى النظر عنها مرتبكًا، ووارى توتره بضحكة منفعلة متوترة، وهو يمسد على شعره مغمغمًا:
_عادي يعني.
حدجته سهير بنظرة مشتعلة، وهدرت به:
_يعني إيه عادي؟! بقولك إسراء بترن ليه عليك وعايزة إجابة.
فبرقت عينا عماد بلهفة وهو يمسك كتفيها، مهللًا في بهجة:
_عشان هتشوف ليّ شغل حلو وبمرتب مكنتش بحلم بيه، يعني هنطلع في العالي مش هخليكِ محتاجة حاجة أنتِ والقرود الصغيرة.
فرمقته سهير بازدراء، وهي تحل عقدة ساعديها، قائلة بجدية:
_إيه القرود الصغيرة دي.
فقهق عماد في غبطة، وأمسك كتفيها وأخذ يدور بها، مرددًا في غبطة:
_بقا مش عارفة مين القرود الصغيرة؟! القرود هيكونوا عيالنا إن شاء الله اللي انا بعمل كل ده عشانهم.
وتوقف عن الدوران بها، بينما ترمقه هي بازدراء، وصاحت بنبرة بها رنة تهكم:
_عِماد أنت متأكد إنك بني آدم؟! عيال إيه اللي بتعمل كل ده عشانهم؟ دا انا من يوم متجوزتك وأنت مدتنيش قرش من بخلك هو أنت متخيل إنك ممكن تبقى أب بندالتك دي…؟
هوى كفه بلطمة قوية على وجنتها، جعلت رأسها تدور على جانبها وهي تبسط كفها على وجنتها مكان لطمته، متسعت العينين، واجفة القلب..
صفعة!!
ألأن قد تلقت صفعة؟!
أهي في حلمٌ أم واقع مرير!
مال جُل أحلامها وأمنياتها قد تهاوت فجأة من برجٍ سحيق أمام عينيها دون أن تقوَّى على التمسك بأيٍّ منهم!
أُنتزعت من شرودها على صوته البغيض يجأر فيها:
_الندل ده هيوريكِ ازاي تكلميه باحترام …
قال جملته بتريث شديد وهو يسحب حزام من فوق المشجب، وتراجعت سهير..
تراجعت مصعوقة وهي تحدق فيه..
كأنما تحدق في شبح، وأحست بأنفاسها تُزهق، وبأن الكلمات احتبست بغتةً في حلقها وأوصدت، كانت تتراجع وهو يقترب بتمهل ويلف طرف الحزام بين أصابعه، حتى سقطت على الأريكة، وهوى..
هوى الحزام على جسدها في قوة، وصوت عماد يضيع بين صراخها عنيفًا:
_لو أهلك وأخوكِ اللي اسمه بلال ده وشايف نفسه مربكيش أنا بقا اللي هربيكي، هربيكِي عشان تقدري جوزك وتعرفي إزاي تحترميه وتعيشي خدامة تحت رجليه وتقولي حاضر ونعم وتغمي عينك عن كل حاجة بتحصل.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد
جلس بلال بجانب أمه بعدما لثم كفها بكل حنان واحترام، قائلًا في هدوء:
_ماما، أنا عايز استشيرك في حاجة؟
فرفعت الألم كفها، ومدت يدها تتلمس الطريق لوجهه، وتحسسته في حنان، وهي تقول:
_قول يا بني لعله خير يا حبيبي.
رمى بلال نظرة متوترة إلى أخيه عمرو المنكب على دروسه، وقال بعد تنهيدة عميقة:
_ماما، بصراحة أنا قررت أتجوز.
صمت، ولم تنبس والدته كأن الموضوع فاجئها، ثم تهللت أساريرها، واستدركت في تبسم حنون:
_دا يوم المنى يا حبيبي، بس.. بس أنت لسه مخصلتش شقتك؟!
مسد بلال جبهته بارهاق، وقال في هدوء:
_هنتجوز ونقعد معاكِ هنا أنتِ وعمرو وهجهز الشقة بعدين.
ثم اتبع يقول في مرح:
_ولا أنتِ مش عايزنا نقعد معاكي؟
ضربته والدته بخفة على وجنته، وهي تقول من بين ضحكاتها:
_تقعدو جوة عيوني يا حبيبي لو مشلكمش البيت.
نهض بلال مقبلًا عينيها، بينما هي تهمس:
_إسراء صح؟
فازدرد بلال لعابه وهو يهز رأسه، قائلًا:
_ايوا.
كانت تدرك بأمومتها إنها هي ومن غيرها قلب حياة ابنها وبدلها؟!
ابنها لم يعد هو.
به شيئًا تغير..
لم يعد يؤذن في الجامع!
كف عن تحفيظ أخيه وأبناء الجيران..
وما خُفى كان أعظم..
لا تدري أتفرح إنه تدارك نفسه وأراد أن يسير على الدرب الصحيح؟!
أم تحزن إن إسراء فتاة لم تتمناها لابنها يومًا؟!
طرقٌ عنيق أفزعهم، وجعل بلال يثب من مكانه ويندفع إلى الباب يفتحه في لهفة، ليُطالعه وجه سهير الدامي، فتراجع خطوة في ذعر، وأطل غضبٍ هائل من عينيه وهو يُردد:
_عماد اللي ضربك؟
وندت عن أخيها الصغير الفاغر فاه، شهقة جزع وهو يغمغم:
_سهير؟! حصل لك إيه؟
واندفع يضمها في قوة كأنما يريد أن يحميها، بينما غمغم بلال وهو يجذبها للداخل مغلقًا الباب:
_إيه اللي حصل؟
توقع ردًا منهارًا، أو بكاءٍ حار، أو أن ترتمي في حضنه وتبثه ما حصل، لكنها غمغمت في برود:
_عِماد ضربني واستنيت لما طلع من البيت وجيت على هنا.
فضغط بلال على ذراعها وهو يسألها في قسوة:
_ضربك ليه؟
فضحكت سهير هازئة، وقالت وهي تنظر له بعجزٍ مزق نياط قلبه:
_ضربني ليه إيه؟ قول كام مرة ضربك؟ كام مرة هانك؟! كم مرة زلك؟! كم مرة هددك متشفيش أهلك..
ثم شهقت في عنف باكية وهي تصيح:
_طقلني منه يا بلال انا آسفة عشان وفقت عليه رغم إنك حذرتني بس طلقني منه.
شهقت أمها باكية بفؤادٍ مكلوم، بينما استوحشت عينا بلال، وهو يجز على أسنانه، ثم تركها وركض إلى الخارج مستشيطًا غضبًا، متميزًا غيظًا، ونيران الحقد تغلي كالمرجل في صدره.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد
كانت إسراء في ذات اللحظة، قد أعطت أبيها دواؤه ودثرته بالغطاء وأطفئت أنوار الحجرة وتركته لينعم بالقليل من الراحة، وجلست هي تحادث ندى، عندما ارتفع رنين منزلها، ورأت الخادمة تتجه لفتحه ثم تعود بفزع وهي تقول بلوعة:
_ألحقي يا ست هانم الشرطة على الباب.
فهبت إسراء وهي تسألها:
_الشرطة!! بتعمل إيه؟
ووصلها هتاف ندى على الهاتف:
_في إيه يا إسراء، وإيه جاب الشرطة؟
_معرفش يا ندى أأقفلي دلوقتي لحد ما أشوف في إيه؟
أغلقت مع ندى وهي تهم بالخروج إلا أن افراد الشرطة ولجت للداخل منتشرة في إنحاء الشقة، والضابط يقف أمامها، متسائلًا:
_حضرتك إسراء الشهاوي؟
فارتعش جسد إسراء بصورة ملحوظة، وهي تهز رأسها تجيبه في توتر:
_ايوا، ايوا أنا.
فهدر الضابط بصوتٍ أجش:
_عندنا أمر من النيابة بالتفتيش، نفذ يا بني منك ليه .
وانحدرت الدموع من عيناي إسراء وهي تراقب الجنود قد انتشروا في كل الأرجاء، وعادت تنظر للضابط، قائلة في انهيار:
_تفتيش بامر من النيابة؟ ليه انا عملت إيه.
"لقينا ده يا فندم"
قالها أحد الجنود وهو يمسك بحقيبتها مخرجًا منها مادة بيضاء مغلفة، فالتقطه الضابط وفض الكيس وقربه من أنفه، قبل أن ينظر إليها، صائحًا:
_أهلًا.. مخدرات مرة وحدة؟!
وفغرت إسراء فاهً، واتسعت عينيها حتى بلغتا الذروة، وصوت الضابط يشق قلبها بقوله وهو ينصرف:
_هاتها يابني، لما نشوف أخرتها.
يتبع …
لمتابعة باقي الحلقات الرواية تابعنا علي قناة تليجرام
الاكثر قراءة هذا الشهر :
انتهت أحداث رواية والتقينا الفصل الثالث عشر، لمتابعة باقى أحداث رواية والتقينا الفصل الرابع عشر أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة إلى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله.