رواية فطنة القلب الفصل الثاني عشر من روايات سلمي خالد . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية مصرية ، تعد الرواية واحدة من اجمل الروايات رومانسية والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية فطنة القلب كاملة بقلم سلمى خالد من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية الدهاشنة pdf كاملة من خلال موقعنا .
رواية فطنة القلب «قطوف الياسمين» الفصل الثاني عشر
فِطْنَة اَلْقَلْبِ
«قطوف الياسمين»
بقلم سلمى خالد " سماسيموو"
سبحانك اللهم بحمدك سبحان الله العظيم
الفصل الثاني عشر
(اَلْبَلْدَةُ)
نظرة حادة يحدق بها ياسين، يردد بصوتٍ حاد:
_ هل ستبقيني كثيرًا على الباب!
حرك ياسين رأسه بنفيٍ، يجيب ببعض التوتر:
_ لا بطبع يا ابي.. قصدي لا طبعًا يا بابا اتفضل.
دلف مهران إلى الداخل بهدوء، يجلس على الاريكة، في حين جلس ياسين ينظر له بتوترٍ ثم قال ببعض التعجب الخفي:
_ هو حضرتك ايه اللي جابك.. قصدي جيت ليه.. لا نيتي يعني حضرتك مبتحبش السفر إزاي يعني جيت؟!
نظرة ساخرة ملأت عينيه، يجيبه بصوتٍ يملأه السخط والجمود:
_ ربما لأن ابني لم يقوم بواجبه معي ولم ينفذ ما اقوله!
حك ياسين انفه بحرجٍ، يردد بصوتٍ خافت:
_ يا بابا صدقني كلمتهم وقولتلهم.. بس لسه من قريب مصدقين وياسمين بنت عمي محمد حد ضربها بمفك وعملت عملية عشان كده معرفتش اكلمك.
نهض مهران في خوفٍ، يندفع بالحديث:
_ إذا هيا!
:_ هيا ايه لامؤاخذة؟!
قالها ياسين بعدم فهم، فضرب والده العكاز بالأرض يغمغم بصوتٍ كالرعد:
_ انتبه قليلًا وإلا ستُعاقب، سنذهب إليهم كي يطمئن قلبي عليها.. يكفي أنني لم ألحق بشقيقي لأجل كسل أحد هنا.
نهض ياسين على مضاضة، يهمس بصوتٍ مختنق:
_ أنتِ اكتر انسانة بومة عرفتها يا مريم!
انتبه له والده يردد:
_ ماذا تقول؟!
حرك ياسين رأسه بنفيٍ، يتمتم:
_ لا شيء يا ابي لا شيء.
****
وصل كلًا من ياسين ومهران إلى منزل محمد العطار، وضغط على زر الجرس، دقائق وكان الباب يفتح من قطوف، التي كان يمتلأ وجهها بالشحم، علت بسمة ساخرة وجه ياسين، في حين تطلع لها مهران بدهشة قائلًا:
_ ما الذي على وجهك!!
سقط فم قطوف من حديث مهران، في حين لحق ياسين اندهش قطوف مرددًا من بين اسنانه يعلم ان والده شخص لا يحب المندهشين بهذه البلاهة:
_ ايه اللي في وشك دا!
فاقت من صدمتها، تجيب وعيناها متعلقتان بمهران:
_ كـ..كنت بصلح العربية وايدي متبهدلة وبهدلت وشي من غير قصد.
ابتسم مهران لها في حنو، ثم قال بنبرة حنونة:
_ دعيني ندلف كي نتحدث.
افسحت لهما المجال، ولكن نظرات الصدمة لا تزال عالقة بها، وبالفعل دلف مهران ومن خلفه ياسين الذي أردف سريعًا كي يزيل صدمتها:
_ اقفلي بوقك دا.. ولدي اللي هو عمك مهران بيحب اللغة العربية وبيعتز بيها لأنها لغة القرآن الكريم.. وعشان كده مش بيتكلم غير بيها.
ازداد ذهولها أكثر، في حين مسح ياسين على وجهه بغيظٍ، يردف بصوتٍ مغتاظ:
_ يا بت هو أنا بقولك افتحيه أكتر... أقفلي بوقك دا وخلينا نخلص.. أنتِ بومة زي صحبتك.
تركها وركض خلف والده، في حين تقدمت منهما قطوف بدهشة، تتطلع نحو عمها بتعجب، أردف مهران بصوتٍ هادئ:
_ انظري يا عزيزتي... سأروي لكِ القصة كاملة بدلًا من أحد لم يكلف ذاته أن يقوم بعمله على أكمل وجه ويعرفكم بيّ .. عندما كنت صغيرًا كان لدي أخ يدعى محمد ولكن لم يحمل من الأعوام سوى عام واحد.. اخذته جدتك وسافرت، ولكنها كانت تحمل بأحشائها طفل اخر..
علقت قطوف بصدمة قائلة:
_ أحشائها!!
حرك رأسه في جدية، يكمل حديثه بتأكيد:
_ نعم! هي عمتك الآن.. لم ترغب جدتك في أن تخبر لمحمد ومرفت أن لهما أب لايزال على قيد الحياة.. وعندما توفى ابي اوصاني أن ابحث عن اشقائي واحضرهم كي يأخذوا نصيبهم ويقيمون معانا... لذا اتيت اليوم كي أخذكم إلى منزلكم الأصلي.
ازدردت لعابها بصعوبة، في حين أكمل مهران ببسمة سعيدة:
_ أين ياسمين أريد رؤيتها.. علمت أنها تمر بوعكة صحية!
:_ وعكة! وصحية!
حدقت به في ذهول لا يزال يعتريها، في حين حرك مهران رأسه بإيجابية، تحركت قطوف كي تنادي شقيقتها، ولكن حالة الذهول لا تزال تسيطر عليها.
في حين نظر مهران نحو ياسين الذي يحرك قدمه بغيظٍ بعدما فشلت خطته في التقدم لمريم، حدثه مهران بحدة:
_ توقف عن الاهتزاز هكذا.. وضع بحسبانك أنك ستأتي للبلدة.. ولا تحاول الرفض كي لا أرغمك بأن تبقى هناك.
وضع ياسين يده على فمه قائلًا بغيظٍ:
_ اهوه يابا.. اهوه.
هبطت ياسمين للأسفل بتعجبٍ، فهي لا تعلم أي شيء عن حديثه، وقفت ياسمين أمام مهران الذي ابتسم لها بحنو يتقدم نحو محتضن اياها بدفءٍ يردد:
_ عزيزتي ياسمين.. حمد لله على سلامتك يا ابنتي.. واخيرًا رأيتك أمام عيني أنتِ وشقيقتك.
أشار نحو قطوف بأن تأتي، وبالفعل استجابة له فادخلها بحضنٍ دافئ حنون، شعرت كلتا الفتاتان بشعورٍ كان قد فقداه منذ وقت، تشبثا كلًا منهما به بشدة، فلعل بعض الدفء يزيل برودة هذه الغربة.
نظر لهما مهران بعد أن ابعدهما بحنو يردد:
_ حسنًا سأبقى معكما الليلة وبعد الغد سنسافر للبلدة... يجب أن تروا اقاربكم.
تعجبت ياسمين من طريقته ونظرت نحو قطوف التي اشارت لها بانها ستخبرها بكل شيء لاحقًا، عادت تنظر إلى مهران وإلى طريقته الغريبة التي احبتها بشدة، في حين حركت قطوف رأسها بإيجابية تشعر بوجود فرصة كي تغير هذا الجو المُربك.
****
صباحًا..
هبطت قطوف للأسفل كي ترى زرعتها، ولكن أثناء خروجها وجدت مازن يقف مع ياسين يتحدثان، تفاجأت بها ولكنها لم تنتظر لحظة واحدة وانطلقت نحوه متناسية ياسين تردد:
_ أنت أزاي تختفي كده! وتسبني لوحدي!
نظر لها مازن بصمتٍ، فقط يتطلع لانفعالاتها الزائدة، في حين اختفى ياسين من امامهما فهي لحظة خاصة بينهما، كاد مازن أن يستدير ولكن اوقفته قطوف تهدر بغيظٍ:
_ مـــــازن!
استدار نحوه ببرودٍ يتمتم:
_ نعم.
كادت قطوف أن تنفجر، ولكنها حاولت التماسك تردف من بين اسنانها:
_ أنت اختفيت فين!
رفع حاجبه باستنكار، ثم اجابها بسخريةٍ:
_ مش أنتِ برضو نفس الشخص اللي قال ابعد ولا إيه؟!
ازدردت لعابها بحرجٍ، ثم قالت بنبرة هادئة:
_ مكنتش أقصد!
ابتسامة ساخرة تعلو ثغره، يردف بصوتٍ جليديّ:
_ تقصدي أو لاء مش هتفرق.. ياريت المرة الجاية متتخطيش حدودك معايا.. واعرفي المربع اللي أنتِ فيه.. سلام.
كاد أن يدلف للمنزل ولكن أوقفته قطوف تردد:
_ ولما كل واحد في حدوده بتهتم بالزرع بتاعي ليه؟!
تجمد مازن قليلًا ثم قال بنبرة هادئ تحمل بين طياتها عتاب:
_ عشان بقى زي بظبط وحيد وكله سابه.. وأنتِ أول واحدة المفروض تراعيه سبتيه .
تركها ودلف للمنزل كي يقابل عمه بعدما اتصل به ياسين وأخبره، في حين بقيت قطوف تشعر بألم يعتصر قلبها، هي لم تقصد ما فعلته به! شعرت بأنها يجب أن تنظر لحياتها معه بشكلٍ آخر!
دلفت للداخل كي تتصل بصديقتها، تأتي لها كي تودعها.
*****
:_ يا بجاحتك يا شيخة.. يعني واخده الواد غسيل ومكوة وكمان عايزة لما تقولي أنا آسفة يسامحك ويقولك محصلش حاجة.. هيدوس على زرار وانسى اللي هببتيه!
قالتها مريم بغيظٍ منها، في حين تطلعت لها قطوف باختناق قائلة:
_ ماشي انا غلطانة مش هنكر.. بس اعتذارت المفروض يسامحني!
قذفتها مريم بأحدى الكتب، تصرخ بها غاضبة:
_ أنتِ معندكيش دم يابت أنتِ... كمان عملتيه المفروض.. قطوف مازن سامحك كتير وعدى كتير معاكي.. وأنتِ مش بتتعلمي من غلطك وحقه أنه يعمل أكتر من كده.. واللي المفروض يحصل أنك تفضلي وراه شوية لحد ما يسامحك.
:_ بس..
قاطعتها مريم تردد بحدة:
_ متخلنيش احلف مية يمين لو زودتي حرف اخليكي تروحي تعتذري ليه وقدام الكل وهو لو مسامحكيش يطلقك وياخد ورثك ونرميكي في الشارع.
رمقتها قطوف نظرة حاقنة، تغمغم بغيظٍ:
_ أنتِ جاية عليا بزيادة!
رفعت مريم حاجبها تجيب:
_ وأنتِ جاية عليه بزيادة!
نفخت بضيقٍ ثم نظرت من النافذة الخاصة بغرفتها، في حين اردفت مريم متسائلة:
_ هو أنتم هتطول هناك؟!
حركت قطوف رأسها بعدم علمها، في حين تشكل الحزن بملامح مريم، رأت قطوف الحزن ظاهرًا بملامح صديقتها فأردفت باقتراح:
_ طب روحي قولي لمامتك تيجي معانا.. واهو تزوروا اهلكم هناك.. مش أنتِ جدك عايش هناك!
حركت مريم رأسها بإيجابية، ثم نهضت بحماسٍ:
_ ايوة.. صح خلاص هروح اقنعها ونسافر سوا.
ابتسمت قطوف ببعض الراحة من وجود شقيقتها، لاحظت مريم شرود قطوف فأردفت بهدوءٍ:
_ خايفة؟!
حدقت بها قليلًا، ثم قالت:
_ مش عارفة.. بس لما عمو مهران حضني حسيت احساس غريب كده.. بس كان جميل.. حسيت أن ضهري متكسرش كله.. أن ليا حد هستخبى بحضنه وقت ما اقع... بس لما قال هنروح هناك خوفت وفي نفس الوقت اتحمست عايزة اعرف ليا إيه هناك.. هحب هناك ولا لاء كده!
حركت مريم رأسها بتفهمٍ، ثم حملت حقيبتها كي تخبر والدتها، سارت بطرقة كي تهبط الدرج، ولكنها اشتمت رائحة العطر الخاصة بياسين، ابتسمت في الخفاء ثم قالت:
_ هتفضل مراقبني! على فكرة كده غلط!
دُهش ياسين من معرفتها لمكانه، فهو خفيف كالظل لا يشعر به أحد، تسأل بدهشة:
_ عرفتي ازاي إني براقبك!
:_ من البرفيوم بتاعك.
قالتها بدهاء، في حين ذُهل ياسين منها وأردف ببلاهة:
_ ما شاء الله بومة وكمان كلبة بوليسية.
اشتعلت عين مريم من الغيظ، تردد بضيق:
_ اتصدق إني غلطانة اني بقولك السبب كنت سبتك كده لفضولك.. ثم بترقبني ليه ولا بتبص عليا ليه يا استاذ يا محترم.. ياريت تخلي بالك على مناخيرك!
وضع ياسين يده على نفه، ثم قال بتعجبٍ:
_ ليه مالها!
ابتسمت مريم ببرودٍ تجيب:
_ حشره نفسها بحياتي والمرة الجاية هكسرها.
تركته مغادرة المكان في حين شعر ياسين بغضبٍ من طريقتها، فأسرع يردد:
_ بكرة هتيجي تحت ايدي وساعتها مش هحلك يا مريم اصبري عليا النحس بس يتفك واعرف اتقدملك.
****
أخبرت مريم والدتها بما حدث ووافقت للذهاب إلى البلدة فقد كانت فرصة سانحة لهما كي يجددوا الوصال ويعملوا بصلة الرحم، أتت مرفت بعد دعوة مهران لها واندهشت من اللغة العربية التي يتحدث بها ولكنها تجاهلت الأمر فكل ما يهمها ان تعلم مدى الثروة الموجودة هناك، في حين أعجب مازن بطريقة مهران وشعر بأنه ليس عاديًا كما ظن.
اتى موعد السفر واعد الجميع نفسهم للسفر وبالفعل انطلقوا سويًا ( مازن، ياسين، مهران، مرفت، قطوف، ياسمين، مريم، نهاد) ولكن الجميع يحمل مشاعر متضاربة!
****
ترجل عائلة العطار من السيارة، يقفوا أمام منزل كبير يحمل طبقان، تقدم مهران يسير بهيبته من الحديقة المرفقة للمنزل، حتى استقبلته زينة زوجته، تردف بصوتٍ سعيد:
_ حمدلله على السلامة.. نورتوا البلد.
تقدمت نحو قطوف تحتضنها بحبٍ، ثم ياسمين واخيرًا ابنها الذي اشتاقت له وبشدة، ومرفت التي شعرت أنها ستموت من طريقة زينة، واشارت بالسلام لمازن، اردف مهران بصوتٍ هادئ:
_ أين طعام!
أشارت له زينة ببهجة ظاهرة مردفة:
_ چوا.. تعالى الغدا چاهز.
دلف الجميع، قطوف وياسمين يشعران بالسعادة من طريقة تلك السيدة، في حين أرد مازن أن يستريح بعيدًا عن الضجيج.
توقف مهران يشير لأحد ابنه يحمل بعض من ملامحه ولكنها هادئة للغاية، بشرة خمرية وعينان بنيتان، جسد متناسق رياضي، اردف:
_ زين العطار ابني البكري.. ولديه ابنة صغيرة للغاية تسمى ورد حفيدتي الأولى.. وهذه تدعى ملك ابنتي الثانية وهذا زوجها جمال.
ارتعشت ياسمين بشدة من ذكر هذا الاسم أمامها ليست نفس الشخصية ولكن مجرد ذكر اسمه جعلتها ترتعش بشدة تشعر بأنه سينقض عليها بأي لحظة، لاحظ الجميع خوفها حتى اقتربت منها قطوف تردد:
_ أهدي يا حبيبتي محدش هيقرب منك وكلنا اهوه حوليكي مازن وأنا وعمو وياسين محدش هيعرف يأذيكي.
هدأت ياسمين بعض الشيء، في حين شعر زين بوجود خطبًا ما بها ولكنه لم يرغب بالسؤال، تحدث مهران سريعًا:
_ لنذهب إلى الطعام هيا.
تقدم الجميع من السفرة وبدأوا بتناول الطعام وسط حديث زينة المسرور بوجودهم.
****
نهض الجميع من الطعام، وبدأوا بتناول الشاي، ولكن تحدث مهران بصوتٍ جاد:
_ زينة.. أذهبي مع ياسمين إلى غرفتها.. ثم مازن وقطوف إلى غرفتهما.. ومرفت بغرفة لها.
شرقت قطوف ما أن استمعت لحديث مهران، ونهضت زينة سريعًا تتمتم بفزعٍ:
_ اسم عليكي يا بِتي.. أنت بخير!
حركت قطوف رأسها في ايجابية، ولكن تعلق نظرها بمازن الذي لم يظهر أي ردة فعل، ابتلعت حلقها بصعوبة، وبعد وقت نهضوا جميعًا إلى غرفهم، وما أن وصل كل شخص غرفته حتى غفى على الفراش فيما عدا قطوف ومازن..
***
:_ أنا مش بعرف أنام وحد معايا في الأوضة!
قالتها قطوف بتوترٍ شديد، في حين حرك مازن كتفه بلامبالاة يجيب ببرودٍ:
_ دي مشكلتك مش مشكلتي.
رمقته بنظرة مغتاظة ثم نظرت للسرير تتساءل بتعجب:
_ هو مين فينا هينام على السرير؟!
ابتسم مازن بخبثٍ، يتقدم نحو الفراش كي يستريح عليه:
_ والله أنا مش هنام على الأرض عشانك.. وكمان معنديش مشاكل تنامي جنبي أنتِ اللي عندك المشكلة حليها مع نفسك.
عضت قطوف على شفتيها بغضبٍ، تريد أن تصفع مازن بقوة، ولكنها لن تقدر، أخذت ملابسها ودلفت للحمام كي تبدلها فما كانت سوى منامة مكونة من سروال واسع وتي- شيرت باللون البنكي مرسوم عليها بعض الفراشات، ثم رفعت شعرها على هيئة كعكة، نظرت لذاتها بالمرآة بضيقٍ فالجو حار ولن تستطيع البقاء بملابس كثيرة، وبالوقت ذاته لا تريد أن يراها مازن هكذا.. تنهدت قليلًا وقررت البقاء بالحمام قليلًا حتى يغفو.
مر وقت فتحت فيه قطوف الباب، ثم اخرجت رأسها تتأكد من نوم مازن، وما أن وجدته مغمض العينان حتى زفرت براحةٍ تردف بسعادة:
_ كويس أنه نام.
خرجت من الغرفة، وقررت أن تضع الوسادة على الأرض وتنام هذه الليلة، وبالفعل ما أن وضعتها حتى غفت من التعب.
نهض مازن من السرير، يتقدم بهدوءٍ نحو قطوف التي ولأول مرة يراها بهذا الشكل، دائمًا ترتدي ملابس رجالية، تبقى بغالب الوقت بالحجاب، لا يرى وجهها سوى بشحمٍ، زحفت بسمة صغيرة نحو شفتيه، يمد يده نحو تلك الخصلة المتمردة على وجهها يرجعها للخلف، كاد أن يرفع يده، ولكن استدارت قطوف بجانبها حتى بقت يده أسفل وجنتها، حدق بها مازن قليلًا، ولكن تحولت تلك النظرة إلى حبٍ ما أن وجدها تبتسم دون أن تشعر.
سحب يديه ثم وضعها أسفل قدمها والأخر أسفل ظهرها وحملها بهدوءٍ حتى وضعها على الفراش، يردد بنبرة هامسة:
_ حبيتك إزاي مش عارف.. بس بقيت بحب أشوفك كتير... وبحب كلامك رغم الغبوة اللي فيه.. ياريت تعرفي إن لو الدنيا كلها جت عليكي مستحيل أنا أ أذيكي.
نهض من مكانه يقف أمام النافذة يتأمل السماء، ولكن بلحظةٍ استمع لصوت صراخ عالي يأتي من الأسفل!
يتبع.
«قطوف الياسمين»
بقلم سلمى خالد " سماسيموو"
سبحانك اللهم بحمدك سبحان الله العظيم
الفصل الثاني عشر
(اَلْبَلْدَةُ)
نظرة حادة يحدق بها ياسين، يردد بصوتٍ حاد:
_ هل ستبقيني كثيرًا على الباب!
حرك ياسين رأسه بنفيٍ، يجيب ببعض التوتر:
_ لا بطبع يا ابي.. قصدي لا طبعًا يا بابا اتفضل.
دلف مهران إلى الداخل بهدوء، يجلس على الاريكة، في حين جلس ياسين ينظر له بتوترٍ ثم قال ببعض التعجب الخفي:
_ هو حضرتك ايه اللي جابك.. قصدي جيت ليه.. لا نيتي يعني حضرتك مبتحبش السفر إزاي يعني جيت؟!
نظرة ساخرة ملأت عينيه، يجيبه بصوتٍ يملأه السخط والجمود:
_ ربما لأن ابني لم يقوم بواجبه معي ولم ينفذ ما اقوله!
حك ياسين انفه بحرجٍ، يردد بصوتٍ خافت:
_ يا بابا صدقني كلمتهم وقولتلهم.. بس لسه من قريب مصدقين وياسمين بنت عمي محمد حد ضربها بمفك وعملت عملية عشان كده معرفتش اكلمك.
نهض مهران في خوفٍ، يندفع بالحديث:
_ إذا هيا!
:_ هيا ايه لامؤاخذة؟!
قالها ياسين بعدم فهم، فضرب والده العكاز بالأرض يغمغم بصوتٍ كالرعد:
_ انتبه قليلًا وإلا ستُعاقب، سنذهب إليهم كي يطمئن قلبي عليها.. يكفي أنني لم ألحق بشقيقي لأجل كسل أحد هنا.
نهض ياسين على مضاضة، يهمس بصوتٍ مختنق:
_ أنتِ اكتر انسانة بومة عرفتها يا مريم!
انتبه له والده يردد:
_ ماذا تقول؟!
حرك ياسين رأسه بنفيٍ، يتمتم:
_ لا شيء يا ابي لا شيء.
****
وصل كلًا من ياسين ومهران إلى منزل محمد العطار، وضغط على زر الجرس، دقائق وكان الباب يفتح من قطوف، التي كان يمتلأ وجهها بالشحم، علت بسمة ساخرة وجه ياسين، في حين تطلع لها مهران بدهشة قائلًا:
_ ما الذي على وجهك!!
سقط فم قطوف من حديث مهران، في حين لحق ياسين اندهش قطوف مرددًا من بين اسنانه يعلم ان والده شخص لا يحب المندهشين بهذه البلاهة:
_ ايه اللي في وشك دا!
فاقت من صدمتها، تجيب وعيناها متعلقتان بمهران:
_ كـ..كنت بصلح العربية وايدي متبهدلة وبهدلت وشي من غير قصد.
ابتسم مهران لها في حنو، ثم قال بنبرة حنونة:
_ دعيني ندلف كي نتحدث.
افسحت لهما المجال، ولكن نظرات الصدمة لا تزال عالقة بها، وبالفعل دلف مهران ومن خلفه ياسين الذي أردف سريعًا كي يزيل صدمتها:
_ اقفلي بوقك دا.. ولدي اللي هو عمك مهران بيحب اللغة العربية وبيعتز بيها لأنها لغة القرآن الكريم.. وعشان كده مش بيتكلم غير بيها.
ازداد ذهولها أكثر، في حين مسح ياسين على وجهه بغيظٍ، يردف بصوتٍ مغتاظ:
_ يا بت هو أنا بقولك افتحيه أكتر... أقفلي بوقك دا وخلينا نخلص.. أنتِ بومة زي صحبتك.
تركها وركض خلف والده، في حين تقدمت منهما قطوف بدهشة، تتطلع نحو عمها بتعجب، أردف مهران بصوتٍ هادئ:
_ انظري يا عزيزتي... سأروي لكِ القصة كاملة بدلًا من أحد لم يكلف ذاته أن يقوم بعمله على أكمل وجه ويعرفكم بيّ .. عندما كنت صغيرًا كان لدي أخ يدعى محمد ولكن لم يحمل من الأعوام سوى عام واحد.. اخذته جدتك وسافرت، ولكنها كانت تحمل بأحشائها طفل اخر..
علقت قطوف بصدمة قائلة:
_ أحشائها!!
حرك رأسه في جدية، يكمل حديثه بتأكيد:
_ نعم! هي عمتك الآن.. لم ترغب جدتك في أن تخبر لمحمد ومرفت أن لهما أب لايزال على قيد الحياة.. وعندما توفى ابي اوصاني أن ابحث عن اشقائي واحضرهم كي يأخذوا نصيبهم ويقيمون معانا... لذا اتيت اليوم كي أخذكم إلى منزلكم الأصلي.
ازدردت لعابها بصعوبة، في حين أكمل مهران ببسمة سعيدة:
_ أين ياسمين أريد رؤيتها.. علمت أنها تمر بوعكة صحية!
:_ وعكة! وصحية!
حدقت به في ذهول لا يزال يعتريها، في حين حرك مهران رأسه بإيجابية، تحركت قطوف كي تنادي شقيقتها، ولكن حالة الذهول لا تزال تسيطر عليها.
في حين نظر مهران نحو ياسين الذي يحرك قدمه بغيظٍ بعدما فشلت خطته في التقدم لمريم، حدثه مهران بحدة:
_ توقف عن الاهتزاز هكذا.. وضع بحسبانك أنك ستأتي للبلدة.. ولا تحاول الرفض كي لا أرغمك بأن تبقى هناك.
وضع ياسين يده على فمه قائلًا بغيظٍ:
_ اهوه يابا.. اهوه.
هبطت ياسمين للأسفل بتعجبٍ، فهي لا تعلم أي شيء عن حديثه، وقفت ياسمين أمام مهران الذي ابتسم لها بحنو يتقدم نحو محتضن اياها بدفءٍ يردد:
_ عزيزتي ياسمين.. حمد لله على سلامتك يا ابنتي.. واخيرًا رأيتك أمام عيني أنتِ وشقيقتك.
أشار نحو قطوف بأن تأتي، وبالفعل استجابة له فادخلها بحضنٍ دافئ حنون، شعرت كلتا الفتاتان بشعورٍ كان قد فقداه منذ وقت، تشبثا كلًا منهما به بشدة، فلعل بعض الدفء يزيل برودة هذه الغربة.
نظر لهما مهران بعد أن ابعدهما بحنو يردد:
_ حسنًا سأبقى معكما الليلة وبعد الغد سنسافر للبلدة... يجب أن تروا اقاربكم.
تعجبت ياسمين من طريقته ونظرت نحو قطوف التي اشارت لها بانها ستخبرها بكل شيء لاحقًا، عادت تنظر إلى مهران وإلى طريقته الغريبة التي احبتها بشدة، في حين حركت قطوف رأسها بإيجابية تشعر بوجود فرصة كي تغير هذا الجو المُربك.
****
صباحًا..
هبطت قطوف للأسفل كي ترى زرعتها، ولكن أثناء خروجها وجدت مازن يقف مع ياسين يتحدثان، تفاجأت بها ولكنها لم تنتظر لحظة واحدة وانطلقت نحوه متناسية ياسين تردد:
_ أنت أزاي تختفي كده! وتسبني لوحدي!
نظر لها مازن بصمتٍ، فقط يتطلع لانفعالاتها الزائدة، في حين اختفى ياسين من امامهما فهي لحظة خاصة بينهما، كاد مازن أن يستدير ولكن اوقفته قطوف تهدر بغيظٍ:
_ مـــــازن!
استدار نحوه ببرودٍ يتمتم:
_ نعم.
كادت قطوف أن تنفجر، ولكنها حاولت التماسك تردف من بين اسنانها:
_ أنت اختفيت فين!
رفع حاجبه باستنكار، ثم اجابها بسخريةٍ:
_ مش أنتِ برضو نفس الشخص اللي قال ابعد ولا إيه؟!
ازدردت لعابها بحرجٍ، ثم قالت بنبرة هادئة:
_ مكنتش أقصد!
ابتسامة ساخرة تعلو ثغره، يردف بصوتٍ جليديّ:
_ تقصدي أو لاء مش هتفرق.. ياريت المرة الجاية متتخطيش حدودك معايا.. واعرفي المربع اللي أنتِ فيه.. سلام.
كاد أن يدلف للمنزل ولكن أوقفته قطوف تردد:
_ ولما كل واحد في حدوده بتهتم بالزرع بتاعي ليه؟!
تجمد مازن قليلًا ثم قال بنبرة هادئ تحمل بين طياتها عتاب:
_ عشان بقى زي بظبط وحيد وكله سابه.. وأنتِ أول واحدة المفروض تراعيه سبتيه .
تركها ودلف للمنزل كي يقابل عمه بعدما اتصل به ياسين وأخبره، في حين بقيت قطوف تشعر بألم يعتصر قلبها، هي لم تقصد ما فعلته به! شعرت بأنها يجب أن تنظر لحياتها معه بشكلٍ آخر!
دلفت للداخل كي تتصل بصديقتها، تأتي لها كي تودعها.
*****
:_ يا بجاحتك يا شيخة.. يعني واخده الواد غسيل ومكوة وكمان عايزة لما تقولي أنا آسفة يسامحك ويقولك محصلش حاجة.. هيدوس على زرار وانسى اللي هببتيه!
قالتها مريم بغيظٍ منها، في حين تطلعت لها قطوف باختناق قائلة:
_ ماشي انا غلطانة مش هنكر.. بس اعتذارت المفروض يسامحني!
قذفتها مريم بأحدى الكتب، تصرخ بها غاضبة:
_ أنتِ معندكيش دم يابت أنتِ... كمان عملتيه المفروض.. قطوف مازن سامحك كتير وعدى كتير معاكي.. وأنتِ مش بتتعلمي من غلطك وحقه أنه يعمل أكتر من كده.. واللي المفروض يحصل أنك تفضلي وراه شوية لحد ما يسامحك.
:_ بس..
قاطعتها مريم تردد بحدة:
_ متخلنيش احلف مية يمين لو زودتي حرف اخليكي تروحي تعتذري ليه وقدام الكل وهو لو مسامحكيش يطلقك وياخد ورثك ونرميكي في الشارع.
رمقتها قطوف نظرة حاقنة، تغمغم بغيظٍ:
_ أنتِ جاية عليا بزيادة!
رفعت مريم حاجبها تجيب:
_ وأنتِ جاية عليه بزيادة!
نفخت بضيقٍ ثم نظرت من النافذة الخاصة بغرفتها، في حين اردفت مريم متسائلة:
_ هو أنتم هتطول هناك؟!
حركت قطوف رأسها بعدم علمها، في حين تشكل الحزن بملامح مريم، رأت قطوف الحزن ظاهرًا بملامح صديقتها فأردفت باقتراح:
_ طب روحي قولي لمامتك تيجي معانا.. واهو تزوروا اهلكم هناك.. مش أنتِ جدك عايش هناك!
حركت مريم رأسها بإيجابية، ثم نهضت بحماسٍ:
_ ايوة.. صح خلاص هروح اقنعها ونسافر سوا.
ابتسمت قطوف ببعض الراحة من وجود شقيقتها، لاحظت مريم شرود قطوف فأردفت بهدوءٍ:
_ خايفة؟!
حدقت بها قليلًا، ثم قالت:
_ مش عارفة.. بس لما عمو مهران حضني حسيت احساس غريب كده.. بس كان جميل.. حسيت أن ضهري متكسرش كله.. أن ليا حد هستخبى بحضنه وقت ما اقع... بس لما قال هنروح هناك خوفت وفي نفس الوقت اتحمست عايزة اعرف ليا إيه هناك.. هحب هناك ولا لاء كده!
حركت مريم رأسها بتفهمٍ، ثم حملت حقيبتها كي تخبر والدتها، سارت بطرقة كي تهبط الدرج، ولكنها اشتمت رائحة العطر الخاصة بياسين، ابتسمت في الخفاء ثم قالت:
_ هتفضل مراقبني! على فكرة كده غلط!
دُهش ياسين من معرفتها لمكانه، فهو خفيف كالظل لا يشعر به أحد، تسأل بدهشة:
_ عرفتي ازاي إني براقبك!
:_ من البرفيوم بتاعك.
قالتها بدهاء، في حين ذُهل ياسين منها وأردف ببلاهة:
_ ما شاء الله بومة وكمان كلبة بوليسية.
اشتعلت عين مريم من الغيظ، تردد بضيق:
_ اتصدق إني غلطانة اني بقولك السبب كنت سبتك كده لفضولك.. ثم بترقبني ليه ولا بتبص عليا ليه يا استاذ يا محترم.. ياريت تخلي بالك على مناخيرك!
وضع ياسين يده على نفه، ثم قال بتعجبٍ:
_ ليه مالها!
ابتسمت مريم ببرودٍ تجيب:
_ حشره نفسها بحياتي والمرة الجاية هكسرها.
تركته مغادرة المكان في حين شعر ياسين بغضبٍ من طريقتها، فأسرع يردد:
_ بكرة هتيجي تحت ايدي وساعتها مش هحلك يا مريم اصبري عليا النحس بس يتفك واعرف اتقدملك.
****
أخبرت مريم والدتها بما حدث ووافقت للذهاب إلى البلدة فقد كانت فرصة سانحة لهما كي يجددوا الوصال ويعملوا بصلة الرحم، أتت مرفت بعد دعوة مهران لها واندهشت من اللغة العربية التي يتحدث بها ولكنها تجاهلت الأمر فكل ما يهمها ان تعلم مدى الثروة الموجودة هناك، في حين أعجب مازن بطريقة مهران وشعر بأنه ليس عاديًا كما ظن.
اتى موعد السفر واعد الجميع نفسهم للسفر وبالفعل انطلقوا سويًا ( مازن، ياسين، مهران، مرفت، قطوف، ياسمين، مريم، نهاد) ولكن الجميع يحمل مشاعر متضاربة!
****
ترجل عائلة العطار من السيارة، يقفوا أمام منزل كبير يحمل طبقان، تقدم مهران يسير بهيبته من الحديقة المرفقة للمنزل، حتى استقبلته زينة زوجته، تردف بصوتٍ سعيد:
_ حمدلله على السلامة.. نورتوا البلد.
تقدمت نحو قطوف تحتضنها بحبٍ، ثم ياسمين واخيرًا ابنها الذي اشتاقت له وبشدة، ومرفت التي شعرت أنها ستموت من طريقة زينة، واشارت بالسلام لمازن، اردف مهران بصوتٍ هادئ:
_ أين طعام!
أشارت له زينة ببهجة ظاهرة مردفة:
_ چوا.. تعالى الغدا چاهز.
دلف الجميع، قطوف وياسمين يشعران بالسعادة من طريقة تلك السيدة، في حين أرد مازن أن يستريح بعيدًا عن الضجيج.
توقف مهران يشير لأحد ابنه يحمل بعض من ملامحه ولكنها هادئة للغاية، بشرة خمرية وعينان بنيتان، جسد متناسق رياضي، اردف:
_ زين العطار ابني البكري.. ولديه ابنة صغيرة للغاية تسمى ورد حفيدتي الأولى.. وهذه تدعى ملك ابنتي الثانية وهذا زوجها جمال.
ارتعشت ياسمين بشدة من ذكر هذا الاسم أمامها ليست نفس الشخصية ولكن مجرد ذكر اسمه جعلتها ترتعش بشدة تشعر بأنه سينقض عليها بأي لحظة، لاحظ الجميع خوفها حتى اقتربت منها قطوف تردد:
_ أهدي يا حبيبتي محدش هيقرب منك وكلنا اهوه حوليكي مازن وأنا وعمو وياسين محدش هيعرف يأذيكي.
هدأت ياسمين بعض الشيء، في حين شعر زين بوجود خطبًا ما بها ولكنه لم يرغب بالسؤال، تحدث مهران سريعًا:
_ لنذهب إلى الطعام هيا.
تقدم الجميع من السفرة وبدأوا بتناول الطعام وسط حديث زينة المسرور بوجودهم.
****
نهض الجميع من الطعام، وبدأوا بتناول الشاي، ولكن تحدث مهران بصوتٍ جاد:
_ زينة.. أذهبي مع ياسمين إلى غرفتها.. ثم مازن وقطوف إلى غرفتهما.. ومرفت بغرفة لها.
شرقت قطوف ما أن استمعت لحديث مهران، ونهضت زينة سريعًا تتمتم بفزعٍ:
_ اسم عليكي يا بِتي.. أنت بخير!
حركت قطوف رأسها في ايجابية، ولكن تعلق نظرها بمازن الذي لم يظهر أي ردة فعل، ابتلعت حلقها بصعوبة، وبعد وقت نهضوا جميعًا إلى غرفهم، وما أن وصل كل شخص غرفته حتى غفى على الفراش فيما عدا قطوف ومازن..
***
:_ أنا مش بعرف أنام وحد معايا في الأوضة!
قالتها قطوف بتوترٍ شديد، في حين حرك مازن كتفه بلامبالاة يجيب ببرودٍ:
_ دي مشكلتك مش مشكلتي.
رمقته بنظرة مغتاظة ثم نظرت للسرير تتساءل بتعجب:
_ هو مين فينا هينام على السرير؟!
ابتسم مازن بخبثٍ، يتقدم نحو الفراش كي يستريح عليه:
_ والله أنا مش هنام على الأرض عشانك.. وكمان معنديش مشاكل تنامي جنبي أنتِ اللي عندك المشكلة حليها مع نفسك.
عضت قطوف على شفتيها بغضبٍ، تريد أن تصفع مازن بقوة، ولكنها لن تقدر، أخذت ملابسها ودلفت للحمام كي تبدلها فما كانت سوى منامة مكونة من سروال واسع وتي- شيرت باللون البنكي مرسوم عليها بعض الفراشات، ثم رفعت شعرها على هيئة كعكة، نظرت لذاتها بالمرآة بضيقٍ فالجو حار ولن تستطيع البقاء بملابس كثيرة، وبالوقت ذاته لا تريد أن يراها مازن هكذا.. تنهدت قليلًا وقررت البقاء بالحمام قليلًا حتى يغفو.
مر وقت فتحت فيه قطوف الباب، ثم اخرجت رأسها تتأكد من نوم مازن، وما أن وجدته مغمض العينان حتى زفرت براحةٍ تردف بسعادة:
_ كويس أنه نام.
خرجت من الغرفة، وقررت أن تضع الوسادة على الأرض وتنام هذه الليلة، وبالفعل ما أن وضعتها حتى غفت من التعب.
نهض مازن من السرير، يتقدم بهدوءٍ نحو قطوف التي ولأول مرة يراها بهذا الشكل، دائمًا ترتدي ملابس رجالية، تبقى بغالب الوقت بالحجاب، لا يرى وجهها سوى بشحمٍ، زحفت بسمة صغيرة نحو شفتيه، يمد يده نحو تلك الخصلة المتمردة على وجهها يرجعها للخلف، كاد أن يرفع يده، ولكن استدارت قطوف بجانبها حتى بقت يده أسفل وجنتها، حدق بها مازن قليلًا، ولكن تحولت تلك النظرة إلى حبٍ ما أن وجدها تبتسم دون أن تشعر.
سحب يديه ثم وضعها أسفل قدمها والأخر أسفل ظهرها وحملها بهدوءٍ حتى وضعها على الفراش، يردد بنبرة هامسة:
_ حبيتك إزاي مش عارف.. بس بقيت بحب أشوفك كتير... وبحب كلامك رغم الغبوة اللي فيه.. ياريت تعرفي إن لو الدنيا كلها جت عليكي مستحيل أنا أ أذيكي.
نهض من مكانه يقف أمام النافذة يتأمل السماء، ولكن بلحظةٍ استمع لصوت صراخ عالي يأتي من الأسفل!
يتبع.
لمتابعة الحلقات الجديدة للرواية فور نزولها والجديد من الروايات تابعنا علي قناة تليجرام
الاكثر قراءة هذا الشهر :
موعد البارت الجديد الساعة ( 8 م ) يوميا ان شاء الله
انتهت أحداث رواية فطنة القلب الفصل الثاني عشر، لمتابعة باقى أحداث رواية فطنة القلب الفصل الثالث عشر أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة إلى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله.