نقدم اليوم احداث رواية المعلم الفصل الخامس من روايات تسنيم المرشدي . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية واحدة من اجمل الروايات رومانسية والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية احببت ملتحي كاملة بقلم ام فاطمة من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية عرف صعيدى pdf كاملة من خلال موقعنا .
المعلم الفصل الخامس
رواية المعلِم
الفصل الخامس
____________________
_ أوصدت باب غرفتها بعد أن أخبرته بعدم ملكيتها لرقم مصري ، جلست علي الفراش تستنشق أنفاسها وتحاول ترتيب أفكارها جيداً قبل أن تشرع في البدأ فيما تريد ،
_ نهضت وتوضأت ثم شرعت في الصلاة بإتقان تناجي ربها أن يلهمها الصواب في قرارها ..
_ ذهب ياسر إلي معرض ريان لكنه قد أغلق منذ زمن ، حتماً سيكون مغلق في مثل هذه الساعة ، تنهد مستاءً ثم سحب هاتفه من جيب بنطاله قام بالاتصال علي ريان الذي أجابه بصوت ناعس :-
_ خير يا ياسر حصل حاجة ؟
_ حمحم ياسر بحرج بائن لم يأبي أن يضع نفسه في مثل ذلك الموقف المخجل لكن لابد وأن يفعلها ، سحب نفساً عميق وقال بإرتباك خجل :-
_ خير مفيش حاجة بس انت كنت قولتلي هتزود لي القبض وانا محتاج فلوس لأن بنت عمي ااا..
_ قاطعه ريان بنبره رخيمة :-
_ هو المعرض قفل صح ؟
_ أجابه ياسر بتهكم وهو يطالع باب المعرض الموصد :-
_ اه أنا واقف قدامه اهو
_ اعتدل ريان في جلسته وفرك ذقنه براحتي يده وقال مختصراً حديثه :-
_ طيب تعالي تحت البيت وانا هقابلك
_ إلتوي ثغر ياسر بإمتنان شديد ، تنهد براحة ممزوجة بالسعادة التي تغلغلت لاعماق قلبه :-
_ متشكر يا ريان أنا مش عارف اقولك ايه انت ونعمة الاخ
_ ردد ريان بإقتضاب :-
_ ده حقك ، يلا تعالي
_ نهض ريان بكسل وقام برش بعض المياه علي وجهه لكي يستعيد وعييه كاملاً بينما أسرع ياسر خطاه الي منزل ريان ..
_________________________________________________
_ أنا محروج منك اوي بس حقيقي مضطر لولا وجود بنت عم..
_هتف ياسر بحرج بائن بينما قاطعه ريان بنبرة جدية :-
_ يابني مش مضطر تشرح انت أخويا الصغير يا ياسر , مش الصغير اوي يعني أنا كده كبرت نفسي اوي
_ هتف ريان مازحاً بينما انفجر ياسر ضاحكاً علي دُعابته وربت علي كتفه ممتناً :-
_ ربنا يخليك ليا يا ريان أنا أبويا نفسه مش بيعمل معايا اللي انت بتعمله ده
( ياسر منصور العراقي ، يبلغ من العمر السادس والعشرون ، طويل القامة رفيع الجسد ، يمتلك عيون ردماية اللون ذات لمعة مميزة ، بشرته حنطيه وشعره فحمي طويل بعض الشئ ، الابن البكري لوالديه ولديه شقيقة تدرس الإعدادية تُسمي ( اماني ) ..
_ ابتسم ريان بتكلف وردد متسائلاً :-
_ يلا روح شوف انت رايح فين ،
_ شكره ياسر مراراً ثم غادر ، يريد شراء كل ما يوجد أمامه فقط من أجل أبنة عمه التي هزت كيانه منذ اللقاء الأول لهم ،
_ تقوس ثغره بحماس بعدما أنهي جميع مشترياته وتوجه مباشرةً إلي الفندق ، قرع بابها بعد أن استأذن من موظف الاستقبال بالصعود إليها معلن عن هويته ،
_ توجست خيفة في نفسها أثر طرقات الباب في ذلك الوقت المتأخر من الليل ، تمنت لو أن بإمكانها الإتصال بـ ياسر حتي تكون في حمايتها ، ماذا ؟ ياسر ؟ لما تفكر به الآن ؟
_ ازدردت ريقها بخوف أكبر عندما تكررت الطرقات ، زفير وشهيق فعلت هي بتوجس ، توجهت نحو الباب بخطي متمهلة وهتفت متسائلة :-
_مين ؟
_ أنا ياسر
_ هتف بها ياسر بنبرة متحمسة لرؤية طيفها بفروغ الصبر ، وضعت عنود يدها علي صدرها وازفرت أنفاسها براحة ثم فتحت الباب بعد أن عدلت من حجاب رأسها واستقبلته مرحبة بخجل ، تقوس ثغر ياسر عفوياً منه عندما ظهرت امام مرأي عينيه ،
_ رفع المشتريات بالقرب منها بينما ضاقت بعينيها عليه بغرابة :-
_ ايه ده ؟
_ ابتلع ريقه وأجابها بتوتر جلي قائلاً :-
_ ده آكل أكيد مأكلتيش بقالك فترة ، وده خط اشتريته عشان لو احتجتي لأي حاجة تكلميني ،
_ أبتسم و تابع مضيفاً :-
_ أنا ركبته علي موبايلي وسجلتلك رقمي عليه
_ ابتسمت عنود رغماً عنها ، لا تدري لما يضحكها هذا الشاب باستمرار ، تصرفاته العفوية التي يتعامل بها تجبرها علي الابتسام وربما بعض الاعجاب ،
_ دقت اسارير السعادة قلبه عندما أبتسمت لا يدري معني تلك الابتسامة التي رُسمت علي شفاها الورديتان لكن يكفي انها ابتسمت له فقط ،
_ اخذت عنود الحقائب البلاستيكية ورمقته ممتنة :-
_ متشكرة جدا You are very Kind انت لطيف جداً !
_ فغر ياسر فاهه ببلاهة وردد بسعادة :-
_ انتي ألطف
_ انفجرت عنود ضاحكة علي أسلوبه الطريف بينما شعر ياسر بالحرج وهتف مختصراً حديثه :-
_ طيب أنا همشي لو احتجتي حاجة رقمي معاكي
_ هزت رأسها بإيماءة خفيفة بينما أولاها هو ظهره ثم توقف واستدار إليها قائلا بلُطف :-
_ تصحبي علي خير
_ إلمتعت بندقتاها وأجبرت شفاها علي الابتسام ورددت بخجل :-
_ Good night ياسر
_ يا لا روعة إسمه يالا جمال حروفه ، شعر بأنه يمتلك إسم ملكي بعد نطقها لإسمه ، كم نطقته بلُطف ورِقة ، أراد أن يسمعه مرة أخري ، كأنها تعزف سيفمونية وليست فقط تنطق اسمه ، أهو يبالع أم تلك هي لوعة الحب ؟!
_ توردت وجنتيها بالحُمرة الصريحة خجلاً من أنظاره المثبتة عليها ، كما تعجبت أيضاً من تركيزه الشديد بها ،
_ انت روحت فين؟
_ هتفت متسائلة بحياء وهي تشير بيدها أمام وجهه ، ردد ياسر عفوياً منه بنبرة رخيمة :-
_ فيكي!..
_ اتسعت حدقتاها بذهول مما تفوه به لتوه ، وهربت ببصرها بعيداً عنه ، أنتبه ياسر لما قاله وقد تلونت وجنتيه بالحُمرة بسبب ذلة لسانه التي أوقعت به وبدي كالطفل أمامها ،
_ حمحم بحرج و استأذن بالمغادرة وركض مهرولا خارج الفندق ..
_ أوصدت الباب بإحكام ووقفت خلفه تبتسم علي ما بدر منه ، نظراته لها وعفويته معها تسبب لها حالة من الغرابة الممتعة أو ربما تعجبها !
_ ضربت رأسها بخفة مُشكلة إبتسامة متهكمة :-
_ إعجاب ايه بس ، روحي نامي احسن لك
_ ألقت بجسدها المتهالك علي الفراش وعانقت وسادتها بقوة حتي باتت في ثُبات عميق دون بذل مجهود ..
_________________________________________________
_ عاد ريان لمنزله علي مضضٍ ، أوقفه حارس البناية قائلا بصوت متحشرج :-
_ريان بيه الاسانسير اتصلح
_ أماء إليه ريان برأسه ثم سار بإتجاه المصعد وولج داخله ، ضغط علي زر الطابق الذي يقطن به ،
_ تفاجئ بتوقف المصعد عند طابق منزل والده كاد أن يضغط علي زر الصعود ربما حدث عُطل ما لكنه صعق عندما رآها أمامه بتلك الهيئة ،
_لابد وأنها جنُت تماماً ، أهي واقفة أمامه بقميص نومها الذي يظهر اكثر مما يخفي ! أوصد عيناه وهتف بعصبية :-
_ أمشي غوري من قدامي أصل ورحمة امي هفضحك وما هيهمني حد ..
_ لم تعبأ لتهديداته وولجت داخل المصعد وهي تتغنج بكل وقاحة ، ضغطت علي زر الصعود للطابق العلوي ( السطح ) واقتربت منه بدلال مُشكلة إبتسامة ماكرة :-
_ انت يعني لما تغمض عينك مش هقدر أقرب منك ؟!
_ إلتصقت بصدره البارز أسفل ذاك القميص الرمادي ، سمحت ليدها بالتسلل أسفل ثيابه وتلمست صدره بنعومة ، شعر هو برجفة قوية في أوصاله أثر لماستها عليه ، خفقات قلبه تزداد عُنفاً مع مرور يديها علي جسده
_ أوصدت رنا عينيها في بتلك اللحظة التي لا تحدث كثيراً ، أمسكت بيده ووضعتها علي خِصرها وأطلقت آنه لم تدري سببها أهي من فرط السعادة أم بسبب ضغطه علي خصرها ،
_ فتحت عينيها لتتفاجئ بسودتاه يرمقانها بغضب عارم كاد أن يفتكها من شدته ، دفعها ريان مستنكراً تصرفاتها الوقحة التي تعدت اللامعقول ودلف خارج المصعد وهبط الي منزله هارباً منها ،
_ وقف خلف الباب يتنفس الصعداء ، تلاحقت ضربات قلبه بعنف ، حاول أن يمحي تلك اللعينة من ذاكرته لكنها لا تذهب لأ تبرح عقله ، خيالها يراوده حتي وهو موصد العينين ، لماستها هزت جوارحه ،
_ هز رأسه طارداً تلك الأفكار التي حتماً ستهلكه ، سحق أسنانه بغضب شديد وهو لا يدري ماذا يفعل حتي يُهدِئ من روعه ، لابد وأن يفرغ تلك الشحنة مع زوجته ، نعم هذا الحل الوحيد أمامه
_ ولج داخل غرفته ولعن تلك العباءة التي تمني أن يُشقها نصفين حتي لا تعود وترتديها مرة أخري ، اقترب منها بتهمل ، جلس بجوارها علي الفراش وتلمس قدمها من أعلي ثيابها ، وما أن لمس طرف ثوبها حتي استيقظت دينا في ذعر واعادت تغطيه قدميها مرة أخري وهتفت بحنق :-
_ في ايه انت بتعمل ايه ؟
_ اقترب منها وتلمس قدميها برغبة يحاول خلع العباءة لكنها أبت وابتعدت عنه متسائلة بجمود :-
_ في ايه يا ريان مالك ؟
_ رمقها بنظرات مشتعلة ، جامدة لا تلين بشتي الطرق ، لما لا تفعل مثل اللعينة رنا ؟ ، أهي لا تعلم كيفية إغراء زوجها مثل رنا ، نفخ ريان بضجر لأنه بسبب تصرفاتها يعود تفكيره بالأخير الي رنا ،
_ نهض وهو يتأفف بغضب عارم وولج داخل حمامه ثم فتح صنبور المياه الباردة ووقف أسفلها عله يهدأ قليلا ..
_ عادت الي غرفتها يائسة من ذاك الذي أرهق قلبها ، جلست علي الفراش واغمضت عيناها وهي تعيد ما حدث منذ قليل ، سرت رجفة قوية في أوصالها لم يسبق لها وأن شعرت بها من قبل حتي مع زوجها الذي يتفنن لكي يرضيها فقط ،
_ شعرت بيداه الغليظة تتلمس ذراعها والاخري تداعب خصلاتها المحررة ، ابتسمت بسعادة لينهال علي عنقها بقبلاته الناعمة التي تحولت إلي عنيفة بعض الشئ وهتف بإسمها الذي يعتبره لغة عشق بينهم :-
_ رنا ..
_ اتسعت مقلتيها بصدمة عندما وقع علي مسامعها نبرته التي تحفظها جيداً ، أصاب حدسها الأنثوي فهو هاني زوجها وليس ما تمنته ، شهقت بصدمة متمتمة بعدم تصديق :-
_ انت !!
_ ابتسم لها ببلاهة وقد عاد لما يفعله :-
_ أيوة أنا اومال هيكون مين يعني ؟!
_ حاولت الفرار من بين قبضتيه لكنه أبي فهو لن يبتعد عنها قبل أن يُكمل ما بدأه ، لم تعد تنجح في مسايرته وكأنه يأبي لمساته عليه بعد لمسات ريان التي أجبرته هي علي فعل ذلك ، انسدلت دموعها رغماً عنها وهو لم يعبأ لقطراتها الموجوعة قط ..
_________________________________________________
_ أشرقت الشمس وملئت الأرض بنورها ، استيقظ ريان علي أثرها ، وضع يداه أمام عينه يحاول حجب ذاك الضوء ، نهض من مكانه شاعراً بصُداع شديد يعتلي رأسه ،
_ ضغط براحتي يده علي رأسه ربما يقلل من هذا الألم لكنه فشل ، ولج داخل غرفته وفتح درج الكومود وسحب منه اقراص مسكنة وتناول قرصين ثم ارتشف بعض المياه ورمق زوجته النائمة شزراً فهي لم تشعر من الأساس بعدم نومه بجوارها ألهذا الحد لا تعبأ له ؟
_ شعر بالضيق يتغلغل تدريجياً بداخله حتي تملك منه الغضب الشديد ، أسرع في ارتداء ثيابه وهم بمغادرة المنزل قبل استيقاظها ..
_________________________________________________
_ نهضت من جانبه وهي تشعر بآلام متفرقة في جسدها بسبب الرجل البغيض التي تسبب في ذلك ، ولجت داخل حمامها وحظت بإستحمام سريع ، دلفت خارج الغرفة قبل أن يستيقظ وتُجبر علي مسايرته لحين ذهابه ، تقابلت مع يحيي في الممر الجانبي للغرف ،
ابتسمت بتهكم وهتفت بإهتمام زائف :-
_ احضرلك الفطار ؟
_ رمقها يحيي بنظرات تحمل من التقزز الممزوج بالإحتقار قدراً ، شعرت بالغرابة من أمره فهي لم تعتاد تلك النظرات ، عقدت ما بين حاجبيها وتسائلت بفتور :-
_ في إيه بتبصلي كده ليه ؟
_ كاد أن ينفجر بها ويعترف بأنه رآي قذراتها التي تفعلها مع أخيه لكنه تماسك حتي لا تقلب عليه الطاولة حتماً تلك العقربة ستلدغ من يهد عُشها ،
_ تنهد بضيق وحاول أن يجمع كلمات ليقولها :-
_ أصل انتي عمرك ما حضرتي الفطار دينا اللي بتنزل تحضره فاستغربت ..
_ ابتسمت رنا بتهكم وأجابته بإقتضاب :-
_ انت حبيبي يا يحيي ليك معزة خاصة عن الكل ، ها تحب احضرلك الفطار ؟
_ اتسعت حدقتي يحيي بصدمة أهذا بمثابة اعتراف لحبه هو الآخر ، ماذا تنوي فعله تلك اللعينة بعد ؟
_ تركها وغادر سريعاً دون أن ينبس بحرف أسفل نظراتها المتعجبة من تصرفاته المبهمة التي تشهدها لأول مرة ، لم تبالي كثيراً وتابعت سيرها بتغنج نحو الباب لعلها تلمح طيف ريان وتهدئ من لهيب عشقها ..
_________________________________________________
_ استيقظت بشعور مختلف كلياً أتلك علامة علي مكوثها أم ماذا ؟ لا لن تتسرع في حكمها بالتأكيد ستظهر علامات أخري تثبت أن مكوثها هنا الأفضل لها ، لما تفكر فقط بالمكوث وليس بالمغادرة وكأن فكرة العودة قد حذفت من عقلها تماماً ،
_ تنهدت بحرارة ثم ارتدت ثوب فضفاض نوعاً ما ، وقفت في شرفة الغرفة ذات المساحة الصغيرة التي تطل علي جميع زوايا الحب التي تقطن به ،
سمحت لعينيها بمشاهدة الأماكن جيداً وكأنها تحفظ معالمه لكي يَسهُل عليها التحرك بها ، سحقاً لماذا يعود تفكيرها دائما بالمكوث ؟
_ طردت أفكارها لكي لا تتسرع في أخذ قرارها ، يجب التأني قبل أي خطوة مُقبلة عليها كما تعلمت من والدها ..
_ شكلت ابتسامة علي محياها عندما تذكرتهم وهتفت بألم :-
_ ربنا يرحمهم ويسكنهم الفردوس الأعلى
_ عاودت لتفحص كل ركن في المنطقة البسيطة التي لازالت بعض منازلها بالحجارة الحمراء ويُفصِل بين الحجارة والاخري لون رمادي ،
_ والبعض الآخر من المنازل تقف علي محارتها رمادية اللون ، لمحت تلك اللوحة الضخمة التي يتوسطها إسم ( آل الريان ) للأثاث ، رفعت بصرها علي البناية الضخمة التي تعلو جميع البنايات الأخري ، وأيضا يعتليها ( آل الريان ) بالتأكيد نفسه صاحب معرض الأثاث ، صغت إلي قرع الباب ، توجهت نحو الباب بخطي متريثة ورددت متسائلة بنبرة مرتبكة فهي لم تعتاد المكان بعد :-
_ مين ؟
_ أنا ياسر
_ هتف بنبرة متلهفة بينما فتحت له الباب بإبتسامة لم تتعدي شفاها ، بادلها ياسر ابتسامة شغوفة ورفع يده نحوها قائلاً :-
_ فطار بسيط
_ شعرت عنود بالخجل اتجاهه لا تدري لما ، لكن يوجد به شئ يثير ارتباكها ، شعرت بتلك الحرارة المنبعثة من وجهها فتأكدت انه سار كالبندروة من فرط الخجل ،
_ استشف ياسر خجلها من تورُد وجنتيها ، أسرع بالقول متسائلاً :-
_ ها قررتي هتعملي ايه ؟
_ رفعت بندقيتاها عليه بغرابة وأردفت :-
_ لا لسه مش عارفة أكيد يعني مش هلحق اقرر في الكام ساعة اللي أصلا أنا كنت نايمة فيهم ،
_ تنهدت ثم واصلت حديثها المسترسل :-
_ بس أكيد هاخد قرار سريع عشان الدراسة قربت تبدأ وأنا لازم أقدم ..
_ رمقها ياسر بنظراته المبهمة التي لم تستطع عنود تفسيرها ، تابع هو متسائلاً بفضول :-
_ انتي عندك كام سنة ؟
_ أجابته بتلقائية عابثة :-
_ ١٨ سنة
_ اتسعت حدقتي ياسر بذهول وتمتم دون وعي منه :
- ١٨ ! انتي صغيرة اوي!
_ أبتسمت عنود بعذوبة وقد شعرت ببعض الحرج ليتابع ياسر مضيفاً :-
_ اه شكلك صغير بس بصراحة متوقعتش أنك تكوني أقل من ٢٠ سنة وأنا اللي كنت ها...
_ صمت من تلقاء لنفسه ، بينما رفعت بندقيتاها عليه ورمقته بعدم استعاب وأردفت متسائلة :-
_ ها ايه ؟
_ هز رأسه رافضاً متابعة حديثه وحاول تغير مسار الحوار :-
_ لا ولا حاجة ، انتي معاكي رقمي لو احتجتي لحاجة كلميني هجيلك علي طول ..
_ حركت رأسها بإيماءة خفيف ممتنة له ، أولاها ياسر ظهره وكاد أن يغادر لكنه توقف والتفت إليها :-
_ هستني مكالمتك !
_ عقدت عنود ما بين حاجبيها بغرابة :-
_ ليه ؟
_ حمحم بحرج بائن واردف بنبرة متحشرجة :-
_ تعرفيني قرارك !
_ إلتوي ثغرها بإبتسامة بشوشة بينما غادر وهو يشعر بالسعادة قد دقت طبول قلبه لظهور تلك الصغيرة في حياته ، لكنها أصغر مما توقع فبأي صفة ستقبل به في حياتها ؟ وبأي صفة يريد هو التقرب منها ، كأخ لها أم شئ آخر كحبيب مثلا أو ربما زوج ..
_ انفجر ضاحكاً علي تفكيره الساذج وما زاده الا حماس لما هو أتٍ ..
_________________________________________________
_ وصل ريان الي ورشته الصغيرة التي بدأ منها ، رحب به المسؤل عنها ( رفعت ) بحفاوة واستقبله استقبال حار :-
_ معلم ريان بنفسه هنا دي الدنيا نورت والله اتفضل يا معلم
_ ابتسم ريان بتكلف ثم جلس علي المقعد الخشبي وأشار لرفعت بالجلوس أمامه ،
_ أمر رفعت أحد عماله بجدية :-
_هات حاجة سقعة للمعلم ريان بسرعة
_ رد عليه ريان مسرعاً :-
_ ملوش لزوم يا معلم رفعت أنا جاي في حوار كده وماشي علي طول
_ اعتدل رفعت في جلسته وأجبر حواسه علي الإنتباه جيداً وسأله بإهتمام :-
_ خير يا معلم حوار ايه ؟
_ تنهد ريان ثم ارتشف القليل من الماء الموضوع أمامه وبدأ في حديثه مباشرةً :-
_ عديت بالصدفة علي ورشة الحج منصور ابن عم أبويا ولقيتها فاضية
_ صمت ريان من تلقاء نفسه عندما رأي علامات التوتر قد اعتلت وجه الآخر ، أزفر أنفاسه بضيق و تابع حديثه مضيفاً بجدية حازمة :-
_ ولما سألته الورشة فاضية كده ليه قالي أنك مش بتبعت له شغل ، خير حصل حاجة عشان تمنع الشغل من عنده كده فجاءة ؟
_ شهيق وزفير فعل رفعت بتوتر ثم قرر مصارحته بحقيقة الأمور وله حرية التصرف :-
_ يا معلم ريان أنا كنت بعمل اللي أمرتني بيه ، وكنت ببعت له بالعشر اوض في اليوم علي اني أستلمهم آخر الأسبوع ، آخر الأسبوع يجي والاقيه لسه بيبدأ في أول اوضة وانت عارف ان شغلنا بيكون اتفاقات علي مواعيد معينة وكنا اتأخرنا في كذا طلبية والناس بقت تشتكي وهددوني أنهم مش هيتعاملو معانا تاني ، وقتها دورت علي واحد بديل ليه وفي نفس الوقت ببعتله الاوضة اللي كان بيقعد فيها بالاسبوعين طلاما كده كده مش بيعمل غيرها
_ تفاجئ ريان بحديث رفعت فياسر لم يبلغه بالأمر كاملاً ، ربما ليس لديه علم والا كان أخبره به ، تنهد بضجر بائن ثم نظر إلي رفعت قائلا بنبرة متريثة :-
_ أنا لأني بحترمك وعارف أنك قاصد مصلحة الشغل مش هطول في الكلام بس بعد كده أي حاجة تحصل ترجعلي فيها قبل ما تاخد قرار من نفسك ، والكمية اللي كنت بتبعتها ابعتها تاني وانا هتكلم معاه بنفسي ،
_ أماء رفعت رأسه بالايجاب بينما نهض ريان وقال :-
_ بعد اذنك
_ غادر المكان سريعاً وركب سيارته وعاد بها الي معرضه ليختلي بنفسه قليلاً لكي يرتب حسابات حياته التي انقلبت رأسا على عقب ..
________________________________________________
_ انتهزت رنا فرصة انشغال دينا في إعداد الغداء وأخذت مفاتيح منزلها ودلفت الي الخارج بهدوء لكي لا يلاحظها أحد ،
_ صعدت إلي الاعلي وفتحت باب المنزل وولجت الي الداخل بخطي متمهلة ، أوصدت الباب خلفها برفق ثم تسللت داخل غرفته وما إن وقفت في منتصفها حتي تغلغلت رائحة عطره التي تعشقها الي أنفها الصغير ،
_ اقتربت من خزانته وفتحتها ، أخذت تتلمس ثيابه وجميع أشياءه بيدها ، جذبت أحد قمصانه وعانقته بشدة كأنه هو من يعانقها وليس مجرد ثوب خالي من البدن ، توجهت نحو المرآة وامسكت بعطره ، رفعته بالقرب من أنفها وظلت تستنشق عبير رائحته التي بالتأكيد ستجن قريباً إن لم يسمح لها بالتقرب منه والاستمتاع بكل اشيائه ،
_ أعادت العطر مكانه ، وتفحصت الغرفة سريعاً ثم هبطت الي الأسفل قبل أن يُفضح أمرها ..
_________________________________________________
_ جلس ريان علي مقعد مكتبه يرتشف قهوته الخالية من الدسم ، نظر إلي حيث الباب عندما سمع طرقاته ، سمح للطارق بالدخول وإذا به يحيي ، إلتوي ثغره بإبتسامة باهتة وأشار إليه بالجلوس ، جلس يحيي بالمقعد المقابل له وتعابير وجهه لا تبشر علي الخير ،
_ وضع ريان فنجان قهوته علي مكتبه ونهض من مكانه وجلس بالمقعد المقابل لأخيه وتسائل بتوجس :-
_ في ايه وشك مقلوب كده ليه ، حصل حاجة ؟
_ تنهد يحيي بضيق عارم ممزوج بالخجل ، كيف له أن يصارح شقيقه الأكبر في هذا الموضوع ، هو ليس بتلك الجرأة حتي يتحدث معه بتلك الخصوصية ، لكن لم يكن أمامه سوي ان يبوح بما يوجد داخله ربما يدله ريان علي الصواب ..
_ رفع عيناه علي ريان وأردف بحرج :-
_ أنا سمعت كل اللي رنا قالته امبارح !
_ اتسعت مقلتي ريان بصدمة جلية ، أيعقل أن رآه معها في تلك الحالة التي كانت عليها ، ابتلع ريقه وهو لازال مندهشاً ولا يدري ماذا يجيبه ..
_ تابع يحيي حديثه وهو يفرك أصابعه بعصبية :-
_ كنت طالع لك السطح وسمعتها وهي بت...
_ لم يستطيع يحيي إكمال حديثه بينما تنهد ريان ببعض الراحة لأنه لم يري ما حدث في المصعد حتماً كان سيصعق أكثر من ذلك ،
_ مال ريان بجسده للأمام لكي يكون أقرب إليه ، وضع يده علي فخذ يحيي قائلا بنبرة متريثة :-
_ انت جايلي ليه يا يحيي ، أكيد شوفتني وانا بصدها ولا انت شاكك فيا و..
_ قاطعه يحيي مبرراً قصده :-
_ لا لا شاكك فيك ايه بس ، أنا مصدوم الموضوع مش سهل عليا وبصراحة أنا معتش طايق ابص لها بقيت قرفان منها اوي ، و مش عارف هقدر أمثل في تعاملي معاها لحد امتي ، ريان أنا جايلك عشان أقولك إديهم الشقة أنا معتش عايز اشوف وشها تاني
_ سحب ريان نفساً عميق وعاد بظهره للخلف ورد علي أخيه بتهكم :-
_ سبق ورفضت بحجة أنها شقتك بس الصراحة اني مش عايز البني ادمة دي في البيت أصلا ، ما انا كنت قولتلهم ماشي خدوها وكنت جبتلك واحدة أحسن منها بمليون مرة بس انا مش قابلها في البيت ولو كنت مش قابلها قيراط الوقتي مش قابلها ٢٤ قيراط ، أنا عايز أبعدها عني بأي طريقة وفي نفس الوقت هاني صعبان عليا أنه يعيش مخدوع مع واحدة زي دي بس انا عارف أنه مش هيصدقني لو قولتله ، فأنا اللي هقدر أعمله حالياً اني اجبله شقة بعيدة ، وبعيدة اوي كمان ،
_ اؤمأ يحيي رأسه مؤيداً قرار أخيه :-
_ ايوة يا ريان ياريت في أقرب فرصة ، ياريت قبل ما الكلية تبدأ لاني مش عايز حاجة تشغلني عنها ..
_ ربت ريان علي فخذ يحيي مشكلاً ابتسامة عريضة علي ثغره :-
_ أيوة بقا يا باشمهندس ، اوعي تيأس في يوم أنا في ضهرك ديما لحد ما تخلص دراستك
_ ابتسم يحيي بإمتنان ووضع يده علي يد أخيه الموضوعة علي فخذه وأردف بحنو :-
_ ربنا يخليك ليا يا ريان أنا من غير تشجعيك ووقفتك جنبي مكنتش دخلت الكلية اللي بحلم بيها من صغري
_ نهض ريان واقترب منه وجذبه من ذراعه وعانقه بشدة :-
_ أنا شايف نفسي فيك يا يحيي ، انت بتعمل اللي أنا مقدرتش أعمله ، بنجاحك مش هندم في يوم اني مكملتش تعليمي وحصل اللي حصل عشان اشوفك ناجح ..
_ شد يحيي علي ظهر أخيه بقوة واردف بحماس :-
_ ربنا يقدرني وافرحك يا حبيبي ..
_________________________________________________
_ وقفت عنود تضبط حجابها بعدما انتهت من ارتداء ثيابها ، قررت أن تحاول ثانيةً مع عائلة والدها ربما تلين قلوبهم وتتغلب صلة الرحم عليهم ويقبلوا بها بينهم ،
_ وقفت أمام ذاك الباب التي غادرته أمس بعد أن تلقت صفعة قوية علي وجهها ، شعرت بنفس ألم الصفعة وتحسست وجنتها بحزن وكادت أن تغادر لكنها صمدت فهي ستحاول لآخر لحظة فتلك وصية والدها ،
_ قرعت الجرس ، وبعد برهة فُتح الباب من قِبل فتاة صغيرة ، ابتسمت لها عنود ثم قالت :-
_ ممكن أقابل اونكل منصور ؟
_ رمقتها الفتاة بتفحص ثم تسائلت بفضول :-
_ انتي مين وعايزة بابا في إيه ؟
_ اتسعت ابتسامتها عندما تأكدت من هوية الفتاة ، كم تمنت أن تمكث بينهم أفضل لها من أن تعود وتمكث بمفردها ، تنهدت بحرارة واجابتها قائلة :-
_ أنا عنود بنت ع...
_ قاطعتها سعاد مندفعة بها :-
_ انتي تاني ، انتي محرمتيش يابت انتي ، عايزة تضربي تاني عشان تخلي عندك دم ؟
_ صُدمت عنود من ذلك الهجوم عليها ، حاولت أن تتماسك قدر المستطاع فهي أولاً وأخيراً تحاول فقط من أجل والدها ، واذا فشلت بمحاولاتها ستعود الي حيث جاءت علي الفور ..
_ تنهدت ثم ردت عليها بإحترام :-
_ لو سمحتي اسمعيني أنا مش عايزة حاجة منكم ، أنا بس عايزاكم تقبلوني بينكم ومش هكلف اي حد حاجة أنا هشتغل وهصرف علي نفسي بس يكفيني إني أكون وسط أهلي مش أكتر ..
_ وضعت سعاد يدها في منتصف خصرها رافعة إحدي حاجبيها :-
_ لا يابت صدقتك أنا ، ده انتي تربية أجانب يابت يعني الله أعلم انتي بنت سيف ولا بنت واحد تاني
_ اتسعت مقلتي عنود بصدمة أكبر ، أغمضت عينيها تحاول جاهدة ألا تذرف دموعها وتظهر ضعيفة أمامها ، فتحت عيونها علي صوته الجهوري :-
_ انتو واقفين علي الباب كده ليه ؟
_ تسائل منصور ثم صُدم عندما رآها مرة أخري ، تجهمت تعابير وجهه وصاح بها هدراً :-
_ انتي جاية تعملي هنا ايه ، ما تغوري للمكان اللي انتي جاية منه ومتقرفيناش معاكي ومش عشان ابني حنين معاكي تفتكري اني هسمح لك تضحكي عليه لا أنسي
_ صمت منصور لتتابع سعاد مضيفة بتهديد :-
_ ده أنا آكلك بسناني لو فكرتي تقربي من ابني
_ اجهشت عنود في البكاء لأولئك الناس عديمي الرحمة ، لكن لا لن تسمح لهم بإهانتها فلقد بلغت ذروة تحملها ، كفكفت عبراتها بأناملها ،
_ اعتدلت في وقفتها أمامهم بشموخ :-
_ أنا مش همشي من هنا دي بلدي زي ماهي بلدكم !
_ رمقتهم عنود بنظرات مشتعلة ثم غادرت سريعاً هذا المكان الذي يسبب لها الضيق ، عادت الي غرفتها بالفندق واستلقت بجسدها علي الفراش وهي تعيد ما قالته متعجبة من أمرها :-
_ أنا ليه قولتلهم اني هقعد هنا ، مش ده خالص اللي كنت مخططة له ، أنا كنت همشي لو فشلت معاهم ليه قولت كده ، وليه أصلا عايزة أكمل هنا ، وانا متأكدة اني هقابل مشاكل كتير ،
_ أوصدت عينيها مخفية بندقتاها خلف جفنيها تحاول فهم ذاتها ، نهضت وتوجهت الي شرفة الغرفة وأستندت بمرفقيها علي سور الشرفة وهي تطالع المنطقة بشغف :-
_ ربنا أراد اني اكمل هنا فيكي ، يا تري هيحصلي ايه؟
_ هزت رأسها برفض لما تقوله متمتمة بندم :-
_ أستغفر الله العظيم ايه اللي أنا بقوله ده ، ربنا يدبرلي امري ..
_ عادت لتستكشف ثغر أخري في ذلك الحي البسيط التي ستمكث بها ..
_________________________________________________
_ حل الليل سريعاً ، علم ياسر ما حدث لعنود من شقيقته الصغري ، تدفقت الدماء في عروقه غضباً لما فعلاه والديه بتلك الصغيرة ،
_ سحق أسنانه بغضب ثم دلف خارج المنزل متجه الي الفندق القاطنة هي به ، طرق بابها ووقف قيد انتظار ظهورها ، فتحت هي دون أن تعرف هوية الطارق وكأنها تثبت لنفسها مدي قوتها وتغلبها علي خوفها ،
_ شكلت ابتسامة علي ثغرها عندما رأت ياسر ، فهي كانت علي دراية بأنه من يطرق بابها ، بينما تعابير وجه ياسر لم تتغير كثيراً وتحدث بنبرة محتقنة :-
_ أنا عرفت اللي عملوه فيكي أنا اس...
_ قاطعته ورددت قائلة :-
_ متتاسفش لو سمحت ده مش ذنبك هما اللي المفروض يعتذرو ، والأيام بينا طويلة يمكن يندموا في يوم ويعتذروا
_ ضيق عيناه عليها متسائلاً بإهتمام :-
_ أفهم من كلامك إنك هتقعدي هنا ومش هترجعي ؟
_ أماءت رأسها مؤكده حديثه ، انعكست ملامحه إلي السعادة وهتف بنبرة مرتفعة بحماس شديد :-
_ كويس إنك قررتي تفضلي هنا ، أنا كنت هزعل اوي لو رجعتي
_ ضيقت بندقتاها عليه متسائلا بفضول :-
_ هتزعل! ، ليه ؟
_ نظر إليها بحرج فهو منذ أن رآها لا يفعل شئ سوي ان يقع بلسانه معها ، تنهد ثم حاول تغير مسار الحوار بنبرة خجولة :-
_ جبتلك عشا ،انا عارف ان الغدا علي الفندق عشان كده مجتش وقت الغدا أوعي تفتكري إني نسيتك ، أنا قولتلك انتي في حمايتي ولسه عند كلامي
_ تقبلت عنود تغيره للحوار وبادلته إبتسامة عذبة لحديثه التي لم يفشل قط في إسعادها ، شكرته ممتنة لإهتمامه وذوق تعامله معها ثم أوصدت الباب بعدما تأكدت من مغادرته ..
الفصل الخامس
____________________
_ أوصدت باب غرفتها بعد أن أخبرته بعدم ملكيتها لرقم مصري ، جلست علي الفراش تستنشق أنفاسها وتحاول ترتيب أفكارها جيداً قبل أن تشرع في البدأ فيما تريد ،
_ نهضت وتوضأت ثم شرعت في الصلاة بإتقان تناجي ربها أن يلهمها الصواب في قرارها ..
_ ذهب ياسر إلي معرض ريان لكنه قد أغلق منذ زمن ، حتماً سيكون مغلق في مثل هذه الساعة ، تنهد مستاءً ثم سحب هاتفه من جيب بنطاله قام بالاتصال علي ريان الذي أجابه بصوت ناعس :-
_ خير يا ياسر حصل حاجة ؟
_ حمحم ياسر بحرج بائن لم يأبي أن يضع نفسه في مثل ذلك الموقف المخجل لكن لابد وأن يفعلها ، سحب نفساً عميق وقال بإرتباك خجل :-
_ خير مفيش حاجة بس انت كنت قولتلي هتزود لي القبض وانا محتاج فلوس لأن بنت عمي ااا..
_ قاطعه ريان بنبره رخيمة :-
_ هو المعرض قفل صح ؟
_ أجابه ياسر بتهكم وهو يطالع باب المعرض الموصد :-
_ اه أنا واقف قدامه اهو
_ اعتدل ريان في جلسته وفرك ذقنه براحتي يده وقال مختصراً حديثه :-
_ طيب تعالي تحت البيت وانا هقابلك
_ إلتوي ثغر ياسر بإمتنان شديد ، تنهد براحة ممزوجة بالسعادة التي تغلغلت لاعماق قلبه :-
_ متشكر يا ريان أنا مش عارف اقولك ايه انت ونعمة الاخ
_ ردد ريان بإقتضاب :-
_ ده حقك ، يلا تعالي
_ نهض ريان بكسل وقام برش بعض المياه علي وجهه لكي يستعيد وعييه كاملاً بينما أسرع ياسر خطاه الي منزل ريان ..
_________________________________________________
_ أنا محروج منك اوي بس حقيقي مضطر لولا وجود بنت عم..
_هتف ياسر بحرج بائن بينما قاطعه ريان بنبرة جدية :-
_ يابني مش مضطر تشرح انت أخويا الصغير يا ياسر , مش الصغير اوي يعني أنا كده كبرت نفسي اوي
_ هتف ريان مازحاً بينما انفجر ياسر ضاحكاً علي دُعابته وربت علي كتفه ممتناً :-
_ ربنا يخليك ليا يا ريان أنا أبويا نفسه مش بيعمل معايا اللي انت بتعمله ده
( ياسر منصور العراقي ، يبلغ من العمر السادس والعشرون ، طويل القامة رفيع الجسد ، يمتلك عيون ردماية اللون ذات لمعة مميزة ، بشرته حنطيه وشعره فحمي طويل بعض الشئ ، الابن البكري لوالديه ولديه شقيقة تدرس الإعدادية تُسمي ( اماني ) ..
_ ابتسم ريان بتكلف وردد متسائلاً :-
_ يلا روح شوف انت رايح فين ،
_ شكره ياسر مراراً ثم غادر ، يريد شراء كل ما يوجد أمامه فقط من أجل أبنة عمه التي هزت كيانه منذ اللقاء الأول لهم ،
_ تقوس ثغره بحماس بعدما أنهي جميع مشترياته وتوجه مباشرةً إلي الفندق ، قرع بابها بعد أن استأذن من موظف الاستقبال بالصعود إليها معلن عن هويته ،
_ توجست خيفة في نفسها أثر طرقات الباب في ذلك الوقت المتأخر من الليل ، تمنت لو أن بإمكانها الإتصال بـ ياسر حتي تكون في حمايتها ، ماذا ؟ ياسر ؟ لما تفكر به الآن ؟
_ ازدردت ريقها بخوف أكبر عندما تكررت الطرقات ، زفير وشهيق فعلت هي بتوجس ، توجهت نحو الباب بخطي متمهلة وهتفت متسائلة :-
_مين ؟
_ أنا ياسر
_ هتف بها ياسر بنبرة متحمسة لرؤية طيفها بفروغ الصبر ، وضعت عنود يدها علي صدرها وازفرت أنفاسها براحة ثم فتحت الباب بعد أن عدلت من حجاب رأسها واستقبلته مرحبة بخجل ، تقوس ثغر ياسر عفوياً منه عندما ظهرت امام مرأي عينيه ،
_ رفع المشتريات بالقرب منها بينما ضاقت بعينيها عليه بغرابة :-
_ ايه ده ؟
_ ابتلع ريقه وأجابها بتوتر جلي قائلاً :-
_ ده آكل أكيد مأكلتيش بقالك فترة ، وده خط اشتريته عشان لو احتجتي لأي حاجة تكلميني ،
_ أبتسم و تابع مضيفاً :-
_ أنا ركبته علي موبايلي وسجلتلك رقمي عليه
_ ابتسمت عنود رغماً عنها ، لا تدري لما يضحكها هذا الشاب باستمرار ، تصرفاته العفوية التي يتعامل بها تجبرها علي الابتسام وربما بعض الاعجاب ،
_ دقت اسارير السعادة قلبه عندما أبتسمت لا يدري معني تلك الابتسامة التي رُسمت علي شفاها الورديتان لكن يكفي انها ابتسمت له فقط ،
_ اخذت عنود الحقائب البلاستيكية ورمقته ممتنة :-
_ متشكرة جدا You are very Kind انت لطيف جداً !
_ فغر ياسر فاهه ببلاهة وردد بسعادة :-
_ انتي ألطف
_ انفجرت عنود ضاحكة علي أسلوبه الطريف بينما شعر ياسر بالحرج وهتف مختصراً حديثه :-
_ طيب أنا همشي لو احتجتي حاجة رقمي معاكي
_ هزت رأسها بإيماءة خفيفة بينما أولاها هو ظهره ثم توقف واستدار إليها قائلا بلُطف :-
_ تصحبي علي خير
_ إلمتعت بندقتاها وأجبرت شفاها علي الابتسام ورددت بخجل :-
_ Good night ياسر
_ يا لا روعة إسمه يالا جمال حروفه ، شعر بأنه يمتلك إسم ملكي بعد نطقها لإسمه ، كم نطقته بلُطف ورِقة ، أراد أن يسمعه مرة أخري ، كأنها تعزف سيفمونية وليست فقط تنطق اسمه ، أهو يبالع أم تلك هي لوعة الحب ؟!
_ توردت وجنتيها بالحُمرة الصريحة خجلاً من أنظاره المثبتة عليها ، كما تعجبت أيضاً من تركيزه الشديد بها ،
_ انت روحت فين؟
_ هتفت متسائلة بحياء وهي تشير بيدها أمام وجهه ، ردد ياسر عفوياً منه بنبرة رخيمة :-
_ فيكي!..
_ اتسعت حدقتاها بذهول مما تفوه به لتوه ، وهربت ببصرها بعيداً عنه ، أنتبه ياسر لما قاله وقد تلونت وجنتيه بالحُمرة بسبب ذلة لسانه التي أوقعت به وبدي كالطفل أمامها ،
_ حمحم بحرج و استأذن بالمغادرة وركض مهرولا خارج الفندق ..
_ أوصدت الباب بإحكام ووقفت خلفه تبتسم علي ما بدر منه ، نظراته لها وعفويته معها تسبب لها حالة من الغرابة الممتعة أو ربما تعجبها !
_ ضربت رأسها بخفة مُشكلة إبتسامة متهكمة :-
_ إعجاب ايه بس ، روحي نامي احسن لك
_ ألقت بجسدها المتهالك علي الفراش وعانقت وسادتها بقوة حتي باتت في ثُبات عميق دون بذل مجهود ..
_________________________________________________
_ عاد ريان لمنزله علي مضضٍ ، أوقفه حارس البناية قائلا بصوت متحشرج :-
_ريان بيه الاسانسير اتصلح
_ أماء إليه ريان برأسه ثم سار بإتجاه المصعد وولج داخله ، ضغط علي زر الطابق الذي يقطن به ،
_ تفاجئ بتوقف المصعد عند طابق منزل والده كاد أن يضغط علي زر الصعود ربما حدث عُطل ما لكنه صعق عندما رآها أمامه بتلك الهيئة ،
_لابد وأنها جنُت تماماً ، أهي واقفة أمامه بقميص نومها الذي يظهر اكثر مما يخفي ! أوصد عيناه وهتف بعصبية :-
_ أمشي غوري من قدامي أصل ورحمة امي هفضحك وما هيهمني حد ..
_ لم تعبأ لتهديداته وولجت داخل المصعد وهي تتغنج بكل وقاحة ، ضغطت علي زر الصعود للطابق العلوي ( السطح ) واقتربت منه بدلال مُشكلة إبتسامة ماكرة :-
_ انت يعني لما تغمض عينك مش هقدر أقرب منك ؟!
_ إلتصقت بصدره البارز أسفل ذاك القميص الرمادي ، سمحت ليدها بالتسلل أسفل ثيابه وتلمست صدره بنعومة ، شعر هو برجفة قوية في أوصاله أثر لماستها عليه ، خفقات قلبه تزداد عُنفاً مع مرور يديها علي جسده
_ أوصدت رنا عينيها في بتلك اللحظة التي لا تحدث كثيراً ، أمسكت بيده ووضعتها علي خِصرها وأطلقت آنه لم تدري سببها أهي من فرط السعادة أم بسبب ضغطه علي خصرها ،
_ فتحت عينيها لتتفاجئ بسودتاه يرمقانها بغضب عارم كاد أن يفتكها من شدته ، دفعها ريان مستنكراً تصرفاتها الوقحة التي تعدت اللامعقول ودلف خارج المصعد وهبط الي منزله هارباً منها ،
_ وقف خلف الباب يتنفس الصعداء ، تلاحقت ضربات قلبه بعنف ، حاول أن يمحي تلك اللعينة من ذاكرته لكنها لا تذهب لأ تبرح عقله ، خيالها يراوده حتي وهو موصد العينين ، لماستها هزت جوارحه ،
_ هز رأسه طارداً تلك الأفكار التي حتماً ستهلكه ، سحق أسنانه بغضب شديد وهو لا يدري ماذا يفعل حتي يُهدِئ من روعه ، لابد وأن يفرغ تلك الشحنة مع زوجته ، نعم هذا الحل الوحيد أمامه
_ ولج داخل غرفته ولعن تلك العباءة التي تمني أن يُشقها نصفين حتي لا تعود وترتديها مرة أخري ، اقترب منها بتهمل ، جلس بجوارها علي الفراش وتلمس قدمها من أعلي ثيابها ، وما أن لمس طرف ثوبها حتي استيقظت دينا في ذعر واعادت تغطيه قدميها مرة أخري وهتفت بحنق :-
_ في ايه انت بتعمل ايه ؟
_ اقترب منها وتلمس قدميها برغبة يحاول خلع العباءة لكنها أبت وابتعدت عنه متسائلة بجمود :-
_ في ايه يا ريان مالك ؟
_ رمقها بنظرات مشتعلة ، جامدة لا تلين بشتي الطرق ، لما لا تفعل مثل اللعينة رنا ؟ ، أهي لا تعلم كيفية إغراء زوجها مثل رنا ، نفخ ريان بضجر لأنه بسبب تصرفاتها يعود تفكيره بالأخير الي رنا ،
_ نهض وهو يتأفف بغضب عارم وولج داخل حمامه ثم فتح صنبور المياه الباردة ووقف أسفلها عله يهدأ قليلا ..
_ عادت الي غرفتها يائسة من ذاك الذي أرهق قلبها ، جلست علي الفراش واغمضت عيناها وهي تعيد ما حدث منذ قليل ، سرت رجفة قوية في أوصالها لم يسبق لها وأن شعرت بها من قبل حتي مع زوجها الذي يتفنن لكي يرضيها فقط ،
_ شعرت بيداه الغليظة تتلمس ذراعها والاخري تداعب خصلاتها المحررة ، ابتسمت بسعادة لينهال علي عنقها بقبلاته الناعمة التي تحولت إلي عنيفة بعض الشئ وهتف بإسمها الذي يعتبره لغة عشق بينهم :-
_ رنا ..
_ اتسعت مقلتيها بصدمة عندما وقع علي مسامعها نبرته التي تحفظها جيداً ، أصاب حدسها الأنثوي فهو هاني زوجها وليس ما تمنته ، شهقت بصدمة متمتمة بعدم تصديق :-
_ انت !!
_ ابتسم لها ببلاهة وقد عاد لما يفعله :-
_ أيوة أنا اومال هيكون مين يعني ؟!
_ حاولت الفرار من بين قبضتيه لكنه أبي فهو لن يبتعد عنها قبل أن يُكمل ما بدأه ، لم تعد تنجح في مسايرته وكأنه يأبي لمساته عليه بعد لمسات ريان التي أجبرته هي علي فعل ذلك ، انسدلت دموعها رغماً عنها وهو لم يعبأ لقطراتها الموجوعة قط ..
_________________________________________________
_ أشرقت الشمس وملئت الأرض بنورها ، استيقظ ريان علي أثرها ، وضع يداه أمام عينه يحاول حجب ذاك الضوء ، نهض من مكانه شاعراً بصُداع شديد يعتلي رأسه ،
_ ضغط براحتي يده علي رأسه ربما يقلل من هذا الألم لكنه فشل ، ولج داخل غرفته وفتح درج الكومود وسحب منه اقراص مسكنة وتناول قرصين ثم ارتشف بعض المياه ورمق زوجته النائمة شزراً فهي لم تشعر من الأساس بعدم نومه بجوارها ألهذا الحد لا تعبأ له ؟
_ شعر بالضيق يتغلغل تدريجياً بداخله حتي تملك منه الغضب الشديد ، أسرع في ارتداء ثيابه وهم بمغادرة المنزل قبل استيقاظها ..
_________________________________________________
_ نهضت من جانبه وهي تشعر بآلام متفرقة في جسدها بسبب الرجل البغيض التي تسبب في ذلك ، ولجت داخل حمامها وحظت بإستحمام سريع ، دلفت خارج الغرفة قبل أن يستيقظ وتُجبر علي مسايرته لحين ذهابه ، تقابلت مع يحيي في الممر الجانبي للغرف ،
ابتسمت بتهكم وهتفت بإهتمام زائف :-
_ احضرلك الفطار ؟
_ رمقها يحيي بنظرات تحمل من التقزز الممزوج بالإحتقار قدراً ، شعرت بالغرابة من أمره فهي لم تعتاد تلك النظرات ، عقدت ما بين حاجبيها وتسائلت بفتور :-
_ في إيه بتبصلي كده ليه ؟
_ كاد أن ينفجر بها ويعترف بأنه رآي قذراتها التي تفعلها مع أخيه لكنه تماسك حتي لا تقلب عليه الطاولة حتماً تلك العقربة ستلدغ من يهد عُشها ،
_ تنهد بضيق وحاول أن يجمع كلمات ليقولها :-
_ أصل انتي عمرك ما حضرتي الفطار دينا اللي بتنزل تحضره فاستغربت ..
_ ابتسمت رنا بتهكم وأجابته بإقتضاب :-
_ انت حبيبي يا يحيي ليك معزة خاصة عن الكل ، ها تحب احضرلك الفطار ؟
_ اتسعت حدقتي يحيي بصدمة أهذا بمثابة اعتراف لحبه هو الآخر ، ماذا تنوي فعله تلك اللعينة بعد ؟
_ تركها وغادر سريعاً دون أن ينبس بحرف أسفل نظراتها المتعجبة من تصرفاته المبهمة التي تشهدها لأول مرة ، لم تبالي كثيراً وتابعت سيرها بتغنج نحو الباب لعلها تلمح طيف ريان وتهدئ من لهيب عشقها ..
_________________________________________________
_ استيقظت بشعور مختلف كلياً أتلك علامة علي مكوثها أم ماذا ؟ لا لن تتسرع في حكمها بالتأكيد ستظهر علامات أخري تثبت أن مكوثها هنا الأفضل لها ، لما تفكر فقط بالمكوث وليس بالمغادرة وكأن فكرة العودة قد حذفت من عقلها تماماً ،
_ تنهدت بحرارة ثم ارتدت ثوب فضفاض نوعاً ما ، وقفت في شرفة الغرفة ذات المساحة الصغيرة التي تطل علي جميع زوايا الحب التي تقطن به ،
سمحت لعينيها بمشاهدة الأماكن جيداً وكأنها تحفظ معالمه لكي يَسهُل عليها التحرك بها ، سحقاً لماذا يعود تفكيرها دائما بالمكوث ؟
_ طردت أفكارها لكي لا تتسرع في أخذ قرارها ، يجب التأني قبل أي خطوة مُقبلة عليها كما تعلمت من والدها ..
_ شكلت ابتسامة علي محياها عندما تذكرتهم وهتفت بألم :-
_ ربنا يرحمهم ويسكنهم الفردوس الأعلى
_ عاودت لتفحص كل ركن في المنطقة البسيطة التي لازالت بعض منازلها بالحجارة الحمراء ويُفصِل بين الحجارة والاخري لون رمادي ،
_ والبعض الآخر من المنازل تقف علي محارتها رمادية اللون ، لمحت تلك اللوحة الضخمة التي يتوسطها إسم ( آل الريان ) للأثاث ، رفعت بصرها علي البناية الضخمة التي تعلو جميع البنايات الأخري ، وأيضا يعتليها ( آل الريان ) بالتأكيد نفسه صاحب معرض الأثاث ، صغت إلي قرع الباب ، توجهت نحو الباب بخطي متريثة ورددت متسائلة بنبرة مرتبكة فهي لم تعتاد المكان بعد :-
_ مين ؟
_ أنا ياسر
_ هتف بنبرة متلهفة بينما فتحت له الباب بإبتسامة لم تتعدي شفاها ، بادلها ياسر ابتسامة شغوفة ورفع يده نحوها قائلاً :-
_ فطار بسيط
_ شعرت عنود بالخجل اتجاهه لا تدري لما ، لكن يوجد به شئ يثير ارتباكها ، شعرت بتلك الحرارة المنبعثة من وجهها فتأكدت انه سار كالبندروة من فرط الخجل ،
_ استشف ياسر خجلها من تورُد وجنتيها ، أسرع بالقول متسائلاً :-
_ ها قررتي هتعملي ايه ؟
_ رفعت بندقيتاها عليه بغرابة وأردفت :-
_ لا لسه مش عارفة أكيد يعني مش هلحق اقرر في الكام ساعة اللي أصلا أنا كنت نايمة فيهم ،
_ تنهدت ثم واصلت حديثها المسترسل :-
_ بس أكيد هاخد قرار سريع عشان الدراسة قربت تبدأ وأنا لازم أقدم ..
_ رمقها ياسر بنظراته المبهمة التي لم تستطع عنود تفسيرها ، تابع هو متسائلاً بفضول :-
_ انتي عندك كام سنة ؟
_ أجابته بتلقائية عابثة :-
_ ١٨ سنة
_ اتسعت حدقتي ياسر بذهول وتمتم دون وعي منه :
- ١٨ ! انتي صغيرة اوي!
_ أبتسمت عنود بعذوبة وقد شعرت ببعض الحرج ليتابع ياسر مضيفاً :-
_ اه شكلك صغير بس بصراحة متوقعتش أنك تكوني أقل من ٢٠ سنة وأنا اللي كنت ها...
_ صمت من تلقاء لنفسه ، بينما رفعت بندقيتاها عليه ورمقته بعدم استعاب وأردفت متسائلة :-
_ ها ايه ؟
_ هز رأسه رافضاً متابعة حديثه وحاول تغير مسار الحوار :-
_ لا ولا حاجة ، انتي معاكي رقمي لو احتجتي لحاجة كلميني هجيلك علي طول ..
_ حركت رأسها بإيماءة خفيف ممتنة له ، أولاها ياسر ظهره وكاد أن يغادر لكنه توقف والتفت إليها :-
_ هستني مكالمتك !
_ عقدت عنود ما بين حاجبيها بغرابة :-
_ ليه ؟
_ حمحم بحرج بائن واردف بنبرة متحشرجة :-
_ تعرفيني قرارك !
_ إلتوي ثغرها بإبتسامة بشوشة بينما غادر وهو يشعر بالسعادة قد دقت طبول قلبه لظهور تلك الصغيرة في حياته ، لكنها أصغر مما توقع فبأي صفة ستقبل به في حياتها ؟ وبأي صفة يريد هو التقرب منها ، كأخ لها أم شئ آخر كحبيب مثلا أو ربما زوج ..
_ انفجر ضاحكاً علي تفكيره الساذج وما زاده الا حماس لما هو أتٍ ..
_________________________________________________
_ وصل ريان الي ورشته الصغيرة التي بدأ منها ، رحب به المسؤل عنها ( رفعت ) بحفاوة واستقبله استقبال حار :-
_ معلم ريان بنفسه هنا دي الدنيا نورت والله اتفضل يا معلم
_ ابتسم ريان بتكلف ثم جلس علي المقعد الخشبي وأشار لرفعت بالجلوس أمامه ،
_ أمر رفعت أحد عماله بجدية :-
_هات حاجة سقعة للمعلم ريان بسرعة
_ رد عليه ريان مسرعاً :-
_ ملوش لزوم يا معلم رفعت أنا جاي في حوار كده وماشي علي طول
_ اعتدل رفعت في جلسته وأجبر حواسه علي الإنتباه جيداً وسأله بإهتمام :-
_ خير يا معلم حوار ايه ؟
_ تنهد ريان ثم ارتشف القليل من الماء الموضوع أمامه وبدأ في حديثه مباشرةً :-
_ عديت بالصدفة علي ورشة الحج منصور ابن عم أبويا ولقيتها فاضية
_ صمت ريان من تلقاء نفسه عندما رأي علامات التوتر قد اعتلت وجه الآخر ، أزفر أنفاسه بضيق و تابع حديثه مضيفاً بجدية حازمة :-
_ ولما سألته الورشة فاضية كده ليه قالي أنك مش بتبعت له شغل ، خير حصل حاجة عشان تمنع الشغل من عنده كده فجاءة ؟
_ شهيق وزفير فعل رفعت بتوتر ثم قرر مصارحته بحقيقة الأمور وله حرية التصرف :-
_ يا معلم ريان أنا كنت بعمل اللي أمرتني بيه ، وكنت ببعت له بالعشر اوض في اليوم علي اني أستلمهم آخر الأسبوع ، آخر الأسبوع يجي والاقيه لسه بيبدأ في أول اوضة وانت عارف ان شغلنا بيكون اتفاقات علي مواعيد معينة وكنا اتأخرنا في كذا طلبية والناس بقت تشتكي وهددوني أنهم مش هيتعاملو معانا تاني ، وقتها دورت علي واحد بديل ليه وفي نفس الوقت ببعتله الاوضة اللي كان بيقعد فيها بالاسبوعين طلاما كده كده مش بيعمل غيرها
_ تفاجئ ريان بحديث رفعت فياسر لم يبلغه بالأمر كاملاً ، ربما ليس لديه علم والا كان أخبره به ، تنهد بضجر بائن ثم نظر إلي رفعت قائلا بنبرة متريثة :-
_ أنا لأني بحترمك وعارف أنك قاصد مصلحة الشغل مش هطول في الكلام بس بعد كده أي حاجة تحصل ترجعلي فيها قبل ما تاخد قرار من نفسك ، والكمية اللي كنت بتبعتها ابعتها تاني وانا هتكلم معاه بنفسي ،
_ أماء رفعت رأسه بالايجاب بينما نهض ريان وقال :-
_ بعد اذنك
_ غادر المكان سريعاً وركب سيارته وعاد بها الي معرضه ليختلي بنفسه قليلاً لكي يرتب حسابات حياته التي انقلبت رأسا على عقب ..
________________________________________________
_ انتهزت رنا فرصة انشغال دينا في إعداد الغداء وأخذت مفاتيح منزلها ودلفت الي الخارج بهدوء لكي لا يلاحظها أحد ،
_ صعدت إلي الاعلي وفتحت باب المنزل وولجت الي الداخل بخطي متمهلة ، أوصدت الباب خلفها برفق ثم تسللت داخل غرفته وما إن وقفت في منتصفها حتي تغلغلت رائحة عطره التي تعشقها الي أنفها الصغير ،
_ اقتربت من خزانته وفتحتها ، أخذت تتلمس ثيابه وجميع أشياءه بيدها ، جذبت أحد قمصانه وعانقته بشدة كأنه هو من يعانقها وليس مجرد ثوب خالي من البدن ، توجهت نحو المرآة وامسكت بعطره ، رفعته بالقرب من أنفها وظلت تستنشق عبير رائحته التي بالتأكيد ستجن قريباً إن لم يسمح لها بالتقرب منه والاستمتاع بكل اشيائه ،
_ أعادت العطر مكانه ، وتفحصت الغرفة سريعاً ثم هبطت الي الأسفل قبل أن يُفضح أمرها ..
_________________________________________________
_ جلس ريان علي مقعد مكتبه يرتشف قهوته الخالية من الدسم ، نظر إلي حيث الباب عندما سمع طرقاته ، سمح للطارق بالدخول وإذا به يحيي ، إلتوي ثغره بإبتسامة باهتة وأشار إليه بالجلوس ، جلس يحيي بالمقعد المقابل له وتعابير وجهه لا تبشر علي الخير ،
_ وضع ريان فنجان قهوته علي مكتبه ونهض من مكانه وجلس بالمقعد المقابل لأخيه وتسائل بتوجس :-
_ في ايه وشك مقلوب كده ليه ، حصل حاجة ؟
_ تنهد يحيي بضيق عارم ممزوج بالخجل ، كيف له أن يصارح شقيقه الأكبر في هذا الموضوع ، هو ليس بتلك الجرأة حتي يتحدث معه بتلك الخصوصية ، لكن لم يكن أمامه سوي ان يبوح بما يوجد داخله ربما يدله ريان علي الصواب ..
_ رفع عيناه علي ريان وأردف بحرج :-
_ أنا سمعت كل اللي رنا قالته امبارح !
_ اتسعت مقلتي ريان بصدمة جلية ، أيعقل أن رآه معها في تلك الحالة التي كانت عليها ، ابتلع ريقه وهو لازال مندهشاً ولا يدري ماذا يجيبه ..
_ تابع يحيي حديثه وهو يفرك أصابعه بعصبية :-
_ كنت طالع لك السطح وسمعتها وهي بت...
_ لم يستطيع يحيي إكمال حديثه بينما تنهد ريان ببعض الراحة لأنه لم يري ما حدث في المصعد حتماً كان سيصعق أكثر من ذلك ،
_ مال ريان بجسده للأمام لكي يكون أقرب إليه ، وضع يده علي فخذ يحيي قائلا بنبرة متريثة :-
_ انت جايلي ليه يا يحيي ، أكيد شوفتني وانا بصدها ولا انت شاكك فيا و..
_ قاطعه يحيي مبرراً قصده :-
_ لا لا شاكك فيك ايه بس ، أنا مصدوم الموضوع مش سهل عليا وبصراحة أنا معتش طايق ابص لها بقيت قرفان منها اوي ، و مش عارف هقدر أمثل في تعاملي معاها لحد امتي ، ريان أنا جايلك عشان أقولك إديهم الشقة أنا معتش عايز اشوف وشها تاني
_ سحب ريان نفساً عميق وعاد بظهره للخلف ورد علي أخيه بتهكم :-
_ سبق ورفضت بحجة أنها شقتك بس الصراحة اني مش عايز البني ادمة دي في البيت أصلا ، ما انا كنت قولتلهم ماشي خدوها وكنت جبتلك واحدة أحسن منها بمليون مرة بس انا مش قابلها في البيت ولو كنت مش قابلها قيراط الوقتي مش قابلها ٢٤ قيراط ، أنا عايز أبعدها عني بأي طريقة وفي نفس الوقت هاني صعبان عليا أنه يعيش مخدوع مع واحدة زي دي بس انا عارف أنه مش هيصدقني لو قولتله ، فأنا اللي هقدر أعمله حالياً اني اجبله شقة بعيدة ، وبعيدة اوي كمان ،
_ اؤمأ يحيي رأسه مؤيداً قرار أخيه :-
_ ايوة يا ريان ياريت في أقرب فرصة ، ياريت قبل ما الكلية تبدأ لاني مش عايز حاجة تشغلني عنها ..
_ ربت ريان علي فخذ يحيي مشكلاً ابتسامة عريضة علي ثغره :-
_ أيوة بقا يا باشمهندس ، اوعي تيأس في يوم أنا في ضهرك ديما لحد ما تخلص دراستك
_ ابتسم يحيي بإمتنان ووضع يده علي يد أخيه الموضوعة علي فخذه وأردف بحنو :-
_ ربنا يخليك ليا يا ريان أنا من غير تشجعيك ووقفتك جنبي مكنتش دخلت الكلية اللي بحلم بيها من صغري
_ نهض ريان واقترب منه وجذبه من ذراعه وعانقه بشدة :-
_ أنا شايف نفسي فيك يا يحيي ، انت بتعمل اللي أنا مقدرتش أعمله ، بنجاحك مش هندم في يوم اني مكملتش تعليمي وحصل اللي حصل عشان اشوفك ناجح ..
_ شد يحيي علي ظهر أخيه بقوة واردف بحماس :-
_ ربنا يقدرني وافرحك يا حبيبي ..
_________________________________________________
_ وقفت عنود تضبط حجابها بعدما انتهت من ارتداء ثيابها ، قررت أن تحاول ثانيةً مع عائلة والدها ربما تلين قلوبهم وتتغلب صلة الرحم عليهم ويقبلوا بها بينهم ،
_ وقفت أمام ذاك الباب التي غادرته أمس بعد أن تلقت صفعة قوية علي وجهها ، شعرت بنفس ألم الصفعة وتحسست وجنتها بحزن وكادت أن تغادر لكنها صمدت فهي ستحاول لآخر لحظة فتلك وصية والدها ،
_ قرعت الجرس ، وبعد برهة فُتح الباب من قِبل فتاة صغيرة ، ابتسمت لها عنود ثم قالت :-
_ ممكن أقابل اونكل منصور ؟
_ رمقتها الفتاة بتفحص ثم تسائلت بفضول :-
_ انتي مين وعايزة بابا في إيه ؟
_ اتسعت ابتسامتها عندما تأكدت من هوية الفتاة ، كم تمنت أن تمكث بينهم أفضل لها من أن تعود وتمكث بمفردها ، تنهدت بحرارة واجابتها قائلة :-
_ أنا عنود بنت ع...
_ قاطعتها سعاد مندفعة بها :-
_ انتي تاني ، انتي محرمتيش يابت انتي ، عايزة تضربي تاني عشان تخلي عندك دم ؟
_ صُدمت عنود من ذلك الهجوم عليها ، حاولت أن تتماسك قدر المستطاع فهي أولاً وأخيراً تحاول فقط من أجل والدها ، واذا فشلت بمحاولاتها ستعود الي حيث جاءت علي الفور ..
_ تنهدت ثم ردت عليها بإحترام :-
_ لو سمحتي اسمعيني أنا مش عايزة حاجة منكم ، أنا بس عايزاكم تقبلوني بينكم ومش هكلف اي حد حاجة أنا هشتغل وهصرف علي نفسي بس يكفيني إني أكون وسط أهلي مش أكتر ..
_ وضعت سعاد يدها في منتصف خصرها رافعة إحدي حاجبيها :-
_ لا يابت صدقتك أنا ، ده انتي تربية أجانب يابت يعني الله أعلم انتي بنت سيف ولا بنت واحد تاني
_ اتسعت مقلتي عنود بصدمة أكبر ، أغمضت عينيها تحاول جاهدة ألا تذرف دموعها وتظهر ضعيفة أمامها ، فتحت عيونها علي صوته الجهوري :-
_ انتو واقفين علي الباب كده ليه ؟
_ تسائل منصور ثم صُدم عندما رآها مرة أخري ، تجهمت تعابير وجهه وصاح بها هدراً :-
_ انتي جاية تعملي هنا ايه ، ما تغوري للمكان اللي انتي جاية منه ومتقرفيناش معاكي ومش عشان ابني حنين معاكي تفتكري اني هسمح لك تضحكي عليه لا أنسي
_ صمت منصور لتتابع سعاد مضيفة بتهديد :-
_ ده أنا آكلك بسناني لو فكرتي تقربي من ابني
_ اجهشت عنود في البكاء لأولئك الناس عديمي الرحمة ، لكن لا لن تسمح لهم بإهانتها فلقد بلغت ذروة تحملها ، كفكفت عبراتها بأناملها ،
_ اعتدلت في وقفتها أمامهم بشموخ :-
_ أنا مش همشي من هنا دي بلدي زي ماهي بلدكم !
_ رمقتهم عنود بنظرات مشتعلة ثم غادرت سريعاً هذا المكان الذي يسبب لها الضيق ، عادت الي غرفتها بالفندق واستلقت بجسدها علي الفراش وهي تعيد ما قالته متعجبة من أمرها :-
_ أنا ليه قولتلهم اني هقعد هنا ، مش ده خالص اللي كنت مخططة له ، أنا كنت همشي لو فشلت معاهم ليه قولت كده ، وليه أصلا عايزة أكمل هنا ، وانا متأكدة اني هقابل مشاكل كتير ،
_ أوصدت عينيها مخفية بندقتاها خلف جفنيها تحاول فهم ذاتها ، نهضت وتوجهت الي شرفة الغرفة وأستندت بمرفقيها علي سور الشرفة وهي تطالع المنطقة بشغف :-
_ ربنا أراد اني اكمل هنا فيكي ، يا تري هيحصلي ايه؟
_ هزت رأسها برفض لما تقوله متمتمة بندم :-
_ أستغفر الله العظيم ايه اللي أنا بقوله ده ، ربنا يدبرلي امري ..
_ عادت لتستكشف ثغر أخري في ذلك الحي البسيط التي ستمكث بها ..
_________________________________________________
_ حل الليل سريعاً ، علم ياسر ما حدث لعنود من شقيقته الصغري ، تدفقت الدماء في عروقه غضباً لما فعلاه والديه بتلك الصغيرة ،
_ سحق أسنانه بغضب ثم دلف خارج المنزل متجه الي الفندق القاطنة هي به ، طرق بابها ووقف قيد انتظار ظهورها ، فتحت هي دون أن تعرف هوية الطارق وكأنها تثبت لنفسها مدي قوتها وتغلبها علي خوفها ،
_ شكلت ابتسامة علي ثغرها عندما رأت ياسر ، فهي كانت علي دراية بأنه من يطرق بابها ، بينما تعابير وجه ياسر لم تتغير كثيراً وتحدث بنبرة محتقنة :-
_ أنا عرفت اللي عملوه فيكي أنا اس...
_ قاطعته ورددت قائلة :-
_ متتاسفش لو سمحت ده مش ذنبك هما اللي المفروض يعتذرو ، والأيام بينا طويلة يمكن يندموا في يوم ويعتذروا
_ ضيق عيناه عليها متسائلاً بإهتمام :-
_ أفهم من كلامك إنك هتقعدي هنا ومش هترجعي ؟
_ أماءت رأسها مؤكده حديثه ، انعكست ملامحه إلي السعادة وهتف بنبرة مرتفعة بحماس شديد :-
_ كويس إنك قررتي تفضلي هنا ، أنا كنت هزعل اوي لو رجعتي
_ ضيقت بندقتاها عليه متسائلا بفضول :-
_ هتزعل! ، ليه ؟
_ نظر إليها بحرج فهو منذ أن رآها لا يفعل شئ سوي ان يقع بلسانه معها ، تنهد ثم حاول تغير مسار الحوار بنبرة خجولة :-
_ جبتلك عشا ،انا عارف ان الغدا علي الفندق عشان كده مجتش وقت الغدا أوعي تفتكري إني نسيتك ، أنا قولتلك انتي في حمايتي ولسه عند كلامي
_ تقبلت عنود تغيره للحوار وبادلته إبتسامة عذبة لحديثه التي لم يفشل قط في إسعادها ، شكرته ممتنة لإهتمامه وذوق تعامله معها ثم أوصدت الباب بعدما تأكدت من مغادرته ..
الاكثر قراءة هذا الشهر :
موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله
هنا تنتهى احداث رواية المعلم الفصل الخامس ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية المعلم الفصل السادس أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .
نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية المعلم ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .