نقدم اليوم احداث رواية المعلم الفصل 24 من روايات تسنيم المرشدي . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية واحدة من اجمل الروايات رومانسية والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية احببت ملتحي كاملة بقلم ام فاطمة من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية عرف صعيدى pdf كاملة من خلال موقعنا .
المعلم الفصل الرابع والعشرين
رواية المعلِم
الفصل الرابع والعشرون ..
_____________________
_ ترجلت من السيارة ودفعت للسائق نقوده ثم توجهت إلي البناية بخطي هزيلة ، وقفت أمام المصعد قيد انتظار هبوطه من الاعلي ،
_ ولجت بداخله ودموعها لا تتوقف قط ، لا تدري لما تعاملت بتلك الحساسية ربما الأمر لم يكن بحاجة لتلك المبالغة ، حسناً ستعترف بأنه آلام قلبها من نبرته الصارمة الحادة ،
_ هو بمثابة جميع الأشياء اللطيفة في حياتها ، بات خاصاً للغاية ، ربما وقعت في حب عيناه التي تختفي حدتها أمامها ، أو ربما أحبت عنفوانه وجُرأته في امتلاكها فقط ليحمي كرامتها من المُدعين بعائلتها ،
_ أم أحبت الأمان الذي نتج من ضلع عناق صادق في حين افتقادها لشعور الطمئنينة حينها ، لا تدري أيهما الصحيح لكن ما تعلمه جيداً أن قلبها لم ينبض سوي لحروف إسمه ..
_ لم تشعر بتوقف المصعد ، فُتح الباب من قِبل دينا التي قامت بإيقافه ، رفعت عنود بندقيتاها عليها بحزن لا تدري لما شعرت بالضعف أمامها ،
_ فرحانة أنك سرقتيه مني ؟
_ صاحت بهم دينا بنبرة غاضبة بينما شعرت عنود بوخزة قوية في قلبها ، حاولت التماسك لكن لم تستطيع منع ازدراف قطراتها التي هطلت كحبات المطر ..
_ ولجت دينا بداخل المصعد واقتربت منها وتابعت مضيفة :-
_ بتعيطي ؟ اوعي تفكري أنك هتضحكي عليا بدور البت اليتيمة اللي أهلها رفضوها و واحدة واحدة دخلتي بيتي لحد ما اتمكنتي من جوزي يا خطافة الرجالة أنا فرحانة في اللي عمك عملوا فيكي انتي تستاهلي كل اللي جرالك واللي لسه هيجرالك مني ..
_ اجهشت عنود في البكاء الشديد ولم تستطيع الرد عليها ، تشتت ذهنها هل هي علي حق ؟ هل هي سارقة إذا هل تنال عقابها الآن ؟!
_ صمت حل فجاءة عندما سمعت كلتاهما صراخ رنا يأتي من الأسفل ، ركضت دينا مهرولة لتعلم ما الخطب ، تبعتها عنود بخُطي مهرولة ، وقفت كلتاهما أمام العم ماهر وهو مُلقي علي الأرض ..
_ لم يصدر لهم صوت لبرهة ثم قطعت حبال ذاك الصمت دينا عندما تسائلت بتوجس :-
_ عمي ماهر حصله ايه ؟
_ هزت رنا رأسها بنفي لا تدري ما خطبه ، تنهدت وأردفت بنبرة مرتبكة :-
_ مش عارفة ، أنا سمعت صوت جامد خرجت لقيته واقع !
_ اقتربت منه دينا قائلة بقلق :-
_ يالهوي ليكون حصله غيبوبة سكر ..
_ ابتلعت رنا ريقها بصعوبة كما ازدادت رجفة جسدها من هول الصدمة ، حاولت دينا إيقاظه بمنادته لكنه لم يستجيب لها ، أزفرت أنفاسها بتوجس شديد وقالت :-
_ حد يتصل بالاسعاف بسرعة ..
_ هرولت رنا الي الداخل تبحث عن هاتفها وما إن وقع بين يديها أسرعت في الإتصال علي الإسعاف وطلبت مساعدتهم ،
_ سحبت عنود نفساً ثم صعدت إلي الاعلي وجذبت قنينة عطر وعادت إليهم مرة أخري ، جلست الأرض بجواره ثم رفعت رأسه برفق ووضعتها علي قدميها ،
_ وضعت قدراً كافياً من العطر علي يدها ثم وضعتها أمام أنفه وهي تدعي من قلبها بأن يعود لوعييه عاجلاً ، اقتربت منها دينا وصاحت بها هدراً :-
_ انتي فاكرة نفسك دكتورة ، ابعدي عنه أصل تموتيه بعمايلك دي !
_ لم تهتز خُصله من عنود ورمقتها بجمود ثم عاودت تكرار ما فعلته عدة مرات إلي أن شعرت بحركة طفيفة في أطرافه ، ألقت قنينة العطر جانباً واقتربت منه تتأكد من حدسها ،
_ تقوس ثغرها بإبتسامة عندما عاد لوعيه وفتح عينيه حمدت الله بداخلها وأردفت قائلة بنبرة حنونة :-
_ حمد لله علي سلامتك
_ شعر ماهر بدوار طفيف يعتلي رأسه ، سحب نفساً وقال متسائلاً :-
_ هو ايه اللي حصل ؟
_ روت له عنود ما حدث مختصرة لكي لا ترهقه بالحديث ، شعر ماهر بجفاف شديد في حلقه أثر قلة المياه التي لا يتذكر منذ متي نزلت في جوفه ،
_ ساعدته عنود علي النهوض برفقة دينا التي كانت تسير بجوارها علي مضضٍ ، استلقي ماهر علي فراشه ، ووضعت عنود وسادة خلف رأسه وأسفل قدميه وقالت متسائلة :-
_ حضرتك محتاج حاجة يا Uncle ؟
_ تنهد ماهر وقال بنبرة خافتة :-
_ شوية مية بس يا بنتي أبل ريقي
_ أسرعت عنود بجذب زجاجة مياه ، وساعدته في شربها ، تعجبت كثيراً من طريقة ارتشافه للمياه كأنه لم يروي ظمئه منذ قرن ،
_ وضعت الزجاجة علي الكومود عندما انتهي منها ، بينما ولجت رنا الي الداخل بعدما تراجعت عن الإتصال بالاسعاف قائلة بإهتمام زائف :-
_ حمد لله علي سلامتك يا عمي
_ أجابها ماهر بإقتضاب :-
_ الحمد لله علي كل حال
_ لاحظت عنود نبرته الجافة التي أجاب بها رنا يا تُري ماذا اقترفت في حقه حتي يحدثها بهذا الجفاء؟
_ لم تريد دينا التحدث في وجودها ، كم تمنت أن تطبق علي عنقها وتسلب روحها بوحشية ربما تهدئ حينها ،
_ في تلك الأثناء وصل ريان وصعد الدرج سريعاً لكنه توقف أمام منزل والده حينما رأي حقيبة عنود ملقاه علي الأرض ، جذبها كما أمسك بقنينة العطر وولج إلي الداخل ليعلم ما الخطب !
_ شعر بغصة في حلقه خشية أن يكون أصابها مكروه ، لن يسامح نفسه إذا حدث لها شئ ، سار بخُطي متمهلة نحو الصوت الصادر من غرفة والده ، حمحم قبل أن يولج الي الداخل ، تعمدت رنا الوقوف كأنها لم تسمع لصوته الذي أصدره قبل دخوله ،
_ نظرت ثلاثتهم إليه بأعين مليئة بالحب والشغف وأخري بالعتاب واللوم وأخيرا خليط ما بين العتاب والافتقاد ..
_ شهقت رنا بحرج زائف وركضت للخارج مسرعة وهي تبتسم بمكر ، بينما لم ترفع دينا بصرها عنه قط ، لقد افتقدت إليه كثيراً تريد إلقاء نفسها بين أحضانه لأول مرة تتمني خوض تجارب لم يسبق وأن عاشتها معه ،
_ بينما أبعدت عنود بصرها بعيداً ونظرت في الفراغ أمامها ، علي الرغم من حبها الشديد له إلا أنها شعرت بشئ ما قد كسر بداخلها لا تدري هل يمكن إصلاحه أم ستعتادها مع مرور الأيام ..!
_ شئ واحد فقط كان شاغله حينها ' هي ' ، اقترب منها وسئلها بتوجس :-
_ انتي كويسة ؟
_ أماءت رأسها بالايجاب بينما تدخلت دينا موجهة حديثها الي ماهر متعمدة قطع خلوتهم :-
_ حمد لله علي سلامتك يا عمي خلي بالك من نفسك
_ أجابها ماهر بنبرة متعبة :-
_ الله يسلمك يا بنتي
_ مرر ريان أنظاره علي الجميع متسائلا بإهتمام :-
_ هو في ايه مالك يا حج ؟
_ تنهد ماهر بتعب وأردف :-
_ الحمد لله يا بني حاجة بسيطة ..
_ تدخلت رنا تلك المرة بعودتها وقصت له ما حدث بدلال وميوعة بالغة ، بينما اقترب ريان من والده قائلا بإلحاح :-
_ قوم نروح لـ دكتور نطمن عليك
_ هز ماهر رأسه برفض تام قائلا :-
_ أنا كويس يا ريان يا ابني لو مش عايز تتعبني بجد متضغطش عليا ..
_ تأفف ريان بضجر ، سحب نفساً وقال باهتمام :-
_ انت آكلت حاجة النهاردة ؟
_ صمت ماهر ولم يجيبه ، سحق ريان أسنانه بغضب عارم وصاح بنبرة جهورية :-
_ البهايم اللي هنا مش واخدين بالهم أنك إنسان زيهم ، سايبينك من غير اكل لحد الوقتي ليه ؟
_ استدار ريان بجسده نحو رنا التي انكمشت في نفسها متوجسة خيفة منه ، رمقها ريان شزراً وواصل حديثه مضيفاً بحدة :-
_ إكرمي الراجل اللي مقعدك في بيته بدل ما انتي مركزة مع الكل وسيباه ، فين جوزك اللي قاعد جنبك ومش بيشتغل مبيراعيش ابوه ليه ؟ بس الحق عليا أنا ، أنا اللي غلطان ..
_ استدار ريان بجسده نحو والده وتابع حديثه :-
_ من بكرة في واحدة هتيجي هنا لخدمتك انت و بس
_ انحني ريان علي يده وقبلها بألم :-
_ سامحني يا حج انشغلت عنك بس والله غصب عني
_ تقوس ثغر ماهر بإبتسامة راضية وربت ماهر علي يده بحب وأردف بحنو :-
_ يابني أنا كويس والله ربنا يبارك فيك وفي إخواتك ..
_ نهض ريان ونظر الي حيث تقف عنود ، اقترب منها وأمسك بيدها قائلا :-
_ تعالي عايزك ..
_ سارت عنود معه ولم تصدر أي رفض ، ليس الوقت المناسب لمقاومته ، حركت دينا رأسها عفوياً معهم حتي اختفوا من أمامها ، كانت كمن يقف علي جمر متقدة ، لاعنة تلك التعيسة التي تحظي بأثمن اللحظات معه ، لا تصدق أنه بادر بالتحدث إلي زوجته الأخري وخرج معها ولم يلقي حتي ببصره عليها كأنها نكره لا يراها ولا يشعر بها ،
_ وما أن دلف كليهما للخارج حتي حررت عنود يدها لكن بلطف ، اسرعت خطواتها وصعدت إلي الاعلي ومن ثم ولجت داخل غرفتها واوصدت الباب خلفها لكي لا يستطيع الوصول إليها ،
_ قرع بابها عندما تأكد أنه موصد من الداخل ، لكنها لم تكترث له ، جلست علي الفراش ودفنت وجهها بين الوسادة لكي لا يصل صوته الي مسامعها ، تريد هدنة لبعض الوقت ربما تجمع شتات نفسها ..
_ جن جنون ريان بسبب عدم ردها عليه ، بالتأكيد سيفقد عقله إن لم تجيبه سريعاً ، فشل وفشل في اقناعها للتحدث معه ، كاد أن يفتك بهذا الباب اللعين الذي يعد حاجز بينه وبينها يمنعه من الوصول إليها ،
_ وقف في منتصف الردهة واضع إحدي ذراعيه في خصره والاخر خلف رأسه بقلة حيلة ، بالتأكيد أن مكث لـ دقيقة أخري سيحدث ما لا يُحمد عُقباه ،
_ ألقي ببصره نظرة أخيرة علي الباب ثم دلف للخارج والغضب يتطاير من عينيه ، أجبر قدميه علي الوقوف حينما ظهرت دينا أمامه ، حاول جاهدا السيطرة علي غضبه لكي لا يكون من نصيبها قدراً منه ،
_ تنهدت دينا بحزن وأردفت بنبرة تحمله اللوم لعدم سؤاله عليها :-
_ مكنتش اعرف اني مهمكش للدرجة دي ، بصراحة متوقعتش أن العشرة اللي بينا تهون عليك بسهولة كده !
_ جاب المكان بعيناه سريعاً وردد بفتور :-
_ خلصتي ؟ بعد اذنك ..
_ استشاطت غيظاً من جمود ردوده عليها ، لقد تعدت تصرفاته اللامعقول ، هل ستكمل بقية حياتها متورطة بين زوج جامد لا يعبأ لمشاعرها وفتاة صغيرة تفعل ما في وسعها لكي تحصل علي زوجها بشتي الطرق ،
_ هل ستتحمل ؟ هل قدرتها كافية لتسير في حياة لا تعلم نهايتها ، هل ستتحسن علاقتها بريان ويعود زوجها كما كان في سابقاً ، أم لها نصيب في الإنفصال عنه ، يجدر عليها التحمل فقط من أجل صغيرتها وذاك الجنين الذي يسكن رحمها ، ستصمد فقط لبعض الوقت وان لم تتحمل الوضع فالله غالب علي أمره والغني علي حياة كهذه ..
_________________________________________________
_ دخل معرضه بوجه لا يبشر بالخير ؛ ملامحه جامدة لدرجة أرعبت كل من يظهر أمامه واجبرتهم علي التنحي جانباً لكي لا يثيروا غضبه ،
_ دخل مكتبه وركل الباب خلفه بعنف ، جاب الغرفة ذهاباً وجيئا وهو يفكر في طريقة ما لكي يصلح ما اقترفه بحقها ،
_ حتماً لن يستطيع التفكير وذهنه مشتت للغاية ، عليه أن يهدئ من روعه اولاً ، توجه نحو مكتبه وجلس علي مقعده ، فتح أحد ادراج المكتب وسحب دفتره الذي يدون به خواطره حديثاً ،
_ سحب نفساً عميق وأمسك بقلمه استعداداً لتدوين ما يدور في عقله ،
{ تائه كـمتشرد لا يعرف السبيل ، وأين السبيل لطلاما كنتي دوماً ملجئي الوحيد ؟ }
_ دونها ثم أغلق دفتره وأعاد وضعه في درج مكتب ، عاد بجسده للخلف بإرهاق جلي عليه بسبب عدم نومه ليلة البارحة ، وضع يده خلف رأسه وأردف مستاءً :-
_ ااااه
_ تذكر شئ ما واعتدل في جلسته ، تحسس جيب بنطاله ثم دس يده فيه ، أخرج حبات اللؤلؤ الذي جمعه سابقاً ليعيد صناعة العقد من جديد ، آمر أحد عماله بإحضار خيط سميك مخصص للحُلي اليدوية وبدأ في إعادة صنعه بتلذذ ..
_ أنتهي منه بعد مدة ليست بقصيرة ثم رمقه بإعجاب شديد وأعاد وضعه في جيبه ثانيةً ، سحب هاتفه وقام بإتصال أحد المطاعم الذي يتعامل معهم وطلب وجبات من الطعام لجميع أفراد عائلته ،
_ ثم قام بإتصال آخر لإحدي مشاتل الزهور بعد أن تحري عن أشهر الأماكن الموجودة من الانترنت ، طلب باقة من زهور التوليب كما أوصي بعناية صنعها خصيصاً لفتاته !!
_ أزفر أنفاسه ببعض الراحة وهو يرتب لـ خطته جيداً ، جذب هاتفه بعد أن وضعه علي طاولة المكتب وهاتف شقيقته هاجر الذي أجابته مرحبة :-
_ حبيبي
_ بعد ترحيب كليهما والسؤال عن أحوالهم ، فرك ريان يديه بإرتباك خجل ، لا يدري كيف يطالبها بشئ خصوصي كالذي يريده لكن لا يوجد أمامه سواها ، تنهد وعزم أمره أن يبوح عن طلبه وأمره لله ،
_ حمحم بحرج بائن وأردف :-
_ عايزك تشتري لي قميص حريمي
_ لم تفهم هاجر معني حديثه وتسائلت بعدم استيعاب :-
_ يعني ايه قميص حريمي ؟
_ ازدرد ريقه ولا يدري كيفية توضيح معني حديثه ، تنهد بحرارة وألقي حديثه دفعة واحدة :-
_ قميص يا هاجر من اللي الست بتلبسه للراجل !!
_ وضعت هاجر كفيها أمام وجهها من فرط خجلها ، أحقا ريان يطالبها بشئ جرئ كهذا القميص أم أنها تحلم ؟!
_ قطع ريان حبال شرودها وأردف بصوت مرتبك خجل :-
_ انتي معايا ؟
_ أماءت هاجر عفوياً منها ، ثم هزت رأسها مستنكرة ما تفعله فهو في الأساس ليس أمامها ، سحبت نفساً عميق واجابته بتعلثم :-
_ أيوة ، أيوة معاك
_ تابع ريان مضيفاً بنبرة رخيمة :-
_ تمام ينفع في خلال ساعة تجيبهولي ؟
_ حاولت هاجر جاهدة بأن تكتم ضحكاتها داخلها لكي لا تسبب له الحرج يكفي نبرته الخجلة التي يتحدث بها ، ضبطت نبرتها واجابته مختصرة :-
_ تمام ..
_ أغلق ريان الخط وقام بعمل إتصال أخير وهاتف خالد صديقه ، انتظر قليلا علي آحر من الجمر المتقد ليسرع في الحديث عند إجابة الطرف الآخر بنبرة متلهفة :-
_ خالد عايز منك خدمة......
_ أنهي مكالمته بعدما دبر الأمور مع صديقه ، إلتوي ثغره بإبتسامة مليئة بالحيوية ، نهض وتوجه نحو الأريكة وأستلقي بجسده المتهالك عليها وسرعان ما تغلب عليه النوم من فرط التعب والإرهاق ؛
_________________________________________________
_ مر ما يقارب الساعة والنصف ، استيقظ ريان علي صوت رنين هاتفه ، اعتدل من نومته واجاب علي اتصاله بصوت متحشرج :-
_ أيوة أنا ريان العراقي ، تمام خارج حالاً
_ أنهي ريان المكالمة وحاول ضبط نبرته التي بدت متحشرجة كمن انحشر بها شئ لكن دون جدوي ، شعر باحتقان شديد في حلقه ،
_ لم يهتم كثيراً ولملم اشيائه ودلف للخارج بخُطي متريثة ، بحث بعيناه عن المندوب المُرسل بـ باقة الزهور ، شهق بصدمة عندما وقعت عيناه علي باقة الزهور المحررة دون ساتر كـ حقيبة أو غيرها ،
_ أسرع نحوه بخطوات مهرولة وأردفت معاتباً :-
_ يعني مش عارفين تحطوه في شنطة ؟
_ رمقه الشاب بغرابة وأردف موضحاً :-
_ مينفعش يا فندم الورد يدبل قبل ما يوصل لحضرتك !
_ هز ريان رأسه في إنكار شديد واجابه بحدة :-
_ ما يدبل ياعم أحسن من الفضيحة اللي انت عملتهالي دي
_ لم يعقب الشاب علي حديثه المبهم بالنسبة إليه علي الرغم من شعوره بالغرابة حيال كلماته ، قام بتسليمه الزهور وأخذ نقوده وغادر ، بينما أمسك ريان بالباقة وهو يجوب بسودتاه المكان خشية أن يراه احد ما ..
_ لا لا حتماً يمزح معه القدر ، خالد والآن !!
_ ابتلع ريقه وأسرع بوضع باقة الزهور خلف ظهره واعتدل في وقفته حتي لا يُفضح أمره ، اقترب منه خالد وهو يفرك عينيه بتعب وأردف متسائلا بإهتمام :-
_ امورك تمام مع المدام ؟
_ أماء ريان رأسه بالايجاب مؤكداً حديثه ، تعجب خالد من حالته ، ماذا يخفي خلف ظهره ولا يريده أن يراه ؟
_ غمز إليه خالد وتسائل بفضول :-
_ انت مخبي ايه ورا ضهرك ؟
_ ازدرد ريان ريقه بتوتر وارتباك جلي وأسرع بالقول بنبرة متلعثمة :-
_ ها ، مش مخبي حاجة !
_ ضيق خالد عيناه عليه بعدم تصديق ثم استدار حوله ليعلم حقيقة الأمر ، رواغه ريان بالتحرك مكانه يميناً ويساراً لكي لا يكشف ما يخفيه ،
_ هيهيات لفضول الأصدقاء الذي لن يترك ريان وشأنه قبل أن يعلم بحقيقة ما يخفيه ، غرز خالد أظافر في ذراعي ريان وأجبره علي الوقوف ومال برأسه للخلف ..
_ شهق بذهول وعاد برأسه ورمق ريان بنظرات ساخرة ، تقوس ثغره بإبتسامة عريضة وأردف بسخرية :-
_ ورد يا ريان!
_ لقد جائت الكره في ملعبه الآن ، لم يكن ليدع الفرصة تمر دون أن يضع بصمته الخاصة ، لذا تراجع خالد بضعة خطوات للخلف وهتف مستنكراً :-
_ يا عيني علي الرجالة ، بقا ريان العراقي يهزق نفسه بالشكل ده ويمسك ورد !!
_ انفجر خالد ضاحكاً من خلف نظرات ريان الجامدة التي تحثه علي التوقف ، لكن لا لن يمر الأمر بتلك السهولة فلن تتكرر تلك الأحداث النادرة ..
_ سحب خالد هاتفه من جيبه وفتح الكاميرا ليأخذ صورة له ، لكن منعه ريان بنظراته الثاقبة التي خرقت خالد من حدتها ، أعاد وضع هاتفه في جيبه لكن لم يتوقف عن الضحك ورمي الكلمات الساخرة ..
_ صاح ريان مستنكراً أسلوبه الساخر بفتور :-
_ ها ، خلصت تريقة ؟ اتفضل بقا هات مفتاح عربيتك عشان سايب العربية تحت البيت
_ أماء خالد رأسه بالرفض وأردف :-
_ تؤتؤ روح كده خلي الحتة كلها تشوفك !
_ نفخ ريان بضجر بائن ومن ثم أمره بصرامة :-
_ هات المفتاح
_ ناوله خالد المفتاح علي مضضٍ وأردف بقلة حيلة :-
_ هتروح مني فين ..
_ لم يكترث له ريان وتوجه نحو سيارته وقادها إلي منزله ، صفها أسفل البناية وترجل منها بعدما جاب المكان من حوله في نظرة متفحصة ،
_ قابل نظرات مريبة من قِبل الحارس ، استدار ريان بجسده نحوه وهتف :-
_ ايه اول مرة تشوف واحد ماسك ورد ؟
_ حاول جلال إخفاء ضحكاته واجابه بهدوء :-
_ لا يا بيه بشوف ..
_ هز ريان رأسه مستنكراً لهجته الساخرة ثم أكمل طريقه إلي الداخل ، في تلك الأثناء عاد يحيي من جامعته وصف سيارته خلف سيارة ريان ، ترجل منها سريعاً عندما رأي طيف ريان في مدخل البناية ،
_ ريان ، ريان
_ نادي يحيي بصوته الرخيم ، أوصد ريان عينيه بعصبية ، ليس الآن لقد فُضح تماماً ، سحب نفساً والتفت إليه مختصراً حديثه :-
_ نعم ؟
_ وقف يحيي يلتقط أنفاسه وتسائل بإهتمام :-
_ عنود ، أقصد يعني لقيتها ؟
_ أماء ريان له بالايجاب بينما أخفض يحيي بصره علي باقة الزهور ورمقها بذهول ، تنهد ريان بضجر ومن ثم أولاه ظهره دون أن ينبس بشئ وصعد إلي الاعلي بالمصعد لكي لا يراه أحد آخر ..
_ وردته مكالمه من هاجر ، قام بالرد عليها سريعاً :-
_ ايه يا هجورة ؟
_ ردت هاجر عليه بنبرة هادئة :-
_ أنا عند بابا بطمن عليه ومعايا الحاجة ..
_ شكرها ريان بإمتنان وأغلق الخط ، ثم وضع باقة الزهور أمام الباب وهبط الي الأسفل حيث طابق والده ، فتح الباب واطمئن علي صحة والده ثم دلف الي الخارج وتبعته هاجر أسفل أنظار رنا المُسلطة عليهم ..
_ ناولته هاجر الحقيبة وأردفت بإبتسامة خجولة :-
_ يارب ذوقي يعجبك !
_ بادلها ريان ابتسامة خجولة وأردف :-
_ أكيد هيعجبني ..
_ استأذنت هاجر وهمت بالمغادرة ، ترك ريان الحقيبة علي الطاولة وولج إلي غرفة والده ربما يكون بحاجة إلي شئ ما ،
_ لم تكن رنا لتدع الفرصة تفوتها دون أن تعلم ماذا يوجد في تلك الحقيبة ، تسللت بهدوء بعد أن تفحصت المكان بخضروتاها جيداً ثم ألقت نظرة سريعة في الحقيبة ..
_ اتسعت مقلتيها بإعجاب شديد من جماله ، ألقت نظرة سريعة علي باب غرفة ماهر وقالت بغيظ :-
_ خسارة فيها تلبس لك حاجة بالجمال ده ،
_ أخفت القميص خلف ظهرها وأسرعت داخل غرفتها وبدلته بقميص آخر من بين قمصانها القديمة التالفة ، دلفت للخارج ووضعته في الحقيبة وعادت الي غرفتها كأنها لم تفعل شئ ..
_ دلف ريان للخارج وأمسك بالحقيبة وهبط الي الأسفل وقام بوضعها في سيارته ثم صعد مرة أخري إلي طابقه ..
_ فتح باب شقته وتمني أن تسير الأمور علي ما يرام كما خطط لها ، تفاجئ بها عائدة من المطبخ ، أسرع نحوها قبل أن توصد الباب خلفها وقال بنبرة متوسلة :-
_ اسمعيني بقا ..
_ لم تنظر إليه بل باتت علي وضعها كما هي مولياه ظهرها , سار ريان نحو أقرب أريكة وجلس عليها كما أجبرها علي الجلوس أمامه ..
_ سحب نفساً وهو ينتفي كلماته بعناية ثم ردد معتذراً :-
_ أنا آسف
_ رفعت عنود بندقيتاها عليه ، حاملة بين طيات نظراتها العتاب ، كأنه اقترف خطأ فادح في حقها ،
_ تنهد ريان مستاءً من نظراتها التي تلومه وهتف بندم :-
_ أنا كنت مضغوط جدا في المشكلة اللي حصلت وساعات السفر طويلة ومانمتش و....
_ قاطعته عنود بنبرة موجوعة :-
_ مش مبرر!
_ حك ذقنه براحة يده وأردف :-
_ أنا كان ممكن اتسجن بسبب المشكلة اللي حصلت دي ، اعصابي مكنتش مستحمله ..
_ شعرت بالخوف والشجن حياله ، لكن تماسكت وتابعت مضيفة :-
_ بس انا مكنتش بعمل حاجة غلط أنا كنت بساعد صحبتي ودي حاجة متقللش منك وتخليك تتحرج مني !
_ أمسك ريان يديها الصغيرة مشكلاً إبتسامة علي ثغره :-
_ عارف ، بس انا معروف هناك جدا يمكن انتي لسه متعرفيش مين ريان العراقي بس انا أساس الجامعة دي ولو اتعرف أنك مراتي مش مستحب أبدا يتقال مراتي واقفة تبيع في الجامعة وجوزها مش محتاج أو هيفكروا اني مقصر معاكي وفي الحالتين أنا مش هكون راضي ..
_ لم تقتنع كثيراً بحديثه ونظرت في الفراغ الذي أمامها ، واصل هو حديثه بنبرة متريثة :-
_ انتي تشرفي أي حد بأخلاقك اللي عمري ما شوفت زيهم ، بس لو سمحتي متكرريهاش تاني ..
_ رق قلبها من خلف كلماته التي لامست قلبها ونظرت إليه بأعين لامعة لا تدري ما عليها قوله في تلك الأثناء ، لكن لن تصفوا بتلك السهولة ما فعلته ليس خطأ ويجب عليه الاقتناع بذلك ،
_ سحب ريان باقة الزهور من علي الطاولة ووضعها علي قدميها قائلا بنبرة حنونة :-
_ يارب تعجبك ! ..
_ يا الله ! ما تلك الباقة الرائعة لقد خطفت عينيها من فرط جمال ألوانها ، لقد أختار أسمي انواع الزهور ليقدمها إليها ، لطيف ذاك الرجل كثيراً ،
_ تفاجئت به يطرب بصوته الأجش قائلاً :-
_ شحات ومد ايديه وكسر خاطره حرام ، حدفه الهوا هنا ليه ، طالب تحنوا عليه يا محسنين الغرام ونِحِن قولي بإيه ارموا له نظرة ولا ابتسامة ، حسنة وتنفع يوم القيامة ..
_ انفجرت عنود مقهقهه علي أسلوبه الطريف التي تتعامل معه لأول مرة بينما سرح ريان في ابتسامتها العذبة التي روت قلبه كأنه لم يرتوي منذ عام ..
_ مال بجسده عليها وضمها الي حضنه بقوة ، بادلته عنود عناق رقيق كـرقتها ومن ثم ابتعد ريان وقال وهو يتلمس خصلاتها :-
_ قومي جهزي نفسك هنتعشي برا وهعرفك علي مرات خالد صاحبي ..
_ أماءت رأسها بطاعة ثم نهضت في هدوء لتبدل ثيابها ، بينما نهض ريان يُعِد مشروب ساخن ليهدئ من احتقان حلقه قليلاً ، أحتسي المشروب سريعاً ثم ولج داخل المرحاض الخارجي لكي يستحم ،
_ وقف أسفل المياه الدافئة يعيد الحيوية لجسده المتهالك ثم أغلق صنبور المياه وبحث بعيناه علي ثيابه ، أوصد عيناه بعصبية فهو قد نسي تماماً أن يجلبها معه ،
_ والآحر عدم وجود منشفة ايضاً بالداخل فقط توجد منشفة صغيرة للغاية لن تفي بالغرض ، تأفف بضجر وفتح الباب ووقف خلفه بعد أن وضع المنشفة حول خصره وأحكم إغلاقها ، نادي بصوت جهوري :-
_ عنود ..
_ هرولت إليه بعدما ارتدت ثيابها بالكامل وقالت متسائلة :-
_ نعم ؟
_ رمقها ريان بتفحص وقال وهو يمرر بصره علي جسدها الذي لا يري ملامحه ، شعر ببعض الراحة لكونه الوحيد الذي له الأحقية في رؤيتها..
_ تقوس ثغره بإبتسامة واجابها :-
_ ممكن تجبيلي هدوم نسيت أخد وانا داخل ..
_ أماءت رأسها بطاعة ، عادت إليه بعد برهة وقد أحضرت بعض الثياب إليه ، مد ريان يده وأخذهم وشد علي يدها رافض تركها ، حاولت عنود أن تحرر يدها لكنه أبي وجذبها للداخل ،
_ لكن سرعان ما أوصدت عينيها لكي تحجب رؤياها ، مال ريان بالقرب من أذنها وهمس :-
_ فتحي عيونك
_ سرت رجفة قوية في أوصالها شاعرة بحرارة أنفاسه تتخلل وجهها وأردفت متوسلة :-
_ عايزة أخرج Please ( ارجوك )
_ تابع ريان بنبرة خافتة داخل أذنها زادت من توترها :-
_ فتحي عيونك وانا هسيبك تخرجي ..
_ أماءت رأسها برفض تام وقالت بتعلثم :-
_ I can't
( لا أستطيع )
_ لأ تقدري
_ قالها وهو يهمس أمام شفتاها تلك المرة ، اضطرت عنود علي فتح عينيها لتتخلص من ذاك الوضع سريعاً ، رفعت رأسها أولاً لكي تضمن عدم رؤية سوي وجهه ..
_ قابلتها نظراته الثاقبة فتلاحقت ضربات فؤادها من ذلك التوتر المتدفق في الادرينالين المندفع في شرايينها ، ظلت أنظار ريان مثبتة عليها يطالعها بشغف وتمني ، اقترب خطوة منها الآن و غدا سيكون الاقرب إلي وجدانها ،
_ تقوس ثغره بإبتسامة ماكرة لتسرع هي قائلة :-
_ ممكن أخرج !
_ أماء رأسه بالإيجاب ثم تراجع خطوة للخلف ، بينما أوصدت عينيها سريعاً واردفت غير مصدقة تصرفه الوقح :-
_ Wait ، Wait ، Wait
( انتظر )
_ أولته ظهرها وتلمست الباب إلي أن أمسكت بالمقبض وهرولت إلي الخارج بخُطي مضطربة ، ولجت داخل غرفتها و أوصدت الباب خلفها تتنفس الصعداء ،
_ شعرت بتلك الحرارة المنبعثة من وجهها حتماً صار كالبندورة من فرط الخجل ،
_ دلف ريان للخارج بعدما انتهي من ارتداء ثيابه باحثاً عنها ، طرق بابها ووقف قيد انتظار ظهور طيفها ، بينما سحبت هي نفساً عميق وفتحت الباب وتعمدت تجاهله وعدم النظر إليه ،
_ لم يعقب ريان علي تصرفها وتبعها للخارج في هدوء طال إلي أن ركب كليهما السيارة ، لمحت عنود فتاة تنظر إليها من علي بُعد ، شعرت أنها رأت هذا الوجه من قبل لكن لا تدري أين ؟!
_ حسناً ، لقد تذكرت انها اماني ابنة عمها ، حرك ريان السيارة فأسرعت عنود قائلة :-
_ ريان Wait ..
_ ألتفت إليها وأردف متسائلا :-
_ في ايه ؟
_ تنهدت هي ولازالت مثبتة أنظارها علي الفتاة ، نظر ريان إلي وجهتها ورأي اماني واقفة أسفل منزلهم ، فتحت عنود الباب وترجلت من السيارة ، لحقها ريان قائلا بنبرة رخيمة :-
_ بلاش تروحي ..
_ استدارت إليه وأردفت بإصرار :-
_ عايزة أتكلم معاها ..
_ تنهد ريان مستاءً وأمسك ذراعها قبل أن تخطو بدونه :-
_ هاجي معاكي ..
_ أماءت رأسها بالإيجاب وتوجهت نحوها برفقة ريان ، وقفت أمامها وشكلت إبتسامة علي محياها وأردفت :-
_ How are you ?
( كيف حالك )
_ ابتسمت اماني وأردفت :-
_ أنا كويسة بس ياسر أخويا مش كويس !
_ قاطعها ريان قائلا بصرامة :-
_ يلا يا عنود كفاية كده !
_ تنهدت ثم رفعت بندقيتاها عليه وأردفت برقة :-
_ ريان !
_ ريان ماذا ! لم يستطيع معارضتها بعد نطقها إسمه بتلك الرقة العابثة ، لكن لن يسمح بتجاوز حدود تلك الفتاة ..
_ تابعت اماني حديثها مضيفة بحزن :-
_ ياسر مش غلطان ، بابا وماما اللي غلطانين ، حبسوه في الاوضة ونزلوا من وراه أنا مش عارفة هما عملوا ايه بس ماما بتقولي أنهم بوظوا الفرح ، أنا عايزة ياسر يرجع يضحك ويهزر معايا تاني لو سمحتي يا آبلة كلميه وقوليله أنك مسمحاه هو زعلان عشانك ..
_ بلغ ريان ذروة تحمله ، لقد تعدت تلك الفتاة حدود الوقاحة ، أمسك ذراع عنود وجذبها بجواره قائلا :-
_ لا أنا بقول كفاية كده فعلا
_ نظرت إليه عنود وكادت أن تتحدث لكنه أوقفها بإشارة من يده :-
_ أمشي ..
_ تنهدت عنود ومررت انظارها بينهم ثم سارت بجواره بتذمر إلي أن ركِبَ السيارة ، قطع ريان نصف المسافة دون ان ينبس كليهما بشئ ، اوقف السيارة جانباً والتفت بجسده إليها ،
أمسك يدها واردف بنبرة حنونة :-
_ أنا مش عايزك تتأذي بقربك من الناس دي !
_ تنهدت عنود بحرارة ونظرت إليه بأعين لامعة وأردفت بحب :-
_ مش هيحصلي حاجة وانت معايا ، انت هتحميني ..
_ هز ريان رأسه مستنكراً حديثها وأضاف :-
_ الدكتور قال لازم تبعدي عن أي ضغط وتوتر وانتي راحة برجليكي مينفعش أقف اتفرج عليكي واسكت ..
_ سحبت عنود أكبر قدر من الأكسجين ، فهي متفهمة خوفه عليها وقالت موضحة :-
_ أنا مش عايزة اكون سبب في أذي حد لو سمحت افهمني ، حتي لو انا اتأذيت منهم ، بس مش حابة أرد الشر بالشر ، رحم الله كل سهل هين لين القلب وانا عايزة لما اقف بين ايدين ربنا يرحمني ..
_ تأثر ريان بعبارتها ورفع يدها عند فمه ثم وضع قُبلة داخل كفيها الصغير وأردف :-
_ مشوفتش حد بالجمال ده قبل كده !
_ توردت وجنتيها بالحُمرة الصريحة اثر جملته ، و تابعت متسائلة :-
_ ها هروح له امتي ؟
_ رمقها ريان شزراً وأردف بحنق :-
_ نعم يختي تروحي لمين ؟
_ تنهدت عنود ووضحت قصدها :-
_ عايزاه يعرف اني مسمحاه ومتنساش إن اللي حصل كان لصالحنا ، يمكن لو محصلش اللي عمي عمله مكنتش بقيت مراتك يعني انت المفروض تشكرهم !
_ قهقه ريان عالياً وتمتم بعدم تصديق :-
_ اشكرهم ، يا حلاوة ، انتي ليكي عم اهبل ، لا هما كلهم هُبل بصراحة ..
_ اتسعت مقلتيها بدهشة وعقدت ذراعيها بتذمر وأردفت بحنق :-
_ لو سمحت متغلطش فيهم مهما كان دول أهلي ، ومتبعدش عن الموضوع هنروح امتي ؟
_ ضرب ريان بخفة علي الطارة وقال :-
_ أنا مستحيل ادخل البيت ده تاني ، وأنتي أصلا مش هتروحي في حتة ، بعدين نفكر في الموضوع مش وقته وياريت تقفليه الوقتي ..
_ كادت أن تعارضه لكنه أشار إليها بالصمت ، ثم اشغل محرك السيارة وقادها بأقصي سرعة لكي يلحق ميعاده مع صديق وزوجته
الفصل الرابع والعشرون ..
_____________________
_ ترجلت من السيارة ودفعت للسائق نقوده ثم توجهت إلي البناية بخطي هزيلة ، وقفت أمام المصعد قيد انتظار هبوطه من الاعلي ،
_ ولجت بداخله ودموعها لا تتوقف قط ، لا تدري لما تعاملت بتلك الحساسية ربما الأمر لم يكن بحاجة لتلك المبالغة ، حسناً ستعترف بأنه آلام قلبها من نبرته الصارمة الحادة ،
_ هو بمثابة جميع الأشياء اللطيفة في حياتها ، بات خاصاً للغاية ، ربما وقعت في حب عيناه التي تختفي حدتها أمامها ، أو ربما أحبت عنفوانه وجُرأته في امتلاكها فقط ليحمي كرامتها من المُدعين بعائلتها ،
_ أم أحبت الأمان الذي نتج من ضلع عناق صادق في حين افتقادها لشعور الطمئنينة حينها ، لا تدري أيهما الصحيح لكن ما تعلمه جيداً أن قلبها لم ينبض سوي لحروف إسمه ..
_ لم تشعر بتوقف المصعد ، فُتح الباب من قِبل دينا التي قامت بإيقافه ، رفعت عنود بندقيتاها عليها بحزن لا تدري لما شعرت بالضعف أمامها ،
_ فرحانة أنك سرقتيه مني ؟
_ صاحت بهم دينا بنبرة غاضبة بينما شعرت عنود بوخزة قوية في قلبها ، حاولت التماسك لكن لم تستطيع منع ازدراف قطراتها التي هطلت كحبات المطر ..
_ ولجت دينا بداخل المصعد واقتربت منها وتابعت مضيفة :-
_ بتعيطي ؟ اوعي تفكري أنك هتضحكي عليا بدور البت اليتيمة اللي أهلها رفضوها و واحدة واحدة دخلتي بيتي لحد ما اتمكنتي من جوزي يا خطافة الرجالة أنا فرحانة في اللي عمك عملوا فيكي انتي تستاهلي كل اللي جرالك واللي لسه هيجرالك مني ..
_ اجهشت عنود في البكاء الشديد ولم تستطيع الرد عليها ، تشتت ذهنها هل هي علي حق ؟ هل هي سارقة إذا هل تنال عقابها الآن ؟!
_ صمت حل فجاءة عندما سمعت كلتاهما صراخ رنا يأتي من الأسفل ، ركضت دينا مهرولة لتعلم ما الخطب ، تبعتها عنود بخُطي مهرولة ، وقفت كلتاهما أمام العم ماهر وهو مُلقي علي الأرض ..
_ لم يصدر لهم صوت لبرهة ثم قطعت حبال ذاك الصمت دينا عندما تسائلت بتوجس :-
_ عمي ماهر حصله ايه ؟
_ هزت رنا رأسها بنفي لا تدري ما خطبه ، تنهدت وأردفت بنبرة مرتبكة :-
_ مش عارفة ، أنا سمعت صوت جامد خرجت لقيته واقع !
_ اقتربت منه دينا قائلة بقلق :-
_ يالهوي ليكون حصله غيبوبة سكر ..
_ ابتلعت رنا ريقها بصعوبة كما ازدادت رجفة جسدها من هول الصدمة ، حاولت دينا إيقاظه بمنادته لكنه لم يستجيب لها ، أزفرت أنفاسها بتوجس شديد وقالت :-
_ حد يتصل بالاسعاف بسرعة ..
_ هرولت رنا الي الداخل تبحث عن هاتفها وما إن وقع بين يديها أسرعت في الإتصال علي الإسعاف وطلبت مساعدتهم ،
_ سحبت عنود نفساً ثم صعدت إلي الاعلي وجذبت قنينة عطر وعادت إليهم مرة أخري ، جلست الأرض بجواره ثم رفعت رأسه برفق ووضعتها علي قدميها ،
_ وضعت قدراً كافياً من العطر علي يدها ثم وضعتها أمام أنفه وهي تدعي من قلبها بأن يعود لوعييه عاجلاً ، اقتربت منها دينا وصاحت بها هدراً :-
_ انتي فاكرة نفسك دكتورة ، ابعدي عنه أصل تموتيه بعمايلك دي !
_ لم تهتز خُصله من عنود ورمقتها بجمود ثم عاودت تكرار ما فعلته عدة مرات إلي أن شعرت بحركة طفيفة في أطرافه ، ألقت قنينة العطر جانباً واقتربت منه تتأكد من حدسها ،
_ تقوس ثغرها بإبتسامة عندما عاد لوعيه وفتح عينيه حمدت الله بداخلها وأردفت قائلة بنبرة حنونة :-
_ حمد لله علي سلامتك
_ شعر ماهر بدوار طفيف يعتلي رأسه ، سحب نفساً وقال متسائلاً :-
_ هو ايه اللي حصل ؟
_ روت له عنود ما حدث مختصرة لكي لا ترهقه بالحديث ، شعر ماهر بجفاف شديد في حلقه أثر قلة المياه التي لا يتذكر منذ متي نزلت في جوفه ،
_ ساعدته عنود علي النهوض برفقة دينا التي كانت تسير بجوارها علي مضضٍ ، استلقي ماهر علي فراشه ، ووضعت عنود وسادة خلف رأسه وأسفل قدميه وقالت متسائلة :-
_ حضرتك محتاج حاجة يا Uncle ؟
_ تنهد ماهر وقال بنبرة خافتة :-
_ شوية مية بس يا بنتي أبل ريقي
_ أسرعت عنود بجذب زجاجة مياه ، وساعدته في شربها ، تعجبت كثيراً من طريقة ارتشافه للمياه كأنه لم يروي ظمئه منذ قرن ،
_ وضعت الزجاجة علي الكومود عندما انتهي منها ، بينما ولجت رنا الي الداخل بعدما تراجعت عن الإتصال بالاسعاف قائلة بإهتمام زائف :-
_ حمد لله علي سلامتك يا عمي
_ أجابها ماهر بإقتضاب :-
_ الحمد لله علي كل حال
_ لاحظت عنود نبرته الجافة التي أجاب بها رنا يا تُري ماذا اقترفت في حقه حتي يحدثها بهذا الجفاء؟
_ لم تريد دينا التحدث في وجودها ، كم تمنت أن تطبق علي عنقها وتسلب روحها بوحشية ربما تهدئ حينها ،
_ في تلك الأثناء وصل ريان وصعد الدرج سريعاً لكنه توقف أمام منزل والده حينما رأي حقيبة عنود ملقاه علي الأرض ، جذبها كما أمسك بقنينة العطر وولج إلي الداخل ليعلم ما الخطب !
_ شعر بغصة في حلقه خشية أن يكون أصابها مكروه ، لن يسامح نفسه إذا حدث لها شئ ، سار بخُطي متمهلة نحو الصوت الصادر من غرفة والده ، حمحم قبل أن يولج الي الداخل ، تعمدت رنا الوقوف كأنها لم تسمع لصوته الذي أصدره قبل دخوله ،
_ نظرت ثلاثتهم إليه بأعين مليئة بالحب والشغف وأخري بالعتاب واللوم وأخيرا خليط ما بين العتاب والافتقاد ..
_ شهقت رنا بحرج زائف وركضت للخارج مسرعة وهي تبتسم بمكر ، بينما لم ترفع دينا بصرها عنه قط ، لقد افتقدت إليه كثيراً تريد إلقاء نفسها بين أحضانه لأول مرة تتمني خوض تجارب لم يسبق وأن عاشتها معه ،
_ بينما أبعدت عنود بصرها بعيداً ونظرت في الفراغ أمامها ، علي الرغم من حبها الشديد له إلا أنها شعرت بشئ ما قد كسر بداخلها لا تدري هل يمكن إصلاحه أم ستعتادها مع مرور الأيام ..!
_ شئ واحد فقط كان شاغله حينها ' هي ' ، اقترب منها وسئلها بتوجس :-
_ انتي كويسة ؟
_ أماءت رأسها بالايجاب بينما تدخلت دينا موجهة حديثها الي ماهر متعمدة قطع خلوتهم :-
_ حمد لله علي سلامتك يا عمي خلي بالك من نفسك
_ أجابها ماهر بنبرة متعبة :-
_ الله يسلمك يا بنتي
_ مرر ريان أنظاره علي الجميع متسائلا بإهتمام :-
_ هو في ايه مالك يا حج ؟
_ تنهد ماهر بتعب وأردف :-
_ الحمد لله يا بني حاجة بسيطة ..
_ تدخلت رنا تلك المرة بعودتها وقصت له ما حدث بدلال وميوعة بالغة ، بينما اقترب ريان من والده قائلا بإلحاح :-
_ قوم نروح لـ دكتور نطمن عليك
_ هز ماهر رأسه برفض تام قائلا :-
_ أنا كويس يا ريان يا ابني لو مش عايز تتعبني بجد متضغطش عليا ..
_ تأفف ريان بضجر ، سحب نفساً وقال باهتمام :-
_ انت آكلت حاجة النهاردة ؟
_ صمت ماهر ولم يجيبه ، سحق ريان أسنانه بغضب عارم وصاح بنبرة جهورية :-
_ البهايم اللي هنا مش واخدين بالهم أنك إنسان زيهم ، سايبينك من غير اكل لحد الوقتي ليه ؟
_ استدار ريان بجسده نحو رنا التي انكمشت في نفسها متوجسة خيفة منه ، رمقها ريان شزراً وواصل حديثه مضيفاً بحدة :-
_ إكرمي الراجل اللي مقعدك في بيته بدل ما انتي مركزة مع الكل وسيباه ، فين جوزك اللي قاعد جنبك ومش بيشتغل مبيراعيش ابوه ليه ؟ بس الحق عليا أنا ، أنا اللي غلطان ..
_ استدار ريان بجسده نحو والده وتابع حديثه :-
_ من بكرة في واحدة هتيجي هنا لخدمتك انت و بس
_ انحني ريان علي يده وقبلها بألم :-
_ سامحني يا حج انشغلت عنك بس والله غصب عني
_ تقوس ثغر ماهر بإبتسامة راضية وربت ماهر علي يده بحب وأردف بحنو :-
_ يابني أنا كويس والله ربنا يبارك فيك وفي إخواتك ..
_ نهض ريان ونظر الي حيث تقف عنود ، اقترب منها وأمسك بيدها قائلا :-
_ تعالي عايزك ..
_ سارت عنود معه ولم تصدر أي رفض ، ليس الوقت المناسب لمقاومته ، حركت دينا رأسها عفوياً معهم حتي اختفوا من أمامها ، كانت كمن يقف علي جمر متقدة ، لاعنة تلك التعيسة التي تحظي بأثمن اللحظات معه ، لا تصدق أنه بادر بالتحدث إلي زوجته الأخري وخرج معها ولم يلقي حتي ببصره عليها كأنها نكره لا يراها ولا يشعر بها ،
_ وما أن دلف كليهما للخارج حتي حررت عنود يدها لكن بلطف ، اسرعت خطواتها وصعدت إلي الاعلي ومن ثم ولجت داخل غرفتها واوصدت الباب خلفها لكي لا يستطيع الوصول إليها ،
_ قرع بابها عندما تأكد أنه موصد من الداخل ، لكنها لم تكترث له ، جلست علي الفراش ودفنت وجهها بين الوسادة لكي لا يصل صوته الي مسامعها ، تريد هدنة لبعض الوقت ربما تجمع شتات نفسها ..
_ جن جنون ريان بسبب عدم ردها عليه ، بالتأكيد سيفقد عقله إن لم تجيبه سريعاً ، فشل وفشل في اقناعها للتحدث معه ، كاد أن يفتك بهذا الباب اللعين الذي يعد حاجز بينه وبينها يمنعه من الوصول إليها ،
_ وقف في منتصف الردهة واضع إحدي ذراعيه في خصره والاخر خلف رأسه بقلة حيلة ، بالتأكيد أن مكث لـ دقيقة أخري سيحدث ما لا يُحمد عُقباه ،
_ ألقي ببصره نظرة أخيرة علي الباب ثم دلف للخارج والغضب يتطاير من عينيه ، أجبر قدميه علي الوقوف حينما ظهرت دينا أمامه ، حاول جاهدا السيطرة علي غضبه لكي لا يكون من نصيبها قدراً منه ،
_ تنهدت دينا بحزن وأردفت بنبرة تحمله اللوم لعدم سؤاله عليها :-
_ مكنتش اعرف اني مهمكش للدرجة دي ، بصراحة متوقعتش أن العشرة اللي بينا تهون عليك بسهولة كده !
_ جاب المكان بعيناه سريعاً وردد بفتور :-
_ خلصتي ؟ بعد اذنك ..
_ استشاطت غيظاً من جمود ردوده عليها ، لقد تعدت تصرفاته اللامعقول ، هل ستكمل بقية حياتها متورطة بين زوج جامد لا يعبأ لمشاعرها وفتاة صغيرة تفعل ما في وسعها لكي تحصل علي زوجها بشتي الطرق ،
_ هل ستتحمل ؟ هل قدرتها كافية لتسير في حياة لا تعلم نهايتها ، هل ستتحسن علاقتها بريان ويعود زوجها كما كان في سابقاً ، أم لها نصيب في الإنفصال عنه ، يجدر عليها التحمل فقط من أجل صغيرتها وذاك الجنين الذي يسكن رحمها ، ستصمد فقط لبعض الوقت وان لم تتحمل الوضع فالله غالب علي أمره والغني علي حياة كهذه ..
_________________________________________________
_ دخل معرضه بوجه لا يبشر بالخير ؛ ملامحه جامدة لدرجة أرعبت كل من يظهر أمامه واجبرتهم علي التنحي جانباً لكي لا يثيروا غضبه ،
_ دخل مكتبه وركل الباب خلفه بعنف ، جاب الغرفة ذهاباً وجيئا وهو يفكر في طريقة ما لكي يصلح ما اقترفه بحقها ،
_ حتماً لن يستطيع التفكير وذهنه مشتت للغاية ، عليه أن يهدئ من روعه اولاً ، توجه نحو مكتبه وجلس علي مقعده ، فتح أحد ادراج المكتب وسحب دفتره الذي يدون به خواطره حديثاً ،
_ سحب نفساً عميق وأمسك بقلمه استعداداً لتدوين ما يدور في عقله ،
{ تائه كـمتشرد لا يعرف السبيل ، وأين السبيل لطلاما كنتي دوماً ملجئي الوحيد ؟ }
_ دونها ثم أغلق دفتره وأعاد وضعه في درج مكتب ، عاد بجسده للخلف بإرهاق جلي عليه بسبب عدم نومه ليلة البارحة ، وضع يده خلف رأسه وأردف مستاءً :-
_ ااااه
_ تذكر شئ ما واعتدل في جلسته ، تحسس جيب بنطاله ثم دس يده فيه ، أخرج حبات اللؤلؤ الذي جمعه سابقاً ليعيد صناعة العقد من جديد ، آمر أحد عماله بإحضار خيط سميك مخصص للحُلي اليدوية وبدأ في إعادة صنعه بتلذذ ..
_ أنتهي منه بعد مدة ليست بقصيرة ثم رمقه بإعجاب شديد وأعاد وضعه في جيبه ثانيةً ، سحب هاتفه وقام بإتصال أحد المطاعم الذي يتعامل معهم وطلب وجبات من الطعام لجميع أفراد عائلته ،
_ ثم قام بإتصال آخر لإحدي مشاتل الزهور بعد أن تحري عن أشهر الأماكن الموجودة من الانترنت ، طلب باقة من زهور التوليب كما أوصي بعناية صنعها خصيصاً لفتاته !!
_ أزفر أنفاسه ببعض الراحة وهو يرتب لـ خطته جيداً ، جذب هاتفه بعد أن وضعه علي طاولة المكتب وهاتف شقيقته هاجر الذي أجابته مرحبة :-
_ حبيبي
_ بعد ترحيب كليهما والسؤال عن أحوالهم ، فرك ريان يديه بإرتباك خجل ، لا يدري كيف يطالبها بشئ خصوصي كالذي يريده لكن لا يوجد أمامه سواها ، تنهد وعزم أمره أن يبوح عن طلبه وأمره لله ،
_ حمحم بحرج بائن وأردف :-
_ عايزك تشتري لي قميص حريمي
_ لم تفهم هاجر معني حديثه وتسائلت بعدم استيعاب :-
_ يعني ايه قميص حريمي ؟
_ ازدرد ريقه ولا يدري كيفية توضيح معني حديثه ، تنهد بحرارة وألقي حديثه دفعة واحدة :-
_ قميص يا هاجر من اللي الست بتلبسه للراجل !!
_ وضعت هاجر كفيها أمام وجهها من فرط خجلها ، أحقا ريان يطالبها بشئ جرئ كهذا القميص أم أنها تحلم ؟!
_ قطع ريان حبال شرودها وأردف بصوت مرتبك خجل :-
_ انتي معايا ؟
_ أماءت هاجر عفوياً منها ، ثم هزت رأسها مستنكرة ما تفعله فهو في الأساس ليس أمامها ، سحبت نفساً عميق واجابته بتعلثم :-
_ أيوة ، أيوة معاك
_ تابع ريان مضيفاً بنبرة رخيمة :-
_ تمام ينفع في خلال ساعة تجيبهولي ؟
_ حاولت هاجر جاهدة بأن تكتم ضحكاتها داخلها لكي لا تسبب له الحرج يكفي نبرته الخجلة التي يتحدث بها ، ضبطت نبرتها واجابته مختصرة :-
_ تمام ..
_ أغلق ريان الخط وقام بعمل إتصال أخير وهاتف خالد صديقه ، انتظر قليلا علي آحر من الجمر المتقد ليسرع في الحديث عند إجابة الطرف الآخر بنبرة متلهفة :-
_ خالد عايز منك خدمة......
_ أنهي مكالمته بعدما دبر الأمور مع صديقه ، إلتوي ثغره بإبتسامة مليئة بالحيوية ، نهض وتوجه نحو الأريكة وأستلقي بجسده المتهالك عليها وسرعان ما تغلب عليه النوم من فرط التعب والإرهاق ؛
_________________________________________________
_ مر ما يقارب الساعة والنصف ، استيقظ ريان علي صوت رنين هاتفه ، اعتدل من نومته واجاب علي اتصاله بصوت متحشرج :-
_ أيوة أنا ريان العراقي ، تمام خارج حالاً
_ أنهي ريان المكالمة وحاول ضبط نبرته التي بدت متحشرجة كمن انحشر بها شئ لكن دون جدوي ، شعر باحتقان شديد في حلقه ،
_ لم يهتم كثيراً ولملم اشيائه ودلف للخارج بخُطي متريثة ، بحث بعيناه عن المندوب المُرسل بـ باقة الزهور ، شهق بصدمة عندما وقعت عيناه علي باقة الزهور المحررة دون ساتر كـ حقيبة أو غيرها ،
_ أسرع نحوه بخطوات مهرولة وأردفت معاتباً :-
_ يعني مش عارفين تحطوه في شنطة ؟
_ رمقه الشاب بغرابة وأردف موضحاً :-
_ مينفعش يا فندم الورد يدبل قبل ما يوصل لحضرتك !
_ هز ريان رأسه في إنكار شديد واجابه بحدة :-
_ ما يدبل ياعم أحسن من الفضيحة اللي انت عملتهالي دي
_ لم يعقب الشاب علي حديثه المبهم بالنسبة إليه علي الرغم من شعوره بالغرابة حيال كلماته ، قام بتسليمه الزهور وأخذ نقوده وغادر ، بينما أمسك ريان بالباقة وهو يجوب بسودتاه المكان خشية أن يراه احد ما ..
_ لا لا حتماً يمزح معه القدر ، خالد والآن !!
_ ابتلع ريقه وأسرع بوضع باقة الزهور خلف ظهره واعتدل في وقفته حتي لا يُفضح أمره ، اقترب منه خالد وهو يفرك عينيه بتعب وأردف متسائلا بإهتمام :-
_ امورك تمام مع المدام ؟
_ أماء ريان رأسه بالايجاب مؤكداً حديثه ، تعجب خالد من حالته ، ماذا يخفي خلف ظهره ولا يريده أن يراه ؟
_ غمز إليه خالد وتسائل بفضول :-
_ انت مخبي ايه ورا ضهرك ؟
_ ازدرد ريان ريقه بتوتر وارتباك جلي وأسرع بالقول بنبرة متلعثمة :-
_ ها ، مش مخبي حاجة !
_ ضيق خالد عيناه عليه بعدم تصديق ثم استدار حوله ليعلم حقيقة الأمر ، رواغه ريان بالتحرك مكانه يميناً ويساراً لكي لا يكشف ما يخفيه ،
_ هيهيات لفضول الأصدقاء الذي لن يترك ريان وشأنه قبل أن يعلم بحقيقة ما يخفيه ، غرز خالد أظافر في ذراعي ريان وأجبره علي الوقوف ومال برأسه للخلف ..
_ شهق بذهول وعاد برأسه ورمق ريان بنظرات ساخرة ، تقوس ثغره بإبتسامة عريضة وأردف بسخرية :-
_ ورد يا ريان!
_ لقد جائت الكره في ملعبه الآن ، لم يكن ليدع الفرصة تمر دون أن يضع بصمته الخاصة ، لذا تراجع خالد بضعة خطوات للخلف وهتف مستنكراً :-
_ يا عيني علي الرجالة ، بقا ريان العراقي يهزق نفسه بالشكل ده ويمسك ورد !!
_ انفجر خالد ضاحكاً من خلف نظرات ريان الجامدة التي تحثه علي التوقف ، لكن لا لن يمر الأمر بتلك السهولة فلن تتكرر تلك الأحداث النادرة ..
_ سحب خالد هاتفه من جيبه وفتح الكاميرا ليأخذ صورة له ، لكن منعه ريان بنظراته الثاقبة التي خرقت خالد من حدتها ، أعاد وضع هاتفه في جيبه لكن لم يتوقف عن الضحك ورمي الكلمات الساخرة ..
_ صاح ريان مستنكراً أسلوبه الساخر بفتور :-
_ ها ، خلصت تريقة ؟ اتفضل بقا هات مفتاح عربيتك عشان سايب العربية تحت البيت
_ أماء خالد رأسه بالرفض وأردف :-
_ تؤتؤ روح كده خلي الحتة كلها تشوفك !
_ نفخ ريان بضجر بائن ومن ثم أمره بصرامة :-
_ هات المفتاح
_ ناوله خالد المفتاح علي مضضٍ وأردف بقلة حيلة :-
_ هتروح مني فين ..
_ لم يكترث له ريان وتوجه نحو سيارته وقادها إلي منزله ، صفها أسفل البناية وترجل منها بعدما جاب المكان من حوله في نظرة متفحصة ،
_ قابل نظرات مريبة من قِبل الحارس ، استدار ريان بجسده نحوه وهتف :-
_ ايه اول مرة تشوف واحد ماسك ورد ؟
_ حاول جلال إخفاء ضحكاته واجابه بهدوء :-
_ لا يا بيه بشوف ..
_ هز ريان رأسه مستنكراً لهجته الساخرة ثم أكمل طريقه إلي الداخل ، في تلك الأثناء عاد يحيي من جامعته وصف سيارته خلف سيارة ريان ، ترجل منها سريعاً عندما رأي طيف ريان في مدخل البناية ،
_ ريان ، ريان
_ نادي يحيي بصوته الرخيم ، أوصد ريان عينيه بعصبية ، ليس الآن لقد فُضح تماماً ، سحب نفساً والتفت إليه مختصراً حديثه :-
_ نعم ؟
_ وقف يحيي يلتقط أنفاسه وتسائل بإهتمام :-
_ عنود ، أقصد يعني لقيتها ؟
_ أماء ريان له بالايجاب بينما أخفض يحيي بصره علي باقة الزهور ورمقها بذهول ، تنهد ريان بضجر ومن ثم أولاه ظهره دون أن ينبس بشئ وصعد إلي الاعلي بالمصعد لكي لا يراه أحد آخر ..
_ وردته مكالمه من هاجر ، قام بالرد عليها سريعاً :-
_ ايه يا هجورة ؟
_ ردت هاجر عليه بنبرة هادئة :-
_ أنا عند بابا بطمن عليه ومعايا الحاجة ..
_ شكرها ريان بإمتنان وأغلق الخط ، ثم وضع باقة الزهور أمام الباب وهبط الي الأسفل حيث طابق والده ، فتح الباب واطمئن علي صحة والده ثم دلف الي الخارج وتبعته هاجر أسفل أنظار رنا المُسلطة عليهم ..
_ ناولته هاجر الحقيبة وأردفت بإبتسامة خجولة :-
_ يارب ذوقي يعجبك !
_ بادلها ريان ابتسامة خجولة وأردف :-
_ أكيد هيعجبني ..
_ استأذنت هاجر وهمت بالمغادرة ، ترك ريان الحقيبة علي الطاولة وولج إلي غرفة والده ربما يكون بحاجة إلي شئ ما ،
_ لم تكن رنا لتدع الفرصة تفوتها دون أن تعلم ماذا يوجد في تلك الحقيبة ، تسللت بهدوء بعد أن تفحصت المكان بخضروتاها جيداً ثم ألقت نظرة سريعة في الحقيبة ..
_ اتسعت مقلتيها بإعجاب شديد من جماله ، ألقت نظرة سريعة علي باب غرفة ماهر وقالت بغيظ :-
_ خسارة فيها تلبس لك حاجة بالجمال ده ،
_ أخفت القميص خلف ظهرها وأسرعت داخل غرفتها وبدلته بقميص آخر من بين قمصانها القديمة التالفة ، دلفت للخارج ووضعته في الحقيبة وعادت الي غرفتها كأنها لم تفعل شئ ..
_ دلف ريان للخارج وأمسك بالحقيبة وهبط الي الأسفل وقام بوضعها في سيارته ثم صعد مرة أخري إلي طابقه ..
_ فتح باب شقته وتمني أن تسير الأمور علي ما يرام كما خطط لها ، تفاجئ بها عائدة من المطبخ ، أسرع نحوها قبل أن توصد الباب خلفها وقال بنبرة متوسلة :-
_ اسمعيني بقا ..
_ لم تنظر إليه بل باتت علي وضعها كما هي مولياه ظهرها , سار ريان نحو أقرب أريكة وجلس عليها كما أجبرها علي الجلوس أمامه ..
_ سحب نفساً وهو ينتفي كلماته بعناية ثم ردد معتذراً :-
_ أنا آسف
_ رفعت عنود بندقيتاها عليه ، حاملة بين طيات نظراتها العتاب ، كأنه اقترف خطأ فادح في حقها ،
_ تنهد ريان مستاءً من نظراتها التي تلومه وهتف بندم :-
_ أنا كنت مضغوط جدا في المشكلة اللي حصلت وساعات السفر طويلة ومانمتش و....
_ قاطعته عنود بنبرة موجوعة :-
_ مش مبرر!
_ حك ذقنه براحة يده وأردف :-
_ أنا كان ممكن اتسجن بسبب المشكلة اللي حصلت دي ، اعصابي مكنتش مستحمله ..
_ شعرت بالخوف والشجن حياله ، لكن تماسكت وتابعت مضيفة :-
_ بس انا مكنتش بعمل حاجة غلط أنا كنت بساعد صحبتي ودي حاجة متقللش منك وتخليك تتحرج مني !
_ أمسك ريان يديها الصغيرة مشكلاً إبتسامة علي ثغره :-
_ عارف ، بس انا معروف هناك جدا يمكن انتي لسه متعرفيش مين ريان العراقي بس انا أساس الجامعة دي ولو اتعرف أنك مراتي مش مستحب أبدا يتقال مراتي واقفة تبيع في الجامعة وجوزها مش محتاج أو هيفكروا اني مقصر معاكي وفي الحالتين أنا مش هكون راضي ..
_ لم تقتنع كثيراً بحديثه ونظرت في الفراغ الذي أمامها ، واصل هو حديثه بنبرة متريثة :-
_ انتي تشرفي أي حد بأخلاقك اللي عمري ما شوفت زيهم ، بس لو سمحتي متكرريهاش تاني ..
_ رق قلبها من خلف كلماته التي لامست قلبها ونظرت إليه بأعين لامعة لا تدري ما عليها قوله في تلك الأثناء ، لكن لن تصفوا بتلك السهولة ما فعلته ليس خطأ ويجب عليه الاقتناع بذلك ،
_ سحب ريان باقة الزهور من علي الطاولة ووضعها علي قدميها قائلا بنبرة حنونة :-
_ يارب تعجبك ! ..
_ يا الله ! ما تلك الباقة الرائعة لقد خطفت عينيها من فرط جمال ألوانها ، لقد أختار أسمي انواع الزهور ليقدمها إليها ، لطيف ذاك الرجل كثيراً ،
_ تفاجئت به يطرب بصوته الأجش قائلاً :-
_ شحات ومد ايديه وكسر خاطره حرام ، حدفه الهوا هنا ليه ، طالب تحنوا عليه يا محسنين الغرام ونِحِن قولي بإيه ارموا له نظرة ولا ابتسامة ، حسنة وتنفع يوم القيامة ..
_ انفجرت عنود مقهقهه علي أسلوبه الطريف التي تتعامل معه لأول مرة بينما سرح ريان في ابتسامتها العذبة التي روت قلبه كأنه لم يرتوي منذ عام ..
_ مال بجسده عليها وضمها الي حضنه بقوة ، بادلته عنود عناق رقيق كـرقتها ومن ثم ابتعد ريان وقال وهو يتلمس خصلاتها :-
_ قومي جهزي نفسك هنتعشي برا وهعرفك علي مرات خالد صاحبي ..
_ أماءت رأسها بطاعة ثم نهضت في هدوء لتبدل ثيابها ، بينما نهض ريان يُعِد مشروب ساخن ليهدئ من احتقان حلقه قليلاً ، أحتسي المشروب سريعاً ثم ولج داخل المرحاض الخارجي لكي يستحم ،
_ وقف أسفل المياه الدافئة يعيد الحيوية لجسده المتهالك ثم أغلق صنبور المياه وبحث بعيناه علي ثيابه ، أوصد عيناه بعصبية فهو قد نسي تماماً أن يجلبها معه ،
_ والآحر عدم وجود منشفة ايضاً بالداخل فقط توجد منشفة صغيرة للغاية لن تفي بالغرض ، تأفف بضجر وفتح الباب ووقف خلفه بعد أن وضع المنشفة حول خصره وأحكم إغلاقها ، نادي بصوت جهوري :-
_ عنود ..
_ هرولت إليه بعدما ارتدت ثيابها بالكامل وقالت متسائلة :-
_ نعم ؟
_ رمقها ريان بتفحص وقال وهو يمرر بصره علي جسدها الذي لا يري ملامحه ، شعر ببعض الراحة لكونه الوحيد الذي له الأحقية في رؤيتها..
_ تقوس ثغره بإبتسامة واجابها :-
_ ممكن تجبيلي هدوم نسيت أخد وانا داخل ..
_ أماءت رأسها بطاعة ، عادت إليه بعد برهة وقد أحضرت بعض الثياب إليه ، مد ريان يده وأخذهم وشد علي يدها رافض تركها ، حاولت عنود أن تحرر يدها لكنه أبي وجذبها للداخل ،
_ لكن سرعان ما أوصدت عينيها لكي تحجب رؤياها ، مال ريان بالقرب من أذنها وهمس :-
_ فتحي عيونك
_ سرت رجفة قوية في أوصالها شاعرة بحرارة أنفاسه تتخلل وجهها وأردفت متوسلة :-
_ عايزة أخرج Please ( ارجوك )
_ تابع ريان بنبرة خافتة داخل أذنها زادت من توترها :-
_ فتحي عيونك وانا هسيبك تخرجي ..
_ أماءت رأسها برفض تام وقالت بتعلثم :-
_ I can't
( لا أستطيع )
_ لأ تقدري
_ قالها وهو يهمس أمام شفتاها تلك المرة ، اضطرت عنود علي فتح عينيها لتتخلص من ذاك الوضع سريعاً ، رفعت رأسها أولاً لكي تضمن عدم رؤية سوي وجهه ..
_ قابلتها نظراته الثاقبة فتلاحقت ضربات فؤادها من ذلك التوتر المتدفق في الادرينالين المندفع في شرايينها ، ظلت أنظار ريان مثبتة عليها يطالعها بشغف وتمني ، اقترب خطوة منها الآن و غدا سيكون الاقرب إلي وجدانها ،
_ تقوس ثغره بإبتسامة ماكرة لتسرع هي قائلة :-
_ ممكن أخرج !
_ أماء رأسه بالإيجاب ثم تراجع خطوة للخلف ، بينما أوصدت عينيها سريعاً واردفت غير مصدقة تصرفه الوقح :-
_ Wait ، Wait ، Wait
( انتظر )
_ أولته ظهرها وتلمست الباب إلي أن أمسكت بالمقبض وهرولت إلي الخارج بخُطي مضطربة ، ولجت داخل غرفتها و أوصدت الباب خلفها تتنفس الصعداء ،
_ شعرت بتلك الحرارة المنبعثة من وجهها حتماً صار كالبندورة من فرط الخجل ،
_ دلف ريان للخارج بعدما انتهي من ارتداء ثيابه باحثاً عنها ، طرق بابها ووقف قيد انتظار ظهور طيفها ، بينما سحبت هي نفساً عميق وفتحت الباب وتعمدت تجاهله وعدم النظر إليه ،
_ لم يعقب ريان علي تصرفها وتبعها للخارج في هدوء طال إلي أن ركب كليهما السيارة ، لمحت عنود فتاة تنظر إليها من علي بُعد ، شعرت أنها رأت هذا الوجه من قبل لكن لا تدري أين ؟!
_ حسناً ، لقد تذكرت انها اماني ابنة عمها ، حرك ريان السيارة فأسرعت عنود قائلة :-
_ ريان Wait ..
_ ألتفت إليها وأردف متسائلا :-
_ في ايه ؟
_ تنهدت هي ولازالت مثبتة أنظارها علي الفتاة ، نظر ريان إلي وجهتها ورأي اماني واقفة أسفل منزلهم ، فتحت عنود الباب وترجلت من السيارة ، لحقها ريان قائلا بنبرة رخيمة :-
_ بلاش تروحي ..
_ استدارت إليه وأردفت بإصرار :-
_ عايزة أتكلم معاها ..
_ تنهد ريان مستاءً وأمسك ذراعها قبل أن تخطو بدونه :-
_ هاجي معاكي ..
_ أماءت رأسها بالإيجاب وتوجهت نحوها برفقة ريان ، وقفت أمامها وشكلت إبتسامة علي محياها وأردفت :-
_ How are you ?
( كيف حالك )
_ ابتسمت اماني وأردفت :-
_ أنا كويسة بس ياسر أخويا مش كويس !
_ قاطعها ريان قائلا بصرامة :-
_ يلا يا عنود كفاية كده !
_ تنهدت ثم رفعت بندقيتاها عليه وأردفت برقة :-
_ ريان !
_ ريان ماذا ! لم يستطيع معارضتها بعد نطقها إسمه بتلك الرقة العابثة ، لكن لن يسمح بتجاوز حدود تلك الفتاة ..
_ تابعت اماني حديثها مضيفة بحزن :-
_ ياسر مش غلطان ، بابا وماما اللي غلطانين ، حبسوه في الاوضة ونزلوا من وراه أنا مش عارفة هما عملوا ايه بس ماما بتقولي أنهم بوظوا الفرح ، أنا عايزة ياسر يرجع يضحك ويهزر معايا تاني لو سمحتي يا آبلة كلميه وقوليله أنك مسمحاه هو زعلان عشانك ..
_ بلغ ريان ذروة تحمله ، لقد تعدت تلك الفتاة حدود الوقاحة ، أمسك ذراع عنود وجذبها بجواره قائلا :-
_ لا أنا بقول كفاية كده فعلا
_ نظرت إليه عنود وكادت أن تتحدث لكنه أوقفها بإشارة من يده :-
_ أمشي ..
_ تنهدت عنود ومررت انظارها بينهم ثم سارت بجواره بتذمر إلي أن ركِبَ السيارة ، قطع ريان نصف المسافة دون ان ينبس كليهما بشئ ، اوقف السيارة جانباً والتفت بجسده إليها ،
أمسك يدها واردف بنبرة حنونة :-
_ أنا مش عايزك تتأذي بقربك من الناس دي !
_ تنهدت عنود بحرارة ونظرت إليه بأعين لامعة وأردفت بحب :-
_ مش هيحصلي حاجة وانت معايا ، انت هتحميني ..
_ هز ريان رأسه مستنكراً حديثها وأضاف :-
_ الدكتور قال لازم تبعدي عن أي ضغط وتوتر وانتي راحة برجليكي مينفعش أقف اتفرج عليكي واسكت ..
_ سحبت عنود أكبر قدر من الأكسجين ، فهي متفهمة خوفه عليها وقالت موضحة :-
_ أنا مش عايزة اكون سبب في أذي حد لو سمحت افهمني ، حتي لو انا اتأذيت منهم ، بس مش حابة أرد الشر بالشر ، رحم الله كل سهل هين لين القلب وانا عايزة لما اقف بين ايدين ربنا يرحمني ..
_ تأثر ريان بعبارتها ورفع يدها عند فمه ثم وضع قُبلة داخل كفيها الصغير وأردف :-
_ مشوفتش حد بالجمال ده قبل كده !
_ توردت وجنتيها بالحُمرة الصريحة اثر جملته ، و تابعت متسائلة :-
_ ها هروح له امتي ؟
_ رمقها ريان شزراً وأردف بحنق :-
_ نعم يختي تروحي لمين ؟
_ تنهدت عنود ووضحت قصدها :-
_ عايزاه يعرف اني مسمحاه ومتنساش إن اللي حصل كان لصالحنا ، يمكن لو محصلش اللي عمي عمله مكنتش بقيت مراتك يعني انت المفروض تشكرهم !
_ قهقه ريان عالياً وتمتم بعدم تصديق :-
_ اشكرهم ، يا حلاوة ، انتي ليكي عم اهبل ، لا هما كلهم هُبل بصراحة ..
_ اتسعت مقلتيها بدهشة وعقدت ذراعيها بتذمر وأردفت بحنق :-
_ لو سمحت متغلطش فيهم مهما كان دول أهلي ، ومتبعدش عن الموضوع هنروح امتي ؟
_ ضرب ريان بخفة علي الطارة وقال :-
_ أنا مستحيل ادخل البيت ده تاني ، وأنتي أصلا مش هتروحي في حتة ، بعدين نفكر في الموضوع مش وقته وياريت تقفليه الوقتي ..
_ كادت أن تعارضه لكنه أشار إليها بالصمت ، ثم اشغل محرك السيارة وقادها بأقصي سرعة لكي يلحق ميعاده مع صديق وزوجته
الاكثر قراءة هذا الشهر :
موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله
هنا تنتهى احداث رواية المعلم الفصل الرابع والعشرون ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية المعلم الفصل الخامس والعشرون أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .
نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية المعلم ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .