نقدم اليوم احداث رواية المعلم الفصل 21 من روايات تسنيم المرشدي . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية واحدة من اجمل الروايات رومانسية والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية احببت ملتحي كاملة بقلم ام فاطمة من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية عرف صعيدى pdf كاملة من خلال موقعنا .
المعلم الفصل الواحد والعشرون
رواية المعلِم
الفصل الحادي والعشرون ..
_________________________________________________
_ اتسعت مقلتيها بدهشة ورمقته كثيراً غير مصدقة ما تفوه به ، تشنجت معدتها من خلف كلماته كما ازدادت خفقات قلبها بصورة قاسية ، لم تتوقع هذا الرد مطلقاً لم تتصور أنها تكون محور إجابته من الأساس ..
_ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة ورفع رأسه يشاهد النجوم وأردف وهو يشير بيده نحو إحدي النجوم :-
_ شايفة النجمة دي لوحدها وبعيدة عن باقي النجوم بس سبحان الله حجهما ونورها اكبر وأعلي من التانين ، هي بيهم كلهم رغم أنهم مجموعة حوالين بعض وهي واحدة ، انتي النجمة دي!
_ بالتأكيد يمزح ألا يكفي ما قاله منذ قليل ، ما كان ذلك الأن ؟!
_ أحتسي ريان اخر ما تبقي في الكوب ووضعه جانباً ثم اعتدل في جلسته ونظر إليها بجُرأة وواصل حديثه المسترسل قائلا بنبرة حنونة :-
_ أنا كنت وسط ناس بيحبوني بس محدش قدر يعمل اللي انتي عملتيه ، خلتيني أحس بإحتياجي لكوني بني آدم زي ما عليه واجبات ليه حقوق ، يمكن كلامي يبان مأفور شوية بس انا قلبي اول مرة حد يتحكم فيه بالشكل ده
_ ابتسم ريان وهو يتذكر حديث خالد عن ذاك الحوار وعدم تصديقه حينها وتابع من بين ضحكاته :-
_ خالد صاحبي قالي هتقابل شخص يتحكم في دقات قلبك وانا وقتها خدت الموضوع بهزار ومصدقتوش لاني عمري ما حسيت أن عندي قلب زي اي بني آدم عادي ، بس معاكي الوضع اتغير وصدقت كلامه فعلاً ..
_ شدت عنود جسدها وهي لازالت مُسلطة بصرها عليه بعدم تصديق ، بدأ صدرها يعلو ويهبط من هول المفاجأة ، حركت يدها بحركات عشوائية أمام وجهها لعلها تضبط أنفاسها التي لا تدري إلي أين ذهبت ,
_ تعالت ضحكاته عليها فنظرت إليه بتعجب وقالت متذمرة :-
_ ممكن افهم انت بتضحك علي إيه ؟
_ توقف ريان من تلقاء نفسه واجابها بمزاح :-
_ بضحك علي نفسي ، أنا بقول كلام غريب اوي لو حد قالي قبل شهر أني هقول الكلام ده لواحدة كنت هقول عليه مجنون ، تخيلي لو حد سمع المعلم ريان بجلالة قادره بيقول الكلام المايع ده هيحصلي ايه مش بعيد ابقي حديث الصباح والمساء بسببك !
_ ازادات ضحكات ريان كلما تذكر ما تفوه به لتوه ، بينما رمقته عنود بغيظ ونهضت بإندفاع وتركته بمفرده وهرولت إلي الأسفل بخطي غير
مستقيمة إلي أن وصلت إلي شقتها حيث غرفتها ، وقفت خلف بابها تتنفس الصعداء وهي تعيد تشبيهُ لها بالنجوم ، ظهرت إبتسامة علي ثغرها بلا وعي منها وسارت بالقُرب من الفراش وهي تتمايل يميناً ويساراً ، لا تدري بماذا تشعر لكنها ليست مزعوجة بل تشعر بأنها تحلق فوق السحاب ،
_ هبط ريان خلفها وأغلق الباب ووقف متردداً هل يستمع لغريزته ويجعلها امرأته أم ينتظر قليلا حتي تتطور العلاقة بينهم وتؤلف أكثر أم ماذا يفعل ؟
_ لأول مرة يحتار ريان بين أمرين متضادين لبعضهما ، الأول يحثه علي التودد إليها حتي يجعلها امرأته إسماً وفعلاً والآخر يأبي ويقاوم جوارحه لكي يتعمق في علاقتهم أكثر حتي يسهل عليه الأمر ..
_ بالتأكيد إذا ولج داخل غرفتها الأن لن يخرج منها كما كانت حتماً سيتغير كل شئ ، إذا يجدر عليه البقاء بعيداً عنها تلك الليلة ..
_ اقترب من الأريكة وأستلقي بجسده المتعب عليها ، فتح أزرار قميصه ثم ألقاه بعيداً عنه وبعد محاولات كثيرة ذهب في سٌبات عميق ، بينما ترددت عنود كثيراً في دلوفها للخارج لكن فضولها حول ما يفعله أجبرها علي الخروج بعد مدة وتفاجئت به نائم أعلي الأريكة ،
_ اقتربت منه بخُطي متريثة حتي تتأكد من نومه ثم جلست القرفصاء أمامه تراقب ملامحه الرجولية التي بدت جذابة في نومه ، مدت أناملها تريد لمس ذقنه لكنها تراجعت مراراً خشية أن يستيقظ ويراها بهذا الوضع ، سحبت نفساً عميق وجمعت قواها ثم مدت أناملها برفق وتلمست وجهه برقة لم يشعر هو بها ،
_ سرت رجفة قوية في أوصالها من خلف خُصلات ذقنه الخشنة ، مررت يدها علي جميع وجهه ثم توقفت أمام شفتاه الغليظة ، تلمست ملمسها الناعم عكس بشرته تماماً ، وقفت علي ركبتها لتعلو قليلا ثم وضعت قُبلة علي طرف شفتاه وتمتمت بنبرة خافتة :-
_ شكلي حبيتك!
_ أبتسمت بخجل عندما صرحت بحبها وحمدت الله أنه نائم ولم يسمع ما قالته ، تنهدت ثم وقفت لتتركه وشأنه لكن لم يطاوعها قلبها تركه بمفرده علي الأريكة ، عادت إليه مرة أخري وأجبرت جسدها علي النوم في الفراغ الصغير الذي تركه هو في الأريكة ، وضعت رأسها علي صدره العاري وتشبثت به بقوة حتي لا تقع أرضاً ، مرت دقائق معدودة ثم غفت هي بشعور من الأمان قد سكن قلبها كما بات فؤادها منشغلاً بحبه !!
____________________
_ سطع النهار سريعاً يحمل بين طياته الكثير والكثير من اليانصيب المختلفة فـ لكلاً منهم له نصيب خاص به سيلقاه ولو بعد حين ،
_ في منزل منصور ، رحبت سعاد بشقيق زوجها قائلة بحفاوة :-
_ يا اهلا وسهلا يا مؤنس الدنيا نورت يا امينة من زمان الواحد مشافكوش ولا شاف البنات ..
_ أجابها مؤنس وهو يضبط وضعية نظارته الزجاجية بإصبعه :-
_ ده نورك يا ام ياسر
_ ابتسمت أمينة وقالت بنبرة حنونة :-
_ ده نور صحاب البيت يا سعاد اخباركم ايه ؟
_ أماءت سعاد رأسها بحزن وأردفت بآسي :-
_ الحمد لله علي كل حال إحنا غلطنا ولازم نستحمل بقا يختي هنعمل ايه !
_ تشنجنت عروق عنق مؤنس واردف بغضب :-
_ وانتوا لما ترفضوا واحدة تربية اجانب والعياذ بالله منعرفش عنها حاجة تبقي غلطتوا ده احسن قرار منصور أخويا أخده ،
_ هزت سعاد رأسها بآسي شديد وقد انهمرت دموعها بألم علي حال فلذة كبدها :-
_ مش مهم يا مؤنس فات أوانة الكلام خلاص بس ابني حاله يصعب علي الكافر ، قاعد في اوضته ولا بياكل ولا بيشرب الواد اللي حيلتي بيضيع مني وانا مش عارفة أعمله حاجة ، عشان كده كلمت أمينة تجيبك وتيجي انت مِتعلم ومتنور وأكيد عندك حل ينجد ابني من نكسته دي !
_ هز مؤنس رأسه في إنكار وأردف بعد تفكير :-
_ أنا أول حاجة هعملها هروح للي إسمه ريان ده أشوف بنفسي ازاي يوقف حال عمه هو فاكر نفسه هو اللي بيرزق ولا ايه ربنا قادر ياخد كل اللي في أيده ده ، وبعدين نشوف حكاية ياسر ده كمان ..
_ استأذن مؤنس وغادر المنزل لكي يقابل ريان علي أتم استعداد لجدال حتمي سيقوم بينهما ، لن يتركه وشأنه قبل أن يعطيه درساً في القيم والأخلاق التي عليه التحلي بها وخصيصاً مع أقاربه ،
_ وصل الي معرضه وجاب المكان بنظرة متفحصة سريعة ، ركض نحوه أحد عمال المعرض مُرحباً بنبرة عملية :-
_ اتفضل يا محترم اي خدمة ؟
_ رمقه مؤنس بتفحص واردف بجمود :-
_ معلمك فين ؟
_ أجابه العامل بتلقائية :-
_ قصدك المعلم ريان هو مش موجود الصراحة بس معلم خالد موجود أقوله مين ؟
_ إلتوي ثغر مؤنس بسخرية ثم وضع يده علي كتف العامل وأجبره علي التنحي جانباً وسار بخُطي متريثة نحو المكتب ، ركض خلفه العامل متمتماً بعتاب :-
_ مينفعش كده يا أستاذ لازم أديله أنا خبر قبل ما تدخل ، يا استاذ ..
_ ولا حياة لمن تنادي ، لم يصغي لهرائاته حتي ولج داخل المكتب دون استأذان ليتفاجئ خالد بدلوف أحدهم بأسلوب غير حضاري ، هب واقفاً بإندفاع وصاح به :-
_ انت إزاي تدخل المكتب من غير استأ....
_ صمت خالد من تلقاء نفسه عندما عرف هويته بينما قال العامل بتوجس :-
_ والله يا معلم هو اللي دخل لوحده ..
_ أشار خالد إليه بالمغادرة ثم التف من حول المكتب قائلا بحفاوة :-
_ اتفضل يا أستاذ مؤنس معلش هو ميعرفكش ..
_ لم يكترث له مؤنس واقترب من المقعد وجلس عليه كما وضع قدمه فوق الأخري بتفاخر واردف بتعالي :-
_ ريان فين ؟
_ شعر خالد بالإهانة من خلف تصرفاته المتفاخرة ، سحب نفساً وعاد الي مقعده واجابه بفتور :-
_ ريان في البيت وانا هنا مكانه حضرتك محتاج حاجة اقدر اساعدك فيها ؟
_ جاب مؤنس غرفة المكتب ببصره واجابه وهو يتفحص أركان الغرفة بإهتمام :-
_ كلمه يجي حالا عايز أتكلم معاه في موضوع خاص ..
_ حاول خالد التحلي بالصبر حتي لا يثور علي ذاك المتعجرف ، تنهد بضجر بائن ثم جذب هاتفه من جيب بنطاله وهاتف ريان وكان يختلس النظر إليه من حين لآخر بتذمجر وهو قيد انتظار إجابة ريان ..
_________________________________________________
_ شعر بإهتزاز قوي لكنه لم يكترث وظن أنه يحلم ، لكن تكرار ذبذبات الهاتف في جيبه أجبرته علي النهوض ، فتح عينيه بكسل وفركهم حتي يعتاد الإضاءة ، مد يده يلتقط هاتفه من جيب بنطاله فتفاجئ بها غافية بين أحضانه ، مال برأسه لكي يتأكد وها قد تأكد !
_ أبتسم بخبث ممزوج بالسعادة لكونها بادرت هي وغفت طيلة الليل في حضنه ، سحب هاتفه واجاب خالد بصوت ناعس :-
_ الو..
_ استيقظت عنود علي صوته وشعرت بالخجل الشديد ، لم تريد أن يشعر بها فقط كانت ستنهض قبل استيقاظه ، حاولت النهوض لكنه أبي وشد بيده علي خِصرها لكي لا يترك لها فرصة للهرب قبل أن يضع بصمته ويثير جدلها أولاً ..
_ استمع لحديث خالد باهتمام وهو يقول :-
_ أستاذ مؤنس هنا وعايز يتكلم معاك ..
_ أجابه ريان بصوت متحشرج :-
_ بس انا ورايا مشوار الأول هخلصه واجي ..
_ تنهد خالد وهو يرمق مؤنس بضجر واجابه بفتور :-
_ طيب متتأخرش ..
_ أنهي ريان المكالمة وعاد ببصره الي قطته التي تجرأت وباتت بين أحضانه ، أوصدت عنود عينيها وهي تعض علي شفتاها بخجل
_ انتي ايه اللي جابك تنامي هنا ؟
_ أردف بهم ريان بخبث بينما تجمدت معالم وجهها كلياً لسؤاله ، فكرت لبعض الوقت ربما تأتي بحجة ما يصدقها ، فشلت في اختراع سبباً ما من فرط إرتباكها ، سحبت نفساً عميق ونهضت بإندفاع ونظرت إليه بحدة زائفة :-
_ تقريباً بمشي وانا نايمة ..
_ انفجر ريان ضاحكاً واعتدل في جلسته ورمقها بعدم تصديق وأردف بسخرية :-
_ بتمشي وانتي نايمة وتيجي تنامي في حضني ؟!.
_ ازدردت ريقها بصعوبة وحاولت التخلص من ذاك الحوار قائلة :-
_ ما يمكن انت اللي استحليتها ولقيتني بمشي وانا نايمة ونيمتني في حضنك مش غريبة عليك يعني ..
_ نهض ريان في حالة ذهول تامة لقد قلبت الآية عليه ، لكنه حتماً لن يصمت بل سيجعلها تجيد التفكير قبل أن ترميه بالباطل ، اقترب منها بخُطي ثابتة أرعبتها ، حاوط خصرها وضمها لحضنه برفق ، وضع إصبعيه علي ذقنها واجبرها علي النظر إليه وهتف وهو يتخلل خُصلاتها بأنامله :-
_ بصراحة اه أنا اللي عملت كده أصل أنا قليل الأدب أوي وخصوصا مع مراتي ببقي...
_ صمت ريان واقترب أكثر فأكثر من شفتاها فاسرعت هي متسائلة بنبرة خافتة :-
_ بتبقي ايه ؟
_ ابتسم ريان بمكر لسير خطته كما يريد وأردف بهمس :-
_ تعالي لما اقولك جوا!
_ اتسعت مقلتيها بصدمة ودفعته بكل ما أوتيت من قوة قائلة بنبرة صارمة :-
_ انت كذاب علي فكرة عشان أنا اللي جيت نمت في حضنك برضايا و..
_ سحقاً !! لقد تلاعب بها لكي تقع في براثينه وها قد وقعت بدون مجهود منه ، حقاً آرادت أن تصفق لدهائه ، لم تقف تنتظر لأكثر وركضت مهرولة داخل غرفتها ، وقفت خلف الباب تلعن ذلة لسانها التي أوقعت بها في فخه ، تنهدت بضجر ثم جابت بعينها الساعة المُعلقة علي الحائط وشهقت بصدمة عندما رأت كم من الوقت تأخرت علي جامعتها ،
_ هرولت داخل مرحاض الغرفة ثم ارتدت سريعاً بعد أن أدت صلاتها ودلفت للخارج بخطوات غير مستقيمة ، تفاجئت به لم يبرح مكانه حيث اقتربت منه وصاحت به :-
_ انت لسه قاعد قوم بسرعة ألبس أنا اتاخرت ..
_ نهض ريان ورد عليها بنبرة جامدة :-
_ صباح الخير !
_ تأففت عنود بضجر وأردفت بحدة :-
_ بقولك متأخرة يلا بسرعة
_ اقترب منها ريان ووضع قبلة سريعة علي وجنتها وابتعد عنها مسرعاً ، بدل ثيابه بقميص أبيض اللون علي بنطال فحمي كما مشط خصلاته غير المعتاد فعلها ، بدي مظهره جذاب للغاية كأنه شاب في أوائل العشرين من عمره ..
_ تهز قدميها بتوتر شديد كأنها تقف علي جمر ملتهب ، تتأفف تارة وتستغفر ربها تارة اخري إلي أن ظهر هو أمامها وألجم لسانها بمظهره الذي خطف عقلها وخفق له قلبها ، بربك ما كل تلك الجاذبية الآن ؟
_ ابتلعت ريقها عندما لاحظ ريان نظراتها عليه وتراجعت للخلف عدة خطوات وهي تهرب ببصرها بعيداً عنه وأردفت بتلعثم :-
_ ممم يلا ..
_ إلتوي ثغره بإبتسامة إعجاب علي نظراتها التي أثبتت بها حُسن مظهره لطلاما لم يعبر له أحدهم من قبل عن جاذبيته التي شعر بها فقط من خلف نظراتها ، فقط هي من تستطيع قول الكثير دون أن تنبس بشئ نظراتها كافيه وكأن بها جميع كلمات الغزل ..
_ دلفت عنود للخارج كما تبعها ريان ، هبط كليهما في المصعد الكهربائي ، تعمد ريان فتح باب السيارة لها مع إبتسامة زادت من وسامته واجبرتها علي الابتسام علي الرغم من تذمرها ..
_ جلس ريان بمقعده وشرع في القيادة بسرعة عالية لكي يصل أسرع , لكن لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن توقف بين حشد ضخم من السيارات الواقفة خلف بعضهما بإهمال وعدم انتظام ،
_ زفير وشهيق فعلت عنود ، الأمر يتكرر أمام مرأى عينيها دون رأفة ، السيارات ذاتها ، الأدخنة المتطايرة في الهواء التي تدل علي انقلاب أحد السيارات أو ربما انفجارها ، الموقف يُعاد بجميع تفاصيله ،
_ وضعت يدها علي صدرها علها تهدئ من روعها ، تحاول إقناع عقلها بأن الأمر مختلف تلك المرة لا يوجد والديها لكي تشعر بألم شديد في قلبها للمرة الثانية ، لقد باتوا هم والتراب شيئاً واحد ، فكيف سيُعاد ما حدث ثانيةً !!
_ ارتفع صدرها وهبط بعنف كما ازدادت خفقات قلبها ناهيك عن رجفة جسدها التي رادوتها حينها ، هل هذا الموت ؟ هل سيقتلع ملك الموت روحها تلك اللحظة ؟ لا تدري لكنها لا تشعر انها بخير ، لم تسمع أياً من كلمات ريان وتلك الضجة المحاوطة لهم كما تشوشت رؤيتها أيضاً ، مدت يديها بثقل تبحث عن يد ريان ، وضعت يدها مباشرة علي يده الموضوعة علي أحد محركات السيارة وشدت عليها بقسوة ربما يشعر بها ..
_ استدار ريان نحوها وتفاجئ بشحوب وجهها المفاجئ ، ترجل من السيارة مهرولا نحوها ، فتح بابها وأمسك يدها قائلا بتوجس :-
_ في ايه مالك ؟
_ حاولت التحدث لكنها لم تستطيع ، فقدت القدرة علي النطق وعلي الرؤية وتوقفت جميع حواسها في تلك اللحظة ، تمايلت رأسها علي الجانب بإهمال فاقدة وعييها وباتت في ظلام حالك لا تشعر بندائات ريان لها ..
_________________________________________________
_ يجوب الغرفة ذهاباً وجيئا ويلقي ببصره عليها من حين لآخر بل من ثانية لاخري ، ينتظر استيقاظها كما أخبره الطبيب ، تمر الدقائق عليه كأنها أعوام ، يشعر بالاختناق الشديد كلما مرت دقيقة ولم تستيقظ بها ، دقيقة أخري وسيقلب المشفي رأساً علي عقب حتي يرون عملهم جيداً ، فقط يريد أن يطمئن عليها ، يريد أن يملئ فراغ قلبه الذي شعر به منذ أن فقدت وعييها بالسيارة ، جوفه خالي تماماً ويريد استعادته مرة أخري لكن لن يحصل إذا لم تستعيد وعييها في أقرب وقت ..
_ فتحت عينيها ببطئ وشعرت بثقل شديد في أناملها ورأسها كما لو كانت مُخدرة ، قاومت ذاك الشعور اللعين وفتحت عينيها لكن سرعان ما أغلقتهم لشدة الإضاءة أعلاها ،
_ ركض ريان نحوها بلهفة شديدة وانحني بجسده عليها مرددا :-
_ انتي كويسة ، طمنيني عليكي!
_ نهضت هاجر من جلستها واقتربت منهم وأردفت بحكمة :-
_ اهدي يا ريان هي لسه مفاقتش وانت بتضغط عليها ، نسيت الدكتور قال ايه ؟
_ زفر ريان أنفاسه بضجر وأردف بنبرة صارمة ممتلئة بالخوف والشجن :-
_ أطمن عليها الأول وبعدين ههدي ..
_ شعرت هاجر بالحرج وفضلت الصمت أمام حالته المزرية إلي أن يهدئ قليلاً ، بينما عاود ريان نظره إلي عنود متسائلا بإهتمام :-
_ انتي سمعاني ؟
_ أماءت عنود رأسها بالايجاب وأردفت بهمس :-
_ أنا فين ؟
_ صوتها المنخفض اجبر ريان علي الاقتراب من شفتاها لكي يسمع ما تقوله واجابها بهدوء لم يخلو من التوتر :-
_ إحنا في المستشفي ، مش مهم الوقتي تسألي في حاجة طمنيني عليكي !
_ ابتلعت عنود ريقها بصعوبة وقالت بتلعثم :-
_ Iam fine
( أنا بخير )
_ تنهد ريان براحة ثم سحب مقعد خشبي وجلس عليه بجوارها يلتقط أنفاسه التي هربت من رئتيه و أمسك يدها ومال برأسه علي يدها بإرهاق ، يريد أن يهدئ من روعه فلقد استنزفت طاقته في ساعات قليله بسبب خوفه عليها ، لم يدري انها باتت بمثابة خطر عليه ، بالتأكيد خطر ! لطلاما كانت هي بخير كان هو كذلك ، وعندما تمر بمكروه يقع أرضا من خلفها ، يشعر بالفقدان الحقيقي الذي لم يشعر به من قبل ، كما يشعر بفراغ قوي في جوفه كأنها سلبت روحه لفقدانها لوعييها ، الأمر ليس بهين إطلاقاً ، الأمر أصعب مما مرت عليه الصعاب من قبل بمراحل مضاعفة ، لن يسمح بحدوث مكروه لها وإن كانت ستظهر أنانية فـ ليكن انانياً في حبه وليحترق الجميع ..!
_ دلفت هاجر إلي الخارج بعد أن اطمئنت علي صحة عنود ، ركض نحوها كلاً من علي زوجها وخالد صديق ريان ليطمئنا عليها ..
_ ايه الإخبار ؟
_ تسائل علي باهتمام فأجابته هاجر براحة :-
_ الحمد لله فاقت بس ريان حالته صعبة اوي ..
_ شعر خالد بالآسي حيال صديقه واردف بحزن :-
_ طيب هنعمل ايه ؟
_ هز علي رأسه لعدم قدرته علي فعل شئ بينما أردفت هاجر :-
_ علي لو سمحت هات لهم آكل دول بقالهم اكتر من خمس ساعات في المستشفي ..
_ أومأ علي رأسه بينما أسرع خالد في الحديث :-
_ استني انت يا علي عشان لو احتاجوا حاجة وانا هروح اشتري الاكل واجي ..
_ وافق علي علي اقتراحه بينما غادر خالد المشفي ، جلست هاجر علي مقعد الإنتظار فتبعها علي قائلا وهو يجلس بجوراها :-
_ مش هتدخلي عشان لو محتاجين حاجة !
_ مالت هاجر برأسها علي كتف علي واجابته بتريث :-
_ حاسة اني عزول بينهم وبعدين احنا قاعدين قدام الاوضة يعني لو احتاجوا لحاجة اول ما ريان يفتح الباب هيلاقينا في وشه ..
_ مرر علي يده من خلفها وضمها إليه وشكل علي ثغره إبتسامة واردف بحنو :-
_ أول مرة أشوف ريان في الحالة دي ، خوفه مختلف عن أي خوف شوفته عليه قبل كده ...
_ ابتسمت هاجر هي الأخري وأردفت من بين ضحكاتها :-
_ هو خوفه بس اللي اختلف ريان نفسه اتحول من ساعة ماهي ظهرت في حياته
_ تردد علي لبرهة لكنه جمع شجاعته وأردف بمزاح :-
_ ما تيجي اتجوز الجوازة التانية وأشوف أنا هتحول ولا هفضل زي ما انا ..
_ لقد جني علي نفسه ذاك الـ علي ، هبت هاجر واقفة بإندفاع ووضعت يديها في منتصف خِصرها وصاحت به :-
_ نعم يا حبيبي جوازة تانية ! طيب هو حبها عشان كده اتحول إنما أنت ايه أسبابك ؟
_ انفجر علي ضاحكا علي منظرها الطريف وهتف :-
_ اقعدي يا مجنونة إحنا في المستشفي
_ رمقته هاجر بغيظ ثم تركته وتوجهت نحو الغرفة فأسرع هو بحديثه :-
_ استني راحة فين مش بتقولي حاسة أنك عزول بينهم !
_ عزول عزول بس مش قاعدة معاك
_ أردفت بهم بغضب ثم ولجت الي الداخل في تلك الأثناء كان ريان جالساً علي الفراش وعنود تغزو أحضانه ، تفاجئت هاجر بوضعهم ولعنت نفسها انها لم تنتظر بالخارج وأردفت بتلعثم :-
_ اييه .. آه .. كنت جاية اشوفكم لو محتاجين حاجة بس شكلكم مش محتاجين حاجة .. عموما انا برا يعني ..
_ أولتهم ظهرها وهرولت إلي الخارج مسرعة فتفاجئ علي بدلوفها السريع وتسائل بفضول :-
_ خرجتي ليه ؟
_ نظرت إليه بخجل وأردفت :-
_ ها ، لا مفيش قولت متقعدش لوحدك انت مالكش أمان بعد كده ..
_ قهقه علي علي مزاحها ثم أشار إليها بالجلوس وضمها بقوة إلي حضنه قائلا بنبرة حنونة :-
_ده انتي اللي ساكنة القلب يا هجورة مينفعش ابص علي حد غيرك ..
_ أبتسمت هاجر واستكانت في حضنه بشعور من الأمان والرضا قد تسللوا إلي قلبها ..
_ تلمس ريان بشرة وجهها الناعمة وأردف معاتباً :-
_ كده تخضيني عليكي ..
_ ابتعدت عنه عنود وقالت بنبرة موجوعة :-
_ أنا آسفة ، بس انا منظر العربيات والادخنة اللي في الهوى فكرتني بحادث عيلتي حاولت اقاوم اللي كنت حاسة بيه بس مقدرتش ..
_ رفعت بندقيتاها عليه وتسائلت بفضول :-
_ هو ايه اللي حصل بعدها أنا مش فاكرة حاجة
_ سحب ريان نفساً عميق وجذبها من يدها لتستكين بين ذراعيه مرة أخري واجابها بنبرة تريد الخلاص من شعور الفقد الذي لا يرحل عنه قط :-
_ ده حصل كتير اوي ، أنا طبعا فشلت اني اطلع بعربيتي وسط الزحمة اللي كانت هناك ، اضطريت اطلب خالد صاحبي يجي بالعربية بتاعته علي الطريق المعاكس عشان ميدخلش في الزحمة وجريت بيكي علي المستشفي وقلبت الدنيا وكسرتها عشان خاطرك !
_ صعقت عنود مما سمعته لتوها ورفعت عينيها عليه بعدم تصديق وأردف بذهول :-
_ انت عملت كده بجد ؟
_ إلتوي ثغره بإبتسامة واجابها بثقة :-
_ ده كان هيحصل فعلا لو كنتي قعدتي ساعة كمان نايمة ومش بتفوقي !
_ إلتمعت عيناها بحب ورمقته بإمتنان شديد كما لم تخلوا نظراتها من الإعجاب به وبتصرفاته معها التي لم تفشل قط في لمس شئ ما في قلبها ..
_ آرادت أن تبوح بما يدور في عقلها الآن ربما لن تتكرر تلك المشاعر التي تحثها علي الإعتراف بكونه جميل ولابد أن تصرح به الآن ، تنهدت وهمست وهي تتلمس وجهه :-
_ انت جميل اوي
_ دقت اسارير السعادة قلبه من خلف جُملتها الأخيرة كما ازداد تدفق الادرينالين المندفع في شرايينه ولم يستطع منع نفسه من الانجراف معها في عالمه المحبب إليه ..
_ اقترب منها ووضع قُبلة رقيقة علي شفتاها فتفاجئ بها تعلق ذراعيها حول عُنقه بجرأة لم يخوضها معها من قبل كما بادلته قُبلاته التي تحولت تدريجياً إلي قبلات رغبة قوية ، مال بها علي الفراش فرفعت هي يدها وتخللت خُصلاته كما تَشُد بأناملها عليهم من حين لآخر إلي أن ذاب ريان بين لماستها علي الرغم من عدم تَمَكُنها إلا أنها نجحت في إغراقه في دوامتها ..
_________________________________________________
_ أبتعد عنها وعدل من حالته غير المهندمة عندما سمع طرقات الباب ، كما ساعدها أيضاً في ضبط ثيابها وحجاب رأسها ثم سمح للطارق بالدخول ..
_ ولجت هاجر بحرج وأردفت متسائلة بإهتمام :-
_ أخبارك ايه يا عنود الوقتي ؟
_ أبتسمت عنود وأجابتها برقة :-
_ الحمد لله Iam fine
_ بادلتها هاجر ابتسامة صادقة ثم وجهت بصرها نحو ريان وأردفت :-
_ علي وخالد عايزين يطمنوا عليك ..
_ أماء ريان رأسه بتفهم وأردف :-
_ دخليهم
_ أشارت هاجر إلي زوجها بالولوج فتبعه خالد إلي الغرفة ،
_ صاح خالد مازحاً :-
_ايه يا عمنا ايه الاخبار ؟
_ أبتسم ريان واجابه بنبرة مليئة بالحيوية عكس ما كان عليه منذ قليل :-
_ تمام يابني مش عارف من غيرك كنت عملت ايه والله ..
_ قهقه خالد وواصل مازحاً :-
_ لا أنا في الخدمة حتي جايب لك آكل اهو عـ الله يطمر فيك عارفك واطي
_ بحث ريان بعيناه علي شئ ما يلقيه بوجهه لكنه لم يجد ، قهقه جميع من بالغرفة ثم أردف علي بود موجهاً حديثه لعنود :-
_ حمدلله علي سلامتك
_ أبتسمت عنود واجابته بإستحياء :-
_ الله يسلمك Thinks ..
_ أبتسم علي ثم وجه حديثه إلي ريان بجدية :-
_ أنا همشي لأن عندي شغل متلتل ( كتير ) وفي ناس كده مبترحمش !
_ ألقي علي آخر جُملته وهو يرمق خالد بغيظ فأسرع خالد بالحديث :-
_ لا بقولك ايه انا مش نسيبك ، أنا في الشغل معرفش أبويا ..
_ ضحك الجميع علي أسلوب خالد الذي يحاول خلق به الحدة لكنه فشل ، استأذن علي برفقة هاجر بينما رفض خالد المغادرة ومكث معهم يتبادل أطراف الحديث مع ريان ..
_ فاكر يا ريان لما حبينا نركب خيل ونتسابق زي ما شوفنا سباق الخيول في التليفزيون !
_ أردف بهم خالد متسائلاً بينما انفجر ريان ضاحكاً بهسيتريا ليشاركه خالد في ضحكاته ، ضحكاتهم المتعالية أجبرت عنود علي الابتسام وهي لا تعي ما خلف تلك الضحكات
_ نظر ريان إلي عنود وتابع مضيفاً علي حديث خالد :-
_ نزلنا ندور علي خيول وطبعاً مكنش في المنطقة بتاعتنا فجبنا حمارين وركبناهم وقعدنا نجري بيهم في الحتة ، والحمار اللي كنت راكبه مكنتش عارف اتعامل معاه ودخلني سوبر ماركت وانا من احراجي قولت لصاحب المكان عندك برسيم للحمار يا عم صلاح ..
_ لم يستطيع ريان إكمال القصة من فرط الضحك ، بينما واصل خالد حديثه من بين ضحكاته :-
_ الحمار اللي كنت راكب عليه دخل نفس السوبر ماركت ومش عارف هو عمل ايه لقيتني راكب ورا ريان وانا وهو ميتين من الضحك لحد ما جه عم ماهر ربنا يجازيه خير وضربنا حتة علقة وبعد ما خلص ضرب راح قال لابويا يقوم أبويا ماسكنا إحنا الاتنين ضاربنا ..
_ صمت خالد فواصل ريان مضيفاً وقد انسدلت بعض الدموع من عيناه من فرط الضحك :-
_ بقوله بتضربني ليه يا عم أحمد قالي هو أبوك احسن مني في الضرب لازم أعلي عليه ..
_ أخفت عنود وجهها في صدر ريان عندما فشلت في السيطرة علي ضحكاتها ، مال ريان برأسه عليها ووضع قُبله علي حجابها ممتناً لكونها أدخلت السرور علي قلبه ..
_ ابتسم خالد بسعادة ثم استأذن ودلف للخارج بينما طرق الطبيب الباب وولج داخل الغرفة عندما سمح له ريان ، وشكل ابتسامة عملية وردد :-
_ حمد لله علي السلامة أخبارك ايه الوقتي ؟
_ الحمدلله أفضل
_ أردفتها عنود ليجييها الطبيب قائلا :-
_ اللي حصلك ده نتيجة صدمة عقلك لسه مش قادر يتأقلم معاها للوقت الحالي وده غلط لازم تحاولي تتقبلي الصدمة عشان ميحصلش مضاعفات ويتحول خوفك البسيط لـ صدمة التعافي منها هيكون علي المدي البعيد ودي مش مستحبة لانك هتحسي بإهارق بدني ونفسي غير اضطرابات في القدرات الإدراكية وتركيزك هيقل وهيكون محدود وكتير من الأنواع دي ، يعني انتي بتإذي نفسك من غير ما تحسي لازم تساعدي نفسك بإنك تاخدي وقت كافي تتقبلي اللي حصل واهم حاجة الدعم النفسي والعاطفي والاهم ممنوع كتمان المشاعر اي شعور تحسي بيه لازم تتكلمي مع حد عنه مشكلتك بسيطة لو حاولتي انتي تحليها وانا موجود في أي وقت تقدري تتواصلي معايا علي الواتساب لو حصل حاجة ..
_ أماءت رأسها بالايجاب فأسرع ريان بالحديث :-
_ شكراً لحضرتك يا دكتور ..
_ بادله الطبيب ابتسامة بشوشة ثم غادر بعد تمني لها التعافي العاجل ..
الفصل الحادي والعشرون ..
_________________________________________________
_ اتسعت مقلتيها بدهشة ورمقته كثيراً غير مصدقة ما تفوه به ، تشنجت معدتها من خلف كلماته كما ازدادت خفقات قلبها بصورة قاسية ، لم تتوقع هذا الرد مطلقاً لم تتصور أنها تكون محور إجابته من الأساس ..
_ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة ورفع رأسه يشاهد النجوم وأردف وهو يشير بيده نحو إحدي النجوم :-
_ شايفة النجمة دي لوحدها وبعيدة عن باقي النجوم بس سبحان الله حجهما ونورها اكبر وأعلي من التانين ، هي بيهم كلهم رغم أنهم مجموعة حوالين بعض وهي واحدة ، انتي النجمة دي!
_ بالتأكيد يمزح ألا يكفي ما قاله منذ قليل ، ما كان ذلك الأن ؟!
_ أحتسي ريان اخر ما تبقي في الكوب ووضعه جانباً ثم اعتدل في جلسته ونظر إليها بجُرأة وواصل حديثه المسترسل قائلا بنبرة حنونة :-
_ أنا كنت وسط ناس بيحبوني بس محدش قدر يعمل اللي انتي عملتيه ، خلتيني أحس بإحتياجي لكوني بني آدم زي ما عليه واجبات ليه حقوق ، يمكن كلامي يبان مأفور شوية بس انا قلبي اول مرة حد يتحكم فيه بالشكل ده
_ ابتسم ريان وهو يتذكر حديث خالد عن ذاك الحوار وعدم تصديقه حينها وتابع من بين ضحكاته :-
_ خالد صاحبي قالي هتقابل شخص يتحكم في دقات قلبك وانا وقتها خدت الموضوع بهزار ومصدقتوش لاني عمري ما حسيت أن عندي قلب زي اي بني آدم عادي ، بس معاكي الوضع اتغير وصدقت كلامه فعلاً ..
_ شدت عنود جسدها وهي لازالت مُسلطة بصرها عليه بعدم تصديق ، بدأ صدرها يعلو ويهبط من هول المفاجأة ، حركت يدها بحركات عشوائية أمام وجهها لعلها تضبط أنفاسها التي لا تدري إلي أين ذهبت ,
_ تعالت ضحكاته عليها فنظرت إليه بتعجب وقالت متذمرة :-
_ ممكن افهم انت بتضحك علي إيه ؟
_ توقف ريان من تلقاء نفسه واجابها بمزاح :-
_ بضحك علي نفسي ، أنا بقول كلام غريب اوي لو حد قالي قبل شهر أني هقول الكلام ده لواحدة كنت هقول عليه مجنون ، تخيلي لو حد سمع المعلم ريان بجلالة قادره بيقول الكلام المايع ده هيحصلي ايه مش بعيد ابقي حديث الصباح والمساء بسببك !
_ ازادات ضحكات ريان كلما تذكر ما تفوه به لتوه ، بينما رمقته عنود بغيظ ونهضت بإندفاع وتركته بمفرده وهرولت إلي الأسفل بخطي غير
مستقيمة إلي أن وصلت إلي شقتها حيث غرفتها ، وقفت خلف بابها تتنفس الصعداء وهي تعيد تشبيهُ لها بالنجوم ، ظهرت إبتسامة علي ثغرها بلا وعي منها وسارت بالقُرب من الفراش وهي تتمايل يميناً ويساراً ، لا تدري بماذا تشعر لكنها ليست مزعوجة بل تشعر بأنها تحلق فوق السحاب ،
_ هبط ريان خلفها وأغلق الباب ووقف متردداً هل يستمع لغريزته ويجعلها امرأته أم ينتظر قليلا حتي تتطور العلاقة بينهم وتؤلف أكثر أم ماذا يفعل ؟
_ لأول مرة يحتار ريان بين أمرين متضادين لبعضهما ، الأول يحثه علي التودد إليها حتي يجعلها امرأته إسماً وفعلاً والآخر يأبي ويقاوم جوارحه لكي يتعمق في علاقتهم أكثر حتي يسهل عليه الأمر ..
_ بالتأكيد إذا ولج داخل غرفتها الأن لن يخرج منها كما كانت حتماً سيتغير كل شئ ، إذا يجدر عليه البقاء بعيداً عنها تلك الليلة ..
_ اقترب من الأريكة وأستلقي بجسده المتعب عليها ، فتح أزرار قميصه ثم ألقاه بعيداً عنه وبعد محاولات كثيرة ذهب في سٌبات عميق ، بينما ترددت عنود كثيراً في دلوفها للخارج لكن فضولها حول ما يفعله أجبرها علي الخروج بعد مدة وتفاجئت به نائم أعلي الأريكة ،
_ اقتربت منه بخُطي متريثة حتي تتأكد من نومه ثم جلست القرفصاء أمامه تراقب ملامحه الرجولية التي بدت جذابة في نومه ، مدت أناملها تريد لمس ذقنه لكنها تراجعت مراراً خشية أن يستيقظ ويراها بهذا الوضع ، سحبت نفساً عميق وجمعت قواها ثم مدت أناملها برفق وتلمست وجهه برقة لم يشعر هو بها ،
_ سرت رجفة قوية في أوصالها من خلف خُصلات ذقنه الخشنة ، مررت يدها علي جميع وجهه ثم توقفت أمام شفتاه الغليظة ، تلمست ملمسها الناعم عكس بشرته تماماً ، وقفت علي ركبتها لتعلو قليلا ثم وضعت قُبلة علي طرف شفتاه وتمتمت بنبرة خافتة :-
_ شكلي حبيتك!
_ أبتسمت بخجل عندما صرحت بحبها وحمدت الله أنه نائم ولم يسمع ما قالته ، تنهدت ثم وقفت لتتركه وشأنه لكن لم يطاوعها قلبها تركه بمفرده علي الأريكة ، عادت إليه مرة أخري وأجبرت جسدها علي النوم في الفراغ الصغير الذي تركه هو في الأريكة ، وضعت رأسها علي صدره العاري وتشبثت به بقوة حتي لا تقع أرضاً ، مرت دقائق معدودة ثم غفت هي بشعور من الأمان قد سكن قلبها كما بات فؤادها منشغلاً بحبه !!
____________________
_ سطع النهار سريعاً يحمل بين طياته الكثير والكثير من اليانصيب المختلفة فـ لكلاً منهم له نصيب خاص به سيلقاه ولو بعد حين ،
_ في منزل منصور ، رحبت سعاد بشقيق زوجها قائلة بحفاوة :-
_ يا اهلا وسهلا يا مؤنس الدنيا نورت يا امينة من زمان الواحد مشافكوش ولا شاف البنات ..
_ أجابها مؤنس وهو يضبط وضعية نظارته الزجاجية بإصبعه :-
_ ده نورك يا ام ياسر
_ ابتسمت أمينة وقالت بنبرة حنونة :-
_ ده نور صحاب البيت يا سعاد اخباركم ايه ؟
_ أماءت سعاد رأسها بحزن وأردفت بآسي :-
_ الحمد لله علي كل حال إحنا غلطنا ولازم نستحمل بقا يختي هنعمل ايه !
_ تشنجنت عروق عنق مؤنس واردف بغضب :-
_ وانتوا لما ترفضوا واحدة تربية اجانب والعياذ بالله منعرفش عنها حاجة تبقي غلطتوا ده احسن قرار منصور أخويا أخده ،
_ هزت سعاد رأسها بآسي شديد وقد انهمرت دموعها بألم علي حال فلذة كبدها :-
_ مش مهم يا مؤنس فات أوانة الكلام خلاص بس ابني حاله يصعب علي الكافر ، قاعد في اوضته ولا بياكل ولا بيشرب الواد اللي حيلتي بيضيع مني وانا مش عارفة أعمله حاجة ، عشان كده كلمت أمينة تجيبك وتيجي انت مِتعلم ومتنور وأكيد عندك حل ينجد ابني من نكسته دي !
_ هز مؤنس رأسه في إنكار وأردف بعد تفكير :-
_ أنا أول حاجة هعملها هروح للي إسمه ريان ده أشوف بنفسي ازاي يوقف حال عمه هو فاكر نفسه هو اللي بيرزق ولا ايه ربنا قادر ياخد كل اللي في أيده ده ، وبعدين نشوف حكاية ياسر ده كمان ..
_ استأذن مؤنس وغادر المنزل لكي يقابل ريان علي أتم استعداد لجدال حتمي سيقوم بينهما ، لن يتركه وشأنه قبل أن يعطيه درساً في القيم والأخلاق التي عليه التحلي بها وخصيصاً مع أقاربه ،
_ وصل الي معرضه وجاب المكان بنظرة متفحصة سريعة ، ركض نحوه أحد عمال المعرض مُرحباً بنبرة عملية :-
_ اتفضل يا محترم اي خدمة ؟
_ رمقه مؤنس بتفحص واردف بجمود :-
_ معلمك فين ؟
_ أجابه العامل بتلقائية :-
_ قصدك المعلم ريان هو مش موجود الصراحة بس معلم خالد موجود أقوله مين ؟
_ إلتوي ثغر مؤنس بسخرية ثم وضع يده علي كتف العامل وأجبره علي التنحي جانباً وسار بخُطي متريثة نحو المكتب ، ركض خلفه العامل متمتماً بعتاب :-
_ مينفعش كده يا أستاذ لازم أديله أنا خبر قبل ما تدخل ، يا استاذ ..
_ ولا حياة لمن تنادي ، لم يصغي لهرائاته حتي ولج داخل المكتب دون استأذان ليتفاجئ خالد بدلوف أحدهم بأسلوب غير حضاري ، هب واقفاً بإندفاع وصاح به :-
_ انت إزاي تدخل المكتب من غير استأ....
_ صمت خالد من تلقاء نفسه عندما عرف هويته بينما قال العامل بتوجس :-
_ والله يا معلم هو اللي دخل لوحده ..
_ أشار خالد إليه بالمغادرة ثم التف من حول المكتب قائلا بحفاوة :-
_ اتفضل يا أستاذ مؤنس معلش هو ميعرفكش ..
_ لم يكترث له مؤنس واقترب من المقعد وجلس عليه كما وضع قدمه فوق الأخري بتفاخر واردف بتعالي :-
_ ريان فين ؟
_ شعر خالد بالإهانة من خلف تصرفاته المتفاخرة ، سحب نفساً وعاد الي مقعده واجابه بفتور :-
_ ريان في البيت وانا هنا مكانه حضرتك محتاج حاجة اقدر اساعدك فيها ؟
_ جاب مؤنس غرفة المكتب ببصره واجابه وهو يتفحص أركان الغرفة بإهتمام :-
_ كلمه يجي حالا عايز أتكلم معاه في موضوع خاص ..
_ حاول خالد التحلي بالصبر حتي لا يثور علي ذاك المتعجرف ، تنهد بضجر بائن ثم جذب هاتفه من جيب بنطاله وهاتف ريان وكان يختلس النظر إليه من حين لآخر بتذمجر وهو قيد انتظار إجابة ريان ..
_________________________________________________
_ شعر بإهتزاز قوي لكنه لم يكترث وظن أنه يحلم ، لكن تكرار ذبذبات الهاتف في جيبه أجبرته علي النهوض ، فتح عينيه بكسل وفركهم حتي يعتاد الإضاءة ، مد يده يلتقط هاتفه من جيب بنطاله فتفاجئ بها غافية بين أحضانه ، مال برأسه لكي يتأكد وها قد تأكد !
_ أبتسم بخبث ممزوج بالسعادة لكونها بادرت هي وغفت طيلة الليل في حضنه ، سحب هاتفه واجاب خالد بصوت ناعس :-
_ الو..
_ استيقظت عنود علي صوته وشعرت بالخجل الشديد ، لم تريد أن يشعر بها فقط كانت ستنهض قبل استيقاظه ، حاولت النهوض لكنه أبي وشد بيده علي خِصرها لكي لا يترك لها فرصة للهرب قبل أن يضع بصمته ويثير جدلها أولاً ..
_ استمع لحديث خالد باهتمام وهو يقول :-
_ أستاذ مؤنس هنا وعايز يتكلم معاك ..
_ أجابه ريان بصوت متحشرج :-
_ بس انا ورايا مشوار الأول هخلصه واجي ..
_ تنهد خالد وهو يرمق مؤنس بضجر واجابه بفتور :-
_ طيب متتأخرش ..
_ أنهي ريان المكالمة وعاد ببصره الي قطته التي تجرأت وباتت بين أحضانه ، أوصدت عنود عينيها وهي تعض علي شفتاها بخجل
_ انتي ايه اللي جابك تنامي هنا ؟
_ أردف بهم ريان بخبث بينما تجمدت معالم وجهها كلياً لسؤاله ، فكرت لبعض الوقت ربما تأتي بحجة ما يصدقها ، فشلت في اختراع سبباً ما من فرط إرتباكها ، سحبت نفساً عميق ونهضت بإندفاع ونظرت إليه بحدة زائفة :-
_ تقريباً بمشي وانا نايمة ..
_ انفجر ريان ضاحكاً واعتدل في جلسته ورمقها بعدم تصديق وأردف بسخرية :-
_ بتمشي وانتي نايمة وتيجي تنامي في حضني ؟!.
_ ازدردت ريقها بصعوبة وحاولت التخلص من ذاك الحوار قائلة :-
_ ما يمكن انت اللي استحليتها ولقيتني بمشي وانا نايمة ونيمتني في حضنك مش غريبة عليك يعني ..
_ نهض ريان في حالة ذهول تامة لقد قلبت الآية عليه ، لكنه حتماً لن يصمت بل سيجعلها تجيد التفكير قبل أن ترميه بالباطل ، اقترب منها بخُطي ثابتة أرعبتها ، حاوط خصرها وضمها لحضنه برفق ، وضع إصبعيه علي ذقنها واجبرها علي النظر إليه وهتف وهو يتخلل خُصلاتها بأنامله :-
_ بصراحة اه أنا اللي عملت كده أصل أنا قليل الأدب أوي وخصوصا مع مراتي ببقي...
_ صمت ريان واقترب أكثر فأكثر من شفتاها فاسرعت هي متسائلة بنبرة خافتة :-
_ بتبقي ايه ؟
_ ابتسم ريان بمكر لسير خطته كما يريد وأردف بهمس :-
_ تعالي لما اقولك جوا!
_ اتسعت مقلتيها بصدمة ودفعته بكل ما أوتيت من قوة قائلة بنبرة صارمة :-
_ انت كذاب علي فكرة عشان أنا اللي جيت نمت في حضنك برضايا و..
_ سحقاً !! لقد تلاعب بها لكي تقع في براثينه وها قد وقعت بدون مجهود منه ، حقاً آرادت أن تصفق لدهائه ، لم تقف تنتظر لأكثر وركضت مهرولة داخل غرفتها ، وقفت خلف الباب تلعن ذلة لسانها التي أوقعت بها في فخه ، تنهدت بضجر ثم جابت بعينها الساعة المُعلقة علي الحائط وشهقت بصدمة عندما رأت كم من الوقت تأخرت علي جامعتها ،
_ هرولت داخل مرحاض الغرفة ثم ارتدت سريعاً بعد أن أدت صلاتها ودلفت للخارج بخطوات غير مستقيمة ، تفاجئت به لم يبرح مكانه حيث اقتربت منه وصاحت به :-
_ انت لسه قاعد قوم بسرعة ألبس أنا اتاخرت ..
_ نهض ريان ورد عليها بنبرة جامدة :-
_ صباح الخير !
_ تأففت عنود بضجر وأردفت بحدة :-
_ بقولك متأخرة يلا بسرعة
_ اقترب منها ريان ووضع قبلة سريعة علي وجنتها وابتعد عنها مسرعاً ، بدل ثيابه بقميص أبيض اللون علي بنطال فحمي كما مشط خصلاته غير المعتاد فعلها ، بدي مظهره جذاب للغاية كأنه شاب في أوائل العشرين من عمره ..
_ تهز قدميها بتوتر شديد كأنها تقف علي جمر ملتهب ، تتأفف تارة وتستغفر ربها تارة اخري إلي أن ظهر هو أمامها وألجم لسانها بمظهره الذي خطف عقلها وخفق له قلبها ، بربك ما كل تلك الجاذبية الآن ؟
_ ابتلعت ريقها عندما لاحظ ريان نظراتها عليه وتراجعت للخلف عدة خطوات وهي تهرب ببصرها بعيداً عنه وأردفت بتلعثم :-
_ ممم يلا ..
_ إلتوي ثغره بإبتسامة إعجاب علي نظراتها التي أثبتت بها حُسن مظهره لطلاما لم يعبر له أحدهم من قبل عن جاذبيته التي شعر بها فقط من خلف نظراتها ، فقط هي من تستطيع قول الكثير دون أن تنبس بشئ نظراتها كافيه وكأن بها جميع كلمات الغزل ..
_ دلفت عنود للخارج كما تبعها ريان ، هبط كليهما في المصعد الكهربائي ، تعمد ريان فتح باب السيارة لها مع إبتسامة زادت من وسامته واجبرتها علي الابتسام علي الرغم من تذمرها ..
_ جلس ريان بمقعده وشرع في القيادة بسرعة عالية لكي يصل أسرع , لكن لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن توقف بين حشد ضخم من السيارات الواقفة خلف بعضهما بإهمال وعدم انتظام ،
_ زفير وشهيق فعلت عنود ، الأمر يتكرر أمام مرأى عينيها دون رأفة ، السيارات ذاتها ، الأدخنة المتطايرة في الهواء التي تدل علي انقلاب أحد السيارات أو ربما انفجارها ، الموقف يُعاد بجميع تفاصيله ،
_ وضعت يدها علي صدرها علها تهدئ من روعها ، تحاول إقناع عقلها بأن الأمر مختلف تلك المرة لا يوجد والديها لكي تشعر بألم شديد في قلبها للمرة الثانية ، لقد باتوا هم والتراب شيئاً واحد ، فكيف سيُعاد ما حدث ثانيةً !!
_ ارتفع صدرها وهبط بعنف كما ازدادت خفقات قلبها ناهيك عن رجفة جسدها التي رادوتها حينها ، هل هذا الموت ؟ هل سيقتلع ملك الموت روحها تلك اللحظة ؟ لا تدري لكنها لا تشعر انها بخير ، لم تسمع أياً من كلمات ريان وتلك الضجة المحاوطة لهم كما تشوشت رؤيتها أيضاً ، مدت يديها بثقل تبحث عن يد ريان ، وضعت يدها مباشرة علي يده الموضوعة علي أحد محركات السيارة وشدت عليها بقسوة ربما يشعر بها ..
_ استدار ريان نحوها وتفاجئ بشحوب وجهها المفاجئ ، ترجل من السيارة مهرولا نحوها ، فتح بابها وأمسك يدها قائلا بتوجس :-
_ في ايه مالك ؟
_ حاولت التحدث لكنها لم تستطيع ، فقدت القدرة علي النطق وعلي الرؤية وتوقفت جميع حواسها في تلك اللحظة ، تمايلت رأسها علي الجانب بإهمال فاقدة وعييها وباتت في ظلام حالك لا تشعر بندائات ريان لها ..
_________________________________________________
_ يجوب الغرفة ذهاباً وجيئا ويلقي ببصره عليها من حين لآخر بل من ثانية لاخري ، ينتظر استيقاظها كما أخبره الطبيب ، تمر الدقائق عليه كأنها أعوام ، يشعر بالاختناق الشديد كلما مرت دقيقة ولم تستيقظ بها ، دقيقة أخري وسيقلب المشفي رأساً علي عقب حتي يرون عملهم جيداً ، فقط يريد أن يطمئن عليها ، يريد أن يملئ فراغ قلبه الذي شعر به منذ أن فقدت وعييها بالسيارة ، جوفه خالي تماماً ويريد استعادته مرة أخري لكن لن يحصل إذا لم تستعيد وعييها في أقرب وقت ..
_ فتحت عينيها ببطئ وشعرت بثقل شديد في أناملها ورأسها كما لو كانت مُخدرة ، قاومت ذاك الشعور اللعين وفتحت عينيها لكن سرعان ما أغلقتهم لشدة الإضاءة أعلاها ،
_ ركض ريان نحوها بلهفة شديدة وانحني بجسده عليها مرددا :-
_ انتي كويسة ، طمنيني عليكي!
_ نهضت هاجر من جلستها واقتربت منهم وأردفت بحكمة :-
_ اهدي يا ريان هي لسه مفاقتش وانت بتضغط عليها ، نسيت الدكتور قال ايه ؟
_ زفر ريان أنفاسه بضجر وأردف بنبرة صارمة ممتلئة بالخوف والشجن :-
_ أطمن عليها الأول وبعدين ههدي ..
_ شعرت هاجر بالحرج وفضلت الصمت أمام حالته المزرية إلي أن يهدئ قليلاً ، بينما عاود ريان نظره إلي عنود متسائلا بإهتمام :-
_ انتي سمعاني ؟
_ أماءت عنود رأسها بالايجاب وأردفت بهمس :-
_ أنا فين ؟
_ صوتها المنخفض اجبر ريان علي الاقتراب من شفتاها لكي يسمع ما تقوله واجابها بهدوء لم يخلو من التوتر :-
_ إحنا في المستشفي ، مش مهم الوقتي تسألي في حاجة طمنيني عليكي !
_ ابتلعت عنود ريقها بصعوبة وقالت بتلعثم :-
_ Iam fine
( أنا بخير )
_ تنهد ريان براحة ثم سحب مقعد خشبي وجلس عليه بجوارها يلتقط أنفاسه التي هربت من رئتيه و أمسك يدها ومال برأسه علي يدها بإرهاق ، يريد أن يهدئ من روعه فلقد استنزفت طاقته في ساعات قليله بسبب خوفه عليها ، لم يدري انها باتت بمثابة خطر عليه ، بالتأكيد خطر ! لطلاما كانت هي بخير كان هو كذلك ، وعندما تمر بمكروه يقع أرضا من خلفها ، يشعر بالفقدان الحقيقي الذي لم يشعر به من قبل ، كما يشعر بفراغ قوي في جوفه كأنها سلبت روحه لفقدانها لوعييها ، الأمر ليس بهين إطلاقاً ، الأمر أصعب مما مرت عليه الصعاب من قبل بمراحل مضاعفة ، لن يسمح بحدوث مكروه لها وإن كانت ستظهر أنانية فـ ليكن انانياً في حبه وليحترق الجميع ..!
_ دلفت هاجر إلي الخارج بعد أن اطمئنت علي صحة عنود ، ركض نحوها كلاً من علي زوجها وخالد صديق ريان ليطمئنا عليها ..
_ ايه الإخبار ؟
_ تسائل علي باهتمام فأجابته هاجر براحة :-
_ الحمد لله فاقت بس ريان حالته صعبة اوي ..
_ شعر خالد بالآسي حيال صديقه واردف بحزن :-
_ طيب هنعمل ايه ؟
_ هز علي رأسه لعدم قدرته علي فعل شئ بينما أردفت هاجر :-
_ علي لو سمحت هات لهم آكل دول بقالهم اكتر من خمس ساعات في المستشفي ..
_ أومأ علي رأسه بينما أسرع خالد في الحديث :-
_ استني انت يا علي عشان لو احتاجوا حاجة وانا هروح اشتري الاكل واجي ..
_ وافق علي علي اقتراحه بينما غادر خالد المشفي ، جلست هاجر علي مقعد الإنتظار فتبعها علي قائلا وهو يجلس بجوراها :-
_ مش هتدخلي عشان لو محتاجين حاجة !
_ مالت هاجر برأسها علي كتف علي واجابته بتريث :-
_ حاسة اني عزول بينهم وبعدين احنا قاعدين قدام الاوضة يعني لو احتاجوا لحاجة اول ما ريان يفتح الباب هيلاقينا في وشه ..
_ مرر علي يده من خلفها وضمها إليه وشكل علي ثغره إبتسامة واردف بحنو :-
_ أول مرة أشوف ريان في الحالة دي ، خوفه مختلف عن أي خوف شوفته عليه قبل كده ...
_ ابتسمت هاجر هي الأخري وأردفت من بين ضحكاتها :-
_ هو خوفه بس اللي اختلف ريان نفسه اتحول من ساعة ماهي ظهرت في حياته
_ تردد علي لبرهة لكنه جمع شجاعته وأردف بمزاح :-
_ ما تيجي اتجوز الجوازة التانية وأشوف أنا هتحول ولا هفضل زي ما انا ..
_ لقد جني علي نفسه ذاك الـ علي ، هبت هاجر واقفة بإندفاع ووضعت يديها في منتصف خِصرها وصاحت به :-
_ نعم يا حبيبي جوازة تانية ! طيب هو حبها عشان كده اتحول إنما أنت ايه أسبابك ؟
_ انفجر علي ضاحكا علي منظرها الطريف وهتف :-
_ اقعدي يا مجنونة إحنا في المستشفي
_ رمقته هاجر بغيظ ثم تركته وتوجهت نحو الغرفة فأسرع هو بحديثه :-
_ استني راحة فين مش بتقولي حاسة أنك عزول بينهم !
_ عزول عزول بس مش قاعدة معاك
_ أردفت بهم بغضب ثم ولجت الي الداخل في تلك الأثناء كان ريان جالساً علي الفراش وعنود تغزو أحضانه ، تفاجئت هاجر بوضعهم ولعنت نفسها انها لم تنتظر بالخارج وأردفت بتلعثم :-
_ اييه .. آه .. كنت جاية اشوفكم لو محتاجين حاجة بس شكلكم مش محتاجين حاجة .. عموما انا برا يعني ..
_ أولتهم ظهرها وهرولت إلي الخارج مسرعة فتفاجئ علي بدلوفها السريع وتسائل بفضول :-
_ خرجتي ليه ؟
_ نظرت إليه بخجل وأردفت :-
_ ها ، لا مفيش قولت متقعدش لوحدك انت مالكش أمان بعد كده ..
_ قهقه علي علي مزاحها ثم أشار إليها بالجلوس وضمها بقوة إلي حضنه قائلا بنبرة حنونة :-
_ده انتي اللي ساكنة القلب يا هجورة مينفعش ابص علي حد غيرك ..
_ أبتسمت هاجر واستكانت في حضنه بشعور من الأمان والرضا قد تسللوا إلي قلبها ..
_ تلمس ريان بشرة وجهها الناعمة وأردف معاتباً :-
_ كده تخضيني عليكي ..
_ ابتعدت عنه عنود وقالت بنبرة موجوعة :-
_ أنا آسفة ، بس انا منظر العربيات والادخنة اللي في الهوى فكرتني بحادث عيلتي حاولت اقاوم اللي كنت حاسة بيه بس مقدرتش ..
_ رفعت بندقيتاها عليه وتسائلت بفضول :-
_ هو ايه اللي حصل بعدها أنا مش فاكرة حاجة
_ سحب ريان نفساً عميق وجذبها من يدها لتستكين بين ذراعيه مرة أخري واجابها بنبرة تريد الخلاص من شعور الفقد الذي لا يرحل عنه قط :-
_ ده حصل كتير اوي ، أنا طبعا فشلت اني اطلع بعربيتي وسط الزحمة اللي كانت هناك ، اضطريت اطلب خالد صاحبي يجي بالعربية بتاعته علي الطريق المعاكس عشان ميدخلش في الزحمة وجريت بيكي علي المستشفي وقلبت الدنيا وكسرتها عشان خاطرك !
_ صعقت عنود مما سمعته لتوها ورفعت عينيها عليه بعدم تصديق وأردف بذهول :-
_ انت عملت كده بجد ؟
_ إلتوي ثغره بإبتسامة واجابها بثقة :-
_ ده كان هيحصل فعلا لو كنتي قعدتي ساعة كمان نايمة ومش بتفوقي !
_ إلتمعت عيناها بحب ورمقته بإمتنان شديد كما لم تخلوا نظراتها من الإعجاب به وبتصرفاته معها التي لم تفشل قط في لمس شئ ما في قلبها ..
_ آرادت أن تبوح بما يدور في عقلها الآن ربما لن تتكرر تلك المشاعر التي تحثها علي الإعتراف بكونه جميل ولابد أن تصرح به الآن ، تنهدت وهمست وهي تتلمس وجهه :-
_ انت جميل اوي
_ دقت اسارير السعادة قلبه من خلف جُملتها الأخيرة كما ازداد تدفق الادرينالين المندفع في شرايينه ولم يستطع منع نفسه من الانجراف معها في عالمه المحبب إليه ..
_ اقترب منها ووضع قُبلة رقيقة علي شفتاها فتفاجئ بها تعلق ذراعيها حول عُنقه بجرأة لم يخوضها معها من قبل كما بادلته قُبلاته التي تحولت تدريجياً إلي قبلات رغبة قوية ، مال بها علي الفراش فرفعت هي يدها وتخللت خُصلاته كما تَشُد بأناملها عليهم من حين لآخر إلي أن ذاب ريان بين لماستها علي الرغم من عدم تَمَكُنها إلا أنها نجحت في إغراقه في دوامتها ..
_________________________________________________
_ أبتعد عنها وعدل من حالته غير المهندمة عندما سمع طرقات الباب ، كما ساعدها أيضاً في ضبط ثيابها وحجاب رأسها ثم سمح للطارق بالدخول ..
_ ولجت هاجر بحرج وأردفت متسائلة بإهتمام :-
_ أخبارك ايه يا عنود الوقتي ؟
_ أبتسمت عنود وأجابتها برقة :-
_ الحمد لله Iam fine
_ بادلتها هاجر ابتسامة صادقة ثم وجهت بصرها نحو ريان وأردفت :-
_ علي وخالد عايزين يطمنوا عليك ..
_ أماء ريان رأسه بتفهم وأردف :-
_ دخليهم
_ أشارت هاجر إلي زوجها بالولوج فتبعه خالد إلي الغرفة ،
_ صاح خالد مازحاً :-
_ايه يا عمنا ايه الاخبار ؟
_ أبتسم ريان واجابه بنبرة مليئة بالحيوية عكس ما كان عليه منذ قليل :-
_ تمام يابني مش عارف من غيرك كنت عملت ايه والله ..
_ قهقه خالد وواصل مازحاً :-
_ لا أنا في الخدمة حتي جايب لك آكل اهو عـ الله يطمر فيك عارفك واطي
_ بحث ريان بعيناه علي شئ ما يلقيه بوجهه لكنه لم يجد ، قهقه جميع من بالغرفة ثم أردف علي بود موجهاً حديثه لعنود :-
_ حمدلله علي سلامتك
_ أبتسمت عنود واجابته بإستحياء :-
_ الله يسلمك Thinks ..
_ أبتسم علي ثم وجه حديثه إلي ريان بجدية :-
_ أنا همشي لأن عندي شغل متلتل ( كتير ) وفي ناس كده مبترحمش !
_ ألقي علي آخر جُملته وهو يرمق خالد بغيظ فأسرع خالد بالحديث :-
_ لا بقولك ايه انا مش نسيبك ، أنا في الشغل معرفش أبويا ..
_ ضحك الجميع علي أسلوب خالد الذي يحاول خلق به الحدة لكنه فشل ، استأذن علي برفقة هاجر بينما رفض خالد المغادرة ومكث معهم يتبادل أطراف الحديث مع ريان ..
_ فاكر يا ريان لما حبينا نركب خيل ونتسابق زي ما شوفنا سباق الخيول في التليفزيون !
_ أردف بهم خالد متسائلاً بينما انفجر ريان ضاحكاً بهسيتريا ليشاركه خالد في ضحكاته ، ضحكاتهم المتعالية أجبرت عنود علي الابتسام وهي لا تعي ما خلف تلك الضحكات
_ نظر ريان إلي عنود وتابع مضيفاً علي حديث خالد :-
_ نزلنا ندور علي خيول وطبعاً مكنش في المنطقة بتاعتنا فجبنا حمارين وركبناهم وقعدنا نجري بيهم في الحتة ، والحمار اللي كنت راكبه مكنتش عارف اتعامل معاه ودخلني سوبر ماركت وانا من احراجي قولت لصاحب المكان عندك برسيم للحمار يا عم صلاح ..
_ لم يستطيع ريان إكمال القصة من فرط الضحك ، بينما واصل خالد حديثه من بين ضحكاته :-
_ الحمار اللي كنت راكب عليه دخل نفس السوبر ماركت ومش عارف هو عمل ايه لقيتني راكب ورا ريان وانا وهو ميتين من الضحك لحد ما جه عم ماهر ربنا يجازيه خير وضربنا حتة علقة وبعد ما خلص ضرب راح قال لابويا يقوم أبويا ماسكنا إحنا الاتنين ضاربنا ..
_ صمت خالد فواصل ريان مضيفاً وقد انسدلت بعض الدموع من عيناه من فرط الضحك :-
_ بقوله بتضربني ليه يا عم أحمد قالي هو أبوك احسن مني في الضرب لازم أعلي عليه ..
_ أخفت عنود وجهها في صدر ريان عندما فشلت في السيطرة علي ضحكاتها ، مال ريان برأسه عليها ووضع قُبله علي حجابها ممتناً لكونها أدخلت السرور علي قلبه ..
_ ابتسم خالد بسعادة ثم استأذن ودلف للخارج بينما طرق الطبيب الباب وولج داخل الغرفة عندما سمح له ريان ، وشكل ابتسامة عملية وردد :-
_ حمد لله علي السلامة أخبارك ايه الوقتي ؟
_ الحمدلله أفضل
_ أردفتها عنود ليجييها الطبيب قائلا :-
_ اللي حصلك ده نتيجة صدمة عقلك لسه مش قادر يتأقلم معاها للوقت الحالي وده غلط لازم تحاولي تتقبلي الصدمة عشان ميحصلش مضاعفات ويتحول خوفك البسيط لـ صدمة التعافي منها هيكون علي المدي البعيد ودي مش مستحبة لانك هتحسي بإهارق بدني ونفسي غير اضطرابات في القدرات الإدراكية وتركيزك هيقل وهيكون محدود وكتير من الأنواع دي ، يعني انتي بتإذي نفسك من غير ما تحسي لازم تساعدي نفسك بإنك تاخدي وقت كافي تتقبلي اللي حصل واهم حاجة الدعم النفسي والعاطفي والاهم ممنوع كتمان المشاعر اي شعور تحسي بيه لازم تتكلمي مع حد عنه مشكلتك بسيطة لو حاولتي انتي تحليها وانا موجود في أي وقت تقدري تتواصلي معايا علي الواتساب لو حصل حاجة ..
_ أماءت رأسها بالايجاب فأسرع ريان بالحديث :-
_ شكراً لحضرتك يا دكتور ..
_ بادله الطبيب ابتسامة بشوشة ثم غادر بعد تمني لها التعافي العاجل ..
الاكثر قراءة هذا الشهر :
موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله
هنا تنتهى احداث رواية المعلم الفصل الحادي والعشرون ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية المعلم الفصل الثاني والعشرون أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .
نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية المعلم ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .