نقدم اليوم احداث رواية المعلم الفصل 18 من روايات تسنيم المرشدي . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية واحدة من اجمل الروايات رومانسية والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية احببت ملتحي كاملة بقلم ام فاطمة من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية عرف صعيدى pdf كاملة من خلال موقعنا .
المعلم الفصل الثامن عشر
رواية المعلِم
الفصل الثامن عشر ..
_________________________________________________
_ أبتعد عنها عندما لم يكتفي من عناقها ، لما ؟ يريد المزيد والمزيد منها ، لا يكفيه عناق واحد ، بل يريد أن ينجرف معها لأكثر من مجرد عناق ، تُطَالِب بها جميع جوارحه الرجولية ، ابتلع ريقه في محاولة منه علي السيطرة على نفسه لكي لا تخشاه ، فهي لازالت تخوض تجاربها الأولي معه ، فقط عليه التمهل والترَيُث فيما يفعله ،
_ نبضات قلبه تزداد عنفاً لرؤيتها تعض شفتاها بخجل ، علي الرغم من أفعالها المفتقرة للإغراء والبعيدة كل البُعد عن الاغواء إلا أن تصرفاتها لا ترحم قواه التي تنحط تدريجياً ،
_ رفع ريان وجهها بكف يده ليجبرها علي النظر إليه ، ابتلع ريقه مراراً يريد مقاومة غريزته التي تدفعه ليتذوق شفتاها ذات اللون الوردي كـ حبات البرقوق الصغير ،
_ أعاد إحدي خُصلاتها الشاردة خلف أُذنها ثم وضع راحة يده ما بين عُنقها وأسفل أذنها يتلمس نعومة بشرتها الحليبية ،
_ أثارت لمساته المُتقنة رجفة قوية في أوصالها أسفل يديه قد شعر هو بها ، لم تخضع لـ لمسات كهذه من قبل ، لم تجرب هذا الشعور قط ، ازداد خجلها أضعافاً فأوصدت عينيها لكي لا يقع بصرها عليه ،
_ ويحك أيتها الفتاة الصغيرة ، لقد خارت قواي بين يديكِ ، لما لا ترأفِ بي !..
_ ازدادت وتيرة أنفاسه وهو يقترب من عنقها شاعرة هي بحرارة أنفاسه المَضطربة بالقُرب من أذنها فزداد جسدها تصلباً بتوجس من قربه المفرط ،
_ بينما آراد ريان أن يُجرب أشياء لم تسنح له الفرصة لخوضها من قبل ، حيث لثم عنقها بقبلاته الرقيقة ، شعرت عنود بإرتخاء جسدها تدريجياً إلي أن لانت أوصالها بعد أن كانت مُتصلبة بين قبضتيه ،
_ ابتعد عنها محاولاً التوقف عما يفعله لكن لا يتحمل الإبتعاد عنها ، كأنها مغناطيس يجذبه إليها كلما ابتعد عنها ، كذلك لم يكتفي منها لا شئ يُشبع غرائزه ، إذاً ما العمل الآن ؟
_ أسند بـ جبينه علي جبينها وهمس أمام شفتاها بصوت متشحرج يكاد ينبس به :-
_ أنا مش قادر أبعد عنك , انتي عملتي فيا ايه ؟
_ فتحت عينيها فتفاجئ ريان بتحول لونهم الي الاحمرار الشديد ، شعر لوهلة أنهم سـ ينفجران في أي لحظة من شدة الدماء المتدفقة فيهما ، يجب عليه التوقف الآن يكفي لهذا الحد معها ،
_ تنهد بضجر وهو لا يريد الابتعاد عنها لكنه أجبر كل حواسه علي العودة للخلف ، هرب الحديث من علي لسانه لم يستطع أن ينبس بشئ ، وكأنما انحشرت الكلمات بداخله ، لا يوجد أمامه سوي الانسحاب بهدوء ، يجب أن يُلملِم شتات نفسه ليستطيع التواصل معها ..
_ بينما لم تبرح عنود مكانها ، تجمدت قدميها بالأرض ، لا تقدر علي رفعهما ، كما أن وتيرة أنفاسها ازدادت بصورة أشد قسوة بسبب كتم أنفاسها بداخلها لقربه المفاجئ منها ،
_ تراجعت للخلف بتهمل وأستلقت علي الفراش بإهمال ، لم تستطع محو ما حدث من ذاكرتها فأسرعت في إغلاق عينيها علها تغفو سريعاً ..
_ جلس ريان علي أحد المقاعد في الشُرفة ومدد قدميه أمامه علي الطاولة ليرخي عضلاته بينما يتأمل النجوم مع تذكره لما حدث منذ عدة دقائق ..
_________________________________________________
_ وقفت مستندة علي حافة سور الشُرفة ، تنهيدة بطيئة مليئة بالهموم والحزن أخرجتها وهي تتآمل الطابق العلوي القاطن به زوجها وزوجته بعد أن أختفي صوت قهقاتهم المرتفعة ،
_ مئة تصور قد صوره لها عقلها لهم ، فقط ازدادت اختناقاً كلما تذكرت أنه لم يعد ملكها وحدها بين ليلة وضحاها ، ماذا اقترفت ليكن هذا جزاؤها ؟ اين الخطأ التي ارتكبته بحماقتها لـكي تَجنِي ثِمارُه ؟
_ خرجت من شرودها علي صوت شقيقتها الصغري قائلة بآسي وهي تربت علي ظهرها بحنو :-
_ هوني علي نفسك يا دينا هيجرالك حاجة !
_ انسدلت بعض القطرات من عينيها وأردفت بنبرة موجوعة تحمل من الحزن قدراً :-
_ انا لو اعرف قصرت في إيه كنت هونت علي نفسي ..
_ جلست دينا علي الأريكة الخشبية المغلفة بالقماش البني الداكن بينما رافقتها شقيقتها وعزمت أن تتحدث معها علهم يصلا لنقطة مشتركة ، تنهدت بتردد ثم قالت :-
_ ينفع أتكلم معاكي من غير زعل ..
_ استدارت إليها دينا مجبرة حواسها علي الإنتباه كأنها غريق يريد النجاة ، سحبت إسراء نفساً عميق وأردفت معاتبة :-
_ بصراحة يا دينا أنا كنت بستغرب لبسك في البيت دايما كنت بشوفك بعبايات ، اوقات كنت بقول أكيد محروجة مني وكنت بتعمد اجيلك فجاءة عشان اشوف لبسك بيكون ازاي ، وبرده كنت بلاقيكي بعباية ، ده انا اللي لسه بنوتة بلبس كل اللي نفسي فيه في البيت وكنت علي طول بحاول أنصحك بطريقة غير مباشرة زي ما كنت اتعمد اخليكي تنزلي تشتري معايا هدوم لجهازي واقولك اشتري حاجة جديدة وانتي كنتي بترفضي علي طول ، مكنتش بعرف اتكلم معاكي وافهم مشكلتك لأن انتي عمرك ما اتكلمتي عن علاقتك بريان ، دينا انتي ديما رابطة شعرك مفيش اي ميك اب بشوف حتي أثره علي وشك انتي حتي تقريباً مش عندك برفيوم ولا إكسسوارات ، ليه يا دينا كده انتي سنك صغير ليه مش عايشة سنك ؟
_ هنا انفجرت دينا باكية بمرارة، لقد ضغطت علي وتر ضميرها التي تتعايش معه بين إرادتها لـ تلك الأشياء التي ستجعل منها انثي كاملة وبين رفضها لها ،
_ سحبت اكبر قدر من الهواء حتي تتحدث طبيعياً دون تعرقل في الحديث وقالت بتلعثم :-
_ أنا عشت خمس سنين في تأنيب ضمير اني لازم اعمل زي ما بشوف ، زي ما بشوف رنا مرات هاني دايما لابسة وجوزها بيموت فيها وزي ما بشوفك في البيت بس انا اتربيت علي كده ، كبرت علي كلمة ماما وهي بتقول جسمنا عيب ولازم نداريه مكنش فيه نت زي دلواقتي يفهمني ، كنت بروح الجامعة وانا مرعوبة من فكرة أن في شباب معايا ، ديما في تفكيري إن كل الشباب مركزين معايا بسبب كلامها ، كنت بوسع لبسي في كل مرة بنزل فيها للشارع لدرجة اني بقيت بخاف حتي وانا في البيت أصل حد يجي فجاءة ، ماما عمرها ما اتكلمت معايا عن حقوق الزوجة لزوجها ، اتجوزت واتفاجئت بحاجات كتيرة فضلت بتصدم لفترة كبيرة بسبب اني مكنتش اعرفها قبل كده ، متقارنيش نفسك بيا ، انتي في عصر متفتح ماما نفسها اتغيرت عن الأول ، عندك سوشيال ميديا وغيرهم كتير بتتعلمي وتتثقفي منهم ، بتنزلي جامعتك بلبس انتي اللي مختاراه وراضية عنه مش مجبرة عليه ، أنا غيرك خالص ، أنا اتخلقت عندي عقدة لدرجة اني مش عارفة اعيش كده حتي مع جوزي ، وهو عمره ما حسسني اني حاجة شاذة بالعكس مكنتش بشوف رفضه ليا خالص ، أيوة كنت بغير من نظرات هاني لرنا اللي كان بياكلها بيهم واتمنيت أن ريان يبص لي كده بس مكنتش متوقعة اني السبب كنت مفكرة إن دي شخصيته هو ، لأن من يوم ما عرفته وهو جامد في مشاعره وفي أسلوبه ، كنت فكراه راضي ! حتي يوم ما حسيته أنه متغير يومها بالظبط اتجوز !
_ شعرت إسراء بالندم حيالها واقتربت منها وهي تمسد بيدها علي كتفها بحنان ثم ضمتها برفق الي حضنها فجهشت دينا في البكاء ، حاولت اسراء التهوين عليها بشتي الطرق لكن دون جدوي ، اكتفت بضمها بكل ما أوتي من قوة علها تقلل من آلامها ..
_________________________________________________
_ أخرج تنهيدة بطيئة من جوفه وهو يمسح بيده علي الصورة الفوتوغرافية لزوجته الراحلة الموضوعة علي الكومود ، أبتعد عنها عندما سمع طرقات الباب و سمح له بالدخول قائلا :-
_ تعالي يا هاني عايز أتكلم معاك ..
_ اقترب منه هاني بخطي ثابتة ثم جلس بجواره علي الفراش وردد متسائلا بفضول :-
_ نعم يا حج ؟
_ سحب ماهر نفساً عميق وأردف بشموخ :-
_ أنا مش عاجبني الوضع اللي بينك وبين أخوك ده يا هاني لما انتوا بتعاملوا بعض بالجفا ده كله وانا موجود لما أموت هتعملوا ايه ؟
_ أسرع هاني بالرد عليه بعاطفة :-
_ بعد الشر عنك يا حج ، بس مش واجب عليك تقوله هو اللي يجي يكلمني ده انا أخوه الكبير يعني لازم يحترمني !.
_ وضع ماهر يده علي فخذ ولدَهُ واردف بحكمة :-
_ عشان انت الكبير طلبت منك انك تكلمه ، لازم تحابي علي اخواتك هما صغيرين ومش فاهمين حاجة انت الكبير والمفروض تجمعهم وتكون حريص علي أنكم تكونوا سند لبعض ، قوتكم في لمتكم يا بني محدش هيقدر عليكم طول ما انتو في ضهر بعض ، عارف يا هاني الورث الحقيقي اللي بيسيبه الأهالي ايه ؟
_ أماء هاني رأسه متسائلاً بإهتمام :-
_ ايه يا حج ؟
_ ابتسم ماهر وشد علي ظهره بحب وواصل حديثه المسترسل قائلا :-
_ الاخوات ، الفلوس هيجي يوم وتخلص بس الاخوات حبهم هو اللي باقي ، وقفتهم جنب بعض في الشدة قبل الفرح أكبر ورث يسيبوه الاهل بعد وفاتهم ، نفسي اطمن عليكم قبل ما اموت يا هاني ..
_ تشنجت عروق عنقه بإنكار لحديث والده عن الموت ، انحني علي يده وقبلها بحنو وأردف :-
_ ربنا يبارك في عمرك ويخليك لينا ، حاضر هعمل اللي انت عايزه !
_ كست السعادة وجه ماهر وربت علي ظهر هاني برضا أبوي وقال زائداً :-
_ وفيه حاجة تانية يابني عايز أتكلم معاك فيها !
_ حك هاني ذقنه براحة يده وهتف :-
_ ايه يا حج ؟
_ تنهد ماهر وأردف بتريث لينهي تلك السخافات بينهم :-
_ بلاش تدخل مراتك في علاقتك بأخوك ، مراتك يابني تقدر تعوضها بزوجة تانية وابنك تقدر تعوضه بإبن تاني لكن الأخ ميتعوضش ، وكلام الحريم كتير وبينزل لسابع أرض عشان كده متسمعش ليها وخليك واثق في إخواتك , علاقتكم تكون خط أحمر محدش يتعداها ..
_ أماء هاني رأسه بتفهم وأردف وهو ينهض :-
_ حاضر يا حج هعمل اللي انت عايزه اطمن !
_ أسرع إلي الخارج مهرولاً ، لقد ازداد صدره اختناقاً ، أي ولد يتحدث بتعويضه ؟ كيف يعوضه وهو لم يسبق له الانجاب ، تعصر قلبه حزناً علي حاله ، كم تمني ولد يداعبه في صغره ويكون سنده في كِبره ، تنهد بإختناق شديد ورمق باب غرفته بضجر بائن ثم هم بمغادرة المنزل ربما يشعر بالتحسن إن أبتعد عنه ..
_________________________________________________
_ وقف أمام غرفتها بعد تردد كبير ، عزم أن يقتحم الغرفة وينعم بالنوم بين أحضانها ، يكفي هذا القدر من العطاء للآخرين يريد أيضاً أن يأخذ من الحياة القليل مما سرقته منه ، وما العائق ؟ هي زوجته ويحل له فعل ما يشاء معها ، فلقد أجمع الاربع مذاهب علي التمتع بالزوجة فمن يكون هو ليجبر غرائزه علي الاختباء بداخله وعدم ممارسة حياته كما يجب ؟!
_ لكن الشعور الاقوي الذي يطالب به هو الأمان ، فقط يريد أن يشعر ببعض الامان بين أحضانها ، لا يُهم إن بدي كـ الطفل أمامها حسناً إذاً هو طفل ويريد النوم بجوارها ألن تُلبي طلب ذلك الصغير ؟!
_ فتح الباب بعنف واقترب منها بخطوات سريعة فتفاجئ بها غافية ، سحب نفساً وعزم بألا يتراجع عما يريده ، سار نحوها واستلقي بجسده خلفها مباشرةً الي أن التصق بها ، وضع إحدي ذراعيه اسفل راسها برفق والاخري في منتصف خِصرها ، ضمها بكل قوته لصدره وانحني برأسه علي رأسها ،
_ استيقظت عنود قلقة بسبب لمساته التي تعلم أنه مصدرها ، تفاجئت أنها مُحاوطة بين قبضتين قويتين ، لوهلة لم تستوعب ما يحدث وركلت بقدمها تريد التملص من بين قبضتيه ،
_ هم ريان بالاسراع في حديثه ليجبرها علي التوقف قائلا :-
_ ششش اهدي ونامي !
_ نوم !! نوم ماذا الذي يتحدث عنه بهذا الوضع ؟ ازدادت نبضات قلبها بعنف دون هدوء ، لكنها سرعان ما هدأت أثر لمسات أنامله علي خصرها الي باتت في ثُبات عميق ، كذلك هو لم يمكث طويلاً وغفي علي وضعه ..
_________________________________________________
_ يوم جديد يحمل بين طياته أقدار عِدة للجميع ، سطعت الشمس بنور ربها مُعلنة نهاراً جديداً ، صدح صوت المنبه الخاص بهاتف عنود استيقظت قلقة علي صوته المرتفع الذي نبه جميع حواسها ،
_ حاولت النهوض لكنها فشلت فركت عينيها وهي تتثائب بكسل ثم التفتت الي يمينها تريد الوصول إلي المنبه فتفاجئت بها غافية بين أحضانه ، طالت النظر إليه إلي أن تذكرت بأنها قد باتت غافياً هكذا منذ أمس ،
_ شعرت بارتفاع حرارة وجهها من شدة الخجل الممزوج بالسعادة التي استوطنت قلبها ناهيك عن دفئ يديه التي تشعر بالاستكانة بينهم ، ابتسمت وهي تتفحص ملامحه الهادئة تماماً ، مدت يدها تتلمس بشرته بأناملها الصغيرة ، تفاجئت بأناملها باتت مُحَاوُطَة بين يديه ، حاولت إستعادة يديها لكنه أبيَٰ ، وضعها يدها بالقُرب من شفتاه ثم وضع قُبلة رقيقة داخل كفها ،
_ لن تنكر أن قُبلته آذابت عقلها وخفق قلبها بشدة من خلفها ، لكنها حرصت ألا تنظر إليه بينما فتح هو عيناه وأجبر وجهها علي الالتفاف إليه هامساً :-
_ بُصيلي ..
_ جمعت قواها ونظرت إليه بأعين لامعة ، بينما وضع هو يدها علي قلبه فسرت رجفة في أوصالها شاعرة بنبضاته العنيفة حتماً من تأثيرها عليه ،
_ بدت عنود كمن انحشرت أنفاسها ولا تدري كيفية إخراجهم ، كما إزداد الوضع سوءاً بقُبلته التي وضعها علي شفتاها ، لا ليس لهذا الحد ! بالتأكيد سيقضي عليها بمفأجاته تلك ،
_ أبتعد عنها مُشكلاّ ابتسامة علي ثغره لخجلها المفرط ، حمحم وقال :-
_ صباح الخير
_ بالتأكيد يمزح معها , أيلقي التحية عليها بعد فعلته الوقحة تلك ؟ من أين ستتحلي بالشجاعة لتجييه ؟
_ سحبت نفساً عميق وحاولت التملص من بين قبضتيه لكنه أبيَٰ وبقوة أن يتركها ، وقال محاولا إثارة جدلها :-
_ ردي عليا وانا أسيبك ..
_ ابتلعت ريقها في محاولة منها لتجميع شتات نفسها ، صمتت لبرهة ثم قالت هامسة بنبرة رقيقة :-
_ صباح الخير
_ وما إن بادلته التحية حتي دفعته بعيداً وأسرعت مهرولة داخل المرحاض الخاص بالغرفة ، تعالت ضحكات ريان علي تصرفها الأبله ثم نهض هو الآخر لكي يعد ذاته ويقوم بتوصيلها الي الجامعة ..
_ وقفت خلف الباب تتنفس الصعداء هل بتفسير واضح لما يحدث خلال ليلة وضحاها ؟ لقد تحول تماماً أين ريان الرجل الوقور التي أحبت فيه احترامه ، احترام ماذا لقد بات وقحاً للغاية ولا يرحم عذرية تجاربها الأولي ..
_ حسناً ، ليس بوقت يسمح فيه التفكير فيما حدث ، لقد حان موعد ذهابها للجامعة ولابد من إسراعها لكي لا تتأخر في يومها الثاني ،
_ أنهي كليهما تبديل ثيابهم ومن ثم أدوا صلاة الفجر ودلف الي الخارج بخطوات سريعة ، لم ترفع عنود بصرها عليه قط ، كما تعمد ريان خلق حديث مثير للجدل معها بعدما صعدَا في المصعد الكهربائي حيث وقف أمامها مباشرةً وحاوطها بذراعيه من الجانبين مستند براحتي يده علي جدار المصعد وأردف مازحاً :-
_ ممم الخلوة بقت شرعية ؟
_ فهمت ما يرمي إليه ولم تستطيع منع ابتسامتها التي تشكلت على ثِغرها ليطرب قلبه فرحاً أثرها ، بادلها الإبتسامة ليتفاجئ كليهما بوقوف المصعد في الطابق الثاني حيث منزل والد ريان ،
_ تأفف ريان بضجر وهو يخمن هوية من قام بإيقاف المصعد ، لكن تخمينه لم يكن في محله لقد كان هاني وتعمد فعل ذلك ليتحدث مع ريان ويعتذر منه ،
_ حمحم هاني وقال بحرج :-
_ ريان عايز أتكلم معاك !
_ تجمدت تعابير وجه ريان وازدادت حدة ، فهو لم يصفوا بعد ، فرك مؤخرة رأسه وأردف بتجهم :-
_ مش فاضي لما أرجع نتكلم !
_ أجابه هاني بإصرار يريد أن ينهي ذاك الخِصام سريعاً :-
_ مش هاخد أكتر من خمس دقايق وبعد كده تقدر تروح مشوارك ..
_ سحب ريان نفساً واستدار نحو عنود قائلا وهو يناولها مفتاح سيارته :-
_ خدي المفتاح واقعدي في العربية أنا نازلك حالا ،
_ أماءت رأسها بطاعة ومن ثم دلف ريان للخارج بينما هي هبطت للاسفل وجلست في السيارة كما أمرها ريان ، وقف الأخوان أمام بعضهما ، حيث سأله ريان علي مضض :-
_ خير ؟
_ سحب هاني نفساً وأردف بندم :-
_ عايزين نتصافي ، بلاش نبني حواجز بينا إحنا في الآخر أخوات !
_ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة متهكمه وقال بسخرية :-
_ كويس إنك فاكر إننا اخوات وأن الاخ حرمته محدش يتعدي عليها بس انت اتعديت وانا مش هسامح فيها بسهولة ولو هتقولي انت عملت نفس الحاجة في مراتي فمراتك دي كذابة وانت متعود تصدق كذبها دي حاجة ترجع لك متخصنيش ..
_ ابتلع هاني ريقه وهو يحاول أن يتحلي بالهدوء وقال برزانة :-
_ أبوك وصاني عليكم وقالي لازم اجمعكم عشان اخوكم الكبير ، قالي استحمل لاجل بس ما نكون في ضهر بعض ، أنا مستغرب كلامه بصراحة لأنه طول الوقت بيتكلم عن الموت ، مش عارف هو حاسس بحاجة ولا مجرد كلام ، بس انا حابب افتح صفحة جديدة معاك عايز نبقي أخوات بجد ، ولو علي مراتك أنا هروح أعتذر لها واقولها حقك عليا سامحيني المهم نتصافي ونخليه مطمن علينا ..!
_ تغلغل شعور القلق بداخل ريان حيال والده ، وعزم علي أن يطمئن إليه بعد توصيل عنود الي جامعتها ، تنهد وهو يفكر جيداً في حديث أخيه وبعد مدة ليست بقصيرة قال بصوته الأجش :-
_ أنا موافق بس مراتك تكون بعيدة عن علاقتنا ..
_ أماء هاني بالايجاب بينما مد ريان يده لمصافحة أخيه بود فبادله هاني السلام وهبط كليهما معاً ، تفاجئ ريان بجلوس عنود علي مقعد القيادة لكنه لم يعلق قبل ذهاب أخيه ،
_ اقترب منها وفتح الباب قائلا :-
_ هاني عايز يقولك حاجة !
_ ترجلت عنود من السيارة متوجسة خيفة من نظراته الثاقبة التي لم تروق لها مطلقاً ، سحبت نفساً واقتربت من ريان إلي أن التصقت به ، مدت يدها برفق من خلفهما وشبكت أصعابها بين فراغ يده ، شد هو علي يدها بدعم كبير فأردف هاني بحرج ممزوج بالندم :-
_ أنا آسف علي اللي عملته ، أنا مش عارف عملت كده ازاي ، بس ياريت تكوني أحسن مني وتسامحيني ..
_ رفعت عينيها علي ريان مطالبه بدعمه لها فبادلها الآخر نظراته قيد انتظار إجابتها علي آخيه ، كان علي إستعداد تام لعدم قبولها لإعتذاره لكنه تفاجئ بعكس ما توقع تماماً حيث أردفت متريثة :-
_ ' فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَي اللَّهِ '
_ تبادلا كلاً من هاني وريان النظرات المتعجبة فهم لم يفهموا ما ترمي إليه ، سألها عن هاني بعدم فهم :-
_ بمعني ايه ؟
_ أبتسمت عنود بتهكم وقالت موضحة :-
_ يعني سامحتك !
_ إلتوي ثغر هاني بإبتسامة ومد يده ليصافحها لكي يمحي أي إساءة بينهم ، لكنه تفاجئ بها تختبئ خلف ريان كما تفاجئ بأخيه هو من يصافحه قائلا :-
_ مبنسلمش ..
_ عقد هاني ما بين حاجبيه بغرابة فلم يصادف تلك النوعية من قبل ، لم يكن ريان مزعوج من تصرفها بل كان يشعر بالسعاده البالغة لكونه الوحيد المسموح له بلمسها ،
_شد علي يدها التي تختبئ بين قبضته قائلا :-
_ يلا عشان متتأخريش علي كليتك ،
_ أماءت له بالإيجاب ثم أجبرته علي الوقوف قبل أن يجلس في مقعده قائلة بإصرار :-
_ هسوق أنا النهاردة !
_ عقد ريان حاجبيه وسألها بإهتمام :-
_ بتعرفي تسوقي ؟
_ قلبت عنود عينيها لتقليله من قُدُرَاتها ثم أسرعت بركوب السيارة وأغلقت الباب في انتظاره ركوبه بجوارها ، استدار ريان الي حيث يقف هاني ورمقه بحرج ثم سار بخطي ثابتة وجلس بجوارها ،
_ حركت هي السيارة بتمكُن ثم زادت من سرعة السيارة تدريجياً الي أن غادرت المنطقة أسفل نظرات هاني المتعجبة من تصرفاتها الطفولية ، ظهرت شبح إبتسامة علي ثغره ثم استدار وصعد إلي منزله لعله يتمكن من إصلاح علاقتة المتوترة مع زوجته ..
_________________________________________________
_ تقود السيارة أسفل نظراته التي لم تُرفع عنها منذ أن إنطلقا ، لم تكن بتلك الشجاعة الكافية لكي تسئله عن سبب نظراته ، فما حدث بينهم لم يُمحيَ أثرهُ بعد !
_ تشبثت بالطارة بكل قوتها لكي لا تتأثر بسودتاه ، أزفرت أنفاسها براحة عندما وصلت إلي الجامعة ، صفت السيارة جانباً ثم سحبت حقيبتها من المقعد الخلفي دون أن تنظر إليه وترجلت من السيارة مسرعة دون أن تنبس بشئ ، هرول ريان خلفها بخطوات متمهلة وجذبها من ذراعها متسائلا بغرابة من تصرفها المُبهم :-
_ انتي بتجري مني ليه ؟
_ سحبت نفساً عميق واستدارت إليه بنظرات خجولة قد استشفها ريان من تورُد وجنتيها ، أعاد يده جانبه وأردف بحدة زائفة :-
_ تاني مرة متسبنيش وتجري كده !
_ امأت له بالطاعة بينما دس ريان يده في جيبه وأخرج منها بعض الأموال وأجبرها علي الالتفاف بيده ليضعهم لها في الحقيقة ، اغلقها وقال :-
_ يلا عشان متتأخريش ..
_ رمقته بنظرات خجولة للغاية ومن ثم أولته ظهرها وأسرعت بإتجاه مدرجها ، عاد ريان الي سيارته عندما اختفي طيفها من أمامه وغادر المكان سريعاً ،
_ وقفت أمام الباب تستنشق الصعداء قبل أن تولج للداخل ، كيف ستواصل بقية الأيام معه وهو في أعلي مراتب جُرأته معها ، لما يتواقح معها ألا يجدر به احترام العلاقة التي لم يفهما أين ستصل بهم في النهاية ؟ الآحر أنها لم تكن مزعوجة من تقربه بل كانت كانت لينة بين يديه كالطحين المُبلل ، لابد وأن تعرف حقيقة مشاعرها أولاً قبل أن تنجرف معه دون وعيٍ منها ..
_ تسللت هالة من خلفها ثم لكزتها بخفة في منتصف خصرها مازحة معها ، شهقت عنود بفزع فأسرعت هالة بوضع يدها علي فمها تمنع صراخها قائلا :-
_ششش دا أنا هالة !
_ وضعت عنود يدها أعلي صدرها تزفر أنفاسها التي هربت منها ، بينما وفقت هالة أمامها وقالت بندم :-
_ ده انتي بتركبي الهوا بسرعة ..
_ قطبت عنود جبينها بغرابة وسئلتها بإستفسار :-
_ يعني إيه بركب الهوي ؟
_ قهقت هالة عالياً وقالت موضحة :-
_ بت خفيفة يعني ..!
_ ازدادت عنود غرابة من كلماتها المبهمة التي لا تفهم منهم شئ ، أسرعت هالة بالحديث قائلة بتهكم :-
_ لا انتي عايزة قعدتين تلاتة معايا عشان تتبرمجي علي اللغة المصرية بس بعد ما نخلص محاضراتنا الأول ..
_ ابتسمت لها عنود ومن ثم دخلا كليهما الي المدرج برفقة بعضهم ..
_________________________________________________
_ جابت الفراش يميناً ويساراً علها تصل إلي شئ ما يهدئ من نيران الغيرة الموقدة في قلبها بعدما رفضت خلق أي حوار مع هاني ،
_ تأففت بضجر شديد عندما فشلت في اقتلاع ريان من عقلها ، يأبي أن يخرج من قلبها ، حتماً لن يخرج بتلك السهولة لقد بات شاغلها لأعوام عديدة وليس سهلاً اقتلاع حبه كما تظن ، إذاً ما عليها فعله حتي تهدئ قليلا بالتأكيد سـ تُجَن قريباً من خلفه ،
_ انتفضت من علي الفراش عندما سمعت صوته الذي تحفظه جيداً ، اقتربت نحو الباب مسرعة لتتأكد من حدسها ، استندت برأسها علي جدار الغرفة وهي تطالعه بشغف كبير ، ليته يشعر ولو بذرة من مشاعرها نحوه حتماً سيشفق عليها ،
_ سحبت نفساً عميق وأغلقت الباب بهدوء ثم هرولت إلي خزانتها وارتدت إسدالها ودلفت الي الخارج تُمتع عينيها برؤيته من قرب ،
_ وقفت بالقرب منه تاركة بعض المسافة القليلة بينهم وقالت بصوتها الرقيق :-
_ ازيك يا ريان
_ تجمدت تقاسيم وجه ريان عندما رآها لكنه لم يعيرها اهتمام وواصل حديثه مع أبيه :-
_ متأكد أنك كويس يا حج ؟
_ أماء ماهر بالإيجاب قائلا :-
_بخير يا حبيبي طول ما انتوا بخير ..
_ ربت ريان علي فخذه وأردف بحنو :-
_ أنا كلمت هاجر وقولتلها تيجي النهاردة ، أنا قصرت معاها الفترة اللي فاتت بس ان شاء الله مقصرش تاني ..
_ شعرت رنا بالإهانة المعانقة للخجل لعدم اكتراثه لها ، أولته ظهرها وأسرعت خُطاها الي الغرفة واقسمت أن تندمه بسبب ما يفعله بها ، هو من قلل من شأنها ورفض شهدها التي فرضتها عليه إذاّ فليتذوق جحيم ما ستفعله به ، هو من جني علي نفسه ..
_ إلتوي ثغر ماهر بسعادة واردف وهو يربت علي يد ريان بحب :-
_ ربنا يجبر بخاطرك يابني ويعوضك خير !
_ بادله ريان الابتسامة ونهض قائلا :-
_ ربنا يخليك يا حج ، أنا همشي أنا عشان ألحق احجز غدا النهاردة ..
_ تركه ريان عندما اطمئن علي حالته الصحية وتوجه الي معرضه ، تفاجئ بوجود خالد فيه ابتسم ثم توجه نحوه قائلا :-
_ انت بتعمل هنا إيه ياض ؟
_ أشار إليه خالد بالانتظار ثم أنهي مكالمته الهاتفية ورمق ريان بغضب :-
_ يا اخي حرام عليك ايه اللي انت ورطني فيه ده ، أنا مش عارف اعمل حاجة بجري من معرض لمعرض وأسلم طلبات وفي مليون مشكلة بتحصل في المينا ولازم أنا اللي اتكلم عشان يخلصوها ، انت بتحبني اوي كده عشان تعمل فيا كده ؟
_ تعالت ضحكات ريان وسار نحو الاريكة الجلدية وأستلقي عليها قائلا :-
_ ما انت ياما ادلعت شيل شوية
_ اقترب منه خالد ولكزه بقوة في كتفه أطلق ريان آنة موجوعة من خلفها ليواصل خالد حديثه بحُنق :-
_ ولما أنا اشيل انت تهبب ايه ؟
_ عدل ريان من وضعية نومه لتكون أكثر راحة ونظر الي الاعلي بعدما وضع كلتي ذراعيه أسفل رأسه وهتف بصوته الرخيم :-
_ هدلع !
_ عقد خالد حاجبيه متعجباً من نبرته الجديدة التي لم يسبق له وأن تعامل معها من قبل ، اقترب منه حتي سار أعلاه واستند بأحد بمرفقيه علي حافة الأريكة والاخري وضعها بجوار رأس ريان وسئله بغرابة :-
_ تدلع ازاي يعني ؟
_ ابتسم ريان وهو يتذكر أجمل ما عاشه ليلة أمس وفي الصباح ، خرجت منه تنهيده حارة اثر ذكرياته المحببة إليه
_ ابتسم خالد علي حالته المبهمة التي توقع من تكون خلفها وقال مدندناّ :-
_ شكله مش موضوع بسيط فيه غدر وفي حوارات ، ده انا بسهر بالساعات كل ده بيحصل قوام ، حاسس إني كده ابتديت أبقي رومانسي وضعيف ليه نومي بقا خفيف كنت لما بنام بنام ..!!
_ لكزه ريان في ذراعه بعنف ليتفاجئ كليهما بدلوف أحد عمال المعرض كما تفاجئ هو الآخر بوضعهم وتصلب في مكانه بذهول ، نهض خالد سريعاً وقال :-
_ عايز حاجة يا ابراهيم ؟
_ لوهلة لم يستوعب الرجل حديثه ثم هز رأسه بإنكار واجابه بتلعثم :-
_ النقل اللي جايب طلبية من المصنع وصل وقولت أبلغ حضرتك ..
_ أماء خالد رأسه وقال بنبرة جدية :-
_ تمام انا خارج وراك علي طول ..
الفصل الثامن عشر ..
_________________________________________________
_ أبتعد عنها عندما لم يكتفي من عناقها ، لما ؟ يريد المزيد والمزيد منها ، لا يكفيه عناق واحد ، بل يريد أن ينجرف معها لأكثر من مجرد عناق ، تُطَالِب بها جميع جوارحه الرجولية ، ابتلع ريقه في محاولة منه علي السيطرة على نفسه لكي لا تخشاه ، فهي لازالت تخوض تجاربها الأولي معه ، فقط عليه التمهل والترَيُث فيما يفعله ،
_ نبضات قلبه تزداد عنفاً لرؤيتها تعض شفتاها بخجل ، علي الرغم من أفعالها المفتقرة للإغراء والبعيدة كل البُعد عن الاغواء إلا أن تصرفاتها لا ترحم قواه التي تنحط تدريجياً ،
_ رفع ريان وجهها بكف يده ليجبرها علي النظر إليه ، ابتلع ريقه مراراً يريد مقاومة غريزته التي تدفعه ليتذوق شفتاها ذات اللون الوردي كـ حبات البرقوق الصغير ،
_ أعاد إحدي خُصلاتها الشاردة خلف أُذنها ثم وضع راحة يده ما بين عُنقها وأسفل أذنها يتلمس نعومة بشرتها الحليبية ،
_ أثارت لمساته المُتقنة رجفة قوية في أوصالها أسفل يديه قد شعر هو بها ، لم تخضع لـ لمسات كهذه من قبل ، لم تجرب هذا الشعور قط ، ازداد خجلها أضعافاً فأوصدت عينيها لكي لا يقع بصرها عليه ،
_ ويحك أيتها الفتاة الصغيرة ، لقد خارت قواي بين يديكِ ، لما لا ترأفِ بي !..
_ ازدادت وتيرة أنفاسه وهو يقترب من عنقها شاعرة هي بحرارة أنفاسه المَضطربة بالقُرب من أذنها فزداد جسدها تصلباً بتوجس من قربه المفرط ،
_ بينما آراد ريان أن يُجرب أشياء لم تسنح له الفرصة لخوضها من قبل ، حيث لثم عنقها بقبلاته الرقيقة ، شعرت عنود بإرتخاء جسدها تدريجياً إلي أن لانت أوصالها بعد أن كانت مُتصلبة بين قبضتيه ،
_ ابتعد عنها محاولاً التوقف عما يفعله لكن لا يتحمل الإبتعاد عنها ، كأنها مغناطيس يجذبه إليها كلما ابتعد عنها ، كذلك لم يكتفي منها لا شئ يُشبع غرائزه ، إذاً ما العمل الآن ؟
_ أسند بـ جبينه علي جبينها وهمس أمام شفتاها بصوت متشحرج يكاد ينبس به :-
_ أنا مش قادر أبعد عنك , انتي عملتي فيا ايه ؟
_ فتحت عينيها فتفاجئ ريان بتحول لونهم الي الاحمرار الشديد ، شعر لوهلة أنهم سـ ينفجران في أي لحظة من شدة الدماء المتدفقة فيهما ، يجب عليه التوقف الآن يكفي لهذا الحد معها ،
_ تنهد بضجر وهو لا يريد الابتعاد عنها لكنه أجبر كل حواسه علي العودة للخلف ، هرب الحديث من علي لسانه لم يستطع أن ينبس بشئ ، وكأنما انحشرت الكلمات بداخله ، لا يوجد أمامه سوي الانسحاب بهدوء ، يجب أن يُلملِم شتات نفسه ليستطيع التواصل معها ..
_ بينما لم تبرح عنود مكانها ، تجمدت قدميها بالأرض ، لا تقدر علي رفعهما ، كما أن وتيرة أنفاسها ازدادت بصورة أشد قسوة بسبب كتم أنفاسها بداخلها لقربه المفاجئ منها ،
_ تراجعت للخلف بتهمل وأستلقت علي الفراش بإهمال ، لم تستطع محو ما حدث من ذاكرتها فأسرعت في إغلاق عينيها علها تغفو سريعاً ..
_ جلس ريان علي أحد المقاعد في الشُرفة ومدد قدميه أمامه علي الطاولة ليرخي عضلاته بينما يتأمل النجوم مع تذكره لما حدث منذ عدة دقائق ..
_________________________________________________
_ وقفت مستندة علي حافة سور الشُرفة ، تنهيدة بطيئة مليئة بالهموم والحزن أخرجتها وهي تتآمل الطابق العلوي القاطن به زوجها وزوجته بعد أن أختفي صوت قهقاتهم المرتفعة ،
_ مئة تصور قد صوره لها عقلها لهم ، فقط ازدادت اختناقاً كلما تذكرت أنه لم يعد ملكها وحدها بين ليلة وضحاها ، ماذا اقترفت ليكن هذا جزاؤها ؟ اين الخطأ التي ارتكبته بحماقتها لـكي تَجنِي ثِمارُه ؟
_ خرجت من شرودها علي صوت شقيقتها الصغري قائلة بآسي وهي تربت علي ظهرها بحنو :-
_ هوني علي نفسك يا دينا هيجرالك حاجة !
_ انسدلت بعض القطرات من عينيها وأردفت بنبرة موجوعة تحمل من الحزن قدراً :-
_ انا لو اعرف قصرت في إيه كنت هونت علي نفسي ..
_ جلست دينا علي الأريكة الخشبية المغلفة بالقماش البني الداكن بينما رافقتها شقيقتها وعزمت أن تتحدث معها علهم يصلا لنقطة مشتركة ، تنهدت بتردد ثم قالت :-
_ ينفع أتكلم معاكي من غير زعل ..
_ استدارت إليها دينا مجبرة حواسها علي الإنتباه كأنها غريق يريد النجاة ، سحبت إسراء نفساً عميق وأردفت معاتبة :-
_ بصراحة يا دينا أنا كنت بستغرب لبسك في البيت دايما كنت بشوفك بعبايات ، اوقات كنت بقول أكيد محروجة مني وكنت بتعمد اجيلك فجاءة عشان اشوف لبسك بيكون ازاي ، وبرده كنت بلاقيكي بعباية ، ده انا اللي لسه بنوتة بلبس كل اللي نفسي فيه في البيت وكنت علي طول بحاول أنصحك بطريقة غير مباشرة زي ما كنت اتعمد اخليكي تنزلي تشتري معايا هدوم لجهازي واقولك اشتري حاجة جديدة وانتي كنتي بترفضي علي طول ، مكنتش بعرف اتكلم معاكي وافهم مشكلتك لأن انتي عمرك ما اتكلمتي عن علاقتك بريان ، دينا انتي ديما رابطة شعرك مفيش اي ميك اب بشوف حتي أثره علي وشك انتي حتي تقريباً مش عندك برفيوم ولا إكسسوارات ، ليه يا دينا كده انتي سنك صغير ليه مش عايشة سنك ؟
_ هنا انفجرت دينا باكية بمرارة، لقد ضغطت علي وتر ضميرها التي تتعايش معه بين إرادتها لـ تلك الأشياء التي ستجعل منها انثي كاملة وبين رفضها لها ،
_ سحبت اكبر قدر من الهواء حتي تتحدث طبيعياً دون تعرقل في الحديث وقالت بتلعثم :-
_ أنا عشت خمس سنين في تأنيب ضمير اني لازم اعمل زي ما بشوف ، زي ما بشوف رنا مرات هاني دايما لابسة وجوزها بيموت فيها وزي ما بشوفك في البيت بس انا اتربيت علي كده ، كبرت علي كلمة ماما وهي بتقول جسمنا عيب ولازم نداريه مكنش فيه نت زي دلواقتي يفهمني ، كنت بروح الجامعة وانا مرعوبة من فكرة أن في شباب معايا ، ديما في تفكيري إن كل الشباب مركزين معايا بسبب كلامها ، كنت بوسع لبسي في كل مرة بنزل فيها للشارع لدرجة اني بقيت بخاف حتي وانا في البيت أصل حد يجي فجاءة ، ماما عمرها ما اتكلمت معايا عن حقوق الزوجة لزوجها ، اتجوزت واتفاجئت بحاجات كتيرة فضلت بتصدم لفترة كبيرة بسبب اني مكنتش اعرفها قبل كده ، متقارنيش نفسك بيا ، انتي في عصر متفتح ماما نفسها اتغيرت عن الأول ، عندك سوشيال ميديا وغيرهم كتير بتتعلمي وتتثقفي منهم ، بتنزلي جامعتك بلبس انتي اللي مختاراه وراضية عنه مش مجبرة عليه ، أنا غيرك خالص ، أنا اتخلقت عندي عقدة لدرجة اني مش عارفة اعيش كده حتي مع جوزي ، وهو عمره ما حسسني اني حاجة شاذة بالعكس مكنتش بشوف رفضه ليا خالص ، أيوة كنت بغير من نظرات هاني لرنا اللي كان بياكلها بيهم واتمنيت أن ريان يبص لي كده بس مكنتش متوقعة اني السبب كنت مفكرة إن دي شخصيته هو ، لأن من يوم ما عرفته وهو جامد في مشاعره وفي أسلوبه ، كنت فكراه راضي ! حتي يوم ما حسيته أنه متغير يومها بالظبط اتجوز !
_ شعرت إسراء بالندم حيالها واقتربت منها وهي تمسد بيدها علي كتفها بحنان ثم ضمتها برفق الي حضنها فجهشت دينا في البكاء ، حاولت اسراء التهوين عليها بشتي الطرق لكن دون جدوي ، اكتفت بضمها بكل ما أوتي من قوة علها تقلل من آلامها ..
_________________________________________________
_ أخرج تنهيدة بطيئة من جوفه وهو يمسح بيده علي الصورة الفوتوغرافية لزوجته الراحلة الموضوعة علي الكومود ، أبتعد عنها عندما سمع طرقات الباب و سمح له بالدخول قائلا :-
_ تعالي يا هاني عايز أتكلم معاك ..
_ اقترب منه هاني بخطي ثابتة ثم جلس بجواره علي الفراش وردد متسائلا بفضول :-
_ نعم يا حج ؟
_ سحب ماهر نفساً عميق وأردف بشموخ :-
_ أنا مش عاجبني الوضع اللي بينك وبين أخوك ده يا هاني لما انتوا بتعاملوا بعض بالجفا ده كله وانا موجود لما أموت هتعملوا ايه ؟
_ أسرع هاني بالرد عليه بعاطفة :-
_ بعد الشر عنك يا حج ، بس مش واجب عليك تقوله هو اللي يجي يكلمني ده انا أخوه الكبير يعني لازم يحترمني !.
_ وضع ماهر يده علي فخذ ولدَهُ واردف بحكمة :-
_ عشان انت الكبير طلبت منك انك تكلمه ، لازم تحابي علي اخواتك هما صغيرين ومش فاهمين حاجة انت الكبير والمفروض تجمعهم وتكون حريص علي أنكم تكونوا سند لبعض ، قوتكم في لمتكم يا بني محدش هيقدر عليكم طول ما انتو في ضهر بعض ، عارف يا هاني الورث الحقيقي اللي بيسيبه الأهالي ايه ؟
_ أماء هاني رأسه متسائلاً بإهتمام :-
_ ايه يا حج ؟
_ ابتسم ماهر وشد علي ظهره بحب وواصل حديثه المسترسل قائلا :-
_ الاخوات ، الفلوس هيجي يوم وتخلص بس الاخوات حبهم هو اللي باقي ، وقفتهم جنب بعض في الشدة قبل الفرح أكبر ورث يسيبوه الاهل بعد وفاتهم ، نفسي اطمن عليكم قبل ما اموت يا هاني ..
_ تشنجت عروق عنقه بإنكار لحديث والده عن الموت ، انحني علي يده وقبلها بحنو وأردف :-
_ ربنا يبارك في عمرك ويخليك لينا ، حاضر هعمل اللي انت عايزه !
_ كست السعادة وجه ماهر وربت علي ظهر هاني برضا أبوي وقال زائداً :-
_ وفيه حاجة تانية يابني عايز أتكلم معاك فيها !
_ حك هاني ذقنه براحة يده وهتف :-
_ ايه يا حج ؟
_ تنهد ماهر وأردف بتريث لينهي تلك السخافات بينهم :-
_ بلاش تدخل مراتك في علاقتك بأخوك ، مراتك يابني تقدر تعوضها بزوجة تانية وابنك تقدر تعوضه بإبن تاني لكن الأخ ميتعوضش ، وكلام الحريم كتير وبينزل لسابع أرض عشان كده متسمعش ليها وخليك واثق في إخواتك , علاقتكم تكون خط أحمر محدش يتعداها ..
_ أماء هاني رأسه بتفهم وأردف وهو ينهض :-
_ حاضر يا حج هعمل اللي انت عايزه اطمن !
_ أسرع إلي الخارج مهرولاً ، لقد ازداد صدره اختناقاً ، أي ولد يتحدث بتعويضه ؟ كيف يعوضه وهو لم يسبق له الانجاب ، تعصر قلبه حزناً علي حاله ، كم تمني ولد يداعبه في صغره ويكون سنده في كِبره ، تنهد بإختناق شديد ورمق باب غرفته بضجر بائن ثم هم بمغادرة المنزل ربما يشعر بالتحسن إن أبتعد عنه ..
_________________________________________________
_ وقف أمام غرفتها بعد تردد كبير ، عزم أن يقتحم الغرفة وينعم بالنوم بين أحضانها ، يكفي هذا القدر من العطاء للآخرين يريد أيضاً أن يأخذ من الحياة القليل مما سرقته منه ، وما العائق ؟ هي زوجته ويحل له فعل ما يشاء معها ، فلقد أجمع الاربع مذاهب علي التمتع بالزوجة فمن يكون هو ليجبر غرائزه علي الاختباء بداخله وعدم ممارسة حياته كما يجب ؟!
_ لكن الشعور الاقوي الذي يطالب به هو الأمان ، فقط يريد أن يشعر ببعض الامان بين أحضانها ، لا يُهم إن بدي كـ الطفل أمامها حسناً إذاً هو طفل ويريد النوم بجوارها ألن تُلبي طلب ذلك الصغير ؟!
_ فتح الباب بعنف واقترب منها بخطوات سريعة فتفاجئ بها غافية ، سحب نفساً وعزم بألا يتراجع عما يريده ، سار نحوها واستلقي بجسده خلفها مباشرةً الي أن التصق بها ، وضع إحدي ذراعيه اسفل راسها برفق والاخري في منتصف خِصرها ، ضمها بكل قوته لصدره وانحني برأسه علي رأسها ،
_ استيقظت عنود قلقة بسبب لمساته التي تعلم أنه مصدرها ، تفاجئت أنها مُحاوطة بين قبضتين قويتين ، لوهلة لم تستوعب ما يحدث وركلت بقدمها تريد التملص من بين قبضتيه ،
_ هم ريان بالاسراع في حديثه ليجبرها علي التوقف قائلا :-
_ ششش اهدي ونامي !
_ نوم !! نوم ماذا الذي يتحدث عنه بهذا الوضع ؟ ازدادت نبضات قلبها بعنف دون هدوء ، لكنها سرعان ما هدأت أثر لمسات أنامله علي خصرها الي باتت في ثُبات عميق ، كذلك هو لم يمكث طويلاً وغفي علي وضعه ..
_________________________________________________
_ يوم جديد يحمل بين طياته أقدار عِدة للجميع ، سطعت الشمس بنور ربها مُعلنة نهاراً جديداً ، صدح صوت المنبه الخاص بهاتف عنود استيقظت قلقة علي صوته المرتفع الذي نبه جميع حواسها ،
_ حاولت النهوض لكنها فشلت فركت عينيها وهي تتثائب بكسل ثم التفتت الي يمينها تريد الوصول إلي المنبه فتفاجئت بها غافية بين أحضانه ، طالت النظر إليه إلي أن تذكرت بأنها قد باتت غافياً هكذا منذ أمس ،
_ شعرت بارتفاع حرارة وجهها من شدة الخجل الممزوج بالسعادة التي استوطنت قلبها ناهيك عن دفئ يديه التي تشعر بالاستكانة بينهم ، ابتسمت وهي تتفحص ملامحه الهادئة تماماً ، مدت يدها تتلمس بشرته بأناملها الصغيرة ، تفاجئت بأناملها باتت مُحَاوُطَة بين يديه ، حاولت إستعادة يديها لكنه أبيَٰ ، وضعها يدها بالقُرب من شفتاه ثم وضع قُبلة رقيقة داخل كفها ،
_ لن تنكر أن قُبلته آذابت عقلها وخفق قلبها بشدة من خلفها ، لكنها حرصت ألا تنظر إليه بينما فتح هو عيناه وأجبر وجهها علي الالتفاف إليه هامساً :-
_ بُصيلي ..
_ جمعت قواها ونظرت إليه بأعين لامعة ، بينما وضع هو يدها علي قلبه فسرت رجفة في أوصالها شاعرة بنبضاته العنيفة حتماً من تأثيرها عليه ،
_ بدت عنود كمن انحشرت أنفاسها ولا تدري كيفية إخراجهم ، كما إزداد الوضع سوءاً بقُبلته التي وضعها علي شفتاها ، لا ليس لهذا الحد ! بالتأكيد سيقضي عليها بمفأجاته تلك ،
_ أبتعد عنها مُشكلاّ ابتسامة علي ثغره لخجلها المفرط ، حمحم وقال :-
_ صباح الخير
_ بالتأكيد يمزح معها , أيلقي التحية عليها بعد فعلته الوقحة تلك ؟ من أين ستتحلي بالشجاعة لتجييه ؟
_ سحبت نفساً عميق وحاولت التملص من بين قبضتيه لكنه أبيَٰ وبقوة أن يتركها ، وقال محاولا إثارة جدلها :-
_ ردي عليا وانا أسيبك ..
_ ابتلعت ريقها في محاولة منها لتجميع شتات نفسها ، صمتت لبرهة ثم قالت هامسة بنبرة رقيقة :-
_ صباح الخير
_ وما إن بادلته التحية حتي دفعته بعيداً وأسرعت مهرولة داخل المرحاض الخاص بالغرفة ، تعالت ضحكات ريان علي تصرفها الأبله ثم نهض هو الآخر لكي يعد ذاته ويقوم بتوصيلها الي الجامعة ..
_ وقفت خلف الباب تتنفس الصعداء هل بتفسير واضح لما يحدث خلال ليلة وضحاها ؟ لقد تحول تماماً أين ريان الرجل الوقور التي أحبت فيه احترامه ، احترام ماذا لقد بات وقحاً للغاية ولا يرحم عذرية تجاربها الأولي ..
_ حسناً ، ليس بوقت يسمح فيه التفكير فيما حدث ، لقد حان موعد ذهابها للجامعة ولابد من إسراعها لكي لا تتأخر في يومها الثاني ،
_ أنهي كليهما تبديل ثيابهم ومن ثم أدوا صلاة الفجر ودلف الي الخارج بخطوات سريعة ، لم ترفع عنود بصرها عليه قط ، كما تعمد ريان خلق حديث مثير للجدل معها بعدما صعدَا في المصعد الكهربائي حيث وقف أمامها مباشرةً وحاوطها بذراعيه من الجانبين مستند براحتي يده علي جدار المصعد وأردف مازحاً :-
_ ممم الخلوة بقت شرعية ؟
_ فهمت ما يرمي إليه ولم تستطيع منع ابتسامتها التي تشكلت على ثِغرها ليطرب قلبه فرحاً أثرها ، بادلها الإبتسامة ليتفاجئ كليهما بوقوف المصعد في الطابق الثاني حيث منزل والد ريان ،
_ تأفف ريان بضجر وهو يخمن هوية من قام بإيقاف المصعد ، لكن تخمينه لم يكن في محله لقد كان هاني وتعمد فعل ذلك ليتحدث مع ريان ويعتذر منه ،
_ حمحم هاني وقال بحرج :-
_ ريان عايز أتكلم معاك !
_ تجمدت تعابير وجه ريان وازدادت حدة ، فهو لم يصفوا بعد ، فرك مؤخرة رأسه وأردف بتجهم :-
_ مش فاضي لما أرجع نتكلم !
_ أجابه هاني بإصرار يريد أن ينهي ذاك الخِصام سريعاً :-
_ مش هاخد أكتر من خمس دقايق وبعد كده تقدر تروح مشوارك ..
_ سحب ريان نفساً واستدار نحو عنود قائلا وهو يناولها مفتاح سيارته :-
_ خدي المفتاح واقعدي في العربية أنا نازلك حالا ،
_ أماءت رأسها بطاعة ومن ثم دلف ريان للخارج بينما هي هبطت للاسفل وجلست في السيارة كما أمرها ريان ، وقف الأخوان أمام بعضهما ، حيث سأله ريان علي مضض :-
_ خير ؟
_ سحب هاني نفساً وأردف بندم :-
_ عايزين نتصافي ، بلاش نبني حواجز بينا إحنا في الآخر أخوات !
_ إلتوي ثغر ريان بإبتسامة متهكمه وقال بسخرية :-
_ كويس إنك فاكر إننا اخوات وأن الاخ حرمته محدش يتعدي عليها بس انت اتعديت وانا مش هسامح فيها بسهولة ولو هتقولي انت عملت نفس الحاجة في مراتي فمراتك دي كذابة وانت متعود تصدق كذبها دي حاجة ترجع لك متخصنيش ..
_ ابتلع هاني ريقه وهو يحاول أن يتحلي بالهدوء وقال برزانة :-
_ أبوك وصاني عليكم وقالي لازم اجمعكم عشان اخوكم الكبير ، قالي استحمل لاجل بس ما نكون في ضهر بعض ، أنا مستغرب كلامه بصراحة لأنه طول الوقت بيتكلم عن الموت ، مش عارف هو حاسس بحاجة ولا مجرد كلام ، بس انا حابب افتح صفحة جديدة معاك عايز نبقي أخوات بجد ، ولو علي مراتك أنا هروح أعتذر لها واقولها حقك عليا سامحيني المهم نتصافي ونخليه مطمن علينا ..!
_ تغلغل شعور القلق بداخل ريان حيال والده ، وعزم علي أن يطمئن إليه بعد توصيل عنود الي جامعتها ، تنهد وهو يفكر جيداً في حديث أخيه وبعد مدة ليست بقصيرة قال بصوته الأجش :-
_ أنا موافق بس مراتك تكون بعيدة عن علاقتنا ..
_ أماء هاني بالايجاب بينما مد ريان يده لمصافحة أخيه بود فبادله هاني السلام وهبط كليهما معاً ، تفاجئ ريان بجلوس عنود علي مقعد القيادة لكنه لم يعلق قبل ذهاب أخيه ،
_ اقترب منها وفتح الباب قائلا :-
_ هاني عايز يقولك حاجة !
_ ترجلت عنود من السيارة متوجسة خيفة من نظراته الثاقبة التي لم تروق لها مطلقاً ، سحبت نفساً واقتربت من ريان إلي أن التصقت به ، مدت يدها برفق من خلفهما وشبكت أصعابها بين فراغ يده ، شد هو علي يدها بدعم كبير فأردف هاني بحرج ممزوج بالندم :-
_ أنا آسف علي اللي عملته ، أنا مش عارف عملت كده ازاي ، بس ياريت تكوني أحسن مني وتسامحيني ..
_ رفعت عينيها علي ريان مطالبه بدعمه لها فبادلها الآخر نظراته قيد انتظار إجابتها علي آخيه ، كان علي إستعداد تام لعدم قبولها لإعتذاره لكنه تفاجئ بعكس ما توقع تماماً حيث أردفت متريثة :-
_ ' فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَي اللَّهِ '
_ تبادلا كلاً من هاني وريان النظرات المتعجبة فهم لم يفهموا ما ترمي إليه ، سألها عن هاني بعدم فهم :-
_ بمعني ايه ؟
_ أبتسمت عنود بتهكم وقالت موضحة :-
_ يعني سامحتك !
_ إلتوي ثغر هاني بإبتسامة ومد يده ليصافحها لكي يمحي أي إساءة بينهم ، لكنه تفاجئ بها تختبئ خلف ريان كما تفاجئ بأخيه هو من يصافحه قائلا :-
_ مبنسلمش ..
_ عقد هاني ما بين حاجبيه بغرابة فلم يصادف تلك النوعية من قبل ، لم يكن ريان مزعوج من تصرفها بل كان يشعر بالسعاده البالغة لكونه الوحيد المسموح له بلمسها ،
_شد علي يدها التي تختبئ بين قبضته قائلا :-
_ يلا عشان متتأخريش علي كليتك ،
_ أماءت له بالإيجاب ثم أجبرته علي الوقوف قبل أن يجلس في مقعده قائلة بإصرار :-
_ هسوق أنا النهاردة !
_ عقد ريان حاجبيه وسألها بإهتمام :-
_ بتعرفي تسوقي ؟
_ قلبت عنود عينيها لتقليله من قُدُرَاتها ثم أسرعت بركوب السيارة وأغلقت الباب في انتظاره ركوبه بجوارها ، استدار ريان الي حيث يقف هاني ورمقه بحرج ثم سار بخطي ثابتة وجلس بجوارها ،
_ حركت هي السيارة بتمكُن ثم زادت من سرعة السيارة تدريجياً الي أن غادرت المنطقة أسفل نظرات هاني المتعجبة من تصرفاتها الطفولية ، ظهرت شبح إبتسامة علي ثغره ثم استدار وصعد إلي منزله لعله يتمكن من إصلاح علاقتة المتوترة مع زوجته ..
_________________________________________________
_ تقود السيارة أسفل نظراته التي لم تُرفع عنها منذ أن إنطلقا ، لم تكن بتلك الشجاعة الكافية لكي تسئله عن سبب نظراته ، فما حدث بينهم لم يُمحيَ أثرهُ بعد !
_ تشبثت بالطارة بكل قوتها لكي لا تتأثر بسودتاه ، أزفرت أنفاسها براحة عندما وصلت إلي الجامعة ، صفت السيارة جانباً ثم سحبت حقيبتها من المقعد الخلفي دون أن تنظر إليه وترجلت من السيارة مسرعة دون أن تنبس بشئ ، هرول ريان خلفها بخطوات متمهلة وجذبها من ذراعها متسائلا بغرابة من تصرفها المُبهم :-
_ انتي بتجري مني ليه ؟
_ سحبت نفساً عميق واستدارت إليه بنظرات خجولة قد استشفها ريان من تورُد وجنتيها ، أعاد يده جانبه وأردف بحدة زائفة :-
_ تاني مرة متسبنيش وتجري كده !
_ امأت له بالطاعة بينما دس ريان يده في جيبه وأخرج منها بعض الأموال وأجبرها علي الالتفاف بيده ليضعهم لها في الحقيقة ، اغلقها وقال :-
_ يلا عشان متتأخريش ..
_ رمقته بنظرات خجولة للغاية ومن ثم أولته ظهرها وأسرعت بإتجاه مدرجها ، عاد ريان الي سيارته عندما اختفي طيفها من أمامه وغادر المكان سريعاً ،
_ وقفت أمام الباب تستنشق الصعداء قبل أن تولج للداخل ، كيف ستواصل بقية الأيام معه وهو في أعلي مراتب جُرأته معها ، لما يتواقح معها ألا يجدر به احترام العلاقة التي لم يفهما أين ستصل بهم في النهاية ؟ الآحر أنها لم تكن مزعوجة من تقربه بل كانت كانت لينة بين يديه كالطحين المُبلل ، لابد وأن تعرف حقيقة مشاعرها أولاً قبل أن تنجرف معه دون وعيٍ منها ..
_ تسللت هالة من خلفها ثم لكزتها بخفة في منتصف خصرها مازحة معها ، شهقت عنود بفزع فأسرعت هالة بوضع يدها علي فمها تمنع صراخها قائلا :-
_ششش دا أنا هالة !
_ وضعت عنود يدها أعلي صدرها تزفر أنفاسها التي هربت منها ، بينما وفقت هالة أمامها وقالت بندم :-
_ ده انتي بتركبي الهوا بسرعة ..
_ قطبت عنود جبينها بغرابة وسئلتها بإستفسار :-
_ يعني إيه بركب الهوي ؟
_ قهقت هالة عالياً وقالت موضحة :-
_ بت خفيفة يعني ..!
_ ازدادت عنود غرابة من كلماتها المبهمة التي لا تفهم منهم شئ ، أسرعت هالة بالحديث قائلة بتهكم :-
_ لا انتي عايزة قعدتين تلاتة معايا عشان تتبرمجي علي اللغة المصرية بس بعد ما نخلص محاضراتنا الأول ..
_ ابتسمت لها عنود ومن ثم دخلا كليهما الي المدرج برفقة بعضهم ..
_________________________________________________
_ جابت الفراش يميناً ويساراً علها تصل إلي شئ ما يهدئ من نيران الغيرة الموقدة في قلبها بعدما رفضت خلق أي حوار مع هاني ،
_ تأففت بضجر شديد عندما فشلت في اقتلاع ريان من عقلها ، يأبي أن يخرج من قلبها ، حتماً لن يخرج بتلك السهولة لقد بات شاغلها لأعوام عديدة وليس سهلاً اقتلاع حبه كما تظن ، إذاً ما عليها فعله حتي تهدئ قليلا بالتأكيد سـ تُجَن قريباً من خلفه ،
_ انتفضت من علي الفراش عندما سمعت صوته الذي تحفظه جيداً ، اقتربت نحو الباب مسرعة لتتأكد من حدسها ، استندت برأسها علي جدار الغرفة وهي تطالعه بشغف كبير ، ليته يشعر ولو بذرة من مشاعرها نحوه حتماً سيشفق عليها ،
_ سحبت نفساً عميق وأغلقت الباب بهدوء ثم هرولت إلي خزانتها وارتدت إسدالها ودلفت الي الخارج تُمتع عينيها برؤيته من قرب ،
_ وقفت بالقرب منه تاركة بعض المسافة القليلة بينهم وقالت بصوتها الرقيق :-
_ ازيك يا ريان
_ تجمدت تقاسيم وجه ريان عندما رآها لكنه لم يعيرها اهتمام وواصل حديثه مع أبيه :-
_ متأكد أنك كويس يا حج ؟
_ أماء ماهر بالإيجاب قائلا :-
_بخير يا حبيبي طول ما انتوا بخير ..
_ ربت ريان علي فخذه وأردف بحنو :-
_ أنا كلمت هاجر وقولتلها تيجي النهاردة ، أنا قصرت معاها الفترة اللي فاتت بس ان شاء الله مقصرش تاني ..
_ شعرت رنا بالإهانة المعانقة للخجل لعدم اكتراثه لها ، أولته ظهرها وأسرعت خُطاها الي الغرفة واقسمت أن تندمه بسبب ما يفعله بها ، هو من قلل من شأنها ورفض شهدها التي فرضتها عليه إذاّ فليتذوق جحيم ما ستفعله به ، هو من جني علي نفسه ..
_ إلتوي ثغر ماهر بسعادة واردف وهو يربت علي يد ريان بحب :-
_ ربنا يجبر بخاطرك يابني ويعوضك خير !
_ بادله ريان الابتسامة ونهض قائلا :-
_ ربنا يخليك يا حج ، أنا همشي أنا عشان ألحق احجز غدا النهاردة ..
_ تركه ريان عندما اطمئن علي حالته الصحية وتوجه الي معرضه ، تفاجئ بوجود خالد فيه ابتسم ثم توجه نحوه قائلا :-
_ انت بتعمل هنا إيه ياض ؟
_ أشار إليه خالد بالانتظار ثم أنهي مكالمته الهاتفية ورمق ريان بغضب :-
_ يا اخي حرام عليك ايه اللي انت ورطني فيه ده ، أنا مش عارف اعمل حاجة بجري من معرض لمعرض وأسلم طلبات وفي مليون مشكلة بتحصل في المينا ولازم أنا اللي اتكلم عشان يخلصوها ، انت بتحبني اوي كده عشان تعمل فيا كده ؟
_ تعالت ضحكات ريان وسار نحو الاريكة الجلدية وأستلقي عليها قائلا :-
_ ما انت ياما ادلعت شيل شوية
_ اقترب منه خالد ولكزه بقوة في كتفه أطلق ريان آنة موجوعة من خلفها ليواصل خالد حديثه بحُنق :-
_ ولما أنا اشيل انت تهبب ايه ؟
_ عدل ريان من وضعية نومه لتكون أكثر راحة ونظر الي الاعلي بعدما وضع كلتي ذراعيه أسفل رأسه وهتف بصوته الرخيم :-
_ هدلع !
_ عقد خالد حاجبيه متعجباً من نبرته الجديدة التي لم يسبق له وأن تعامل معها من قبل ، اقترب منه حتي سار أعلاه واستند بأحد بمرفقيه علي حافة الأريكة والاخري وضعها بجوار رأس ريان وسئله بغرابة :-
_ تدلع ازاي يعني ؟
_ ابتسم ريان وهو يتذكر أجمل ما عاشه ليلة أمس وفي الصباح ، خرجت منه تنهيده حارة اثر ذكرياته المحببة إليه
_ ابتسم خالد علي حالته المبهمة التي توقع من تكون خلفها وقال مدندناّ :-
_ شكله مش موضوع بسيط فيه غدر وفي حوارات ، ده انا بسهر بالساعات كل ده بيحصل قوام ، حاسس إني كده ابتديت أبقي رومانسي وضعيف ليه نومي بقا خفيف كنت لما بنام بنام ..!!
_ لكزه ريان في ذراعه بعنف ليتفاجئ كليهما بدلوف أحد عمال المعرض كما تفاجئ هو الآخر بوضعهم وتصلب في مكانه بذهول ، نهض خالد سريعاً وقال :-
_ عايز حاجة يا ابراهيم ؟
_ لوهلة لم يستوعب الرجل حديثه ثم هز رأسه بإنكار واجابه بتلعثم :-
_ النقل اللي جايب طلبية من المصنع وصل وقولت أبلغ حضرتك ..
_ أماء خالد رأسه وقال بنبرة جدية :-
_ تمام انا خارج وراك علي طول ..
الاكثر قراءة هذا الشهر :
موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله
هنا تنتهى احداث رواية المعلم الفصل الثامن عشر ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية المعلم الفصل التاسع عشر أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .
نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية المعلم ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .