نقدم اليوم احداث رواية المعلم الفصل 14 من روايات تسنيم المرشدي . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية واحدة من اجمل الروايات رومانسية والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية احببت ملتحي كاملة بقلم ام فاطمة من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية عرف صعيدى pdf كاملة من خلال موقعنا .
المعلم الفصل الرابع عشر
رواية المعلِم
الفصل الرابع عشر ..
_________________________________________________
_ أوصد ريان عيناه لبرهة ثم فتحها ببطئ بعدما استغفر ربه وعاد لوعيه مرة أخري لكن لن ينكر أنه لازال أسفل تأثيرها
_ فتح الباب ودفعها بقوة للخارج وبصق عليها بتقزز ثم أوصد الباب خلفه ، ووقف يستنشق الصعداء وهو موصد العينين ،
_ ظهرت عنود من خلف أحد الحواجز الموضوعة علي سطح البناية وهي في أعلي مراتب الصدمة المعانقة للذهول مما رآته وسمعته بشحمتي أذنها ، وقفت تستنشق أنفاسها بصعوبة وهي تعيد ما قالته رنا لتوها ، لا يريد عقلها استيعاب أنها تريد شقيق زوجها والأدهي أنها تلامسه دون خوف من عقاب ربها ،
_ سرت رجفة قوية في أوصالها لعدم تقبُلها للأمر بعد ! ، لوهلة شعرت بالندم لأنها صعدت خلفه لكي تهدئ من روعه قليلاً لتتفاجئ بما يحدث معه من قِبل تلك الرنا اللعينة !!
_ هزت رأسها في إنكار لما يحدث وتمتمت بالاستغفار خشية أن تقع في مثل تلك الأمور وكادت أن تهم بالنزول لكنها تفاجئت بقدم أخري تصعد الدرج ، توجهت بخُطي سريعة خلف الحاجز للمرة الثانية ومالت رأسها لتري من هذا الضيف الجديد !
_ سمع طرقات علي بابه ، فـ كز علي أسنانه بغضب ثم فتح الباب بضجر بائن ليتفاجئ بشقيقته هاجر هي من تقف أمامه وليست كما ظن
_ تنهد بضيق ثم سمح لها بالدخول وهتف بإقتضاب :-
_ خير يا هاجر إيه اللي منزلك متأخر كده من بيتك ؟
_ سحبت هاجر نفساً عميق وهي ترتب أفكارها جيداً قبل أن تردف :-
_ انت هتسيب دينا عند أهلها كتير ، مش واجب برده أنك ترجعها بيتها ..
_ أماء ريان رأسه بتفهم عندما علم ما جاءت لأجله ، أبتسم بسخرية وأولاها ظهره وأردف بفتور :-
_ انتي شيفاني راجل بريالة عشان أجري ورا اللي مش عايزة ترجع لي ؟
_ صدمت هاجر من رده وسارت بالقرب منه حتي وقفت أمامه وقالت بدهشة :-
_ وانت لما ترجع مراتك اللي انت السبب أصلا في أنها تسيب البيت تبقي راجل بريالة ؟
_ رمقها ريان بنظرات تحمل من الغضب قدراً وصاح بها مندفعاً :-
_ أنا من يوم ما هي مشيت وانا بتحايل عليها ترجع وهي اللي مش عايزة ، عايزاني أطلق التانية الأول عشان ترجع لي بتتشرط عليا !
_ رددت هاجر بتلقائية عابثة :-
_ ما تطلقها يا ريان ، حياتك واقفة علي طلاقها طلقها وارجع لبيتك وحياتك من تاني !
_ صدم ريان من ردها وهز رأسه بإنكار شديد ولم يتحمل كبح غضبه لأكثر من ذلك وصاح بها هادراً :-
_ تفكيركم مريض زي بعض محدش بيفكر غير في نفسه وبس ، عايزاني أروح اقولها انتي طالق لمجرد انكم انانين ، مفكرتوش البنت دي مصيرها هيكون إيه ؟ لما عمها بنفسه قدملها الإساءة والاذية هيكون مصيرها ايه مع ناس غريبة ؟
_ توجست هاجر خيفة في نفسها من غضبه التي تراه لأول مرة عليها ، فهي تعلمه لكن لم يسبق وأن كان غاضب منها هي ، تراجعت للخلف عدة خطوات وواصل ريان صياحه :-
_ دينا اللي انتي بدافعي عنها دي عمرها ما كانت زوجة بالمعني الصحيح لكلمة زوجة ، أنا بسببها خايف أقع في يوم في حاجة غلط
_ توقف ريان لبرهة وقهقه بسخرية ثم تابع حديثه مضيفاً :-
_ والغلط بيمد لي أيده ويقولي أنا موجود اهو وراحتك معايا وانا بشر مهما قاومت مسيري هقع فيه ووقتها محدش يلوم عليا !
_ توقف ريان عن السير وعاد بنظره الي حيث تقف هاجر وعقد ما بين حاجبيه وهتف مستاءً :-
_ وبعدين انتي بتحاسبيني وكأني عيل صغير قدامك مش اخوكي الكبير اللي ليه احترامه انتي نسيتي نفسك يا هاجر ولا ايه ولا انانيتكم عمت عيونكم وقلوبكم ولا بقيتو تشوفوا الصح ولا تحسوا بيه !
_ أخفضت هاجر رأسها إلي الأرض بإستحياء شديد فما فعلته كان خطأ كبير ، حاولت الاعتذار منه لكنه أبي أن يطيل في ذاك الحديث وأمرها بالمغادرة ،
_ غادرت هاجر وهي تبكي بشدة ، لا تريد أن تتوتر العلاقة بينهما فـ ريان ليس اخ فقط بل هو الأمان بذاته هو من يعولها ويساعدها علي الرغم من زواجها ، لم يكن يوماً كـ غيره معها وماذا فعلت هي لترد جميله لقد خربت كل شئ !
_ خرجت عنود من حيث تقف وهي تشعر بالقلق علي ريان فبعد أن استمعت لما دار بينه وبين شقيقته شعرت بأن الله قد وضعها في تلك المكانة لكي تحميه من شيطان نفسه وتكون له سكن بكل حوائجه ، لكي تملئ الفقر الذي يفتقد إليه من حاجتة لأمراة والأهم من ذلك تكن له حضن دافئ عند حزنه !
_ لم تشعر بقدميها التي قادتها نحوه ، لم تتردد تلك المرة وكأنها عزمت لأن تشدُد أزره , بينما شعر ريان بشئ ما خلفه التفتت ليتفاجئ بها ، سحب نفساً عميق لِيستعد للعاصفة الثالثة التي سيواجهها وقال بفتور وإرهاق :-
_ ها , عايزة ايه انتي كمان ؟
_ تعجب ريان من نظراتها وفشل في تحديد ما يوجد خلفها أهي غاضبة أم تشفق عليه أو ربما تريد قتله لإجبارها علي زواجها منه لا يدري أيهما الصحيح..
_ توقف عقله تماماً عندما عانقته ! ..
_ بل توقفت جميع حواسه عندما ألصقت جسدها بجسده فجاءة وبدون سابق انذار
_ صمت ! لا يوجد غيره قد ترأس الموقف ، وكأنما بات الكون خالياً الا من كليهما !
_ ضمته عنود بكل ما أوتيت من قوة ، تريد مُداوة آلامه بتلك الطريقة التي سبق تجربتها من قِبل عائلتها معها ، كانت تُدَاويَ كل الآلام والجروح فقط لمجرد عناق صادق !
_ لا يدري ما عليه فعله الآن ، حقاً القرار صعب جدا ، أهي بكامل قواها العقلية لما تفعله به ، لابد وأن هناك تفسير لهذا !
_ من الصعب تصديق الأقدار المُفاجئة لنا في الأوقات الاكثر انهياراً لقلوبنا ..
_ أغمض ريان عيناه في محاولة منه علي استيعاب ما يحدث ، وعندما بائت محاولات استيعابه بالفشل قرر أن يترك العنان لقلبه يهدئ بين ذراعيها ، حتماً سيفهم حقيقة الأمر في وقت لاحق ، ولكن الآن عليه فقط الاستمتاع بدقات قلبها العنيفة التي تنبض أمام قلبه !.
_ أبتسمت عنود عندما لم تري منه أي مقاومة ورفض لها علي الرغم من عدم تبادله العناق معها ولكن يكفي انه سكن بين ذراعيها لايهم افتقاره للعناق الصحيح ، علمت أنها كانت صائبة حينما احتوته في هذا الوقت تحديداً وعصمه من الوقوع في الكبائر
_ مر الوقت سريعاً ولم يشعر كلاهما به ، في تلك الأثناء صعد يحيي ليطمئن علي شقيقه عندما أخبرته هاجر بما دار بينهم وتفاجئ بهذا الوضع أمامه ، لا يدري أي شعور قد تسلل الي قلبه ، الغضب ام الغيرة وفي كلتي الحالتين لا يوجد خير فيهما
_ شعر أنه أحق من أخيه بهذا العناق ، لا يدري من أين أتي بهذا التفكير لكنه حتما مزعوج مما يحدث ، لم يريد الهبوط وتركهم علي هذا الوضع والتمتع به لابد أن يفسد تلك اللحظة الحميمية تلك!
_ حمحم بصوت مرتفع لكي يقع علي مسامعهم لكنه تفاجئ بعدما اكتراثهم له وكأنه وجوده من عدم ، أثار جدلا خفيف لكي يجذب انتباهم إليه ،
_ تفاجئ كليهما بصوت يدوي من خلفهما ، ابتعدت عنود ولكن ليست بالسرعة التي كانت ستفعلها أي فتاة غيرها ، بل ابتعدت بتمهل لكي لا تُشعر ريان بفداحة ما فعلته حتي يظهر الأمر طبيعياً أكثر
_ لم يبعد ريان نظره عنها قط ، فمشاعره تخطبت وازدات تعقيداً لكن الأهم أنه لم يعد يشعر بإختناق صدره وكأنه لم يحدث في الأصل ،
_ أنتبه الأخير لصوت يحيي وأبعد نظره بصعوبة عنها ونظر إلي يحيي وأردف بصوت هادئ يعكس غضبه منذ قليل :-
_ في حاجة يا يحيي ؟
_ كز يحيي علي أسنانه عندما رأي هدوء أخيه المبالغ عكس ما أخبرته به هاجر ، إذاً هي المتسببة في هذا الهدوء بعناقها ذاك !.
_ غادرت عنود مسرعة دون أن تتفوه بكلمة ، هبطت الأدراج وهي لا تعلم أكانت صائبة ام أنها تسرعت فيما فعلته ؟! تخبطت كثيراً بين أفكارها وبين حديث هاجر لـ ريان وحثه علي طلاقه منها
_ جلست علي الفراش تعيد ما قالته هاجر عن زوجته وعن ما فعلته هي ، وباتت حائرة بين مشاعرها ولا تدري أيهما الصواب !
_ فشلت في إيجاد رد مقنع لعناقها له ، يا تري ما شعرت به صحيح وانها وُضعت لتملئ فراغه وتنتشله من شر نفسه حقاً ، ام أنها هي من تريد ذلك وأقنعت عقلها به وسبب عناقها له ليس إلا من محض خيالها ..
_ وعندما لم تُدرِك بعد حقيقة الأمر انحطت قواها وانهار عقلها لعدم قُبولها ما فعلته واجهشت في البُكاء ربما عقلها يتوقف عن لوم نفسها قليلا ..
_________________________________________________
_ مالك يا حبيبي شايل الهم ليه كده ؟
_ تسائلت آية بإهتمام بينما أجابها خالد بإستياء :-
_ ريان ياستي هو في غيره ؟
_ عقدت آية ما بين حاجبيها بتعجب وسألته بفضول :-
_ ماله ؟
_ اعتدل خالد في جلسته وسحب نفساً عميقاً وهتف بآسي :-
_ حياته ملخبطة اوي ومش بيرضي يفضفض معايا بأي حاجة تحسيه غامض كده بس مشاكله كبيرة لدرجة أن معتش عارف يخبي ، هو آه بيقاوح ومش راضي يتكلم بس باين عليه اوي وانا مش عارف أعمله حاجة وخايف يكون مش واثق فيا وعشان كده مضايق ..
_ أزفر أنفاسه بضيق ما إن أنهي حديثه ، اقتربت منه آية وجلست بجواره تأزره كما تفعل دائماً وأردفت بحكمة :-
_ أكيد عنده سبب كبير يخليه مش بيحكيلك حاجة ، انتو صحاب من اكتر من ٢٠ سنة يعني علاقتكم قوية وعديتو مع بعض كتير فيه حلو وفي وحش ومعتقدش أنها مسألة ثقة خالص لأنه لو مش بيثق فيك مش هيتحايل عليك كل شوية عشان يعملك توكيل ويأمنك علي أملاكه أكيد في سبب إحنا مش عارفينه يخليه مش عارف يتكلم !
_ تنهد خالد براحة وعاد بظهره الي الخلف وأسند رأسه علي حائط الفراش وهتف مستاءً :-
_ ربنا يحل اللخبطة اللي في حياته دي ويعوضه عن اللي شافه خير !
_ ابتسمت آية بسعادة ثم اقتربت منه وهي تسير علي يديها حتي سارت قربه ووضعت رأسها علي صدره واستكانت بين أضلعه ..
_________________________________________________
_ كنت عايز ايه ؟
_ هتف بها ريان وهو يلعن تلك اللحظة التي قاطعت ذلك العناق الفريد من نوعه ،
_ تنهد يحيي بضيق عارم وأردف بنبرة متجهمة :-
_ ما تطلق البنت دي وترجع مراتك بيتها ولا انت مبسوط بـ اللخبطة دي ؟
_ قطب ريان جبينه بغرابة فلم يسبق لـ يحيي وان تحدث معه بتلك النبرة العنيفة ، سحب نفساً وجلس علي مقعد بجواره ووضع قدم علي الآخري وقال بهدوء :-
_ انتو مالكم كلكم بتدخلوا في حياتي كأني عيل صغير مش عارف فين الصح من الغلط ؟
_ نفخ يحيي بضجر وأجابه بعبوس :-
_ انت فرحان بحتة العيلة اللي اتجوزتها ونسيت حياتك خالص ومش عايزني أتكلم !
_ نهض ريان بعصبية واقترب منه وصاح به هادراً :-
_ يحيي نبرتك تتعدل معايا وده أولاً وثانيا مراتي مسمهاش عيلة وتحترم نفسك وانت بتتكلم عنها!
_ رفع يحيي حاجبيها بدهشة وهتف بذهول :-
_ هي بقت مراتك خلاص مش دي انت اتجوزتها عشان اتحمقت أوي أن منصور قالك وانت مالك بيها ولا فاكرني عبيط ومش فاهم !
_ رفع ريان أحد ذراعيه للأعلي وكاد أن يصفعه علي وجهه لكنه توقف قبل أن يندم علي تصرفه الاهوج وانزل يده وهتف معاتباً :-
_ مصممين انكم تشوفوا اسوء مافيا ، حرام عليكم انتوا بتعملوا فيا ليه كده ؟
_ أنهي ريان جملته ثم هبط الي حيث شقته التي تقطن بها الصغيرة ، فتح الباب وولج الي الداخل باحثاً عن طيفها ، بالتأكيد في غرفتها ، توجه نحو باب الغرفة وكاد أن يفتحه لكنه توقف عندما راودته مشاعر قوية مثلما شعر بها عند عناقها له
لم يتردد أكثر وفتح الباب لتتفاجئ هي به ، هبت واقفة بخوف جلي ، حتماً سيوبخها علي فعلتها ، لكنها حتماً تستحق ما فعلته كان وقح للغاية ،
_ صعد صدرها وهبط بصورة عنيفة بسبب تقرب خطاه منها ، وقف أمامها ولم يُبدي علي ملامحه شئ يدل علي الخير لم تكن ملامحه ساكنة ولا حتي يظهر فيها غضبه ، كانت جامدة لدرجة أنها توجست خيفة منه عن ذي قبل !
_ عض ريان علي شفته السفلى ثم هتف متسائلاً :-
_ ايه اللي انتي عملتيه ده ؟
_ خفق قلب عنود بخوف جلي ، لم تدري كيف تجيبه وكيف تبرر تصرفها بأي وجه ستبرر في الأصل ، ابتلعت ريقها مراراً وأردفت بتلعثم :-
_ أنا ، أنا كن...
_ توقفت من تلقاء نفسها عندما تفاجئت به يعانقها ، اتسعت مقلتيها بدهشة لفعلته ، لم يكن في مخيلتها أنه سيعانقها ، توقعت أنه سيوبخها ويخلق جدالاً معها اخر شئ توقعته أنه يبادلها عناق !
_ وليس بعناق عادي بل كان أشد قسوة كأنه يلومها علي تصرفها بطريقته الرجولية الخاصة ، يضغط علي جسدها بكل قوته لا تدري اهو يريد إخفائها بداخله أم هكذا اعتاد العناق ؟!
_ شعرت بأنه يكاد يفتك بضلوعها بين ذراعيه من قوة ضمه لها ، لم تعترضه هي علي الرغم من شعورها بالألم الشديد الذي اجتاحها , لا تدري لما لا تقاومه وتدفعه بعيدا عنها ، فهو يؤلمها كثيراً لكن قوتها علي المقاومة قد انهارت تماماً بين ذراعيه
_ لا يريد التنفس الآن فلقد كتم أنفاسه وحبسها بداخله لا يريد سوي التمتع بذاك الشعور الذي تغلغل الي قلبه بل وكل انش به ، لكن لم يعد يتحمل لأكثر من ذلك لقد طالبت رئتيه بالهواء ،
_ أبتعد عنها وأسرع الي الخارج مهرولاً وما أن أوصد الباب حتي وقف خلفه يتنفس الصعداء ، اغمض عينيه وهو يحاول جاهداً ضبط أنفاسه المضطربة لكنه يفشل كلما حاول تهدئة روعه ،
_ شعر بالاختناق وكأنه رئتيه رافضة للهواء ، لم يعد يتحمل حتماً سيقع أرضاً ، جذب هاتفه من جيب بنطاله وهاتف صديقه خالد ،
_ وقف قيد الانتظار إجابته ، وها قد أتاه صوته يقول :-
_ انت كويس يابني ؟
_ أماء ريان رأسه بنفي وقال مختصراً :-
_ تعالي قابلني تحت البيت ..
_ أغلق الخط وهبط للاسفل سريعاً ، جذب مقعد خشبي واستلقي عليه بإهمال أمام البناية قيد انتظار وصول صديقه ، بينما لم تُبرح عنود مكانها من فرط الصدمة ، لم تستوعب بعد أنه عانقها ! أهذا عناق مُتبادل وسـ يُمحي مع مرور الوقت أم للقدر رأي آخر !
_ جلست علي الفراش وضمت جسدها بذراعيها ، لازالت لمساته لم تُمحي بعد ، كما لم يتلاشى ألم ضلعوها ناهيك عن نبضات قلبها التي لم تهدئ من حينها
_ أوصدت عينيها وقد تغلغل شعور قوي لأول مرة تشعر به ، لا تستطيع وصفه بدقة لكنه شعور غريب لم يسبق وأن عاشت تلك السعادة والأمان من قبل !
_استلقت بجسدها علي الفراش وسحبت الوسادة وعانقتها بكل قوتها ودعت العنان لجفونها تذهب في النُعاس ،
_ وصل خالد ووقف أمام ريان وسأله بقلق :-
_ مالك يابني حصل حاجة ؟
_ هز ريان رأسه بنفي وأشار إليه بالجلوس ، سحب خالد هو الآخر مقعد وجلس بجوار ريان وأردف بتوجس :-
_ ها في ايه قلقتني
_ التفت اليه ريان وهو لا يعلم ماذا يقول ، سحب نفساً عميق وهتف بنبرة تائهة :-
_ مش عارف بس حسيت أني مخنوق ومفيش حد جه علي بالي غيرك
_ ابتسم خالد وربت علي فخذه وقال بمزاح :-
_ حد يتخنق برده وهو متجوز اتنين !
_ رمقه ريان شزراً بينما واصل خالد حديثه وهو يقهقه عالياً :-
_ أنا مش بحسد أنا بقر بس
_ ظهرت إبتسامة علي ثغر ريان لم تتعدي شفاه وأردف بنبرة أكثر هدوءاً :-
_ عارف الطفل الصغير اللي كان ماشي وفجاءة خد باله إنه تاه من أهله مع أن أصلا هو تايه منهم من فترة بس كان ماشي ومش أخد باله ، أنا زيه بالظبط كنت ماشي في حياتي ومش حاسس بأي نقص عندي بس النهاردة اكتشفت اني ناقصني كتير اوي
_ عقد خالد ما بين حاجبيها وتسائل بفضول :-
_ اشمعنا النهاردة بالذات ؟
_ أبتسم ريان عندما تذكر عناقها له ، سحب نفساً أكثر عُمقاً ليزداد تدفق الادرينالين المندفع في شرايينه ويسبب حرارة قوية في جسده ، تعجب خالد كثيراً من حالته تلك فلم يسبق له وأن رأي ريان بتلك الحالة المبهمة التي تبدو له غامضة بعض الشئ ،
_ ازدادت ابتسامة خالد وقال مازحاً :-
_ انت عملت ايه بالظبط قر واعترف !
_ عاد ريان لوعيه ولازالت ابتسامته تغزو شفتاه ، رفع كتفيه لكي يؤكد صدق نواياه بينما هتف خالد بحرج :-
_ ريان ممكن اقولك حاجة من غير زعل !
_ هز ريان رأسه مستنكراً حديثه الساذج واردف مازحاً :-
_ هتيجي عليك انت ، عايز تقول ايه ؟
_ ابتسم خالد وهو يبحث عن كلماته بعناية لكي لا يُساء فهمه ، تنهد ببطئ وهتف بنبرة رخيمة :-
_ بحسك غامض كده ، يعني أنا مثلا لو عندي مشكلة بحكيلك وأي حاجة بمر فيها في حياتي بتكون اول واحد تعرفها بس انت عمرك ما مأمنتني علي سر أو حكيت لي حتي حكاية تافهة وعبيطة ديما مش عارف وبتقفل اي حوار ممكن يوصل لأسئلة عنك ، ليه انت كده ؟
_ تنهد ريان مستاءً لأنه يعي كل كلمة قالها صديقه ، اعتدل في جلسته وقال بعد تفكير لبرهة :-
_ مش عارف اوصف مشاكلي ، أو بالمعني الأدق يعني مكنتش شايفها مشاكل كانت حاجة عادية بالنسبة لي عشان كده مكنتش بتكلم أو مكنتش بعرف الطريقة اللي اتكلم بيها وحقيقي أنا لسه مش عارف !
_ أماء خالد رأسه بتفهم وغمز إليه بعينه وأردف بنبرة ماكرة :-
_ مش هتقولي انت عملت ايه مشقلب حالك كده ؟
_ هز ريان رأسه في إنكار وقال وهو يحك ذقنه براحتي يده :-
_ معملتش حاجة
_ ضيق خالد عيناه عليه بعدم اقتناع وهتف مازحاً :-
_ يا خلبوص !
_ تعالت ضحكات ريان علي مزحة صديقه وصاح بحدة زائفة :-
_ قوم أمشي يا عم خالد هي ناقصاك
_ نهض خالد وابعد عنه المقعد وهتف محذراً :-
__ عارف لو رنيت عليا بعد كده...
_ توقف خالد عن الحديث حينما بادله ريان نظراته الثاقبة ، وتابع خالد حديثه مضيفاً :-
_ هنزلك برده
_ تعالت أصوات ضحكاتهم ومن ثم هم خالد بالمغادرة بينما نهض ريان ورفع رأسه للأعلي يتفحص البناية بعناية ، أزفر أنفاسه ثم صعد إلي الاعلي ولكن لشقته التي تعود له و لزوجته دينا ،
_ لم يكن بمقدروه أن يواجهها بعدما فعله معها بدون وجه حق ، كيف سيبرر لها فعلته ، فهو في الأساس لا يعلم حقيقيه أمره ، لماذا خلق هذا العناق ؟ وكيف سمح لنفسه بالتقرب منها دون سابق إنذار !! ازدادت أسئلته ولم يجد لها حلاً ، فضل النوم لكي يهرب من اضطرابات عقله لكنه فشل بجدارة أن يغفو صورتها تظهر في ظلمة عيناه كلما أوصد جفنيه ، شعور عناقهم الأول يراوده كلما حاول النعاس ، أزفر أنفاسه بضيق لتلك الحالة المبهمة الذي بدي عليها ولا يدري كيفية الفرار منها ،
_ فقط آراد تكرار العناق مرة أخري لكن لن يستطيع فعلها بعد الآن ، فالأمر أشبه بالمستحيل بعدما هرب مثل الأطفال ولم يواجهها ، تنهد بضجر بائن لأنه كلما حاول الهروب من أفكاره يعود إليها بدون مجهود ..
_ نهض من علي الفراش وولج داخل شرفة منزله الواسعة وجلس علي مقعد خشبي ومدد قدميه أمامه أعلي الطاولة ، جلس لفترة ليست بقصيرة ثم تغلب عليه النعاس بسبب نسمات الهواء العليل الذي يضرب بوجهه وبات في ثُبات عميق ..
_________________________________________________
_ سطعت الشمس وبدأ يوم جديد في حياة الجميع ، استيقظت دينا وعزمت أمرها علي العودة الي منزلها بعد أن طال تفكيرها طيلة الليل ، لن تترك زوجها بحوذة تلك الفتاة مطلقاً ، هي علي علم بسبب زيجته منها ولابد أن تلعب علي هذا الوتر وتنهيه عاجلاً ، لم تنتظر لأكثر حتي يذهب من بين يديها ، إلي الان هو يريدها وهذه علامة جيدة
_ أنهت ارتدائها كما أنهت تمشيط خصلات صغيرتها ودلفت للخارج حيث تقابلت مع والدتها التي تعجبت من مظهرها وتسائلت بقلق :-
_ راحة فين بدري كده يا دينا ؟
_ اجابتها دينا وهي تشد علي يد صغيرتها بتوتر :-
_ هرجع بيتي يا ماما أنا لو قعدت هنا اكتر من كده ممكن اندم بعدين ..
_ ابتسمت والدتها برضا واقتربت منها وربتت علي ذراعها وقالت بحنو امومي :-
_ ربنا يهديكي يا بنت بطني ويصلح حالك ، طمنيني عليكي !
_ ابتسمت دينا بتكلف ثم استأذنت وهمت بالمغادرة ..
_ استيقظت عنود وفركت عينيها وهي تتثائب بكسل ثم نهضت لتؤدي صلاة الفجر اللي لأول مرة تفوتها ، توضأت وشرعت في الصلاة ثم سلمت وانهت صلاتها وجلست تتحدث بين يدي الله قائلا بخشوع :-
_ يارب دلني علي الطريق الصحيح ، أنا لسه مش عارفة أنا مكاني هنا ولا لأ محتاجة إشارة تثبتلي إن ده مكاني وانا هعمل كل جهدي عشان اكون جديرة بيه
_ تنهدت براحة ثم نهضت بعد أن لملمت سجادة صلاتها ووضعتها أعلي الأريكة ، دلفت إلي الخارج تنتظر عودته علي أحر من الجمر ، جلست علي الأريكة المقابلة للباب لكي تنعم برؤية طيفه مع أول ظهور له ،
_ أستيقظ ريان علي ألم شديد ينتشر في أجزاء متفرقة من بدنه أثر غفوه علي مقعده الخشبي ، نهض وحاول تحسين حالة جسده بفرد ذراعيه في الهواء لكن لم تجدي نفعاً ، الألم أقوي من مجرد فرد عضلات جسده ، لم يكترث كثيراً وسار نحو المرحاض لكي يستعد إلي الذهاب إلي عمله ،
_ أغلق باب شقته وكاد أن يهبط للاسفل لكن شئ ما أجبره للنظر إلي الاعلي كأن عناقها يناديه ، بعد تردد عزم علي الصعود إليها فقط للاطمئنان عليها لا اكثر ،
_ قرع الباب حيث ركضت هي مهرولة نحو الباب وقامت بفتحه سريعاً دون أن تعلم هوية الطارق ، وكما تمني قلبها تماماً ، هو بذاته يقف أمامها ، أبتسمت برقة وسمحت له بالولوج إلي الداخل بينما لم تبرح هي مكانها خجلاً منه ، فما حدث أمس لم يُمحي أثره بعد
_ التفت ريان إليها ورمقها بتعجب هتف متسائلاً :-
_ واقفة عندك ليه ؟
_ رفعت عنود كتفيها وهي تعض علي شفتها السُفلي بإرتباك خجل فأثارت انتباه ريان علي شفتاها ، هز رأسه بإنكار لما يفكر به وقد بدي علي ملامحه الارهاق والتعب الجلي ، انتبهت عنود إليه وتسائلت بإهتمام :-
_ حضرتك كويس ؟
_ أماء رأسه بنفي وهتف بتهكم :-
_ إرهاق مش أكتر ..
_ أبتسمت بتكلف ثم سارت نحوه وجلست علي الأريكة في انتظار حدوث شئ ما لكي تكون هي تلك الإشارة التي طالبت بها الله ،
_ جلس ريان هو الآخر وقد لاحظت عنود صعوبة جلوسه وتحركه من وضع لآخر ، ابتلعت ريقها وهتفت بإهتمام اكبر :-
_ شكلك مرهق جدا
_ أخرج ريان تنهيدة بطيئة تحمل بين طياتها التعب الشديد وأردف وهو يطقطق رأسه علي الجانبين :-
_ نمت علي كرسي طول الليل وجسمي واجعني شوية ..
_ نهضت عنود سريعاً وكأن بيدها الحل وصاحت بعفوية :-
_ تعالي معايا
_ عقد ريان حاجبيه بغرابة لأمرها وتسائل بتعجب :-
_ هنروح فين ؟
_ أجابته بتلقائية مبالغة :-
_ بابا الله يرحمه كان ديما بيحصل له كده بسبب اوقات شغله المتأخرة وكانت والدتي بتعمله مساج كنت بشوفه بيرتاح بعد كده !
_ مازال هناك المزيد ليكتشفه بها كل يوم ، تزداد جرأة معه أو ربما هكذا نمط حياتهم في بلادهم الأجنبية لا يدري لكنه يريد وبشدة تجربة مثل هذه الأشياء ، لا يدري اهو يريد أن يخوض ذلك لكونها هي ام يريد حقاً الخلاص من ألم جسده ؟!
_ ليس بـ حين يسمح له بالتفكير فقط يريد أن يشعر بلماستها عليه !!
_ نهض وولج داخل الغرفة دون أن يلقي بكلمة تدل علي موافقته أو حتي اعتراضه لكن سيره ودخوله الي الغرفة بمثابة موافقة حتماً ، سارت خلفه وتفاجئت به عاري الصدر ، لوهلة شعرت بالندم أنها طالبته بشئ كهذا فهي لا تستطيع النظر إليه علي تلك الحالة ، فكيف لها إذاً أن تلمس جسده ، الوضع في غاية الصعوبة لم تكن تتوقعه كذلك ، ابتلعت ريقها مراراً وقد تملكها التوتر والخجل الشديد بينما نظر إليها ريان وهتف متسائلاً :-
_ وقفتي عندك ليه ؟
_ سحقاً لهذا الوضع ! سارت نحوه بعدما لعنت غبائها الذي أوقعها في ذلك المأزق الذي لا مفر منه ، اقتربت أكثر فأكثر حتي وقفت تنظر إلي ظهره العاري وهو مسطح علي الفراش ،
_ سحبت نفساً عميق ثم جذبت أحد الزيوت الطبية التي ترافقها دوماً ووضعت منه قدراً علي يدها ومن ثم وضعت يدها برفق علي ظهره وشعرت برجفة قوية منه أسفل يدها ، لم يتحمل ريان اللمسة الأولي له فكيف سيواصل لماستها الأخري ؟
_ حاول قدر المستطاع أن يتماسك أسفل يديها ، بينما بدأت عنود تمسد علي ظهره بخفة ونعومة شديدة مع وضع قدراً من الزيت من حين لآخر ،
_ كان الخجل سيدهم إلي أن اعتاد ريان لمساتها الرقيقة التي آذابت عقله كما انحطت قوة جسده أسفل يديها ، بينما ظلت عنود تُدلك بنعومة علي ظهره وقد تبخر تماماً خجلها ربما لأنه لا ينظر إليها بسودتاه !..
_ أنهت عنود ما تفعله وأردفت بخجل :-
_ أنا خلصت
_ سحب ريان نفساً عميق يدل علي شعوره الكبير بالراحة وشكر ألم جسده لأنه وضعه في هذا الوضع وحظي بنعومة يديها عليه ، التفت إليها وهو لازال مُسطح علي الفراش ، رمقته عنود متعجبة من أمره لكنها لم تتمكن من سؤاله من فرط خجلها ،
_ ابتلع ريان ريقه وقال وهو يبتسم بمكر :-
_ كملي !
_ اتسعت حدقتي عنود بذهول وواصل ريان حديثه قائلا بخبث :-
_ هو المساج للضهر بس ؟
_ بربك اعترف أنك تمازحني ! كانت ترمقه بنندقيتاها قيد انتظار نهوضه لكنه لم يبرح مكانه ، أوصدت عينيها وهي تدعي بأن يتركها وشأنها فهي ليست بتلك الجرأة التي يتوقعها ، لن تستطيع إعادة ما فعلته وهو ينظر إليها حتماً ستقع مغشي عليها بسبب نظراته التي لا ترأف بعذرية مشاعرها ..
_ مد ريان يده وأمسك بيدها ووضعها علي صدره قائلاً بنبرة جدية :-
_ يلا كملي اللي بدأتيه ..
_ فتحت عنود عينيها وحاولت ألا تنظر نحوه لكنه مازال مثبت عينيه عليها كأنه يتعمد فعل ذلك ، توردت وجنتيها بالحُمرة الصريحة ، وسحبت يدها من بين قبضتيه وبدأت في تدليك صدره لم يكن أمامها خيار آخر ، فقط تريده أن يبعد بنظره عنها لكي تنهي ما بدأته سريعاً ،
_ حاول ريان مراراً اخفاء ابتسامته لكنه فشل ، خجلها وارتباكها المتسبب هو به يعجبه كثيراً ، لكن يكفيه هذا القدر الآن لن يطيل في حماقته معها ، حسناً سـيوصد عينيه ويترك لها المساحة الكافية في إنهاء ما بدأته علي أكمل وجه ، بينما انجرف هو مع لمساتها الناعمة عليه
_ تنفست الصعداء ما إن أوصد عينيه ومارست ما تفعله بجدارة ، كانت تشعر بنبضاته كلما اقتربت من قلبه ، أيعقل هذا تأثيرها عليه ؟!
_ أنهت ما تفعله سريعاً لتتفاجئ به يرمقها بنظراته التي اخترقتها ثم قال بعدما جذب يدها ووضعها علي عنقه :-
_ هنا ، لسه في وجع هنا !
_ خفق قلبها و تعالت أنفاسها بشدة حتماً يريد إنهائها بتصرفاته تلك ..
الفصل الرابع عشر ..
_________________________________________________
_ أوصد ريان عيناه لبرهة ثم فتحها ببطئ بعدما استغفر ربه وعاد لوعيه مرة أخري لكن لن ينكر أنه لازال أسفل تأثيرها
_ فتح الباب ودفعها بقوة للخارج وبصق عليها بتقزز ثم أوصد الباب خلفه ، ووقف يستنشق الصعداء وهو موصد العينين ،
_ ظهرت عنود من خلف أحد الحواجز الموضوعة علي سطح البناية وهي في أعلي مراتب الصدمة المعانقة للذهول مما رآته وسمعته بشحمتي أذنها ، وقفت تستنشق أنفاسها بصعوبة وهي تعيد ما قالته رنا لتوها ، لا يريد عقلها استيعاب أنها تريد شقيق زوجها والأدهي أنها تلامسه دون خوف من عقاب ربها ،
_ سرت رجفة قوية في أوصالها لعدم تقبُلها للأمر بعد ! ، لوهلة شعرت بالندم لأنها صعدت خلفه لكي تهدئ من روعه قليلاً لتتفاجئ بما يحدث معه من قِبل تلك الرنا اللعينة !!
_ هزت رأسها في إنكار لما يحدث وتمتمت بالاستغفار خشية أن تقع في مثل تلك الأمور وكادت أن تهم بالنزول لكنها تفاجئت بقدم أخري تصعد الدرج ، توجهت بخُطي سريعة خلف الحاجز للمرة الثانية ومالت رأسها لتري من هذا الضيف الجديد !
_ سمع طرقات علي بابه ، فـ كز علي أسنانه بغضب ثم فتح الباب بضجر بائن ليتفاجئ بشقيقته هاجر هي من تقف أمامه وليست كما ظن
_ تنهد بضيق ثم سمح لها بالدخول وهتف بإقتضاب :-
_ خير يا هاجر إيه اللي منزلك متأخر كده من بيتك ؟
_ سحبت هاجر نفساً عميق وهي ترتب أفكارها جيداً قبل أن تردف :-
_ انت هتسيب دينا عند أهلها كتير ، مش واجب برده أنك ترجعها بيتها ..
_ أماء ريان رأسه بتفهم عندما علم ما جاءت لأجله ، أبتسم بسخرية وأولاها ظهره وأردف بفتور :-
_ انتي شيفاني راجل بريالة عشان أجري ورا اللي مش عايزة ترجع لي ؟
_ صدمت هاجر من رده وسارت بالقرب منه حتي وقفت أمامه وقالت بدهشة :-
_ وانت لما ترجع مراتك اللي انت السبب أصلا في أنها تسيب البيت تبقي راجل بريالة ؟
_ رمقها ريان بنظرات تحمل من الغضب قدراً وصاح بها مندفعاً :-
_ أنا من يوم ما هي مشيت وانا بتحايل عليها ترجع وهي اللي مش عايزة ، عايزاني أطلق التانية الأول عشان ترجع لي بتتشرط عليا !
_ رددت هاجر بتلقائية عابثة :-
_ ما تطلقها يا ريان ، حياتك واقفة علي طلاقها طلقها وارجع لبيتك وحياتك من تاني !
_ صدم ريان من ردها وهز رأسه بإنكار شديد ولم يتحمل كبح غضبه لأكثر من ذلك وصاح بها هادراً :-
_ تفكيركم مريض زي بعض محدش بيفكر غير في نفسه وبس ، عايزاني أروح اقولها انتي طالق لمجرد انكم انانين ، مفكرتوش البنت دي مصيرها هيكون إيه ؟ لما عمها بنفسه قدملها الإساءة والاذية هيكون مصيرها ايه مع ناس غريبة ؟
_ توجست هاجر خيفة في نفسها من غضبه التي تراه لأول مرة عليها ، فهي تعلمه لكن لم يسبق وأن كان غاضب منها هي ، تراجعت للخلف عدة خطوات وواصل ريان صياحه :-
_ دينا اللي انتي بدافعي عنها دي عمرها ما كانت زوجة بالمعني الصحيح لكلمة زوجة ، أنا بسببها خايف أقع في يوم في حاجة غلط
_ توقف ريان لبرهة وقهقه بسخرية ثم تابع حديثه مضيفاً :-
_ والغلط بيمد لي أيده ويقولي أنا موجود اهو وراحتك معايا وانا بشر مهما قاومت مسيري هقع فيه ووقتها محدش يلوم عليا !
_ توقف ريان عن السير وعاد بنظره الي حيث تقف هاجر وعقد ما بين حاجبيه وهتف مستاءً :-
_ وبعدين انتي بتحاسبيني وكأني عيل صغير قدامك مش اخوكي الكبير اللي ليه احترامه انتي نسيتي نفسك يا هاجر ولا ايه ولا انانيتكم عمت عيونكم وقلوبكم ولا بقيتو تشوفوا الصح ولا تحسوا بيه !
_ أخفضت هاجر رأسها إلي الأرض بإستحياء شديد فما فعلته كان خطأ كبير ، حاولت الاعتذار منه لكنه أبي أن يطيل في ذاك الحديث وأمرها بالمغادرة ،
_ غادرت هاجر وهي تبكي بشدة ، لا تريد أن تتوتر العلاقة بينهما فـ ريان ليس اخ فقط بل هو الأمان بذاته هو من يعولها ويساعدها علي الرغم من زواجها ، لم يكن يوماً كـ غيره معها وماذا فعلت هي لترد جميله لقد خربت كل شئ !
_ خرجت عنود من حيث تقف وهي تشعر بالقلق علي ريان فبعد أن استمعت لما دار بينه وبين شقيقته شعرت بأن الله قد وضعها في تلك المكانة لكي تحميه من شيطان نفسه وتكون له سكن بكل حوائجه ، لكي تملئ الفقر الذي يفتقد إليه من حاجتة لأمراة والأهم من ذلك تكن له حضن دافئ عند حزنه !
_ لم تشعر بقدميها التي قادتها نحوه ، لم تتردد تلك المرة وكأنها عزمت لأن تشدُد أزره , بينما شعر ريان بشئ ما خلفه التفتت ليتفاجئ بها ، سحب نفساً عميق لِيستعد للعاصفة الثالثة التي سيواجهها وقال بفتور وإرهاق :-
_ ها , عايزة ايه انتي كمان ؟
_ تعجب ريان من نظراتها وفشل في تحديد ما يوجد خلفها أهي غاضبة أم تشفق عليه أو ربما تريد قتله لإجبارها علي زواجها منه لا يدري أيهما الصحيح..
_ توقف عقله تماماً عندما عانقته ! ..
_ بل توقفت جميع حواسه عندما ألصقت جسدها بجسده فجاءة وبدون سابق انذار
_ صمت ! لا يوجد غيره قد ترأس الموقف ، وكأنما بات الكون خالياً الا من كليهما !
_ ضمته عنود بكل ما أوتيت من قوة ، تريد مُداوة آلامه بتلك الطريقة التي سبق تجربتها من قِبل عائلتها معها ، كانت تُدَاويَ كل الآلام والجروح فقط لمجرد عناق صادق !
_ لا يدري ما عليه فعله الآن ، حقاً القرار صعب جدا ، أهي بكامل قواها العقلية لما تفعله به ، لابد وأن هناك تفسير لهذا !
_ من الصعب تصديق الأقدار المُفاجئة لنا في الأوقات الاكثر انهياراً لقلوبنا ..
_ أغمض ريان عيناه في محاولة منه علي استيعاب ما يحدث ، وعندما بائت محاولات استيعابه بالفشل قرر أن يترك العنان لقلبه يهدئ بين ذراعيها ، حتماً سيفهم حقيقة الأمر في وقت لاحق ، ولكن الآن عليه فقط الاستمتاع بدقات قلبها العنيفة التي تنبض أمام قلبه !.
_ أبتسمت عنود عندما لم تري منه أي مقاومة ورفض لها علي الرغم من عدم تبادله العناق معها ولكن يكفي انه سكن بين ذراعيها لايهم افتقاره للعناق الصحيح ، علمت أنها كانت صائبة حينما احتوته في هذا الوقت تحديداً وعصمه من الوقوع في الكبائر
_ مر الوقت سريعاً ولم يشعر كلاهما به ، في تلك الأثناء صعد يحيي ليطمئن علي شقيقه عندما أخبرته هاجر بما دار بينهم وتفاجئ بهذا الوضع أمامه ، لا يدري أي شعور قد تسلل الي قلبه ، الغضب ام الغيرة وفي كلتي الحالتين لا يوجد خير فيهما
_ شعر أنه أحق من أخيه بهذا العناق ، لا يدري من أين أتي بهذا التفكير لكنه حتما مزعوج مما يحدث ، لم يريد الهبوط وتركهم علي هذا الوضع والتمتع به لابد أن يفسد تلك اللحظة الحميمية تلك!
_ حمحم بصوت مرتفع لكي يقع علي مسامعهم لكنه تفاجئ بعدما اكتراثهم له وكأنه وجوده من عدم ، أثار جدلا خفيف لكي يجذب انتباهم إليه ،
_ تفاجئ كليهما بصوت يدوي من خلفهما ، ابتعدت عنود ولكن ليست بالسرعة التي كانت ستفعلها أي فتاة غيرها ، بل ابتعدت بتمهل لكي لا تُشعر ريان بفداحة ما فعلته حتي يظهر الأمر طبيعياً أكثر
_ لم يبعد ريان نظره عنها قط ، فمشاعره تخطبت وازدات تعقيداً لكن الأهم أنه لم يعد يشعر بإختناق صدره وكأنه لم يحدث في الأصل ،
_ أنتبه الأخير لصوت يحيي وأبعد نظره بصعوبة عنها ونظر إلي يحيي وأردف بصوت هادئ يعكس غضبه منذ قليل :-
_ في حاجة يا يحيي ؟
_ كز يحيي علي أسنانه عندما رأي هدوء أخيه المبالغ عكس ما أخبرته به هاجر ، إذاً هي المتسببة في هذا الهدوء بعناقها ذاك !.
_ غادرت عنود مسرعة دون أن تتفوه بكلمة ، هبطت الأدراج وهي لا تعلم أكانت صائبة ام أنها تسرعت فيما فعلته ؟! تخبطت كثيراً بين أفكارها وبين حديث هاجر لـ ريان وحثه علي طلاقه منها
_ جلست علي الفراش تعيد ما قالته هاجر عن زوجته وعن ما فعلته هي ، وباتت حائرة بين مشاعرها ولا تدري أيهما الصواب !
_ فشلت في إيجاد رد مقنع لعناقها له ، يا تري ما شعرت به صحيح وانها وُضعت لتملئ فراغه وتنتشله من شر نفسه حقاً ، ام أنها هي من تريد ذلك وأقنعت عقلها به وسبب عناقها له ليس إلا من محض خيالها ..
_ وعندما لم تُدرِك بعد حقيقة الأمر انحطت قواها وانهار عقلها لعدم قُبولها ما فعلته واجهشت في البُكاء ربما عقلها يتوقف عن لوم نفسها قليلا ..
_________________________________________________
_ مالك يا حبيبي شايل الهم ليه كده ؟
_ تسائلت آية بإهتمام بينما أجابها خالد بإستياء :-
_ ريان ياستي هو في غيره ؟
_ عقدت آية ما بين حاجبيها بتعجب وسألته بفضول :-
_ ماله ؟
_ اعتدل خالد في جلسته وسحب نفساً عميقاً وهتف بآسي :-
_ حياته ملخبطة اوي ومش بيرضي يفضفض معايا بأي حاجة تحسيه غامض كده بس مشاكله كبيرة لدرجة أن معتش عارف يخبي ، هو آه بيقاوح ومش راضي يتكلم بس باين عليه اوي وانا مش عارف أعمله حاجة وخايف يكون مش واثق فيا وعشان كده مضايق ..
_ أزفر أنفاسه بضيق ما إن أنهي حديثه ، اقتربت منه آية وجلست بجواره تأزره كما تفعل دائماً وأردفت بحكمة :-
_ أكيد عنده سبب كبير يخليه مش بيحكيلك حاجة ، انتو صحاب من اكتر من ٢٠ سنة يعني علاقتكم قوية وعديتو مع بعض كتير فيه حلو وفي وحش ومعتقدش أنها مسألة ثقة خالص لأنه لو مش بيثق فيك مش هيتحايل عليك كل شوية عشان يعملك توكيل ويأمنك علي أملاكه أكيد في سبب إحنا مش عارفينه يخليه مش عارف يتكلم !
_ تنهد خالد براحة وعاد بظهره الي الخلف وأسند رأسه علي حائط الفراش وهتف مستاءً :-
_ ربنا يحل اللخبطة اللي في حياته دي ويعوضه عن اللي شافه خير !
_ ابتسمت آية بسعادة ثم اقتربت منه وهي تسير علي يديها حتي سارت قربه ووضعت رأسها علي صدره واستكانت بين أضلعه ..
_________________________________________________
_ كنت عايز ايه ؟
_ هتف بها ريان وهو يلعن تلك اللحظة التي قاطعت ذلك العناق الفريد من نوعه ،
_ تنهد يحيي بضيق عارم وأردف بنبرة متجهمة :-
_ ما تطلق البنت دي وترجع مراتك بيتها ولا انت مبسوط بـ اللخبطة دي ؟
_ قطب ريان جبينه بغرابة فلم يسبق لـ يحيي وان تحدث معه بتلك النبرة العنيفة ، سحب نفساً وجلس علي مقعد بجواره ووضع قدم علي الآخري وقال بهدوء :-
_ انتو مالكم كلكم بتدخلوا في حياتي كأني عيل صغير مش عارف فين الصح من الغلط ؟
_ نفخ يحيي بضجر وأجابه بعبوس :-
_ انت فرحان بحتة العيلة اللي اتجوزتها ونسيت حياتك خالص ومش عايزني أتكلم !
_ نهض ريان بعصبية واقترب منه وصاح به هادراً :-
_ يحيي نبرتك تتعدل معايا وده أولاً وثانيا مراتي مسمهاش عيلة وتحترم نفسك وانت بتتكلم عنها!
_ رفع يحيي حاجبيها بدهشة وهتف بذهول :-
_ هي بقت مراتك خلاص مش دي انت اتجوزتها عشان اتحمقت أوي أن منصور قالك وانت مالك بيها ولا فاكرني عبيط ومش فاهم !
_ رفع ريان أحد ذراعيه للأعلي وكاد أن يصفعه علي وجهه لكنه توقف قبل أن يندم علي تصرفه الاهوج وانزل يده وهتف معاتباً :-
_ مصممين انكم تشوفوا اسوء مافيا ، حرام عليكم انتوا بتعملوا فيا ليه كده ؟
_ أنهي ريان جملته ثم هبط الي حيث شقته التي تقطن بها الصغيرة ، فتح الباب وولج الي الداخل باحثاً عن طيفها ، بالتأكيد في غرفتها ، توجه نحو باب الغرفة وكاد أن يفتحه لكنه توقف عندما راودته مشاعر قوية مثلما شعر بها عند عناقها له
لم يتردد أكثر وفتح الباب لتتفاجئ هي به ، هبت واقفة بخوف جلي ، حتماً سيوبخها علي فعلتها ، لكنها حتماً تستحق ما فعلته كان وقح للغاية ،
_ صعد صدرها وهبط بصورة عنيفة بسبب تقرب خطاه منها ، وقف أمامها ولم يُبدي علي ملامحه شئ يدل علي الخير لم تكن ملامحه ساكنة ولا حتي يظهر فيها غضبه ، كانت جامدة لدرجة أنها توجست خيفة منه عن ذي قبل !
_ عض ريان علي شفته السفلى ثم هتف متسائلاً :-
_ ايه اللي انتي عملتيه ده ؟
_ خفق قلب عنود بخوف جلي ، لم تدري كيف تجيبه وكيف تبرر تصرفها بأي وجه ستبرر في الأصل ، ابتلعت ريقها مراراً وأردفت بتلعثم :-
_ أنا ، أنا كن...
_ توقفت من تلقاء نفسها عندما تفاجئت به يعانقها ، اتسعت مقلتيها بدهشة لفعلته ، لم يكن في مخيلتها أنه سيعانقها ، توقعت أنه سيوبخها ويخلق جدالاً معها اخر شئ توقعته أنه يبادلها عناق !
_ وليس بعناق عادي بل كان أشد قسوة كأنه يلومها علي تصرفها بطريقته الرجولية الخاصة ، يضغط علي جسدها بكل قوته لا تدري اهو يريد إخفائها بداخله أم هكذا اعتاد العناق ؟!
_ شعرت بأنه يكاد يفتك بضلوعها بين ذراعيه من قوة ضمه لها ، لم تعترضه هي علي الرغم من شعورها بالألم الشديد الذي اجتاحها , لا تدري لما لا تقاومه وتدفعه بعيدا عنها ، فهو يؤلمها كثيراً لكن قوتها علي المقاومة قد انهارت تماماً بين ذراعيه
_ لا يريد التنفس الآن فلقد كتم أنفاسه وحبسها بداخله لا يريد سوي التمتع بذاك الشعور الذي تغلغل الي قلبه بل وكل انش به ، لكن لم يعد يتحمل لأكثر من ذلك لقد طالبت رئتيه بالهواء ،
_ أبتعد عنها وأسرع الي الخارج مهرولاً وما أن أوصد الباب حتي وقف خلفه يتنفس الصعداء ، اغمض عينيه وهو يحاول جاهداً ضبط أنفاسه المضطربة لكنه يفشل كلما حاول تهدئة روعه ،
_ شعر بالاختناق وكأنه رئتيه رافضة للهواء ، لم يعد يتحمل حتماً سيقع أرضاً ، جذب هاتفه من جيب بنطاله وهاتف صديقه خالد ،
_ وقف قيد الانتظار إجابته ، وها قد أتاه صوته يقول :-
_ انت كويس يابني ؟
_ أماء ريان رأسه بنفي وقال مختصراً :-
_ تعالي قابلني تحت البيت ..
_ أغلق الخط وهبط للاسفل سريعاً ، جذب مقعد خشبي واستلقي عليه بإهمال أمام البناية قيد انتظار وصول صديقه ، بينما لم تُبرح عنود مكانها من فرط الصدمة ، لم تستوعب بعد أنه عانقها ! أهذا عناق مُتبادل وسـ يُمحي مع مرور الوقت أم للقدر رأي آخر !
_ جلست علي الفراش وضمت جسدها بذراعيها ، لازالت لمساته لم تُمحي بعد ، كما لم يتلاشى ألم ضلعوها ناهيك عن نبضات قلبها التي لم تهدئ من حينها
_ أوصدت عينيها وقد تغلغل شعور قوي لأول مرة تشعر به ، لا تستطيع وصفه بدقة لكنه شعور غريب لم يسبق وأن عاشت تلك السعادة والأمان من قبل !
_استلقت بجسدها علي الفراش وسحبت الوسادة وعانقتها بكل قوتها ودعت العنان لجفونها تذهب في النُعاس ،
_ وصل خالد ووقف أمام ريان وسأله بقلق :-
_ مالك يابني حصل حاجة ؟
_ هز ريان رأسه بنفي وأشار إليه بالجلوس ، سحب خالد هو الآخر مقعد وجلس بجوار ريان وأردف بتوجس :-
_ ها في ايه قلقتني
_ التفت اليه ريان وهو لا يعلم ماذا يقول ، سحب نفساً عميق وهتف بنبرة تائهة :-
_ مش عارف بس حسيت أني مخنوق ومفيش حد جه علي بالي غيرك
_ ابتسم خالد وربت علي فخذه وقال بمزاح :-
_ حد يتخنق برده وهو متجوز اتنين !
_ رمقه ريان شزراً بينما واصل خالد حديثه وهو يقهقه عالياً :-
_ أنا مش بحسد أنا بقر بس
_ ظهرت إبتسامة علي ثغر ريان لم تتعدي شفاه وأردف بنبرة أكثر هدوءاً :-
_ عارف الطفل الصغير اللي كان ماشي وفجاءة خد باله إنه تاه من أهله مع أن أصلا هو تايه منهم من فترة بس كان ماشي ومش أخد باله ، أنا زيه بالظبط كنت ماشي في حياتي ومش حاسس بأي نقص عندي بس النهاردة اكتشفت اني ناقصني كتير اوي
_ عقد خالد ما بين حاجبيها وتسائل بفضول :-
_ اشمعنا النهاردة بالذات ؟
_ أبتسم ريان عندما تذكر عناقها له ، سحب نفساً أكثر عُمقاً ليزداد تدفق الادرينالين المندفع في شرايينه ويسبب حرارة قوية في جسده ، تعجب خالد كثيراً من حالته تلك فلم يسبق له وأن رأي ريان بتلك الحالة المبهمة التي تبدو له غامضة بعض الشئ ،
_ ازدادت ابتسامة خالد وقال مازحاً :-
_ انت عملت ايه بالظبط قر واعترف !
_ عاد ريان لوعيه ولازالت ابتسامته تغزو شفتاه ، رفع كتفيه لكي يؤكد صدق نواياه بينما هتف خالد بحرج :-
_ ريان ممكن اقولك حاجة من غير زعل !
_ هز ريان رأسه مستنكراً حديثه الساذج واردف مازحاً :-
_ هتيجي عليك انت ، عايز تقول ايه ؟
_ ابتسم خالد وهو يبحث عن كلماته بعناية لكي لا يُساء فهمه ، تنهد ببطئ وهتف بنبرة رخيمة :-
_ بحسك غامض كده ، يعني أنا مثلا لو عندي مشكلة بحكيلك وأي حاجة بمر فيها في حياتي بتكون اول واحد تعرفها بس انت عمرك ما مأمنتني علي سر أو حكيت لي حتي حكاية تافهة وعبيطة ديما مش عارف وبتقفل اي حوار ممكن يوصل لأسئلة عنك ، ليه انت كده ؟
_ تنهد ريان مستاءً لأنه يعي كل كلمة قالها صديقه ، اعتدل في جلسته وقال بعد تفكير لبرهة :-
_ مش عارف اوصف مشاكلي ، أو بالمعني الأدق يعني مكنتش شايفها مشاكل كانت حاجة عادية بالنسبة لي عشان كده مكنتش بتكلم أو مكنتش بعرف الطريقة اللي اتكلم بيها وحقيقي أنا لسه مش عارف !
_ أماء خالد رأسه بتفهم وغمز إليه بعينه وأردف بنبرة ماكرة :-
_ مش هتقولي انت عملت ايه مشقلب حالك كده ؟
_ هز ريان رأسه في إنكار وقال وهو يحك ذقنه براحتي يده :-
_ معملتش حاجة
_ ضيق خالد عيناه عليه بعدم اقتناع وهتف مازحاً :-
_ يا خلبوص !
_ تعالت ضحكات ريان علي مزحة صديقه وصاح بحدة زائفة :-
_ قوم أمشي يا عم خالد هي ناقصاك
_ نهض خالد وابعد عنه المقعد وهتف محذراً :-
__ عارف لو رنيت عليا بعد كده...
_ توقف خالد عن الحديث حينما بادله ريان نظراته الثاقبة ، وتابع خالد حديثه مضيفاً :-
_ هنزلك برده
_ تعالت أصوات ضحكاتهم ومن ثم هم خالد بالمغادرة بينما نهض ريان ورفع رأسه للأعلي يتفحص البناية بعناية ، أزفر أنفاسه ثم صعد إلي الاعلي ولكن لشقته التي تعود له و لزوجته دينا ،
_ لم يكن بمقدروه أن يواجهها بعدما فعله معها بدون وجه حق ، كيف سيبرر لها فعلته ، فهو في الأساس لا يعلم حقيقيه أمره ، لماذا خلق هذا العناق ؟ وكيف سمح لنفسه بالتقرب منها دون سابق إنذار !! ازدادت أسئلته ولم يجد لها حلاً ، فضل النوم لكي يهرب من اضطرابات عقله لكنه فشل بجدارة أن يغفو صورتها تظهر في ظلمة عيناه كلما أوصد جفنيه ، شعور عناقهم الأول يراوده كلما حاول النعاس ، أزفر أنفاسه بضيق لتلك الحالة المبهمة الذي بدي عليها ولا يدري كيفية الفرار منها ،
_ فقط آراد تكرار العناق مرة أخري لكن لن يستطيع فعلها بعد الآن ، فالأمر أشبه بالمستحيل بعدما هرب مثل الأطفال ولم يواجهها ، تنهد بضجر بائن لأنه كلما حاول الهروب من أفكاره يعود إليها بدون مجهود ..
_ نهض من علي الفراش وولج داخل شرفة منزله الواسعة وجلس علي مقعد خشبي ومدد قدميه أمامه أعلي الطاولة ، جلس لفترة ليست بقصيرة ثم تغلب عليه النعاس بسبب نسمات الهواء العليل الذي يضرب بوجهه وبات في ثُبات عميق ..
_________________________________________________
_ سطعت الشمس وبدأ يوم جديد في حياة الجميع ، استيقظت دينا وعزمت أمرها علي العودة الي منزلها بعد أن طال تفكيرها طيلة الليل ، لن تترك زوجها بحوذة تلك الفتاة مطلقاً ، هي علي علم بسبب زيجته منها ولابد أن تلعب علي هذا الوتر وتنهيه عاجلاً ، لم تنتظر لأكثر حتي يذهب من بين يديها ، إلي الان هو يريدها وهذه علامة جيدة
_ أنهت ارتدائها كما أنهت تمشيط خصلات صغيرتها ودلفت للخارج حيث تقابلت مع والدتها التي تعجبت من مظهرها وتسائلت بقلق :-
_ راحة فين بدري كده يا دينا ؟
_ اجابتها دينا وهي تشد علي يد صغيرتها بتوتر :-
_ هرجع بيتي يا ماما أنا لو قعدت هنا اكتر من كده ممكن اندم بعدين ..
_ ابتسمت والدتها برضا واقتربت منها وربتت علي ذراعها وقالت بحنو امومي :-
_ ربنا يهديكي يا بنت بطني ويصلح حالك ، طمنيني عليكي !
_ ابتسمت دينا بتكلف ثم استأذنت وهمت بالمغادرة ..
_ استيقظت عنود وفركت عينيها وهي تتثائب بكسل ثم نهضت لتؤدي صلاة الفجر اللي لأول مرة تفوتها ، توضأت وشرعت في الصلاة ثم سلمت وانهت صلاتها وجلست تتحدث بين يدي الله قائلا بخشوع :-
_ يارب دلني علي الطريق الصحيح ، أنا لسه مش عارفة أنا مكاني هنا ولا لأ محتاجة إشارة تثبتلي إن ده مكاني وانا هعمل كل جهدي عشان اكون جديرة بيه
_ تنهدت براحة ثم نهضت بعد أن لملمت سجادة صلاتها ووضعتها أعلي الأريكة ، دلفت إلي الخارج تنتظر عودته علي أحر من الجمر ، جلست علي الأريكة المقابلة للباب لكي تنعم برؤية طيفه مع أول ظهور له ،
_ أستيقظ ريان علي ألم شديد ينتشر في أجزاء متفرقة من بدنه أثر غفوه علي مقعده الخشبي ، نهض وحاول تحسين حالة جسده بفرد ذراعيه في الهواء لكن لم تجدي نفعاً ، الألم أقوي من مجرد فرد عضلات جسده ، لم يكترث كثيراً وسار نحو المرحاض لكي يستعد إلي الذهاب إلي عمله ،
_ أغلق باب شقته وكاد أن يهبط للاسفل لكن شئ ما أجبره للنظر إلي الاعلي كأن عناقها يناديه ، بعد تردد عزم علي الصعود إليها فقط للاطمئنان عليها لا اكثر ،
_ قرع الباب حيث ركضت هي مهرولة نحو الباب وقامت بفتحه سريعاً دون أن تعلم هوية الطارق ، وكما تمني قلبها تماماً ، هو بذاته يقف أمامها ، أبتسمت برقة وسمحت له بالولوج إلي الداخل بينما لم تبرح هي مكانها خجلاً منه ، فما حدث أمس لم يُمحي أثره بعد
_ التفت ريان إليها ورمقها بتعجب هتف متسائلاً :-
_ واقفة عندك ليه ؟
_ رفعت عنود كتفيها وهي تعض علي شفتها السُفلي بإرتباك خجل فأثارت انتباه ريان علي شفتاها ، هز رأسه بإنكار لما يفكر به وقد بدي علي ملامحه الارهاق والتعب الجلي ، انتبهت عنود إليه وتسائلت بإهتمام :-
_ حضرتك كويس ؟
_ أماء رأسه بنفي وهتف بتهكم :-
_ إرهاق مش أكتر ..
_ أبتسمت بتكلف ثم سارت نحوه وجلست علي الأريكة في انتظار حدوث شئ ما لكي تكون هي تلك الإشارة التي طالبت بها الله ،
_ جلس ريان هو الآخر وقد لاحظت عنود صعوبة جلوسه وتحركه من وضع لآخر ، ابتلعت ريقها وهتفت بإهتمام اكبر :-
_ شكلك مرهق جدا
_ أخرج ريان تنهيدة بطيئة تحمل بين طياتها التعب الشديد وأردف وهو يطقطق رأسه علي الجانبين :-
_ نمت علي كرسي طول الليل وجسمي واجعني شوية ..
_ نهضت عنود سريعاً وكأن بيدها الحل وصاحت بعفوية :-
_ تعالي معايا
_ عقد ريان حاجبيه بغرابة لأمرها وتسائل بتعجب :-
_ هنروح فين ؟
_ أجابته بتلقائية مبالغة :-
_ بابا الله يرحمه كان ديما بيحصل له كده بسبب اوقات شغله المتأخرة وكانت والدتي بتعمله مساج كنت بشوفه بيرتاح بعد كده !
_ مازال هناك المزيد ليكتشفه بها كل يوم ، تزداد جرأة معه أو ربما هكذا نمط حياتهم في بلادهم الأجنبية لا يدري لكنه يريد وبشدة تجربة مثل هذه الأشياء ، لا يدري اهو يريد أن يخوض ذلك لكونها هي ام يريد حقاً الخلاص من ألم جسده ؟!
_ ليس بـ حين يسمح له بالتفكير فقط يريد أن يشعر بلماستها عليه !!
_ نهض وولج داخل الغرفة دون أن يلقي بكلمة تدل علي موافقته أو حتي اعتراضه لكن سيره ودخوله الي الغرفة بمثابة موافقة حتماً ، سارت خلفه وتفاجئت به عاري الصدر ، لوهلة شعرت بالندم أنها طالبته بشئ كهذا فهي لا تستطيع النظر إليه علي تلك الحالة ، فكيف لها إذاً أن تلمس جسده ، الوضع في غاية الصعوبة لم تكن تتوقعه كذلك ، ابتلعت ريقها مراراً وقد تملكها التوتر والخجل الشديد بينما نظر إليها ريان وهتف متسائلاً :-
_ وقفتي عندك ليه ؟
_ سحقاً لهذا الوضع ! سارت نحوه بعدما لعنت غبائها الذي أوقعها في ذلك المأزق الذي لا مفر منه ، اقتربت أكثر فأكثر حتي وقفت تنظر إلي ظهره العاري وهو مسطح علي الفراش ،
_ سحبت نفساً عميق ثم جذبت أحد الزيوت الطبية التي ترافقها دوماً ووضعت منه قدراً علي يدها ومن ثم وضعت يدها برفق علي ظهره وشعرت برجفة قوية منه أسفل يدها ، لم يتحمل ريان اللمسة الأولي له فكيف سيواصل لماستها الأخري ؟
_ حاول قدر المستطاع أن يتماسك أسفل يديها ، بينما بدأت عنود تمسد علي ظهره بخفة ونعومة شديدة مع وضع قدراً من الزيت من حين لآخر ،
_ كان الخجل سيدهم إلي أن اعتاد ريان لمساتها الرقيقة التي آذابت عقله كما انحطت قوة جسده أسفل يديها ، بينما ظلت عنود تُدلك بنعومة علي ظهره وقد تبخر تماماً خجلها ربما لأنه لا ينظر إليها بسودتاه !..
_ أنهت عنود ما تفعله وأردفت بخجل :-
_ أنا خلصت
_ سحب ريان نفساً عميق يدل علي شعوره الكبير بالراحة وشكر ألم جسده لأنه وضعه في هذا الوضع وحظي بنعومة يديها عليه ، التفت إليها وهو لازال مُسطح علي الفراش ، رمقته عنود متعجبة من أمره لكنها لم تتمكن من سؤاله من فرط خجلها ،
_ ابتلع ريان ريقه وقال وهو يبتسم بمكر :-
_ كملي !
_ اتسعت حدقتي عنود بذهول وواصل ريان حديثه قائلا بخبث :-
_ هو المساج للضهر بس ؟
_ بربك اعترف أنك تمازحني ! كانت ترمقه بنندقيتاها قيد انتظار نهوضه لكنه لم يبرح مكانه ، أوصدت عينيها وهي تدعي بأن يتركها وشأنها فهي ليست بتلك الجرأة التي يتوقعها ، لن تستطيع إعادة ما فعلته وهو ينظر إليها حتماً ستقع مغشي عليها بسبب نظراته التي لا ترأف بعذرية مشاعرها ..
_ مد ريان يده وأمسك بيدها ووضعها علي صدره قائلاً بنبرة جدية :-
_ يلا كملي اللي بدأتيه ..
_ فتحت عنود عينيها وحاولت ألا تنظر نحوه لكنه مازال مثبت عينيه عليها كأنه يتعمد فعل ذلك ، توردت وجنتيها بالحُمرة الصريحة ، وسحبت يدها من بين قبضتيه وبدأت في تدليك صدره لم يكن أمامها خيار آخر ، فقط تريده أن يبعد بنظره عنها لكي تنهي ما بدأته سريعاً ،
_ حاول ريان مراراً اخفاء ابتسامته لكنه فشل ، خجلها وارتباكها المتسبب هو به يعجبه كثيراً ، لكن يكفيه هذا القدر الآن لن يطيل في حماقته معها ، حسناً سـيوصد عينيه ويترك لها المساحة الكافية في إنهاء ما بدأته علي أكمل وجه ، بينما انجرف هو مع لمساتها الناعمة عليه
_ تنفست الصعداء ما إن أوصد عينيه ومارست ما تفعله بجدارة ، كانت تشعر بنبضاته كلما اقتربت من قلبه ، أيعقل هذا تأثيرها عليه ؟!
_ أنهت ما تفعله سريعاً لتتفاجئ به يرمقها بنظراته التي اخترقتها ثم قال بعدما جذب يدها ووضعها علي عنقه :-
_ هنا ، لسه في وجع هنا !
_ خفق قلبها و تعالت أنفاسها بشدة حتماً يريد إنهائها بتصرفاته تلك ..
الاكثر قراءة هذا الشهر :
موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله
هنا تنتهى احداث رواية المعلم الفصل الرابع عشر ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية المعلم الفصل الخامس عشر أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .
نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية المعلم ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .