نقدم اليوم احداث رواية المعلم الفصل 12 من روايات تسنيم المرشدي . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية واحدة من اجمل الروايات رومانسية والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية احببت ملتحي كاملة بقلم ام فاطمة من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية عرف صعيدى pdf كاملة من خلال موقعنا .
المعلم الفصل الثاني عشر
رواية المعلِم
الفصل الثاني عشر ..
_________________________________________________
_ توقفت أمام الباب بتردد كبير ، تراجعت للمرة الرابعة علي التوالي قبل ذهابها ، أردات أن ترضي فضولها وتقابل زوجة أخيها التي لا تقتنع بتلك الزيجة من الأساس لكن عليها الاطمئنان عليها فحسب كما طلب منها والدها ،
_ تنهدت ثم طرقت الباب برفق ، انتظرت بضعة دقائق ليأتيها صوت أنثوي رقيق :-
_ مين ؟
_ ابتسمت عند سماعها نبرة صوتها التي تؤكد صغر عمرها ثم أجابتها قائلة :-
_ أنا هاجر أخت ريان
_ فتحت عنود الباب بعد أن تأكدت من هويتها واخفضت بصرها بحرج بائن ناهيك عن تورد وجنتيها وارتباكها الزائد ، أبتسمت هاجر لحالتها ثم اقتربت منها وأردفت مازحة :-
_ ينفع ادخل ؟
_ رفعت عنود بندقيتاها عليها بدهشة وهتفت بعدم تصديق :-
_ اه طبعاً اتفضلي ده بيتكم أنا مجرد ضيفة
_ عقدت هاجر ما بين حاجبيها بتعجب ثم تسائلت بفضول :-
_ ضيفة ازاي يعني ده بيتك انتي وريان
_ تنهدت عنود بضيق وأجابتها بآسي :-
_ ممكن تتفضلي أنا محتاجة أتكلم مع حد ضروري أنا حاولت أتكلم مع أستاذ ريان بس معرفتش مراته جت وقتها وهو مشي ومش عارفة أتكلم مع حد !
_ تعالت ضحكات هاجر علي تلقيبها لـ ريان بأستاذ وأردفت من بين ضحكاتها :-
_ انتي بتقولي لجوزك يا أستاذ ؟
_ شعرت عنود بالخجل الشديد وهربت بنظرها بعيداً ، استشعرت هاجر خجلها وتوقفت عن الضحك وقالت بندم :-
_ أنا آسفة ، انتي كنتي عايزة تتكلمي معايا في ايه ؟
_ رفعت عنود بندقيتاها عليها وكأنها سبيلها الوحيد ، أمسكت بيدها كـ طفلة صغيرة ثم اقتربت من الأريكة وجلست عليها وبدأت حديثها قائلة :-
_ اللي حصل ده غصب عني يمكن كنت أقدر أوقفه لو عاندت مع أستاذ ريان شوية بس انا وقتها مكنتش مستوعبة اللي بيحصل انا مكنتش طلعت أصلا من صدمة اهلي واللي عملوه فيا وفجاءة لقيت واحد بيزعق لي جامد ، أنا تقريبا وافقت خوفاً منه بس انا بوظت الدنيا حياته باظت بسببي وانا مش عايزة كده انا عمري ما أذيت حد بس مراته فاهمة اني السبب في اللي حصل وهي معاها حق طبعا بس انا عايزة أصلح اللي حصل ده ،
_ لم تدري هاجر من أين جاءت تلك الراحة التي شعرت بها اتجاهها ، ابتسمت ثم قالت متسائلة :-
_ ازاي ؟
_ أخذت عنود زفيراً عميقاً وهتفت بحماس :-
_ أنا عايزاكي تساعديني أوصل لـ أستاذ ريان وانا هطلب منه الطلاق وهسافر علي أول طيارة لأمريكا وهو يرجع لحياته الطبيعية
_ علي الرغم من تماسك هاجر عن الضحك لكلمة أستاذ التي تتفوه بها بإستمرار إلا أنها أعجبت بعفويتها وعدم قبولها لتخريب حياة ريان ، تنهدت هاجر ببعض الراحة وأردفت بحب :-
_ طيب أنا هكلم يحيي أعرف منه ريان فين ونروح له
_ أبتسمت لها عنود ثم نهضت مسرعة ، تعجبت هاجر من هرولتها وسألتها بغرابة :-
_ راحة فين ؟
_ اجابتها عنود بعفوية وهي تهرول للداخل :-
_ هجهز علي لما تكوني كلمتي اخوكي
_ أماءت هاجر رأسها بتفهم بينما أوصدت عنود الباب وشرعت في ارتداء ثيابها بأقصي سرعة لديها فقط تريد الحرية ، جذبت هاجر هاتفها من حقيبتها وهاتفت يحيي ، انتظرت قليلا ثم استمعت لصوته فأسرعت بسؤالها :-
_ يحيي ريان فين ؟
_ تعجب يحيي من سؤالها واجابها قائلا :-
_ في المعرض ، بتسألي ليه ؟
_ أجابته هاجر وهي تُعدل من ثيابها :-
_ هنيجي أنا و.. ، هي مراته الجديدة دي اسمها ايه ؟
_ عنود
_ أردف بها يحيي مجيباً علي سؤال شقيقته ثم واصلت هاجر حديثها موضحة :-
_ هي عايزة تتكلم معاه وطلبت مني أوصلها ليه !
_ تنهد يحيي بضجر وهتف بتوسل :-
_ بلاش الوقتي يا هاجر ريان علي آخره ومش قادر يتكلم خليها وقت تاني يكون فايق
_ أصرت هاجر موضحة سبب زيارتهم إليه :-
_ ريان تعبان بسبب اللخبطة اللى حصلت له وهي هتحل اللخبطة دي عشان كده انا عايزاها تتكلم معاه ، عموما متعرفوش أننا جاين يلا سلام
_ وما إن أنهت مكالماتها حتي دلفت عنود الي الخارج بزييها الأسود الفضفاض ، تعجبت هاجر من مظهرها الغير ملائم لعمرها ، اقتربت منها عنود علي حياء شديد وسألتها بفضول :-
_ عرفتي مكانه ؟
_ أماءت هاجر رأسها بتأكيد فهما كليهما بمغادرة المنزل قاصدين معرض ريان ،
_ مرت دقائق علي سيرهم حتي وصلتَ إلي وجهتهم ، استقبلهم يحيي بحفاوة ثم قالت عنود بخجل :-
_ ينفع أتكلم معاه لوحدي
_ أماءت لها هاجر بالإيجاب وهتفت مرحبة :-
_ اه طبعاً اتفضلي أنا هنا لو احتجتيني
_ ابتسمت عنود ابتسامة لم تتعدي شفاها ثم توجهت نحو المكتب وطرقت علي بابه برفق ، ولجت الي الداخل وتفاجئت به مستلقي بجسده علي الأريكة الجلدية واضع ذراعيه أعلي رأسه
_ ابتلعت ريقها واقتربت منه بخُطي متمهلة حتي وصلت إليه ، حمحمت لتعلن عن وصولها لكنه لم يعبأ لها
_ شعرت بالغرابة من أمره أهو نائم ام لا يريد التحدث معها ، لا تعلم حقيقته بسبب وضعه لذراعيه أعلي وجهه ، اضطرت للاقتراب أكثر منه حتي دنت بجسدها منه فرأته موصد العينين ، كيف ستتحدث معه بتلك الحالة ؟
_ تفاجئت به يفتح عينيه فتسعت مقلتيها بصدمة ممزوجة بالخجل ، تراجعت للخلف سريعاً وابتلعت ريقها مراراً عندما شعرت بجفاف حلقها
_ عدل ريان من وضعية جسده مع المحافظة علي وضعية جلوسه الصحيحة لكي لا يشعر بألم رأسه مرة أخري ، هز رأسه وردد متسائلا :-
_ عايزة ايه ؟
_ استنشقت أكبر قدر من الأكسجين لكي تستطيع التحدث معه دون تلعثم أو خجل ، جلست علي الأريكة المقابلة له وبدأت حديثها قائلة بتلعثم :-
_ أنا عارفة أن حضرتك مرهق ومش قادر تتناقش معايا بس انا عندي الحل اللي هيرجع حياتك لطبيعتها
_ شعر ريان بالألم يعود إليه بسبب نبرة صوتها المرتفعة التي تسللت إلي شحمة أذنيه وتسببت في ألم رأسه مرة أخري بعد أن نجح في إبعاده عنه ببعض الهدوء الذي حظي به لفترة قصيرة ،
_ نهض وأمسك برأسه وأوصد عينيه حتي لا يتسرب إليه الضوء ويزيده ألماً ، نهضت عنود هي الأخري وهي تراقب تصرفاته ولم تدري ما عليها فعله ، سار ريان بثقل يريد إغلاق الإضاءة ربما يشعر ببعض الراحة ، لكن ألم رأسه شديد مع كل خطوة يخطوها يزداد ويؤلمه ، توقف وهو لا يدري من أين وجهته الصحيحة ، وقف بمنتصف المكتب لا يستطيع الحركة ، اقتربت منه عنود وهتفت متسائلة باهتمام :-
_ حضرتك محتاج ايه وانا أعمله ؟
_ رفع ريان يده إلي الاعلي وأشار إلي المصباح قائلا بنبرة خافتة :-
_ النور ، اطفيه
_ تفهمت عنود ما يريده من حركة شفاه ثم بحثت بعينيها عن مصدر الإضاءة وما إن رأته حتي ركضت مسرعة نحوه وأغلقت الإضاءة ، لم يكن هناك سوي الإضاءة الخافتة التي تتسلل من خلف النافذة ، عادت بخُطاها إليه ووقفت أمامه وأردفت بقلق علي حالته :-
_ اعمل لحضرتك حاجة تانية ؟
_ كملي ، كنتي بتقولي ايه ؟
_ أردف بهم ريان علي الرغم من تعبه الذي يزداد لكنه يحاول مقاومته ، تنهدت بعنود بضيق فهي تشعر بأنه ليس بالوقت المناسب علي الإطلاق للتحدث في شئ لكن إصراره من أجبرها علي مواصلة حديثها وتابعت ما تريد التحدث فيه :-
_ ياريت حضرتك تطلقني وانا هسافر علي طول وانت ترجع لمراتك وبنتك و..
_ لم تكمل عنود حديثها عندما أمسك ريان بذراعها كأنه يستند عليها ، رفعت نظرها عليه وتفاجئت بتشنج تعابير وجهه ، تأكدت حينذاك أنه يتكأ عليها لعدم قدرته علي الوقوف بمفرده ، تفاجئت به يقترب منها أكثر وقد أمسك بكلتي ذراعيها بقوة لم تتحملها هي واطلقت أنة موجوعة من شدتها لكنها تحملت لكي تساعده فقط وهمست قائلة :-
_ ثواني هنادي علي حد يجي يـ...
_ توقفت من تلقاء نفسها عندما خارت قواه وارتمي بجسده عليها متمتماً بنبرة خافتة للغاية :-
_ مش قادر
_ ضغطت عنود علي شفتها السُفلي بإرتباك خجل لهذا الوضع، أجبرت يدها علي محاوطة خصره لكي لا يقع أرضاً ، خفق قلبها بشدة كادت نبضاته تخترق ثيابها من شدة تدفق الدم بها
_ أرادت التحدث لكن الآمر أشبه بالمستحيل بسبب قوة جسده علي صدرها خصيصاً حنجرتها التي يدفن رأسه بها ، لكنها حاولت قائلة بتقطع :-
_ م ممكن ت تمشي م معايا ل لأن ا أنا م مش هقدر ا أمشي لـ وحدي
_ تنفست الصعداء عندما أنهت جملتها بسلام ثم حاولت السير الي أقرب أريكة ببعض المساعدة منه ، ساعدته في الاستلقاء علي الأريكة وانحنت معه لكي تضع رأسه برفق علي الوسادة الجلدية ،
فتح عينيه ليتقابلا في نظرة طالت لدقائق شعر كليهما بمشاعر جديدة عصفت بخلاياهم ، مشاعر لم يتذوقها أحد منهم من قبل ، رجفة راودت جسدهما الملاصق لبعض ، شعر كليهما بنبضاتهم التي بالتأكيد تأثير كلاً منهما علي الاخر ، حاولت عنود الابتعاد لكنه أبيَ وقال بنبرة هادئة :-
_ كملي ، كنتي بتقولي ايه ؟
_ لم تستطع التحدث فقط وتيرة أنفاسه الحارة أربكتها كثيراً ، نظراته الثاقبة التي اخترقتها علي الرغم من كونه مُتعب لكنه لم يفشل قط في إرباكها ، بربك ماذا تفعل بي يا رجُل !
_ ابتعدت مسرعة عندما شعرت بالدماء تدفق في عروقها بغزارة قد تسببت في ارتفاع حرارتها ، أسرعت إلي الخارج بخطي مهرولة وهي ترتجف بشدة ، أنتبه يحيي وهاجر لخطواتها غير المستقيمة وأسرعا كليهما نحوها في قلق قد تسلل الي قلوبهم حيث تسائلت هاجر بتوجس :-
_ مالك بتجري كده ليه ؟
_ أجابتها عنود بصعوبة من بين أنفاسها المتلاحقة :-
_ Nothing مفيش
_ أمسكت هاجر بيديها عندما رأتها ترتجف وأردفت بقلق :-
_ انتي بتترعشي ليه كده حصل حاجة ريان زعلك ؟
_ ازدادت رجفة يديها بصورة اسوء عن ذي قبل وتمتمت بتلعثم :-
_ أنا .. أنا عايزة أمشي
_ تبادلا يحيي وهاجر النظرات المتعجبة لحالتها المبهمة بالنسبة إليهم ، لم تنتظر عنود لأكثر من ذلك ودلفت للخارج وهي تحاول جاهدة بألا تفكر فيما حدث منذ قليل
_ تبعتها هاجر بخُطي سريعة لكي تلحق بها ، أجبرتها هاجر علي التوقف عند مدخل البناية العائدة إلي شقيقها ثم هتفت متسائلة من بين أنفاسها التي تحاول ضبطهم :-
_ اتكلمتي مع ريان ؟
_ ها ..؟
_ قالتها بنبرة تائهة ، عاد عقلها عند مشهد تقربهم وشعرت برجفة قوية في خلاياها بينما أعادت هاجر سؤالها للمرة الثانية :-
_ قولتيلوا اللي انتي قولتهولي لما كنا فوق ؟
_ اجابتها عنود بإختصار وهي تفرك أصابعها بتوتر :-
_ اه
_ تنهدت هاجر بضيق لذاك الحديث المتقطع وهتفت بحنق :-
_ ما تقولي ايه اللي حصل بالظبط بدل ما انا بشد الكلام منك كده ؟
_ ابتعلت عنود ريقها وشعرت بالحرارة المنبعثة من وجهها ثم أردفت وهي تركض للاعلي :-
_ أنا لازم اطلع حالا نتكلم بعدين ..
_ قطبت هاجر جبينها كما ضرب كفوفها بغرابة من أمرها وتمتمت بتعجب :-
_ البت دي اكيد مجنونة ؟
_ لم تستطيع تمالك ضحكاتها علي تصرفاتها الطفولية ثم غادرت سريعاً لكي تعود الي رضيعها التي تركته بأمانة إحدي جارتها ،
_________________________________________________
_ ولج يحيي داخل مكتب أخيه ما ان اختفي طيفهن من أمامه ، تفاجئ بأنينه الموجوع بنبرة خافتة للغاية ، أسرع نحوه وجلس القرفصاء ليكون في نفس مستواه وسأله بقلق :-
_ مالك يا ريان انت تعبت تاني ؟
_ ضغط ريان علي رأسه بقوة وقال بنبرة تحمل من التعب قدراً :-
_ مش قادر تعبان جدا راسي مش بتخف وبتزيد أكتر
_ تنهد يحيي بحزن علي حالته المثيرة للشفقة ثم جذب ورقة من جيب بنطاله وهتف :-
_ الدكتور كاتبلك علي نوع برشام عشان لو تعبت تاني ، هروح أجيبه بسرعة واجي
_ أماء ريان رأسه بالإيجاب ثم غادر يحيي مسرعاً لكي يأتي بالأدوية لشقيقه ،
_ بينما وقفت هي أمام الباب تتأفف بضيق لأنها لم تملك مفتاح لذاك الباب بعد ، ماذا ستفعل الآن بالتأكيد لن تعود كل تلك المسافة من أجل مفتاح ، تذكرت أن بحوزتها رقم هاتف ريان ، جذبت هاتفها وترددت كثيراً قبل أن تهاتفه فما حدث بينهم وتلك الإضطرابات لم تختفي بعد فكيف ستُحادثه بسلاسة وتُطالبه بشئ ،
_ ربما عليها الجلوس علي الدرج لحين عودته ، وقبل أن تفر تلك الفكرة من عقلها كانت جالسة وأسندت رأسها علي الجدار خلفها ، ومن ثم أوصدت عينيها ، تفاجئت به يغزو ظُلمة خيالها بإبتسامته التي تاهت في جاذبيتها ناهيك عن رجولته الطاغية الذي انقذتها من بين يدي عمها وزوجته الي وقوعه بين ذراعيها حينما خارت قواه
_ شعرت بتلك الحرارة المنبعثة من وجهها والرجفة المفاجئة التي سرت سريعاً في جسدها المعانقة لنبضات قلبها التي ازدادت بصورة أشد قسوة فقط بسببه ' هو '..
_ فتحت جفنيها علي صوت أحدهم وهو يقول ساخراً :-
_ هو اكتفي منك ورماكي ؟
_ صُعقت حينما تعرفت علي هويته ، نهضت بذعر ولم تشعر بقدميها التي هرولت للاسفل خشية أن يفعل بها كما فعل أمس ، اتجهت الي حيث يقطن ريان فهو ملجأها الوحيد في تلك الأثناء ،
_ وقفت أمام باب مكتبه واغمضت عينيها تحاول أن تبدو طبيعية ثم طرقته بخفة وولجت إلي الداخل ، رأته كما تركته منذ دقائق بنفس وضعه يطلق آنات موجوعة ، شعرت بوخزة في صدرها لحالته التي تسوء عن ذي قبل ، اقتربت منه علي استيحاء شديد وانحنت بجسدها وأردفت بقلق :-
_ حضرتك لسه تعبان ؟
_ أزاح ريان يديه من علي وجهه وفتح عيناه بثقل وأردف متسائلاً بإقتضاب :-
_ رجعتي ليه ؟
_ اجابته عنود بتلقائية عابثة :-
_ أصل أنا خفت منه وجي...
_ توقفت من تلقاء نفسها عندما أدركت الخطأ الذي وقعت في ثغره ، وأغمضت عينيها بضيق تلعن غباؤها بينما لم يعي ريان ما قالته وتسائل بحيرة :-
_ خوفتي من مين ؟
_ أماءت رأسها بنفي وأردفت مبررة :-
_ ها ، لا مفيش كنت جاية أطمن عليك
_ تفاجئ ريان بردها وضيق عينيه عليها وقد تغلغل شعور غريب الي اوتاره لا يدري حقيقته لكنه حتماً ليس مزعوج مما تفوهت به ، بينما قطبت عنود جبينها بضجر بائن فمن المفترض أن تصحح جملتها لكنها زادت الطين بلة ،
_ ظهرت شبح إبتسامة علي ثغر ريان وهو يشاهد ارتباكها ثم اعتدل في جلسته وأشار إليها بالجلوس ، تنهد بألم لا يريد مغادرة رأسه وأردف بنبرة مُتعب :-
_ ها ، كنتي جاية ليه ؟
_ جلست علي أريكة أخري مقابله له وهتفت وهي تفرك أصابعها بتوتر :-
_ أنا حاسة بالذنب جدا أنا بوظت لحضرتك حياتك وانا مش هسمح بكده أنا عايزة أرجع بلدي وده مش هينفع لان انت ج...
_ توقفت عن الحديث فليست لديها القدرة الكافية لتعترف به كزوج لها ، توردت وجنتيها بالحُمرة خجلاً منه وهربت بأنظارها بعيد عنه ،
_ بينما اتسع ثغر ريان بإبتسامة لخجلها المُفرط الذي يواجهه دائماً ود هو لو بإستطاعته إبقائها هكذا حتي لا يختفي ذاك الشعور الغريب الذي يراوده في حالتها هذه ..
_ حمحم ثم قال محاولا إثارة جدلها :-
_ مش هينفع لأن أنا ايه ، كملي
_ رفعت بندقيتاها عليه بعدم تصديق لابد وأن يفهم بقية الحديث بمفرده لما عليها أن تواصل هي دون عناء منه علي فهمها ،
_ أخرجت تنهيدة حارة تحمل بين طياتها الخجل والتذمر ثم أردفت أسفل ضغط منه :-
_ إحنا يعني ، .. متجوزين ومينفعش أسافر وانا علي زمتك ، ياريت يعني لو حضرتك تنفصل عني عشان ترجع لحياتك تاني
_ كاد ريان أن يجيبها لكن دخول هاني المفاجئ أجبره علي الصمت ، قفزت عنود من مكانها بذعر ولم تشعر بنفسها سوي وهي جالسه بجوار ريان ، لا يهم أين جلست لكن الأهم أنها ابتعدت عن ذاك البغيض ،
_ ابتعادها عنه لم تكتفي به غريزة خوفها فلقد دق الخوف ابواب قلبها ولا تدري إلي أين تفر منه ، حاولت أن تهدئ من روعها قليلا فالحمد لله علي وجود ريان بجانبها حتماً سيحميها منه أن حاول تكرار فعلته ,
_ اقترب هاني منهم وتعابير وجهه مشدودة للغاية وصاح بحدة بعدما وزع أنظاره بينهم :-
_ اوعي تفكر أني هسكت علي اللي عملته ، لو انت مستقوي بالهلومة ( أملاكه ) دي فأنا استقوي بدراعي يا ابن أبويا ولو فاكر اني هكتفي بضربها
_ نظر إلي عنود التي انكمشت في نفسها خوفاً من نظراته الثاقبة وواصل تهديده قائلا :-
_ تبقي غلطان ضرب مراتي مش بالساهل يا معلم ريان وطلاما دخلت الحريم بينا يبقي توقع مني اي حاجة
_ عقد ريان ما بين حاجبيه بغرابة فهو لم يعي حرف مما قاله أخيه لتوه ، ما تلك الهرائات التي أردفهم ، نهض بتعب وتسائل بعدم فهم :-
_ حريم ايه وضرب ايه اللي بتتكلم عنهم أنا مش فاهم حاجة ..
_ دني منه هاني وتحدث من بين أسنانه المتلاحمة وصاح به هدراً :-
_ هي مقالتلكش اللي عملته فيها ؟ عشان كده محدش سمع صوتك عموماً ده جزء صغير اوي من اللي يدوس لي علي طرف وخصوصاً لو كانت مراتي والبادي أظلم
_ تركه هاني وغادر مكتبه بينما استدار ريان بجسده الي عنود التي تتابع خطوات هاني بخوف مرسوم علي تقاسم وجهها ثم هتف بصوت جهوري :-
_ ايه اللي هو بيقوله ده هو عمل ايه ؟
_ فزعت عنود من نبرته المرتفعة التي تفاجئت بها وانتفضت من مكانها بذعر وقالت بتلعثم :-
_ ها !
_ اقترب منها ريان حتي التصق بها وقال بنبرة هادئة لكنه لم يفشل في إخفاء حدتها :-
_ قصده ايه بكلامه ده ؟
_ بدأ صدرها في الصعود والهبوط خشية من نظراته الثاقبة ونبرته الحادة معها اللي تختبرها لأول مرة ، أمسك ريان ذراعها بقسوة ومال برأسه عليها وأردف بغضب يحاول كبحه :-
_ انطقي وقولي ايه اللي حصل ؟
_ ارتجف جسدها بين يديه ولم تستطيع تمالك دموعها لأكثر من ذلك واطلقت العنان إليهم في النزول بينما أوصد ريان عينيه بضيق وهتف أمراً :-
_ متعيطيش !
_ أجبرت عنود دموعها علي التوقف ، تفاجئ ريان بسكونها السريع ، فتح عينيه بغرابة من أمرها ألهذا الحد مطيعة علي الرغم من خوفها منه ، لم يري بحياته شخص لين يُشبهبها ، تنهد ثم قال بنبرة أكثر هدوءاً :-
_ متخافيش ، بس عرفيني ايه اللي حصل هو عمل معاكي ح...
_ توقف ريان من تلقاء نفسه عندما تذكر جرح رأسها ، اتسعت مقلتيه بصدمة عندما جمع شتات الأحداث وتمني لو أنها تُكذب حدسه وتخبره بعكس ظنونه ، تنهد ثم سألها بتوجس :-
_ هو سبب اللي حصلك ده ؟
_ أماءت له عنود بالايجاب لتأكد حدسه ، بينما اتسعت حدقتيه علي آخرهم بصدمة جلية ، فلقد فاق كل التوقعات بفعلته تلك ، تشنجت عروق عنقه التي برزت بشدة وهو يسحق أسنانه بغضب شديد ثم جذبها من ذراعها ليجبرها علي السير خلفه ودلف للخارج بينما ذُهلت هي مما يفعله لوهلة شعرت بالندم لإخباره حقيقة الأمر ، بربك ماذا ستفعل انت أيها الريان ؟
_ ترجلت عنود من السيارة عندما وصلا إلي البناية خاصتهم ، تفاجئ كليهما بـ يحيي حيث قال من بين أنفاسه المتلاحقة :-
_ روحت لك علي المعرض وقالولي أنك لسه ماشي ، العلاج اهو ها..
_ قاطعه ريان قائلا بحدة :-
_ مش وقته يا يحيي
_ أنهي جملته ثم أمسك بذراعها وأقسم ألا يدع الأمر يمر مرار الكرام دون أن يضع بصمته التي سيتذكرونه بها
_ طرق الباب بعنف إلي أن فتحت له رنا وابتسمت بخبث حينما رأته ولكن سرعان ما تشنجت تقاسيمها ومالت الي الحدة عندما وقعت عنود أسفل أنظارها
_ تأففت بضجر ثم أجبرها ريان علي التنحي جانباً ، ولج إلي الداخل برفقة عنود التي تركض خلفه بخطي مهرولة لكي تلحق بخطواته السريعة
_ هاااني
_ دوي صوته الجهوري في أرجاء المنزل ، دلف والده اثر صوته بينما جاء يحيي هو الآخر وتسائل بتوجس :-
_ في ايه يا ريان ؟
_ في ايه يا ريان يا ابني
_ تسائل ماهر بقلق بالغ لنبرته الغاضبة التي يعلمها حق المعرفة ، لم يعبأ لهم وكرر منادته إلي أن ظهر أمامه بملامح جامدة حيث اقترب منه ريان ولكمه بكل ما أوتي من قوة وصاح به هادراً :-
_ مراتي متضربش ..
_ لكمه هاني هو الآخر بكل قوته وهتف بغضب عارم :-
_ انما المعلم ريان يضرب مراتي عادي صح ؟
_ صعق ماهر من حديثهم الذي وقع علي مسامعه ناهيك عن ضربهم لبعض ، أيعقل ما قالاه ؟ أحقاً ما وقع علي مسامعه ؟ ألهذا الحد فشلت تربيته فيهما ليصل بهم الأمر لتلك الكراهية وعدم احترام حُرمة الآخر ، شعر بإختناق شديد في صدره وتمني لو أن يكون فقط كابوس وليس واقع
_ بينما صدم ريان مما قاله شقيقه وأجابه بغضب :-
_ مراتك ايه اللي ضربتها انت اتجننت وانا من أمتي كنت مديت ايدي علي اللي يخصني لما أمدها علي مراتك انت!
_ رفع هاني حاجبيه بعدم تصديق ومرر أنظاره بينه وبين زوجته وهتف بنبرة محتقنة :-
_ تنكر أنك مزقتهاش واتخبطت بسببك في الحيطة ؟
_ قطب ريان جبينه ورمق رنا بنظراته الثاقبة التي فزعتها وأسرعت خُطاها لكي تولج داخل غرفتها لكن صوته الجهوري أوقفها قائلا :-
_ طيب طلاما انتي جريئة اوي كده بتحكي نص الموضوع بس ليه ؟
_ اتسعت مقلتي رنا خوفاً من أن يُفضح أمرها بينما قال هاني وهو يجذب وجه ريان إليه :-
_ يعني انت بتعترف اهو أنك عملت كده
_ قهقه ريان عالياً بسخرية لسذاجته المفرطة وأردف بحنق :-
_ تصدق بالله أنا هسيبك كده علي عماك عشان تبقي هي نفسها عقابك في الدنيا وفي الآخر أنا اللي هضحك عليك لما تفوق ده لو فوقت يعني
_ أنهي ريان جملته ثم أمسك بيد عنود وعاد بنظره الي شقيقه وهتف مهدداً :-
_ أقسم بالله لو فكرت بس مجرد تفكير تعيد اللي عملته ده مع حد يخصني هنسي أن اخويا الكبير وهعمل اللي متتوقعش اني اقدر أعمله ،
_ دلف الي الخارج برفقتها ثم صعد إلي الاعلي وولج داخل بيتهما ، جلس علي أقرب أريكة ثم امرها هي الأخري بالجلوس وقال بعد أن سحب نفساً عميق :-
_ بعد كده لما يحصل حاجة اوعي تخبي عني وانا اول واحد يكون عارف اللي حصل تمام !
_ أماءت رأسها بطاعة ولم ترفع بصرها عن الأرضية ، زفر ريان انفاسه بضيق بائن لما حدث ، بينما جمعت هي قواها ورفعت عيناها عليه وقالت بصوت هادئ :-
_ حضرتك فكرت في اللي طلبته منك ؟
_ رفع سودتاه عليها وهتف بإندفاع :-
_ مالك مستعجلة علي طلاقك كده ؟
_ ابتعلت ريقها وهي تفرك أناملها بعصبية ، لم يكن لديها إجابة صريحة ناهيك عن الوخزة التي شعرت بها عندما تفوه بطلاقهم ، تنهدت بخنقة ثم نهضت وولجت داخل الغرفة في صمت ثم توضأت وشرعت في الصلاة
_ جلست وعقدت قدميها ونظرت للأعلي بعدما أنتهت من صلاتها وهتفت بخشوع :-
_ أنا عمري ما سألت بيحصلي ليه كده عشان عارفة انك بدبرلي امري ، بس انا تايهة اوي يارب مش عارفة أمشي في أنهي طريق ، مش عارفة اقعد هنا وأكمل تعليمي ولا أمشي وارجع لبلد أهلي تاني واخسر سنة من عمري في أكتر حاجة حباها ونفسي اكمل فيها ، أنا آه مكنتش عايزة اتجوز ياسر بس مكنتش اتمني أخرج من الموضوع بالشكل المؤذي ده انا اتهانت اوي قدام نفسي وقدام ناس غريبة معرفش فيهم حد ، يارب أنا مش عايزة اكون سبب في تخريب حياة حد حتي لو مش ذنبي بس مش ذنبي ازاي وانا كان ممكن اقول لأ وأصمم علي رفضي بس انا سكت كنت ضعيفة اوي ورضيت بجوازي من واحد متجوز وعنده بنت ، أنا يومها طلبت منك تبين لي الخير فين وبعدها حصل اللي حص...
_ توقفت عنود من تلقاء نفسها ونظرت في الفراغ الذي أمامها بصدمة جلية اعتلت ملامحها ، فغرت فاها بذهول شديد ، نهضت مهرولة وهي تعيد ما قالته لتوها وتمتمت قائلة :-
_ لا لا أكيد الخير مش فيه ، اكيد انا فاهمة غلط !
_ رفعت بصرها إلي الاعلي وواصلت حديثها المسترسل قائلة بعدم تصديق :-
_ ازاي الخير في واحد متجوز أنا كده خربت حياته يبقي فين الخير ؟
_ أوصدت عينيها عندما تشوشت أفكارها وتشابكت في بعضها لم تعد تعيي شئ ، اهو خيرها الذي طلبته من ربها أيعقل أن ضعفها أثناء زيجتها منه وعدم رفضها تدبير من الله لإتمام تلك الزيجة ؟
_ عادت بنظرها للأعلي وأردفت :-
_ أنا تايهة اوي يارب واتلخبطت أكتر وم....
_ بتكلمي مين ؟
_ قاطعها ريان متسائلا بتعجب بينما رمقته عنود كثيراً وكلمة واحدة تتردد بعقلها ( خير ) ، اقترب منها وأشار بيده الغليظة أمامها وهو يقول :-
_ مش بتردي ليه ؟
_ سحبت عنود نفساً عميق وهتفت بعفوية :-
_ معقول انت خير ؟
_ عقد ريان ما بين حاجبيه بغرابة مما تفوهت به وأردف متسائلا :-
_ خير! يعني ايه مش فاهم ؟
_ تاهت هي بلا وعي منها في ملامحه ، مالت برأسها قليلا لتكتشف معالم وجهه لأول مرة ، خصلات شعره فحمية قاتمة ، عينين حادة يتوسطها لمعة قوية ناهيك عن أهدابه الكثيفة التي تجذب من ينظر إليها ، بشرته القمحية التي تليق به ، ملامحه الرجولية الجذابة علي الرغم من علامات الإرهاق البادية عليه إلا أنها لم تخفي جماله ، كما لديه تفاحة آدم بمنتصف عنقه ،
أبتسمت بلا وعي منها وهي تكتشف المزيد منه ,
_ تعجب ريان من أمرها ماذا تفعل تلك البلهاء لما ترمقه وكأنها تائهة فيه ، لكن نظراتها تسبب هيجان قلبه الذي يزداد عنفواناً وحيوية ، يشعر وكأنه عاري بسبب نظراتها ويريد الفرار من أمامها ،
_ ماذا تفعلي بربك أيتها الصغيرة ؟ لما تنظرين الي هكذا ؟ لأول مرة يشعر بضعفه أمام بندقيتاها ، أين قوته أين حدته ؟ لقد فرت هاربة بسببها ، لا لم يعد يتحمل لقد هربت أنفاسه أيضاً ..
_ كفاية خلاص!
_ صاح بهم ريان بإنفعال شديد ربما ترأف به قليلاً ، بينما ذعرت عنود من نبرته لكنها لم تبرح مكانها وظلت تطالعه حتي هتف بها قائلا مندفعاً :-
_ ابعدي عنيكي دي عني !
_ عقدت ما بين حاجبيها وتسائلت بعدم فهم :-
_ نعم ؟
_ سحق ريان أسنانه بغضب لتلك العنيدة التي لازالت تطالعه بعينيها ربما لم تفهم بعد حسناً سيبتعد هو ، هرول الي الخارج مسرعاً وجلس على أقرب أريكة يحاول ضبط وتيرة أنفاسه المضطربة بشدة
_ انكمشت عنود في نفسها وهي تبتسم بمكر عندما أثرت عليه بنظراتها ، لم تكن قاصدة إثارة خجله قط فقط أرادت اكتشاف ملامحه الرجولية ، لا تدري ما الذي أصابها لتكن بتلك الوقاحة ومن اين أتت جرأتها من الأساس لتسمح لنفسها بفعل ما فعلته ؟!
_ أدركت أن وجهها صار كالبندروة بسبب الحرارة المنبعثة منه ، خفق قلبها بشدة عندما تذكرت تقاسيم وجهه عن قرب ، ابتعلت ريقها بخجل وهزت رأسها طاردة تلك الأفكار الشيطانية ، سارت علي استحياء الي أن وصلت الي الفراش واستلقت عليه ، من الواضح لن تدعها أفكارها وشأنها فالافضل أن تشرع في قراءة القرآن لعلها تتركها لحالها
_ ماذا يحدث لك يا رجل ؟ هون عليك فهي صغيرة وتصرفاتها المجنونة مناسبة لعمرها وعقليتها التي لم تنضج بعد ، لكن ماذا عنك ؟ رجل ناضج يتأثر بأفعالها المجنونة أليس هذا الجنون بعينه ؟
_ تنهد ريان بضيق عندما لم يجيب علي أسئلته ونهض ليغادر المنزل ، لكنه توقف وعاد بأدراجه إليها ليخبرها بذهابه ، لكنه تفاجئ بها تجلس علي الفراش وخاشعة في قراءة كتاب لله ، كم هي فتاة غريبة ناهيك عن تصرفاتها المبهمة التي لم يستطيع فهمها الي الآن !
الفصل الثاني عشر ..
_________________________________________________
_ توقفت أمام الباب بتردد كبير ، تراجعت للمرة الرابعة علي التوالي قبل ذهابها ، أردات أن ترضي فضولها وتقابل زوجة أخيها التي لا تقتنع بتلك الزيجة من الأساس لكن عليها الاطمئنان عليها فحسب كما طلب منها والدها ،
_ تنهدت ثم طرقت الباب برفق ، انتظرت بضعة دقائق ليأتيها صوت أنثوي رقيق :-
_ مين ؟
_ ابتسمت عند سماعها نبرة صوتها التي تؤكد صغر عمرها ثم أجابتها قائلة :-
_ أنا هاجر أخت ريان
_ فتحت عنود الباب بعد أن تأكدت من هويتها واخفضت بصرها بحرج بائن ناهيك عن تورد وجنتيها وارتباكها الزائد ، أبتسمت هاجر لحالتها ثم اقتربت منها وأردفت مازحة :-
_ ينفع ادخل ؟
_ رفعت عنود بندقيتاها عليها بدهشة وهتفت بعدم تصديق :-
_ اه طبعاً اتفضلي ده بيتكم أنا مجرد ضيفة
_ عقدت هاجر ما بين حاجبيها بتعجب ثم تسائلت بفضول :-
_ ضيفة ازاي يعني ده بيتك انتي وريان
_ تنهدت عنود بضيق وأجابتها بآسي :-
_ ممكن تتفضلي أنا محتاجة أتكلم مع حد ضروري أنا حاولت أتكلم مع أستاذ ريان بس معرفتش مراته جت وقتها وهو مشي ومش عارفة أتكلم مع حد !
_ تعالت ضحكات هاجر علي تلقيبها لـ ريان بأستاذ وأردفت من بين ضحكاتها :-
_ انتي بتقولي لجوزك يا أستاذ ؟
_ شعرت عنود بالخجل الشديد وهربت بنظرها بعيداً ، استشعرت هاجر خجلها وتوقفت عن الضحك وقالت بندم :-
_ أنا آسفة ، انتي كنتي عايزة تتكلمي معايا في ايه ؟
_ رفعت عنود بندقيتاها عليها وكأنها سبيلها الوحيد ، أمسكت بيدها كـ طفلة صغيرة ثم اقتربت من الأريكة وجلست عليها وبدأت حديثها قائلة :-
_ اللي حصل ده غصب عني يمكن كنت أقدر أوقفه لو عاندت مع أستاذ ريان شوية بس انا وقتها مكنتش مستوعبة اللي بيحصل انا مكنتش طلعت أصلا من صدمة اهلي واللي عملوه فيا وفجاءة لقيت واحد بيزعق لي جامد ، أنا تقريبا وافقت خوفاً منه بس انا بوظت الدنيا حياته باظت بسببي وانا مش عايزة كده انا عمري ما أذيت حد بس مراته فاهمة اني السبب في اللي حصل وهي معاها حق طبعا بس انا عايزة أصلح اللي حصل ده ،
_ لم تدري هاجر من أين جاءت تلك الراحة التي شعرت بها اتجاهها ، ابتسمت ثم قالت متسائلة :-
_ ازاي ؟
_ أخذت عنود زفيراً عميقاً وهتفت بحماس :-
_ أنا عايزاكي تساعديني أوصل لـ أستاذ ريان وانا هطلب منه الطلاق وهسافر علي أول طيارة لأمريكا وهو يرجع لحياته الطبيعية
_ علي الرغم من تماسك هاجر عن الضحك لكلمة أستاذ التي تتفوه بها بإستمرار إلا أنها أعجبت بعفويتها وعدم قبولها لتخريب حياة ريان ، تنهدت هاجر ببعض الراحة وأردفت بحب :-
_ طيب أنا هكلم يحيي أعرف منه ريان فين ونروح له
_ أبتسمت لها عنود ثم نهضت مسرعة ، تعجبت هاجر من هرولتها وسألتها بغرابة :-
_ راحة فين ؟
_ اجابتها عنود بعفوية وهي تهرول للداخل :-
_ هجهز علي لما تكوني كلمتي اخوكي
_ أماءت هاجر رأسها بتفهم بينما أوصدت عنود الباب وشرعت في ارتداء ثيابها بأقصي سرعة لديها فقط تريد الحرية ، جذبت هاجر هاتفها من حقيبتها وهاتفت يحيي ، انتظرت قليلا ثم استمعت لصوته فأسرعت بسؤالها :-
_ يحيي ريان فين ؟
_ تعجب يحيي من سؤالها واجابها قائلا :-
_ في المعرض ، بتسألي ليه ؟
_ أجابته هاجر وهي تُعدل من ثيابها :-
_ هنيجي أنا و.. ، هي مراته الجديدة دي اسمها ايه ؟
_ عنود
_ أردف بها يحيي مجيباً علي سؤال شقيقته ثم واصلت هاجر حديثها موضحة :-
_ هي عايزة تتكلم معاه وطلبت مني أوصلها ليه !
_ تنهد يحيي بضجر وهتف بتوسل :-
_ بلاش الوقتي يا هاجر ريان علي آخره ومش قادر يتكلم خليها وقت تاني يكون فايق
_ أصرت هاجر موضحة سبب زيارتهم إليه :-
_ ريان تعبان بسبب اللخبطة اللى حصلت له وهي هتحل اللخبطة دي عشان كده انا عايزاها تتكلم معاه ، عموما متعرفوش أننا جاين يلا سلام
_ وما إن أنهت مكالماتها حتي دلفت عنود الي الخارج بزييها الأسود الفضفاض ، تعجبت هاجر من مظهرها الغير ملائم لعمرها ، اقتربت منها عنود علي حياء شديد وسألتها بفضول :-
_ عرفتي مكانه ؟
_ أماءت هاجر رأسها بتأكيد فهما كليهما بمغادرة المنزل قاصدين معرض ريان ،
_ مرت دقائق علي سيرهم حتي وصلتَ إلي وجهتهم ، استقبلهم يحيي بحفاوة ثم قالت عنود بخجل :-
_ ينفع أتكلم معاه لوحدي
_ أماءت لها هاجر بالإيجاب وهتفت مرحبة :-
_ اه طبعاً اتفضلي أنا هنا لو احتجتيني
_ ابتسمت عنود ابتسامة لم تتعدي شفاها ثم توجهت نحو المكتب وطرقت علي بابه برفق ، ولجت الي الداخل وتفاجئت به مستلقي بجسده علي الأريكة الجلدية واضع ذراعيه أعلي رأسه
_ ابتلعت ريقها واقتربت منه بخُطي متمهلة حتي وصلت إليه ، حمحمت لتعلن عن وصولها لكنه لم يعبأ لها
_ شعرت بالغرابة من أمره أهو نائم ام لا يريد التحدث معها ، لا تعلم حقيقته بسبب وضعه لذراعيه أعلي وجهه ، اضطرت للاقتراب أكثر منه حتي دنت بجسدها منه فرأته موصد العينين ، كيف ستتحدث معه بتلك الحالة ؟
_ تفاجئت به يفتح عينيه فتسعت مقلتيها بصدمة ممزوجة بالخجل ، تراجعت للخلف سريعاً وابتلعت ريقها مراراً عندما شعرت بجفاف حلقها
_ عدل ريان من وضعية جسده مع المحافظة علي وضعية جلوسه الصحيحة لكي لا يشعر بألم رأسه مرة أخري ، هز رأسه وردد متسائلا :-
_ عايزة ايه ؟
_ استنشقت أكبر قدر من الأكسجين لكي تستطيع التحدث معه دون تلعثم أو خجل ، جلست علي الأريكة المقابلة له وبدأت حديثها قائلة بتلعثم :-
_ أنا عارفة أن حضرتك مرهق ومش قادر تتناقش معايا بس انا عندي الحل اللي هيرجع حياتك لطبيعتها
_ شعر ريان بالألم يعود إليه بسبب نبرة صوتها المرتفعة التي تسللت إلي شحمة أذنيه وتسببت في ألم رأسه مرة أخري بعد أن نجح في إبعاده عنه ببعض الهدوء الذي حظي به لفترة قصيرة ،
_ نهض وأمسك برأسه وأوصد عينيه حتي لا يتسرب إليه الضوء ويزيده ألماً ، نهضت عنود هي الأخري وهي تراقب تصرفاته ولم تدري ما عليها فعله ، سار ريان بثقل يريد إغلاق الإضاءة ربما يشعر ببعض الراحة ، لكن ألم رأسه شديد مع كل خطوة يخطوها يزداد ويؤلمه ، توقف وهو لا يدري من أين وجهته الصحيحة ، وقف بمنتصف المكتب لا يستطيع الحركة ، اقتربت منه عنود وهتفت متسائلة باهتمام :-
_ حضرتك محتاج ايه وانا أعمله ؟
_ رفع ريان يده إلي الاعلي وأشار إلي المصباح قائلا بنبرة خافتة :-
_ النور ، اطفيه
_ تفهمت عنود ما يريده من حركة شفاه ثم بحثت بعينيها عن مصدر الإضاءة وما إن رأته حتي ركضت مسرعة نحوه وأغلقت الإضاءة ، لم يكن هناك سوي الإضاءة الخافتة التي تتسلل من خلف النافذة ، عادت بخُطاها إليه ووقفت أمامه وأردفت بقلق علي حالته :-
_ اعمل لحضرتك حاجة تانية ؟
_ كملي ، كنتي بتقولي ايه ؟
_ أردف بهم ريان علي الرغم من تعبه الذي يزداد لكنه يحاول مقاومته ، تنهدت بعنود بضيق فهي تشعر بأنه ليس بالوقت المناسب علي الإطلاق للتحدث في شئ لكن إصراره من أجبرها علي مواصلة حديثها وتابعت ما تريد التحدث فيه :-
_ ياريت حضرتك تطلقني وانا هسافر علي طول وانت ترجع لمراتك وبنتك و..
_ لم تكمل عنود حديثها عندما أمسك ريان بذراعها كأنه يستند عليها ، رفعت نظرها عليه وتفاجئت بتشنج تعابير وجهه ، تأكدت حينذاك أنه يتكأ عليها لعدم قدرته علي الوقوف بمفرده ، تفاجئت به يقترب منها أكثر وقد أمسك بكلتي ذراعيها بقوة لم تتحملها هي واطلقت أنة موجوعة من شدتها لكنها تحملت لكي تساعده فقط وهمست قائلة :-
_ ثواني هنادي علي حد يجي يـ...
_ توقفت من تلقاء نفسها عندما خارت قواه وارتمي بجسده عليها متمتماً بنبرة خافتة للغاية :-
_ مش قادر
_ ضغطت عنود علي شفتها السُفلي بإرتباك خجل لهذا الوضع، أجبرت يدها علي محاوطة خصره لكي لا يقع أرضاً ، خفق قلبها بشدة كادت نبضاته تخترق ثيابها من شدة تدفق الدم بها
_ أرادت التحدث لكن الآمر أشبه بالمستحيل بسبب قوة جسده علي صدرها خصيصاً حنجرتها التي يدفن رأسه بها ، لكنها حاولت قائلة بتقطع :-
_ م ممكن ت تمشي م معايا ل لأن ا أنا م مش هقدر ا أمشي لـ وحدي
_ تنفست الصعداء عندما أنهت جملتها بسلام ثم حاولت السير الي أقرب أريكة ببعض المساعدة منه ، ساعدته في الاستلقاء علي الأريكة وانحنت معه لكي تضع رأسه برفق علي الوسادة الجلدية ،
فتح عينيه ليتقابلا في نظرة طالت لدقائق شعر كليهما بمشاعر جديدة عصفت بخلاياهم ، مشاعر لم يتذوقها أحد منهم من قبل ، رجفة راودت جسدهما الملاصق لبعض ، شعر كليهما بنبضاتهم التي بالتأكيد تأثير كلاً منهما علي الاخر ، حاولت عنود الابتعاد لكنه أبيَ وقال بنبرة هادئة :-
_ كملي ، كنتي بتقولي ايه ؟
_ لم تستطع التحدث فقط وتيرة أنفاسه الحارة أربكتها كثيراً ، نظراته الثاقبة التي اخترقتها علي الرغم من كونه مُتعب لكنه لم يفشل قط في إرباكها ، بربك ماذا تفعل بي يا رجُل !
_ ابتعدت مسرعة عندما شعرت بالدماء تدفق في عروقها بغزارة قد تسببت في ارتفاع حرارتها ، أسرعت إلي الخارج بخطي مهرولة وهي ترتجف بشدة ، أنتبه يحيي وهاجر لخطواتها غير المستقيمة وأسرعا كليهما نحوها في قلق قد تسلل الي قلوبهم حيث تسائلت هاجر بتوجس :-
_ مالك بتجري كده ليه ؟
_ أجابتها عنود بصعوبة من بين أنفاسها المتلاحقة :-
_ Nothing مفيش
_ أمسكت هاجر بيديها عندما رأتها ترتجف وأردفت بقلق :-
_ انتي بتترعشي ليه كده حصل حاجة ريان زعلك ؟
_ ازدادت رجفة يديها بصورة اسوء عن ذي قبل وتمتمت بتلعثم :-
_ أنا .. أنا عايزة أمشي
_ تبادلا يحيي وهاجر النظرات المتعجبة لحالتها المبهمة بالنسبة إليهم ، لم تنتظر عنود لأكثر من ذلك ودلفت للخارج وهي تحاول جاهدة بألا تفكر فيما حدث منذ قليل
_ تبعتها هاجر بخُطي سريعة لكي تلحق بها ، أجبرتها هاجر علي التوقف عند مدخل البناية العائدة إلي شقيقها ثم هتفت متسائلة من بين أنفاسها التي تحاول ضبطهم :-
_ اتكلمتي مع ريان ؟
_ ها ..؟
_ قالتها بنبرة تائهة ، عاد عقلها عند مشهد تقربهم وشعرت برجفة قوية في خلاياها بينما أعادت هاجر سؤالها للمرة الثانية :-
_ قولتيلوا اللي انتي قولتهولي لما كنا فوق ؟
_ اجابتها عنود بإختصار وهي تفرك أصابعها بتوتر :-
_ اه
_ تنهدت هاجر بضيق لذاك الحديث المتقطع وهتفت بحنق :-
_ ما تقولي ايه اللي حصل بالظبط بدل ما انا بشد الكلام منك كده ؟
_ ابتعلت عنود ريقها وشعرت بالحرارة المنبعثة من وجهها ثم أردفت وهي تركض للاعلي :-
_ أنا لازم اطلع حالا نتكلم بعدين ..
_ قطبت هاجر جبينها كما ضرب كفوفها بغرابة من أمرها وتمتمت بتعجب :-
_ البت دي اكيد مجنونة ؟
_ لم تستطيع تمالك ضحكاتها علي تصرفاتها الطفولية ثم غادرت سريعاً لكي تعود الي رضيعها التي تركته بأمانة إحدي جارتها ،
_________________________________________________
_ ولج يحيي داخل مكتب أخيه ما ان اختفي طيفهن من أمامه ، تفاجئ بأنينه الموجوع بنبرة خافتة للغاية ، أسرع نحوه وجلس القرفصاء ليكون في نفس مستواه وسأله بقلق :-
_ مالك يا ريان انت تعبت تاني ؟
_ ضغط ريان علي رأسه بقوة وقال بنبرة تحمل من التعب قدراً :-
_ مش قادر تعبان جدا راسي مش بتخف وبتزيد أكتر
_ تنهد يحيي بحزن علي حالته المثيرة للشفقة ثم جذب ورقة من جيب بنطاله وهتف :-
_ الدكتور كاتبلك علي نوع برشام عشان لو تعبت تاني ، هروح أجيبه بسرعة واجي
_ أماء ريان رأسه بالإيجاب ثم غادر يحيي مسرعاً لكي يأتي بالأدوية لشقيقه ،
_ بينما وقفت هي أمام الباب تتأفف بضيق لأنها لم تملك مفتاح لذاك الباب بعد ، ماذا ستفعل الآن بالتأكيد لن تعود كل تلك المسافة من أجل مفتاح ، تذكرت أن بحوزتها رقم هاتف ريان ، جذبت هاتفها وترددت كثيراً قبل أن تهاتفه فما حدث بينهم وتلك الإضطرابات لم تختفي بعد فكيف ستُحادثه بسلاسة وتُطالبه بشئ ،
_ ربما عليها الجلوس علي الدرج لحين عودته ، وقبل أن تفر تلك الفكرة من عقلها كانت جالسة وأسندت رأسها علي الجدار خلفها ، ومن ثم أوصدت عينيها ، تفاجئت به يغزو ظُلمة خيالها بإبتسامته التي تاهت في جاذبيتها ناهيك عن رجولته الطاغية الذي انقذتها من بين يدي عمها وزوجته الي وقوعه بين ذراعيها حينما خارت قواه
_ شعرت بتلك الحرارة المنبعثة من وجهها والرجفة المفاجئة التي سرت سريعاً في جسدها المعانقة لنبضات قلبها التي ازدادت بصورة أشد قسوة فقط بسببه ' هو '..
_ فتحت جفنيها علي صوت أحدهم وهو يقول ساخراً :-
_ هو اكتفي منك ورماكي ؟
_ صُعقت حينما تعرفت علي هويته ، نهضت بذعر ولم تشعر بقدميها التي هرولت للاسفل خشية أن يفعل بها كما فعل أمس ، اتجهت الي حيث يقطن ريان فهو ملجأها الوحيد في تلك الأثناء ،
_ وقفت أمام باب مكتبه واغمضت عينيها تحاول أن تبدو طبيعية ثم طرقته بخفة وولجت إلي الداخل ، رأته كما تركته منذ دقائق بنفس وضعه يطلق آنات موجوعة ، شعرت بوخزة في صدرها لحالته التي تسوء عن ذي قبل ، اقتربت منه علي استيحاء شديد وانحنت بجسدها وأردفت بقلق :-
_ حضرتك لسه تعبان ؟
_ أزاح ريان يديه من علي وجهه وفتح عيناه بثقل وأردف متسائلاً بإقتضاب :-
_ رجعتي ليه ؟
_ اجابته عنود بتلقائية عابثة :-
_ أصل أنا خفت منه وجي...
_ توقفت من تلقاء نفسها عندما أدركت الخطأ الذي وقعت في ثغره ، وأغمضت عينيها بضيق تلعن غباؤها بينما لم يعي ريان ما قالته وتسائل بحيرة :-
_ خوفتي من مين ؟
_ أماءت رأسها بنفي وأردفت مبررة :-
_ ها ، لا مفيش كنت جاية أطمن عليك
_ تفاجئ ريان بردها وضيق عينيه عليها وقد تغلغل شعور غريب الي اوتاره لا يدري حقيقته لكنه حتماً ليس مزعوج مما تفوهت به ، بينما قطبت عنود جبينها بضجر بائن فمن المفترض أن تصحح جملتها لكنها زادت الطين بلة ،
_ ظهرت شبح إبتسامة علي ثغر ريان وهو يشاهد ارتباكها ثم اعتدل في جلسته وأشار إليها بالجلوس ، تنهد بألم لا يريد مغادرة رأسه وأردف بنبرة مُتعب :-
_ ها ، كنتي جاية ليه ؟
_ جلست علي أريكة أخري مقابله له وهتفت وهي تفرك أصابعها بتوتر :-
_ أنا حاسة بالذنب جدا أنا بوظت لحضرتك حياتك وانا مش هسمح بكده أنا عايزة أرجع بلدي وده مش هينفع لان انت ج...
_ توقفت عن الحديث فليست لديها القدرة الكافية لتعترف به كزوج لها ، توردت وجنتيها بالحُمرة خجلاً منه وهربت بأنظارها بعيد عنه ،
_ بينما اتسع ثغر ريان بإبتسامة لخجلها المُفرط الذي يواجهه دائماً ود هو لو بإستطاعته إبقائها هكذا حتي لا يختفي ذاك الشعور الغريب الذي يراوده في حالتها هذه ..
_ حمحم ثم قال محاولا إثارة جدلها :-
_ مش هينفع لأن أنا ايه ، كملي
_ رفعت بندقيتاها عليه بعدم تصديق لابد وأن يفهم بقية الحديث بمفرده لما عليها أن تواصل هي دون عناء منه علي فهمها ،
_ أخرجت تنهيدة حارة تحمل بين طياتها الخجل والتذمر ثم أردفت أسفل ضغط منه :-
_ إحنا يعني ، .. متجوزين ومينفعش أسافر وانا علي زمتك ، ياريت يعني لو حضرتك تنفصل عني عشان ترجع لحياتك تاني
_ كاد ريان أن يجيبها لكن دخول هاني المفاجئ أجبره علي الصمت ، قفزت عنود من مكانها بذعر ولم تشعر بنفسها سوي وهي جالسه بجوار ريان ، لا يهم أين جلست لكن الأهم أنها ابتعدت عن ذاك البغيض ،
_ ابتعادها عنه لم تكتفي به غريزة خوفها فلقد دق الخوف ابواب قلبها ولا تدري إلي أين تفر منه ، حاولت أن تهدئ من روعها قليلا فالحمد لله علي وجود ريان بجانبها حتماً سيحميها منه أن حاول تكرار فعلته ,
_ اقترب هاني منهم وتعابير وجهه مشدودة للغاية وصاح بحدة بعدما وزع أنظاره بينهم :-
_ اوعي تفكر أني هسكت علي اللي عملته ، لو انت مستقوي بالهلومة ( أملاكه ) دي فأنا استقوي بدراعي يا ابن أبويا ولو فاكر اني هكتفي بضربها
_ نظر إلي عنود التي انكمشت في نفسها خوفاً من نظراته الثاقبة وواصل تهديده قائلا :-
_ تبقي غلطان ضرب مراتي مش بالساهل يا معلم ريان وطلاما دخلت الحريم بينا يبقي توقع مني اي حاجة
_ عقد ريان ما بين حاجبيه بغرابة فهو لم يعي حرف مما قاله أخيه لتوه ، ما تلك الهرائات التي أردفهم ، نهض بتعب وتسائل بعدم فهم :-
_ حريم ايه وضرب ايه اللي بتتكلم عنهم أنا مش فاهم حاجة ..
_ دني منه هاني وتحدث من بين أسنانه المتلاحمة وصاح به هدراً :-
_ هي مقالتلكش اللي عملته فيها ؟ عشان كده محدش سمع صوتك عموماً ده جزء صغير اوي من اللي يدوس لي علي طرف وخصوصاً لو كانت مراتي والبادي أظلم
_ تركه هاني وغادر مكتبه بينما استدار ريان بجسده الي عنود التي تتابع خطوات هاني بخوف مرسوم علي تقاسم وجهها ثم هتف بصوت جهوري :-
_ ايه اللي هو بيقوله ده هو عمل ايه ؟
_ فزعت عنود من نبرته المرتفعة التي تفاجئت بها وانتفضت من مكانها بذعر وقالت بتلعثم :-
_ ها !
_ اقترب منها ريان حتي التصق بها وقال بنبرة هادئة لكنه لم يفشل في إخفاء حدتها :-
_ قصده ايه بكلامه ده ؟
_ بدأ صدرها في الصعود والهبوط خشية من نظراته الثاقبة ونبرته الحادة معها اللي تختبرها لأول مرة ، أمسك ريان ذراعها بقسوة ومال برأسه عليها وأردف بغضب يحاول كبحه :-
_ انطقي وقولي ايه اللي حصل ؟
_ ارتجف جسدها بين يديه ولم تستطيع تمالك دموعها لأكثر من ذلك واطلقت العنان إليهم في النزول بينما أوصد ريان عينيه بضيق وهتف أمراً :-
_ متعيطيش !
_ أجبرت عنود دموعها علي التوقف ، تفاجئ ريان بسكونها السريع ، فتح عينيه بغرابة من أمرها ألهذا الحد مطيعة علي الرغم من خوفها منه ، لم يري بحياته شخص لين يُشبهبها ، تنهد ثم قال بنبرة أكثر هدوءاً :-
_ متخافيش ، بس عرفيني ايه اللي حصل هو عمل معاكي ح...
_ توقف ريان من تلقاء نفسه عندما تذكر جرح رأسها ، اتسعت مقلتيه بصدمة عندما جمع شتات الأحداث وتمني لو أنها تُكذب حدسه وتخبره بعكس ظنونه ، تنهد ثم سألها بتوجس :-
_ هو سبب اللي حصلك ده ؟
_ أماءت له عنود بالايجاب لتأكد حدسه ، بينما اتسعت حدقتيه علي آخرهم بصدمة جلية ، فلقد فاق كل التوقعات بفعلته تلك ، تشنجت عروق عنقه التي برزت بشدة وهو يسحق أسنانه بغضب شديد ثم جذبها من ذراعها ليجبرها علي السير خلفه ودلف للخارج بينما ذُهلت هي مما يفعله لوهلة شعرت بالندم لإخباره حقيقة الأمر ، بربك ماذا ستفعل انت أيها الريان ؟
_ ترجلت عنود من السيارة عندما وصلا إلي البناية خاصتهم ، تفاجئ كليهما بـ يحيي حيث قال من بين أنفاسه المتلاحقة :-
_ روحت لك علي المعرض وقالولي أنك لسه ماشي ، العلاج اهو ها..
_ قاطعه ريان قائلا بحدة :-
_ مش وقته يا يحيي
_ أنهي جملته ثم أمسك بذراعها وأقسم ألا يدع الأمر يمر مرار الكرام دون أن يضع بصمته التي سيتذكرونه بها
_ طرق الباب بعنف إلي أن فتحت له رنا وابتسمت بخبث حينما رأته ولكن سرعان ما تشنجت تقاسيمها ومالت الي الحدة عندما وقعت عنود أسفل أنظارها
_ تأففت بضجر ثم أجبرها ريان علي التنحي جانباً ، ولج إلي الداخل برفقة عنود التي تركض خلفه بخطي مهرولة لكي تلحق بخطواته السريعة
_ هاااني
_ دوي صوته الجهوري في أرجاء المنزل ، دلف والده اثر صوته بينما جاء يحيي هو الآخر وتسائل بتوجس :-
_ في ايه يا ريان ؟
_ في ايه يا ريان يا ابني
_ تسائل ماهر بقلق بالغ لنبرته الغاضبة التي يعلمها حق المعرفة ، لم يعبأ لهم وكرر منادته إلي أن ظهر أمامه بملامح جامدة حيث اقترب منه ريان ولكمه بكل ما أوتي من قوة وصاح به هادراً :-
_ مراتي متضربش ..
_ لكمه هاني هو الآخر بكل قوته وهتف بغضب عارم :-
_ انما المعلم ريان يضرب مراتي عادي صح ؟
_ صعق ماهر من حديثهم الذي وقع علي مسامعه ناهيك عن ضربهم لبعض ، أيعقل ما قالاه ؟ أحقاً ما وقع علي مسامعه ؟ ألهذا الحد فشلت تربيته فيهما ليصل بهم الأمر لتلك الكراهية وعدم احترام حُرمة الآخر ، شعر بإختناق شديد في صدره وتمني لو أن يكون فقط كابوس وليس واقع
_ بينما صدم ريان مما قاله شقيقه وأجابه بغضب :-
_ مراتك ايه اللي ضربتها انت اتجننت وانا من أمتي كنت مديت ايدي علي اللي يخصني لما أمدها علي مراتك انت!
_ رفع هاني حاجبيه بعدم تصديق ومرر أنظاره بينه وبين زوجته وهتف بنبرة محتقنة :-
_ تنكر أنك مزقتهاش واتخبطت بسببك في الحيطة ؟
_ قطب ريان جبينه ورمق رنا بنظراته الثاقبة التي فزعتها وأسرعت خُطاها لكي تولج داخل غرفتها لكن صوته الجهوري أوقفها قائلا :-
_ طيب طلاما انتي جريئة اوي كده بتحكي نص الموضوع بس ليه ؟
_ اتسعت مقلتي رنا خوفاً من أن يُفضح أمرها بينما قال هاني وهو يجذب وجه ريان إليه :-
_ يعني انت بتعترف اهو أنك عملت كده
_ قهقه ريان عالياً بسخرية لسذاجته المفرطة وأردف بحنق :-
_ تصدق بالله أنا هسيبك كده علي عماك عشان تبقي هي نفسها عقابك في الدنيا وفي الآخر أنا اللي هضحك عليك لما تفوق ده لو فوقت يعني
_ أنهي ريان جملته ثم أمسك بيد عنود وعاد بنظره الي شقيقه وهتف مهدداً :-
_ أقسم بالله لو فكرت بس مجرد تفكير تعيد اللي عملته ده مع حد يخصني هنسي أن اخويا الكبير وهعمل اللي متتوقعش اني اقدر أعمله ،
_ دلف الي الخارج برفقتها ثم صعد إلي الاعلي وولج داخل بيتهما ، جلس علي أقرب أريكة ثم امرها هي الأخري بالجلوس وقال بعد أن سحب نفساً عميق :-
_ بعد كده لما يحصل حاجة اوعي تخبي عني وانا اول واحد يكون عارف اللي حصل تمام !
_ أماءت رأسها بطاعة ولم ترفع بصرها عن الأرضية ، زفر ريان انفاسه بضيق بائن لما حدث ، بينما جمعت هي قواها ورفعت عيناها عليه وقالت بصوت هادئ :-
_ حضرتك فكرت في اللي طلبته منك ؟
_ رفع سودتاه عليها وهتف بإندفاع :-
_ مالك مستعجلة علي طلاقك كده ؟
_ ابتعلت ريقها وهي تفرك أناملها بعصبية ، لم يكن لديها إجابة صريحة ناهيك عن الوخزة التي شعرت بها عندما تفوه بطلاقهم ، تنهدت بخنقة ثم نهضت وولجت داخل الغرفة في صمت ثم توضأت وشرعت في الصلاة
_ جلست وعقدت قدميها ونظرت للأعلي بعدما أنتهت من صلاتها وهتفت بخشوع :-
_ أنا عمري ما سألت بيحصلي ليه كده عشان عارفة انك بدبرلي امري ، بس انا تايهة اوي يارب مش عارفة أمشي في أنهي طريق ، مش عارفة اقعد هنا وأكمل تعليمي ولا أمشي وارجع لبلد أهلي تاني واخسر سنة من عمري في أكتر حاجة حباها ونفسي اكمل فيها ، أنا آه مكنتش عايزة اتجوز ياسر بس مكنتش اتمني أخرج من الموضوع بالشكل المؤذي ده انا اتهانت اوي قدام نفسي وقدام ناس غريبة معرفش فيهم حد ، يارب أنا مش عايزة اكون سبب في تخريب حياة حد حتي لو مش ذنبي بس مش ذنبي ازاي وانا كان ممكن اقول لأ وأصمم علي رفضي بس انا سكت كنت ضعيفة اوي ورضيت بجوازي من واحد متجوز وعنده بنت ، أنا يومها طلبت منك تبين لي الخير فين وبعدها حصل اللي حص...
_ توقفت عنود من تلقاء نفسها ونظرت في الفراغ الذي أمامها بصدمة جلية اعتلت ملامحها ، فغرت فاها بذهول شديد ، نهضت مهرولة وهي تعيد ما قالته لتوها وتمتمت قائلة :-
_ لا لا أكيد الخير مش فيه ، اكيد انا فاهمة غلط !
_ رفعت بصرها إلي الاعلي وواصلت حديثها المسترسل قائلة بعدم تصديق :-
_ ازاي الخير في واحد متجوز أنا كده خربت حياته يبقي فين الخير ؟
_ أوصدت عينيها عندما تشوشت أفكارها وتشابكت في بعضها لم تعد تعيي شئ ، اهو خيرها الذي طلبته من ربها أيعقل أن ضعفها أثناء زيجتها منه وعدم رفضها تدبير من الله لإتمام تلك الزيجة ؟
_ عادت بنظرها للأعلي وأردفت :-
_ أنا تايهة اوي يارب واتلخبطت أكتر وم....
_ بتكلمي مين ؟
_ قاطعها ريان متسائلا بتعجب بينما رمقته عنود كثيراً وكلمة واحدة تتردد بعقلها ( خير ) ، اقترب منها وأشار بيده الغليظة أمامها وهو يقول :-
_ مش بتردي ليه ؟
_ سحبت عنود نفساً عميق وهتفت بعفوية :-
_ معقول انت خير ؟
_ عقد ريان ما بين حاجبيه بغرابة مما تفوهت به وأردف متسائلا :-
_ خير! يعني ايه مش فاهم ؟
_ تاهت هي بلا وعي منها في ملامحه ، مالت برأسها قليلا لتكتشف معالم وجهه لأول مرة ، خصلات شعره فحمية قاتمة ، عينين حادة يتوسطها لمعة قوية ناهيك عن أهدابه الكثيفة التي تجذب من ينظر إليها ، بشرته القمحية التي تليق به ، ملامحه الرجولية الجذابة علي الرغم من علامات الإرهاق البادية عليه إلا أنها لم تخفي جماله ، كما لديه تفاحة آدم بمنتصف عنقه ،
أبتسمت بلا وعي منها وهي تكتشف المزيد منه ,
_ تعجب ريان من أمرها ماذا تفعل تلك البلهاء لما ترمقه وكأنها تائهة فيه ، لكن نظراتها تسبب هيجان قلبه الذي يزداد عنفواناً وحيوية ، يشعر وكأنه عاري بسبب نظراتها ويريد الفرار من أمامها ،
_ ماذا تفعلي بربك أيتها الصغيرة ؟ لما تنظرين الي هكذا ؟ لأول مرة يشعر بضعفه أمام بندقيتاها ، أين قوته أين حدته ؟ لقد فرت هاربة بسببها ، لا لم يعد يتحمل لقد هربت أنفاسه أيضاً ..
_ كفاية خلاص!
_ صاح بهم ريان بإنفعال شديد ربما ترأف به قليلاً ، بينما ذعرت عنود من نبرته لكنها لم تبرح مكانها وظلت تطالعه حتي هتف بها قائلا مندفعاً :-
_ ابعدي عنيكي دي عني !
_ عقدت ما بين حاجبيها وتسائلت بعدم فهم :-
_ نعم ؟
_ سحق ريان أسنانه بغضب لتلك العنيدة التي لازالت تطالعه بعينيها ربما لم تفهم بعد حسناً سيبتعد هو ، هرول الي الخارج مسرعاً وجلس على أقرب أريكة يحاول ضبط وتيرة أنفاسه المضطربة بشدة
_ انكمشت عنود في نفسها وهي تبتسم بمكر عندما أثرت عليه بنظراتها ، لم تكن قاصدة إثارة خجله قط فقط أرادت اكتشاف ملامحه الرجولية ، لا تدري ما الذي أصابها لتكن بتلك الوقاحة ومن اين أتت جرأتها من الأساس لتسمح لنفسها بفعل ما فعلته ؟!
_ أدركت أن وجهها صار كالبندروة بسبب الحرارة المنبعثة منه ، خفق قلبها بشدة عندما تذكرت تقاسيم وجهه عن قرب ، ابتعلت ريقها بخجل وهزت رأسها طاردة تلك الأفكار الشيطانية ، سارت علي استحياء الي أن وصلت الي الفراش واستلقت عليه ، من الواضح لن تدعها أفكارها وشأنها فالافضل أن تشرع في قراءة القرآن لعلها تتركها لحالها
_ ماذا يحدث لك يا رجل ؟ هون عليك فهي صغيرة وتصرفاتها المجنونة مناسبة لعمرها وعقليتها التي لم تنضج بعد ، لكن ماذا عنك ؟ رجل ناضج يتأثر بأفعالها المجنونة أليس هذا الجنون بعينه ؟
_ تنهد ريان بضيق عندما لم يجيب علي أسئلته ونهض ليغادر المنزل ، لكنه توقف وعاد بأدراجه إليها ليخبرها بذهابه ، لكنه تفاجئ بها تجلس علي الفراش وخاشعة في قراءة كتاب لله ، كم هي فتاة غريبة ناهيك عن تصرفاتها المبهمة التي لم يستطيع فهمها الي الآن !
الاكثر قراءة هذا الشهر :
موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله
هنا تنتهى احداث رواية المعلم الفصل الثاني عشر ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية المعلم الفصل الثالث عشر أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .
نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية المعلم ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .