نقدم اليوم احداث رواية صغيرة بلال الجزء الثاني الحلقة الثانية من روايات أم فاطمة . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية واحدة من اجمل الروايات رومانسية والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية احببت ملتحي كاملة بقلم ام فاطمة من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية احببت ملتحي pdf كاملة من خلال موقعنا .
صغيرة بلال ج2 الفصل الثاني
#صغيرة_بلال_2
#الحلقة_الثانية
...........
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
إن الظالم لا يظلم غيره فقط إنما الظلم الأكبر لنفسه لأن الله لا يؤخر عقاب الظالم للآخرة إنما يعاقب في الدنيا من كره الناس له وذهاب النعمة وبقاء النقمة والآخرة يكون من الخاسرين.
................
ظل بلال على الأريكة يرتل بعض آيات من الذكر الحكيم لعلها تخفف عنه ألم ما يشعر به .
فـ جاءت إليه لمياء تتغنج في مشيتها أمامه ثم انحنت بجذعها بعض الشيء وأخذت تعبث بخصلات شعره .
وود بلال أن لو دفعها عنه ، فحركتها تلك تجعله يخرج عن شعوره ، فهو أيضا لا يطيق النظر لوجهها الممتلئ بالمساحيق وتشبه عروسة الحلوى .
فهو يعشق البساطة والطبيعة كما كانت صغيرته أشرقت .
ولكنه تماسك حتى لا يفقد أعصابه .
جلست لمياء بجانبه واقتربت منه ووضعت رأسها على كتفه هامسه .........إيه يا شيخ بلال مش هتخلص قراية في المصحف ولا إيه ؟
ده حتى الرسول صلى الله عليه وسلم ، بيقول ساعة لقلبك وساعة لربك .
وصح كمان متهيئلي سمعت حديث قبل كده فيما معناه يعني ...أنك لما تكون مع أهلك اللي هو أنا مراتك يعنى
هتاخد ثواب برده اه .
والله زي مبقولك كده .
وأنت فاهم أكيد وواعي عني يعني .
فهم بلال ما ترمي إليه لمياء وهي محقة ، فهو زوجها على سنة الله ورسوله ولها حق عليه .
ويجب عليه أن يقوم به ،حتى وإن خالف هواه ، فهي ليس لها ذنبا، فى أنها لا تملك قلبه ويملكه سواها .
فتبا لقلب عشق من ليس له ، ومن هو له أمامه ولكن لا يهواه ، فاى ظلما هذا ؟
ولكن يجب عليه أن يعفها بالحلال الطيب.
أومأ بلال برأسه وتنهد بحرارة كادت أن تحرق قلبه .
ثم قام وأمسك بيديها ، لتبتسم هي بمكر .
وولج معها لـ غرفة النوم ، لتصبح زوجته بالفعل .
وما إن انتهى حتى تبدلت معالم وجهه وذهب سريعا
إلى المرحاض .
ليسكب على جسده الماء البارد ظنا أن قيامه بهذا الأمر سيجعله يزيل رائحتها التي لايطيقها من على جسده ولعله يخفف عنه وطأة العذاب الذي كان يشعر به .
فهو يتعذب من كونه مع زوجة لا يحبها ولا يشعر بها وبين حب عمره التي يشتاق إليها وتكاد صورتها لا تفارق مخيلته ، حتى أنه تخيلها مكان لمياء .
ولكنه استعاذ بالله من الشيطان الرجيم ، فهي لا تحل له حتى يفكر بها بهذه الصورة .
أما لميا فبرغم سعادتها بهذا القرب من الرجل الذي لطالما حلمت به زوجا لها بسبب دماثة خَلقه وخُلقه أيضا .
فهو حلم كل فتيات الحارة .
لانه ذو جسد رياضي طويل وعريض المنكبين ، ببشرة بيضاء تتميز بحمرة جميلة.
وتزينه اللحية وابتسامته الحنونة التي افتقدتها منذ زواجها به .
لمياء بابتسامة اعجاب ...يا خراشي على جماله وطعمته الراجل ده ، ده أنا دوبت فيه دوب وربنا .
بس مش عارفه ماله ؟
حاسه زي ما يكون مش معايا خالص ، ولا عدت بشوف ضحكته اللي كانت بتنور وشه .
إيه حكايته ده ؟
ثم أجابت نفسها .
ده أكيد حسد مع بنات الحتة ، آه ما الكل بيحسدني عليه .
أما أقو ل لأمي تعملي عروسة وتحرقها من عين البت جمالات والبت شفاعات والبت آه السوسة دي هانم .
بس اقولك يا بت يا لميا ، صراحة كفاية القرب منه ده جنة لوحدها .
لما أتصل بأمي أفرحها أني بقيت عروسة بجد .
الوووو ياما ، باركيلي خلاص حصل ،يسلم أفكارك يا ست الكل .
فأطلقت أم لمياء زغرودة لتقول ......ألف مبروك يا ضنايا ، ربنا يهنيكى يا قلب أمك .
ثم تابعت... بصي يا حبيبتي .
شوية وهنزلك بالغدا يا عين أمك .
ومش هوصيكي بقا ، بشطارتك ، تخليه زي الدبلة في صباعك .
بالكلمة الحلوة والدلع ولقمة حلوة كده وكلمة حاضر بتريح
حتى لو مش هتعملي بيها .
فاهمة يا بت !
ولا أقول تاني عشان عرفاكي خايبة.
لمياء........آه ياما فاهمة ، متقلقيش عليا .
........................
وفي الصباح حيث أنارت الشمس الدنيا بجمالها .
غادرت أشرقت غرفتها بعد أداء صلاة الضحى
التي دعت الله فيها أن يربط على قلبها ويلهمها الصواب والرشد لتبدأ حياة جديدة لما قسمه الله لها .
فهي تعلم بل تيقن أن كل ما يكتبه لنا الله هو خير وإن كنا لا نرى ذلك بأعيننا .
وجدت أشرقت جدها مؤمن ينتظرها على مائدة الطعام لتناول وجبة الإفطار .
أشرقت بحب وابتسامة مشرقة رغم حزنها ...صباح الخير يا أحلى جدو .
مؤمن ...الله يا ناس ، على الاصطباحية السكر دي، كنتي فين من زمان يا بنتي.
والله من ساعة ما شوفتك حاسس إن ربنا راضي عني والبيت كده منور وفيه روح بعد ما كان مظلم ومفهوش أي حاجة تدل على الحياة .
أشرقت بحنو ...يا حبيبي يا جدو .
بس أعمل إيه ؟
أنت اللي كنت فين من زمان ؟
وليه بابا مسألش عني وعن أمي وسابني كده اتخبط في الدنيا لوحدي ومليش حد .
بس بحمد ربنا برده أني قابلت ناس طيبة زي الست أم مصطفى وبسمة وأخوها ( ومقدرتش تنطق بلال ) .
مش عارفة لولاهم كان زماني في الشارع ومقدرتش أتعلم
ولا أوصل للي وصلتله دلوقتي.
دمعت عيني مؤمن لكلماتها فهي على حق ، وابنه سيتحمل ذنبها إلى يوم الدين إن لم تسامحه على ما حدث لها ولوالدتها .
مؤمن ..ش.يا بنتي هتصدقيني لو قولتلك أني بدور عليكي من ساعة ما كنتي لسه في بطن أمك .
بس للأسف مقدرتش أوصل لحاجة أبداً طول السنين دي كلها .
سامحيني يا بنتي وسامحي بابا ، مكنش بإيدينا صدقيني .
أشرقت وقد بدأت دموعها تتسلل إلى وجنتيها ......لو هسامح هسامحك أنت يا جدو ، لكن مش هسامح بابا أبداً .
لأنه كان السبب أن أمي تمشي ومحدش يعرف مكانها .
هو اللي عمل فيها كده .
أيوه خالتي أم مصطفى حكتلي أنه زعلها جامد وطلقها ورماها في الشارع .
وهي يا عيني مكنش ليها حد تروحله، لولا قابلتها الست الطيبة دي.
لم يتحمل مؤمن كلمات أشرقت ، فدخل في نوبة بكاء
حسرة على تلك المسكينة شروق .
فهو أيضا كان السبب في تزويجها لابنه رغم علمه أنه لا يحبها .
لكنه أجبره عليها وتلك كانت النتيجة بإستهتاره وعدم تقديره لتلك الزوجة الصالحة .
اشفقت أشرقت على مؤمن فقامت على الفور واحتضنت رأسه ثم جففت دموعه قائلة ...أنا اسفة يا جدو .
بس قلبي زعلان أوي من بابا ،كان نفسي أتربى بينه وبين ماما .
بس للأسف فقدت أمي ساعة الولادة ،
وملقتهوش هو كمان جمبي .
فكنت يتيمة الأم والأب كمان .
مؤمن ....حقك يا بنتى ، بس صدقيني كانت لحظة طيش ،وهو ندم_ ندم العمر كله .
ومتصوريش هو مستني اللحظة اللي يشوفك فيها قد إيه .
أشرقت بغصة مريرة .......ويفيد بإيه الندم ؟
ثم حدثت نفسها ..... يمكن لو كنت اتربيت مع بابا مكنتش شوفت بلال ولا حبيته ولا حسيت بالعذاب اللي انا فيه ده دلوقتي ، بس النصيب ، ربنا يهونها .
ثم تابعت ...مش عارفه يا جدو صراحة لما أشوفه هعمل إيه ؟
هتقبله أو لا ؟
بس صراحة مش قادرة أسامحه .
مؤمن ...ولو قولتلك عشان خاطر جدو حبيبك ،وانتِ كمان أزهرية ، يعني عارفة مكانة الأب حتى لو كان كافر .
أشرقت ...آه بس لو كان هو اللي رباني.
مؤمن...بس هو في النهاية أبوكي ومش هتقدري تنكري ده .
وأنا قلبي حاسس إنك لما تشوفيه قلبك هيحن ، ده أنتِ طالعه شبهو بالملي ونفس لون عينيكي اللي شبه البحر دي .
غير كده أنه اتغير تماما ،وبقا إنسان تاني ، ويعرف ربنا وملتحي كمان ، وأنا متأكد أصلا أنها هتروح عليا وتتعلقي بيه هو أكتر مني.
فضحكت اشرقت مرددة ...لا مفيش حد يقدر ياخد مكانتك عندي ، أنت حبيبي وبس يا جدو.
ثم إذ بالباب فجأة يعلن عن زائر .
أشرقت بتعجب . ...أنت مستني حد يا جدو؟
مؤمن ....لا يا بنتي مش متعود على زيارة حد الصبح كده .
على العموم هنشوف .
أهي أم إبراهيم راحت تفتح وتشوف مين ؟
فتحت مدبرة المنزل أم إبراهيم الباب لتشهق بفرحة بالغة قائلة ........سي لؤي معقولة دى !!
ايه المفاجأة الحلوة دى !!
ألف حمد لله على سلامتك يا ابني، كفارة .
تحرك قلب مؤمن عند سماعه لكلماتها وأن لؤي بالفعل قد عاد .
وأخذ يردد بهيسترية .....ابني، لؤي ، معقول !!
أما أشرقت فانتبابتها قشعريرة في كامل جسدها ،واختلطت مشاعرها بين النقم عليه لأنه تخلى عن أمها في الماضي ، وبين الشوق لرؤية ذلك الرجل آباها .
وفجأة ولج لؤي عليهما ، فتهلل وجه أبيه ومد ذراعيه له مرحبا بقوله ...ابني حبيبي ، إيه المفاجأة الحلوة دي .
أنا كنت بعتقد لسه أسبوع .
لؤى وهو يحتضنه ويبكي.......اللواء أمر أني أكون أول واحد يخرج ومردتش أتصل بيك وقولت خليها مفاجأة أحسن .
مؤمن بفرحة غامرة ........أحلى مفاجأة يا حبيبي، أنا كده ردت فيا الروح من جديد .
مؤمن ...وإيه رأيك كمان في المفاجأة بتعتي ، اللي كنت بتتمناها من زمان .
لؤى بترقب ......مفاجأة إيه ؟؟
مؤمن ...
أنك تعرف بنتك فين ؟
ثم أشار إلى أشرقت قائلا ""أهي يا سيدي حتة منك ومن أمها الله يرحمها .
دق قلب لؤي بشدة ، وهو يتطلع إليها بعينه غير مصدق ، أن تلك الشابة الصغيرة الجميلة التي تقف أمامه هي ابنته بالفعل .
أما هي فكانت ترتجف من هول الموقف ،لا تنكر أن وجهه أصاب قلبها بالطمأنينة بعض الشيء .
ولكن يظل الحاجز بينهما صلب ، فلا تستوعب أن ذلك الرجل فعلا والدها .
مؤمن قلب النظر بينهما ليقول ...إيه مالكم واقفين كده ليه ؟
خد بنتك في حضنك يا لؤي، وعوضها عن كل السنين اللي فاتت ومكنتش في حضنك .
أغمض لؤي عينيه للحظة ثم نظر لها بشوق وتقدم منها وهمس ....بنتي حبيبتي .
ومد ذراعيه ليضمها لصدره ، ليعوض نفسه ويعوضها حرمان السنين الماضية ولكنه تفاجىء بها تهرب من أمامه باكية مرددة ....لااااا أنا مليش أب ،مليش أب .
ثم ذهبت إلى غرفتها وأغلقت الباب من ورائها بقوة .
وألقت بنفسها على الفراش ، تبكي بكاء السنين .
ليحترق جرحها أكثر من فراق بلال ،وتدمى عينيها دما بدل الدموع .
نظر لؤي إلى والده بإنكسار من ردة فعل أشرقت لرؤيته .
ثم وضع يده على وجهه وأجهش بالبكاء مرددا ...يارتني موت قبل ما أعمل اللي عملته .
يارب سامحني ، سامحني يارب .
فتقدم إليه مؤمن بشفقة وضمه إليه وربت على ظهره بحنو قائلا......معلش يا حبيبي .
الأمر مش سهل عليها برده .
وأكيد محتاجه وقت تاخد عليك، انت بالنسبالها غريب دلوقتي .
فواحدة وحدة هتاخد عليك وأنت بشطارتك وأسلوبك وحنيتك عليها هتحبك .
وأنا متاكد من كده ، بس أصبر عليها وهدي نفسك .
لؤى ...ياريت يا بابا .
متصورش أنا محتاجلها قد إيه ؟.
مؤمن ....عارف يا حبيبي ، بس ادعي ربنا يلين قلبها .
وهي غصب عنها برده أعذرها .
لؤي......فاهم يا بابا وعارف .
ربنا يغفر لي ويشرح صدرها ليه
بس ماشاء الله عليها زي القمر ربنا يحفظها .
مؤمن ...يارب .
وهي مش جميلة الشكل بس ، دي جميلة القلب كمان يا ابني .
تعرف أنها خاتمة القرآن وماشاء الله كمان داخلة السنادي كلية الطب .
اتسعت عيني لؤي فرحا بتلك الحورية الصغيرة ابنته مرددا .....بنتي أنا هتكون دكتورة وكمان حافظة كتاب ربنا .
ياااه على كرمك يارب العالمين .
أنا لازم أشكر الناس اللي اتربت معاهم بجد ، ويمكن لو كانت معايا مكنتش وصلت لده فعلا .
فسبحان الله مدبر الأمر .
مؤمن ...لا سيبك منهم ، مش وقته خالص.
المهم دلوقتي تحاول تقرب من بنتك وحدة وحدة لغاية ما تاخد عليك .
لؤى...أكيد هحاول ده ، بس ابدأ ازاي ؟
مؤمن ...أنا هطلعلها ، أتكلم معاها .
وبعدين هقولها هنخرج نتغدى برا النهاردة ، عشان نغير جو.
ولما نخرج حاول تتكلم معاها في أي موضوع ، ولو هاجمتك وسألتك ليه حصل اللي حصل زمان وطلقت أمها ؟
قولها كان طيش شباب وندمت وهي اتسرعت ومشيت ومعرفناش طريقهم .
وأنك دورت كتير بس للأسف معرفتش مكانهم .
واوعى تقول على موضوع القتل والسجن ، أنا مفهمها أنك كنت مريض يا ابني .
أنت فاهمني !
تنهد لؤي بألم قائلا ...حاضر يا بابا .
مؤمن ...ودلوقتي ، أنا هطلع لها .
وبالفعل ذهب مؤمن إليها ، وعندما وصل إلى غرفتها .
سمع من الخارج شهقات بكائها الذي مزق قلبه فقال...والله
ما تستاهلي أبداً اللي حصلك يا بنتي أنتِ وأمك الله يرحمها .
بس قضاء وقدر ، وإن شاء الله تاخدي نصيب أفضل من أمك الله يرحمها وأنا هقف جمبك لغاية آخر نفس في حياتي .
ثم طرق الباب قائلا ...ممكن أدخل يا روح قلب جدو.
أشرقت بنحيب ...اتفضل .
ولج مؤمن إليها ثم جلس بجانبها على الفراش قائلا بمداعبة ....وبعدين في اللؤلؤ اللي ملى السرير ده .
مش خسارة كده .
دموعك غالية أوي يا بنتي ، ومتستهلش تنزل بالسهولة دي .
أشرقت بحزن دفين ....الظاهر يا جدو ، أن دموعي هي طريقي
في الدنيا دي .
وإن الحزن اتكتب عليا زي أمي الله يرحمها .
مؤمن ...لا أنتِ مؤمنة يا بنتي وعارفة كويس ، إن قدر الله كله حلو وخير من عند ربنا .
وكمان لا يرد القدر غير الدعاء .
فادعى ربنا سبحانه وتعالى أن يبدل حزنك فرح .
وأنا متأكد أن أيامك الجاية هتكون كلها سعادة .
وثقي بربنا سبحانه وتعالى.
أشرقت .....ونعم بالله .
مؤمن ...عايزك بس تجهزي حالك ، عشان هنخرج نتغدى برا مع بابا وكده ، عشان نغير جو.
أشرقت بنفي....لااااا اعذرني يا جدو ، أنا مش قادرة اشوفه .
سامحني غصب عني .
مؤمن .....أنا حاسس بيكي يا بنتي ، بس افتكري قوله سبحانه {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}.
والقول هنا على العموم ، يعني حلوين أو وحشين .
وبابا يا بنتي غلط زمان زي أي ما حد بيغلط وندم جدا .
ودور عليكم كتير .
بس أمر ربنا نفذ.
وعشان كده عايزك تفتحي قلبك ليه وحدة وحدة .
ولو يا ستى ضايقك ، قوليلي وأنا هملصلك ودنه دي .
فابتسمت أشرقت .
مؤمن ......ياه على الابتسامة القمر دي.
قومي قومي ، محدش واخد من الدنيا دي حاجة .
وعايز أشوف ابتسامتك الحلوة دي على طول .
وبالفعل قامت أشرقت رغم أن قلبها يعتصر ألما من ظلم الحياة لها ، فقد تخلى عنها والدها ثم من أعطت له قلبها بكل سهولة .
ولا تعلم أيضا ماذا تخبىء لها الأيام من خيبات أخرى .
فكفى يا قلبي الصغير ، ما عاد تحتمل المزيد .
اما آن لك أن تفرح .
أم مازال الله يريد أن يختبر صبري .
نعم سأصبر حتى يتعجب الزمان من صبري.
وبالفعل تجهزت وارتدت فستان بسيط هادىء من اللون الزهري وخمار من اللون الأبيض ، فكانت كحورية صغيرة تتنتقل بين أزهار الجنة، حتى أن لؤي دق قلبه لها وكأنه هو من رباها خلال تلك السنوات التي مضت ، فشعر أنها حقا جزءا من دمه .
نعم أنها ابنته الصغيرة الجميلة أشرقت .
التي ستشرق حياته المظلمة .
فابتسم مرددا ...ماشاء الله ، تبارك الله .
متصوريش أنا فخور بيكي قد إيه يا بنتي .
لم تعره أشرقت أي اهتمام ، رغم أنها تحب النظر إليه ، وكأن نظرتها إليه تطمئنها أن هناك أخيرا من يحمي ظلها وتحتمي به .
ولكن مازال سدا عنيفا يقف بينهما .
فهل ستستطيع الأيام أن تحطمه.
أقبلت أشرقت على جدها مؤمن بابتسامتها المشرقة مرددة ....أحم أحم نحن هنا .
التفت مؤمن ليراها فاتسعت عيناه فرحا قائلا....الله أكبر .
إيه القمر ده يا ناس .
ياريتني كنت لسه شاب صغنن ،كنت خطفتك على الحصان وروحت بيكي لمدينة الأحلام .
أشرقت بضحك ...أنت لسه صغير يا جدو وأنا بحبك أوي أوي .
ويلا اخطفني للمطعم عشان جوعت اوى اوى .
مؤمن ...بس كده يا بكاشة ، يلا بينا .
منا عارف ساعة بطنك متصوصو معندكيش ياما ارحمينا .
شعر لؤي بالغيرة من والده لحب أشرقت له ،ولكنه دعا الله أن يؤلف بين قلبه وقلبها .
فهو يحتاج إليها كثيرا ، وأقسم أن يعوضها عن كل يوم كانت بعيدة عنه وعن حضنه .
مؤمن ...يلا يا عم لؤي، مالك واقف متنح كده .
لؤى ...جاي أهو .
وبالفعل ذهبوا لمكان هادىء على كورنيش النيل ويحاوطه مساحات خضراء، ليستمتعوا بتناول وجبة الغذاء على هذا المشهد الرائع الذى هو من صنع الله الخالق المبدع .
........
على الجانب الآخر كانت لمياء مع بلال تستعطفه بكافة الطرق
أن تخرج مثل أي عروسة مع زوجها للتنزه قليلا .
لمياء بدلال......لولو حبيبي ، أنا زهقت من البيت ، ونفسي نخرج زي اى اتنين عرسان نشم شوية هوا زي الناس .
تنفس بلال بغضب قائلا ...أخرج معاكى ازاي ؟
بوشك اللي عامل زي البلياتشو ده .
فانفعلت لمياء بقولها ...حرام عليك والله .
كل شوية تكسر بخاطري كده .
بلياتشو إيه وبتاع ، أنا كانت نيتي أقعد فترة حلوة عشان أرضيك .
وحتى لو كنت غلطانة يا سيدي ،مش يكون أسلوبك ده معايا .
فهمني براحة مش كده .
ولا هو كلام بس يا شيخ لما تفضل تقول ....الرفق واللين وجبر الخاطر من خلق المسلم .
لكن معايا أنا دبحني بكلامك .
ثم اصطنعت البكاء مرددة ...حرام عليك كسرت فرحتي .
ربنا هيحاسبك على قهرتي منك دي .
وهنا شعر بلال بالخوف من عقاب الله على معاملته الحادة معها ...فهو تزوجها من أجل أن لا يحزنها .
فكيف بعد أن أصبحت زوجته ومسؤولا عنها يفعل بها هذا ؟
بلال ببعض اللطف .....أنا مش قصدي أكسر فرحتك ولا الكلام ده كله .
بس ازاي أخرج بيكي ،ووشك لسه الزينة دي ؟
وأنا كده هتحاسب على كل واحد يشوفك بيه .
وده اللي مزعلني يا لميا .
بس أنتِ مش فهماني .
لمياء .......معلش بقا عديها ،وهو يعني يوم عن يوم هيقل شوية .
وخلاص احنا قربنا على المغرب ، وهننزل نتمشى إن شاء الله حتى على الكورنيش .
ومحدش هياخد باله .
المهم أتمشى معاك يا بلال يا حبيبي .
وأحس أن خلاص بقا ليا راجل ،ومش أي راجل ده جوزي حبيبي .
حرك بلال رأسه بنفاذ صبر قائلا. ..أمري لله .
إلبسي بس حاولي تنزلي الطرحة على وشك بقدر الإمكان لغاية ما ربنا يهديكي للنقاب وتريحيني يا بنت الناس .
لمياء محدثة نفسها .....لا نقاب إيه وبتاع إيه ؟
وأخبي ليه وشي وأتخنق أنا عايزة أدلع نفسي والعين تبقا عليا ،واتهنى بشبابي .
بس يلا هخده على قد عقله وأمشيها وأقول إن شاء الله وخلاص .
والمهم دلوقتي أروح ألبس الحتة اللي على الحبل .
وأتشيك كده وأنزل إيدي في أيده ، وأغيظ بنات الحتة كلهم اللي كانوا هيموتوا عليه.
واقول انا اللى فزت بسيد شباب الحتة ونورتها ( بلال )
..........
فماذا يا ترى سيحدث في تلك النزهة ؟
هل ستمر بسلام .
أم سيحدث شيء يفجر المكبوت ؟
أم ستكون صدفة وستمر على خير ؟
أسيبكم مع الدعاء الجميل ده على وعد نلتقي بحلقة ثانية ومتنسوش تكتبولي رايكم عشان يهمني جدا جدا
"اللهمّ إنّي أشكوا إليك ضعف قوّتي، وقلّة حيلتي وهواني على النّاس يا أرحم الراحمين، أنت ربّ المستضعفين، وأنت ربّي إلى من تكلني إلى بعيدٍ يتجهّمني أم إلى عدوٍّ ملكته أمري، إن لم يكن بك غضبٌ عليّ فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الّذي أشرقت به الظّلمات، وصلح عليه أمر الدّنيا والآخرة من أن يحلّ بي غضبك، أو يحلّ عليّ سخطك، لك العتبى حتّى ترضى ولا حول ولا قوّة إلّا بك"
............
أم فاطمة
#الحلقة_الثانية
...........
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
إن الظالم لا يظلم غيره فقط إنما الظلم الأكبر لنفسه لأن الله لا يؤخر عقاب الظالم للآخرة إنما يعاقب في الدنيا من كره الناس له وذهاب النعمة وبقاء النقمة والآخرة يكون من الخاسرين.
................
ظل بلال على الأريكة يرتل بعض آيات من الذكر الحكيم لعلها تخفف عنه ألم ما يشعر به .
فـ جاءت إليه لمياء تتغنج في مشيتها أمامه ثم انحنت بجذعها بعض الشيء وأخذت تعبث بخصلات شعره .
وود بلال أن لو دفعها عنه ، فحركتها تلك تجعله يخرج عن شعوره ، فهو أيضا لا يطيق النظر لوجهها الممتلئ بالمساحيق وتشبه عروسة الحلوى .
فهو يعشق البساطة والطبيعة كما كانت صغيرته أشرقت .
ولكنه تماسك حتى لا يفقد أعصابه .
جلست لمياء بجانبه واقتربت منه ووضعت رأسها على كتفه هامسه .........إيه يا شيخ بلال مش هتخلص قراية في المصحف ولا إيه ؟
ده حتى الرسول صلى الله عليه وسلم ، بيقول ساعة لقلبك وساعة لربك .
وصح كمان متهيئلي سمعت حديث قبل كده فيما معناه يعني ...أنك لما تكون مع أهلك اللي هو أنا مراتك يعنى
هتاخد ثواب برده اه .
والله زي مبقولك كده .
وأنت فاهم أكيد وواعي عني يعني .
فهم بلال ما ترمي إليه لمياء وهي محقة ، فهو زوجها على سنة الله ورسوله ولها حق عليه .
ويجب عليه أن يقوم به ،حتى وإن خالف هواه ، فهي ليس لها ذنبا، فى أنها لا تملك قلبه ويملكه سواها .
فتبا لقلب عشق من ليس له ، ومن هو له أمامه ولكن لا يهواه ، فاى ظلما هذا ؟
ولكن يجب عليه أن يعفها بالحلال الطيب.
أومأ بلال برأسه وتنهد بحرارة كادت أن تحرق قلبه .
ثم قام وأمسك بيديها ، لتبتسم هي بمكر .
وولج معها لـ غرفة النوم ، لتصبح زوجته بالفعل .
وما إن انتهى حتى تبدلت معالم وجهه وذهب سريعا
إلى المرحاض .
ليسكب على جسده الماء البارد ظنا أن قيامه بهذا الأمر سيجعله يزيل رائحتها التي لايطيقها من على جسده ولعله يخفف عنه وطأة العذاب الذي كان يشعر به .
فهو يتعذب من كونه مع زوجة لا يحبها ولا يشعر بها وبين حب عمره التي يشتاق إليها وتكاد صورتها لا تفارق مخيلته ، حتى أنه تخيلها مكان لمياء .
ولكنه استعاذ بالله من الشيطان الرجيم ، فهي لا تحل له حتى يفكر بها بهذه الصورة .
أما لميا فبرغم سعادتها بهذا القرب من الرجل الذي لطالما حلمت به زوجا لها بسبب دماثة خَلقه وخُلقه أيضا .
فهو حلم كل فتيات الحارة .
لانه ذو جسد رياضي طويل وعريض المنكبين ، ببشرة بيضاء تتميز بحمرة جميلة.
وتزينه اللحية وابتسامته الحنونة التي افتقدتها منذ زواجها به .
لمياء بابتسامة اعجاب ...يا خراشي على جماله وطعمته الراجل ده ، ده أنا دوبت فيه دوب وربنا .
بس مش عارفه ماله ؟
حاسه زي ما يكون مش معايا خالص ، ولا عدت بشوف ضحكته اللي كانت بتنور وشه .
إيه حكايته ده ؟
ثم أجابت نفسها .
ده أكيد حسد مع بنات الحتة ، آه ما الكل بيحسدني عليه .
أما أقو ل لأمي تعملي عروسة وتحرقها من عين البت جمالات والبت شفاعات والبت آه السوسة دي هانم .
بس اقولك يا بت يا لميا ، صراحة كفاية القرب منه ده جنة لوحدها .
لما أتصل بأمي أفرحها أني بقيت عروسة بجد .
الوووو ياما ، باركيلي خلاص حصل ،يسلم أفكارك يا ست الكل .
فأطلقت أم لمياء زغرودة لتقول ......ألف مبروك يا ضنايا ، ربنا يهنيكى يا قلب أمك .
ثم تابعت... بصي يا حبيبتي .
شوية وهنزلك بالغدا يا عين أمك .
ومش هوصيكي بقا ، بشطارتك ، تخليه زي الدبلة في صباعك .
بالكلمة الحلوة والدلع ولقمة حلوة كده وكلمة حاضر بتريح
حتى لو مش هتعملي بيها .
فاهمة يا بت !
ولا أقول تاني عشان عرفاكي خايبة.
لمياء........آه ياما فاهمة ، متقلقيش عليا .
........................
وفي الصباح حيث أنارت الشمس الدنيا بجمالها .
غادرت أشرقت غرفتها بعد أداء صلاة الضحى
التي دعت الله فيها أن يربط على قلبها ويلهمها الصواب والرشد لتبدأ حياة جديدة لما قسمه الله لها .
فهي تعلم بل تيقن أن كل ما يكتبه لنا الله هو خير وإن كنا لا نرى ذلك بأعيننا .
وجدت أشرقت جدها مؤمن ينتظرها على مائدة الطعام لتناول وجبة الإفطار .
أشرقت بحب وابتسامة مشرقة رغم حزنها ...صباح الخير يا أحلى جدو .
مؤمن ...الله يا ناس ، على الاصطباحية السكر دي، كنتي فين من زمان يا بنتي.
والله من ساعة ما شوفتك حاسس إن ربنا راضي عني والبيت كده منور وفيه روح بعد ما كان مظلم ومفهوش أي حاجة تدل على الحياة .
أشرقت بحنو ...يا حبيبي يا جدو .
بس أعمل إيه ؟
أنت اللي كنت فين من زمان ؟
وليه بابا مسألش عني وعن أمي وسابني كده اتخبط في الدنيا لوحدي ومليش حد .
بس بحمد ربنا برده أني قابلت ناس طيبة زي الست أم مصطفى وبسمة وأخوها ( ومقدرتش تنطق بلال ) .
مش عارفة لولاهم كان زماني في الشارع ومقدرتش أتعلم
ولا أوصل للي وصلتله دلوقتي.
دمعت عيني مؤمن لكلماتها فهي على حق ، وابنه سيتحمل ذنبها إلى يوم الدين إن لم تسامحه على ما حدث لها ولوالدتها .
مؤمن ..ش.يا بنتي هتصدقيني لو قولتلك أني بدور عليكي من ساعة ما كنتي لسه في بطن أمك .
بس للأسف مقدرتش أوصل لحاجة أبداً طول السنين دي كلها .
سامحيني يا بنتي وسامحي بابا ، مكنش بإيدينا صدقيني .
أشرقت وقد بدأت دموعها تتسلل إلى وجنتيها ......لو هسامح هسامحك أنت يا جدو ، لكن مش هسامح بابا أبداً .
لأنه كان السبب أن أمي تمشي ومحدش يعرف مكانها .
هو اللي عمل فيها كده .
أيوه خالتي أم مصطفى حكتلي أنه زعلها جامد وطلقها ورماها في الشارع .
وهي يا عيني مكنش ليها حد تروحله، لولا قابلتها الست الطيبة دي.
لم يتحمل مؤمن كلمات أشرقت ، فدخل في نوبة بكاء
حسرة على تلك المسكينة شروق .
فهو أيضا كان السبب في تزويجها لابنه رغم علمه أنه لا يحبها .
لكنه أجبره عليها وتلك كانت النتيجة بإستهتاره وعدم تقديره لتلك الزوجة الصالحة .
اشفقت أشرقت على مؤمن فقامت على الفور واحتضنت رأسه ثم جففت دموعه قائلة ...أنا اسفة يا جدو .
بس قلبي زعلان أوي من بابا ،كان نفسي أتربى بينه وبين ماما .
بس للأسف فقدت أمي ساعة الولادة ،
وملقتهوش هو كمان جمبي .
فكنت يتيمة الأم والأب كمان .
مؤمن ....حقك يا بنتى ، بس صدقيني كانت لحظة طيش ،وهو ندم_ ندم العمر كله .
ومتصوريش هو مستني اللحظة اللي يشوفك فيها قد إيه .
أشرقت بغصة مريرة .......ويفيد بإيه الندم ؟
ثم حدثت نفسها ..... يمكن لو كنت اتربيت مع بابا مكنتش شوفت بلال ولا حبيته ولا حسيت بالعذاب اللي انا فيه ده دلوقتي ، بس النصيب ، ربنا يهونها .
ثم تابعت ...مش عارفه يا جدو صراحة لما أشوفه هعمل إيه ؟
هتقبله أو لا ؟
بس صراحة مش قادرة أسامحه .
مؤمن ...ولو قولتلك عشان خاطر جدو حبيبك ،وانتِ كمان أزهرية ، يعني عارفة مكانة الأب حتى لو كان كافر .
أشرقت ...آه بس لو كان هو اللي رباني.
مؤمن...بس هو في النهاية أبوكي ومش هتقدري تنكري ده .
وأنا قلبي حاسس إنك لما تشوفيه قلبك هيحن ، ده أنتِ طالعه شبهو بالملي ونفس لون عينيكي اللي شبه البحر دي .
غير كده أنه اتغير تماما ،وبقا إنسان تاني ، ويعرف ربنا وملتحي كمان ، وأنا متأكد أصلا أنها هتروح عليا وتتعلقي بيه هو أكتر مني.
فضحكت اشرقت مرددة ...لا مفيش حد يقدر ياخد مكانتك عندي ، أنت حبيبي وبس يا جدو.
ثم إذ بالباب فجأة يعلن عن زائر .
أشرقت بتعجب . ...أنت مستني حد يا جدو؟
مؤمن ....لا يا بنتي مش متعود على زيارة حد الصبح كده .
على العموم هنشوف .
أهي أم إبراهيم راحت تفتح وتشوف مين ؟
فتحت مدبرة المنزل أم إبراهيم الباب لتشهق بفرحة بالغة قائلة ........سي لؤي معقولة دى !!
ايه المفاجأة الحلوة دى !!
ألف حمد لله على سلامتك يا ابني، كفارة .
تحرك قلب مؤمن عند سماعه لكلماتها وأن لؤي بالفعل قد عاد .
وأخذ يردد بهيسترية .....ابني، لؤي ، معقول !!
أما أشرقت فانتبابتها قشعريرة في كامل جسدها ،واختلطت مشاعرها بين النقم عليه لأنه تخلى عن أمها في الماضي ، وبين الشوق لرؤية ذلك الرجل آباها .
وفجأة ولج لؤي عليهما ، فتهلل وجه أبيه ومد ذراعيه له مرحبا بقوله ...ابني حبيبي ، إيه المفاجأة الحلوة دي .
أنا كنت بعتقد لسه أسبوع .
لؤى وهو يحتضنه ويبكي.......اللواء أمر أني أكون أول واحد يخرج ومردتش أتصل بيك وقولت خليها مفاجأة أحسن .
مؤمن بفرحة غامرة ........أحلى مفاجأة يا حبيبي، أنا كده ردت فيا الروح من جديد .
مؤمن ...وإيه رأيك كمان في المفاجأة بتعتي ، اللي كنت بتتمناها من زمان .
لؤى بترقب ......مفاجأة إيه ؟؟
مؤمن ...
أنك تعرف بنتك فين ؟
ثم أشار إلى أشرقت قائلا ""أهي يا سيدي حتة منك ومن أمها الله يرحمها .
دق قلب لؤي بشدة ، وهو يتطلع إليها بعينه غير مصدق ، أن تلك الشابة الصغيرة الجميلة التي تقف أمامه هي ابنته بالفعل .
أما هي فكانت ترتجف من هول الموقف ،لا تنكر أن وجهه أصاب قلبها بالطمأنينة بعض الشيء .
ولكن يظل الحاجز بينهما صلب ، فلا تستوعب أن ذلك الرجل فعلا والدها .
مؤمن قلب النظر بينهما ليقول ...إيه مالكم واقفين كده ليه ؟
خد بنتك في حضنك يا لؤي، وعوضها عن كل السنين اللي فاتت ومكنتش في حضنك .
أغمض لؤي عينيه للحظة ثم نظر لها بشوق وتقدم منها وهمس ....بنتي حبيبتي .
ومد ذراعيه ليضمها لصدره ، ليعوض نفسه ويعوضها حرمان السنين الماضية ولكنه تفاجىء بها تهرب من أمامه باكية مرددة ....لااااا أنا مليش أب ،مليش أب .
ثم ذهبت إلى غرفتها وأغلقت الباب من ورائها بقوة .
وألقت بنفسها على الفراش ، تبكي بكاء السنين .
ليحترق جرحها أكثر من فراق بلال ،وتدمى عينيها دما بدل الدموع .
نظر لؤي إلى والده بإنكسار من ردة فعل أشرقت لرؤيته .
ثم وضع يده على وجهه وأجهش بالبكاء مرددا ...يارتني موت قبل ما أعمل اللي عملته .
يارب سامحني ، سامحني يارب .
فتقدم إليه مؤمن بشفقة وضمه إليه وربت على ظهره بحنو قائلا......معلش يا حبيبي .
الأمر مش سهل عليها برده .
وأكيد محتاجه وقت تاخد عليك، انت بالنسبالها غريب دلوقتي .
فواحدة وحدة هتاخد عليك وأنت بشطارتك وأسلوبك وحنيتك عليها هتحبك .
وأنا متاكد من كده ، بس أصبر عليها وهدي نفسك .
لؤى ...ياريت يا بابا .
متصورش أنا محتاجلها قد إيه ؟.
مؤمن ....عارف يا حبيبي ، بس ادعي ربنا يلين قلبها .
وهي غصب عنها برده أعذرها .
لؤي......فاهم يا بابا وعارف .
ربنا يغفر لي ويشرح صدرها ليه
بس ماشاء الله عليها زي القمر ربنا يحفظها .
مؤمن ...يارب .
وهي مش جميلة الشكل بس ، دي جميلة القلب كمان يا ابني .
تعرف أنها خاتمة القرآن وماشاء الله كمان داخلة السنادي كلية الطب .
اتسعت عيني لؤي فرحا بتلك الحورية الصغيرة ابنته مرددا .....بنتي أنا هتكون دكتورة وكمان حافظة كتاب ربنا .
ياااه على كرمك يارب العالمين .
أنا لازم أشكر الناس اللي اتربت معاهم بجد ، ويمكن لو كانت معايا مكنتش وصلت لده فعلا .
فسبحان الله مدبر الأمر .
مؤمن ...لا سيبك منهم ، مش وقته خالص.
المهم دلوقتي تحاول تقرب من بنتك وحدة وحدة لغاية ما تاخد عليك .
لؤى...أكيد هحاول ده ، بس ابدأ ازاي ؟
مؤمن ...أنا هطلعلها ، أتكلم معاها .
وبعدين هقولها هنخرج نتغدى برا النهاردة ، عشان نغير جو.
ولما نخرج حاول تتكلم معاها في أي موضوع ، ولو هاجمتك وسألتك ليه حصل اللي حصل زمان وطلقت أمها ؟
قولها كان طيش شباب وندمت وهي اتسرعت ومشيت ومعرفناش طريقهم .
وأنك دورت كتير بس للأسف معرفتش مكانهم .
واوعى تقول على موضوع القتل والسجن ، أنا مفهمها أنك كنت مريض يا ابني .
أنت فاهمني !
تنهد لؤي بألم قائلا ...حاضر يا بابا .
مؤمن ...ودلوقتي ، أنا هطلع لها .
وبالفعل ذهب مؤمن إليها ، وعندما وصل إلى غرفتها .
سمع من الخارج شهقات بكائها الذي مزق قلبه فقال...والله
ما تستاهلي أبداً اللي حصلك يا بنتي أنتِ وأمك الله يرحمها .
بس قضاء وقدر ، وإن شاء الله تاخدي نصيب أفضل من أمك الله يرحمها وأنا هقف جمبك لغاية آخر نفس في حياتي .
ثم طرق الباب قائلا ...ممكن أدخل يا روح قلب جدو.
أشرقت بنحيب ...اتفضل .
ولج مؤمن إليها ثم جلس بجانبها على الفراش قائلا بمداعبة ....وبعدين في اللؤلؤ اللي ملى السرير ده .
مش خسارة كده .
دموعك غالية أوي يا بنتي ، ومتستهلش تنزل بالسهولة دي .
أشرقت بحزن دفين ....الظاهر يا جدو ، أن دموعي هي طريقي
في الدنيا دي .
وإن الحزن اتكتب عليا زي أمي الله يرحمها .
مؤمن ...لا أنتِ مؤمنة يا بنتي وعارفة كويس ، إن قدر الله كله حلو وخير من عند ربنا .
وكمان لا يرد القدر غير الدعاء .
فادعى ربنا سبحانه وتعالى أن يبدل حزنك فرح .
وأنا متأكد أن أيامك الجاية هتكون كلها سعادة .
وثقي بربنا سبحانه وتعالى.
أشرقت .....ونعم بالله .
مؤمن ...عايزك بس تجهزي حالك ، عشان هنخرج نتغدى برا مع بابا وكده ، عشان نغير جو.
أشرقت بنفي....لااااا اعذرني يا جدو ، أنا مش قادرة اشوفه .
سامحني غصب عني .
مؤمن .....أنا حاسس بيكي يا بنتي ، بس افتكري قوله سبحانه {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}.
والقول هنا على العموم ، يعني حلوين أو وحشين .
وبابا يا بنتي غلط زمان زي أي ما حد بيغلط وندم جدا .
ودور عليكم كتير .
بس أمر ربنا نفذ.
وعشان كده عايزك تفتحي قلبك ليه وحدة وحدة .
ولو يا ستى ضايقك ، قوليلي وأنا هملصلك ودنه دي .
فابتسمت أشرقت .
مؤمن ......ياه على الابتسامة القمر دي.
قومي قومي ، محدش واخد من الدنيا دي حاجة .
وعايز أشوف ابتسامتك الحلوة دي على طول .
وبالفعل قامت أشرقت رغم أن قلبها يعتصر ألما من ظلم الحياة لها ، فقد تخلى عنها والدها ثم من أعطت له قلبها بكل سهولة .
ولا تعلم أيضا ماذا تخبىء لها الأيام من خيبات أخرى .
فكفى يا قلبي الصغير ، ما عاد تحتمل المزيد .
اما آن لك أن تفرح .
أم مازال الله يريد أن يختبر صبري .
نعم سأصبر حتى يتعجب الزمان من صبري.
وبالفعل تجهزت وارتدت فستان بسيط هادىء من اللون الزهري وخمار من اللون الأبيض ، فكانت كحورية صغيرة تتنتقل بين أزهار الجنة، حتى أن لؤي دق قلبه لها وكأنه هو من رباها خلال تلك السنوات التي مضت ، فشعر أنها حقا جزءا من دمه .
نعم أنها ابنته الصغيرة الجميلة أشرقت .
التي ستشرق حياته المظلمة .
فابتسم مرددا ...ماشاء الله ، تبارك الله .
متصوريش أنا فخور بيكي قد إيه يا بنتي .
لم تعره أشرقت أي اهتمام ، رغم أنها تحب النظر إليه ، وكأن نظرتها إليه تطمئنها أن هناك أخيرا من يحمي ظلها وتحتمي به .
ولكن مازال سدا عنيفا يقف بينهما .
فهل ستستطيع الأيام أن تحطمه.
أقبلت أشرقت على جدها مؤمن بابتسامتها المشرقة مرددة ....أحم أحم نحن هنا .
التفت مؤمن ليراها فاتسعت عيناه فرحا قائلا....الله أكبر .
إيه القمر ده يا ناس .
ياريتني كنت لسه شاب صغنن ،كنت خطفتك على الحصان وروحت بيكي لمدينة الأحلام .
أشرقت بضحك ...أنت لسه صغير يا جدو وأنا بحبك أوي أوي .
ويلا اخطفني للمطعم عشان جوعت اوى اوى .
مؤمن ...بس كده يا بكاشة ، يلا بينا .
منا عارف ساعة بطنك متصوصو معندكيش ياما ارحمينا .
شعر لؤي بالغيرة من والده لحب أشرقت له ،ولكنه دعا الله أن يؤلف بين قلبه وقلبها .
فهو يحتاج إليها كثيرا ، وأقسم أن يعوضها عن كل يوم كانت بعيدة عنه وعن حضنه .
مؤمن ...يلا يا عم لؤي، مالك واقف متنح كده .
لؤى ...جاي أهو .
وبالفعل ذهبوا لمكان هادىء على كورنيش النيل ويحاوطه مساحات خضراء، ليستمتعوا بتناول وجبة الغذاء على هذا المشهد الرائع الذى هو من صنع الله الخالق المبدع .
........
على الجانب الآخر كانت لمياء مع بلال تستعطفه بكافة الطرق
أن تخرج مثل أي عروسة مع زوجها للتنزه قليلا .
لمياء بدلال......لولو حبيبي ، أنا زهقت من البيت ، ونفسي نخرج زي اى اتنين عرسان نشم شوية هوا زي الناس .
تنفس بلال بغضب قائلا ...أخرج معاكى ازاي ؟
بوشك اللي عامل زي البلياتشو ده .
فانفعلت لمياء بقولها ...حرام عليك والله .
كل شوية تكسر بخاطري كده .
بلياتشو إيه وبتاع ، أنا كانت نيتي أقعد فترة حلوة عشان أرضيك .
وحتى لو كنت غلطانة يا سيدي ،مش يكون أسلوبك ده معايا .
فهمني براحة مش كده .
ولا هو كلام بس يا شيخ لما تفضل تقول ....الرفق واللين وجبر الخاطر من خلق المسلم .
لكن معايا أنا دبحني بكلامك .
ثم اصطنعت البكاء مرددة ...حرام عليك كسرت فرحتي .
ربنا هيحاسبك على قهرتي منك دي .
وهنا شعر بلال بالخوف من عقاب الله على معاملته الحادة معها ...فهو تزوجها من أجل أن لا يحزنها .
فكيف بعد أن أصبحت زوجته ومسؤولا عنها يفعل بها هذا ؟
بلال ببعض اللطف .....أنا مش قصدي أكسر فرحتك ولا الكلام ده كله .
بس ازاي أخرج بيكي ،ووشك لسه الزينة دي ؟
وأنا كده هتحاسب على كل واحد يشوفك بيه .
وده اللي مزعلني يا لميا .
بس أنتِ مش فهماني .
لمياء .......معلش بقا عديها ،وهو يعني يوم عن يوم هيقل شوية .
وخلاص احنا قربنا على المغرب ، وهننزل نتمشى إن شاء الله حتى على الكورنيش .
ومحدش هياخد باله .
المهم أتمشى معاك يا بلال يا حبيبي .
وأحس أن خلاص بقا ليا راجل ،ومش أي راجل ده جوزي حبيبي .
حرك بلال رأسه بنفاذ صبر قائلا. ..أمري لله .
إلبسي بس حاولي تنزلي الطرحة على وشك بقدر الإمكان لغاية ما ربنا يهديكي للنقاب وتريحيني يا بنت الناس .
لمياء محدثة نفسها .....لا نقاب إيه وبتاع إيه ؟
وأخبي ليه وشي وأتخنق أنا عايزة أدلع نفسي والعين تبقا عليا ،واتهنى بشبابي .
بس يلا هخده على قد عقله وأمشيها وأقول إن شاء الله وخلاص .
والمهم دلوقتي أروح ألبس الحتة اللي على الحبل .
وأتشيك كده وأنزل إيدي في أيده ، وأغيظ بنات الحتة كلهم اللي كانوا هيموتوا عليه.
واقول انا اللى فزت بسيد شباب الحتة ونورتها ( بلال )
..........
فماذا يا ترى سيحدث في تلك النزهة ؟
هل ستمر بسلام .
أم سيحدث شيء يفجر المكبوت ؟
أم ستكون صدفة وستمر على خير ؟
أسيبكم مع الدعاء الجميل ده على وعد نلتقي بحلقة ثانية ومتنسوش تكتبولي رايكم عشان يهمني جدا جدا
"اللهمّ إنّي أشكوا إليك ضعف قوّتي، وقلّة حيلتي وهواني على النّاس يا أرحم الراحمين، أنت ربّ المستضعفين، وأنت ربّي إلى من تكلني إلى بعيدٍ يتجهّمني أم إلى عدوٍّ ملكته أمري، إن لم يكن بك غضبٌ عليّ فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الّذي أشرقت به الظّلمات، وصلح عليه أمر الدّنيا والآخرة من أن يحلّ بي غضبك، أو يحلّ عليّ سخطك، لك العتبى حتّى ترضى ولا حول ولا قوّة إلّا بك"
............
أم فاطمة
الاكثر قراءة هذا الشهر :
موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله
هنا تنتهى احداث رواية صغيرة بلال الجزء الثاني الحلقة الثانية ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية صغيرة بلال الجزء الثاني الحلقة الثالثة أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .
نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية صغيرة بلال الجزء الأول ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .