نقدم اليوم احداث رواية اصبحت اسيرته البارت 22 من روايات سماح نجيب . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية واحدة من اجمل الروايات رومانسية والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية اصبحت اسيرته كاملة بقلم سماح نجيب من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية اصبحت اسيرته pdf كاملة من خلال موقعنا .
أصبحت اسيرته الفصل الثاني والعشرون
* أصبحت أسيرته *
٢٢– " أعلم ما تُخفيه "
بديهياً كان كفيها يحتضنان ذلك النتوء الطفيف الذى برز ببطنها ، تراها كأنها أفعى ستنتزع ما بداخلها بأنيابها
ممتنة هى أن قدميها تسعفها بالتراجع عن تلك التى مازالت عاقدة ذراعيها أمام صدرها وعيناها ترصد تحركاتها ببرود مزعج
صوت إغلاق الباب جعلها تشعر بأن المكان أصبح ضيقاً ولن تجد سبيلاً للفرار
فهى مازالت تخشاها ، ترهبها كما كانت تفعل بصغرهما ، فخمس دقائق فارقة بين مولدهما ،جعل جوليا ترى نفسها أنها الكبرى ويحق لها أن تفعل بها ما تريد
سمعت عن الشقيقات التؤام ، بأن كل منهما تشعر بالآخرى كأنهما روح واحدة ، ولكنها لم تشعر بذلك مع جوليا
جالت عين جوليا بالصالة تتفحص محتواها ،فقالت بهدوء مزيف:
– حلو الشقة دى يا جومانا هى دى بقى عش الحب بتاعك أنتى وقاسم
فهى لم تعلم مكان وجودها فقط ،بل علمت من يكون والد طفلها الذى تحمله بأحشاءها ، فكيف حصلت على ذلك الكم من المعلومات
فدائما ما تثير غرابتها كأنها إحدى العرافات أو الساحرات التى تعلم ما تحاول أن تخفيه هى عنها
حاولت أن يخرج صوتها من فمها الذى جف منذ رؤيتها ،فهتفت بوجل:
– هو أنتى عرفتى مكانى إزاى وعايزة منى إيه يا جوليا أنا قولتلك مش هشترك معاكى فى اللعبة دى
على أحد المقاعد كانت جوليا تريح جسدها ، واضعة ساق على الأخرى ، تنقر بأصابعها على طرف المقعد
صوت نقرات أصابعها كصوت دقات ناقوس الخطر ، مستمتعة هى برؤية الخوف على وجهها
ولكنها لن تقدم على إيذاءها ،فهى بحاجة إليها ، فهى لن تستفاد شئ إذا حدث بينهما عراكاً أو ما شابه
فرفعت يدها تشير لها بالجلوس قائلة بهدوء خطر:
– تعالى أقعدى يا جومانا وأنا هقولك عرفت مكانك إزاى بأتفه طريقة مش هتصدقى
صدحت ضحكتها بالشقة فعادت مستطردة:
– بالصدفة كنت معدية فى البيت عندى كده يا جومانا وسمعت قاسم بيتكلم فى التليفون وسمعت وصلة من وصلات الغرام بتاعتكم وسمعته بيقول إسمك هو فى الأول إستغربت جدا من الإسم اللى قاله أو ايه اللى يجمع قاسم بيكى بس راقبته وعرفت انه المحروس أبو النونو اللى فى بطنك يا جومانا ومش بس كده عرفت كمان حقيقته وانه مش سواق ولا الكلام الفاضى ده لاء عرفت انه قاسم الوزان وابوه كان سعد الدين الوزان غريم طلعت وكان فى بينهم مصايب
توهج وجه جومانا بإحمرار غير إعتيادى ،وهى ترى شقيقتها علمت كل ما كانت تخفيه فتلمست بيدها طرف المقعد كأنها غير قادرة على الوقوف ،فسقطت عليه قبل أن تدور الدنيا بها أكثر
– إنتى عايزة إيه يا جوليا
هكذا بكل هدوء قالتها جومانا ، كمن لم تعد تملك حيلة أخرى ، فالأن لن تكون المساومة على الطفل فقط بل زوجها أيضاً
إبتسامة الانتصار التى إرتسمت على محياها ، جعلت جومانا لو تملك من الشجاعة ما تحد به من تصرفات شقيقتها التى دائما ما تخرج من أى مواجهة أو صراع بينهما ظافرة
أجابتها جوليا بهدوء:
– عيزاكى تكملى اللى كنا متفقين عليه يا جومانا ، دلوقتى ورقنا بقى مكشوف ، يعنى تساعدينى فى اللى انا عيزاه حفاظاً على أن رقبة قاسم متطرش قولتى إيه
ماذا تقول ؟
فهى كعادتها دائما تسلبها حق الرفض ، تجعلها بالاخير تبدى موافقتها على ما تريد ، فالرفض معناه أن خسائر فادحة بالطريق إليها ، وتتمثل الخسارة تلك المرة بزوجها
___________
منذ تلقيه تلك المكالمة التى علم منها ، أن ما كان بإنتظاره قد حدث ، وهو إبتسامته لاتخبو من على شفتيه
مازاد بسعادته الآن وهو يقف أمام المرآة ينهى إرتداء ثيابه ، أنه ذاهباً لخطبتها
ولجت والدته تصيح بسعادة:
– ألف مبروك يا حبيبى يلا بينا بقى خالتك وعمك جلال قاعدين برا بقالهم كتير يا سليم
إستدار سليم إليها باسما:
– الله يبارك فيكى يا ماما يلا بينا
خرجوا جميعهم من المنزل ، تنهب سيارته الأرض نهباً لكى يصل لمنزل تلك الفاتنة ، بوقت قياسى كانت السيارة تلج للداخل عبر البوابة الخارجية
بذلك الوقت .. وبغرفتها التى كانت رأساً على عقب ، وهى تأخذ ثوب تجيل بصرها به ،لتلقيه بعد ذلك خلف ظهرها
فنفخت قائلة بيأس :
– ألبس إيه ألببببس إيه ردى عليا يا تالين
وضعت تالين يدها على أذنيها من صياح ديما فردت قائلة :
– صوتك يا بنتى زمانهم تحت سمعوكى أنتى هتطفشيه من دلوقتى ،يعنى مفيش حاجة عجباكى خالص من هدومك
تهدج صوتها قائلة بخفوت:
–الصراحة لاء لأن اللبس عريان شوية يعنى لو نزلت بيه هحتقر نفسى قبل ماهم يحتقرونى
فكرت تالين كيف لها بمساعدتها ،فأنحنت تبحث بين الاثواب، حتى وقع إختيارها على ثوب طويل محتشم باللون الابيض والاسود
إستقامت تالين ترفع الثوب بين يديها قائلة:
– ده حلو ومحتشم يا ديما
دققت ديما النظر بالثوب ،وبعد أن أنتهت دمدمت قائلة:
– تالين هاتيلى حجاب من عندك
ظنت تالين أنها لم تستمع جيداً لما قالته فعقدت حاجبيها بغرابة:
– ديما أنتى عايزة حجاب بجد
أومأت ديما برأسها تشعر بحماس غير معهود ، فذهبت تالين لغرفتها لتعود تحمل بيدها حجاب ملائم للثوب
إنتهت ديما من إرتداء الثوب والحجاب ، فغرت فاها وهى تنظر لأنعكاس صورتها بالمرآة ، فكم هى جميلة حقاً بعد أن أرتدت الحجاب
إلتفتت لتالين التى تنظر لها بسعادة فهتفت بصوت رقيق:
– شكلى حلو صح يا تالين
– أوى أوى يا ديما دا أنتى زدتى جمال على جمالك
قالتها تالين وهى سعيدة بما تراه من سيمات السعادة على وجه ديما
أخذتها يهبطان الدرج سوياً ،حتى وصلا لغرفة الصالون ، عم الصمت على الجالسين ، بعد أن كانوا يتجاذبون أطراف الحديث
شعرت ديما بالخجل ،وهى تراهم يحدقون بها كأنهم لا يصدقون أنها هى ديما بذاتها
ترك جواد مكانه بجوار والد زوجته ،فأقترب منهما يقف بجوار تالين
فأعرب عن دهشته بصوته الهامس المصدوم :
– ديما متحجبة هو اللى انا شايفه ده بجد يا تالين هى دى ديما
إستدارت تالين برأسها للخلف تكتم صوت ضحكتها على ما تفوه به زوجها ، فحاولت أن تتصنع الهدوء وهى تجيبه:
– مش وقته يا جواد نتكلم فى ده بعدين اقعد بقى
لتنهى هى ذلك المشهد الذى لا يخلو من الدهشة والصدمة وربما يصبح درامياً
فتقدمت من أبيها تقبله على وجنتيه :
– وحشتنى يا جلجل أنت وزوزو
ربت جلال على وجهها بحنو بالغ:
– الحمد لله يا حبيبتى
أتسعت إبتسامة زينب وهى قائلة بإعجاب لرؤية ديما:
– بسم الله ماشاء الله عروسة زى القمر تعالى أقعدى هنا جمبى وجمب حماتك ما أنا هبقى حماتك أنا كمان
تبسمت ديما بخجل وهى تقترب منهما تجلس بين زينب وبدور ، فهى منذ رؤيتها هكذا ولا تصدق أنها هى تلك الفتاة التى رأتها بحفل زفاف إبنة شقيقتها
فثوبها بحفل الزفاف مازالت تتذكره جيداً ، ولكنها لم تبد لسليم خوفها من نمط حياتها المتحرر ، فهى خشيت أن تقتل سعادة ولدها ،بإبداءها رأى بشئ كان من الممكن تغييره
مثلما حدث الآن ، فهى ليست بحاجة أن تحدثها بهذا الشأن ، فما تراه الآن كافياً ليجعلها تتطمئن
فربتت بدور على ساق ديما :
– زى القمر يا حبيبتى ربنا يبارك
تضاعفت سعادتها وهى ترى كل من كان جالساً ،يحدق بها بإبتسامة ، فالاجواء تشع بهجة وسعادة ، بلمحة خاطفة رفعت وجهها فرأته متسمراً بعينيه على وجهها كأنه لم يراها من قبل
ربت سليم على يد جلال إشارة له على أن يبدأ الكلام ، فهو المخول له طلب يد ديما ،فهو بمنزلة والده
أومأ له جلال إيماءة خفيفة ،وبدأ قوله باسماً:
– طبعا أحنا أهل وعلشان فرحتنا تزيد جايين نطلب إيد كريمتكم ديما لإبننا سليم قولتى إيه يا كريمة هانم أنتى وجواد
أجابته كريمة وهى تطالع ديما بحنان:
– ديما مش بس كانت بنت سلفى لاء دى بنتى أنا كمان غلاوتها من غلاوة جواد والباشمهندس سليم باين عليه أنه راجل وهيحافظ عليها كفاية أنه من بيت كريم وأهله زى ما أنت قولت أهلنا فطالما جواد موافق أنا كمان موافقة وربنا يتمم بخير
أبتهج الحضور بما قالت كريمة ، فاليوم سيشهد أيضاً على رابط جديد يربط بين العائلتين ، فتمت قراءة الفاتحة والاتفاق على موعد الزفاف ،الذى أصر جواد أنه لن يكون قبل مرور ثلاثة أشهر على الأقل
_____________
حان ميعاد جلستهما المنفردة ،والتى كانت تحت أنظار العائلة الجالسين بمكان ليس ببعيد عن مكان تواجدهما
ظلت جالسة تفرك يديها بتوتر وخجل ومشاعرة عدة متضاربة ، ولكن تساءلت لما لا يفه بكلمة ويجلس صامتاً
– ديما
نطق بها سليم ،وهو جالس شأنه شأنها يفرك يديه ، كأنه لا يعرف ماذا يقول ؟ فهو كان يخزن بعقله مئات الكلمات التى كان يتمنى أن يقولها لها ولكن الآن ،هرب منه الكلام
ردت بصوتها الرقيق:
– نعم يا سليم
لن يستطيع هو الإنتظار ثلاثة أشهر حتى تصبح زوجته ، فهو رأى أن تلك المدة الزمنية ستكون من أصعب ما يكون ، وأن يصحو ويغفو وطيفها يلازمه لهو شئ ليس بيسير
فتذكر أنه كان يريد أن يثنى على قرارها بإرتداء الحجاب فهتف بها قائلا:
– أنا بس كنت عايز أقولك أنك جميلة أوى بالحجاب والصراحة متوقعتش لما أجى النهاردة الاقيكى لبساه ،دى كانت أحلى مفاجأة ليا النهاردة ، لأن مكدبش عليكى كنت هكلمك فى موضوع لبسك بس طبعا مش كنت هجبرك على لبس الحجاب كنت هسيبك تلبسيه بإرادتك أنتى لأن مينفعش اخليكى تلبسيه مجرد زينة على الراس ومتعمليش بيه زى ما بشوف بنات كتير لابسه الحجاب موضة مش أكتر
لن تقدر على أن تصف له ما شعرت به عندما نظرت لوجهها بالمرآة ،وهى ترتدى الحجاب ، وتلك القشعريرة التى سرت بعروقها مزبج من السعادة والأسف على ضياع سنوات كانت بها تشبه الكاسيات العاريات متذرعة بذلك أنها موضة العصر ،وأن كثير من الفتيات يلبسن هكذا ثياب عارية
_____________
رآها وهى تستقل سيارتها بعد أن خرجت من البناية ، فكيف وصلت لهنا ، ركض لمدخل البناية ومنها للمصعد حتى وصل للشقة ،يجول بخاطره من التخيلات أبشعها ، وأن تكون زوجته وطفله تأذوا أثناء غيابه ، ولج للداخل يفتش عنها كالمجنون ، وضع ما بيده على الطاولة
فصرخ بإسمها بصوت هادر:
– جومانا أنتى فين
خرجت من غرفة النوم بعد سماعها صوته ، فما كان منها سوى أنها ركضت إليه تحتمى به وهى باكية:
– قاسم أنت أتأخرت ليه كده
أبعدها عنه ليستطيع النظر لوجهها فسألها بريبة:
– جوليا كانت هنا بتعمل ايه وعرفت المكان هنا إزاى يا جومانا
ردت جومانا قائلة بقلة حيلة:
– المشكلة دلوقتى مش فى انها عرفت مكانى ازاى المصيبة انها عرفت انت تبقى مين يا قاسم ودلوقتى مش بتساومنى على الطفل بس لاء وعليك انت كمان
جز قاسم على أسنانه مغمغماً:
– وأنا مش هديها الفرصة دى خلاص كفاية على طلعت الزينى لحد كده
بدون أن يزيد كلمة أخرى ،وجدته يخرج من باب الشقة حاولت اللحاق به تناديه ، لعله يفهمها ما يقصد بما قاله ، لكنه كان رحل غير مبالى بندائها له ، فعادت للشقة وأغلقت الباب تستند عليه ، فإنهارت جالسة خلف الباب وهى تبكى تخشى أن تتحقق مخاوفها ويصبح اليوم يوماً لن تنساه بحياتها
______________
بذات الوقت الذي كان به نبيل معلناً عن موافقته على أن يعترف بكل ما كان بينه وبين طلعت من مؤامرات وطلبه للحارس أن يخبر جواد بأنه موافق للذهاب معه للنيابة
وأتاه جواد على وجه السرعة يرافقه هو ونائل لمقر الشرطة ، وبدأ نبيل بسرد كل ما حدث
بالقبو كان كمال يقف وجهاً لوجه أمام طلعت ، الذى ولج للقبو منذ ما يقارب الخمس دقائق ، ومازال صامتاً
فأبدى كمال غرابته من صمته وتحديقه المستمر به:
– هو أنت بتبصلى جامد ليه كده أنت خلصت جواز السفر االى ههرب بيه ولا لاء
إبتسامة خبيثة هى جل ما حصل عليه كمال منه فعاد معقباً:
– الله ما ترد عليا أنا خلاص قرفت من القاعدة هنا وعايز أسيب المكان ده بأقصى سرعة خلاص مش هستحمل أقعد فيه دقيقة واحدة
– خلاص يا كمال مش هتقعد هنا تانى لأن أنا خلاص هريحك من الدنيا واللى فيها قولى نفسك فى إيه بقى قبل ما أبعتك تونس رشدى
نطق طلعت بجملته ،وهو يخرج سلاحه النارى من غمده ،مصوباً به بوجه كمال ، متأهباً لإطلاق النيران بعد سماع ما سيقوله
جفت الدماء بعروق كمال من رؤية بوادر الشر والتصميم على وجه طلعت بقتله ، فلما كان أحمق وصدق أنه كان سيساعده ، وهو يعلم أنه يتخلص مما يقلقه بطلقة واحدة
ولكن لن يدعه يفعلها تلك المرة ، على الأقل لن يفارق الدنيا بمفرده سيجعله رفيقه برحلته للأخرة
نصل مدبب لسيخ حديدى ،ملقى على الأرض بجوار قدمه ، كان كمن عثر على كنز بتلك اللحظة ، فبلمحة خاطفة كان ممسكاً به
فصرخ بصوت جمهورى وهو يقترب من طلعت غارزاً إياه بمنتصف بطنه:
– مش هروح أونسه لوحدى يا طلعت باشا
صرخته وهو يشعر بالنصل المدبب ممزقاً أحشاءه هى من جعلت يداه تطلق الرصاص على جسد كمال
سقط الإثنان على الأرض غارقين بدماءهما ، ولكن كان كمال أول من أسلم روحه ، وظل طلعت يزحف على الأرض لعله يستطيع الخروج ،ويجد من ينقذه
صوت فتح باب القبو ، كان بمثابة طاقة أمل لروحه التى تنازع للبقاء على قيد الحياة
لم يكن لديه الوقت الكافى ليتعجب من وجود قاسم هنا وبهذا الوقت بالاخص ، ولكن لن يخوض بالتفكير فى ذلك الآن
رفع يده يجاهد على أن يخرج صوته:
– قاسم ألحقنى
تقدم قاسم من جسده ، فهو جاء لهنا لعلمه بتواجده مع كمال ،وكان بمخططه أن يبلغ الشرطة عن مكان وجودهما ، ولكن لم يعلم أنهما تعاركا عراكاً أنتهى بموت أحدهما والآخر بطور الاحتضار
جلس قاسم القرفصاء بجوار طلعت وهو يطالعه بشماتة:
– عايزنى ألحقك علشان تعيش وتأذى فى الناس أكتر وأكتر علشان تقتل وتتجبر زيادة عارف أنا أبقى مين أنا قاسم أبن سعد الدين الوزان فاكره وفاكر عملت ايه فيه هو وبنته عيشت علشان اشوف اليوم ده وأنت بتموت الموتة دى مذلول زى الكلب مش لاقى حد ينقذك
وعارف أنا كمان اللى قتلت ابنك رامز بس مقتلتوش بإيديا لاء أنا بس وزيت عليه واحد من اللى كان بيلعب معاهم قمار وكان بيغش فى اللعب والراجل كان متغاظ منه بصراحة فانا بقى دفعتله مبلغ حلو اوى علشان يقتله وفعلا قتله لأنه كان يستاهل القتل زيك بالظبط لأن العقرب مش هيخلف إلا عقرب زيه
فالدنيا هترتاح من شركم سلام يا طلعت باشا
بعد أن أنتهى قاسم من إعترافه له ، ورؤية جفنيه يغلقهما ،منقطع الأنفاس مسلوب الروح ، خرج من القبو ، فسمع صوت سيارات الشرطة، ففر قبل أن يراه أحد ، فاليوم قد أنتهى أنتقامه
أقتحمت رجال الشرطة القبو ،فلم يعثروا سوى على جثتين ، فأمر الضابط بنقلهما للمشفى ، لإنهاء الاجراءات اللازمة ، فمن أتوا من أجلهما صاروا بين يدى الله
____________
بعد علمه بمقتل طلعت ، علم أنه يستطيع الآن ، أن يبدأ فى تجهيز حفل زفاف إبنة شقيقته ، فصحب زوجته معه وهيلينا لإختيار ثوب زفافها ، فتجولوا بعدة متاجر ،حتى أصابه الملل
فهتف بهما قائلاً:
– بقولكم إيه أنا تعبت من كتر اللف وراكم وزهقت كمان أنا هشوف أى كافيه أقعد فيه على ما تخلصوا
زمت هيلينا شفتيها قائلة بتذمر:
– إيه ده بقى مش المفروض أنك ولى أمرى وتجيبلى كل اللى أنا عيزاه
أخرج جواد بطاقته الائتمانية من جيب سترته قائلاً:
– خدى يا ستى أشترى اللى أنت عيزاه براحتك بس سبونى أقعد أرتاح شوية وأشرب فنجان قهوة دماغى هتنفجر ، دى أخرة اللى يخرج مع العيال
شهقت تالين وهى تقول:
– عيال ! وكمان بتتريق علينا
– أنا أقدر أتريق عليكم برضه يلا روحوا بقى خلصوا اللى هتشتروه علشان نروح
تخلل صوته رنة متعبة ،فهو حقاً يشعر بالارهاق الشديد
تقدمت منه تالين محذرة إياه :
– ماشى يا جواد روح أشرب القهوة وأنا وهيلينا هنروح نشترى اللى فاضل بس متخليش واحدة تعاكسك يا حبيبى ماشى
– لو جت واحدة تعاكسنى هقولها استنى مراتى جاية ونفسها تتعرف عليكى
قالها جواد ممازحاً وهو يبتعد ، بينما ظلت هى تلتف خلفها من حين لأخر لتراه ،حتى سأمت هيلينا فعلتها فوكزتها قائلة:
– يلا بقى وبطلى تبصى وراكى
قبل أن تلتفت وتنظر أمامها إصتطدمت بأحد المارة ، رفعت يدها تحك رأسها مغمغمة:
– ااه مش تحاسب وأنت ماشى
لكنها لم تسمع رد من أحد فرفعت وجهها لترى من إصتطدمت به ،فإتسعت حدقتيها ودمدمت قائلة بغرابة:
– مروان
رمقها مروان بصمت ، فأسترعى إنتباهها أنه ليس بمفرده ولكن تتأبط ذراعه فتاة هى تعلم من تكون فتلك هى إبنة خالته ، التى اخبرها مرة أن والدته كانت تلح عليه بأن يتزوجها قبل أن يتقدم لخطبتها
لاحظت تالين توتره وأنه غير قادر على الكلام ولكن خرج صوته خافتاً:
– أزيك يا تالين
قالها وعيناه تدقق بملامح وجهها التى زادت جمالاً ،كأنها ليست تالين التى عرفها سابقاً
ردت تالين وهى تشعر بالحرج من الموقف بأكمله:
– الحمد لله عن أذنكم
أخذت تالين هيلينا مبتعدة ، وهى تزفر براحة ، فهى لم تضع ببالها أن تراه مرة أخرى
ولكن هيلينا لم تمنع فضولها من أن تسألها من يكون ،فأخبرتها تالين من يكون ، فعادوا لإبتياع ما يلزمهما ، وبعد أن أنتهوا عادت هيلينا للشقة
وعادت تالين برفقة زوجها للمنزل ، صعدت للغرفة بمفردها ، فأنتظرت مجئ زوجها ،ولكنه لم يأتى ،ففكرت أين ذهب؟
خرجت من الغرفة تبحث عنه ،ولكن قبل أن تهبط الدرج ، لمحت باب تلك الغرفة الملاصقة لغرفتهما موارباً، فهى تعلم أن تلك الغرفة تخص طفله الراحل
أقتربت من الغرفة تنظر من شق الباب ،فوجدته مستلقياً على الفراش، تسمع صوته كأنه يحدث أحد معه بالغرفة ولكن لا يوجد أحد بالغرفة سواه
فتحت تالين الباب تلج بخطوات هادئة ، سمع هو صوت خطواتها فإستدار برأسه ناحيتها ، ولكنه ظل الصمت سيد الموقف
فتساءلت لمتى سيظل عالقاً بيوم الحادث؟ كأن روح طفله تدور حوله وتطوف بالغرفة
جلست على طرف الفراش بالجانب الآخر تحاول أن تبتسم ، ولكن كأن شفتيها لا تطاوعها ، فماذا تفعل لتخفف عنه ؟
زحفت يدها على الفراش وعلقت بيده التى يريحها بجانبه ، فشدت عليها بحنان :
– حبيبى أنت قاعد هنا ليه
أجابها وهو يعتدل بجلسته :
– حبيت أجى اقعد هنا شوية وأحس أن أدم لسه موجود معايا وبيكلمنى وحشنى أوى يا تالين
حدق بصورة طفله المعلقة على الجدار ،كأنه يسمع صوت صياحه الضاحك ، كأنه مازال يشعر بدفء ذراعيه الصغيرتين عندما كان يطوق بهما عنقه ، كأنه مازال متذكراً كل يوم مر بحياة طفله منذ مولده حتى يوم الحادث
ترك الفراش يستقيم بوقفته ،يمد يده لها ليخرجا سوياً من الغرفة ، وضعت يدها بيده ، وتلك الأمنية التى تراود عقلها تتدعو الله بأن يحققها لها ، فربما إذا رزقهما الله بطفل يستطيع نسيان ولو جزء بسيط من ألامه وأحزانه
_____________
باليوم التالى صباحاً
أجتمع جميعهم لتناول طعام الإفطار قبل ذهاب جواد لعمله ،وذهاب تالين للجامعة ، فديما التى كانت لا تستيقظ من نومها باكراً ، جالسة معهم تتناول الإفطار بتلك الساعة المبكرة
قال جواد وهو يحتسى من قدح القهوة:
– أنتوا عارفين أن نائل خلاص فرحه الاسبوع الجاى
تبسمت ديما قائلة بمزاح:
– والله ما مصدقة لحد دلوقتى أن نائل هيتجوز وهو كان عامل إضراب عن الجواز بس الصراحة عروستة جميلة لما شوفتها محترمة ومؤدبة وإستغربت لما عرفت أنها فى الأصل ألمانية
ردت تالين هى الأخرى:
– أه هيلينا عسولة أنا بجد حبيتها أوى ربنا يسعدهم
وضعت ديما من قطع الخيار بفمها وهى تقول:
– وأنا والله المرة اللى شوفتها فيها حبيتها خالص كأن أعرفها من زمان والقعدة معاها كلها ضحك وهزار بنوتة تتحب كده
تبسمت كريمة على حديثهم ،فرفعت وجهها ترمق ولدها الذى أبتسم لها إبتسامة محبة فقالت وهى مازالت تحدق بوجه جواد:
– ليكوا حق تحبوها علشان هى مش غريبة يا ديما مش بيقولوا الدم بيحن مش هى برضة تبقى بنت أختك يا جواد
__________
يتبع....!!!!
٢٢– " أعلم ما تُخفيه "
بديهياً كان كفيها يحتضنان ذلك النتوء الطفيف الذى برز ببطنها ، تراها كأنها أفعى ستنتزع ما بداخلها بأنيابها
ممتنة هى أن قدميها تسعفها بالتراجع عن تلك التى مازالت عاقدة ذراعيها أمام صدرها وعيناها ترصد تحركاتها ببرود مزعج
صوت إغلاق الباب جعلها تشعر بأن المكان أصبح ضيقاً ولن تجد سبيلاً للفرار
فهى مازالت تخشاها ، ترهبها كما كانت تفعل بصغرهما ، فخمس دقائق فارقة بين مولدهما ،جعل جوليا ترى نفسها أنها الكبرى ويحق لها أن تفعل بها ما تريد
سمعت عن الشقيقات التؤام ، بأن كل منهما تشعر بالآخرى كأنهما روح واحدة ، ولكنها لم تشعر بذلك مع جوليا
جالت عين جوليا بالصالة تتفحص محتواها ،فقالت بهدوء مزيف:
– حلو الشقة دى يا جومانا هى دى بقى عش الحب بتاعك أنتى وقاسم
فهى لم تعلم مكان وجودها فقط ،بل علمت من يكون والد طفلها الذى تحمله بأحشاءها ، فكيف حصلت على ذلك الكم من المعلومات
فدائما ما تثير غرابتها كأنها إحدى العرافات أو الساحرات التى تعلم ما تحاول أن تخفيه هى عنها
حاولت أن يخرج صوتها من فمها الذى جف منذ رؤيتها ،فهتفت بوجل:
– هو أنتى عرفتى مكانى إزاى وعايزة منى إيه يا جوليا أنا قولتلك مش هشترك معاكى فى اللعبة دى
على أحد المقاعد كانت جوليا تريح جسدها ، واضعة ساق على الأخرى ، تنقر بأصابعها على طرف المقعد
صوت نقرات أصابعها كصوت دقات ناقوس الخطر ، مستمتعة هى برؤية الخوف على وجهها
ولكنها لن تقدم على إيذاءها ،فهى بحاجة إليها ، فهى لن تستفاد شئ إذا حدث بينهما عراكاً أو ما شابه
فرفعت يدها تشير لها بالجلوس قائلة بهدوء خطر:
– تعالى أقعدى يا جومانا وأنا هقولك عرفت مكانك إزاى بأتفه طريقة مش هتصدقى
صدحت ضحكتها بالشقة فعادت مستطردة:
– بالصدفة كنت معدية فى البيت عندى كده يا جومانا وسمعت قاسم بيتكلم فى التليفون وسمعت وصلة من وصلات الغرام بتاعتكم وسمعته بيقول إسمك هو فى الأول إستغربت جدا من الإسم اللى قاله أو ايه اللى يجمع قاسم بيكى بس راقبته وعرفت انه المحروس أبو النونو اللى فى بطنك يا جومانا ومش بس كده عرفت كمان حقيقته وانه مش سواق ولا الكلام الفاضى ده لاء عرفت انه قاسم الوزان وابوه كان سعد الدين الوزان غريم طلعت وكان فى بينهم مصايب
توهج وجه جومانا بإحمرار غير إعتيادى ،وهى ترى شقيقتها علمت كل ما كانت تخفيه فتلمست بيدها طرف المقعد كأنها غير قادرة على الوقوف ،فسقطت عليه قبل أن تدور الدنيا بها أكثر
– إنتى عايزة إيه يا جوليا
هكذا بكل هدوء قالتها جومانا ، كمن لم تعد تملك حيلة أخرى ، فالأن لن تكون المساومة على الطفل فقط بل زوجها أيضاً
إبتسامة الانتصار التى إرتسمت على محياها ، جعلت جومانا لو تملك من الشجاعة ما تحد به من تصرفات شقيقتها التى دائما ما تخرج من أى مواجهة أو صراع بينهما ظافرة
أجابتها جوليا بهدوء:
– عيزاكى تكملى اللى كنا متفقين عليه يا جومانا ، دلوقتى ورقنا بقى مكشوف ، يعنى تساعدينى فى اللى انا عيزاه حفاظاً على أن رقبة قاسم متطرش قولتى إيه
ماذا تقول ؟
فهى كعادتها دائما تسلبها حق الرفض ، تجعلها بالاخير تبدى موافقتها على ما تريد ، فالرفض معناه أن خسائر فادحة بالطريق إليها ، وتتمثل الخسارة تلك المرة بزوجها
___________
منذ تلقيه تلك المكالمة التى علم منها ، أن ما كان بإنتظاره قد حدث ، وهو إبتسامته لاتخبو من على شفتيه
مازاد بسعادته الآن وهو يقف أمام المرآة ينهى إرتداء ثيابه ، أنه ذاهباً لخطبتها
ولجت والدته تصيح بسعادة:
– ألف مبروك يا حبيبى يلا بينا بقى خالتك وعمك جلال قاعدين برا بقالهم كتير يا سليم
إستدار سليم إليها باسما:
– الله يبارك فيكى يا ماما يلا بينا
خرجوا جميعهم من المنزل ، تنهب سيارته الأرض نهباً لكى يصل لمنزل تلك الفاتنة ، بوقت قياسى كانت السيارة تلج للداخل عبر البوابة الخارجية
بذلك الوقت .. وبغرفتها التى كانت رأساً على عقب ، وهى تأخذ ثوب تجيل بصرها به ،لتلقيه بعد ذلك خلف ظهرها
فنفخت قائلة بيأس :
– ألبس إيه ألببببس إيه ردى عليا يا تالين
وضعت تالين يدها على أذنيها من صياح ديما فردت قائلة :
– صوتك يا بنتى زمانهم تحت سمعوكى أنتى هتطفشيه من دلوقتى ،يعنى مفيش حاجة عجباكى خالص من هدومك
تهدج صوتها قائلة بخفوت:
–الصراحة لاء لأن اللبس عريان شوية يعنى لو نزلت بيه هحتقر نفسى قبل ماهم يحتقرونى
فكرت تالين كيف لها بمساعدتها ،فأنحنت تبحث بين الاثواب، حتى وقع إختيارها على ثوب طويل محتشم باللون الابيض والاسود
إستقامت تالين ترفع الثوب بين يديها قائلة:
– ده حلو ومحتشم يا ديما
دققت ديما النظر بالثوب ،وبعد أن أنتهت دمدمت قائلة:
– تالين هاتيلى حجاب من عندك
ظنت تالين أنها لم تستمع جيداً لما قالته فعقدت حاجبيها بغرابة:
– ديما أنتى عايزة حجاب بجد
أومأت ديما برأسها تشعر بحماس غير معهود ، فذهبت تالين لغرفتها لتعود تحمل بيدها حجاب ملائم للثوب
إنتهت ديما من إرتداء الثوب والحجاب ، فغرت فاها وهى تنظر لأنعكاس صورتها بالمرآة ، فكم هى جميلة حقاً بعد أن أرتدت الحجاب
إلتفتت لتالين التى تنظر لها بسعادة فهتفت بصوت رقيق:
– شكلى حلو صح يا تالين
– أوى أوى يا ديما دا أنتى زدتى جمال على جمالك
قالتها تالين وهى سعيدة بما تراه من سيمات السعادة على وجه ديما
أخذتها يهبطان الدرج سوياً ،حتى وصلا لغرفة الصالون ، عم الصمت على الجالسين ، بعد أن كانوا يتجاذبون أطراف الحديث
شعرت ديما بالخجل ،وهى تراهم يحدقون بها كأنهم لا يصدقون أنها هى ديما بذاتها
ترك جواد مكانه بجوار والد زوجته ،فأقترب منهما يقف بجوار تالين
فأعرب عن دهشته بصوته الهامس المصدوم :
– ديما متحجبة هو اللى انا شايفه ده بجد يا تالين هى دى ديما
إستدارت تالين برأسها للخلف تكتم صوت ضحكتها على ما تفوه به زوجها ، فحاولت أن تتصنع الهدوء وهى تجيبه:
– مش وقته يا جواد نتكلم فى ده بعدين اقعد بقى
لتنهى هى ذلك المشهد الذى لا يخلو من الدهشة والصدمة وربما يصبح درامياً
فتقدمت من أبيها تقبله على وجنتيه :
– وحشتنى يا جلجل أنت وزوزو
ربت جلال على وجهها بحنو بالغ:
– الحمد لله يا حبيبتى
أتسعت إبتسامة زينب وهى قائلة بإعجاب لرؤية ديما:
– بسم الله ماشاء الله عروسة زى القمر تعالى أقعدى هنا جمبى وجمب حماتك ما أنا هبقى حماتك أنا كمان
تبسمت ديما بخجل وهى تقترب منهما تجلس بين زينب وبدور ، فهى منذ رؤيتها هكذا ولا تصدق أنها هى تلك الفتاة التى رأتها بحفل زفاف إبنة شقيقتها
فثوبها بحفل الزفاف مازالت تتذكره جيداً ، ولكنها لم تبد لسليم خوفها من نمط حياتها المتحرر ، فهى خشيت أن تقتل سعادة ولدها ،بإبداءها رأى بشئ كان من الممكن تغييره
مثلما حدث الآن ، فهى ليست بحاجة أن تحدثها بهذا الشأن ، فما تراه الآن كافياً ليجعلها تتطمئن
فربتت بدور على ساق ديما :
– زى القمر يا حبيبتى ربنا يبارك
تضاعفت سعادتها وهى ترى كل من كان جالساً ،يحدق بها بإبتسامة ، فالاجواء تشع بهجة وسعادة ، بلمحة خاطفة رفعت وجهها فرأته متسمراً بعينيه على وجهها كأنه لم يراها من قبل
ربت سليم على يد جلال إشارة له على أن يبدأ الكلام ، فهو المخول له طلب يد ديما ،فهو بمنزلة والده
أومأ له جلال إيماءة خفيفة ،وبدأ قوله باسماً:
– طبعا أحنا أهل وعلشان فرحتنا تزيد جايين نطلب إيد كريمتكم ديما لإبننا سليم قولتى إيه يا كريمة هانم أنتى وجواد
أجابته كريمة وهى تطالع ديما بحنان:
– ديما مش بس كانت بنت سلفى لاء دى بنتى أنا كمان غلاوتها من غلاوة جواد والباشمهندس سليم باين عليه أنه راجل وهيحافظ عليها كفاية أنه من بيت كريم وأهله زى ما أنت قولت أهلنا فطالما جواد موافق أنا كمان موافقة وربنا يتمم بخير
أبتهج الحضور بما قالت كريمة ، فاليوم سيشهد أيضاً على رابط جديد يربط بين العائلتين ، فتمت قراءة الفاتحة والاتفاق على موعد الزفاف ،الذى أصر جواد أنه لن يكون قبل مرور ثلاثة أشهر على الأقل
_____________
حان ميعاد جلستهما المنفردة ،والتى كانت تحت أنظار العائلة الجالسين بمكان ليس ببعيد عن مكان تواجدهما
ظلت جالسة تفرك يديها بتوتر وخجل ومشاعرة عدة متضاربة ، ولكن تساءلت لما لا يفه بكلمة ويجلس صامتاً
– ديما
نطق بها سليم ،وهو جالس شأنه شأنها يفرك يديه ، كأنه لا يعرف ماذا يقول ؟ فهو كان يخزن بعقله مئات الكلمات التى كان يتمنى أن يقولها لها ولكن الآن ،هرب منه الكلام
ردت بصوتها الرقيق:
– نعم يا سليم
لن يستطيع هو الإنتظار ثلاثة أشهر حتى تصبح زوجته ، فهو رأى أن تلك المدة الزمنية ستكون من أصعب ما يكون ، وأن يصحو ويغفو وطيفها يلازمه لهو شئ ليس بيسير
فتذكر أنه كان يريد أن يثنى على قرارها بإرتداء الحجاب فهتف بها قائلا:
– أنا بس كنت عايز أقولك أنك جميلة أوى بالحجاب والصراحة متوقعتش لما أجى النهاردة الاقيكى لبساه ،دى كانت أحلى مفاجأة ليا النهاردة ، لأن مكدبش عليكى كنت هكلمك فى موضوع لبسك بس طبعا مش كنت هجبرك على لبس الحجاب كنت هسيبك تلبسيه بإرادتك أنتى لأن مينفعش اخليكى تلبسيه مجرد زينة على الراس ومتعمليش بيه زى ما بشوف بنات كتير لابسه الحجاب موضة مش أكتر
لن تقدر على أن تصف له ما شعرت به عندما نظرت لوجهها بالمرآة ،وهى ترتدى الحجاب ، وتلك القشعريرة التى سرت بعروقها مزبج من السعادة والأسف على ضياع سنوات كانت بها تشبه الكاسيات العاريات متذرعة بذلك أنها موضة العصر ،وأن كثير من الفتيات يلبسن هكذا ثياب عارية
_____________
رآها وهى تستقل سيارتها بعد أن خرجت من البناية ، فكيف وصلت لهنا ، ركض لمدخل البناية ومنها للمصعد حتى وصل للشقة ،يجول بخاطره من التخيلات أبشعها ، وأن تكون زوجته وطفله تأذوا أثناء غيابه ، ولج للداخل يفتش عنها كالمجنون ، وضع ما بيده على الطاولة
فصرخ بإسمها بصوت هادر:
– جومانا أنتى فين
خرجت من غرفة النوم بعد سماعها صوته ، فما كان منها سوى أنها ركضت إليه تحتمى به وهى باكية:
– قاسم أنت أتأخرت ليه كده
أبعدها عنه ليستطيع النظر لوجهها فسألها بريبة:
– جوليا كانت هنا بتعمل ايه وعرفت المكان هنا إزاى يا جومانا
ردت جومانا قائلة بقلة حيلة:
– المشكلة دلوقتى مش فى انها عرفت مكانى ازاى المصيبة انها عرفت انت تبقى مين يا قاسم ودلوقتى مش بتساومنى على الطفل بس لاء وعليك انت كمان
جز قاسم على أسنانه مغمغماً:
– وأنا مش هديها الفرصة دى خلاص كفاية على طلعت الزينى لحد كده
بدون أن يزيد كلمة أخرى ،وجدته يخرج من باب الشقة حاولت اللحاق به تناديه ، لعله يفهمها ما يقصد بما قاله ، لكنه كان رحل غير مبالى بندائها له ، فعادت للشقة وأغلقت الباب تستند عليه ، فإنهارت جالسة خلف الباب وهى تبكى تخشى أن تتحقق مخاوفها ويصبح اليوم يوماً لن تنساه بحياتها
______________
بذات الوقت الذي كان به نبيل معلناً عن موافقته على أن يعترف بكل ما كان بينه وبين طلعت من مؤامرات وطلبه للحارس أن يخبر جواد بأنه موافق للذهاب معه للنيابة
وأتاه جواد على وجه السرعة يرافقه هو ونائل لمقر الشرطة ، وبدأ نبيل بسرد كل ما حدث
بالقبو كان كمال يقف وجهاً لوجه أمام طلعت ، الذى ولج للقبو منذ ما يقارب الخمس دقائق ، ومازال صامتاً
فأبدى كمال غرابته من صمته وتحديقه المستمر به:
– هو أنت بتبصلى جامد ليه كده أنت خلصت جواز السفر االى ههرب بيه ولا لاء
إبتسامة خبيثة هى جل ما حصل عليه كمال منه فعاد معقباً:
– الله ما ترد عليا أنا خلاص قرفت من القاعدة هنا وعايز أسيب المكان ده بأقصى سرعة خلاص مش هستحمل أقعد فيه دقيقة واحدة
– خلاص يا كمال مش هتقعد هنا تانى لأن أنا خلاص هريحك من الدنيا واللى فيها قولى نفسك فى إيه بقى قبل ما أبعتك تونس رشدى
نطق طلعت بجملته ،وهو يخرج سلاحه النارى من غمده ،مصوباً به بوجه كمال ، متأهباً لإطلاق النيران بعد سماع ما سيقوله
جفت الدماء بعروق كمال من رؤية بوادر الشر والتصميم على وجه طلعت بقتله ، فلما كان أحمق وصدق أنه كان سيساعده ، وهو يعلم أنه يتخلص مما يقلقه بطلقة واحدة
ولكن لن يدعه يفعلها تلك المرة ، على الأقل لن يفارق الدنيا بمفرده سيجعله رفيقه برحلته للأخرة
نصل مدبب لسيخ حديدى ،ملقى على الأرض بجوار قدمه ، كان كمن عثر على كنز بتلك اللحظة ، فبلمحة خاطفة كان ممسكاً به
فصرخ بصوت جمهورى وهو يقترب من طلعت غارزاً إياه بمنتصف بطنه:
– مش هروح أونسه لوحدى يا طلعت باشا
صرخته وهو يشعر بالنصل المدبب ممزقاً أحشاءه هى من جعلت يداه تطلق الرصاص على جسد كمال
سقط الإثنان على الأرض غارقين بدماءهما ، ولكن كان كمال أول من أسلم روحه ، وظل طلعت يزحف على الأرض لعله يستطيع الخروج ،ويجد من ينقذه
صوت فتح باب القبو ، كان بمثابة طاقة أمل لروحه التى تنازع للبقاء على قيد الحياة
لم يكن لديه الوقت الكافى ليتعجب من وجود قاسم هنا وبهذا الوقت بالاخص ، ولكن لن يخوض بالتفكير فى ذلك الآن
رفع يده يجاهد على أن يخرج صوته:
– قاسم ألحقنى
تقدم قاسم من جسده ، فهو جاء لهنا لعلمه بتواجده مع كمال ،وكان بمخططه أن يبلغ الشرطة عن مكان وجودهما ، ولكن لم يعلم أنهما تعاركا عراكاً أنتهى بموت أحدهما والآخر بطور الاحتضار
جلس قاسم القرفصاء بجوار طلعت وهو يطالعه بشماتة:
– عايزنى ألحقك علشان تعيش وتأذى فى الناس أكتر وأكتر علشان تقتل وتتجبر زيادة عارف أنا أبقى مين أنا قاسم أبن سعد الدين الوزان فاكره وفاكر عملت ايه فيه هو وبنته عيشت علشان اشوف اليوم ده وأنت بتموت الموتة دى مذلول زى الكلب مش لاقى حد ينقذك
وعارف أنا كمان اللى قتلت ابنك رامز بس مقتلتوش بإيديا لاء أنا بس وزيت عليه واحد من اللى كان بيلعب معاهم قمار وكان بيغش فى اللعب والراجل كان متغاظ منه بصراحة فانا بقى دفعتله مبلغ حلو اوى علشان يقتله وفعلا قتله لأنه كان يستاهل القتل زيك بالظبط لأن العقرب مش هيخلف إلا عقرب زيه
فالدنيا هترتاح من شركم سلام يا طلعت باشا
بعد أن أنتهى قاسم من إعترافه له ، ورؤية جفنيه يغلقهما ،منقطع الأنفاس مسلوب الروح ، خرج من القبو ، فسمع صوت سيارات الشرطة، ففر قبل أن يراه أحد ، فاليوم قد أنتهى أنتقامه
أقتحمت رجال الشرطة القبو ،فلم يعثروا سوى على جثتين ، فأمر الضابط بنقلهما للمشفى ، لإنهاء الاجراءات اللازمة ، فمن أتوا من أجلهما صاروا بين يدى الله
____________
بعد علمه بمقتل طلعت ، علم أنه يستطيع الآن ، أن يبدأ فى تجهيز حفل زفاف إبنة شقيقته ، فصحب زوجته معه وهيلينا لإختيار ثوب زفافها ، فتجولوا بعدة متاجر ،حتى أصابه الملل
فهتف بهما قائلاً:
– بقولكم إيه أنا تعبت من كتر اللف وراكم وزهقت كمان أنا هشوف أى كافيه أقعد فيه على ما تخلصوا
زمت هيلينا شفتيها قائلة بتذمر:
– إيه ده بقى مش المفروض أنك ولى أمرى وتجيبلى كل اللى أنا عيزاه
أخرج جواد بطاقته الائتمانية من جيب سترته قائلاً:
– خدى يا ستى أشترى اللى أنت عيزاه براحتك بس سبونى أقعد أرتاح شوية وأشرب فنجان قهوة دماغى هتنفجر ، دى أخرة اللى يخرج مع العيال
شهقت تالين وهى تقول:
– عيال ! وكمان بتتريق علينا
– أنا أقدر أتريق عليكم برضه يلا روحوا بقى خلصوا اللى هتشتروه علشان نروح
تخلل صوته رنة متعبة ،فهو حقاً يشعر بالارهاق الشديد
تقدمت منه تالين محذرة إياه :
– ماشى يا جواد روح أشرب القهوة وأنا وهيلينا هنروح نشترى اللى فاضل بس متخليش واحدة تعاكسك يا حبيبى ماشى
– لو جت واحدة تعاكسنى هقولها استنى مراتى جاية ونفسها تتعرف عليكى
قالها جواد ممازحاً وهو يبتعد ، بينما ظلت هى تلتف خلفها من حين لأخر لتراه ،حتى سأمت هيلينا فعلتها فوكزتها قائلة:
– يلا بقى وبطلى تبصى وراكى
قبل أن تلتفت وتنظر أمامها إصتطدمت بأحد المارة ، رفعت يدها تحك رأسها مغمغمة:
– ااه مش تحاسب وأنت ماشى
لكنها لم تسمع رد من أحد فرفعت وجهها لترى من إصتطدمت به ،فإتسعت حدقتيها ودمدمت قائلة بغرابة:
– مروان
رمقها مروان بصمت ، فأسترعى إنتباهها أنه ليس بمفرده ولكن تتأبط ذراعه فتاة هى تعلم من تكون فتلك هى إبنة خالته ، التى اخبرها مرة أن والدته كانت تلح عليه بأن يتزوجها قبل أن يتقدم لخطبتها
لاحظت تالين توتره وأنه غير قادر على الكلام ولكن خرج صوته خافتاً:
– أزيك يا تالين
قالها وعيناه تدقق بملامح وجهها التى زادت جمالاً ،كأنها ليست تالين التى عرفها سابقاً
ردت تالين وهى تشعر بالحرج من الموقف بأكمله:
– الحمد لله عن أذنكم
أخذت تالين هيلينا مبتعدة ، وهى تزفر براحة ، فهى لم تضع ببالها أن تراه مرة أخرى
ولكن هيلينا لم تمنع فضولها من أن تسألها من يكون ،فأخبرتها تالين من يكون ، فعادوا لإبتياع ما يلزمهما ، وبعد أن أنتهوا عادت هيلينا للشقة
وعادت تالين برفقة زوجها للمنزل ، صعدت للغرفة بمفردها ، فأنتظرت مجئ زوجها ،ولكنه لم يأتى ،ففكرت أين ذهب؟
خرجت من الغرفة تبحث عنه ،ولكن قبل أن تهبط الدرج ، لمحت باب تلك الغرفة الملاصقة لغرفتهما موارباً، فهى تعلم أن تلك الغرفة تخص طفله الراحل
أقتربت من الغرفة تنظر من شق الباب ،فوجدته مستلقياً على الفراش، تسمع صوته كأنه يحدث أحد معه بالغرفة ولكن لا يوجد أحد بالغرفة سواه
فتحت تالين الباب تلج بخطوات هادئة ، سمع هو صوت خطواتها فإستدار برأسه ناحيتها ، ولكنه ظل الصمت سيد الموقف
فتساءلت لمتى سيظل عالقاً بيوم الحادث؟ كأن روح طفله تدور حوله وتطوف بالغرفة
جلست على طرف الفراش بالجانب الآخر تحاول أن تبتسم ، ولكن كأن شفتيها لا تطاوعها ، فماذا تفعل لتخفف عنه ؟
زحفت يدها على الفراش وعلقت بيده التى يريحها بجانبه ، فشدت عليها بحنان :
– حبيبى أنت قاعد هنا ليه
أجابها وهو يعتدل بجلسته :
– حبيت أجى اقعد هنا شوية وأحس أن أدم لسه موجود معايا وبيكلمنى وحشنى أوى يا تالين
حدق بصورة طفله المعلقة على الجدار ،كأنه يسمع صوت صياحه الضاحك ، كأنه مازال يشعر بدفء ذراعيه الصغيرتين عندما كان يطوق بهما عنقه ، كأنه مازال متذكراً كل يوم مر بحياة طفله منذ مولده حتى يوم الحادث
ترك الفراش يستقيم بوقفته ،يمد يده لها ليخرجا سوياً من الغرفة ، وضعت يدها بيده ، وتلك الأمنية التى تراود عقلها تتدعو الله بأن يحققها لها ، فربما إذا رزقهما الله بطفل يستطيع نسيان ولو جزء بسيط من ألامه وأحزانه
_____________
باليوم التالى صباحاً
أجتمع جميعهم لتناول طعام الإفطار قبل ذهاب جواد لعمله ،وذهاب تالين للجامعة ، فديما التى كانت لا تستيقظ من نومها باكراً ، جالسة معهم تتناول الإفطار بتلك الساعة المبكرة
قال جواد وهو يحتسى من قدح القهوة:
– أنتوا عارفين أن نائل خلاص فرحه الاسبوع الجاى
تبسمت ديما قائلة بمزاح:
– والله ما مصدقة لحد دلوقتى أن نائل هيتجوز وهو كان عامل إضراب عن الجواز بس الصراحة عروستة جميلة لما شوفتها محترمة ومؤدبة وإستغربت لما عرفت أنها فى الأصل ألمانية
ردت تالين هى الأخرى:
– أه هيلينا عسولة أنا بجد حبيتها أوى ربنا يسعدهم
وضعت ديما من قطع الخيار بفمها وهى تقول:
– وأنا والله المرة اللى شوفتها فيها حبيتها خالص كأن أعرفها من زمان والقعدة معاها كلها ضحك وهزار بنوتة تتحب كده
تبسمت كريمة على حديثهم ،فرفعت وجهها ترمق ولدها الذى أبتسم لها إبتسامة محبة فقالت وهى مازالت تحدق بوجه جواد:
– ليكوا حق تحبوها علشان هى مش غريبة يا ديما مش بيقولوا الدم بيحن مش هى برضة تبقى بنت أختك يا جواد
__________
يتبع....!!!!
الاكثر قراءة هذا الشهر :
موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله
هنا تنتهى احداث رواية أصبحت اسيرته البارت 22 ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية اصبحت اسيرته البارت 23 أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .
نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية أصبحت أسيرته ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .