نقدم اليوم احداث رواية اصبحت اسيرته البارت 19 من روايات سماح نجيب . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية واحدة من اجمل الروايات رومانسية والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية اصبحت اسيرته كاملة بقلم سماح نجيب من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية اصبحت اسيرته pdf كاملة من خلال موقعنا .
أصبحت اسيرته الفصل التاسع عشر
* أصبحت أسيرته *
١٩– " يالها من ليلة "
أعتصر معصمها بكفه قبل أن تلف ذراعها حول عنقه ، تظن أنها تستطيع إخماد غضبه ، بعرض نفسها عليها ، ولكن يالها من ساذجة وحمقاء ، صرختها المدوية من الألم الذى تشعر به لم تشفع لها عنده
فح جواد بصوته هادراً:
– هو أنتى إيه الرخص والسفالة اللى أنتى فيها دى أنتى كرامتك رمتيها خلاص فى الزبالة مبقاش ليها طلب عندك
ردت نايا بصوت متألم :
– أرجوك سيب إيدى خلاص هتكسرها سيبنى بقى
أفلت جواد يدها وهو يقول:
– دا أنتى لسه مشفتيش حاجة من المفاجأت اللى أنا جيبهالك النهاردة يا نايا
نظرت إليه بريبة ،تفكر فيما قاله ،فماذا سيفعل معها ؟ وماهى تلك المفاجأت التى بإنتظارها منه ؟ ولكنها فضلت الصمت حتى يفرغ من حديثه
فأشار لمقعد أمراً:
– أقعدى خلينا نتكلم وأشوف حكايتك إيه أنتى كمان
فضلت نايا أن تستمع لقوله ، أفضل من أن تثير غضبه أكثر ، فجلست منكمشة بمقعدها وهى تراه يروح ذهاباً ومجيئاّ أمامها
كف جواد عن الحركة قائلاً:
– فين الفيديو اللى بتقولى عليه ولو حاولتى تكذبى انا بقى ليكى عندى فيديو يعملك فضيحة بجلاجل أنتى وهادى الزينى ولعبكم المقرف مع بعض
غمز بإحدى عينيه ،فجعل الدماء تضخ بعروقها كأنها نيران حارقة ، فأن تتخيل أن أحد رأها هكذا فلن تكون مذلة لها فقط بل لعائلتها بأكملها
بدون أن تفه بكلمة واحدة ،تركت مقعدها ،تلج لاحدى الغرف وغابت لمدة دقيقتين وعادت تحمل هاتفاً ناولته إياه قائلة:
– الفيديو أهو بس ابوس ايدك بلاش فضايح أنا برضه أهلى ممكن يقتلونى لو عرفوا بالفيديو ده
رفع جواد حاجبه الأيسر قائلاً:
– شوفتى بقى يا نايا انك لما حبيتى تخوفى ديما كان شعورها عامل ازاى بس هى وافقتك خوفاً عليا بس انتى دلوقتى خايفة على عمرك اللى أكيد ممكن ينتهى لو حد من أهلك عرف عنك كل شغلك المقرف وبتاخدى عليه فلوس مع ان يعنى مكنتيش محتاجة تعملى كده دا له تفسير واحد انك مريضة نفسية وعايزة تتعالج
صمت لبرهة وعاد مستطرداً :
– أنا مش عايز أشوفك بتقربى من ديما تانى أو تظهرى فى حياتها بأى شكل من الأشكال انا المرة دى اكتفيت بتهديدك المرة الجاية مش ضامن أعمل فيكى إيه سلام يا نايا
خرج جواد من منزل نايا ،فأرتمت على أقرب مقعد ،وهى تضع وجهها بين يديها ،تفكر كيف أنقلب السحر على الساحر وبعد أن كانت مستمتعة بخوف ديما وأستغلالها ، أصبحت الآن خائفة مرتعبة من جواد ،وماسيؤل إليه أمرها ، إذا علم أحد من عائلتها بما تفعله بدون أن يعلمون
___________
وضعت تالين يدها اسفل فكها تحدق بذلك الجالس أمامها ،وهو يفرك يديه بتوتر ،فهى منذ مجيئها لرؤية والدايها ،ومجئ سليم وتصريحه بأنها يريدها بشأن أمر هام ، جلس صامتاً منذ ما يقرب العشر دقائق ،لا يفعل شئ سوى أنه يبتسم لها ،ليعود ويفرك يده ،ليرفعها ثانية يحك جبهته كأنه يستدعى تلك الكلمات التى يريد قولها
فصاحت تالين قائلة:
– سليم هو فى إيه ما تقول وتخلصنى
صوت صياحها جعل سليم ينتفض من مكانه وهو يقول:
– فى إيه يا تالين بتزعقى ليه كده خضتينى
ضرب تالين ركبتيها بيديها وهى تدمدم:
– أستغفر الله العظيم حرام عليك بقى أنت مذنبى ليه كده ما تقول بقى عايزة اقوم اساعد ماما فى الاكل زمان جوزى جاى علشان ماما عزمانا على العشا وانجز بقى يا سليم
أزدرد سليم لعابه قائلاً:
– هو الصراحة يا تالين انا عايز أتقدم واخطب ديما بنت عم جوزك
قالها سليم دفعة واحدة ،فى إنتظار ما ستقوله ، رفرفرت تالين بأهدابها كأنها تحاول أن تفهم ما قاله سليم ، ولكن عندما أتضح حديثه لها
تعالت صوت ضحكتها وهى تقول:
– الله يسامحك يا سليم بقى مش عارف تقول الكلمتين دول من بدرى وعامل زى التلميذ اللى مش عارف يقول إيه
تبسم سليم على وصفها له فأخذ أنفاسه بقوة قائلاً:
– والله أنا قولتلك يا تالين وخايف، خايف أن جوزك يرفض أو هى ترفض
إبتسمت تالين له إبتسامة مشجعة ، فهى تعلم أن زوجها لن يكون لديه إعتراض على سليم ، فبالرغم من ثراءه إلا أنه لا يقيم الآخرين من منظور الفقر أو الثراء
فردت تالين مشجعة:
– متخافش يا سليم إن شاء الله خير وجواد وأهله مش من النوع اللى بيهتموا بالفلوس أو كده وأنت أخلاقك ممتازة ومستقبلك كويس سيب الموضوع ده عليا وإن شاء الله أجبلك الرد منهم هختار الوقت المناسب واقولهم وان شاء الله خير
نهض سليم يشعر بالحماس من حديث تالين ، فربما هى محقة بما تقول ، فلينتظر ولعل الله سيمن عليه بأن يجعل الفتاة التى تمناها زوجة له
فاستأذن سليم قائلاً:
– طب سلام بقى علشان ورايا مشوار مهم ومتتأخريش عليه يا اوزعة فى الرد
بعد أن أنهى جملته ،ركض إلى الباب قبل أن تقوم تالين من مقعدها ، فيكفيه فقط رؤية عينيها المتسعة من نعته لها
فهتفت به قائلة:
– بقى كده ماشى أبقى شوف بقى مين اللى يتوسطلك فى الموضوع يا سليم
قبل أن يخرج من الباب نظر إليها بوداعة وهو يقول:
– حرام عليكى يا تالين دا ابن خالتك قلبه واجعه متوجعهوش زيادة
تبسمت تالين برقة ،على نظرات الوداعة التى يرسمها على وجهه من أجل أن يصرف غضبها ،وأن تساعده في بلوغ مقصده
فأشار بيدها وهى تقول:
– يلا يا سليم توكل على الله وأنا هساعدك زكاة عن صحتى
خرج سليم مطمئن البال ،فهو على ثقة أن تالين لن تضن عليه بمساعدتها ، فكم تهوى نفسه الآن أن يسمع تلك الجملة منها وهى " مبروك يا سليم ديما موافقة عليك "
عادت تالين إلى المطبخ لتنهى إعداد الطعام مع والداتها ، قبل مجئ زوجها الذى ما أتت على ذكره حتى غامت عيناها بذكريات حلوة لفحتها كنسمة هواء منعشة بيوم صيفى شديد الحرارة ، أحياناً تتعجب من كثرة تفكيرها به ، وأنها لا تريد أن تفارقه كأن تريد أن تظل برفقته بكل مكان يذهب إليه
أفاقت من شرودها على وكز والداتها لها بلطف وهى تقول:
– تالين روحتى فين كده
أطرقت تالين برأسها أرضاً كأنها تخفى وجهها الذى كساه توهجاً غير معتادة أن يراه منها سواه هو وبالاحرى يكون سبب هذا الخجل والحياء الذى تشعر به عندما يلوح وجهه بأفق خيالها
فحمحمت تجلى صوتها قائلة:
– لا ياماما معاكى أهو كنتى بتقولى حاجة
تبسمت زينب وهى ترى إبنتها كما كانت هى بعهدها حديثة الزواج بوالداها فهتفت بها بمكر محبب:
– الظاهر أنك معايا أوى هو أكل عقلك للدرجة دى
ضحكت تالين بخفوت قائلة:
– تقدرى تقولى مخلاش عندى عقل يا ماما أنا عمرى ما أتصورت أن أتجوز وأحب جوزى بالشكل ده
ربتت زينب على وجنتها قائلة بحنان:
– أنا مبسوطة يا حبيبتى لكلامك ده وأنا كنت شايفة حبه ليكى من ساعة ما جه طلب إيدك زى ما يكون الود وده يخطفك ويجرى وأتأكدت أكتر يوم كتب كتابكم وطالما هو بيحبك أوى كده أنتى كمان حبيه وخليكى الحاجة الحلوة اللى فى حياته اللى يهرب ليها من مرارة الأيام ، خليكى أنتى مصدر راحته مش تعبه ، وأنتى بإمكانك تخليه متعلق بيكى زى الطفل اللى متعلق بأمه وده بشطارتك أنتى، ولما تلقيه مهموم متزوديش همومه أكتر ، حاولى تخففى عنه حتى لو بالكلام ،والغيرة الزيادة يا تالين بتخنق ، هى اه ممكن الراجل يحب غيرة مراته عليه ، بس انها تتلكك ليه على الهوا بتزهقه ،وممكن الحب ده يتهد بسبب أن كل واحد من الطرفين مستنى التانى يغلط
إستمعت تالين لنصائح والداتها ، تريد ترسيخ تلك النصيحة الخاصة بكثرة الغيرة ،فهى لا تنكر أنها تغار عليه غيرة عاصفة من أتفه الأشياء حدوثاً حتى وإن كانت أنثى أخرى تحدثه ، فهى لا تريد إثارة ضيقه ،ولكن هذا الشئ يكون خارج عن إرادتها ، ولكن هى تعلم مدى حبه لها ، وتعلم أنه كان بإمكانه الحصول على أى فتاة يريدها ،فوسامته وماله يخولانه فعل ذلك ، ولكن أختارها هى ، لا يترك مناسبة إلا وأن يظهر لها مدى حبه وعشقه لها ، فماذا تريد أكثر من زوج صالح محب ، لا يترك درب يستطيع به إسعادها إلا ويسلكه
____________
تدفقت الدماء بغزارة من رأسه المتدلى لأسفل ، وهو معلق من قدميه بأصفاد حديدية ،كشاه جاهزة للسلخ ، منذ يومان وهو هكذا حتى ضعفت قوته ، وأحباله الصوتية أصابها الخفوت من كثرة صراخه ،مما يناله من أساليب القسوة والتعذيب التى أوصى بها طلعت ،بعد إخفاقه بتلك المهمة التى أسندها إليه كوسيلة تشفع له عنده ،ولكن أتت النتائج مخيبة للأمال ،عندما عاد إليه يجر قدميه جراً بعد تعرضه هو ورجاله لهجوم لا يعلم من قام به
فهو يتذكر أن عدة رجال ملثمون يحملون اسلحة نارية ،نشب بينهم عراكاً دامياً ، أنتهى بسلب هؤلاء الرجال كل الشاحنات المكلف بحراستها وإيصالها حيث أمره طلعت
أنه لأمر شديد الصعوبة أن يفتح عيناه بعد ما لقاه من عذاب وهوان ، ولكن فتحها أخيراً يشعر بالدماء تسير بأوردة رأسه تصيبه بألم من نوع أخر
غمغم بصوت يكاد يسمع :
– أبوس أيدك يا طلعت بيه كفاية والله مش انا السبب انا قولتلك دى ناس ضربت علينا نار واخدوا العربيات مش انا اللى اخدتها صدقنى
رمقه طلعت ببرود ،وهو يحرك سلاحه النارى ملوحاً به وهو يقول:
– أنت يا رشدى اللى حكمت على نفسك لما قولت ان لو عملت غلطة كمان هقتلك
عندما باح له بهذا الكلام ، لم يكن يعلم أنه سيخفق بمهمة أخرى وينال ذلك العقاب الذى اقترحه وهو بغفلة من أن طلعت سينفذه حقاً
قبل أن يفه برجاء أخر ،كانت رصاصة تخترق منتصف جبينه ، تخرسه عن النطق للأبد ، ظل طلعت يتأمل جسده المتأرجح والذى تم نزع منه الروح والدماء تقطر منه على الأرض ، وهو متبلداً كعادته دائماً ،عندما ينهى ما يقلقه بتلك الطريقة التى لا يجيد غيرها ألا وهى القتل
رفع يده يشير للرجال خلفه قائلاً:
– يلا خدوه وأخفوا جثته زى ما بتعملوا مش عايز ألاقى أى أثر فى المخزن مفهوم
صاحت الرجال بصوت واحد:
– مفهوم يا طلعت باشا
أسرع الرجال بتنفيذ أوامره خشية أن يلاقوا ما لقاه ذلك الرجل الذى كان بوقت ليس ببعيد يعد زعيمهم وكبيرهم والرجل الأمين لطلعت الزينى ، فهم أيقنوا الآن أن ذلك الرجل المدعو طلعت لا يضع بإعتباره شئ سوى ما يحقق له مصالحه الخاصة
رأى طلعت كمال يستند على سيارته ينتظره بالخارج ، فتبسم له كأنه على علم ونية بما فعله منذ قليل ، فإستقام بوقفته وهو يلوى ثغره بخبث:
– البقاء لله يا طلعت بيه الله يرحمك يا رشدى
تجاهل طلعت حديثه واقترب منه وهو يعيد سلاحه لغمده يهتف به:
– ايه الاخبار عملت اللى قولتلك عليه يا كمال
أومأ كمال برأسه إيجاباً وهو يقول:
– كله تمام والشنطة أهى وحياتك مكلفانى كتير أوى علشان أعرف أجبها
أخذ طلعت منه الحقيبة الجلدية ووضعها على مقدمة السيارة ينظر لما تحويه وهو يبتسم بشماتة قائلاً:
– تمام كده يا كمال خليها معاك لحد ما أقولك هتنفذ أمتى
أخذ كمال الحقيبة ثانية ليعود لسيارته ، بينما أستقل طلعت سيارته الفارهة يقودها تمهيداً لعودته لمنزله، فذلك المكان الذى كان متواجداً به لا يعلم بشأنه أحد سواه هو ورجاله وكمال
____________
شعر قاسم بالخوف تلك المرة ،وهو يراها تحزم أمتعتها تأهباً لذهابها لمنزل شقيقتها طبقاً لتلك الخطة التى تم وضعها سابقا ، فجوليا بإنتظار مرور ذلك الشهر حتى تعلن لزوجها طلعت بأنها تحمل بأحشاءها طفلاً الآن ، وتعلم أن سيمر الأمر على طلعت بسعادة ،ستطغى على كل شئ ، حتى لا يعد يهتم بخسارة ذراعه الأيمن رشدى ، الذى لقى حتفه على يده
فأقترب منها قائلاً:
– جومانا سيبك من الموضوع ده ومتروحيش لأختك أنا خايف عليكى ليجرالك حاجة أنتى واللى فى بطنك
تركت ما بيدها وإلتفتت إليه جومانا باسمة ، فهى سعيدة بإظهاره إهتمامها بها وخوفه من أن يصيبها مكروه
أمسك يديه بين كفيها قائلة:
– إطمن يا قاسم متخافش عليا وكل شئ هيعدى إحنا لازم ناخد حقنا منهم
تركته وعادت تكمل ما تفعله ، فزاد خوفه أكثر فبدون أن يعى أقترب منها يطيح بالحقيبة أرضاً يعلو صوته:
– لاء يا جومانا مش هتروحى وانا مش عايز حاجة من فلوس طلعت انا برضه عندى اللى مكفينى لاء مش هضحى بيكى وبإبنى لاء لاء
ظل يصرخ بوجهها ليقصيها عن فعل ذلك ، ولكن إصرارها العجيب على أن تثأر من شقيقتها على ما فعلته بها جعلها لاتستمع لما يقول فهتف به هى بهدوء:
– لازم اخد حقى من جوليا يا قاسم
أومأ قاسم برأسه رافضاً وهو يقول:
– لو فاكرة الموضوع هيعدى على خير يا جومانا تبقى ساذجة لو فكرتى أن أختك بعد ما تشوف ابنك ولا بنتك وتلاقى خلاص فرصتها جت انها تاخد من طلعت كل اللى حيلته، وأنها مش هتتردد أنها تخلص عليكى وتخلص منك وهتطلع منها الملاك البرئ وأنا مش عايز أخسرك يا جومانا
ربما لقى حديثه هوى بنفسها ، فهى حقاً تعلم شر شقيقتها ، فهى ما أعدته من مكيدة لها ربما سينقلب الأمر عليها ويجعلها تخسر زوجها وطفلها وتخسر حياتها قبل أى شئ
جلست على طرف الفراش تفكر فيما سمعته منه فرفعت وجهها إليه قائلة برهبة لم تستطيع أن تواريها:
– طب هنعمل ايه يا قاسم دى خالص قربت تقول لجوزها أنها حامل خلاص ومستنيانى أروحلها هقولها إيه
جلس قاسم بجانبها يفكر فى حل لذلك المأزق ، وبعد تفكير أخذ منه دقيقتين ، نظر لها قائلاً:
– أتصلى بيها وقوليلها أنك خلاص مش هتكملى فى اللعبة دى ويحصل اللى يحصل حتى لو اضطريت اخدك ونهرب من البلد لأن خلاص فاضل ضربة واحدة وطلعت الزينى ينتهى لما ينكشف بلاويه هو والظابط اللى اسمه كمال مبقاش فاضل كتير على نهايته علشان كده بقولك بلاش تعملى ده وان كان على اختك يمكن ربنا يرزقها هو بللى يعاقبها على بلاويها وعمايلها
ما شعرت به من خوفه عليها ، جعلها تتيقن أنه أحبها بصدق ، فربما هو محقاً ، فهى لا تريد شئ سواه هو وطفلها ، والله قادر على القصاص من شقيقتها بعجائب قدرته
وضعت يدها على يده تشد عليها وهى تقول:
– خلاص يا قاسم هعمل اللى قولت عليه مش هكمل فى اللعبة دى بس لو كلمت جوليا هلاقيها جاية ومضمنش تعمل ايه
نهض قاسم من مكانه ينهضها معه وهو يقول :
– أنتى تاخدى شنطتك وتقفلى شقتك دى وتروحى شقتنا تفضلى قاعدة فيها لحد ما الدنيا متظبط وأختك متعرفش طريق الشقة التانية ومش هتعرف توصلك يلا دلوقتى هاتى شنطتك علشان أوديكى على الشقة وأرجع انا بيت طلعت
طوقت عنقه بذراعيها تشدد من إحتضانها له وهى تتمتم :
– ربنا ما يحرمنى منك يا قاسم وخلى بالك من نفسك يا حبيبى
أخذت حقيبتها وهى تخرج برفقته حتى وصلا للسيارة ومنها للشقة ، فبعد إطمئنانه على وصولها عاد لمنزل طلعت
فأخرجت هى هاتفها فلابد لها من إتمام تلك المكالمة وبعدها تتخلص من ذلك الهاتف حتى لا تصل لها شقيقتها
ثوانى وجاءها رد جوليا تقول :
– جومانا أنتى أتأخرتى ليه كده انا خلاص خليت الشغالين يجهزوا الأوضة اللى هتقعدى فيها طول شهور الحمل
خرج صوت جومانا ثابتاً تقول بألية:
– خلاص يا جوليا مش هاجى ومش هنلعب اللعبة دى خلاص انا غيرت رأيى ومش عيزاكى تساعدينى
الصمت الذى خيم على الأجواء ، جعلها تظن أن شقيقتها لم تستمع لما قالته حتى سمعت صوتها هادراً بفحيح:
– نعم يا أختى يعنى ايه خلاص لاء مفيش الكلام ده يا جومانا وأنتى هتيجى دلوقتى حالا وإلا مش هتعرفى أنا ممكن اعمل فيكى ايه فهمانى أنا ممكن ....
قبل أن تكمل إستماعها لتهديدها الأخرق ، أنهت جومانا المكالمة ، وأخرجت شريحة الهاتف ، شطرتها نصفين ،وألقتها بالقمامة ، فهى ستذهب لشراء أخرى ، تنفست بإرتياح لم يدوم طويلاً عندما تذكرت أن زوجها مازال هناك بذلك البيت الذى لا يقطنه إناس كباقى البشر ولكن رجل وإمرأة نُزعت الرحمة من قلوبهما ، لا يريدان سوى مصلحتهما فقط ، ولايضعان بإعتبارهما أى شئ أخر ،حتى وإن كان رابط الدم
____________
صف نائل سيارته أمام تلك البناية السكنية ، بأحد الأحياء الراقية ، والتى علم أن تلك الفتاة التى ملكت عليه لبه ، تقطن بأحد الشقق التابعة لها ، فبمراقبتها علم أين تسكن ؟ ولكن علم من حارس البناية أنها تسكن برفقة خادمة ويأتى رجل للإطمئنان عليها بصفة دائمة ، فشغل ذلك الأمر عقله ، فما صفة ذلك الرجل لها ، يخشى أن تكون متزوجة أو مخطوبة ، فالحارس لم يكشف له عن هوية ذلك الرجل
تمتم نائل بحيرة:
– طب أنزل واروح أسألها اذا كانت متجوزة ولا مخطوبة طب لو فعلا هى كده هعمل ايه دا انا خلاص وقعت على بوزى يا خبتك يا نائل
بتعنيفه وتقريعه لنفسه لتعلقها بأمال لا تتضح مدلولها حتى الآن ، لمح سيارة يعرفها جيداً ، ويعلم من يكون صاحبها
فقطب حاجبيه بغرابة قائلا:
– هى مش العربية دى بتاعة جواد
قبل أن ينهى حديثه ،رأى جواد يترجل من السيارة يحمل بيده عدة أغراض وولج للبناية ، بدأت الظنون تضج برأسه على مجئ جواد هنا ، وهو من صرحت زوجته بأن تلك الفتاة صديقتها
ولكنه عاد ونهر نفسه قائلاً:
_ لاء مش ممكن جواد يعمل كده هو ملوش فى سكة الستات دى أصلا دا صاحبى وأنا أعرفه كويس
ما يقوله بلسانه ، يعود عقله ويوسوس له بخلاف ذلك ، وظل شيطانه يصور له من الأمور أشنعها ،حتى وجد نفسه يترجل من السيارة ،مقتحماً البناية حتى وصل لشقتها ،وهو يلهث كمن يركض بماراثون ، وضع سبابته على الجرس بإلحاح ،جعل الخادمة تفتح الباب تكاد تقذفه بسباب لاذع ، على ذلك الازعاج
فحملقت به الخادمة قائلة بحدة :
– فى إيه يا أستاذ أنت حاطط إيدك على الجرس هتحرقه
سمع نائل صوت جواد يأتى من الداخل وهو يقول:
– هيلينا حبيبتى يلا بقى علشان ورايا شغل كتير وعايز أرجع الشركة
أزاح نائل الخادمة من أمامه ،وأكمل سيره للداخل وجد جواد يقف بمنتصف الصالة ،وهيلينا تخرج من إحدى الغرف مبتسمة ولكنها شهقت بصوت عالى وهى ترى نائل خلف جواد
فأعادت أدراجها ثانية فهى لم تكن مرتدية حجابها ، فإستدار جواد خلفه وجد نائل يطالعه بوجوم يزوى ما بين حاجبيه
تعجب جواد من وجوده ففكر وتساءل:
– نائل أنت بتعمل ايه هنا وعرفت الشقة دى إزاى
زادت حرارة إنفعال نائل ، كمن ضبط أحدهما بالجرم المشهود ، فحدق بجواد قائلاً:
– أنت يا جواد يطلع منك كده بتخون مراتك مع صاحبتها وانت لسه متجوز
رفع جواد شفته العليا قائلاً بتبرم:
– هو أنت حضرتك شغال جاسوس بعد الضهر أنت ايه حكايتك انت كمان أنا مش فاهم حاجة
خرجت هيلينا بعد إرتداءها حجابها وثوب ملائم عوضاً عن ثوبها البيتى ، فإبتلعت ريقها مردفة بتوتر:
– كويس أن شوفت حضرتك علشان تاخد حق الجيتار أتفضل
مدت يدها له بالنقود ،فطالعها نائل يشعر كأنه تلقى طعنة بقلبه ، يقف جواد بالمنتصف لا يعلم عما يتحدثان ،ولكن بفعلة نائل التى فعلها بأخذه النقود وإلقاءها أرضاً وهو يدمدم:
– خلى فلوسك مش عايز منك حاجة انا اتصدمت فيكى وفيه
خرج جواد عن إلتزامه بالصمت ، فعلم علام يفكر نائل الآن ،فقبل أن يبتعد نائل أمسكه من مرفقه قائلاً:
– أستنى يا نائل أنت فاهم غلط
حاول نائل نفض يد جواد عنه ،الا أن الأخير دفعه حتى سقط على مقعد خلفه يهتف به :
– أتنيل أقعد وأنا هفهمك كل حاجة مش طالبة غباءك دلوقتى يا نائل
قبل أن ينشب بينهما عراك ، أشار جواد لهيلينا أن تعود لغرفتها ،فهو يريد أن يتحدث مع نائل بمفردهما ، أطاعته هيلينا وهى تفكر فى سبب مجئ نائل الآن، أو لماذا يطالعها بنظرات إتهام كأنها حبيبته وأقدمت على خيانته ، فهل هو ....
خشيت أن تكمل حديثها بخاطرها ، وتصحو من غفلة خيالتها على شئ آخر ،ولكن لما تلك الابتسامة شقت شفتيها بإتساع وهى تفكر بذلك الأمر
فغر نائل فاهه بعدما أستمع للحقيقة كاملة من جواد ، فبالرغم من روابط الصداقة بينهما ،الا أن جواد لم يبح له بذلك السر قبل الآن ، فهو كان يخشى أن يعلم أحد بشأن علاقته بهيلينا ، ولكن القدر يعد له مفاجأة تلو الأخرى ، فبالاول زوجته ،والأن صديقه ، ولايعرف إذا كان الأمر سيقتصر عليهما فقط
إرتياح عارم سار بأوردته بعد علمه بحقيقة تلك الفتاة ، فالطريق أمامه فسيحاً الآن ، فليقدم على تلك الخطوة التى أستهوت نفسه منذ رؤياها
فتبسم بوجه جواد قائلاً:
– وأنا طالب إيديها منك يا جواد جوزهالى وأنا هشيلها فى قلبى وعينيا كمان أنا من ساعة ما شوفتها فى المطار وهى طيرت النوم من عينى دى حلوة بشكل دى تجنن وتهوس زى القمر
زمجر جواد بصوته دليل غضبه من إسهاب ذلك الأرعن ، بإخباره بما يراه بإبنة شقيقته ،فخرج صوته محتداً:
– فى إيه يا بتاع أنت أنت نسيت انك بتتكلم عن بنت اختى متحترم نفسك احسن لك
وعى نائل الآن أن ما يحدثه ليس صديقه المقرب ، ولكنه خال تلك الفتاة ، فليتزم الآداب المتعارف عليها عندما يقدم أحد على خطبة فتاة
فحمحم نائل يجلى صوته قائلاً:
– سورى يا جواد لو كنت خرفت فى كلامى بس قولت ايه موافق أنك تجوزهالى
حك جواد جبهته بتفكير ،فعاود النظر إليه قائلاً:
– أنا معنديش مانع بس أعرف رأيها إيه الأول ولو وافقت على البركة عارف انك راجل وهتحافظ عليها
ربما ذلك هو الحل الأنسب لظهور هيلينا بشكل رسمى ،أمام والدته وديما على أنها زوجة نائل ، وربما بذلك يتاح لها الفرصة للمجئ لمنزله برفقة زوجها المستقبلى ، بحكم تلك القرابة والصداقة التى تربط بينهما
____________
لا تعلم سر رغبتها المجنونة ، أن تصنع متكئاً على أرضية الشرفة ،وتجلس برفقة زوجها تحت السماء التى لمعت بها النجوم ، فربما ستكون الفرصة سانحة وتخبره بذلك الأمر الذى ألح عليها به سليم ، فربما سيكون جواد سعيداً بزواج ديما من شاب جمع من الخصال أفضلها ، انتهت من وضع الوسائد ،وعادت للداخل تنهى زينتها قبل مجيئه ، سمعت صوت الباب يفتح ، يلج منه زوجها ، فركضت إليه تتعلق بعنقه ، تخبره إشتياقها إليه بنهارها الذى لولا ذهابها للجامعة ورؤية صديقتها ، لأصابها الضجر وهى بإنتظاره ،ولربما أصابها الجنون وتذهب إليه لمقر عمله لتراه
همست بأذنه بصوت عذب:
– حمد الله على السلامة يا حبيبى وحشتنى يا جواد
كم يحب الانصات إليها ،وإستماعه للفظها إسمه بحرارة ودفء صوتها ، فهو ليس بملام إذا أراد أن يسجنها بقلبه ، يجعلها أسيرة إشتياقه ، بعد أن أستقبلته بحفاوة ، تشابكت أصابعها بأصابعه تبتسم إبتسامة عريضة:
– تعال معايا يا جواد
سار بجانبها ووصلا للشرفة ، رأى ما أعدته من طعام على طاولة صغيرة ،وأيضاً المتكأ الذى أعددته على الأرضية
فحول بصره إليها قائلاً :
– إيه الجمال ده كله عشا على ضوء القمر والنجوم بس النهاردة فى قمرين مش قمر واحد بس
خبير هو بفنون اغواءها ، وأن يجعل حرارة خجلها تلهب وجنتيها ، فوقع كلماته بنفسها لها مفعولها كمفعول السحر ، أجلسها بمقعدها ، فهو يعلم أنها لن تظل صامدة مدة أطول وهو من شعر بإرتجافها بين ذراعيه ، فليلة دافئة بصحبة فاتنته ، كمن حصد من الحظ أوفره
تناولا طعامهما بصمت العشاق ، فالأعين كفيلة بالإفصاح عما فى القلوب ، بعد الانتهاء ترك جواد مكانه قائلاً:
– الحمد لله ثوانى بقى أغير هدومى وراجعلك يا قمرى
تبسمت له ، ورأته يلج للداخل فتركت مقعدها تجلس على الوسائد ، تأملت السماء بنجومها البراقة ، فهبت نسمة هواء باردة ، جعلتها تنكمش على نفسها تضم ذراعيها لتقف إرتجافها ، فثوبها لم يكن كافياً ليجعلها تشعر بالدفء ، ولكن شعرت بشئ ناعم الملمس على كتفيها ، فرفعت رأسها رأت جواد قد عاد وجلب معه غطاء من أغطية الفراش
تبسمت له بإمتنان وهى تقول:
– كويس انك جبت الغطا بالرغم من الجو حلو بس الهوا بارد
جلس جواد بجانبها يتدثران سوياً بالغطاء يدنيها منه يحيطها بذراعه جعلها تتوسد كتفه ، فزاد شعورها بالدفء الذى غمرها به
مال برأسه يستند بها على رأسها قائلاً:
– بس ايه اللى خلاكى تعملى الجو الحلو ده وعشا وسهرة تحت النجوم
هى لم تفعل كل ذلك إلا من أجله ومن أجل أن تخبره بإشتياقها الذى ظلت طوال نهارها تعد الدقائق لمجيئه لإخباره به ، فهى تريد أن تكتنز كل اللحظات الحلوة معه
فرفعت وجهها إليه وهى تهمس بأنفاس محبة:
– علشان أقولك أن أنا بحبك يا جواد يا جوزى وحبيبى ودنيتى كلها
قبل أن يدنو بوجهه منها سمعا طرقاً عنيفاً على باب الغرفة ، كأن الطارق لا يطيق صبراً على أن يفتح أحدهما الباب ، وذلك ما أصاب جواد بالدهشة وخاصة وهو يعلم أن ربما والدته وديما بفراشهما الآن
ترك مكانه الدافئ بجانب زوجته وخرج من الشرفة ،وصل لمقبض الباب يديره بسرعة لعل الطارق يكف عن طرقه هكذا
فتح جواد الباب قائلاً بغرابة :
– أيوة فى إيه وايه الخبط ده كله حصل أيه
أرتجفت أوصال الخادمة وهى تنطق بتلك الكلمات التى خرجت منها بتلعثم واضح كأنها على وشك البكاء:
– جواد بيه ألحق فى ظابط وعساكر عايزينك تحت ضرورى وبيفتشوا كل مكان فى البيت تحت
وضعت تالين الغطاء على كتفيها لتخفى ثوبها من الأعلى ، فهى شحب وجهها وأصابها الخوف بعدما سمعت ما تفوهت به الخادمة ،خرجت من الشرفة قائلة بخوف:
– ججواد هو فى إيه
إستدار جواد برأسه إليها قائلاً:
– مش عارف يا تالين غيرى هدومك بسرعة
قالها جواد وخرج من الغرفة مغلقاً الباب خلفه ،أسرعت بتنفيذ ما قاله فلم تجد سوى ثوب الصلاة أمامها ،فأرتدته سريعاً وخرجت من غرفة الثياب لتلحق بزوجها
فتحت الباب تكاد تشعر بأن قدميها لن تسعفها بالحركة ،هبطت الدرج سريعاً ، فوجدت الطابق السفلى بالمنزل بحالة من الهرج والمرج ، ورجالاً يلجون لغرفة ويخرجون من أخرى
فتقدم جواد من ذلك الضابط الذى يلقى أوامره بصرامة:
– يلا بسرعة عايزكم تفتشوا البيت حتة حتة
أنفعل جواد من ذلك الضابط الذى يلقى بأوامره غير مراعياً بأن لكل منزل حرمته يجب أن يراعيها
هتف به جواد بحدة:
– هو فى إيه يا حضرة الظابط بالظبط وبتدورا على إيه عايز أعرف
إنتشاء يسرى بعروق كمال وهو يرى جواد يقف حائراً لا يعلم ما ينتظره ،فرمقه بنظرة باردة من عينيه الخبيثتين الممتلئتان بشر ومكر
ربت كمال على كتف جواد قائلاً:
– اصبر يا جواد بيه دلوقتى هتعرف كل حاجة وهتعرف إحنا بندور على إيه وعلشان أريحك أنت مطلوب القبض عليك بتهمة الإتجار فى المخدرات
____________
يتبع....!!!!!
١٩– " يالها من ليلة "
أعتصر معصمها بكفه قبل أن تلف ذراعها حول عنقه ، تظن أنها تستطيع إخماد غضبه ، بعرض نفسها عليها ، ولكن يالها من ساذجة وحمقاء ، صرختها المدوية من الألم الذى تشعر به لم تشفع لها عنده
فح جواد بصوته هادراً:
– هو أنتى إيه الرخص والسفالة اللى أنتى فيها دى أنتى كرامتك رمتيها خلاص فى الزبالة مبقاش ليها طلب عندك
ردت نايا بصوت متألم :
– أرجوك سيب إيدى خلاص هتكسرها سيبنى بقى
أفلت جواد يدها وهو يقول:
– دا أنتى لسه مشفتيش حاجة من المفاجأت اللى أنا جيبهالك النهاردة يا نايا
نظرت إليه بريبة ،تفكر فيما قاله ،فماذا سيفعل معها ؟ وماهى تلك المفاجأت التى بإنتظارها منه ؟ ولكنها فضلت الصمت حتى يفرغ من حديثه
فأشار لمقعد أمراً:
– أقعدى خلينا نتكلم وأشوف حكايتك إيه أنتى كمان
فضلت نايا أن تستمع لقوله ، أفضل من أن تثير غضبه أكثر ، فجلست منكمشة بمقعدها وهى تراه يروح ذهاباً ومجيئاّ أمامها
كف جواد عن الحركة قائلاً:
– فين الفيديو اللى بتقولى عليه ولو حاولتى تكذبى انا بقى ليكى عندى فيديو يعملك فضيحة بجلاجل أنتى وهادى الزينى ولعبكم المقرف مع بعض
غمز بإحدى عينيه ،فجعل الدماء تضخ بعروقها كأنها نيران حارقة ، فأن تتخيل أن أحد رأها هكذا فلن تكون مذلة لها فقط بل لعائلتها بأكملها
بدون أن تفه بكلمة واحدة ،تركت مقعدها ،تلج لاحدى الغرف وغابت لمدة دقيقتين وعادت تحمل هاتفاً ناولته إياه قائلة:
– الفيديو أهو بس ابوس ايدك بلاش فضايح أنا برضه أهلى ممكن يقتلونى لو عرفوا بالفيديو ده
رفع جواد حاجبه الأيسر قائلاً:
– شوفتى بقى يا نايا انك لما حبيتى تخوفى ديما كان شعورها عامل ازاى بس هى وافقتك خوفاً عليا بس انتى دلوقتى خايفة على عمرك اللى أكيد ممكن ينتهى لو حد من أهلك عرف عنك كل شغلك المقرف وبتاخدى عليه فلوس مع ان يعنى مكنتيش محتاجة تعملى كده دا له تفسير واحد انك مريضة نفسية وعايزة تتعالج
صمت لبرهة وعاد مستطرداً :
– أنا مش عايز أشوفك بتقربى من ديما تانى أو تظهرى فى حياتها بأى شكل من الأشكال انا المرة دى اكتفيت بتهديدك المرة الجاية مش ضامن أعمل فيكى إيه سلام يا نايا
خرج جواد من منزل نايا ،فأرتمت على أقرب مقعد ،وهى تضع وجهها بين يديها ،تفكر كيف أنقلب السحر على الساحر وبعد أن كانت مستمتعة بخوف ديما وأستغلالها ، أصبحت الآن خائفة مرتعبة من جواد ،وماسيؤل إليه أمرها ، إذا علم أحد من عائلتها بما تفعله بدون أن يعلمون
___________
وضعت تالين يدها اسفل فكها تحدق بذلك الجالس أمامها ،وهو يفرك يديه بتوتر ،فهى منذ مجيئها لرؤية والدايها ،ومجئ سليم وتصريحه بأنها يريدها بشأن أمر هام ، جلس صامتاً منذ ما يقرب العشر دقائق ،لا يفعل شئ سوى أنه يبتسم لها ،ليعود ويفرك يده ،ليرفعها ثانية يحك جبهته كأنه يستدعى تلك الكلمات التى يريد قولها
فصاحت تالين قائلة:
– سليم هو فى إيه ما تقول وتخلصنى
صوت صياحها جعل سليم ينتفض من مكانه وهو يقول:
– فى إيه يا تالين بتزعقى ليه كده خضتينى
ضرب تالين ركبتيها بيديها وهى تدمدم:
– أستغفر الله العظيم حرام عليك بقى أنت مذنبى ليه كده ما تقول بقى عايزة اقوم اساعد ماما فى الاكل زمان جوزى جاى علشان ماما عزمانا على العشا وانجز بقى يا سليم
أزدرد سليم لعابه قائلاً:
– هو الصراحة يا تالين انا عايز أتقدم واخطب ديما بنت عم جوزك
قالها سليم دفعة واحدة ،فى إنتظار ما ستقوله ، رفرفرت تالين بأهدابها كأنها تحاول أن تفهم ما قاله سليم ، ولكن عندما أتضح حديثه لها
تعالت صوت ضحكتها وهى تقول:
– الله يسامحك يا سليم بقى مش عارف تقول الكلمتين دول من بدرى وعامل زى التلميذ اللى مش عارف يقول إيه
تبسم سليم على وصفها له فأخذ أنفاسه بقوة قائلاً:
– والله أنا قولتلك يا تالين وخايف، خايف أن جوزك يرفض أو هى ترفض
إبتسمت تالين له إبتسامة مشجعة ، فهى تعلم أن زوجها لن يكون لديه إعتراض على سليم ، فبالرغم من ثراءه إلا أنه لا يقيم الآخرين من منظور الفقر أو الثراء
فردت تالين مشجعة:
– متخافش يا سليم إن شاء الله خير وجواد وأهله مش من النوع اللى بيهتموا بالفلوس أو كده وأنت أخلاقك ممتازة ومستقبلك كويس سيب الموضوع ده عليا وإن شاء الله أجبلك الرد منهم هختار الوقت المناسب واقولهم وان شاء الله خير
نهض سليم يشعر بالحماس من حديث تالين ، فربما هى محقة بما تقول ، فلينتظر ولعل الله سيمن عليه بأن يجعل الفتاة التى تمناها زوجة له
فاستأذن سليم قائلاً:
– طب سلام بقى علشان ورايا مشوار مهم ومتتأخريش عليه يا اوزعة فى الرد
بعد أن أنهى جملته ،ركض إلى الباب قبل أن تقوم تالين من مقعدها ، فيكفيه فقط رؤية عينيها المتسعة من نعته لها
فهتفت به قائلة:
– بقى كده ماشى أبقى شوف بقى مين اللى يتوسطلك فى الموضوع يا سليم
قبل أن يخرج من الباب نظر إليها بوداعة وهو يقول:
– حرام عليكى يا تالين دا ابن خالتك قلبه واجعه متوجعهوش زيادة
تبسمت تالين برقة ،على نظرات الوداعة التى يرسمها على وجهه من أجل أن يصرف غضبها ،وأن تساعده في بلوغ مقصده
فأشار بيدها وهى تقول:
– يلا يا سليم توكل على الله وأنا هساعدك زكاة عن صحتى
خرج سليم مطمئن البال ،فهو على ثقة أن تالين لن تضن عليه بمساعدتها ، فكم تهوى نفسه الآن أن يسمع تلك الجملة منها وهى " مبروك يا سليم ديما موافقة عليك "
عادت تالين إلى المطبخ لتنهى إعداد الطعام مع والداتها ، قبل مجئ زوجها الذى ما أتت على ذكره حتى غامت عيناها بذكريات حلوة لفحتها كنسمة هواء منعشة بيوم صيفى شديد الحرارة ، أحياناً تتعجب من كثرة تفكيرها به ، وأنها لا تريد أن تفارقه كأن تريد أن تظل برفقته بكل مكان يذهب إليه
أفاقت من شرودها على وكز والداتها لها بلطف وهى تقول:
– تالين روحتى فين كده
أطرقت تالين برأسها أرضاً كأنها تخفى وجهها الذى كساه توهجاً غير معتادة أن يراه منها سواه هو وبالاحرى يكون سبب هذا الخجل والحياء الذى تشعر به عندما يلوح وجهه بأفق خيالها
فحمحمت تجلى صوتها قائلة:
– لا ياماما معاكى أهو كنتى بتقولى حاجة
تبسمت زينب وهى ترى إبنتها كما كانت هى بعهدها حديثة الزواج بوالداها فهتفت بها بمكر محبب:
– الظاهر أنك معايا أوى هو أكل عقلك للدرجة دى
ضحكت تالين بخفوت قائلة:
– تقدرى تقولى مخلاش عندى عقل يا ماما أنا عمرى ما أتصورت أن أتجوز وأحب جوزى بالشكل ده
ربتت زينب على وجنتها قائلة بحنان:
– أنا مبسوطة يا حبيبتى لكلامك ده وأنا كنت شايفة حبه ليكى من ساعة ما جه طلب إيدك زى ما يكون الود وده يخطفك ويجرى وأتأكدت أكتر يوم كتب كتابكم وطالما هو بيحبك أوى كده أنتى كمان حبيه وخليكى الحاجة الحلوة اللى فى حياته اللى يهرب ليها من مرارة الأيام ، خليكى أنتى مصدر راحته مش تعبه ، وأنتى بإمكانك تخليه متعلق بيكى زى الطفل اللى متعلق بأمه وده بشطارتك أنتى، ولما تلقيه مهموم متزوديش همومه أكتر ، حاولى تخففى عنه حتى لو بالكلام ،والغيرة الزيادة يا تالين بتخنق ، هى اه ممكن الراجل يحب غيرة مراته عليه ، بس انها تتلكك ليه على الهوا بتزهقه ،وممكن الحب ده يتهد بسبب أن كل واحد من الطرفين مستنى التانى يغلط
إستمعت تالين لنصائح والداتها ، تريد ترسيخ تلك النصيحة الخاصة بكثرة الغيرة ،فهى لا تنكر أنها تغار عليه غيرة عاصفة من أتفه الأشياء حدوثاً حتى وإن كانت أنثى أخرى تحدثه ، فهى لا تريد إثارة ضيقه ،ولكن هذا الشئ يكون خارج عن إرادتها ، ولكن هى تعلم مدى حبه لها ، وتعلم أنه كان بإمكانه الحصول على أى فتاة يريدها ،فوسامته وماله يخولانه فعل ذلك ، ولكن أختارها هى ، لا يترك مناسبة إلا وأن يظهر لها مدى حبه وعشقه لها ، فماذا تريد أكثر من زوج صالح محب ، لا يترك درب يستطيع به إسعادها إلا ويسلكه
____________
تدفقت الدماء بغزارة من رأسه المتدلى لأسفل ، وهو معلق من قدميه بأصفاد حديدية ،كشاه جاهزة للسلخ ، منذ يومان وهو هكذا حتى ضعفت قوته ، وأحباله الصوتية أصابها الخفوت من كثرة صراخه ،مما يناله من أساليب القسوة والتعذيب التى أوصى بها طلعت ،بعد إخفاقه بتلك المهمة التى أسندها إليه كوسيلة تشفع له عنده ،ولكن أتت النتائج مخيبة للأمال ،عندما عاد إليه يجر قدميه جراً بعد تعرضه هو ورجاله لهجوم لا يعلم من قام به
فهو يتذكر أن عدة رجال ملثمون يحملون اسلحة نارية ،نشب بينهم عراكاً دامياً ، أنتهى بسلب هؤلاء الرجال كل الشاحنات المكلف بحراستها وإيصالها حيث أمره طلعت
أنه لأمر شديد الصعوبة أن يفتح عيناه بعد ما لقاه من عذاب وهوان ، ولكن فتحها أخيراً يشعر بالدماء تسير بأوردة رأسه تصيبه بألم من نوع أخر
غمغم بصوت يكاد يسمع :
– أبوس أيدك يا طلعت بيه كفاية والله مش انا السبب انا قولتلك دى ناس ضربت علينا نار واخدوا العربيات مش انا اللى اخدتها صدقنى
رمقه طلعت ببرود ،وهو يحرك سلاحه النارى ملوحاً به وهو يقول:
– أنت يا رشدى اللى حكمت على نفسك لما قولت ان لو عملت غلطة كمان هقتلك
عندما باح له بهذا الكلام ، لم يكن يعلم أنه سيخفق بمهمة أخرى وينال ذلك العقاب الذى اقترحه وهو بغفلة من أن طلعت سينفذه حقاً
قبل أن يفه برجاء أخر ،كانت رصاصة تخترق منتصف جبينه ، تخرسه عن النطق للأبد ، ظل طلعت يتأمل جسده المتأرجح والذى تم نزع منه الروح والدماء تقطر منه على الأرض ، وهو متبلداً كعادته دائماً ،عندما ينهى ما يقلقه بتلك الطريقة التى لا يجيد غيرها ألا وهى القتل
رفع يده يشير للرجال خلفه قائلاً:
– يلا خدوه وأخفوا جثته زى ما بتعملوا مش عايز ألاقى أى أثر فى المخزن مفهوم
صاحت الرجال بصوت واحد:
– مفهوم يا طلعت باشا
أسرع الرجال بتنفيذ أوامره خشية أن يلاقوا ما لقاه ذلك الرجل الذى كان بوقت ليس ببعيد يعد زعيمهم وكبيرهم والرجل الأمين لطلعت الزينى ، فهم أيقنوا الآن أن ذلك الرجل المدعو طلعت لا يضع بإعتباره شئ سوى ما يحقق له مصالحه الخاصة
رأى طلعت كمال يستند على سيارته ينتظره بالخارج ، فتبسم له كأنه على علم ونية بما فعله منذ قليل ، فإستقام بوقفته وهو يلوى ثغره بخبث:
– البقاء لله يا طلعت بيه الله يرحمك يا رشدى
تجاهل طلعت حديثه واقترب منه وهو يعيد سلاحه لغمده يهتف به:
– ايه الاخبار عملت اللى قولتلك عليه يا كمال
أومأ كمال برأسه إيجاباً وهو يقول:
– كله تمام والشنطة أهى وحياتك مكلفانى كتير أوى علشان أعرف أجبها
أخذ طلعت منه الحقيبة الجلدية ووضعها على مقدمة السيارة ينظر لما تحويه وهو يبتسم بشماتة قائلاً:
– تمام كده يا كمال خليها معاك لحد ما أقولك هتنفذ أمتى
أخذ كمال الحقيبة ثانية ليعود لسيارته ، بينما أستقل طلعت سيارته الفارهة يقودها تمهيداً لعودته لمنزله، فذلك المكان الذى كان متواجداً به لا يعلم بشأنه أحد سواه هو ورجاله وكمال
____________
شعر قاسم بالخوف تلك المرة ،وهو يراها تحزم أمتعتها تأهباً لذهابها لمنزل شقيقتها طبقاً لتلك الخطة التى تم وضعها سابقا ، فجوليا بإنتظار مرور ذلك الشهر حتى تعلن لزوجها طلعت بأنها تحمل بأحشاءها طفلاً الآن ، وتعلم أن سيمر الأمر على طلعت بسعادة ،ستطغى على كل شئ ، حتى لا يعد يهتم بخسارة ذراعه الأيمن رشدى ، الذى لقى حتفه على يده
فأقترب منها قائلاً:
– جومانا سيبك من الموضوع ده ومتروحيش لأختك أنا خايف عليكى ليجرالك حاجة أنتى واللى فى بطنك
تركت ما بيدها وإلتفتت إليه جومانا باسمة ، فهى سعيدة بإظهاره إهتمامها بها وخوفه من أن يصيبها مكروه
أمسك يديه بين كفيها قائلة:
– إطمن يا قاسم متخافش عليا وكل شئ هيعدى إحنا لازم ناخد حقنا منهم
تركته وعادت تكمل ما تفعله ، فزاد خوفه أكثر فبدون أن يعى أقترب منها يطيح بالحقيبة أرضاً يعلو صوته:
– لاء يا جومانا مش هتروحى وانا مش عايز حاجة من فلوس طلعت انا برضه عندى اللى مكفينى لاء مش هضحى بيكى وبإبنى لاء لاء
ظل يصرخ بوجهها ليقصيها عن فعل ذلك ، ولكن إصرارها العجيب على أن تثأر من شقيقتها على ما فعلته بها جعلها لاتستمع لما يقول فهتف به هى بهدوء:
– لازم اخد حقى من جوليا يا قاسم
أومأ قاسم برأسه رافضاً وهو يقول:
– لو فاكرة الموضوع هيعدى على خير يا جومانا تبقى ساذجة لو فكرتى أن أختك بعد ما تشوف ابنك ولا بنتك وتلاقى خلاص فرصتها جت انها تاخد من طلعت كل اللى حيلته، وأنها مش هتتردد أنها تخلص عليكى وتخلص منك وهتطلع منها الملاك البرئ وأنا مش عايز أخسرك يا جومانا
ربما لقى حديثه هوى بنفسها ، فهى حقاً تعلم شر شقيقتها ، فهى ما أعدته من مكيدة لها ربما سينقلب الأمر عليها ويجعلها تخسر زوجها وطفلها وتخسر حياتها قبل أى شئ
جلست على طرف الفراش تفكر فيما سمعته منه فرفعت وجهها إليه قائلة برهبة لم تستطيع أن تواريها:
– طب هنعمل ايه يا قاسم دى خالص قربت تقول لجوزها أنها حامل خلاص ومستنيانى أروحلها هقولها إيه
جلس قاسم بجانبها يفكر فى حل لذلك المأزق ، وبعد تفكير أخذ منه دقيقتين ، نظر لها قائلاً:
– أتصلى بيها وقوليلها أنك خلاص مش هتكملى فى اللعبة دى ويحصل اللى يحصل حتى لو اضطريت اخدك ونهرب من البلد لأن خلاص فاضل ضربة واحدة وطلعت الزينى ينتهى لما ينكشف بلاويه هو والظابط اللى اسمه كمال مبقاش فاضل كتير على نهايته علشان كده بقولك بلاش تعملى ده وان كان على اختك يمكن ربنا يرزقها هو بللى يعاقبها على بلاويها وعمايلها
ما شعرت به من خوفه عليها ، جعلها تتيقن أنه أحبها بصدق ، فربما هو محقاً ، فهى لا تريد شئ سواه هو وطفلها ، والله قادر على القصاص من شقيقتها بعجائب قدرته
وضعت يدها على يده تشد عليها وهى تقول:
– خلاص يا قاسم هعمل اللى قولت عليه مش هكمل فى اللعبة دى بس لو كلمت جوليا هلاقيها جاية ومضمنش تعمل ايه
نهض قاسم من مكانه ينهضها معه وهو يقول :
– أنتى تاخدى شنطتك وتقفلى شقتك دى وتروحى شقتنا تفضلى قاعدة فيها لحد ما الدنيا متظبط وأختك متعرفش طريق الشقة التانية ومش هتعرف توصلك يلا دلوقتى هاتى شنطتك علشان أوديكى على الشقة وأرجع انا بيت طلعت
طوقت عنقه بذراعيها تشدد من إحتضانها له وهى تتمتم :
– ربنا ما يحرمنى منك يا قاسم وخلى بالك من نفسك يا حبيبى
أخذت حقيبتها وهى تخرج برفقته حتى وصلا للسيارة ومنها للشقة ، فبعد إطمئنانه على وصولها عاد لمنزل طلعت
فأخرجت هى هاتفها فلابد لها من إتمام تلك المكالمة وبعدها تتخلص من ذلك الهاتف حتى لا تصل لها شقيقتها
ثوانى وجاءها رد جوليا تقول :
– جومانا أنتى أتأخرتى ليه كده انا خلاص خليت الشغالين يجهزوا الأوضة اللى هتقعدى فيها طول شهور الحمل
خرج صوت جومانا ثابتاً تقول بألية:
– خلاص يا جوليا مش هاجى ومش هنلعب اللعبة دى خلاص انا غيرت رأيى ومش عيزاكى تساعدينى
الصمت الذى خيم على الأجواء ، جعلها تظن أن شقيقتها لم تستمع لما قالته حتى سمعت صوتها هادراً بفحيح:
– نعم يا أختى يعنى ايه خلاص لاء مفيش الكلام ده يا جومانا وأنتى هتيجى دلوقتى حالا وإلا مش هتعرفى أنا ممكن اعمل فيكى ايه فهمانى أنا ممكن ....
قبل أن تكمل إستماعها لتهديدها الأخرق ، أنهت جومانا المكالمة ، وأخرجت شريحة الهاتف ، شطرتها نصفين ،وألقتها بالقمامة ، فهى ستذهب لشراء أخرى ، تنفست بإرتياح لم يدوم طويلاً عندما تذكرت أن زوجها مازال هناك بذلك البيت الذى لا يقطنه إناس كباقى البشر ولكن رجل وإمرأة نُزعت الرحمة من قلوبهما ، لا يريدان سوى مصلحتهما فقط ، ولايضعان بإعتبارهما أى شئ أخر ،حتى وإن كان رابط الدم
____________
صف نائل سيارته أمام تلك البناية السكنية ، بأحد الأحياء الراقية ، والتى علم أن تلك الفتاة التى ملكت عليه لبه ، تقطن بأحد الشقق التابعة لها ، فبمراقبتها علم أين تسكن ؟ ولكن علم من حارس البناية أنها تسكن برفقة خادمة ويأتى رجل للإطمئنان عليها بصفة دائمة ، فشغل ذلك الأمر عقله ، فما صفة ذلك الرجل لها ، يخشى أن تكون متزوجة أو مخطوبة ، فالحارس لم يكشف له عن هوية ذلك الرجل
تمتم نائل بحيرة:
– طب أنزل واروح أسألها اذا كانت متجوزة ولا مخطوبة طب لو فعلا هى كده هعمل ايه دا انا خلاص وقعت على بوزى يا خبتك يا نائل
بتعنيفه وتقريعه لنفسه لتعلقها بأمال لا تتضح مدلولها حتى الآن ، لمح سيارة يعرفها جيداً ، ويعلم من يكون صاحبها
فقطب حاجبيه بغرابة قائلا:
– هى مش العربية دى بتاعة جواد
قبل أن ينهى حديثه ،رأى جواد يترجل من السيارة يحمل بيده عدة أغراض وولج للبناية ، بدأت الظنون تضج برأسه على مجئ جواد هنا ، وهو من صرحت زوجته بأن تلك الفتاة صديقتها
ولكنه عاد ونهر نفسه قائلاً:
_ لاء مش ممكن جواد يعمل كده هو ملوش فى سكة الستات دى أصلا دا صاحبى وأنا أعرفه كويس
ما يقوله بلسانه ، يعود عقله ويوسوس له بخلاف ذلك ، وظل شيطانه يصور له من الأمور أشنعها ،حتى وجد نفسه يترجل من السيارة ،مقتحماً البناية حتى وصل لشقتها ،وهو يلهث كمن يركض بماراثون ، وضع سبابته على الجرس بإلحاح ،جعل الخادمة تفتح الباب تكاد تقذفه بسباب لاذع ، على ذلك الازعاج
فحملقت به الخادمة قائلة بحدة :
– فى إيه يا أستاذ أنت حاطط إيدك على الجرس هتحرقه
سمع نائل صوت جواد يأتى من الداخل وهو يقول:
– هيلينا حبيبتى يلا بقى علشان ورايا شغل كتير وعايز أرجع الشركة
أزاح نائل الخادمة من أمامه ،وأكمل سيره للداخل وجد جواد يقف بمنتصف الصالة ،وهيلينا تخرج من إحدى الغرف مبتسمة ولكنها شهقت بصوت عالى وهى ترى نائل خلف جواد
فأعادت أدراجها ثانية فهى لم تكن مرتدية حجابها ، فإستدار جواد خلفه وجد نائل يطالعه بوجوم يزوى ما بين حاجبيه
تعجب جواد من وجوده ففكر وتساءل:
– نائل أنت بتعمل ايه هنا وعرفت الشقة دى إزاى
زادت حرارة إنفعال نائل ، كمن ضبط أحدهما بالجرم المشهود ، فحدق بجواد قائلاً:
– أنت يا جواد يطلع منك كده بتخون مراتك مع صاحبتها وانت لسه متجوز
رفع جواد شفته العليا قائلاً بتبرم:
– هو أنت حضرتك شغال جاسوس بعد الضهر أنت ايه حكايتك انت كمان أنا مش فاهم حاجة
خرجت هيلينا بعد إرتداءها حجابها وثوب ملائم عوضاً عن ثوبها البيتى ، فإبتلعت ريقها مردفة بتوتر:
– كويس أن شوفت حضرتك علشان تاخد حق الجيتار أتفضل
مدت يدها له بالنقود ،فطالعها نائل يشعر كأنه تلقى طعنة بقلبه ، يقف جواد بالمنتصف لا يعلم عما يتحدثان ،ولكن بفعلة نائل التى فعلها بأخذه النقود وإلقاءها أرضاً وهو يدمدم:
– خلى فلوسك مش عايز منك حاجة انا اتصدمت فيكى وفيه
خرج جواد عن إلتزامه بالصمت ، فعلم علام يفكر نائل الآن ،فقبل أن يبتعد نائل أمسكه من مرفقه قائلاً:
– أستنى يا نائل أنت فاهم غلط
حاول نائل نفض يد جواد عنه ،الا أن الأخير دفعه حتى سقط على مقعد خلفه يهتف به :
– أتنيل أقعد وأنا هفهمك كل حاجة مش طالبة غباءك دلوقتى يا نائل
قبل أن ينشب بينهما عراك ، أشار جواد لهيلينا أن تعود لغرفتها ،فهو يريد أن يتحدث مع نائل بمفردهما ، أطاعته هيلينا وهى تفكر فى سبب مجئ نائل الآن، أو لماذا يطالعها بنظرات إتهام كأنها حبيبته وأقدمت على خيانته ، فهل هو ....
خشيت أن تكمل حديثها بخاطرها ، وتصحو من غفلة خيالتها على شئ آخر ،ولكن لما تلك الابتسامة شقت شفتيها بإتساع وهى تفكر بذلك الأمر
فغر نائل فاهه بعدما أستمع للحقيقة كاملة من جواد ، فبالرغم من روابط الصداقة بينهما ،الا أن جواد لم يبح له بذلك السر قبل الآن ، فهو كان يخشى أن يعلم أحد بشأن علاقته بهيلينا ، ولكن القدر يعد له مفاجأة تلو الأخرى ، فبالاول زوجته ،والأن صديقه ، ولايعرف إذا كان الأمر سيقتصر عليهما فقط
إرتياح عارم سار بأوردته بعد علمه بحقيقة تلك الفتاة ، فالطريق أمامه فسيحاً الآن ، فليقدم على تلك الخطوة التى أستهوت نفسه منذ رؤياها
فتبسم بوجه جواد قائلاً:
– وأنا طالب إيديها منك يا جواد جوزهالى وأنا هشيلها فى قلبى وعينيا كمان أنا من ساعة ما شوفتها فى المطار وهى طيرت النوم من عينى دى حلوة بشكل دى تجنن وتهوس زى القمر
زمجر جواد بصوته دليل غضبه من إسهاب ذلك الأرعن ، بإخباره بما يراه بإبنة شقيقته ،فخرج صوته محتداً:
– فى إيه يا بتاع أنت أنت نسيت انك بتتكلم عن بنت اختى متحترم نفسك احسن لك
وعى نائل الآن أن ما يحدثه ليس صديقه المقرب ، ولكنه خال تلك الفتاة ، فليتزم الآداب المتعارف عليها عندما يقدم أحد على خطبة فتاة
فحمحم نائل يجلى صوته قائلاً:
– سورى يا جواد لو كنت خرفت فى كلامى بس قولت ايه موافق أنك تجوزهالى
حك جواد جبهته بتفكير ،فعاود النظر إليه قائلاً:
– أنا معنديش مانع بس أعرف رأيها إيه الأول ولو وافقت على البركة عارف انك راجل وهتحافظ عليها
ربما ذلك هو الحل الأنسب لظهور هيلينا بشكل رسمى ،أمام والدته وديما على أنها زوجة نائل ، وربما بذلك يتاح لها الفرصة للمجئ لمنزله برفقة زوجها المستقبلى ، بحكم تلك القرابة والصداقة التى تربط بينهما
____________
لا تعلم سر رغبتها المجنونة ، أن تصنع متكئاً على أرضية الشرفة ،وتجلس برفقة زوجها تحت السماء التى لمعت بها النجوم ، فربما ستكون الفرصة سانحة وتخبره بذلك الأمر الذى ألح عليها به سليم ، فربما سيكون جواد سعيداً بزواج ديما من شاب جمع من الخصال أفضلها ، انتهت من وضع الوسائد ،وعادت للداخل تنهى زينتها قبل مجيئه ، سمعت صوت الباب يفتح ، يلج منه زوجها ، فركضت إليه تتعلق بعنقه ، تخبره إشتياقها إليه بنهارها الذى لولا ذهابها للجامعة ورؤية صديقتها ، لأصابها الضجر وهى بإنتظاره ،ولربما أصابها الجنون وتذهب إليه لمقر عمله لتراه
همست بأذنه بصوت عذب:
– حمد الله على السلامة يا حبيبى وحشتنى يا جواد
كم يحب الانصات إليها ،وإستماعه للفظها إسمه بحرارة ودفء صوتها ، فهو ليس بملام إذا أراد أن يسجنها بقلبه ، يجعلها أسيرة إشتياقه ، بعد أن أستقبلته بحفاوة ، تشابكت أصابعها بأصابعه تبتسم إبتسامة عريضة:
– تعال معايا يا جواد
سار بجانبها ووصلا للشرفة ، رأى ما أعدته من طعام على طاولة صغيرة ،وأيضاً المتكأ الذى أعددته على الأرضية
فحول بصره إليها قائلاً :
– إيه الجمال ده كله عشا على ضوء القمر والنجوم بس النهاردة فى قمرين مش قمر واحد بس
خبير هو بفنون اغواءها ، وأن يجعل حرارة خجلها تلهب وجنتيها ، فوقع كلماته بنفسها لها مفعولها كمفعول السحر ، أجلسها بمقعدها ، فهو يعلم أنها لن تظل صامدة مدة أطول وهو من شعر بإرتجافها بين ذراعيه ، فليلة دافئة بصحبة فاتنته ، كمن حصد من الحظ أوفره
تناولا طعامهما بصمت العشاق ، فالأعين كفيلة بالإفصاح عما فى القلوب ، بعد الانتهاء ترك جواد مكانه قائلاً:
– الحمد لله ثوانى بقى أغير هدومى وراجعلك يا قمرى
تبسمت له ، ورأته يلج للداخل فتركت مقعدها تجلس على الوسائد ، تأملت السماء بنجومها البراقة ، فهبت نسمة هواء باردة ، جعلتها تنكمش على نفسها تضم ذراعيها لتقف إرتجافها ، فثوبها لم يكن كافياً ليجعلها تشعر بالدفء ، ولكن شعرت بشئ ناعم الملمس على كتفيها ، فرفعت رأسها رأت جواد قد عاد وجلب معه غطاء من أغطية الفراش
تبسمت له بإمتنان وهى تقول:
– كويس انك جبت الغطا بالرغم من الجو حلو بس الهوا بارد
جلس جواد بجانبها يتدثران سوياً بالغطاء يدنيها منه يحيطها بذراعه جعلها تتوسد كتفه ، فزاد شعورها بالدفء الذى غمرها به
مال برأسه يستند بها على رأسها قائلاً:
– بس ايه اللى خلاكى تعملى الجو الحلو ده وعشا وسهرة تحت النجوم
هى لم تفعل كل ذلك إلا من أجله ومن أجل أن تخبره بإشتياقها الذى ظلت طوال نهارها تعد الدقائق لمجيئه لإخباره به ، فهى تريد أن تكتنز كل اللحظات الحلوة معه
فرفعت وجهها إليه وهى تهمس بأنفاس محبة:
– علشان أقولك أن أنا بحبك يا جواد يا جوزى وحبيبى ودنيتى كلها
قبل أن يدنو بوجهه منها سمعا طرقاً عنيفاً على باب الغرفة ، كأن الطارق لا يطيق صبراً على أن يفتح أحدهما الباب ، وذلك ما أصاب جواد بالدهشة وخاصة وهو يعلم أن ربما والدته وديما بفراشهما الآن
ترك مكانه الدافئ بجانب زوجته وخرج من الشرفة ،وصل لمقبض الباب يديره بسرعة لعل الطارق يكف عن طرقه هكذا
فتح جواد الباب قائلاً بغرابة :
– أيوة فى إيه وايه الخبط ده كله حصل أيه
أرتجفت أوصال الخادمة وهى تنطق بتلك الكلمات التى خرجت منها بتلعثم واضح كأنها على وشك البكاء:
– جواد بيه ألحق فى ظابط وعساكر عايزينك تحت ضرورى وبيفتشوا كل مكان فى البيت تحت
وضعت تالين الغطاء على كتفيها لتخفى ثوبها من الأعلى ، فهى شحب وجهها وأصابها الخوف بعدما سمعت ما تفوهت به الخادمة ،خرجت من الشرفة قائلة بخوف:
– ججواد هو فى إيه
إستدار جواد برأسه إليها قائلاً:
– مش عارف يا تالين غيرى هدومك بسرعة
قالها جواد وخرج من الغرفة مغلقاً الباب خلفه ،أسرعت بتنفيذ ما قاله فلم تجد سوى ثوب الصلاة أمامها ،فأرتدته سريعاً وخرجت من غرفة الثياب لتلحق بزوجها
فتحت الباب تكاد تشعر بأن قدميها لن تسعفها بالحركة ،هبطت الدرج سريعاً ، فوجدت الطابق السفلى بالمنزل بحالة من الهرج والمرج ، ورجالاً يلجون لغرفة ويخرجون من أخرى
فتقدم جواد من ذلك الضابط الذى يلقى أوامره بصرامة:
– يلا بسرعة عايزكم تفتشوا البيت حتة حتة
أنفعل جواد من ذلك الضابط الذى يلقى بأوامره غير مراعياً بأن لكل منزل حرمته يجب أن يراعيها
هتف به جواد بحدة:
– هو فى إيه يا حضرة الظابط بالظبط وبتدورا على إيه عايز أعرف
إنتشاء يسرى بعروق كمال وهو يرى جواد يقف حائراً لا يعلم ما ينتظره ،فرمقه بنظرة باردة من عينيه الخبيثتين الممتلئتان بشر ومكر
ربت كمال على كتف جواد قائلاً:
– اصبر يا جواد بيه دلوقتى هتعرف كل حاجة وهتعرف إحنا بندور على إيه وعلشان أريحك أنت مطلوب القبض عليك بتهمة الإتجار فى المخدرات
____________
يتبع....!!!!!
الاكثر قراءة هذا الشهر :
موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله
هنا تنتهى احداث رواية أصبحت اسيرته البارت 19 ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية اصبحت اسيرته البارت 20 أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .
نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية أصبحت أسيرته ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .