نقدم اليوم احداث رواية اصبحت اسيرته البارت 18 من روايات سماح نجيب . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية واحدة من اجمل الروايات رومانسية والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية اصبحت اسيرته كاملة بقلم سماح نجيب من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية اصبحت اسيرته pdf كاملة من خلال موقعنا .
أصبحت اسيرته الفصل الثامن عشر
* أصبحت أسيرته *
١٨ – " لن تفعليها تلك المرة "
زوى نائل ما بين حاجبيه مما قالته تلك الفتاة التى لم يراها من قبل بحياته ، وليس هذا فقط فهى تناديه بتلك الكلمة " بابا " فتبسم على قولها ، فكيف له أن ينجب فتاة بمثل عمرها فتاة يافعة وجميلة، وهو مازال بالثلاثينات من عمره
خرج عن صمته واندهاشه قائلاً:
– بابا مين يا أنسة أنتى هتجبيلى مصيبة وإزاى أخلف واحدة قدك كده خلفتك وانا فى الابتدائية
وعت هيلينا على حالها ، فالشبه بينه وبين والدها الراحل يثير الحيرة والدهشة ، فشعره الأشقر وملامح وجهه كتلك التى كانت لأبيها ، لذلك بادرت بقول تلك الكلمة بدون أن تعى ما تقول
إستقامت هيلينا بوقفتها تبدى أسفها على ما تفوهت به :
– أنا أسفة يا استاذ مكنتش أقصد حضرتك عن إذنك
قبل أن تبتعد لمحت جواد يركض إليها هو وتالين ، فأقترب منها قائلاً بخوف:
– هيلينا أنتى كنتى فين كنت بدور عليكى روحتى فين كده
– جواد حمد الله على السلامة
قالها نائل بإبتسامة عند رؤية جواد ،الذى رفع وجهه وانعقد لسانه من رؤيته وخاصة أن هيلينا معه ونائل لا يعلم من تكون
فرد جواد قائلاً بتوتر:
– الله يسلمك يا نائل اخبارك ايه ورايح فين كده
أجابه نائل وعيناه لم تحيد عن النظر لهيلينا:
– كنت مسافر كان عندى شغل يومين كده ورجعت هى مين الآنسة دى انت باين عليك تعرفها يعنى يا جواد
قبل ان يجيبه جواد سارعت تالين فى الرد قائلة:
– دى تبقى واحدة صاحبتى اتعرفت عليها فى ألمانيا وطلعت عايشة هنا فى مصر وكانت راجعة معانا على نفس الطيارة
ختمت تالين حديثها بإبتسامة ، لإيهام نائل بصدق قولها ، ولكنه لم يكن لديه الوقت الكافى للتفكير بالأمر فأعتذر مغادراً
فلوح بيده لهم مودعاً:
– طب سلام بقى يا جواد علشان تعبان وعايز اروح وانام وهجيلك علشان كنت عايز اتكلم معاك فى موضوع مهم
رحل نائل ووضع جواد يده موضع قلبه يزفر براحة ، بأن أمر هيلينا لم ينكشف ، ولكنه فكر لمتى سيظل أمرها طى الكتمان
بعد إطمئنانه على وصول هيلينا للشقة التى تقطن بها ، أخذت زوجته وعاد لمنزله ، يسوقه شوقه لرؤية والدته
وصلا المنزل فوجد ذراعى والدته ممتدة مرحبة بعودته ، فضمته إليها وهى تربت على ظهره بحنان بالغ وعيناها ممتلئتان بدموع السعادة لعودته سالماً هو وعروسه ، تلك الفتاة التى نالت ترحيباً حاراً منها هى الأخرى
فرمقتهما كريمة قائلة بحنو بالغ:
– حمد الله على السلامة يا حبايبى البيت نور برجعوكم
تبسم لها جواد قائلاً:
– تسلميلى يا أمى أنتى وحشتينى أوى هى فين ديما
بمجرد ذكرها ،وجدها تهبط الدرج بسرعة وهى مبتسمة ،تصيح بصوتها وهى تقترب منهما :
– جواد حمد الله على السلامة وحشتنى أوى أوى
ربما ترحيب ديما الحار بعودته ، جعلها تزدرد لعابها بغية تهدئة تلك النيران التى عادت ونشبت بقلبها من رؤية أنثى تتودد له ،حتى وإن كانت تعلم أن هذا التودد لم يكن سوى ترحيب بشقيق عزيز عائد بعد غياب دام أياماً
فإلتفتت ديما لتالين قائلة بأعتذار:
– أسفة يا تالين فرحتى برجوع جواد نستنى أقولك حمد الله على السلامة
بادلتها تالين الابتسام برقة وهى تقول:
– ولا يهمك يا ديما الله يسلمك اخبارك ايه
أقتربت منها ،طابعة قبلة رقيقة على وجنتيها ، وبالرغم من إمتعاض تالين منها ،الا انها لا تحمل لها ضغينة أو كره ،سوى انها لاتريدها أن تخبره بإشتياقها إليه ، فلا يحق لأنثى أن تشتاقه إلا هى ، بأفكارها المتضاربة عادت وعنفت نفسها على تفكيرها ،فتلك الفتاة بمثابة شقيقته ، ولا يجب أن ترهب جانبها ، ولكن ماذا تفعل فى ذلك القلب الذى ملأه هو هياماً وحباً وغيرة عاصفة أيضاً
___________
بالمساء...
أنهى بسام حيرته بشأن التفكير بالذهاب لرؤية شقيقته بعد عودتها ، أم ينتظر مجيئها هنا فى منزلهم ليتجنب اللقاء مع زوجها
لكنه أخذ ثيابه يرتديها بعجالة قبل أن يعود لحيرته ثانية ، وجد أبويه فى إنتظاره فخرجوا جميعهم من الشقة بطريقهم لمنزل زوج إبنتهما
بذلك الوقت ،بعد أن أخذت غفوتها ببستان عشقه ، تتنقل بين زهور الغرام ،تلتحف بسماء يضيئها نجوم الحب
كانت تالين بغرفتها تنهى إرتداء ثيابها إستعداداً للقاء والدايها وشقيقها ، وليتناولوا جميعهم العشاء سوياً طبقا لرغبة والدة زوجها تلك المرأة الحنون
وقفت أمام المرآة بحثت عن حجابها ولم تجده ، فدمدمت بغرابة:
– هى الطرحة راحت فين انا لسه حطاها هنا جواد مشوفتش الطرحة بتاعتى
إستدار إليها جواد برأسه وهو يغلق ازرار قميصه قائلاً بضحك:
– ماهى محطوطة على رقبتك أهى يا حبيبتى سلامة عقلك
ضربت تالين جبهتها بيدها وهى تقول:
– أخ دا انا شكلى جالى زهايمر وبقيت بنسى كمان
رفعت الحجاب على رأسها لتبدأ بضبطه ، لكنها وجدت زوجها يسحبه من على رأسها رغبة منه فى إثارة غضبها ، لكنها تجاهلت ذلك ورفعته ثانية فأعاد الكرة ثلاث مرات ، حتى وجدها تلتفت خلفها تحدق به بعبوس :
– فى إيه سيبنى بقى ألبس الطرحة يا جواد زمان أهلى جايين دلوقتى
بعد أن أنتهت وقبل أن تبتعد عن المرآة وجدته يأسرها بين ذراعيه ، يحدق بإنعكاس صورتهما سوياً بالمرآة قائلاً:
– كنت دايما أبص على طيفك فى المراية وأنتى بعيد دلوقتى ببص عليكى وأنتى قريبة منى وبين إيديا
رفعت ذراعيها تضعها على ذراعيه المحيطين بها تستند برأسها على كتفه مغمغمة :
– وأنا عايزة أفضل على طول كده بين إيديك يا حبيبي يا أجمل صدفة حصلت فى حياتى تصدق أنا لازم أشكر بسام أنه بعتنى ليك
تبسم جواد هو الآخر :
– وأنا كمان عايز أشكره والله بس شكل اخوكى بيخاف منى
– بيخاف منك جدا يا جواد
نطقت بها تالين وهى تستدير بين ذراعيه فخفضت رأسها ويدها تعبث بزر قميصه العلوى وهى تعقب قائلة:
– بسام حاسس بالذنب حتى لو مكنش السبب فى موت إبنك حاسس أنه مذنب علشان مقدرش يساعدك انت وابنك وكمان أضحك عليه بسام طيب وغلبان أوى وكمان زاد إحساسه بالذنب لما انا وافقت اتجوزك علشان انقذه من إيدك وانقذ مستقبله هو لسه فاكر ان انا بكرهك ميعرفش ان انا عايشة دلوقتى أجمل أيام حياتى وأنا جمبك
زاد من ضمه لها يدنيها منه أكثر فقبل رأسها قائلاً:
– حبيبتى أنتى ، أنا عايز أقعد مع أخوكى ونتكلم يا تالين يمكن يبطل يخاف منى ويبطل إحساسه بالذنب لانه ممكن كتر التفكير يتعب اعصابه
تنفست تالين براحة من إقتراح زوجها ،فهذا أفضل لشقيقها ، حاولت الابتعاد ولكنه لم يكن يسمح لها بذلك ، قبل أن يجعل قلبها يحلق عالياً أثر عناقه الذى يباغت به حواسها التى تشعر بالخدر بها من إقترابه منها
___________
حاولت نايا ألا تصدر صوتاً بنهوضها من الفراش ، لكى لا يفيق ذلك الطبيب المعتوه ، الذى من الواضح انه إستمتع بليلة أخرى ماجنة ،لم تجرؤ هى على رفضها ،مقابل ثمن باهظ سيدفعه لها ، فلو كانت تتمتع بذرة عقل واحدة لما أقدمت على الموافقة بأن تصبح فريسة له مرة أخرى بعد تلك الليلة التى أكتشفت بها جانبه المظلم ، ولكن قبل أن تدير مقبض الباب سمعت صوته الخشن مغمغماً:
– على فين يا نايا
جف حلقها ، وزاغت عينيها ، وتسارعت دقات قلبها ، فهى تخشى أنه لم يكن شعر بالاكتفاء من تلك الأساليب المقززة التى يفعلها مقابل إشباع رغباته الدنيئة
فتلعثمت قائلة:
– ههو كنت هروح الحمام كنت هروح فين يعنى يا هادى
إعتدل هادى بجلسته ، أخذ سيجارة من علبة السجائر الخاصة بها والتى تحوى على مواد مخدرة أيضاً ، أشعلها ينفث دخانها بإستمتاع من رؤية بوادر الخوف على وجهها
فتبسم بجانب ثغره قائلاً:
– راحة الحمام يا روحى ولا عايزة تهربى زى اللى هربوا قبل كده انتى اللى اصريتى تدخلى العالم بتاعى وانا حذرتك بس بما ان انا وانتى طينة واحدة فانا الصراحة مبسوط من وجود معايا اللى كانوا بييجوا قبلك كنت بخاف يتكلموا ويشوهوا صورة الدكتور المحترم بس بما ان انا وانتى ستر وغطا على بعض فأنا هاخد حريتى على الاخر
رجفت أوصالها من تصريحه لها بأنها لن تستطيع الخلاص منه ، وأنه سيظل ملازماً لها ولن تستطيع الهروب من جحيمه الذى رأته ولا تتحمله أنثى ، فهو شخص مريض سادى معتوه وفاسق ودنئ يجمع كل الصفات السيئة التى يمكن أن تجتمع برجال عدة
فحاولت أن تنجو بأعجوبة منه فأبدت إقتراحاً قائلة:
– طب بقولك إيه يا هادى ما أجبلك ديما النصراوى واعمل فيها اللى انت عايزه كله وبراحتك
حك جبهته بتفكير فى ذلك الإقتراح الذى لقى قبولاً بنفسه المريضة وهو يتخيل ديما شأنها شأن الفتيات التى جاءت لهنا قبلها
– ماشى يا نايا هديكى فرصة واحدة بس لو ديما مجاتش يبقى خلاص أنتى اللى جنيتى على نفسك يا حبيبتى
زاد إصرارها بإحضار ديما ، لعلها تشفى حقدها وغليلها وغيظها منها ، فبتخيلها ما ستلقاه ديما على يد هادى ، تشعر بسعادة لا تضاهيها سعادة أخرى ، لعل بعد ذلك ستكف ديما عن الافتخار بجمالها وبعائلتها فهى مطمئنة لأنها لن تجرؤ على البوح لجواد بما حدث وهى من كانت السبب فى كل ذلك من البداية
___________
كلما رفعت وجهها تجده يرمقها بشوق أخجلها ، جعل الحمرة تكسو وجهها تحاول هى إخفاءها بخفض وجهها ، لكى لا يراها أحد ، ولكن عندما رفعت وجهها ثانية ووجدت شقيقها متملماً بجلسته تشعر بالشفقة عليه ، فهى يجب أن تتحدث معه أولا
بعد أن انتهى الجميع من تناول الطعام، وخروجهم لحديقة المنزل ، أبتعدت تالين بشقيقها عن الجميع
ربتت على وجهه قائلة بحنان :
– حبيبى عامل ايه واخبارك ايه وحشتنى أوى
طوقها بسام يربت على ظهرها بحنان وعيناه حزينة :
– الحمد لله يا تالين أنا كويس بس أنتى اللى خايف عليها يا تالين لحد أمتى هتبقى مضطرة تستحملى الجوازة دى علشانى
أبعدته تالين عنها ليتسنى لها النظر بوجهه فربتت على خده قائلة:
– بسام بطل تفكير في الموضوع ده بقى هتصدقنى يا بسام لو قولتلك ان مفيش واحدة أسعد منى علشان بقيت مرات جواد أنت وأنا كنا فاهمينه غلط بس صدقنى جواد أحسن راجل فى عينيا فى الدنيا دى ومش هو اللى قتل رامز يا بسام هو ملوش ذنب كل اللى حصل ذنب رامز وابوه هو اتظلم زينا بالظبط
ظل بسام يستمع لشقيقته بغرابة مما تقوله ، فهل هى تلك شقيقته التى كانت تبكى وتنتحب لزواجها من جواد ، هل هى من كانت تكره النظر بوجهه ولا تريد الاقتران به ، ولكن الظروف أقتضتها أن تفعل ذلك
لم يخفى صوته إندهاشه وهو يقول:
– تالين أنتى بتتكلمى جد أنتى فى وعيك
تبسمت تالين على ظن بسام أنها تهذى بكلامها ، فتأبطت ذراعه يسيرون بالحديقة وهى مازالت تعدد له صفات زوجها التى أكتشفتها بعد زواجها منه
دقائق ووجدت جواد ينضم إليهما ،ولكن قبل أن ينهض بسام يريد الفرار ، كان جواد ممسكاً بيده قائلاً:
– أقعد يا بسام مش كل ما تشوفنى عايز تجرى اقعد واسمعنى
جلس بسام رغماً عنه ، ولكنه بحاجة لقول منه يريح به ضميره ، فأنكمش بجوار شقيقته التى ربتت على يده قائلة:
– إهدى يا بسام انا هروح أجبلكم عصير تشربوه
نهضت تالين وعلقت عين بسام بها ،يخشى النظر لجواد ، لكنه هتف به يسترعى إنتباهه وهو يقول:
– إسمعنى يا بسام علشان مطولش عليك فى الكلام ، أنا مش حاقد أو ناقم عليك لانك كنت موجود ساعة حادثة إبنى ، لأن عرفت وأتأكدت ان انت ملكش ذنب وحتى مبتعرفش تسوق وان كان ضميرك بيوجعك على موت ادم ابنى فدى حاجة ربنا مقدرها له سواء كنت انت السبب او لاء وبالنسبة لاصرارى للجواز من اختك فده علشان انا حبيتها من أول نظرة بس كنت عارف انها مكنتش هتوافق تتجوزنى الا بالتهديد
ضحك جواد على كلمته الاخيرة ، فشقت إبتسامة صغيرة شفتيى بسام ، فربت جواد على ساقه معقباً:
– أنا مش عايزك كل ما تشوفنى تخاف أو تهرب من قدامى خلاص اللى فات مات يا بسام وأكيد اختك قالتلك انها هى كمان بتحبنى واحنا مبسوطين بحياتنا مع بعض
كمن ازاح حجراً كان جاثماً على قلبه ،يمنعه من أن يعيش براحة ، فالان ربما حان له بأن يعود ويحيا مطمأن البال من أن شقيقته سعيدة بزواجها ومن صفح زوج شقيقته عنه
__________
بإلحاح نايا لها بذلك الأمر الشنيع الذى تريد جرها إليه ، طفح كيلها ، فهى لن تستطيع أن تصمت على أفعال تلك الفتاة فإن كانت خضعت لها مرة وأعطتها المال ، لن ترضخ لها تلك المرة بذلك الفسق الذى تريد منها أن تفعله ، فلم يكن أمامها سواه فهى ستخبره بكل شئ وليحدث ما يحدث
رأت ديما جواد جالساً بالحديقة ولكنها لم ترى تالين فحمدت الله انه بمفرده لكى لا يستمع احد لتلك الكارثة التى ستخبره بها
تقدمت من مقعد مقابل له تجلس بإضطراب قائلة:
– جواد كنت عايزة اتكلم معاك فى موضوع ضرورى
رفع جواد رأسه بعد سماع حديثها ، فمنذ ما حدث منها كان الحديث بينهما قليلاً عقاب لها على ما فعلت
فهتف بها بهدوء:
– خير يا ديما فى مصيبة جديدة
لا يوجد أحد يعلمها خير منه ، فأومأت برأسها موافقة على ما قاله ،فأعتدل بجلسته بإهتمام لمعرفة تلك الكارثة الجديدة
ازدردت ديما لعابها ، وهى ترى جواد يحدق بها بإهتمام سيصبح بعد دقيقة واحدة غضب جم ونقم وسخط منه ، فلم تجد مفر من قول ما لديها ، فأخبرته بكل ما حدث بينها وبين صديقتها حتى جرأتها بالطلب منها أن تذهب لرجل مقابل المال
صمته دام لثانية فقط ، ليهب من مجلسه كالاعصار يقف أمامها ، فأرتجفت قدميها وهى تحاول النهوض أيضاً وهى تراه كأسد مفترس أثارت حفيظته عن طريق الخطأ
طحن جواد أسنانه مغمغماً:
– يعنى كل ده حصل ومقولتيش يا ديما جاية دلوقتى بعد ما المصيبة الكبيرة كانت هتحصل أنتى عايزة توصلينى لإيه بالظبط أنطقى
أمسكها من مرفقيها يهزها بعنف حتى اصتكت أسنانها ، فدمعت عيناها تتوسله قائلة:
– أرجوك يا جواد سامحنى
دفعها جواد حتى سقطت على مقعدها ثانية متأوهة بإصتطدام ذراعها بحافة المقعد ،ولكنها وجدته يصيح بها :
– أسامحك على ايه ولا ايه يا ديما انت جننتينى عارفة يعنى إيه جننتينى مبقتش عارف الاحق على المصايب من وراكى انتى خلتينى أوصل لحافة صبرى منك ومن تصرفاتك أنتى هتعقلى أمتى بقى ردى عليا وازاى تخبى حاجة زى دى عليا او تروحى وتاخدى فلوس من نائل أنتى اتجننتى
أرتجفت شفتيها وهى تقول بصوت متحشرج :
– خوفت عليك يا جواد لنايا تحبسك بالفيديو اللى معاها وانت كنت لسه متجوز
إبتسم جواد بسخرية :
– وأنتى مفكرة ان انا اخاف من واحدة زيها لو كنت قولتيلى كنت عرفت اتصرف معاها كويس وكنت انا اللى ودتها فى ستين داهية يا ديما لكن انتى اللى بتتصرفى من دماغك وياريت بتتصرفى صح
انكمشت ديما بمقعدها تقول بحذر:
– طب أنت هتعمل معاها إيه يا جواد وهنخلص من المصيبة دى إزاى
زفر جواد بحنق قائلاً:
– أعمل اللى اعمله بقى وأخفى من قدامى دلوقتى يا ديما مش عايز اشوف وشك مفهوم وهخلص من المصيبة دى زى ما بخلص من كل مصيبة كنتى بتعمليها يلااااا من قدامى دلوقتى
لم تنتظره أن يقولها ثانية ،ففرت هاربة لغرفتها ، قبل ان يزداد حنقه وتراه يقدم على صفعها أو ضربها
أرتمى جواد على مقعده منهك القوى من تلك الحمقاء ، التى لن تكف عما تفعل إلا إذا وجدته يصاب بنوبة قلبية من أفعالها الساذجة
ظل يزفر أنفاسه ببطئ ، يعيد تنظيمها بعد أن سلبها الغضب منه ، ولكنه تذكر زوجته التى أخبرته باللحاق بها بالغرفة بعد ١٠ دقائق ، ولكن انقضى نصف ساعة ولم يصعد إليها ، وهو يعلم انها لن تستطيع الخروج من الغرفة لمناداته ، فحتى هاتفه تركه على الكومود بجوار الفراش
فترك مكانه يذهب إليها سريعاً ،لعلها تمنحه الهدوء الذى يعلم انه لن يعود إليه بتلك السهولة التى يتخيلها وخاصة بعد علمه بما ينتظره من أفعال ديما
__________
بعد مرور يومين...
فكرت هيلينا بالخروج من الشقة ، وتشترى بعض الأغراض المنزلية ،لتلهى نفسها عن غياب جواد ، فهو أصبح لديه ما يمنعه من المجئ لرؤيتها يومياً مثلماً أعتاد أن يفعل ، وتتفهم هى هذا كونه أصبح له زوجة ولابد أن تستأثر بإهتمامه
وصلت للمتجر وإبتاعت كل ما تريد ، وبطريق العودة لمحت متجر لبيع الآلات الموسيقية ، ففكرت بشراء جيتار جديد لها
ولجت للداخل تشير للبائع بأنها تريد الجيتار المعروض بالواجهة ولكن إبتسم الرجل معتذراً:
– أنا أسف جدا يا أنسة بس الجيتار ده متباع
حزنت هيلينا فالجيتار رائع ،وتخيلت نفسها تعزف عليه ، ولكن قبل أن ترحل لمحت نائل يلج مبتسماً وهو يقول:
–ها خلاص الجيتار جاهز
أومأ البائع برأسه قائلاً:
– أيوة يا نائل بيه جاهز تصدق الآنسة كانت عايزة تشتريه هى كمان بس قولتلها انه متباع
نظر نائل حيث يشير البائع ، فوجد هيلينا تقف بالخلف ،فخفضت وجهها أرضاً بعد رؤيته ، فمازالت متذكرة إياه ولا تستطيع نسيانه بسهولة
تبسم ثغر نائل وهو يضيق عينيه كأنه يتذكر أين رأى صاحبة ذلك الوجه الجميل فهتف صائحاً:
– افتكرتك مش انتى اللى قابلتك فى المطار وقولتيلى يا بابا وطلعتى صاحبة مرات جواد النصراوى
أومأت هيلينا برأسها دليلاً على صحة ما تفوه به فغمغمت قائلة:
– عن أذنكم
خرجت هيلينا من المتجر وما كادت تبتعد كثيراً حتى سمعت صوت نائل يناديها :
– يا أنسة يا أنسة
إلتفتت هيلينا خلفها ، وجدت نائل يقترب منها بخطوات شبه راكضة حتى وصل إليها فتبسم بوجهها قائلاً:
– أنا بس عايز أديكى الجيتار ده لأن شكله كان عاجبك وباين عليكى كنتى عايزة تشتريه
حاولت هيلينا الاعتراض وهى تقول :
– خلاص ملوش لزوم عن إذنك
مد نائل لها يده بالجيتار وهو مازال مبتسم المحيا:
– لا ابدا لازم تاخديه انا حلفت خلاص يرضيكى حلفانى ينزل على الأرض
ضحكت هيلينا على جملته الممازحة وقبل أن تتفوه بكلمة كان وضع الجيتار بين ذراعيها ملوحاً بيده لها وهو يبتعد
فتذكرت هيلينا أنها لم تدفع له ثمن الجيتار ، فعندما حاولت مناداته وجدته أختفى كالطيف ، فزفرت بقلة حيلته واخذته مبتعدة
توارى نائل خلف أحد الجدران لمراقبتها وهى تبتعد ، فهو يريد ان يعرف من تكون تلك الفتاة التى قابلها مرتين ،وكل مرة تجعل قلبه يكاد يقفز خارج صدره ، فمن تكون تلك الساحرة بجمالها الأخاذ ولكنة صوتها الرقيق ، فهو إستطاع أن يكتشف من لكنة صوتها أنها لم تُولد أو تنشأ بسنوات عمرها الأولى بمصر ، وربما تكون غربية المولد والمنشأ
فدمدم لنفسه بوعد :
– وربنا ما هسيبك الا لما اعرف انتى مين بالظبط يا حلوة أنتى واروح لاهلك اتجوزك خلاص انا قررت وحتى عرفت هنسمى ولادنا ايه
تعجب لحاله وإصراره وتخيله أنها أصبحت زوجته وله اطفال منها وهو لا يعلم حتى الآن من تكون ،ولكن فكر أن بإمكان جواد وزوجته مساعدته بذلك الأمر نظراً لمعرفتهما بهوية تلك الفتاة التى شغلت عقله منذ أن قابلها بالمطار
_____________
ولجت نايا منزلها مترنحة بعد إحتساءها الخمر بكثرة ،لعلها تنسى ما تلقاه على يد هادى ، فالمنزل ساكن كعادته ، فوالدايها مسافران كعادتهما دائماً ،فهى لا تراهما إلا نادراً
تلتف ساقيها وهى تسير مترنحة ،تدندن بكلمات أغنية ، لاترى ما أمامها بوضوح ولكن سمعت صوت يقول:
– حمد الله على السلامة يا نايا معقولة كل ده قاعد مستنيكى دا انا كنت قربت أزهق
أتسعت حدقتيها وتستمع لذلك الصوت الذى يأتيها من الظلام ، فتحت زر الإنارة فرأت جواد يجلس على أحد المقاعد واضعاً ساق على الاخرى يبتسم لها بشر معقباً:
– هى سهرتك النهاردة طولت ليه كده ولا هادى الزينى مكانش حابب تفارقيه
أتت له مراقبتها بالنتائج المرجوة التى كان ينتظرها ، فهو بين يديه الآن دليل إدانة لها يستطيع به الاطاحة بمستقبلها ،وحياتها التى أتضح أنها تحياها خلف ستار من الدناءة
أزدردت لعابها قائلة بخوف لم تستطيع أن تواريه:
– أننت بتعمل ايه هنا ودخلت هنا إزاى وعايز منى إيه
ترك جواد مقعده يقف أمامها يضع يده بجيبه قائلاً:
– أنا اللى جاى اعرف عايزة إيه من بنت عمى ديما لأن وصلنى كلام كده معجبنيش وانك اخدتى فلوس من ديما بمعنى أصح استعبطيها بكلام خايب وأهبل وأنك ماسكة علينا ذلة بفيديو ضربى لنبيل وشوية عك كده الصراحة وجعلى دماغى وجايلك علشان أعرف ايه الموضوع بالظبط
بوح ديما لجواد بما حدث ، ورؤيتها بوادر الغضب على وجهه ، جعلها تتيقن أن جواد يستطيع بكل سهولة استقصاء الحقيقة منها ،بل ويجعلها نادمة على التفكير بما فعلته
ولكنها لم تجد سوى ذلك الحل الذى تبادر لذهنها فوراً ، فأقتربت منه ولكنها لم تحسب حساب لما حدث منه ، بعد أن باغتته بإقترابها الحميمى منه
_________
يتبع ....!!!!
١٨ – " لن تفعليها تلك المرة "
زوى نائل ما بين حاجبيه مما قالته تلك الفتاة التى لم يراها من قبل بحياته ، وليس هذا فقط فهى تناديه بتلك الكلمة " بابا " فتبسم على قولها ، فكيف له أن ينجب فتاة بمثل عمرها فتاة يافعة وجميلة، وهو مازال بالثلاثينات من عمره
خرج عن صمته واندهاشه قائلاً:
– بابا مين يا أنسة أنتى هتجبيلى مصيبة وإزاى أخلف واحدة قدك كده خلفتك وانا فى الابتدائية
وعت هيلينا على حالها ، فالشبه بينه وبين والدها الراحل يثير الحيرة والدهشة ، فشعره الأشقر وملامح وجهه كتلك التى كانت لأبيها ، لذلك بادرت بقول تلك الكلمة بدون أن تعى ما تقول
إستقامت هيلينا بوقفتها تبدى أسفها على ما تفوهت به :
– أنا أسفة يا استاذ مكنتش أقصد حضرتك عن إذنك
قبل أن تبتعد لمحت جواد يركض إليها هو وتالين ، فأقترب منها قائلاً بخوف:
– هيلينا أنتى كنتى فين كنت بدور عليكى روحتى فين كده
– جواد حمد الله على السلامة
قالها نائل بإبتسامة عند رؤية جواد ،الذى رفع وجهه وانعقد لسانه من رؤيته وخاصة أن هيلينا معه ونائل لا يعلم من تكون
فرد جواد قائلاً بتوتر:
– الله يسلمك يا نائل اخبارك ايه ورايح فين كده
أجابه نائل وعيناه لم تحيد عن النظر لهيلينا:
– كنت مسافر كان عندى شغل يومين كده ورجعت هى مين الآنسة دى انت باين عليك تعرفها يعنى يا جواد
قبل ان يجيبه جواد سارعت تالين فى الرد قائلة:
– دى تبقى واحدة صاحبتى اتعرفت عليها فى ألمانيا وطلعت عايشة هنا فى مصر وكانت راجعة معانا على نفس الطيارة
ختمت تالين حديثها بإبتسامة ، لإيهام نائل بصدق قولها ، ولكنه لم يكن لديه الوقت الكافى للتفكير بالأمر فأعتذر مغادراً
فلوح بيده لهم مودعاً:
– طب سلام بقى يا جواد علشان تعبان وعايز اروح وانام وهجيلك علشان كنت عايز اتكلم معاك فى موضوع مهم
رحل نائل ووضع جواد يده موضع قلبه يزفر براحة ، بأن أمر هيلينا لم ينكشف ، ولكنه فكر لمتى سيظل أمرها طى الكتمان
بعد إطمئنانه على وصول هيلينا للشقة التى تقطن بها ، أخذت زوجته وعاد لمنزله ، يسوقه شوقه لرؤية والدته
وصلا المنزل فوجد ذراعى والدته ممتدة مرحبة بعودته ، فضمته إليها وهى تربت على ظهره بحنان بالغ وعيناها ممتلئتان بدموع السعادة لعودته سالماً هو وعروسه ، تلك الفتاة التى نالت ترحيباً حاراً منها هى الأخرى
فرمقتهما كريمة قائلة بحنو بالغ:
– حمد الله على السلامة يا حبايبى البيت نور برجعوكم
تبسم لها جواد قائلاً:
– تسلميلى يا أمى أنتى وحشتينى أوى هى فين ديما
بمجرد ذكرها ،وجدها تهبط الدرج بسرعة وهى مبتسمة ،تصيح بصوتها وهى تقترب منهما :
– جواد حمد الله على السلامة وحشتنى أوى أوى
ربما ترحيب ديما الحار بعودته ، جعلها تزدرد لعابها بغية تهدئة تلك النيران التى عادت ونشبت بقلبها من رؤية أنثى تتودد له ،حتى وإن كانت تعلم أن هذا التودد لم يكن سوى ترحيب بشقيق عزيز عائد بعد غياب دام أياماً
فإلتفتت ديما لتالين قائلة بأعتذار:
– أسفة يا تالين فرحتى برجوع جواد نستنى أقولك حمد الله على السلامة
بادلتها تالين الابتسام برقة وهى تقول:
– ولا يهمك يا ديما الله يسلمك اخبارك ايه
أقتربت منها ،طابعة قبلة رقيقة على وجنتيها ، وبالرغم من إمتعاض تالين منها ،الا انها لا تحمل لها ضغينة أو كره ،سوى انها لاتريدها أن تخبره بإشتياقها إليه ، فلا يحق لأنثى أن تشتاقه إلا هى ، بأفكارها المتضاربة عادت وعنفت نفسها على تفكيرها ،فتلك الفتاة بمثابة شقيقته ، ولا يجب أن ترهب جانبها ، ولكن ماذا تفعل فى ذلك القلب الذى ملأه هو هياماً وحباً وغيرة عاصفة أيضاً
___________
بالمساء...
أنهى بسام حيرته بشأن التفكير بالذهاب لرؤية شقيقته بعد عودتها ، أم ينتظر مجيئها هنا فى منزلهم ليتجنب اللقاء مع زوجها
لكنه أخذ ثيابه يرتديها بعجالة قبل أن يعود لحيرته ثانية ، وجد أبويه فى إنتظاره فخرجوا جميعهم من الشقة بطريقهم لمنزل زوج إبنتهما
بذلك الوقت ،بعد أن أخذت غفوتها ببستان عشقه ، تتنقل بين زهور الغرام ،تلتحف بسماء يضيئها نجوم الحب
كانت تالين بغرفتها تنهى إرتداء ثيابها إستعداداً للقاء والدايها وشقيقها ، وليتناولوا جميعهم العشاء سوياً طبقا لرغبة والدة زوجها تلك المرأة الحنون
وقفت أمام المرآة بحثت عن حجابها ولم تجده ، فدمدمت بغرابة:
– هى الطرحة راحت فين انا لسه حطاها هنا جواد مشوفتش الطرحة بتاعتى
إستدار إليها جواد برأسه وهو يغلق ازرار قميصه قائلاً بضحك:
– ماهى محطوطة على رقبتك أهى يا حبيبتى سلامة عقلك
ضربت تالين جبهتها بيدها وهى تقول:
– أخ دا انا شكلى جالى زهايمر وبقيت بنسى كمان
رفعت الحجاب على رأسها لتبدأ بضبطه ، لكنها وجدت زوجها يسحبه من على رأسها رغبة منه فى إثارة غضبها ، لكنها تجاهلت ذلك ورفعته ثانية فأعاد الكرة ثلاث مرات ، حتى وجدها تلتفت خلفها تحدق به بعبوس :
– فى إيه سيبنى بقى ألبس الطرحة يا جواد زمان أهلى جايين دلوقتى
بعد أن أنتهت وقبل أن تبتعد عن المرآة وجدته يأسرها بين ذراعيه ، يحدق بإنعكاس صورتهما سوياً بالمرآة قائلاً:
– كنت دايما أبص على طيفك فى المراية وأنتى بعيد دلوقتى ببص عليكى وأنتى قريبة منى وبين إيديا
رفعت ذراعيها تضعها على ذراعيه المحيطين بها تستند برأسها على كتفه مغمغمة :
– وأنا عايزة أفضل على طول كده بين إيديك يا حبيبي يا أجمل صدفة حصلت فى حياتى تصدق أنا لازم أشكر بسام أنه بعتنى ليك
تبسم جواد هو الآخر :
– وأنا كمان عايز أشكره والله بس شكل اخوكى بيخاف منى
– بيخاف منك جدا يا جواد
نطقت بها تالين وهى تستدير بين ذراعيه فخفضت رأسها ويدها تعبث بزر قميصه العلوى وهى تعقب قائلة:
– بسام حاسس بالذنب حتى لو مكنش السبب فى موت إبنك حاسس أنه مذنب علشان مقدرش يساعدك انت وابنك وكمان أضحك عليه بسام طيب وغلبان أوى وكمان زاد إحساسه بالذنب لما انا وافقت اتجوزك علشان انقذه من إيدك وانقذ مستقبله هو لسه فاكر ان انا بكرهك ميعرفش ان انا عايشة دلوقتى أجمل أيام حياتى وأنا جمبك
زاد من ضمه لها يدنيها منه أكثر فقبل رأسها قائلاً:
– حبيبتى أنتى ، أنا عايز أقعد مع أخوكى ونتكلم يا تالين يمكن يبطل يخاف منى ويبطل إحساسه بالذنب لانه ممكن كتر التفكير يتعب اعصابه
تنفست تالين براحة من إقتراح زوجها ،فهذا أفضل لشقيقها ، حاولت الابتعاد ولكنه لم يكن يسمح لها بذلك ، قبل أن يجعل قلبها يحلق عالياً أثر عناقه الذى يباغت به حواسها التى تشعر بالخدر بها من إقترابه منها
___________
حاولت نايا ألا تصدر صوتاً بنهوضها من الفراش ، لكى لا يفيق ذلك الطبيب المعتوه ، الذى من الواضح انه إستمتع بليلة أخرى ماجنة ،لم تجرؤ هى على رفضها ،مقابل ثمن باهظ سيدفعه لها ، فلو كانت تتمتع بذرة عقل واحدة لما أقدمت على الموافقة بأن تصبح فريسة له مرة أخرى بعد تلك الليلة التى أكتشفت بها جانبه المظلم ، ولكن قبل أن تدير مقبض الباب سمعت صوته الخشن مغمغماً:
– على فين يا نايا
جف حلقها ، وزاغت عينيها ، وتسارعت دقات قلبها ، فهى تخشى أنه لم يكن شعر بالاكتفاء من تلك الأساليب المقززة التى يفعلها مقابل إشباع رغباته الدنيئة
فتلعثمت قائلة:
– ههو كنت هروح الحمام كنت هروح فين يعنى يا هادى
إعتدل هادى بجلسته ، أخذ سيجارة من علبة السجائر الخاصة بها والتى تحوى على مواد مخدرة أيضاً ، أشعلها ينفث دخانها بإستمتاع من رؤية بوادر الخوف على وجهها
فتبسم بجانب ثغره قائلاً:
– راحة الحمام يا روحى ولا عايزة تهربى زى اللى هربوا قبل كده انتى اللى اصريتى تدخلى العالم بتاعى وانا حذرتك بس بما ان انا وانتى طينة واحدة فانا الصراحة مبسوط من وجود معايا اللى كانوا بييجوا قبلك كنت بخاف يتكلموا ويشوهوا صورة الدكتور المحترم بس بما ان انا وانتى ستر وغطا على بعض فأنا هاخد حريتى على الاخر
رجفت أوصالها من تصريحه لها بأنها لن تستطيع الخلاص منه ، وأنه سيظل ملازماً لها ولن تستطيع الهروب من جحيمه الذى رأته ولا تتحمله أنثى ، فهو شخص مريض سادى معتوه وفاسق ودنئ يجمع كل الصفات السيئة التى يمكن أن تجتمع برجال عدة
فحاولت أن تنجو بأعجوبة منه فأبدت إقتراحاً قائلة:
– طب بقولك إيه يا هادى ما أجبلك ديما النصراوى واعمل فيها اللى انت عايزه كله وبراحتك
حك جبهته بتفكير فى ذلك الإقتراح الذى لقى قبولاً بنفسه المريضة وهو يتخيل ديما شأنها شأن الفتيات التى جاءت لهنا قبلها
– ماشى يا نايا هديكى فرصة واحدة بس لو ديما مجاتش يبقى خلاص أنتى اللى جنيتى على نفسك يا حبيبتى
زاد إصرارها بإحضار ديما ، لعلها تشفى حقدها وغليلها وغيظها منها ، فبتخيلها ما ستلقاه ديما على يد هادى ، تشعر بسعادة لا تضاهيها سعادة أخرى ، لعل بعد ذلك ستكف ديما عن الافتخار بجمالها وبعائلتها فهى مطمئنة لأنها لن تجرؤ على البوح لجواد بما حدث وهى من كانت السبب فى كل ذلك من البداية
___________
كلما رفعت وجهها تجده يرمقها بشوق أخجلها ، جعل الحمرة تكسو وجهها تحاول هى إخفاءها بخفض وجهها ، لكى لا يراها أحد ، ولكن عندما رفعت وجهها ثانية ووجدت شقيقها متملماً بجلسته تشعر بالشفقة عليه ، فهى يجب أن تتحدث معه أولا
بعد أن انتهى الجميع من تناول الطعام، وخروجهم لحديقة المنزل ، أبتعدت تالين بشقيقها عن الجميع
ربتت على وجهه قائلة بحنان :
– حبيبى عامل ايه واخبارك ايه وحشتنى أوى
طوقها بسام يربت على ظهرها بحنان وعيناه حزينة :
– الحمد لله يا تالين أنا كويس بس أنتى اللى خايف عليها يا تالين لحد أمتى هتبقى مضطرة تستحملى الجوازة دى علشانى
أبعدته تالين عنها ليتسنى لها النظر بوجهه فربتت على خده قائلة:
– بسام بطل تفكير في الموضوع ده بقى هتصدقنى يا بسام لو قولتلك ان مفيش واحدة أسعد منى علشان بقيت مرات جواد أنت وأنا كنا فاهمينه غلط بس صدقنى جواد أحسن راجل فى عينيا فى الدنيا دى ومش هو اللى قتل رامز يا بسام هو ملوش ذنب كل اللى حصل ذنب رامز وابوه هو اتظلم زينا بالظبط
ظل بسام يستمع لشقيقته بغرابة مما تقوله ، فهل هى تلك شقيقته التى كانت تبكى وتنتحب لزواجها من جواد ، هل هى من كانت تكره النظر بوجهه ولا تريد الاقتران به ، ولكن الظروف أقتضتها أن تفعل ذلك
لم يخفى صوته إندهاشه وهو يقول:
– تالين أنتى بتتكلمى جد أنتى فى وعيك
تبسمت تالين على ظن بسام أنها تهذى بكلامها ، فتأبطت ذراعه يسيرون بالحديقة وهى مازالت تعدد له صفات زوجها التى أكتشفتها بعد زواجها منه
دقائق ووجدت جواد ينضم إليهما ،ولكن قبل أن ينهض بسام يريد الفرار ، كان جواد ممسكاً بيده قائلاً:
– أقعد يا بسام مش كل ما تشوفنى عايز تجرى اقعد واسمعنى
جلس بسام رغماً عنه ، ولكنه بحاجة لقول منه يريح به ضميره ، فأنكمش بجوار شقيقته التى ربتت على يده قائلة:
– إهدى يا بسام انا هروح أجبلكم عصير تشربوه
نهضت تالين وعلقت عين بسام بها ،يخشى النظر لجواد ، لكنه هتف به يسترعى إنتباهه وهو يقول:
– إسمعنى يا بسام علشان مطولش عليك فى الكلام ، أنا مش حاقد أو ناقم عليك لانك كنت موجود ساعة حادثة إبنى ، لأن عرفت وأتأكدت ان انت ملكش ذنب وحتى مبتعرفش تسوق وان كان ضميرك بيوجعك على موت ادم ابنى فدى حاجة ربنا مقدرها له سواء كنت انت السبب او لاء وبالنسبة لاصرارى للجواز من اختك فده علشان انا حبيتها من أول نظرة بس كنت عارف انها مكنتش هتوافق تتجوزنى الا بالتهديد
ضحك جواد على كلمته الاخيرة ، فشقت إبتسامة صغيرة شفتيى بسام ، فربت جواد على ساقه معقباً:
– أنا مش عايزك كل ما تشوفنى تخاف أو تهرب من قدامى خلاص اللى فات مات يا بسام وأكيد اختك قالتلك انها هى كمان بتحبنى واحنا مبسوطين بحياتنا مع بعض
كمن ازاح حجراً كان جاثماً على قلبه ،يمنعه من أن يعيش براحة ، فالان ربما حان له بأن يعود ويحيا مطمأن البال من أن شقيقته سعيدة بزواجها ومن صفح زوج شقيقته عنه
__________
بإلحاح نايا لها بذلك الأمر الشنيع الذى تريد جرها إليه ، طفح كيلها ، فهى لن تستطيع أن تصمت على أفعال تلك الفتاة فإن كانت خضعت لها مرة وأعطتها المال ، لن ترضخ لها تلك المرة بذلك الفسق الذى تريد منها أن تفعله ، فلم يكن أمامها سواه فهى ستخبره بكل شئ وليحدث ما يحدث
رأت ديما جواد جالساً بالحديقة ولكنها لم ترى تالين فحمدت الله انه بمفرده لكى لا يستمع احد لتلك الكارثة التى ستخبره بها
تقدمت من مقعد مقابل له تجلس بإضطراب قائلة:
– جواد كنت عايزة اتكلم معاك فى موضوع ضرورى
رفع جواد رأسه بعد سماع حديثها ، فمنذ ما حدث منها كان الحديث بينهما قليلاً عقاب لها على ما فعلت
فهتف بها بهدوء:
– خير يا ديما فى مصيبة جديدة
لا يوجد أحد يعلمها خير منه ، فأومأت برأسها موافقة على ما قاله ،فأعتدل بجلسته بإهتمام لمعرفة تلك الكارثة الجديدة
ازدردت ديما لعابها ، وهى ترى جواد يحدق بها بإهتمام سيصبح بعد دقيقة واحدة غضب جم ونقم وسخط منه ، فلم تجد مفر من قول ما لديها ، فأخبرته بكل ما حدث بينها وبين صديقتها حتى جرأتها بالطلب منها أن تذهب لرجل مقابل المال
صمته دام لثانية فقط ، ليهب من مجلسه كالاعصار يقف أمامها ، فأرتجفت قدميها وهى تحاول النهوض أيضاً وهى تراه كأسد مفترس أثارت حفيظته عن طريق الخطأ
طحن جواد أسنانه مغمغماً:
– يعنى كل ده حصل ومقولتيش يا ديما جاية دلوقتى بعد ما المصيبة الكبيرة كانت هتحصل أنتى عايزة توصلينى لإيه بالظبط أنطقى
أمسكها من مرفقيها يهزها بعنف حتى اصتكت أسنانها ، فدمعت عيناها تتوسله قائلة:
– أرجوك يا جواد سامحنى
دفعها جواد حتى سقطت على مقعدها ثانية متأوهة بإصتطدام ذراعها بحافة المقعد ،ولكنها وجدته يصيح بها :
– أسامحك على ايه ولا ايه يا ديما انت جننتينى عارفة يعنى إيه جننتينى مبقتش عارف الاحق على المصايب من وراكى انتى خلتينى أوصل لحافة صبرى منك ومن تصرفاتك أنتى هتعقلى أمتى بقى ردى عليا وازاى تخبى حاجة زى دى عليا او تروحى وتاخدى فلوس من نائل أنتى اتجننتى
أرتجفت شفتيها وهى تقول بصوت متحشرج :
– خوفت عليك يا جواد لنايا تحبسك بالفيديو اللى معاها وانت كنت لسه متجوز
إبتسم جواد بسخرية :
– وأنتى مفكرة ان انا اخاف من واحدة زيها لو كنت قولتيلى كنت عرفت اتصرف معاها كويس وكنت انا اللى ودتها فى ستين داهية يا ديما لكن انتى اللى بتتصرفى من دماغك وياريت بتتصرفى صح
انكمشت ديما بمقعدها تقول بحذر:
– طب أنت هتعمل معاها إيه يا جواد وهنخلص من المصيبة دى إزاى
زفر جواد بحنق قائلاً:
– أعمل اللى اعمله بقى وأخفى من قدامى دلوقتى يا ديما مش عايز اشوف وشك مفهوم وهخلص من المصيبة دى زى ما بخلص من كل مصيبة كنتى بتعمليها يلااااا من قدامى دلوقتى
لم تنتظره أن يقولها ثانية ،ففرت هاربة لغرفتها ، قبل ان يزداد حنقه وتراه يقدم على صفعها أو ضربها
أرتمى جواد على مقعده منهك القوى من تلك الحمقاء ، التى لن تكف عما تفعل إلا إذا وجدته يصاب بنوبة قلبية من أفعالها الساذجة
ظل يزفر أنفاسه ببطئ ، يعيد تنظيمها بعد أن سلبها الغضب منه ، ولكنه تذكر زوجته التى أخبرته باللحاق بها بالغرفة بعد ١٠ دقائق ، ولكن انقضى نصف ساعة ولم يصعد إليها ، وهو يعلم انها لن تستطيع الخروج من الغرفة لمناداته ، فحتى هاتفه تركه على الكومود بجوار الفراش
فترك مكانه يذهب إليها سريعاً ،لعلها تمنحه الهدوء الذى يعلم انه لن يعود إليه بتلك السهولة التى يتخيلها وخاصة بعد علمه بما ينتظره من أفعال ديما
__________
بعد مرور يومين...
فكرت هيلينا بالخروج من الشقة ، وتشترى بعض الأغراض المنزلية ،لتلهى نفسها عن غياب جواد ، فهو أصبح لديه ما يمنعه من المجئ لرؤيتها يومياً مثلماً أعتاد أن يفعل ، وتتفهم هى هذا كونه أصبح له زوجة ولابد أن تستأثر بإهتمامه
وصلت للمتجر وإبتاعت كل ما تريد ، وبطريق العودة لمحت متجر لبيع الآلات الموسيقية ، ففكرت بشراء جيتار جديد لها
ولجت للداخل تشير للبائع بأنها تريد الجيتار المعروض بالواجهة ولكن إبتسم الرجل معتذراً:
– أنا أسف جدا يا أنسة بس الجيتار ده متباع
حزنت هيلينا فالجيتار رائع ،وتخيلت نفسها تعزف عليه ، ولكن قبل أن ترحل لمحت نائل يلج مبتسماً وهو يقول:
–ها خلاص الجيتار جاهز
أومأ البائع برأسه قائلاً:
– أيوة يا نائل بيه جاهز تصدق الآنسة كانت عايزة تشتريه هى كمان بس قولتلها انه متباع
نظر نائل حيث يشير البائع ، فوجد هيلينا تقف بالخلف ،فخفضت وجهها أرضاً بعد رؤيته ، فمازالت متذكرة إياه ولا تستطيع نسيانه بسهولة
تبسم ثغر نائل وهو يضيق عينيه كأنه يتذكر أين رأى صاحبة ذلك الوجه الجميل فهتف صائحاً:
– افتكرتك مش انتى اللى قابلتك فى المطار وقولتيلى يا بابا وطلعتى صاحبة مرات جواد النصراوى
أومأت هيلينا برأسها دليلاً على صحة ما تفوه به فغمغمت قائلة:
– عن أذنكم
خرجت هيلينا من المتجر وما كادت تبتعد كثيراً حتى سمعت صوت نائل يناديها :
– يا أنسة يا أنسة
إلتفتت هيلينا خلفها ، وجدت نائل يقترب منها بخطوات شبه راكضة حتى وصل إليها فتبسم بوجهها قائلاً:
– أنا بس عايز أديكى الجيتار ده لأن شكله كان عاجبك وباين عليكى كنتى عايزة تشتريه
حاولت هيلينا الاعتراض وهى تقول :
– خلاص ملوش لزوم عن إذنك
مد نائل لها يده بالجيتار وهو مازال مبتسم المحيا:
– لا ابدا لازم تاخديه انا حلفت خلاص يرضيكى حلفانى ينزل على الأرض
ضحكت هيلينا على جملته الممازحة وقبل أن تتفوه بكلمة كان وضع الجيتار بين ذراعيها ملوحاً بيده لها وهو يبتعد
فتذكرت هيلينا أنها لم تدفع له ثمن الجيتار ، فعندما حاولت مناداته وجدته أختفى كالطيف ، فزفرت بقلة حيلته واخذته مبتعدة
توارى نائل خلف أحد الجدران لمراقبتها وهى تبتعد ، فهو يريد ان يعرف من تكون تلك الفتاة التى قابلها مرتين ،وكل مرة تجعل قلبه يكاد يقفز خارج صدره ، فمن تكون تلك الساحرة بجمالها الأخاذ ولكنة صوتها الرقيق ، فهو إستطاع أن يكتشف من لكنة صوتها أنها لم تُولد أو تنشأ بسنوات عمرها الأولى بمصر ، وربما تكون غربية المولد والمنشأ
فدمدم لنفسه بوعد :
– وربنا ما هسيبك الا لما اعرف انتى مين بالظبط يا حلوة أنتى واروح لاهلك اتجوزك خلاص انا قررت وحتى عرفت هنسمى ولادنا ايه
تعجب لحاله وإصراره وتخيله أنها أصبحت زوجته وله اطفال منها وهو لا يعلم حتى الآن من تكون ،ولكن فكر أن بإمكان جواد وزوجته مساعدته بذلك الأمر نظراً لمعرفتهما بهوية تلك الفتاة التى شغلت عقله منذ أن قابلها بالمطار
_____________
ولجت نايا منزلها مترنحة بعد إحتساءها الخمر بكثرة ،لعلها تنسى ما تلقاه على يد هادى ، فالمنزل ساكن كعادته ، فوالدايها مسافران كعادتهما دائماً ،فهى لا تراهما إلا نادراً
تلتف ساقيها وهى تسير مترنحة ،تدندن بكلمات أغنية ، لاترى ما أمامها بوضوح ولكن سمعت صوت يقول:
– حمد الله على السلامة يا نايا معقولة كل ده قاعد مستنيكى دا انا كنت قربت أزهق
أتسعت حدقتيها وتستمع لذلك الصوت الذى يأتيها من الظلام ، فتحت زر الإنارة فرأت جواد يجلس على أحد المقاعد واضعاً ساق على الاخرى يبتسم لها بشر معقباً:
– هى سهرتك النهاردة طولت ليه كده ولا هادى الزينى مكانش حابب تفارقيه
أتت له مراقبتها بالنتائج المرجوة التى كان ينتظرها ، فهو بين يديه الآن دليل إدانة لها يستطيع به الاطاحة بمستقبلها ،وحياتها التى أتضح أنها تحياها خلف ستار من الدناءة
أزدردت لعابها قائلة بخوف لم تستطيع أن تواريه:
– أننت بتعمل ايه هنا ودخلت هنا إزاى وعايز منى إيه
ترك جواد مقعده يقف أمامها يضع يده بجيبه قائلاً:
– أنا اللى جاى اعرف عايزة إيه من بنت عمى ديما لأن وصلنى كلام كده معجبنيش وانك اخدتى فلوس من ديما بمعنى أصح استعبطيها بكلام خايب وأهبل وأنك ماسكة علينا ذلة بفيديو ضربى لنبيل وشوية عك كده الصراحة وجعلى دماغى وجايلك علشان أعرف ايه الموضوع بالظبط
بوح ديما لجواد بما حدث ، ورؤيتها بوادر الغضب على وجهه ، جعلها تتيقن أن جواد يستطيع بكل سهولة استقصاء الحقيقة منها ،بل ويجعلها نادمة على التفكير بما فعلته
ولكنها لم تجد سوى ذلك الحل الذى تبادر لذهنها فوراً ، فأقتربت منه ولكنها لم تحسب حساب لما حدث منه ، بعد أن باغتته بإقترابها الحميمى منه
_________
يتبع ....!!!!
الاكثر قراءة هذا الشهر :
موعد البارت الجديد الساعة ( 4 م ) يوميا ان شاء الله
هنا تنتهى احداث رواية أصبحت اسيرته البارت 18 ، يمكنكم اكمال باقى احداث رواية اصبحت اسيرته البارت 19 أوقراءة المزيد من الروايات المكتملة فى قسم روايات كاملة .
نأمل أن تكونوا قد استمتعتم بـ رواية أصبحت أسيرته ، والى اللقاء فى حلقة قادمة بإذن الله ، لمزيد من الروايات يمكنكم متابعتنا على الموقع أو فيس بوك ، كما يمكنكم طلب رواياتكم المفضلة وسنقوم بوضعها كاملة على الموقع .