نقدم اليوم احداث رواية اصبحت اسيرته البارت الثالث من روايات سماح نجيب . والتى تندرج تحت تصنيف روايات رومانسية ، تعد الرواية واحدة من اجمل الروايات رومانسية والتى نالت اعجاب القراء على الموقع ، لـ قراءة احداث رواية اصبحت اسيرته كاملة بقلم سماح نجيب من خلال اللينك السابق ، أو تنزيل رواية اصبحت اسيرته pdf كاملة من خلال موقعنا .
أصبحت اسيرته الفصل الثالث
أصبحت أسيرته
٣–" لاشك أنك تمازحنى"
تسمرت ملامح وجه والدة خطيبها على شقها الأخير من جملتها، تكاد تبتلعها بمقلتيها، فلاشك إن لم تكن بين والدايها وشقيقها لأصبح تصرفها معها غير ذلك الهدوء الذى ينذر بعاصفة من المشادات الكلامية بينهن
فتسلحت عزيزة بالهدوء الممزوج بغضبها المتفاقم بداخلها تقول من بين أسنانها:
–إنتى قولتى إيه يا حبيبتى وتقصدى إيه بكلامك ده مش عجبك إبنى طب وافقتى عليه ليه يا تالين
حدجت تالين مروان بنظرة غاضبة فلم يكتفى بعدم شراء ما كانت تنوى إختياره ليذهب ويخبر والداته بما حدث ففضلت الصمت فهى لديها ما يشغلها الآن وماهو أكثر أهمية من معاتبة خطيبها على ما فعله، أو أن ترد على ما وجهته لها عزيزة
فأنتبهت على صوت والدة خطيبها تحدثها قائلة بنبرة شبه آمرة تعقب على ما قالته :
– أنا إبنى ست البنات تتمناه وتتمنى ضفره، بس يا حبيبتى فعلا ذوقك فى إختيار العفش مش حلو انا هاجى معاكم علشان اختار معاكى لأن شكل بنات اليومين دول مبيعرفوش يختاروا كويس
أنقطع حبل الصبر الذى حاولت به الحفاظ على رابطة جأشها لكى لا تثور بوجه تلك المرأة فأعصابها بتلك الآونة لا تحتمل كثرة تلك الضغوطات التى تتعرض لها
فهتفت قائلة بنزق:
–مش دلوقتى يا طنط امتحاناتى خلاص قربت ومش فاضية الامتحان الشهر الجاى وعايزة أركز مش فاضية أنا للكلام ده دلوقتى
لوت عزيزة شفتيها يميناً و يساراً فقالت بنبرة ساخرة:
– وأنتى هتعملى ايه بالشهادة يعنى ما انتى كده كده هتقعدى فى البيت ومش هتشتغلى
حملقت تالين بها كأنها لم تعى ما تسمعه منها الآن فعلا صوتها قائلة برفض:
–مين اللى قال كده بعد دراستى دى كلها والاخر اقعد فى البيت ده مش هيحصل طبعا وأبنك عارف كده كويس
زاغ مروان بعينيه منها وهو يراها تكاد تحرقه بنظراتها الغاضبة من تملصه من وعده لها بتركها تمارس مهنة التدريس بعد إنتهاءها من دراساتها الجامعية
فحاول تبرير موقفه قائلاً بنبرة متلعثمة:
–ماهو ماهو يا تالين انا عايز اريحك ومتتعبيش نفسك تعيشى فى البيت معززة مكرمة
طحنت تالين أسنانها من خلف شفتيها فقالت من بينهما :
–انا اللى اقرر اللى يناسبنى مش اى حد تانى يا مروان ثم أن دى حياتى وأنا حرة فيها ولا علشان هنتجوز فاكر نفسك هتتحكم فيها وتعمل فيها سى السيد عليا واعملى ده ومتعمليش ده ،لاء أنت كده غلطت فى العنوان ياسى مروان
إحتدم النقاش بينهم فرأى جلال أنه من الأفضل التدخل لفض ذلك الأمر قبل أن يجد إبنته تسهب فى غضبها أكثر من ذلك فالجميع يعلم أن تالين عندما تصل لحافة صبرها ريما تخرج ما بداخلها غير عابئة بما سيحدث لاحقاً
فحدق بها والداها قائلاً بهدوء:
–تالين إهدى مش كده ، ميصحش تعلى صوتك على حد أكبر منك عيب
هبت عزيزة واقفة تسحب مروان من مرفقه تنهضه هو الآخر قائلة بإمتعاض وسخرية:
– يلا يا مروان ساعدنى نحط الأكل على السفرة ويازين ما ربيت يا أستاذ جلال عن إذنكم
قبل أن تغادر عزيزة برفقة مروان ، هبت زينب واقفة فهى إتبعت الصمت منذ مجيئهم ولكنها عندما رآت تلك المرأة تسخر من إبنتها وتربيتها خرجت عن صمتها قائلة :
– فعلا يا زين ما ربينا يا أم مروان وإن كان أبنك تتمناه ست البنات، بنتى يتمناها سيد سيده كمان يلا بينا يا جلال يلا يا تالين أنتى وبسام
وقفوا جميعاً يستعدون للمغادرة، فحاول مروان إسترضائهم إلا أن باءت كل محاولاته بالفشل ،فغادروا جميعهم فقبل أن يخرج خلفهم وجد والدته تغلق الباب تستند عليه تحدق به بإستياء وهى تقول:
–رايح فين أنت كمان هتجرى وراها علشان تنفرد عليك أكتر وأكتر
بدون أن ينبت ببنت شفة ، ذهب لغرفته وأغلق الباب خلفه ، فعقدت عزيزة ذراعيها على صدرها تبتسم بخبث وإنتصار فهى لاتريد لإبنها تلك الزيجة
___________
أنفلت عقال صبره ،فأقتحم غرفة مكتب طلعت الزينى كالإعصار ، بعد علمه أنه مازال بمكتبه ولم يغادر ، فكيف له بأن يخل بوعده له ويعلم أنه ساعد إبنه على الهروب من مصر للفرار من محاسبته على تلك الجريمة التى فعلها
وضع طلعت سيجاره الفاخر بفمه يسحب دخانه لينفثه فيما بعد ببطئ شديد غير أبه بمن يقف على الباب وعيناه أصبحت كجمرتين مشتعلتين ،فرفع يده بعدم إكتراث قائلاً:
–أهلا يا جواد بيه أتفضل خير مالك حضرتك داخل عليا بالهمجية دى ليه ايه اللى حصل
أندفع جواد لداخل الغرفة حتى وصل أمامه لا يفصل بينهم سوى المكتب الخشبى فأنحنى جواد يستند بيديه على حافته قائلا بغضب جم:
–إيه اللى عملته ده هربت إبنك بعد أنا ما جيتلك هى دى أخلاق برضه لما تقولى سيبنى أفكر وبعدين أعرف أن أنت هربته برا مصر
إستند طلعت بظهره على مقعده يضع ساق على الأخرى ينظر إليه نظرة المنتصر قائلاً بزهو:
–معلش يعنى ما تأخذنيش مين المجنون اللى هيسلم إبنه للسجن أظن أنت عارف غلاوة الضنا تبقى عاملة إزاى وأنت مجرب وعارف
كمن غرز خنجر بجرح لم يلتئم، فأستقام بوقفته يحدق به قائلاً بإبتسامة جانبية ساخرة:
–أه مجرب وعارف وعلشان كده صدقنى إبنك مش هسيبه وهيجيله يوم ويتحاسب على اللى عمله وهتجرب إحساسى
خرج جواد من الغرفة صافقاً الباب خلفه ،فعاد طلعت ينفث دخان سيجارته بعدم إكتراث من ذلك التهديد والوعيد الذى ألقاه جواد قبل خروجه
___________
حل الصمت عليهم ،فلم يقدم أحد منهم على ذكر ما حدث منذ قليل ، فطوال الطريق ظلوا جميعهم صامتين كأن كل منهم يدور بفلك أفكاره ، وصلوا لشقتهم ،وبمجرد أن وطأت أقدامهم المنزل، ذهبت تالين لغرفتها تصفق الباب خلفها
فحدقت زينب بزوجها قائلة:
–هى تالين جرالها إيه يا جلال مالها بقت عصبية ليه كده ثم مش هى اللى وافقت على مروان وقولنلها فكرى مالها شايطة عليه ليه كده أنا مقدرتش أسكت على الكلام اللى أتقال لأن أنا وعزيزة مبنرتحش فى الكلام مع بعض بس علشان بنتك مقدرتش أمسك لسانى وكله إلا أن حد يعيب فى تربيتى لولادى دا أنا كنت هاكلها بسنانى
أرتمى جلال على أحد المقاعد يلتقط أنفاسه فنقر بأصابعه على حافة مقعده قائلاً :
–أنا مش عارف فى إيه يا زينب وإحنا مربنهاش أنها تطول لسانها على حد بس هى وبسام مش مرتحالهم اليومين دول خالص
رفع بسام رأسه بعد ذكر والده لإسمه فنهض تاركاً مكانه قبل أن يلح عليه بالسؤال فذهب لغرفة شقيقته طرق الباب وسمع صوتها تأذن له بالدخول ،فولج للداخل يغلق الباب خلفه
فأقترب منها يجلس بجوارها على الفراش قائلاً:
وبعدين يا تالين هتفضلى تستحملى عمايله هو وأمه لحد أمتى وتضغطى على أعصابك صدقينى ده ميستاهلكيش أنتى عايزة واحد يقدرك ويقدر يسعدك مش واحد ماشى بشورة أمه
زفرت تالين بضيق قائلة:
–سيبك منهم دلوقتى علشان انا مش فايقلهم عايزين نخلص من مشكلتك انت الاول ولما نخلص من المشكلة دى ليا كلام معاه لو فضل بإسلوبه ده يبقى خلاص كل واحد يروح لحاله مش ناقصة وجع دماغ ولا أن أعيش مع واحد ملوش رأى ولا قرار
ربت بسام على يد تالين قائلاً بأسف:
–انا آسف يا تالين على انى ورطتك معايا فى الموضوع ده ولغبطلك حياتك من كتر التفكير بس غصب عنى
رآت تالين تجمع الدموع بمقلتيه فطوقته بذراعيها تريت عليه بحنان قائلة:
– بسام بطل عبط أنت أخويا اللى مش هسمح لاى حد ان يلمس شعره منه أو يأذيه عارف يعنى إيه لحد أخر نفس فيا هفضل أحميك أنت مش بس أخويا يا بسام ساعات بحس أنك إبنى كمان بالرغم أن فرق العمر بينا مش كبير بس أنت أخويا الوحيد وهتبقى سندى وعزوتى
أسند بسام رأسه على كتف شقيقته قائلاً بحب:
–ربنا ما يحرمنى منك يا تالين أبداً مش عارف من غيرك كنت عملت ايه
إبتعد بسام عنها فحدقت هى بوجهه تربت على وجنته قائلة:
–على العموم هانت كلها يومين ونعرف هو قرر ايه وساعتها هنرتاح من الكابوس ده قلبى حاسس أنه ممكن يوافق على أنه يسامحك بس قول يارب
أبتهل بسام قائلاً:
–يارب يا تالين ربنا يسمع منك
تطمئنه ولاتجد من يطمئنها فهى تحاول صرف خوفه ،ليتعاظم الخوف بداخلها هى فهى حقاً ليست متيقنة من صفح جواد عن شقيقها فما رآته به من سيمات القوة أوحت لها بأنها ربما تجابه عملاقاً لن يؤثر به توسلها له ولو ذرفت من الدموع أنهاراً
_________
منذ علمه بهروب ذلك الشاب المدعو رامز ، وهو لا يهدأ يبحث عنه بكل مكان ،فإن كان إستطاع العثور عليه بالمرة الأولى ،فسيستطيع إيجاده تلك المرة أيضاً ،فلم يذهب بحثه سُدى، فوجد محاميه يلج غرفة المكتب متهلل الوجه من تأدية مهمته تلك المرة مثلما يبغى جواد ومثلما وضع عليه آماله
فهتف بصوت مليئ بسعادة:
–خلاص يا جواد بيه لقيته لقيت رامز إبن طلعت الزينى عرفت هو هرب فين
رفع جواد يده يشير إليه بالجلوس قائلاً بهدوء:
–أقعد وقولى لقيته فين
جلس المحامى وأخرج من حقيبته الجلدية عدة أوراق وضعها أمامه فرفعها جواد يتفحصها بحاجبين معقودين ولكنه رفع وجهه عن الأوراق عندما سمع صوت محاميه وهو يقول:
–هو هرب على فرنسا وعايش دلوقتى فى باريس وجبت لحضرتك عنوانه هناك وكل تحركاته وهو برضه عايشها هناك بالطول والعرض ومش مقصر فى الفساد والانحلال اللى هو فيه
ألقى جواد الأوراق من يده يستند بظهره لمقعده قائلاً بنبرة مبهمة:
– يبقى لازم يتحط له حد بقى كفاية عليه كده إحجزلى تذكرة سفر لباريس بس تكون أخر الأسبوع ده علشان ورايا مهمة تانية أخلصها وبعد كده أشوف إبن طلعت الزينى وهعرف أبوه الحسرة بتبقى صعبة إزاى
نهض المحامى عن مقعده يومأ برأسه موافقاً فأخذ حقيبته وخرج من المكتب فعاد جواد ينظر للأوراق الملقاه أمامه، كأنها وقود أشعل النيران بقلبه ، فإن كان طلعت وولده مارسا عليه خدعة ،فسيريهم هو عاقبة خداعهم
أخذ سترته يضعها على ذراعه ،فخرج متجهاً لسيارته ،قاد السيارة حتى وصل لذلك المتجر الذى أعتاد أن يبتاع منه الألعاب والدمى من أجل صغيره ، ولج للداخل فأقترب منه صاحب المتجر مرحباً:
– أهلا بحضرتك بقالك فترة كبيرة مش بتيجى أنت والقمور الصغير
أبتلع جواد ريقه وغشى الحزن عيناه إلا أنه رد قائلاً بإبتسامة خفيفة:
– معلش ظروف كنت عايز لعبة
تبسم الرجل قائلاً :
– المكان كله تحت أمرك بس مجبتش إبن حضرتك ليه علشان يختارها بنفسه
نكأ جراحه بيده فكيف له بالقدوم لذلك المكان بمفرده فهو الذى أعتاد على المجئ برفقة صغيره
فحاول أن يخرج صوته طبيعياً فهتف قائلا ً:
– أصله ميقدرش ييجى معايا ممكن بس تشوفلى اللعبة علشان مستعجل
فضل الرجل تنفيذ ما طلب منه ، فهو يعلم مدى سخاءه بشراء الألعاب والدمى فعاد إليه بعد قليل يحمل بين يديه صندوق كرتونى بداخله أشهر الألعاب وأغلاها فقدمها له باسماً:
– أتفضل حضرتك دى أشهر لعبة نزلت السنة دى
أخذها منه جواد ، فناوله النقود المطلوبة ثمناً لها وعاد لسيارته ووضعها بالمقعد المجاور له ينظر لها بين الفنية والأخرى ، وصل للمنزل فهرول سريعاً على الدرج حتى وصل لتلك الغرفة التى جعلها محرمة على الجميع، فلا أحد يدخلها سواه ، ولج للداخل وأغلق الباب خلفه و نظر للفراش الصغير والدمى الموضوعة عليه وبجميع أركان الغرفة ، وضع اللعبة على السرير وأضجع بجانبها على شقه الأيمن
فأنزلقت دمعة من إحدى عينيه قائلاً بحزن:
– وحشتنى أوى يا حبيبى وحشتنى يا أدم أنا روحت المحل اللى كنت بتحب تشترى منه اللعب وجبتلك لعبة حلوة بدل اللى ضاعت يوم الحادثة وأنت ضعت معاها يا حبيبى ،بس وغلاوتك عندى وحسرة قلبى عليك لهدفع اللى كان السبب التمن غالى
أطبق على شفتيه ليوقف إرتجافها ، فهو عندما يختلى بنفسه ويتذكر إبنه ، تأبى عيناه التوقف عن ذرف الدموع وهو الذى أعتاد أن لا يرى أحد ضعفه وحزنه حتى وإن كانت والدته ،فمنذ صغره علمه والده معنى الجلد والصمود بوجه ما يقابله ، إلا أن ما حدث له بالأونة الاخيرة ،جعله يظهر ذلك الجانب الآخر من شخصيته التى تأبى الخداع والتلاعب والتى تطوى بداخلها أب مكلوم على فقدان ولده الوحيد
_________
بعد إنتهاء تلك المهلة المحددة ،وإنقضاء أيام الأسبوع السبع التى أعطاها لها جواد للتفكير بالأمر ،خرجت تالين من الجامعة قاصدة منزله مرة أخرى لتعلم قراره بشأن ما سيفعله بشقيقها ،أشارت لعربة أجرة فأتخذت مقعدها بالخلف تجلس كمن تجلس بداخل موقد للشواء ،تشعر بأن الدقائق التالية هى الأهم والأدق والأصعب بحياتها بأكملها فكلمة منه يتعلق بها مصير أسرتها فطفقت تناجى الله بداخلها من أن ييسر لها أمرها
–يارب ساعدنى يارب أنا مليش غيرك وأنت قادر على كل شئ
وصلت تالين لوجهتها ترجلت من سيارة الأجرة ،وقدميها رخوتين من شعورها بالخوف الذى تعاظم بداخلها يوم عن الآخر منذ علمها بتلك المصيبة العالق بها شقيقها ،بعد طلبها من الخادمة مقابلة جواد بناء على موعد سابق بينهم ،ولجت تالين لغرفة المكتب التى سبق لها ولوجها بالمرة السابقة ،أنتظرت مجيئة بين الفنية والأخرى ولكنه تأخر فى المجئ كأنه يشعر بالسعادة كونه يستطيع إتلاف تماسكها وإنهيار أعصابها من كثرة الإنتظار والترقب
فدمدمت لنفسها ساخطة :
–وبعدين بقى فى حرقة الاعصاب دى انا بقالى ساعة قاعدة ومستنياه
أنفتح الباب تململت تالين بجلستها كمن تتهيأ لتلك المقابلة المصيرية ولكن بُهتت تالين عندما رأت أن القادم لم يكن سوى الشابة الجميلة المدعوة ديما والتى لاتعلم هى حتى الآن من تكون ولكنها فكرت أنها من الممكن أن تكون زوجة جواد فلابد أن يكون للطفل المتوفى أم ولكنها لا تجد بها ذلك الحزن الذى رأته بوالده كأن الأمر لا يعنيها ولكنها نفضت كل هذا جانباً فهى لم تأتى لهنا لممارسة مهنة الطب النفسى فلتكن بحالها فهذا افضل
قطبت ديما حاجبيها قائلة بغرابة:
– أنتى مين وبتعملى إيه هنا
أستقامت تالين بوقفتها تضم حقيبتها لصدرها كمن تتخذ منها درع واقى تهتف بصوت خافت:
– أنا جاية معايا ميعاد مع چواد بيه هو فين حضرتك عايزة أقابله ضرورى وبقالى حوالى ساعة مستنياه هو مش موجود
اقتربت ديما من المكتب الخشبى تجلس على طرفه قائلة بفضول:
–ميعاد بخصوص ايه وايه الموضوع المهم اللى عيزاه فيه ضرورى ده مش عارفة ليه حاسة أن شوفتك قبل كده
ردت تالين قائلة :
–دى حاجة بينى وبينه وأيوة أنا كنت هنا من حوالى أسبوع
هزت ديما ساقها المتدلى قائلة بإصرار:
– وأنا عايزة أعرف أنتى عيزاه ليه فقولى يا أنسة
قبل أن تفه تالين بكلمة ،لمحت جواد يلج الغرفة يرتدى ثياب رياضية يضع منشفة حول عنقه رفع طرفها يجفف وجهه المتعرق قائلاً بصوت حاد:
–ديما هى مش قالتلك موضوع بينى وبينها بتتدخلى فى الموضوع ليه عايز أعرف
تركت ديما مكانها تقترب منه تعقد ساعديها قائلة بإبتسامة :
–سورى يا بيبى مش قصدى أتطفل عليك بس أستغربت أن فى واحدة جاية تقابلك هنا وفى البيت دى عمرها ما حصلت
سحب جواد المنشفة من حول عنقه يضعها حول عنق ديما كأنه على وشك خنقها قائلاً:
– أهو حصل ويلا اخرجى برا وخدى الفوطة دى معاكى وخليهم يجبولنا عصير
سحبت ديما المنشفة الرطبة من حول عنقها المرمرى قائلة بتقزز:
– جواد الفوطة كلها عرق مش هتبطل قسوتك دى ابداً أهو أنا محتاجة أخد شاور دلوقتى يع إيه القرف ده
إبتسم جواد لنجاحه فى جعله ديما ستنصرف فهو يعلم أنها لم تكن تتركه بحاله إلا إذا علمت ماذا تريد منه تلك الفتاة ، ولكنه يعلم أيضاً مدى حبها لظهورها دائما بمظهر لائق تفوح منها أذكى العطور وليس رائحة عرقه بعد تأديته لتمارينه الرياضية
سأمت تالين من كثرة الإنتظار ومن تلك المشادة الكلامية بين هؤلاء الغير مكترثين بحرقة أعصابها فهمست قائلة:
– أرحمنى يارب دى باين عليها من النوع اللى بيحب التهزيق وهو الصراحة مش مقصر
رفع جواد ذراعه الأيسر يشير ناحية الباب قائلاً بأمر:
–قولت برا ياديما وانتى عارفة مبحبش اكرر كلامى يلا بقى وجعتيلى دماغى
زمت ديما شفتيها قائلة بإمتعاض:
–خلاص يا قاسى خارجة أنت دايما كده تطردنى من أى مكان مخلى دايما برستيجى فى الأرض قدام اللى يسوا واللى ميسواش
قالتها ديما وهى ترمق تالين بنظرة مطولة كأنها تخصها بما قالت ،فحملقت بها تالين بعيون جاحظة من عبارتها المهينة عندما حاولت أن ترد إهانتها وجدتها تخرج من الغرفة
فجلس جواد على المقعد الجلدى خلف المكتب قائلاً بهدوء:
–اهلا يا آنسة أتفضلى أقعدى هو انتى اسمك ايه صحيح أصل نسيت
رفعت تالين إحدى حاجبيها قائلة بتبرم من غطرسته:
–إسمى تالين جلال
حك جواد ذقنه بطرف إصبعه قائلاً بتفكير:
– أه أفتكرت أنتى كنتى جاية بخصوص ان اتنازل عن حبس أخوكى مش كده يا أنسة تالين
ردت تالين قائلة بنبرة مترجية أقرب للتوسل:
– أيوة لأنه والله العظيم مظلوم لأن زى ما قولتلك هو مبيعرفش يسوق وصاحبه هو السبب فى كل اللى حصل
نهض عن مقعده ودار حول المكتب يضع يديه بجيب بنطاله قائلاً ببرود:
–قولتيلى بقى انه مظلوم يا حرام وملوش ذنب وأنتى جاية عاملة نفسك محامية وبتدافعى عنه
أمتعضت تالين من نبرته الهازئة بها فلو هى بوضع آخر لربما أسمعته كلاماً يعجزه عن الرد عليها إلا أنها الآن يجب مسايرته فهو يملك الآن زمام الأمور
فردت قائلة بخفوت:
–أيوة ملوش ذنب ولو مكنتش أنا أدافع عن أخويا مين يدافع عنه
مسد جواد على شعره برفق قائلاً:
– انا عندى إستعداد أتنازل عن حبس أخوكى ومبلغش عنه النيابة ولا أتهمه بأى حاجة بس عندى شرط واحد
تنفست تالين الصعداء وشعرت بالأمل والتفاؤل من سماعها بشأن تخليه عن إبلاغ الشرطة عن شقيقها
فردت قائلة بسرعة:
– شرط إيه حضرتك لو هقدر على تنفيذه هنفذه طبعاً من غير أى كلام بس المهم تكون صادق فى كلامك
رغم إبداءها موافقتها على تنفيذ ذلك الشرط الذى تجهله حتى الآن إلا أنها تخشى أن يكون مطلبه هو مبلغ كبير من المال نظير ذلك فهى بالرغم من أنها من عائلة ميسورة الحال إلا أنها بالتأكيد لن تستطيع دفع ما يطلبه ولكنه ليس بحاجة للمال فهذا الترف والنعيم الذى يحيا به ينبأها صراحة عن مدى ثراءه ففضلت الصمت حتى يخبرها بشأن ما يريد
فوجدته يحدق بها بإهتمام أثار ريبتها ولا تعلم لما شعرت بالخوف فأرتدت خطوة للخلف فوجدته قائلاً:
–من ناحية هتقدرى فانتى هتقدرى يا تالين على تنفيذه
سماع إسمها مجرداً منه جعل الشك يسكن بداخلها فأبتلعت ريقها تشعر بنيران بجوفها من تخيلها فقط ما يريد منها إلا أنها أستطاعت القول:
– هو ايه شرطك ده بالظبط
إبتسم بتسلية من علمه ما تفكر به الآن فأراد أن يزيد من حيرتها قائلاً بجدية:
– شرطى هو أن أنا عايز ابن بدل ابنى اللى مات فى الحادثة هو ده شرطى علشان أتنازل عن حبس أخوكى
قطبت تالين حاجبيها قائلة بعدم فهم وغرابة:
– عايز إبن بدل اللى مات وأنا أجيبه ازاى ده مش فاهمة هشتريهولك يعنى
إبتسم جواد قائلاً بسخرية مريرة:
– هتشتريهولى منين ،أنا عايز إبن من لحمى ودمى من صلبى
رمشت تالين بعينيها عدة مرات تحاول إستيعاب ما يقوله فالأمور أختلطت عليها وتداخلت بداخل رأسها ولكنها هتفت قائلة بتساؤل:
– ثوانى بس علشان أنا مبقتش فاهمة حاجة أنت عايزة ولد من لحمك ودمك زى ما بتقول أنا دخلى إيه فى الموضوع أو أن أحققلك شرطك ده إزاى
رد جواد قائلاً ببرود:
– أنك تتجوزينى يا تالين وتخلفيلى طفل فهمتى ولا مفهمتيش أنا أقصد إيه
من الأفضل لها أن لا تفهم الآن ،فماذا يقول ؟ أو ماذا يريد منها؟ فعلقها مشوش ، فهى بالأساس على وشك الزواج من أخر وبعد بضعة أشهر فخرج صوتها هادراً بصدمة كبيرة:
– أنت قولت إيه دلوقتى
زفر جواد بنفاذ صبر قائلاً:
–بقولك تتجوزينى وتخلفيلى ولد بدل اللى مات إيه صعبة الفهم دى
فهو ولا شك يمازحها، لا يمكن أن يكون جاداً بما قاله ، فهى لم تضع بحسبانها أن تكون هى شرط للصفح عن شقيقها
فرفعت رأسها تحدق بوجهه قائلة بتحدى:
–أسفة أنا مش هنفذ الشرط ده عندى أسباب تمنعنى
يتبع .....!!!!!